الأخلاق المحمودة - الصفحة 5 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الأخلاق المحمودة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-08-20, 16:16   رقم المشاركة : 61
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

كلمة موجزة في فضل العفو عن الناس والصبر على أذاهم ظاهرا وباطنا

السؤال

ما النصيحة التي يمكن توجيهها لشخص ما بضرورة العفو عن الناس والصبر على أذاهم ، ليس فقط مجرد العفو الظاهري بل العفو الباطن ، أي العفو الصادق الصادر من القلب الذي لا يشوبه حقد وغلٍ على أحد .

الجواب

الحمد لله

المسلم أخو المسلم ، يحب له من الخير ما يحب لنفسه ، ويكره له من الشر ما يكره لنفسه .

ولا شك أنه ما من أحد منا إلا وله زلات وسقطات وعليه مظالم وحقوق للناس ، وهو يحب أن يتجاوز الناس عنه في مظالمهم ويسامحوه ؛ حتى لا يطالبوه بها يوم القيامة ، وهو أحوج ما يكون إلى حسناته .

وقد رغب الله تعالى في كتابه في العفو عن الناس والصبر على أذاهم ، فقال :

( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) آل عمران/ 134 .

وقال تعالى : ( إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ) النساء/ 149.

وقال سبحانه : ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ) النحل/ 126 .

وقال سبحانه : ( وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) الشورى/ 43 .

وقال سبحانه: ( وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) التغابن/ 14 .

وفي السنة من ذلك شيء كثير ؛ فروى مسلم (4689) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا ، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ ) .

وروى أحمد (21643) عن عُبَادَةَ بْن الصَّامِتِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَا مِنْ رَجُلٍ يُجْرَحُ فِي جَسَدِهِ جِرَاحَةً فَيَتَصَدَّقُ بِهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ عَنْهُ مِثْلَ مَا تَصَدَّقَ بِهِ ) صححه الألباني في "الصحيحة" (2273) .

وروى أحمد (1584) عن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَوْفٍ قال : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( ثَلَاثٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنْ كُنْتُ لَحَالِفًا عَلَيْهِنَّ : لَا يَنْقُصُ مَالٌ مِنْ صَدَقَةٍ فَتَصَدَّقُوا

وَلَا يَعْفُو عَبْدٌ عَنْ مَظْلَمَةٍ يَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا ، وَلَا يَفْتَحُ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ ) صححه الألباني في "صحيح الترغيب" (2462) .

وروى أحمد (6255) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ : ( ارْحَمُوا تُرْحَمُوا وَاغْفِرُوا يَغْفِرْ اللَّهُ لَكُمْ ) .

وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (2465) .

ولما خاض مِسطح بن أثاثة فيما خاض فيه من حادثة الإفك ، وأنزل الله براءة عائشة رضي الله عنها ، وكان أبو بكر رضي الله عنه ينفق على مسطح لقرابته وفقره

قال أبو بكر رضي الله عنه :

" وَاللَّهِ لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ

مَا قَالَ" فَأَنْزَلَ اللَّهُ ( وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) النور/ 22

قَالَ أَبُو بَكْرٍ : بَلَى وَاللَّهِ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي . فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَقَالَ : وَاللَّهِ لَا أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا " .

الحديث رواه البخاري (4381) ومسلم (4974) .

ولا شك أن مثل هذا الخلق الكريم لا يخص الله به إلا الأصفياء النجباء من خلقه

فعلى المسلم أن تكون له القدوة في الصالحين ، وأي شيء هو أشد على النفس من قريب فقير تنفق عليه وتحسن إليه وهو يتكلم في عرضك بما يشينه ؟!

ومع ذلك فقد رد أبو بكر على مسطح رضي الله عنهما النفقة وحلف لا يقطعها عنه أبدا ، ولا يكون ذلك إلا بصفاء القلب ومحبته للإحسان والعفو والمسامحة ، وإلا لما حلف لا يقطعها عنه أبدا .

ومِن أحسن ما يستعين به المسلم على نفسه فيما يصيبه ، مما يصيبه من أذى الناس وإساءتهم ، أن يتذكر تفريطه في جنب الله تعالى

وحبه لعفو الله عنه ، وستره عليه ؛ وهكذا رغب الله تعالى أبا بكر الصديق في العفو عن مسطح بذلك : ( وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )

يعني : عامل الناس من العفو والصفح ، بما تحب أن يعاملك به من ذلك ؛ والجزاء من جنس العمل .

ولهذا وعد الله تعالى من ينزل نفسه ذلك المقام العالي بأن يكون أجره على الله

قال تعالى : ( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ) الشورى/ 40 .

قال الشيخ السعدي رحمه الله :

" وفي جعل أجر العافي على الله ما يهيج على العفو ، وأن يعامل العبد الخلق بما يحب أن يعامله الله به ، فكما يحب أن يعفو الله عنه ، فَلْيَعْفُ عنهم ، وكما يحب أن يسامحه الله ، فليسامحهم ، فإن الجزاء من جنس العمل "

انتهى من "تفسير السعدي" (ص 760) .

ومن أعظم ما يعين المسلم على سلامة صدره ، أن يحرص على بذل النصيحة للمسلمين عامة ، وأن يبذلها لله ، لأجل علمه برضا الله بذلك ، وحبه له .

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ وَمُنَاصَحَةُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ فَإِنَّ الدَّعْوَةَ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ )

رواه أحمد (12937) والترمذي (2658) وصححه الألباني .

قال الملا علي القاري رحمه الله :

" (ثَلَاثٌ) أَيْ: ثَلَاثُ خِصَالٍ (لَا يَغِلُّ) : بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّهَا وَبِكَسْرِ الْغَيْنِ، فَالْأَوَّلُ مِنَ الْغِلِّ الْحِقْدِ، وَالثَّانِي مِنَ الْإِغْلَالِ الْخِيَانَةِ (عَلَيْهِنَّ) أَيْ: عَلَى تِلْكَ الْخِصَالِ (قَلْبُ مُسْلِمٍ)

أَيْ كَامِلٌ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَخُونُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ أَشْيَاءَ وَلَا يَدْخُلُهُ ضِغْنٌ يُزِيلُهُ عَنِ الْحَقِّ حِينَ يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ قَالَهُ التُّورِبِشْتِيُّ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْفَائِقِ:

إِنَّ هَذِهِ الْخِلَالَ يُسْتَصْلَحُ بِهَا الْقُلُوبُ، فَمَنْ تَمَسَّكَ بِهَا طَهُرَ قَلْبُهُ مِنَ الْغِلِّ وَالْفَسَادِ، وَ " عَلَيْهِنَّ " فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، أَيْ: لَا يَغِلُّ قَلْبُ مُؤْمِنٍ كَائِنًا عَلَيْهِنَّ، وَإِنَّمَا انْتَصَبَ عَنِ النَّكِرَةِ لِتُقَدُّمِهِ "

انتهى من "مرقاة المفاتيح" (1/306) .

وفي قول رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما سُئلَ : أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ صَدُوقِ اللِّسَانِ . قَالُوا صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ ؟

قَالَ : ( هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ لَا إِثْمَ فِيهِ وَلَا بَغْيَ وَلَا غِلَّ وَلَا حَسَدَ ) رواه ابن ماجة (4206) وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجة" . في ذلك ما يحرض على سلامة الصدر وذهاب وغره .

فما أحسن حال المؤمن في خاصة نفسه والناس من حوله : يدعوهم ، ويصبر على أذاهم ، ويعفو عنهم ، ويبيت وقلبه لا غل فيه ولا حقد لأحد

وإذا كان جزاء الصبر وحده أن يوفى الصابر أجره يوم القيامة بغير حساب ، قال الأوزاعي : " ليس يوزن لهم ولا يكال ، إنما يغرف لهم غرفا " .

انظر" تفسير ابن كثير" (7 /89)

فكيف بمن صبر وغفر وسامح ثم رجع إلى قلبه فهذبه بتهذيب الإيمان وصفاه من كدره حتى خلصه من شوائبه ؟!

نسأل الله تعالى أن يحسن أخلاقنا ، وأن يجلعنا من أهل ذلك الخلق الكريم .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء


و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين








 


رد مع اقتباس
قديم 2019-08-23, 16:15   رقم المشاركة : 62
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



ما هو معنى الغيرة ؟

وكيف يمكن أن تؤثر في حياتنا ؟


السؤال

في الصحيح عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما أحد أغير من الله

ومن غيرته : حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، وما أحد أحب إليه المدح من الله ، ومن أجل ذلك أثنى على نفسه ، وما أحد أحب إليه العذر من الله ، من أجل ذلك : أرسل الرسل مبشرين ومنذرين ) .

هل يمكنكم أن تبينوا لي ما هو معنى الغيرة ، وكيف تؤثر في حياتنا ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

روى البخاري (4634) ومسلم (2760) عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

( لَا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، وَلَا شَيْءَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنْ اللَّهِ وَلِذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ ) .

وليس الحديث في أي من الصحيحين عن أبي الأحوص ، وإنما هو عن أبي وائل شقيق بن سلمة عن عبد الله ، وهو ابن مسعود رضي الله عنه .

ورواه البخاري (7416) ومسلم (1499) – واللفظ له - عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ : " قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرُ مُصْفِحٍ عَنْهُ . فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :

( أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ فَوَاللَّهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي مِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ

وَلَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنْ اللَّهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ اللَّهُ الْمُرْسَلِينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ، وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنْ اللَّهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللَّهُ الْجَنَّةَ ) .

ثانيا :

صفة الغيرة ثابتة لله تعالى بصحيح السنة ، على ما هو معروف في لغة العرب ، لكن على وجه يليق به سبحانه ، لا يماثل فيه المخلوقين ، ولا يعلم كنهها وكيفيتها إلا هو سبحانه ، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة .

انظر جواب السؤال القادم

ثالثا :

الغيرة التي تليق بالمخلوقين خلق نجيب جبل عليه الإنسان السوي الذي كرمه ربه وفضله ، وهي في موطنها والاعتدال فيها بالنسبة للرجال والنساء من الخصال المحمودة .

قال ابن حزم رحمه الله :

" الغيرة خلق فاضل متركب من النجدة والعدل ؛ لأن من عدل كره أن يتعدى إلى حرمة غيره ، وأن يتعدى غيره إلى حرمته ، ومن كانت النجدة طبعا له حدثت فيه عزة ، ومن العزة تحدث الأنفة من الاهتضام "

انتهى من "مداواة النفوس" (ص 55) .

وقال ابن القيم رحمه الله :

" وغيرة العبد على محبوبه نوعان : غيرة ممدوحة يحبها الله , وغيرة مذمومة يكرهها الله ، فالتي يحبها الله : أن يغار عند قيام الرِّيبة , والتي يكرهها : أن يغار من غيْرِ رِيبة ، بل من مجرد سوء الظن

وهذه الغيْرة تفسد المحبة ، وتوقع العداوة بين المحب ومحبوبه "

انتهى من "روضة المحبين" (ص 296) .

رابعا :

يمكننا التعرف على تأثير الغيرة في حياتنا بما يلي :

1- ما كان منها على وجه الاعتدال فهو المحمود المرضي ، وما كان منها على وجه الإفراط فهو المذموم ، ولا تستقيم الحياة إلا بالنوع الأول .

2- الغيرة على محارم الله من خصال أهل الإيمان .

جاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " (26/79) :

" المؤمن يدعوه إيمانه إلى الغيرة على محارم الله " .

3- الذنوب والمعاصي تضعف الغيرة المحمودة ، وقد تذهب بها بالكلية .

قال ابن القيم :

" كُلَّمَا اشْتَدَّتْ مُلَابَسَتُهُ لِلذُّنُوبِ أَخْرَجَتْ مِنْ قَلْبِهِ الْغَيْرَةَ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَعُمُومِ النَّاسِ، وَقَدْ تَضْعُفُ فِي الْقَلْبِ جِدًّا حَتَّى لَا يَسْتَقْبِحَ بَعْدَ ذَلِكَ الْقَبِيحَ لَا مِنْ نَفْسِهِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ ، وَإِذَا وَصَلَ إِلَى هَذَا الْحَدِّ فَقَدْ دَخَلَ فِي بَابِ الْهَلَاكِ "

انتهى من "الجواب الكافي" (ص: 67) .

