الجزائر جنّة رضوان وأهلها فقراء!!

[عادل الجلفاوي]

الجزائر جنّة رضوان وأهلها فقراء!!
قال الوزير الأول الجزائرى أحمد أويحيى الاربعاء إن إمكانات بلاده الاستثمارية تبلغ فى الوقت الحالى 200 مليار دولار أمريكي.

وأوضح أويحيى أن نسبة النمو خارج قطاع المحروقات بلغت هذا العام 6 بالمائة، مؤكدا استمرار بلاده فى ديناميكية الاستثمارات على الرغم من الأزمة المالية العالمية.

وتطبق الحكومة الجزائرية منذ نحو خمس سنوات برنامجا اقتصاديا شاملا خصصت له نحو 150 مليار دولار، فيما بلغت احتياطياتها من النقد الأجنبى بدون حساب الـ150 مليار دولار أكثر من 135 مليار دولار.

ويستوقف الرقم الأخير المراقبين بضخامته حيث يتجاوز بعشرات الأضعاف ميزانيات بعض الدول الأفريقية.

وكان وزير المالية عبد الكريم جودى قال إن الجزائر بمنأى عن تداعيات الأزمة المالية الدولية الحالية، وإن الاقتصاد الجزائرى قادر على تجنب آثار الصدمة ولو انخفضت أسعار النفط إلى حدود 37 دولارا للبرميل الواحد.

ويرى مراقبون فى تلك الأرقام والتصريحات تناقضا جوهريا بين متانة الوضع المالى فى الجزائر وهشاشة المكتسبات الاجتماعية حيث ما يزال الفقر والبطالة يسجلان بالبلد معدلات عالية تحدو بالدولة إلى اللجوء إلى آليات ومبادرات تضامنية خيرية لا تناسب مداخيل بلد ثرى بموارده الطبيعية كالجزائر.

وآخر تلك المبادرات آلية مشروع خيرى اصطلح على تسميته بـ"تاكسى وقف"، وكان من المقرر-قبل تأجيله إلى موعد غير مسمى- أن تشرف عليه وزارة الشؤون الدينية والأوقاف ويهدف إلى توظيف الشباب البطال، وتقوم فكرته على استثمار أموال الأوقاف التى تشرف على تحصيلها الوزارة المذكورة فى خلق مؤسسة قائمة بذاتها تعمل على تسيير مجموعة من سيارات الأجرة "تاكسي" عبر كامل التراب الجزائرى وتوكل قيادتها إلى شبان جزائريين يمتلكون رخص قيادة ذلك النوع من عربات النقل العمومى وعجزوا عن اقتناء سيارات خاصة بهم لاستخدامها فى الغرض.

كما يسوق مراقبون مثالا آخر على ارتفاع نسبة الفقر بالجزائر متمثل فى عجز الكثير من العائلات الجزائرية عن اقتناء أضحية للعيد المنتظر فى غضون أيام، الأمر الذى يجعل بعض الدوائر الرسمية الجزائرية تلجأ ثانية إلى العمل الخيرى للتخفيف من الظاهرة، وذلك عبر مبادرة للتبرع أطلق عليها اسم "كبش لكل عائلة فقيرة"، وانطلقت تحت إشراف ولاية عنابة .

وفيما تُثنى أوساط على مثل هذه المبادرات معتبرة أنها تحيى فى الجزائريين روح التضامن والتآزر، تتعرض لها أوساط من المعارضة الجزائرية بالنقد معتبرة أن البلد فى غنى عنها لو تم التصرف بحكمة فى موارد البلد وحمايتها من نزيف الهدر والفساد، إذ الأجدر فى نظر هؤلاء مقاومة الفقر والبطالة ببرامج واقعية مدروسة لا بمبادرات خيرية.

ويعتبر أصحاب هذا الرأى فى تصريحات المسؤولين الجزائريين بشأن مدخرات البلد المالية وعوائده من النفط وإمكانياته الاستثمارية خير دليل على توفر الأموال اللازمة لتنفيذ برنامج تنموى جزائرى طموح يقضى على الفقر فى الجزائر.

ويتندر بعض المعلقين بالتناقض بين ما يقوله المسؤولون الجزائريون بخصوص الوفرة المالية للبلد، والأوضاع الاجتماعية لمواطنيه، معتبرين ذلك خير مجسم لمقولة المفكر الجزائرى الكبير، والتى أطلقها زمن الاستعمار: "الجزائر جنّة رضوان وأهلها فقراء".