3- قيام دين العبد على الغيرة التي تحمي القلب وتدفع السوء
.
قال ابن القيم رحمه الله :

" ... وَلِهَذَا كَانَ الدَّيُّوثُ أَخْبَثَ خَلْقِ اللَّهِ، وَالْجَنَّةُ حَرَامٌ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ مُحَلِّلُ الظُّلْمِ وَالْبَغْيِ لِغَيْرِهِ وَمُزَيِّنُهُ لَهُ، فَانْظُرْ مَا الَّذِي حَمَلَتْ عَلَيْهِ قِلَّةُ الْغَيْرَةِ.

وَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ أَصْلَ الدِّينِ الْغَيْرَةُ، وَمَنْ لَا غَيْرَةَ لَهُ لَا دِينَ لَهُ، فَالْغَيْرَةُ تَحْمِي الْقَلْبَ فَتَحْمِي لَهُ الْجَوَارِحَ ، فَتَدْفَعُ السُّوءَ وَالْفَوَاحِشَ ، وَعَدَمُ الْغَيْرَةِ تُمِيتُ الْقَلْبَ ، فَتَمُوتُ لَهُ الْجَوَارِحُ ؛ فَلَا يَبْقَى عِنْدَهَا دَفْعٌ الْبَتَّةَ.

وَمَثَلُ الْغَيْرَةِ فِي الْقَلْبِ مَثَلُ الْقُوَّةِ الَّتِي تَدْفَعُ الْمَرَضَ وَتُقَاوِمُهُ

فَإِذَا ذَهَبَتِ الْقُوَّةُ ، وَجَدَ الدَّاءُ الْمَحِلَّ قَابِلًا ، وَلَمْ يَجِدْ دَافِعًا ، فَتَمَكَّنَ، فَكَانَ الْهَلَاكُ ، وَمِثْلُهَا مِثْلُ صَيَاصِيِّ الْجَامُوسِ الَّتِي تَدْفَعُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ، فَإِذَا تَكَسَّرَتْ طَمِعَ فِيهَا عَدُوُّهُ "

انتهى من "الجواب الكافي" (ص: 68) .

4- الغيرة المحمودة لا بد من الاعتدال فيها والحكمة .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" الذي أوصي به جميع إخواني من أهل العلم والدعوة إلى الله عز وجل هو تحري الأسلوب الحسن والرفق في الدعوة ، وفي مسائل الخلاف ، عند المناظرة والمذاكرة في ذلك

وأن لا تحمله الغيرة والحدة على أن يقول ما لا ينبغي أن يقول ، مما يسبب الفرقة والاختلاف والتباغض والتباعد "

انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (5 /155) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" وكثير من ذوي الغيرة من الناس تجدهم يميلون إلى تحريم ما أحل الله أكثر من تحليل الحرام ، بعكس المتهاونين ، وكلاهما خطأ "

انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (10 /732).

5- الواجب على النساء ألا يخرجن عن حد الاعتدال في الغيرة ، والذي يفضي عادة إما إلى سوء الظن أو ضيق الصدر وسوء معاشرة الزوج .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" نصيحتي للنساء ألا يغرن الغيرة العظيمة إذا تزوج الزوج عليهنّ ، بل يصبرن ويحتسبن الأجر من الله ولو تكلفن ، وهذه الكلفة أو التعب يكون في أول الزواج ثم بعد ذلك تكون المسألة طبيعية "

انتهى من فتاوى نور على الدرب" (19/2) .

فتبين بما تقدم أن الغيرة إذا كانت غيرة محمودة معتدلة يراعي فيها المسلم الحكمة والعدل ، فإن أثرها يكون طيبا على خلقه ودينه ودعوته ومعاشرته الناس

أما إذا كانت بخلاف ذلك فإنها تعود عليه بآثارها السيئة المذمومة من سوء الظن بالناس وسوء التعامل معهم وسوء العشرة ، سواء في ذلك الرجال والنساء .

راجع لمزيد الفائدة جواب السؤال بعد القادم

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-08-23, 16:21   رقم المشاركة : 63
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يوصف الله عز وجل بالغيْرة ؟

وهل يقال " يغار الله على أنبيائه وأوليائه " ؟


السؤال

هناك قصيدة نظمها أحد الشعراء في الدفاع عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، ورد فيها: قد غار ربي في حليلة أحمد .. وأنا على عرض النبي أغار فهل يجوز مثل هذا الكلام في حق الله عز وجل ؟

وكذلك هناك بعض القصائد في مدح النبي صلى الله عليه وسلم أحس أنها لا تليق ، مثلاً : " طيفك يداعب خيالي " وهي أنشودة منتشرة في الأسواق ، فهل يجوز مثل هذا ؟ . وبارك الله فيكم .


الجواب

الحمد لله

أولاً:

منهج أهل السنَّة والجماعة في باب صفات الله تعالى قائم على أمور ، من أهمها :

1. أنها صفات توقيفية لا يجوز لأحد أن يُثبتها من غير الكتاب والسنَّة ، فلا يوصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه ، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم .

2. أن لها من المعاني ما يليق بجلال الله تعالى وعظمته ، فتُعلم معانيها ويُجهل كيفياتها .

3. أنه يؤمن بمعانيها من غير تحريف ولا تمثيل ولا تكييف ولا تعطيل .

ثانياً:

ثبتت صفة " الغيْرة " لله تعالى في صحيح السنّة ، ومما جاء في ذلك :

1. عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ( إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ وَغَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ ) رواه البخاري ( 4925 ) ومسلم ( 2761 ) .

2. عَنْ الْمُغِيرَةِ قَالَ : قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ : لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ( أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ ، وَاللَّهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ

وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ) .

رواه البخاري ( 6980 ) ومسلم ( 1499 ) وعنده زيادة بلفظ ( وَلاَ شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ ) .

3. عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلبَكَيْتُمْ كَثِيراً ) .

رواه البخاري ( 1044 ) ومسلم ( 901 ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

" وغيْرة الله أن يأتي العبد ما حرم عليه ، وغيْرته أن يزني عبدُه أو تزني أمَتُه ...
.
الغيْرة التي وصف الله بها نفسه : إمَّا خاصة وهو أن يأتي المؤمن ما حرَّم عليه ، وإما عامة وهي غيرته من الفواحش ما ظهر منها وما بطن" .

انتهى من " الاستقامة " ( 2 / 9 – 11 ).

وقال ابن القيم – رحمه الله -

: " الغيرة تتضمن البغض والكراهة ، فأخبر أنه لا أحدَ أغير منه ، وأن من غيْرته حرَّم الفواحش ، ولا أحد أحب إليه المِدْحة منه

والغيْرة عند المعطلة النفاة من الكيفيات النفسية ، كالحياء والفرح والغضب والسخط والمقت والكراهية ؛ فيستحيل وصفه عندهم بذلك

ومعلوم أن هذه الصفات من صفات الكمال المحمودة عقلاً وشرعاً وعرفاً وفطرةً ، وأضدادها مذمومة عقلاً وشرعاً وعرفاً وفطرةً

فإن الذي لا يغار بل تستوي عنده الفاحشة وتركها : مذموم غاية الذم مستحق للذم القبيح "

انتهى من " الصواعق المرسلة " ( 4 / 1497 ) .

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :

" المحال عليه سبحانه وتعالى وصفه بالغيرة المشابهة لغيرة المخلوق ، وأما الغيرة اللائقة بجلاله سبحانه وتعالى فلا يستحيل وصفه بها ، كما دل عليه هذا الحديث وما جاء في معناه

فهو سبحانه يوصف بالغيْرة عند أهل السنَّة على وجه لا يماثل فيه المخلوقين ، ولا يعلم كنهها وكيفيتها إلا هو سبحانه ، كالقول في الاستواء والنزول والرضا والغضب وغير ذلك من صفاته سبحانه ، والله أعلم " .

انتهى من تعليق الشيخ ابن باز على " فتح الباري " لابن حجر ( 2 / 531 ) .

وقال الشيخ عبد الله الغنيمان – حفظه الله

– في التعليق على حديث ( وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله ) - :

" ومعناه : أن الله يغار إذا انتهكت محارمه ، وليس انتهاك المحارم هو غيرة الله ؛ لأن انتهاك المحارم فعل العبد ، ووقوع ذلك من المؤمن أعظم من وقوعه من غيره .

وغيرة الله تعالى من جنس صفاته التي يختص بها ، فهي ليست مماثلة لغيرة المخلوق ، بل هي صفة تليق بعظمته ، مثل الغضب ، والرضا

ونحو ذلك من خصائصه التي لا يشاركه الخلق فيها ، وقد تقرر أنه تعالى ليس كمثله شيء في ذاته ، فكذلك في صفاته ، وأفعاله " .

انتهى من " شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري " ( 1 / 287 ) .

ثالثاً:

إذا عُلم معنى الصفة العظيمة المتصف بها ربنا تعالى وهي الغيرة : يتبين أن استعمالها فيما سأل عنه الأخ السائل صحيح

وفي سياق حديث سعد بن عبادة رضي الله عنه فإن الغيرة " تتضمن الغضب لانتهاك الحرمة ، والله سبحانه يبغض ما حرم ، ويغضب إذا انتهكت حرماته " –

كما جاء في " تعليقات الشيخ عبد الرحمن البراك على المخالفات العقدية في فتح الباري " رقم ( 55 ) -

ومما لا شك فيه أن التعرض للنبي صلى الله عليه وسلم في عرضه بالطعن بقذف زوجته الصدِّيقة عائشة رضي الله عنها ، هو من أعظم الذنوب التي يغار الله تعالى لأجلها

والله تعالى يغار على رسله الكرام عليهم السلام ولذا لم يتعرض لهم أحد إلا خُذل وقُصم ، ويغار على أوليائه وأصفيائه ولذا فإنه تعالى قال ( مَن عَادى لي وَلِيّاً فَقَد آذَنْتُه بِالحَرْب )

ويغار الله تعالى على شرعه وعلى محارمه أن تُنتهك ولذا فإنه تعالى توعد العصاة بالعذاب وتعجل عقوبة بعضهم في الدنيا ليكونوا عبرة لغيرهم ، وكل ذلك من الغيرة اللائقة بجلاله سبحانه وتعالى .

وقول الشاعر " غار فيها " هو بمعنى " غار لها " ، وحروف الجر تتناوب عند طائفة من أئمة العربية ، وقد استعمل مثلها أئمة الإسلام من أهل السنَّة .

قال الإمام ابن كثير – رحمه الله - :

" ولما تكلم فيها أهل الافك بالزور والبهتان غار الله لها فأنزل براءتها في عشر آيات من القرآن تتلى على تعاقب الزمان "

انتهى من " البداية والنهاية " ( 8 / 99 )

وينظر : ( 3 / 334 ) .

وأما بخصوص جملة " طيفك يداعب خيالي " المقولة في حق النبي صلى الله عليه وسلم فلم نر فيها ما يُنكر ، وإن كان غيرها أحسن منها

والبعد عنها أولى ، لئلا يختلط الأمر بكلام العشاق وأشباههم ، فهي أشبه بذلك ، وأقرب إليه .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2019-08-23, 16:29   رقم المشاركة : 64
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

زوجها غيور جدّاً يمنعها من الخروج من المنزل، ومن زيارة أهلها، فماذا تصنع؟

السؤال

أنا متزوجة من سنة ونصف تقريباً ، وعندي بنت عمرها 6 شهور ، مشكلتي مع زوجي هو أنه غيور جدّا جدّا , في أول زواجنا ألبسني النقاب , والحمد لله التزمت به ,

ومع ذلك يغار عليَّ لدرجة أني لم أعد قادرة على الاحتمال

فمثلاً : لا يوافق أبداً أن أخرج خارج البيت حتى عند أمي ، إلا نادراً , وكنت قبل الولادة أخرج أشترى طلبات البيت ، والآن لا يسمح لي أبداً أن أخرج أشتري أي حاجة للبيت ، حتى ولو كانت ضرورية ,

وقد سبب لي مشاكل كثيرة جدّا بسبب غيرته هذه , وأحياناً لسبب تافه جدّا , يعمل عليه مشكلة كبيرة جدّا ، فأتمنى من حضرتك أن تخبرني ما العمل ؟

فأنا متعبة جدّا , وقد حاولت مناقشته ، لكن بدون أي فائدة , وإضافة لذلك هو عصبي جدّاً , ولم أستطع إقناعه بأي حاجة ؛ فهل أطلب الطلاق منه ، أم ماذا أصنع ؟ .


الجواب

الحمد لله

أولاً :

طاعة الزوج حسنة تثاب عليها الزوجة , وهي استجابة لأمر الله ، ومن سؤالك - أختنا السائلة - يظهر أنك مطيعة لزوجك ، ويظهر ذلك في طاعتك له في لبس النقاب ، وغيره ؛ فنسأل الله أن يثيبك , وأن يجزيك خير الجزاء .

ثانياً :

لا شك أن للزوجة على زوجها حقوقا وواجبات , ومنها : حسن العشرة ، والمعاملة الحسَنة ،

كما قال تعالى : ( وَعَاشرُوهُنَّ بالمَعْرُوف ) النساء/ 19 .

قال ابن كثير رحمه الله :

أي : طيِّبوا أقوالَكم لهنَّ ، وحسِّنوا أفعالَكم وهيئاتكم حسب قدرتكم ، كما تحبُّ ذلك منها ، فافعل أنت بها مثله ،

كما قال تعالى : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) البقرة/228

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِى) – رواه الترمذي وصححه - .

"تفسير ابن كثير" (1/477) .

وكذلك للزوج على زوجته حقوق وواجبات ,

ثالثاً :

غيْرة الرجل على أهله ، ومحارمه : من الصفات التي يمدح عليها الإنسان ، وقد أكدها الإسلام ، وحث عليها , وقد تعجب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من شدة غيْرة سعد بن عبادة رضي الله عنه

فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ، لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي) رواه البخاري (6846) مسلم (1499) .

والمطلوب من الزوج : أن يعتدل في هذه الغيرة ، فلا يبالغ بها حتى يصل إلى إساءة الظن بزوجته , أو يسرف في تقصي كل حركاتها

وسكناتها ، وتتبع أقوالها ، ويغوص في معانيها ؛ فإن ذلك يفسد العلاقة الزوجية ، ويكون مدخلاً للشيطان لإفساد الود ، والمحبة بينهما .

فعن جابر بن عتيك الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إِنّ َمِنْ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ

وَمِنْهَا مَا يَبْغُضُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ ، وَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يَبْغُضُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ) .

رواه أبو داود (2659) والنسائي (2558) ، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .

وعن يحيى بن أبي كثير قال : قال سليمان بن داود عليهما السلام لابنه : يا بُني ! لا تكثر الغيرة على أهلك ولم تر منها سوءً ، فترمي بالشر من أهلك ، وإن كانت بريئة .

"شُعَب الإيمان" للبيهقي (1/499) .

وقال ابن القيم رحمه الله :

وغيرة العبد على محبوبه نوعان : غيرة ممدوحة يحبها الله , وغيرة مذمومة يكرهها الله ، فالتي يحبها الله : أن يغار عند قيام الرِّيبة , والتي يكرهها : أن يغار من غيْرِ رِيبة

بل من مجرد سوء الظن ، وهذه الغيْرة تفسد المحبة ، وتوقع العداوة بين المحب ومحبوبه .

"روضة المحبين" (ص 296) .

ومن الغيرة المحمودة : غيرة الزوج على امرأته من اختلاطها بالرجال الأجانب ، أو من رؤيتهم لها .

قال الشيخ محمد بن أحمد السفاريني رحمه الله :

"والمحمود من الغيْرة : صون المرأة عن اختلاطها بالرجال" انتهى .

" غذاء الألباب شرح منظومة الآداب " ( 2 / 313 ، 314 ) .

رابعاً :

الأفضل للمرأة أن تلزم بيتها ؛ لقوله تعالى : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) الأحزاب/33 .

قال ابن كثير رحمه الله :

أي : الزمنَ بيوتكن ، فلا تخرجن لغير حاجة .

"تفسير ابن كثير" (6/409) .

وليس للمرأة أن تخرج من بيتها إلا بإذن زوجها ، فإذا لم يأذن لم تخرج ، حتى لو أمرها أهلها بزيارتهم ، فحق الزوج مقدَّم على حقِّ أهلها .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه ، سواء أمرها أبوها ، أو أمها ، أو غير أبويها ، باتفاق الأئمة" انتهى .

"الفتاوى الكبرى" (3/148) .

وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة :

"لا يجوز للمرأة الخروج من بيت زوجها إلا بإذنه ، لا لوالديها ، ولا لغيرهم ؛ لأن ذلك من حقوقه عليها ، إلا إذا كان هناك مسوغ شرعي يضطرها للخروج" انتهى .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (19/165) .

ولكن ينبغي على الزوج أن لا يمنعها من زيارة أهلها ، بل يعينها على صلة الرحم ، وهذا من حسن عشرتها .

فالأولى للزوج أن يسمح لزوجته من وقت لآخر بالزيارة ، والتواصل بين زوجته وأهلها ؛ لما في زيارة والديها من تطييبٍ لخاطرها ، وإدخالٍ السرور عليها ، وعلى أولادها ، وهذا مطلب شرعي .

وإن كان للمرأة من يكفيها شراء ما تحتاج إليه ، فالأفضل لها أن لا تخرج هي للشراء بل تبقى في بيتها .

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :

"تمنع النساء من الخروج من البيوت ؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنما نهى عن منعهن من الذهاب إلى المساجد ، وأما إلى الأسواق : فالرجل حرٌّ ،

له أن يمنعها ، تُمنع من الخروج من البيت إلا لحاجة لا يمكن أن يقضيها أحد سواها ، وهذا الاستثناء أقوله من باب الاحتراز

وإلا فلا أظن أن حاجة لا يمكن أن يقضيها إلا النساء ، لأن بإمكان كل امرأة أن تقول لأخيها : "يا أخي اشتر لي الحاجة الفلانية"

لكننا ذكرنا هذا الاستثناء احتياطاً ، وأن يكون الرجل كما جعله الله عز وجل قوَّاماً على المرأة ، لا أن تكون المرأة هي التي تديره

لأن الله يقول : (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) النساء/34 ، فليكن قائماً حقيقة ، وليمنعها

ولكن لا بعنف ، بل بهدوء ، وشرح للمفاسد ، وبيان للثواب والأجر إذا لزمن البيوت ؛ لأن الله تعالى قال : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) الأحزاب/ 33

أي : نساء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهنَّ أكمل النساء عفة ، وأقومهن في دين الله

ومع ذلك : قال الله لهن : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) الأحزاب/ 33" انتهى .

"اللقاء الشهري" (24/السؤال رقم 10) .

فالنصيحة للأخت السائلة : أن تصبر على طاعة زوجها ، وأن تكون لبيبة حكيمة في تعاملها معه ، فالإنسان تأسره الكلمة الطيبة ، وتقيِّده المعاملة الحسنة ، وخصوصا ممن يحب ويود

فكل شخص لا بد أن يكون له مفتاح يلج الإنسان من خلاله إلى قلبه , ويكون ذلك من الأمر الذي يحب ويرغب ، مع بيان أن الزوج الصالح والمستقيم نعمة عظيمة ، تُغبط عليه المرأة .

والنصيحة للزوج : أن يتقي الله في أهله , وأن يحسن صحبتهم ومعاملتهم ؛ وأن يرفق بها ، ويطيب خاطرها , ولا يؤذها ، وأن يهذِّب غيرته بما يتوافق مع الشرع

وأن لا يمنعها من الخروج إن كانت ستخرج لحاجة وهي ملتزمة بالحجاب الشرعي ، والبعد عن مخالطة الرجال.

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2019-08-23, 16:33   رقم المشاركة : 65
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تعاني من " المثالية " والتي أدَّت بها إلى " التسويف "

السؤال

أنا مثالية وقد أدركت ذلك مؤخراً أن المثاليين هم أكثر تسويفاً بسبب هذه الطبيعة ، وقد جربت ذلك بنفسي أيضاً ، وأود أن أتخلص من التسويف لأنه من الشيطان

وأنا - والحمد لله - لا أقوم بالتسويف فى الأمور المتعلقة بالدين ، لكني أقوم بذلك في أمور أخرى ، وأود أن تشيروا عليَّ ببعض الاقتراحات التي تمكنني من محاربة المثالية ، وينتج عنها محاربة التسويف . برجاء المساعدة .


الجواب

الحمد لله

أولاً:

أن ينشد المسلم المثالية في الأخلاق والعبادات والمعاملات هو أمر حسن ، وسعيه نحو تحقيقها سعي نحو معالي الأمور ، لكنَّ هذه المثالية قد تصطدم بالواقع الذي يعيشه المسلم مما يسبب له إحباطاً

كما أنه قد تضعف نفسه في بعض الجوانب فيترك الخير كله ، ولذا فليس خير من التوسط في الأمور والسداد فيها

وهي وصية النبي صلى الله عليه وسلم للأمة في قوله ( سَدِّدُوا وَقَارِبُوا واغْدُوا وَرَوِّحُوا ، وَشِيْءٌ مِنَ الدُّلْجَة ، وَالقَصْدَ القَصْدَ تَبْلُغُوا ) رواه البخاري ( 6098

وانظر شرح الحديث في جواب السؤال القادم

ولذا فمن أعظم ما ينبغي على المسلم فعله حتى يدع المثالية أن يعيش واقعه ، فلا يكون مبالغاً في تحقيق ما قد يعجز عن تحقيقه ، أو يعجز عن الاستمرار فيه ؛ مما يسبب له إحباطات قد تؤدي به إلى ترك السعي نحو الأفضل .

ومما يذكره أهل الاختصاص في علاج حالتك من المثالية :

1. أن تحددي أهدافاً واقعيَّة تقبل التنفيذ من قبَلك ، وأن تتخلي عن المثالية التي تعرقل تنفيذ هذه الأهداف .

2. أن تمتنعي عن مقارنة نفسك بالآخرين ، وأن تقنعي نفسك بأنه لكل واحد من الناس مواهبه الخاصة به وقدراته اللائقة به

ولعلَّ هذا الأمر أن يكون مهما جدّاً ؛ ذلك أن هناك خطأ في تربية كثير من الأهل لأولادهم في صغرهم ليكونوا مثاليين في نتائجهم الدراسية

فيحاول الأولاد أن يسعوا لإرضاء أهليهم خوفاً من الفشل ، فتتأصل فيه المثالية مما يسبب له ضيقاً في نفسه عندما يرى الواقع بعقله هو وبعيني نفسه .

3. أن لا تخاف من انتقاد الآخرين عند السعي نحو التغيير وإصلاح نفسك والرجوع بها لأن تعيش في واقعها الحقيقي
.
4. وأخيراً : لا بأس من أن تعرضي نفسك على طبيب نفسي مختص من الثقات ، فلعلَّ سماعه منك ، ومباشرتك له بالكلام أن يساهم في حصول علاج شافٍ بإذن الله .

ثانياً:

وأما علاج التسويف – وهو التأخير والمماطلة - فيكون بأمور ، منها :

1. أخذ النفس بالحزم وقوة العزيمة ، ولأن تَتعب النفسُ اليوم لتستريح غداً ، خير لها من أن تستريح اليوم وتتعب غداً .

2. تذكير النفس دوماً بأن التسويف عجز وضعف وخور ، وليس من سمات المسلم العجز والضعف والخور ، بل إن الإنسان إذا كان معتزّاً بإنسانيته فإنه يأبى عليها هذه الأوصاف .

3. دوام الدعاء والضراعة إلى الله - عز وجل - بالتحرر من العجز والكسل .

4. الانسلاخ من صحبة الكسالى والمسوفين والارتماء بين يدي ذوي الحزم والعزم والقوة ؛ فإن ذلك من شأنه أن يحمل على مجاهدة النفس وأخذها بالحزم والعزم والقوة .

5. معايشة السلف في نظرتهم إلى التسويف ونفورهم منه نفوراً شديداً قولاً وفعلاً فكراً وسلوكاً ، قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب " من القوة ألا تؤخر عمل اليوم إلى الغد " .

باختصار من كتاب " آفات على الطريق " للشيخ سيد نوح .

نسأل الله تعالى أن يسددك ويوفقك لما فيه رضاه ، وأن يجعلك من الجادين الطائعين له .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2019-08-23, 16:37   رقم المشاركة : 66
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

مشكلة الحماس أول التوبة ثم الفتور بعدها

السؤال

عندما يتوب الإنسان يبدأ بداية قوية ويقول : إن الشيطان يأمرني بالتخفيف ، ويزيد من الطاعات ، ثم تبرد الهمة فيقول : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) ، وتخف الطاعات حتى يعود كما كان .

وسؤالي : ما هي النصيحة ؟

هل يبدأ بداية قوية أم بالتدريج حتى يثبت عليه ويزيد عليه بعد مدة أو يأخذ بالمقولة " إذا هبت رياحك فاغتنمها " ؟.


الجواب

الحمد لله

إن نعمة الهداية والتوبة من أعظم نعَم الله تعالى على المسلم

وتغيير حاله للأحسن مما يقرِّبه إلى الله تعالى أكثر ، وفي العادة يُقبل التائب على الطاعة إقبالاً عظيماً يحاول فيها تعويض ما فاته من العمر الذي قضاه في المعصية والضلال .

وهذا الأمر طبيعي بالنسبة لكل صادق في توبته ، وقد ذكَره نبينا صلى الله عليه وسلم ، وبيَّن ما يحصل بعده من برود وفتور في الهمة

وهذا أمر طبيعي أيضاً ، لكن الخطر على صاحب هذه التوبة أن يكون فتوره وبروده في تناقص مستمر إلى أن يرجع إلى حاله الأول ، ولذا كان من الواجب الانتباه إلى هذا الأمر

وعلى التائب الطائع إذا فترت همته أن يقف عند الاعتدال والتوسط ، والتزام السنة ؛ ليحافظ على رأس ماله ، ويحسن الانطلاق مرة أخرى إلى الطاعة بقوة ونشاط ؛ لأن الانطلاق من التوسط خير من الانطلاق من الصفر .

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةً

وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ ، فَمَنْ كَانَتْ شِرَّتُهُ إِلَى سُنَّتِي فَقَدْ أَفْلَحَ ، وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ ) . رواه ابن حبان في "صحيحه" (1/187) ، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (56) .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ شِرَّةً

وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةً ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا سَدَّدَ وَقَارَبَ فَارْجُوهُ ، وَإِنْ أُشِيرَ إِلَيْهِ بِالأَصَابِعِ فَلا تَعُدُّوهُ ) رواه الترمذي (2453) وحسَّنه الألباني في "صحيح الترغيب" (57) .

قال المباركفوري رحمه الله :

" قوله (إن لكل شيء شِرَّةً) أي : حرصا على الشيء ونشاطا ورغبة في الخير أو الشر .

(ولكل شِرَّةٍ فَتْرَةً) أي : وهْناً وضعفاً وسكوناً .

(فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا سَدَّدَ وَقَارَبَ) أي : جعل صاحب الشرة عملَه متوسطاً ، وتجنب طرفي إفراط الشرة وتفريط الفترة .

(فَارْجُوهُ) أي : ارجو الفلاح منه ؛ فإنه يمكنه الدوام على الوسط , وأحب الأعمال إلى الله أدومها .

(وَإِنْ أُشِيرَ إِلَيْهِ بِالأَصَابِعِ) أي : اجتهد وبالغ في العمل ليصير مشهوراً بالعبادة والزهد وسار مشهوراً مشارا إليه .

(فَلا تَعُدُّوهُ) أي : لا تعتدوا به ولا تحسبوه من الصالحين لكونه مرائيا , ولم يقل فلا ترجوه إشارة إلى أنه قد سقط ولم يمكنه تدارك ما فرط " انتهى .

" تحفة الأحوذي " ( 7 / 126 ) .

ولكي يتجنب المسلم الإفراط والتفريط فعليه بالقصد ، وهو التوسط ، فلا يبالغ في فعل العبادة والطاعة ؛ لئلا يملَّ فيترك

ولا يتركها كسلاً وتهاوناً لئلا يستمرئ الترك فلا يرجع ، وكلا الأمرين ذميم ، ومن توسط في الأمر سلك ، ومن سلك وصل إلى ما يحبه الله ويرضاه .

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لَنْ يُنَجِّيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ . قَالُوا : وَلا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : وَلا أَنَا

إِلا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ، سَدِّدُوا وَقَارِبُوا ، وَاغْدُوا ، وَرُوحُوا ، وَشَيْءٌ مِنْ الدُّلْجَةِ ، وَالْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا ) . رواه البخاري (6098) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" قوله : ( سددوا ) معناه : اقصدوا السداد أي : الصواب .

قوله " وقاربوا " أي : لا تُفْرِطُوا (أي تشددوا) فتُجهدوا أنفسكم في العبادة ، لئلا يفضي بكم ذلك إلى الملال فتتركوا العمل فَتُفَرِّطُوا (أي تقصروا) .

قوله " واغدوا وروحوا وشيئا من الدلجة " : والمراد بالغدو السير من أول النهار , وبالرواح السير من أول النصف الثاني من النهار , والدلجة : سير الليل

يقال : سار دلجة من الليل أي ساعة ، فلذلك قال : ( شيء من الدلجة ) لعسر سير جميع الليل .

وفيه إشارة إلى الحث على الرفق في العبادة , وعبر بما يدل على السير لأن العابد كالسائر إلى محل إقامته وهو الجنة .

قوله " والقصدَ القصدَ " أي : الزموا الطريق الوسط المعتدل , واللفظ الثاني للتأكيد " انتهى باختصار .

"فتح الباري" (11/297،) .

والخلاصة : ندعوك للتفكر في الأحاديث السابقة ، والتأمل في معناها ، واعلم أن التوبة بحاجة إلى شكر ، وأعظم الشكر أن تداوم على بقائها ، ولا يكون ذلك إلا بالمداومة على العمل والطاعة

واعلم أن ( أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ ) رواه البخاري ومسلم ، فلا تبدأ بقوة ولا تفتر بالمرَّة

بل اقتصد في الطاعة ، وهذا في مقدورك ، وكلما رأيت من نفسك نشاطا فاجعله في طاعة الله ، وكلما رأيتَ فتوراً ومللاً فارجع إلى التوسط ، ونسأل الله أن ييسر أمرك ، ويهديك لأحسن الأقوال والأعمال والأخلاق .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء


و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2019-08-25, 16:54   رقم المشاركة : 67
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل يجب على المسلم العفو عن ظالمه ؟

وهل يؤجر لو أنه عفا عنه ؟


السؤال


هل يتعين عليك أن تسامح أحد أقربائك ممن يجاهر بالمعصية ويجرح مشاعرك ومشاعر بقية أقاربك ؟ .

الجواب

الحمد لله


لا يتعيَّن على المسلم فعل شيء إلا أن يوجبه الشرع عليه ، وليس في نصوص الشرع – فيما نعلم – ما يوجب عليك مسامحة من أخطأ في حقك ظلماً وعلوّاً

وأما فيما يتعلق بمجاهرته بالمعصية فإنه لا تعلق لها بمسامحة منك ؛ لأنها ذنب بين العاصي وربِّه.

وأما الذي يؤذي الناس بأقواله وأفعاله فإنه يكتسب بذلك آثاماً وذنوباً

فليحذر من سخط الله وعقابه في الدنيا والآخرة

قال تعالى ( إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) الشورى/ 42

وقال تعالى ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً ) الأحزاب/ 58 .

ونحن نوصيكِ – أختنا السائلة – بالصبر على ما تجدينه من أذى من أقربائك ،

فالمسلم له رسالة سامية في حياته وهي دعوة الناس للخير وخاصة الأقربين منهم

ومن المتوقع أن يجد عنتاً ومشقة في دعوته تلك لما قد يواجهه من الغلاظ الشداد من الناس ، ولذا فإن عليه أن يصبر على الأذى في سبيل الله كما صبر أولوا العزم من الرسل وهم قدوات العالَمين .

ونوصيكِ بتنويع طرق إيصال الخير لذلك القريب وغيره سواء بالأشرطة أو الكتيبات ، أو عن طريق بعض من يثق بهم ويحبهم من عقلاء الناس ، فيكلمونه ويعظونه ، فلعله أن يدع قول السوء وفعله .

ونوصيكِ بالدعاء له بأن يشرح ربه له صدره للحق والصواب ، وأن يهديه لأحسن الأقوال والأفعال والأخلاق .

وأخيراً : فإن المسلم إذا علمَ عظيم الأجر من الله على عفوه عمن ظلمه ، ومسامحته له وهو قادر على رد الإساءة ، تطلع إلى ذلك الأجر والثواب وعفا وسامح في حقه

حتى ولو لم يكن العفو فرضا واجبا عليه في الأصل ؛ وهو ما ندعوكِ إلى فعله حتى تنالي أجر العفو والمسامحة من رب العالمين

يوم تكونين أحوج شيء إلى حسنة تزيدين فيها صحائفك

قال الله تعالى ( إِن تُبْدُواْ خَيْراً أَوْ تُخْفُوهْ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوء فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً ) النساء/ 149 .

قال ابن جرير الطبري – رحمه الله -

: " يعني بذلك : أن الله لم يزل ذا عفو على عباده مع قدرته على عقابهم على معصيتهم إياه ، فاعفوا أنتم أيضاً أيها الناس عمن أتى إليكم ظلماً

ولا تجهروا له بالسوء من القول ، وإن قدرتم على الإساءة إليه ، كما يعفو عنكم ربكم مع قدرته على عقابكم وأنتم تعصونه وتخالفون أمره "

انتهى من "تفسير الطبري" ( 9 / 351 ).

وقال الله تعالى ( وَٱلَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْىُ هُمْ يَنتَصِرُونَ . وَجَزَاء سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِينَ ) الشورى/ 39 ، 40 .

قال ابن كثير – رحمه الله -

: " فشرع العدل وهو القصاص ، وندب إلى الفضل وهو العفو "

انتهى من " تفسير ابن كثير " ( 7 / 212 ) .

وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - :

" وفي جعل أجر العافي على الله : تهييج على العفو ، وأن يعامل العبدُ الخلقَ بما يحب أن يعامله الله به ، فكما يحب أن يعفو الله عنه فليعف عنهم ، وكما يحب أن يسامحه الله فليسامحهم ؛ فإن الجزاء من جنس العمل "

انتهى من " تفسير السعدي " ( ص 760 ) .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2019-08-25, 17:03   رقم المشاركة : 68
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

كيف يجمع المسلم بين العفو والمسامحة في حقه مع بقاء هيبته ومكانته في الناس؟

السؤال


عندي مشكلة كبيرة جدّاً هي أني لا أستطيع الجمع بين هذين الأمرين : فإما أن أكون فظّاً مع الناس أو أكون متسامحاً جدّاً ، وفي كلتا الحالتين يعيب عليَّ الناس صنيعي

. أريد أن أعرف كيف أجمع بين أن أكون متسامحاً وفي نفس الوقت آخذ حقي وأحافظ على كرامتي ؟

وهل المسامحة معناها أن أترك حقي ؟

من الذي سمعته عن سنَّة النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان متسامحاً لأعلى الدرجات مع أنه كان أشرف الخلق وأعلاهم كرامة ، كيف أجمع بين الاثنين ؟


الجواب

الحمد لله

أولاً :

يزول الإشكال – أخي السائل – إذا وضعتَ الشيء في مكانه المناسب في كل حال :

أما المسألة الأولى : فإن الغلظة والفظاظة لا تكون إلا مع أعداء الله تعالى المحاربين من الكفار

ويكون اللين وحسن المعاملة مع المؤمنين ، وفي دعوة الكفار ؛ إذ لا تصلح الغلظة هنا وإلا انفض عنك المؤمنون ولم يستفد الكفار من دعوتك .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :

" من الحكمة استعمال اللين في معاشرة المؤمنين ، وفي مقام الدعوة للكافرين ، كما قال تعالى (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) آل عمران/ 159

وقال : (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) طه/ 44

فأمر باللين في هذه المواضع وذكر ما يترتب عليه من المصالح

كما أن من الحكمة استعمال الغلظة في موضعها .

قال تعالى (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) التحريم/ 9 ؛ لأن المقام هنا مقام لا تفيد فيه الدعوة ، بل قد تعين فيه القتال ، فالغلظة فيه من تمام القتال

وقد جمع الله بين الأمرين في قوله في وصف خواص الأمة (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) الفتح/ 29 "

انتهى من " تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير الأحكام " ( ص 312 ) .

ثانياً :

هكذا يقال في المسألة الثانية : هل العفو والمسامحة أفضل أو أخذ الحق ، والجواب عليه : أن العفو أفضل من حيث الأصل لكن قد يوضع في غير مكانه فلا يكون أفضل

بل قد يأثم العافي ، فيكون وضع كل شيء في مكانه المستحق له هو الجواب عن الإشكال عندك .

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله :

" الانتقام له موضع يحسن فيه , والعفو له موضع كذلك , وإيضاحه أن من المظالم ما يكون في الصبر عليه انتهاك حرمة الله , ألا ترى أنّ من غصبت منه جاريته –

مثلاً - إذا كان الغاصب يزني بها فسكوته وعفوه عن هذه المظلمة قبيح وضعف وخور تنتهك به حرمات الله ؟!

فالانتقام في مثل هذه الحالة واجب , وعليه يحمل الأمر ( فَاعْتَدُوا ) الآية , أي : كما بدأ الكفار بالقتال فقتالهم واجب , بخلاف من أساء إليه بعض إخوانه من المسلمين بكلام قبيح ونحو ذلك فعفوه أحسن وأفضل .

وقد قال أبو الطيب المتنبي :

إذا قيل حِلمٌ قال للحِلم موضعٌ *** وحِلمُ الفتى في غير موضعه جهلُ "

انتهى من " دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب " ( ص 32 ، 33 ) .

والذي يعفو عن المسيء المستحق للعفو : فإن له البشرى بالعز في الدنيا والآخرة ، تحقيقاً لقول رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْداً بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزّاً ) رواه مسلم ( 2588 )

من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، وله الأجر والثواب في الآخرة

ومن ذلك ما قاله تعالى ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ . الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) آل عمران/ 133 ، 134 .

ويشترط لهذا الفضل وذاك الثواب للعافي حتى يتحققا أمور :

1. أن يعفو عن حقِّه قاصداً الأجر والفضل من الله ، فيترك الانتصار والانتقام لله تعالى .

عن أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (يَا أَبَا بَكْرٍ ثَلَاثٌ كُلُّهُنَّ حَقٌّ : مَا مِنْ عَبْدٍ ظُلِمَ بِمَظْلَمَةٍ فَيُغْضِي عَنْهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا أَعَزَّ اللهُ بِهَا نَصْرَهُ

وَمَا فَتَحَ رَجُلٌ بَابَ عَطِيَّةٍ يُرِيدُ بِهَا صِلَةً إِلَّا زَادَهُ اللهُ بِهَا كَثْرَةً ، وَمَا فَتَحَ رَجُلٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ يُرِيدُ بِهَا كَثْرَةً إِلَّا زَادَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا قِلَّةً) رواه أحمد ( 15 / 390 ) وحسَّنه المحققون

وجوَّد إسناده الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 2232 ) .

2. أن يكون قادراً على أخذ حقه ، فلا يعفو لضعف ولا لعجز .

وهو واضح في المعنى اللغوي والشرعي للعفو ، وقد قال البخاري في صحيحه ( 2 / 863 ) :

باب الاِنْتِصَارِ مِنَ الظَّالِمِ لِقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ (لاَ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا) ، (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْىُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ)

قَالَ إِبْرَاهِيمُ – أي : النخعي - كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُسْتَذَلُّوا ، فَإِذَا قَدَرُوا عَفَوْا " انتهى
.
وبهذا الأمر تتبين قوة ومهابة العافي عن المسيء من المستحقين للعفو ، فعندما تظهر قدرته على الانتصار والانتقام ويعفو عنه : يكون قد حقق لنفسه المهابة وحاز فضل وأجور العفو .

قال تعالى : (فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ . وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ .

وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ .

وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ . وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ . وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ

. إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ . وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) الشورى/ 36 – 43 .

قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله :

" ووصفهم في معاملتهم للخلق بالمغفرة عند الغضب وندبهم إلى العفو والإصلاح ، وأما قوله (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ)

فليس منافياً للعفو ؛ فإن الانتصار يكون بإظهار القدرة على الانتقام ثم يقع العفو بعد ذلك فيكون أتم وأكمل

قال النخعي في هذه الآية : " كانوا يكرهون أن يُستذلوا فإذا قدروا عفَوا "

وقال مجاهد : " كانوا يكرهون للمؤمن أن يُذل نفسه فتجترئ عليه الفساق " ، فالمؤمن إذا بُغي عليه يُظهر القدرة على الانتقام ثم يعفو بعد ذلك

وقد جرى مثل هذا لكثير من السلف منهم عطاء وقتادة"

انتهى من " جامع العلوم والحكَم " ( ص 179 ) .

3. أن يترتب على عفوه إصلاح ، ولا يترتب ضرر .

قال تعالى : (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) فلا يعفو عن مجرم معروف بالشر وإيقاع الضرر بالناس

لما يترتب على العفو عنه من إطلاق يديه في الشر والسوء ، لذا لا يشرع العفو عنه ، بل تجب عقوبته وكف يده عن الناس بما يُستطاع .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" والعدل نوعان :

أحدهما : هو الغاية ، والمأمور بها ، فليس فوقه شيء هو أفضل منه يؤمر به ، وهو العدل بين الناس .

والثاني : ما يكون الإحسان أفضل منه ، وهو عدل الإنسان بينه وبين خصمه في الدم والمال والعِرْضِ ، فإن الاستيفاء عدل ، والعفو إحسان

والإحسان هنا أفضل ، لكن هذا الإحسان لا يكون إحساناً إلا بعد العدل ، وهو أن لا يحصل بالعفو ضررٌ ، فإذا حصل منه ضرر : كان ظلماً من العافي ، إما لنفسه ، وإما لغيره ، فلا يشرع "

انتهى من " جامع المسائل " ( 6 / 38 ) .

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في شرح حديث ( وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْداً بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزّاً ) -
:
" وفي هذا حثٌّ على العفو ، ولكن العفو مقيَّد بما إذا كان إصلاحاً ؛ لقول الله تعالى (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) ، أما إذا لم يكن إصلاحاً بل كان إفساداً : فإنه لا يؤمر به

مثال ذلك : اعتدى شخص شرير معروف بالعدوان على آخر ، فهل نقول للآخر الذي اعتدى عليه : اعف عن هذا الشرير ؟

لا نقول اعف عنه ؛ لأنه شرير ، إذا عفوتَ عنه تعدَّى على غيرك من الغد ، أو عليك أنت أيضا ، فمثل هذا نقول : الحزم والأفضل أن تأخذه بجريرته

يعني : أن تأخذ حقك منه ، وألا تعفو عنه

لأن العفو عن أهل الشر والفساد ليس بإصلاح بل لا يزيدهم إلا فساداً وشرّاً ، فأما إذا كان في العفو خير وإحسان وربما يخجل الذي عفوت عنه ولا يتعدى عليك ولا على غيرك : فهذا خير "

انتهى من " شرح رياض الصالحين " ( 3 / 525 ) .

ثالثاً :

ما قد تجده في نفسك في حال رغبتك بالعفو عمن ظلمك ممن تستطيع أخذ حقك والانتصار منه ، وترى أن عفوك عنه فيه صلاح له وليس يترتب عليه ضرر عليك أو على الناس :

فإن ذلك من الشيطان يصوِّر لك أمر العفو والمسامحة أنه ذل وخنوع وانكسار ، وكل ذلك ليصدك عن العز ورفع الشأن ، ومزيد الأجر ، فكن متيقظاً لهذا .

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :

" قال صلى الله عليه وسلم (وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزّاً) إذا جنى عليك أحد وظلمك في مالك أو في بدنك أو في أهلك أو في حق من حقوقك ، فإن النفس شحيحة تأبى إلا أن تنتقم منه

وأن تأخذ بحقك ، وهذا لك

قال تعالى (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ) البقرة/ 194

وقال تعالى (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ) النحل/ 126

ولا يلام الإنسان على ذلك ، لكن إذا همَّ بالعفو وحدَّث نفسه بالعفو : قالت له نفسه الأمَّارة بالسوء : إن هذا ذل وضعف ! كيف تعفو عن شخص جنى عليك أو اعتدى عليك ؟

وهنا يقول الرسول عليه الصلاة والسلام (وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزّاً) والعز ضد الذل ، وما تحدثك به نفسُك أنك إذا عفوت فقد ذللت أمام من اعتدى عليك

: فهذا من خِداع النفس الأمَّارة بالسوء ونهيِها عن الخير ، فإن الله تعالى يثيبك على عفوك هذا عزّاً ورفعة في الدنيا والآخرة "

انتهى من " شرح رياض الصالحين " ( 3 / 408 ، 409 ) .

وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم : (وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزّاً) دفع لما يسبق إلى الظنون من أن العفو سبب للذلة ، أو أن المهابة والمنزلة لا تكون إلا بالانتقام وأخذا الحق .

قال الصنعاني رحمه الله :

" وفيه : أنه يَجعل الله تعالى للعافي عزّاً وعظمةً في القلوب ؛ لأنه بالانتصاف يظن أنه يعظُم ويُصان جانبه ويُهاب ، ويظن أن الإغضاء والعفو لا يحصل به ذلك ، فأخبر رسول الله صلى الله عليه سلم بأنه يزداد بالعفو عزّاً "

انتهى من " سبل السلام " ( 4 / 209 ) .

والله أعلم


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء


و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2019-08-25, 17:07   رقم المشاركة : 69
معلومات العضو
محمد.114
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

اللهم صلي علي سيدنا محمد

اول مره أقرأ هذا الحديث سبحان الله

قال رسول الله صل الله عليه وسلم

: ( لكل أمة خلق وخلق أمتي الحياء ، وإن الله عز وجل إذا أراد أن يهلك عبداً نزع منه الحياء فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا مقيتاً )

صدق رسول الله صل الله علية وسلم

اللهم خلقنا بخلاق القران ولا تنزع عنا الحياء اللهم امين اللهم امين اللهم امين

بارك الله فيك يا اخي عبد الرحمن










رد مع اقتباس
قديم 2019-08-27, 19:00   رقم المشاركة : 70
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة m.114 مشاهدة المشاركة
اللهم صلي علي سيدنا محمد

اول مره أقرأ هذا الحديث سبحان الله

قال رسول الله صل الله عليه وسلم

: ( لكل أمة خلق وخلق أمتي الحياء ، وإن الله عز وجل إذا أراد أن يهلك عبداً نزع منه الحياء فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا مقيتاً )

صدق رسول الله صل الله علية وسلم

اللهم خلقنا بخلاق القران ولا تنزع عنا الحياء اللهم امين اللهم امين اللهم امين

بارك الله فيك يا اخي عبد الرحمن
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك الطيب مثلك

بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير









رد مع اقتباس
قديم 2019-08-27, 19:04   رقم المشاركة : 71
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



جزاء الوفاء بالعهد وخطورة نقضه

السؤال


ما هو جزاء الوفاء بالعهد وما جزاء خيانته ؟


الجواب

الحمد لله :

أولا :

دلت آيات القرآن الحكيم ، وأحاديث النبي الكريم عليه الصلاة والسلام على وجوب الوفاء بالعهد والميثاق، وبيّنت شناعة جرم من نقضهما، أو أخل بهما

وقد يصل الإخلال بهما إلى الكفر كما حدث لبني إسرائيل وغيرهم حينما نقضوا العهد والميثاق مع ربهم ، وتركوا ما عاهدوا الله عليه من الإيمان به ، ومتابعة رسله .

قال الله تعالى : ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً ) الإسراء /34

وقال : ( وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ) الأنعام/152

وقال في مدح عباده المؤمنين : (الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ) الرعد/2 .

والنصوص في الكتاب والسنة كثيرة صريحة الدلالة على وجوب الوفاء وحرمة الغدر والخيانة

وجميع الآيات التي ورد فيها لفظ العهد والميثاق تدل على ذلك بالمنطوق أو بالمفهوم . والسُنة العملية لنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه هي أظهر شاهد وتطبيق لذلك .

ثانيا :

رتب الله على الوفاء بالعهد ثمرات عظيمة للفرد في دنياه وأخراه ، إضافة لثمراته الظاهرة في صلاح المجتمع واستقراره ، فمن تلك الثمرات :

- أن الوفاء بالعهد من صفات المتقين في كتاب الله ، ومن أعظم أسباب تحصيل التقوى . قال تعالى: ( بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) آل عمران/76

- الوفاء بالعهد سبب لحصول الأمن في الدنيا وصيانة الدماء ، وحفظ حقوق العباد مسلمهم وكافرهم

كما قال تعالى : ( وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) الأنفال/72 .

-كما أنه سبب لتكفير السيئات وإدخال الجنات: كما نجد هذا في قوله تعالى في سورة البقرة: ( وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ) البقرة/40 ، قال ابن جرير: "وعهده إياهم أنهم إذا فعلوا ذلك أدخلهم الجنة" انتهى.

وفي سورة المائدة ذكر الله سبحانه أنه أخذ ميثاق بني إسرائيل، ثم بيّن هذا الميثاق وذكر الجزاء على الوفاء به فقال:(لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) المائدة/12

إلى غير ذلك من الآثار التي تتضح جلية لكل من تدبر كتاب الله وتأمل في سنة رسول الله القولية وسيرته العملية.
والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة

وينصح بالرجوع إلى كتاب "رياض الصالحين" ، للإمام النووي رحمه الله

وكتاب"الترغيب والترهيب" للإمام المنذري رحمه الله .

ثالثا :

الخيانة هي ضد الأمانة والوفاء ؛ فإذا كانت الأمانة والوفاء هي من خصال الإيمان والتقوى ، فإن الخيانة والغدر من خصال النفاق والفجور ، والعياذ بالله :

عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أربع من كنّ فيه كان منافقًا خالصًا، من إذا حدّث كذب

وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها ) رواه البخاري (3178) ومسلم (58) .

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من أخفر مسلمًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل ) - رواه البخاري ( 1870) ومسلم (1370) .

وعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إن الغادر ينصب الله له لواء يوم القيامة، فيقال: ألا هذه غدرة فلان ) رواه البخاري (6178) ومسلم (1735 ).

نسأل الله أن يجعلنا من الموفين بالعهود والمواثيق وأن يعيذنا من الخيانة ونقض العهد وأن يوفقنا لحسن القول والعمل .. والحمد لله رب العالمين

ينظر كتاب : (العهد والميثاق في القرآن الكريم/ أ.د. ناصر سليمان العمر )









رد مع اقتباس
قديم 2019-08-27, 19:07   رقم المشاركة : 72
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

لا يخشع قلبه عند سماع القرآن ، ويتأثر عند سماع النشيد

السؤال

عندما أسمع القرآن أو أقرأه فإني لا أتأثر من سماعه ولا يتحرك قلبي ولا يخشع بينما أحياناً عندما أستمع إلى نشيد فإني أتأثر جداً فما هو الحل؟؟


الجواب


الحمد لله

القرآن هو خير الكلام وأنفعه

وأكثره تأثيراً وإصلاحاً للنفس

قال الله تعالى : (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) الزمر/23

وقال تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًَا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) الأنفال/2 .

وكون المسلم لا يتأثر عند سماع القرآن أو قراءته ويتأثر عند سماع الأناشيد ، هذا نذير خطر، وسؤالك يدل على أنك غير راضٍ عن هذه الحال فعليك أن تبادر بمعالجة الأمر قبل أن يشتد الخطر

وعلاج ذلك يكون بما يلي :

1- الإكثار من قراءة القرآن الكريم ، فهجر القرآن قد يكون سبباً لحرمان الشخص من الانتفاع بالقرآن الكريم .

2- الاهتمام بمعرفة معاني القرآن الكريم ، ولو من تفسير مختصر ، كتفسير السعدي رحمه الله ، فقد يكون السبب لعدم الخشوع والتأثر عند القرآن الكريم هو عدم معرفة معناه .

3- الإكثار من ذكر الله تعالى وطاعته ، فذلك سبب قوي من أسباب رقة القلب وإزالة القسوة عنه .

4- التوبة إلى الله من جميع المعاصي ، والاستقامة على أمر الله ، فقد يعاقب الإنسان على معصيته ، فيحرم من الخير ومن الخشوع ومن التدبر .

5- الإقلال من سماع الأناشيد أو عدم ذلك بالكلية ، حتى يصح القلب وتعود له الحياة والتأثر والانتفاع بكلام الله .
وإليك فتاوى لبعض العلماء في ذلك :

قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :

" أما ما تسمونه بالأناشيد الإسلامية : فقد أُعطي أكثر مما يستحق من الوقت ، والجهد ، والتنظيم ، حتى أصبح فنّاً من الفنون ، يحتل مكاناً من المناهج الدراسية ، والنشاط المدرسي

ويقوم أصحاب التسجيل بتسجيل كميات هائلة منه للبيع والتوزيع ، حتى ملأ غالب البيوت

وأقبل على استماعه كثير من الشباب والشابات ، حتى شغل كثيراً من وقتهم ، وأصبح استماعه يزاحم تسجيلات القرآن الكريم ، والسنَّة النبوية ، والمحاضرات ، والدروس العلميَّة المفيدة " انتهى.

"البيان لأخطاء بعض الكتاب" ( ص 342 ) .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" أحسن ما يوصى به لعلاج القلب وقسوته العناية بالقرآن الكريم ، وتدبره والإكثار من تلاوته مع الإكثار من ذكر الله عز وجل ، فإن قراءة القرآن الكريم بالتدبر والإكثار من ذكر الله

وقول : سبحان الله والحمد الله ولا إله إلا الله والله أكبر ، وسبحان الله وبحمده

سبحان الله العظيم ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك ، وله الحمد ، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ، كل هذه من أسباب إزالة القسوة " انتهى .

"مجموع فتاوى ابن باز" (24 /388)

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" أسباب قسوة القلب : الإعراض عن الله عز وجل والبعد عن تلاوة القرآن واشتغال الإنسان بالدنيا وأن تكون الدنيا أكبر همه ولا يهتم بأمور دينه

لأن طاعة الله تعالى توجب لين القلب ورقته ورجوعه إلى الله تبارك وتعالى ، ودواء ذلك بالإقبال على الله والإنابة إليه وكثرة ذكره وكثرة قراءة القرآن وكثرة الطاعات بحسب المستطاع " انتهى .

"فتاوى نور على الدرب" - لابن عثيمين ( 12/171)

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء


و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-08-27 في 19:10.
رد مع اقتباس
قديم 2019-08-28, 19:06   رقم المشاركة : 73
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل للضيف أن يأخذ ضيافته ، إذا لم يقم بها المضيف ؟

السؤال

روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا ، فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم" . ( صحيح الجامع الصغير 1441)

ولدى سؤالان :

1) ما هي حقوق الضيف ؟.

2) إذا تم حرمان الضيف من هذه الحقوق فما هي الوسائل المشروعة لأخذ هذه الحقوق ؟

وأعني إلى أي حد يمكن للمرء المطالبة بحقوقه ؟.


الجواب

الحمد لله

أولا :

الضيافة من آداب الإسلام ، وخلق النبيين والصالحين ، وأمارة من أمارات صدق الإيمان .

ويكون الأدب مع الضيف بإكرامه بطلاقة الوجه ، وحسن اللقاء ، وطيب الكلام ، والإطعام ونحو ذلك ، مما جرى العرف عليه .

ويقدم له في أول يوم ينزله عنده أحسن ما يأكل منه هو وعياله ، ويجتهد في إتحافه ، وتقديم أحسن ما يجده له .
روى البخاري (6019) ومسلم (48) عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْعَدَوِيِّ رضي الله عنه قَالَ

: سَمِعَتْ أُذُنَايَ وَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ ) قَالَ : وَمَا جَائِزَتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟

قَالَ : ( يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ ، وَالضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ ، فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ ) .

قال الحافظ رحمه الله :

" قَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَاهُ أَنَّهُ إِذَا نَزَلَ بِهِ الضَّيْف أَنْ يُتْحِفهُ ، وَيَزِيدهُ فِي الْبِرّ عَلَى مَا بِحَضْرَتِهِ يَوْمًا وَلَيْلَة , وفي الْيَوْمَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ يُقَدِّم لَهُ مَا يَحْضُرهُ , فَإِذَا مَضَى الثَّلَاث فَقَدْ قَضَى حَقّه ، فَمَا زَادَ عَلَيْهِ مِمَّا يُقَدِّمهُ لَهُ يَكُون صَدَقَة " انتهى .

ثانيا :

ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الضِّيَافَةَ سُنَّةٌ ، وَمُدَّتُهَا ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ .

وَالرِّوَايَةُ الأُْخْرَى عَنْ أَحْمَدَ - وَهِيَ الْمَذْهَبُ - أَنَّهَا وَاجِبَةٌ ، وَمُدَّتُهَا يَوْمٌ لَيْلَةٌ ، وَالْكَمَال ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ . وَبِهَذَا يَقُول اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ .

"الموسوعة الفقهية" (28 / 316-317)

والقول بوجوب ضيافة يوم وليلة هو الراجح .

قال ابن قدامة رحمه الله :

" والواجب يوم وليلة ، والكمال ثلاثة أيام " انتهى .

وقال ابن القيم رحمه الله :

" إن للضيف حقّاً على مَن نزل به ، وهو ثلاث مراتب : حق واجب ، وتمام مستحب ، وصدقة من الصدقات

فالحق الواجب : يوم وليلة , وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم المراتب الثلاثة في الحديث المتفق على صحته من حديث أبي شريح الخزاعي " انتهى .

"زاد المعاد" (3/658) .

وقال الشوكاني رحمه الله :

" والحق وجوب الضيافة لأمور :

الأول : إباحة العقوبة بأخذ المال لمن ترك ذلك ، وهذا لا يكون في غير واجب .

والثاني : التأكد البالغ بجعل ذلك فرع الإيمان بالله واليوم الآخر يفيد أن فعل خلافه فعل من لا يؤمن بالله واليوم الآخر

ومعلوم أن فروع الإيمان مأمور بها ، ثم تعليق ذلك بالإكرام وهو أخص من الضيافة فهو دال على لزومها بالأولي .
والثالث

: قوله : ( فما كان وراء ذلك فهو صدقة ) فإنه صريح في أن ما قبل ذلك غير صدقة بل واجب شرعا .

قال الخطابي : يريد أن يتكلف له في اليوم الأول ما اتسع له من بر وألطاف ، ويقدم له في اليوم الثاني ما كان بحضرته ولا يزيد على عادته ، فما جاوز الثلاث فهو معروف وصدقة إن شاء فعل وإن شاء ترك " انتهى .

"نيل الأوطار" (9 / 30) .

ثالثا :

الضيف المقصود بالإكرام هو المسافر الذي يجتاز بغيره في الطريق ، وليس المراد به من كان من أهل البلد ، فذهب إلى بيت صاحبه .

واختلف أهل العلم القائلون بوجوب الضيافة ، هل هذا الوجوب على كل أحد ، أو هو خاص بحال دون حال .

قال ابن رجب رحمه الله :

" وقال حُميدُ بن زَنجويه : ليلةُ الضَّيف واجبةٌ ، وليس له أنْ يأخذَ قِراه منهم قهراً ، إلاَّ أنْ يكونَ مسافراً في مصالح المسلمين العامَّة دونَ مصلحة نفسه ...

ونقل عليُّ بن سعيدٍ ، عن أحمدَ ما يدلُّ على وجوب الضيافة للغُزاة خاصَّةً بمن مرُّوا بهم ثلاثةَ أيَّامٍ ، والمشهور عنه الأولُ ، وهو وجوبُها لكلِّ ضيفٍ نزلَ بقومٍ .

واختلف قوله : هل تجبُ على أهلِ الأمصار والقُرى ، أم تختصُّ بأهلِ القُرى ومَنْ كان على طريقٍ يمرُّ بهم المسافرون ؟ على روايتين منصوصتين عنه

"انتهى من "جامع العلوم" (142).

وينظر جواب السؤال القادم

ثالثا :

إذا ترك المضيف حق ضيفه عليه ، فلم يقدم له ما يحتاجه

فهل له أن يأخذ بقدر ضيافته بالمعروف ، ولو لم يأذنوا به ؟

إلى ذلك ذهب بعض أهل العلم القائلين بوجوب الضيافة ، وهي إحدى الروايتين عن الإمام أحمد

لأن الشرع قد جعل ذلك حقا له ، فإن لم يعطه المضيف طوعا ، كان له أن يأخذه قهرا ؛ إما بنفسه

أو عن طريق القضاء .

لما رواه أبو داود (3804) عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( وَأَيُّمَا رَجُلٍ ضَافَ قَوْمًا فَلَمْ يَقْرُوهُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُعْقِبَهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُ )

وروى الإمام أحمد (8725) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أَيُّمَا ضَيْفٍ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَأَصْبَحَ الضَّيْفُ مَحْرُومًا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِقَدْرِ قِرَاهُ وَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ ) .

صححه الألباني في "الصحيحة" (640) .

وروى البخاري (6137) ومسلم (1727) عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تَبْعَثُنَا فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ فَلَا يَقْرُونَنَا فَمَا تَرَى ؟

فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ ) .

قال الإمام أحمد رحمه الله :

" يعني أن يأخذ من أرضهم وزرعهم وضرعهم بقدر ما يكفيه بغير إذنهم "

انتهى . من "المغني" (9/343) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" الضيف إذا نزل بشخص وامتنع من ضيافته فإن للضيف أن يأخذ من ماله ما يكفيه لضيافته بالمعروف من غير علمه

لأن الحق في هذا ظاهر ؛ فإن الضيف إذا نزل بالشخص يجب عليه أن يضيفه يوما وليلة حقاً واجباً ، لا يحل له أن يتخلف عنه " انتهى .

"فتاوى نور على الدرب" (234 / 8) .

وذهب جمهور العلماء إلى أن الضيف لا يحل له أن يأخذ من مال مضيفه شيئا بغير إذنه

حتى ولو يقدم له ما ينبغي في ضيافته ، أو لم يضفه أصلا ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ ) رواه أحمد (20172) وصححه الألباني .

وهذا ظاهر على مذهب الجمهور الذين يرون الضيافة مكرمة ومستحبة ، ولا يرون وجوبها من حيث الأصل .

قال ابن عبد البر رحمه الله :

"وقد روى الربيع عن الشافعي أنه قال : الضيافة على أهل البادية والحاضرة حق واجب في مكارم الأخلاق

وقال مالك : ليس على أهل الحضر ضيافة .

وقال سحنون إنما الضيافة على أهل القرى وأما الحضر فالفندق ينزل فيه المسافر"

انتهى . من التمهيد(21/43) .

وأما على مذهب الإمام أحمد في وجوب الضيافة ، فقد سبق النقل ـ في رواية عنه ـ أن ذلك خاص بالغزاة في سبيل الله فقط ، وأما غيرهم فلا يأخذ إلا ما أعطاه المضيف .

قال ابن قدامة رحمه الله :

" قَالَ الْأَثْرَمُ : سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُسْأَلُ عَنْ الضِّيَافَةِ , أَيَّ شَيْءٍ تَذْهَبُ فِيهَا ؟ قَالَ هِيَ مُؤَكَّدَةٌ , وَكَأَنَّهَا عَلَى أَهْلِ الطُّرُقِ وَالْقُرَى الَّذِينَ يَمُرُّ بِهِمْ النَّاسُ أَوْكَدُ , فَأَمَّا مِثْلُنَا الْآنَ , فَكَأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلَ أُولَئِكَ "

انتهى . من "المغني" (9/343) .

والخلاصة :

أنه حق الضيف واجب في الأظهر ، على ما سبق ، وأما إذا امتنع مضيفه من حقه ، فقد اختلف أهل العلم : هل له أن يأخذ حقه منه قهرا ، كما هو ظاهر الأحاديث السابقة ، أو لا يحل له ذلك ؟

والأحوط ألا يأخذ شيئا منه قهرا ، لقوة الخلاف فيه ، واحتمال خصوصية الأخذ قهرا ببعض الأحوال ، كالمضطر إلى الضيافة ، أو نحو ذلك .

وينظر : "فتح الباري" ، لابن حجر (5/108)

"استيفاء الحقوق من غير قضاء" للدكتور فهد اليحي (148-153) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2019-08-28, 19:10   رقم المشاركة : 74
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

من هو الضيف الذي يجب إكرامه؟

السؤال

من هو الضيف الذي يجب إكرامه ؟

هل إذا زارني أحد أصحابي أو جيراني يكون ضيفا؟

ويكون له حق الضيف ؟


الجواب

الحمد لله

يجب على المضيف أن يكرم ضيفه ، ويقوم بحقه ، ويدل على ذلك :

ما جاء في الحديث عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزاعِي رضي الله عنه قَالَ :

سَمِعَتْ أُذُنَايَ وَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ) قَالَ

: وَمَا جَائِزَتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : ( يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ ، وَالضِّيَافَةُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ ، فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهْوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ) رواه البخاري (5673) ومسلم (48) .

وفي لفظ لمسلم (48) : (الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ ، وَجَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ) .

قال الخطابي رحمه الله :

قوله : (جائزته يوم وليلة) سئل مالك بن أنس عنه فقال : يُكرمه ، ويتحفه ، ويخصه ، ويحفظه ، يوماً وليلة ، وثلاثة أيام ضيافة .

قلت : يريد أنه يتكلف له في اليوم الأول بما اتسع له من بِر ، وألطاف

ويقدِّم له في اليوم الثاني والثالث ما كان بحضرته ، ولا يزيد على عادته ، وما كان بعد الثلاث : فهو صدقة ، ومعروف ، إن شاء فعل ، وإن شاء ترك .

"معالم السنن" (4/238) .

وقال ابن القيم رحمه الله :

إن للضيف حقّاً على مَن نزل به ، وهو ثلاث مراتب : حق واجب ، وتمام مستحب ، وصدقة من الصدقات ، فالحق الواجب : يوم وليلة ,

وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم المراتب الثلاثة في الحديث المتفق على صحته من حديث أبي شريح الخزاعي – وساق الحديث السابق - .

"زاد المعاد" (3/658) .

وقال ابن قدامة رحمه الله :

"والواجب يوم ليلة ، والكمال ثلاثة أيام ؛ لما روى أبو شريح الخزاعي - وساق الحديث -" انتهى.

"المغني" (11/91) .

والضيف الذي يجب إكرامه ، وله حق على المضيف ، هو الضيف المسافر ، وهو القادم من بلد آخر .

فيجب على من ينزل عليه أن يطعمه ويكرمه ، فإن لم يفعل فله حق في ماله

وهذا لا ينطبق على الزائر من البلد نفسه ، وليس قادماً من السفر ، فهذا يمكن أن تقول له : "ارجع"

كما قال تعالى : (وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) النور/28 .

ومما يدل على ما قلناه : ما يوجد في بعض الأحاديث من التصريح بذلك ، وأن الحق للضيف إنما هو للمسافر ، وليس للمقيم ، ومنه :

عن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قال : قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ : إنَّك تَبْعَثُنَا فَنَمُرُّ بِقَوْمٍ لَا يَقْرُونَنَا [أي لا يقدموا لنا حق الضيف] ، فَمَاذَا تَرَى ؟

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : (إِنْ أَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ) رواه البخاري (2329) ومسلم (1727) .

وقد اختلف العلماء في حكم الضيافة ، وعلى من تجب

ففي "الموسوعة الفقهية" (28/316 ، 317) :

"وقد ذهب الحنفية والمالكية والشافعية إلى أن الضيافة سنَّة ، ومدتها ثلاثة أيام ، وهو رواية عن أحمد .

والرواية الأخرى عن أحمد - وهي المذهب - أنها واجبة ، ومدتها يوم ليلة ، والكمال ثلاثة أيام . وبهذا يقول الليث بن سعد .

ويرى المالكية وجوب الضيافة في حالة المجتاز الذي ليس عنده ما يبلغه ويخاف الهلاك .

والضيافة على أهل القرى والحضر ، إلا ما جاء عن الإمام مالك ، والإمام أحمد - في رواية - أنه ليس على أهل الحضر ضيافة

وقال سحنون : الضيافة على أهل القرى ، وأما أهل الحضر فإن المسافر إذا قدم الحضر وجد نزلاً - وهو الفندق - فيتأكد الندب إليها ولا يتعين على أهل الحضر تعينها . انتهى

والراجح – والله أعلم – أن ضيافة المسافر المجتاز – لا المقيم - واجبة ، وأن وجوبها على أهل القرى ، والأمصار ، دون تفريق .

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في شرح قول الحجاوي رحمه الله :

"وَتَجِبُ ضِيَافَةُ المُسْلِمِ الْمُجْتَازِ بِهِ فِي الْقُرَى يَوْماً وَلَيْلَةً" .

قال : قوله : " وتجب ضيافة المسلم " : " تجب " هذا بيان حكم الضيافة ، والضيافة أن يَتلقَّى الإنسان مَن قدم إليه ، فيكرمه ، وينزله بيته ، ويقدم له الأكل

وهي من محاسن الدين الإسلامي ، وقد سبقنا إليها إبراهيم عليه الصلاة والسلام

كما قال الله تعالى : ( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ ) الذاريات/ 24 ، أي : الذين أكرمهم إبراهيم ، ولا يمتنع أن يقال : والذين أكرمهم الله عزّ وجل بكونهم ملائكة .

فحكم الضيافة واجب ، وإكرام الضيف - أيضاً – واجب ، وهو أمر زائد على مطلق الضيافة

قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ) ، أي : من كان يؤمن إيماناً كاملاً : فليكرم ضيفه .

... .

قوله : " المجتاز به " يعني : الذي مرَّ بك وهو مسافر ، وأما المقيم : فإنه ليس له حق ضيافة ، ولو كان المقيم له حق الضيافة : لكان ما أكثر المقيمين الذين يقرعون الأبواب ! فلا بد أن يكون مجتازاً

أي : مسافراً ومارّاً ، حتى لو كان مسافراً مقيماً يومين ، أو ثلاثة ، أو أكثر : فلا حق له في ذلك ، بل لا بد أن يكون مجتازاً .

قوله : " في القرى " دون الأمصار ، والقرى : البلاد الصغيرة ، والأمصار : البلاد الكبيرة ، قالوا : لأن القرى هي مظنة الحاجة ، والأمصار بلاد كبيرة فيها مطاعم ، وفنادق ، وأشياء يستغني بها الإنسان عن الضيافة

وهذا - أيضاً - خلاف القول الصحيح ؛ لأن الحديث عامّ ، وكم من إنسان يأتي إلى الأمصار وفيها الفنادق ، وفيها المطاعم ، وفيها كل شيء

لكن يكرهها ويربأ بنفسه أن يذهب إليها ، فينزل ضيفاً على صديق ، أو على إنسان معروف ، فلو نزل بك ضيف - ولو في الأمصار - : فالصحيح : الوجوب .

"الشرح الممتع على زاد المستقنع" (15/48 – 51) باختصار .

وأما الزائر من البلد نفسه فلا شك أن إطعامه وإكرامه يدخل في عموم الأمر بإطعام الطعام والإحسان إلى الناس ، ولكنه ليس هو الضيف الذي أوجب النبي صلى الله عليه وسلم إكرامه ، وجعل له حقاً في مال المضيف .

والله أعلم


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء


و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-08-28 في 19:11.
رد مع اقتباس
قديم 2019-09-06, 15:45   رقم المشاركة : 75
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



ماذا تعني ثقة المسلم بنفسه وهل تتعارض مع حاجته لربه تعالى ؟


السؤال

كيف يمكن لمسلم ليس لديه ثقة بنفسه أن يزيد من ثقته بنفسه ؟

لقد حاول أن يعمل أموراً عديدة ولكنه لم يتغلب على عصبيته أثناء الكلام مع الناس .


الجواب

الحمد لله

أولاً:

الثقة بالنفس أمرٌ مكتسب يحتاج المسلم أن يتعرف على طرق تحصيله ليكون من أهله ، ولكن ينبغي عليه أولاً : التفريق بين الثقة بالنفس ، والغرور ، فالثقة بالنفس تعني الشعور بما وهبك الله إياه من الصفات الحسنة

والعمل من خلالها على ما ينفعك ، فإن أسأت استعمالها أصابك الغرور والعُجب ، وهما مرضان مهلكان

وإن أنت أنكرتَ تلك النعم التي أنعمها عليك ، والصفات الحسنة التي وهبك الله إياها : أصابك الكسل ، والخمول ، وخيبت نفسك ، وأضعت نعم الله عز وجل عليك

. قال الله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ) الشمس /9-10

كما يجدر التنبيه على مسألة مهمة ، وهي أن ثقة المسلم بنفسه لا تعني عدم حاجته لربه تعالى ليوفقه ويسدده

ولا تعني - كذلك - عدم حاجته لإخوانه ولعامة الناس ، لينصحوه ، ويرشدوه ، وهذا الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ربه تعالى به ، وهو " أن لا يكِلَه لنفسه ، ولو طرفة عيْن " ! .

عَنْ أبي بَكرة قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

: ( دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ) رواه أبو داود ( 5090 ) وحسَّنه الألباني في " صحيح أبي داود " .

ورواه النسائي ( 10405 ) من حديث أنس ، وحسَّنه الألباني في " صحيح النسائي " : أنه يقال في الصباح والمساء .

سئل الشيخ العثيمين – رحمه الله - :

ما حكم قول " فلان واثق من نفسه " ، أو " فلان عنده ثقة بنفسه " ؟ وهل هذا يعارض الدعاء الوارد ( ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ) ؟ .

فأجاب :

لا حرج في هذا ؛ لأن مراد القائل " فلان واثق من نفسه " : التأكيد ، يعني : أنه متأكد من هذا الشيء ، وجازم به ، ولا ريب أن الإنسان يكون نسبة الأشياء إليه أحياناً على سبيل اليقين

وأحياناً على سبيل الظن الغالب ، وأحيانا على وجه الشك والتردد ، وأحياناً على وجه المرجوح ، إذا قال " أنا واثق من كذا " ، أو " أنا واثق من نفسي " ، أو " فلان واثق من نفسه "

أو " واثق مما يقول " المراد به أنه متيقن من هذا ولا حرج فيه ، ولا يعارض هذا الدعاء المشهور ( ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ) ؛ لأن الإنسان يثق من نفسه بالله ، وبما أعطاه الله عز وجل من علم ، أو قدرة ، أو ما أشبه ذلك .

" فتاوى إسلامية " ( 4 / 480 ) .

وهذا يؤكد عظيم حاجة العبد لربه تعالى ، فالعبد جاهل ، وربه تعالى العليم ، والعبد فقير ، وربه تعالى الغني ، والعبد ضعيف ، وربه تعالى القوي ، والعبد عاجز ، وربه تعالى القادر .

قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) فاطر/ 15 .

فالأمر ـ إذا ـ بين أمرين ، فلا هو العجب بالنفس ، والغفلة عن الله ، ولا هو الضعف والتردد والتواني وخيبة النفس ؛ بل هو قوة في العمل ، ومضاء في الأمور ، مع استعانة بالله عز وجل

وتوكل عليه ؛ وإلى هذا المقام الشريف يشير قول النبي صلى الله عليه وسلم :

( الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ )

. رواه مسلم (2664) من حديث أبي هريرة .

قال ابن القيم رحمه الله :

" فتضمن هذا الحديث الشريف أصولا عظيمة من أصول الإيمان :

أحدها : أن الله سبحانه وتعالى موصوف بالمحبة ، وأنه يحب حقيقة .

الثاني : أنه يحب مقتضى أسمائه وصفاته وما يوافقها ؛ فهو القوي ويحب المؤمن القوي

وهو وتر يحب الوتر ، وجميل يحب الجمال ، وعليم يحب العلماء ، ونظيف يحب النظافة ، ومؤمن يحب المؤمنين ، ومحسن يحب المحسنين ، وصابر يحب الصابرين ، وشاكر يحب الشاكرين .

ومنها : أن محبته للمؤمنين تتفاضل فيحب بعضهم أكثر من بعض

ومنها : أن سعادة الإنسان في حرصه على ما ينفعه في معاشه ومعاده ، والحرص هو بذل الجهد واستفراغ الوسع ، فإذا صادف ما ينتفع به الحريص : كان حرصه محمودا

وكماله كله في مجموع هذين الأمرين : أن يكون حريصا ، وأن يكون حرصه على ما ينتفع به

فإن حرص على مالا ينفعه ، أو فعل ما ينفعه بغير حرص : فاته من الكمال بحسب ما فاته من ذلك ؛فالخير كله في الحرص على ما ينفع.

ولما كان حرص الإنسان وفعله إنما هو بمعونة الله ومشيئته وتوفيقه : أمره أن يستعين به

ليجتمع له مقام إياك نعبد وإياك نستعين ؛ فإن حرصه على ما ينفعه عبادة لله ، ولا تتم إلا بمعونته ؛ فأمره بأن يعبده وأن يستعين به .

ثم قال : " ولا تعجز" ؛ فإن العجز ينافي حرصه على ما ينفعه ، وينافي استعانته بالله ؛ فالحريص على ما ينفعه المستعين بالله ضد العاجز ؛ فهذا إرشاد له قبل وقوع المقدور إلى ما هو من أعظم أسباب حصوله

وهو الحرص عليه مع الاستعانة بمن أَزِمَّة الأمور بيده ، ومصدرها منه ، ومردها إليه .

فإن فاته ما لم يُقَدَّرْ له : فله حالتان : حالة عجز ، وهي مفتاح عمل الشيطان ؛ فيلقيه العجز إلى " لو "

ولا فائدة في لو ههنا ، بل هي مفتاح اللوم والجزع والسخط والأسف والحزن

وذلك كله من عمل الشيطان ؛ فنهاه صلى الله عليه و سلم عن افتتاح عمله بهذا المفتاح ، وأمره بالحالة الثانية ، وهي : النظر إلى القدر وملاحظته

وأنه لو قُدر له لم يفُت ولم يغلبه عليه أحد ، فلم يبق له ههنا أنفع من شهود القدر ومشيئة الرب النافذة التي توجب وجود المقدور ، وإذا انتفت امتنع وجوده

فلهذا قال : فإن غلبك أمر فلا تقل : لو أني فعلت لكان كذا ، ولكن قل : قدر الله وما شاء فعل ؛ فأرشده إلى ما ينفعه في الحالتين : حالة حصول مطلوبه

وحالة فواته ؛ فلهذا كان هذا الحديث مما لا يستغني عنه العبد أبدا ، بل هو أشد شيء إليه ضرورة ، وهو يتضمن إثبات القدر ، والكسب والاختيار ، والقيام والعبودية ظاهرا وباطنا

في حالتي حصول المطلوب وعدمه ، وبالله التوفيق . "

انتهى كلامه رحمه الله . من شفاء العليل (18-19) .

ومن هنا ـ أيضا ـ كانت حاجة العبد للاستخارة ، والتي يعترف بها بحقيقة الأمر فيما يتعلق به

وبربه تعالى ، وفي أول دعاء الاستخارة يقول العبد " اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ "

ثانياً:

مما نراه يزيد من ثقة المسلم بنفسه :

1. ثقته بربه تعالى ، وحسن التوكل عليه ، وطلب النصرة والتأييد منه ، فالمسلم لا غنى له عن ربِّه تعالى ،

وكما ذكرنا فإن الثقة بالنفس أمر مكتسب ، ويحتاج المسلم من ربه تعالى التسديد ، والتوفيق ، وكلما كانت ثقته بربه أكثر كانت ثقته بنفسه في أعلى درجاتها .

ولما فرَّ موسى وقومه من فرعون وجنوده وتراءى الجمعان رأينا عظيم ثقة موسى بربه تعالى

قال تعالى : ( فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ . قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ) الشعراء/ 61 ، 62 .

2. البحث عن جوانب القوة في النفس ، فيزيدها ، وجوانب الإتقان فينميها ، وجوانب الضعف والنقص فيعالجها .

وحتى تتعزز الثقة بالنفس لا بدَّ من النظر بعين الثقة لما وهبك الله تعالى إياه من صفات وأفعال متقنة

حتى يكون ذلك دافعاً لك لتعزيز ثقتك بنفسك ، وأما جوانب الضعف فإن عليك إصلاح حالها ، وجعلها في مصاف الطبقة الأولى من حيث قوتها وإتقانها .

3. ومن المهم جدّاً للمسلم الذي يبحث عن وسائل تقوية الثقة بنفسه : أن لا يردد كلمات الإحباط ، مثل أنه ليس عنده ثقة بنفسه ، أو أنه لا يكاد يوفَّق في عمل .

4. وعلى المسلم وضع أهداف محددة في حياته ، ومراجعة نتائجها أولاً بأول ؛ لأن الواثق بنفسه يرى أهدافه محققة ، فقد أحسن التخطيط ، ووهبه ربه حسن النتائج .

5. وليحرص المسلم على الصحبة الصالحة ؛ لأنها تقوي مظاهر النجاح عنده وتَفرح له

وتشجعه على بذل المزيد من العمل ، والصحبة الصالحة لا تتغاضى عن جوانب الضعف عند صاحبها ، بل تدله على سلوك الطريق الأفضل ، فصارت الصحبة الصالحة من عوامل نجاح ثقة المسلم بنفسه .

6. عدم الانشغال بالتجارب القاسية السابقة ، ومحطات الفشل الماضية ؛ لأن من شأن ذلك أن يحبط على المسلم العمل ، ويزدري بذلك جوانب النجاح عنده ، وهذا ما لا يريد المسلم لنفسه .

ثالثاً:

ضبط المسلم لتصرفاته وأفعاله أمرٌ بإمكانه فعله ، وفي وسعه تقويمه ، ومن ذلك : خلق الغضب ، فليثق المسلم بنفسه أنه قادر بتوفيق ربه أن يتخلص من شرِّ الغضب وسوئه ، وأن يعمل على إصلاح نفسه وتهذيبها

وتربيتها على الالتزام بشرع الله تعالى ، وهذا أمر في غاية اليسر والسهولة على من أراد تحقيقه في أرض واقعه ، بشرط أن يكون عنده من الهمة الشيء الكثير ليتم له ما أراد من تهذيب نفسه ، وتزكيتها .

وليس على الراغب بالتخلص من الغضب إلا أن يبادر للعمل ، فهو ما ينقصنا بحق

وأما الكلام فكثير ، وأما العمل فقليل ، فليبادر المسلم الراغب بتزكية نفسه ، وتهذيبها إلى العمل ، وإلى تنفيذ ما أمره به ربه ، والانتهاء عما نهاه عنه ، فبذلك يكون من المفلحين إن شاء الله .

ولا تك ممَّن يُغلقُ الباب دونه
عليه بمغلاق من العجز مقفلِ

وَما المَرءُ إِلّا حَيثُ يَجعَلُ نَفسَهُ
فَفي صالِح الأَعمالِ نَفسكَ فَاِجعَلِ

وفي جواب السؤال القادم

ذكرنا كيف يربي المسلم نفسه ، فلينظر .

والله أعلم









رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 16:27

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc