الإيمان بالكتب السماويه - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الإيمان بالكتب السماويه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-03-20, 06:14   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة الإيمان بالكتب السماويه

اخوة الاسلام


السلام عليكم ورحمه الله وبكاته


الإيمان بالكتب السماويه



أنزل الله عز وجل كتبه هداية للعباد، وجعل لها المنزلة السامية، والمكانة الرفيعة، وجعل الإيمان بها ركناً من أركان دينه، لا يصح إيمان العبد إلا بالإيمان بها.

وقد رتب سبحانه على الإيمان بكتبه ثمرات عظيمة، لعل من أهمها السعادة في الدنيا والفوز في الآخرة، ذلك أنَّ من لم يؤمن بتلك الكتب فقد خالف أمر الله تعالى، وضل ضلالا بعيداً، قال تعالى: { ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا } ( النساء:136) فقد قرن سبحانه الإيمان بكتبه بالإيمان به، وجعل عاقبة الكفران بها كعاقبة الكفران به، سواء بسواء
.


ومن ثمرات الإيمان بالكتب السماوية استشعار المسلم لنعم الله عليه

وآلاءه التي لا تعد ولا تحصى، فقد جعل له كتباً تهديه سبل الرشاد، فلم يتركه سبحانه هملاً تتخطفه الأهواء والشهوات، وتتقاذفه الميول والرغبات، بل هيأ له من الأسباب ما يصلح أمره ويسدد وجهته. ولن يقدِّر العبد ما أسبغ الله عليه من نعمة الإيمان به، وما يتبعه من إيمان بما أنزله من كتب إلا عندما يتأمل حال من حُرم هذه النعم

وحال من كان يحيا حياة الغي والضلال، لا يدري الهدف من سيره، وما هي الغاية التي يسعى إليها من مسيره، قال تعالى: { أفمن يمشي مكباً على وجهه أهدى أمن يمشي سوياً على صراط مستقيم } (الملك:22) وقال أيضاً في حق الضالين عن هديه: { أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون }( الأعراف:179
).


ومن ثمرات الإيمان بالكتب السماوية - علاوة على ما ذكر

- أنه يمنح المؤمن الشعور بالراحة والطمأنينة، وذلك بمعرفته أن الله سبحانه قد أنزل على كل قوم من الشرائع ما يناسب حالهم، ويحقق حاجتهم، ويهديهم لما فيه صلاح أمرهم في الدنيا والآخرة، قال تعالى:{ لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا } (المائدة: 48)، فإذا كان المؤمن على بينة من هذه السنة الإلهية ازداد إيماناً مع إيمانه، ويقيناً فوق يقينه، فيزداد حباً لربه ومعرفة له وتعظيماً لقدره

فتنطلق جوارحه عاملة بأوامر الله فتتحقق الغاية العظيمة من الإيمان بالكتب - وهي العمل بما فيها - فينال ثمرة هذا الإيمان سعادة في الدنيا وفوزاً في الآخرة، وقد وعد الله عز وجل العاملين بشرعه الخير والبركات في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: { ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض }(الأعراف:96) وقال أيضاً: { ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون }(المائدة:66).

هذه بعض فوائد الإيمان بالكتب السماوية، وهي فوائد عظيمة وجليلة. ولا ريب أن للإيمان بالكتب السماوية فوائد أخرى لم نأتِ على ذكرها، لكن يمكن أن يستشعرها كل من أمعن النظر وعاش تجربة الإيمان بها
.


.....

أركان الايمان بشكل عام

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2134391

الإيمان بالله

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2134558

الإيمان بالملائكه

https://www.djelfa.info/vb/showthrea...post3997428968

مجمل الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2134705

عذاب القبر ونعيمه

https://www.djelfa.info/vb/showthrea...post3997430760

و اخيرا

اسالكم الدعاء بظهر الغيب








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-03-20, 06:17   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

في كتاب "الزمرد" لابن الراوندي ذكر فيه أن العرب عجزوا عن الإتيان بمثل هذا القرآن بسبب انشغالهم بالقتال ، أرجو الرد علي هذه الشبهة ، مع وضع أدلة قاطعة علي نبوة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم ، مع استخدام ألفاظ سهلة .

الجواب :


الحمد لله

أولًا:

سنقدم بين يدي الجواب ملخصًا، لإثبات أن القرآن من الله سبحانه، وقد قمنا بتلخيص هذه الأوجه، من كتاب النبأ العظيم، للدكتور محمد عبدالله دراز رحمه الله .

وقد أخبر القرآن عن مصدره، لكننا سننطلق في الإجابة عن هذا السؤال، بذكر الحجج التي يمكننا أن نصل عبرها للإيمان بأن الله تعالى هو مصدر هذا الكتاب المجيد .

الحجة الأولى: حجة الإقرار .

لقد أقر محمد صلى الله عليه وسلم أن القرآن الذي جاء به ليس من كلامه، وإنما هو وحي أوحاه الله إليه، ونحن نعلم أنه لم يكن لينسب هذا الكلام الذي عجز العرب عن مجاراته ليستجلب مزيدًا من الأتباع، فقد جاء الأمر في القرآن باتباعه، ونعلم أيضًا أن شواهد أحواله، ومعرفتنا بصدقه قبل البعثة، أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس، ويكذب على الله .

الحجة الثانية: أمية النبي صلى الله عليه وسلم .

لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ممن يرجع بنفسه لكتب العلم ودواوينه، ومن المتفق عليه : كونه صلى الله عليه وسلم لم يكن يمارس القراءة والكتابة قبل بعثته.

ولا يمكن أن يكون القرآن من استنباط النبي بالذكاء الفطري الذي كان يتمتع به، لأن القرآن قد احتوى على ما لا يمكن أن يستنبط بالعقل ولا بالتفكير، وفيه أيضًا ما لا يدرك بالوجدان ولا بالشعور، كالوقائع التاريخية، والحقائق الدينية الغيبية، والتي جاءت في القرآن بصورة مفصلة، والإخبار بالأمور المستقبلية، والتي وقعت كما أخبر .

الحجة الثالثة: عدم أخذ القرآن عن معلم .

لا يمكن أن يكون القرآن قد أخذ عن معلم، لأن قوم النبي صلى الله عليه وسلم كانوا من الجهل بحيث لا يمكن أن يكون أحدهم معلمًا لمحمد .

ولو فرضنا أن فيهم من يصلح لذلك، فلِمَ لم يأخذوا عنه ، كما أخذ محمد ، بدلًا من مقارعته بالسيوف ؟!

ومن المستحيل أن يكون القرآن قد أخذ عن اليهود والنصارى، ولينظر قائل تلك المقالة إلى حديث القرآن عن أهل الكتاب، وذكره لهم، وكيف يصور القرآن علومهم بأنها الجهالات، وعقائدهم بأنها الخرافات، وأعمالهم بأنها الجرائم والمنكرات .

وفي القرآن ما لا يوجد في كتب أهل الكتاب، كقصة هود وشعيب عليهما السلام، فمن أين أتى بها ؟!

ولا يمكن أن يكون القرآن قد أُخذ عن شعر بعض العرب، كأمية بن أبي الصلت وغيره، لأن القرآن نفى أن يكون شعرًا، ولأن في الشعر ما لا يوجد في القرآن، كوصف الخمر، ونحوها، ولأن العرب لم يدع أحد منهم أن القرآن مسروق أو منحول من الشعر الموجود في ذلك العصر ، أيًا كان قائله .

الحجة الرابعة: التحدي وعجز العرب .

لقد تحدى القرآن العرب، وكرر التحدي عليهم أن يأتوا بمثل القرآن، وظل يتدرج بهم إلى أن وصل أن يأتوا بسور من مثل القرآن، فعجزوا .

أفإن كان القرآن من كلام محمد، فلم عجزت العرب عنه ؟!

إن أحدًا منهم لم يستطع أن يجاريه، ولا أن يطعن في عربيته، ولذا: فإن أي طعن يوجه للقرآن من جهة عربيته ، من طاعن متأخر عن أبي جهل، وأبي لهب ، وأضرابهما : فاعلم أنه باطل في ذاته؛ إذ لو كان صحيحًا لما غفل عنه هؤلاء الأعداء، وهم أبصر الناس باللغة، وأحرصهم على الطعن في القرآن .

الحجة الخامسة: ظاهرة الوحي .

لم يكن الوحي حالة اختيارية تعتري محمدًا صلى الله عليه، بل كان حالة غير اختيارية، وهذا - لمن يؤمن بالغيب - دليل على كون القرآن من عند الله، فقوة الوحي قوة خارجية، لأنها تتصل بنفس محمد حينًا بعد حين، وهي قوة عالمة، وهي قوة أعلى من قوته، لأنها تحدث آثارًا في بدنه، وهي قوة خيرة معصومة، لا توحي إليه إلا الحق، فماذا عسى أن تكون تلك القوة إن لم تكن قوة ملك كريم ؟!

ولم يكن الوحي يعكس شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم، ففي أكثر الأوقات لا يذكر عنه شيئًا، وتأمل - مثلًا -: حين مات عمه أبو طالب، وزوجته خديجة، وحزن لذلك حزنًا شديدًا، ومع ذلك لم يشر الوحي إلى ذلك .

بل نجد في الوحي آيات اللوم والعتاب له عليه الصلاة والسلام .

الحجة السادسة: إعجاز القرآن .

لقد جاء القرآن نموذجًا لا يبارى في الأدب العربي، إنه المثل الأعلى لما يمكن أن يسمى أدبًا بوجه عام، فلغته تأخذ بالقلوب، وتفحم بالحجة، وتجلب السرور الهادئ لا الصاخب .

1- لغة القرآن مادة صوتية، تبعد عن طراوة لغة أهل الحضر، وخشونة لغة أهل البادية، إنها تجمع بين رقة الأولى، وجزالة الثانية .

2- إنها ترتيب في مقاطع الكلمات ، في نظام أكثر تماسكًا من النثر، وأقل نظمًا من الشعر .

3-كلماته منتقاة، لا توصف بالغريب إلا نادرًا، تمتاز بالإيجاز العجيب، والنقاء في التعبير .

4- إنه أسلوب يجمع بين العقل والعاطفة على رغم ما بينهما من تباعد .

5- وهو في وحدة سوره، وترتيبها، وتناسق أجزائها : آية ؛ وأي آية ! .

ثانيًا:

لا يصح القول : إن العرب انصرفت هممهم عن معارضة القرآن، لأمور:

1- لأن الأسباب الباعثة على المعارضة كانت موفورة متضافرة، سيما مع استثارة حميتهم، والدعوة التي تكررت لهذه المعارضة، ولهي أهون عليهم مما قاموا به .

2- أن العرب قعدوا حتى عن تجربة المعارضة، ولم يشرع منهم إلا أقلهم عددًا، وأسفههم رأيًا، إذًا: فلقد كانوا في غنى بهذا العلم الضروري عن طلب الدليل عليه بالمحاولات والتجارب .

لقد كان القرآن نفسه مثار عجبهم وإعجابهم، ولقد كانوا يخرون سجدًا لسماعه .

يقول الدكتور دراز: " الشبهة الثالثة : شبهة القائل بأن عدم معارضة العرب لأسلوب القرآن ، ربما كان بسبب انصرافهم ، لا بسبب عجزهم:

فإن قال لنا: نعم، قد علمتُ أنه لم يأتِ أحد بشيء في معارضة القرآن، ولكن ليس كل ما لم يفعله الناس ، يكون خارجًا عن حدود قدرتهم، فربما ترك الإنسان فعلًا هو من جنس أفعاله الاختيارية :

لعدم قيام الأسباب التي من شأنها أن تبعث عليه .

أو لأن صارفًا إلهيًّا ثبط همته ، وصرف إرادته عنه ، مع توافر الأسباب الداعية إليه .

أو لأن عارضًا فجائيًّا عطَّل آلاته ، وعاق قدرته عن إحداث ذلك الفعل ، بعد توجه إرادته نحوه .

فعلى الفرضين الأولين : يكون عدم معارضة القرآن : قلة اكتراث بشأنه ، لا عجزًا عن الإتيان بمثله، وعلى الفرض الأخير يكون تركه عجزًا عنه حقًّا، لكن ليس لمانع فيه من جهة علو طبقته عن مستوى القدرة البشرية، بل لمانع خارجي ، هو حماية القدرة العليا له، وصيانتها إياه عن معارضة المعارضين، ولو أزيل هذا المانع لجاء الناس بمثله.

= قلنا له:

هذه الفروض كلها لا تنطبق على موضوعنا بحال :

أما الأول: فإن الأسباب الباعثة على المعارضة ، كانت موفورة متضافرة، وأي شيء أقوى في استثارة حمية خصمك من ذلك التقريع البليغ المتكرر الذي توجهه إليه ، معلنًا فيه عجزه عن مضاهاة عملك؟

إن هذا التحدي كافٍ وحده في إثارة حفيظة الجبان ، وإشعال همته للدفاع عن نفسه بما تبلغه طاقته ؛ فكيف لو كان الذي تتحداه مجبولًا على الأنفة والحمية؟ وكيف لو كان العمل الذي تتحداه به هو صناعته التي بها يفاخر، والتي هو فيها المدرب الماهر؟ وكيف لو كنت مع ذلك ترميه بسفاهة الرأي وضلال الطريق؟ وكيف لو كنت تبتغي من وراء هذه الحرب الجدلية هدم عقائده، ومحو عوائده وقطع الصلة بين ماضيه ومستقبله؟

وأما الثاني: فإن هذه الأسباب قد رأيناها آتت بالفعل ثمراتها، وأيقظت همم المعارضين إلى أبعد حدودها. حتى كان أمر محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والقرآن هو شغلهم الشاغل، وهمهم الناصب، فلم يَدَعُوا وسيلة من الوسائل لمقاومته ، باللطف ، أو بالعنف ؛ إلا استنبطوها ، وتذرعوا بها:

أيخادعونه عن دينه ليلين لهم ، ويركن قليلًا إلى دينهم ؟

أم يساومونه بالمال والملك ليكف عن دعوته ؟

أم يتواصون بمقاطعته، وبحبس الزاد عنه وعن عشيرته الأقربين، حتى يموتوا جوعًا أو يُسلموه ؟

أم يمنعون صوت القرآن أن يخرج من دور المسلمين ، خشية أن يسمعه أحد من أبنائهم ؟

أم يلقون فيه الشبهات والمطاعن ؟

أم يتهمون صاحبه بالسحر والجنون، ليصدوا عنه من لا يعرفه من القبائل القادمة في المواسم؟

أم يمكرون به ، ليثبتوه أو يقتلوه أو يخرجوه ؟

أم يخاطرون بمهجهم وأموالهم وأهليهم في محاربته ؟

= أفكان هذا كله تشاغلًا عن القرآن ، وقلة عناية بشأنه ؟!

ثم لماذا كل هذا ، وهو قد دلهم على أن الطريق الوحيد لإسكاته : هو أن يجيئوه بكلام مثل الذي جاءهم به؟

ألم يكن ذلك أقرب إليهم ، وأبقى عليهم ، لو كان أمره في يدهم؟

ولكنهم طرقوا الأبواب كلها ؛ إلا هذا الباب، وكان القتل والأسر والفقر والذل ؛ كل أولئك أهون عليهم من ركوب هذا الطريق الوعر ، الذي دلهم عليه !!

فأي شيء يكون العجز ؛ إن لم يكن هذا هو العجز ؟!

لا ريب أن هذه الحملات كلها لم تكن موجهة إلى شخص النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه، فقد كانوا من قبلُ تعطفهم عليهم أرحامهم، وتحببهم إليهم مكارم أخلاقهم.

كما أنها لم تكن موجهة إلى القرآن في الصدور ، ولا في داخل البيوت؛ فقد قبلوا منهم أن يعبد كل امرئ ربه في بيته كيف يشاء.

إنما كانت مصوبة إلى هدف واحد، ومقاومة لخطر واحد، هو إعلان هذا القرآن ، ونشره بين العرب !!

ولا يهجسنَّ في رُوعك أنهم ما نقموا من الإعلان بالقرآن ، إلا أنه دعوة جديدة ، إلى دين جديد فحسب !!

كلا ؛ فقد كان في العرب حنفاء ، من فحول الخطباء والشعراء؛ كقُس بن ساعدة، وأمية بن أبي الصلت، وغيرهما، وكانت خطبهم وأشعارهم مشحونة بالدعوة إلى ما دعا إليه القرآن من دين الفطرة ؛ فما بالهم قد أهمهم من أمر محمد وقرآنه ما لم يعنهم من أمر غيره؟

ما ذاك إلا أنهم وجدوا له شأنًا آخر ، لا يشبه شأن الناس .

وأنهم أحسوا في قرآنه قوةً غلّابة ، وتيارًا جارفًا ، يريد أن يبسط سلطانه ، حيث يصل صدى صوته .

وأنهم لم يجدوا سبيلًا لمقاومته ، عن طريق المعارضة الكلامية التي هي هجيراهم، والتي هي الطريق المباشر الذي تحداهم به، فلا جرم كان الطريق الوحيد عندهم لمقاومته : هو الحيلولة بمختلف الوسائل بين هذا القرآن وبين الناس ، مهما كلفهم ذلك من تضحية !!

وكذلك فعلوا، وكذلك مضت السنة فيمن بعدهم من أعداء القرآن ، إلى يومنا هذا !!

وأما الثالث: فإنه لو كان عجزهم عن مضاهاة القرآن لعارضٍ أصابهم ، حال بينهم وبين شيء في مقدورهم = لما استبان لهم ذلك العجز إلا بعد أن يبسطوا ألسنتهم إليه، ويجربوا قدرتهم عليه؛ لأنه ما كان لامرئ أن يحس بزوال قدرته عن شيء كان يقدر عليه ، كقدرته على القيام والقعود، إلا بعد محاولة وتجربة ؟!

ونحن قد علمنا أنهم قعدوا عن هذه التجربة، ولم يشرع منهم في هذه المحاولة ، إلا أقلهم عددًا، وأسفههم رأيًا.

فكان ذلك آية على يأسهم الطبيعي من أنفسهم، وعلى شعورهم بأن عجزهم عنهم عجز فطري عتيد، كعجزهم عن إزالة الجبال، وعن تناول النجوم من السماء، وأنهم كانوا في غنى بهذا العلم الضروري ، عن طلب الدليل عليه بالمحاولات والتجارب !!

على أنهم لو كانوا لم يعرفوا عجزهم عنه ، بادئ ذي بدء، وإنما أدركهم العجز بعد شعورهم بأنه في مستوى كلامهم، لكان عجبهم إذًا من أنفسهم: كيف عَيُوا به ، وهو منهم على طرف الثُّمام؟ ولجعلوا يتساءلون فيما بينهم : أي داء أصابنا ، فعقد ألسنتنا عن معارضة هذا الكلام ، الذي هو ككل كلام؟

أو لرجعوا إلى بيانهم القديم ، قبل أن يصيبهم العجز ؛ فجاءوا بشيء منه في محاذاته !!

ولكنهم لم يجيئوا فيه بقديم ، ولا جديد !!

وكان القرآن - نفسه - هو مثار عجبهم ، وإعجابهم ؛ حتى إنهم كانوا يخرون سُجَّدًا لسماعه ، من قبل أن تمضي مهلة يوازنون فيها بينه وبين كلامهم !!

بل إن منهم من كان يغلبه هذا الشعور ، فيفيض على لسانه اعترافًا صحيحًا: "ما هذا بقول بشر". انتهى، من النبأ العظيم: (114 - 118).

ويمكن مراجعة الأجوبة الآتية، وفيها أدلة على نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم (13804)، (245475)، (34234).

والله أعلم

لا يصح القول أن العرب انصرفت هممهم عن معارضة القرآن، لأمور:

1- أن الأسباب الباعثة على المعارضة كانت موفورة متضافرة، وخاصة مع استثارة حميتهم، والدعوة التي تكررت لهذه المعارضة، وهي أهون عليهم مما قاموا به.

2- أن العرب قعدوا حتى عن تجربة المعارضة، ولم يحاول ذلك إلا السفهاء منهم ؛ لعلم عقلائهم الضروري بعجزهم المطبق عن كل ذلك .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-20, 06:20   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

ما معنى كون أصل الإنجيل صحيحا ؟ وكيف نجزم بصحة نصوص في الإنجيل ، لم يُعرف نقلها الأصلي أصلا ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا:

قد نصت آيات القرآن الكريم على أن أصل الإنجيل من الله تعالى أنزله على رسوله عيسى عليه السلام.

قال الله تعالى:

( وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ) المائدة (46).

وقال الله تعالى:

( ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ) الحديد (27).

وقال الله تعالى:

( نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ ) آل عمران (3).

والإيمان بهذا من أصول عقيدتنا.

قال الله تعالى:

( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ) النساء (136).

وقال الله تعالى:

( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) البقرة (285).

ثانيا:

وقوع التغيير والتبديل والتحريف في الإنجيل، أمر أشارت إليه نصوص الوحي، ويدل عليه ويؤكده الواقع.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

" وأما الإنجيل فقد تقدم أن الذي بأيدي النصارى منه أربع كتب مختلفة، من تأليف أربعة رجال: يوحنا، ومتى، ومرقس، ولوقا، فكيف ينكر تطرق التبديل والتحريف إليها؟ "

انتهى، من "هداية الحيارى" (ص 241).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" وأما الأناجيل التي بأيدي النصارى، فهي أربعة أناجيل: إنجيل متى، ويوحنا، ولوقا، ومرقس، وهم متفقون على أن لوقا ومرقس لم يريا المسيح، وإنما رآه متى ويوحنا، وأن هذه المقالات الأربعة التي يسمونها الإنجيل، وقد يسمون كل واحد منهم إنجيلا، إنما كتبها هؤلاء بعد أن رفع المسيح، فلم يذكروا فيها أنها كلام الله، ولا أن المسيح بلغها عن الله، بل نقلوا فيها أشياء من كلام المسيح، وأشياء من أفعاله ومعجزاته.

وذكروا أنهم لم ينقلوا كل ما سمعوه منه ورأوه، فكانت من جنس ما يرويه أهل الحديث والسير والمغازي عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ من أقواله، وأفعاله التي ليست قرآنا...

فهكذا ما ينقل في الإنجيل ، وهو من هذا النوع ، فإنه [ إن ] كان أمرا من المسيح ، فأمر المسيح أمر الله، ومن أطاع المسيح فقد أطاع الله.

وما أخبر به المسيح عن الغيب فالله أخبره به، فإنه معصوم أن يكذب فيما يخبر به...

فإذا كانت الكتب المنقولة عن الأنبياء من جنس الكتب المنقولة عن محمد -صلى الله عليه وسلم-، ولم تكن متواترة عنهم ولم يكن تصديق غير المعصوم حجة، لم يكن عندهم من العلم بالتمييز بين الصدق والكذب ما عند المسلمين.

فهذه الأناجيل التي بأيدي النصارى من هذا الجنس فيها شيء كثير من أقوال المسيح وأفعاله ومعجزاته وفيها ما هو غلط عليه، بلا شك، والذي كتبها في الأول إذا لم يكن ممن يتهم بتعمد الكذب، فإن الواحد والاثنين والثلاثة والأربعة لا يمتنع وقوع الغلط والنسيان منهم، لا سيما ما سمعه الإنسان ورآه، ثم حدث به بعد سنين كثيرة، فإن الغلط في مثل هذا كثير، ولم يكن هناك أمة معصومة يكون تلقيها لها بالقبول والتصديق موجبا للعلم بها، لئلا تجتمع الأمة المعصومة على الخطأ، والحواريون كلهم اثنا عشر رجلا "

انتهى، من "الجواب الصحيح" (3 / 21 - 27).

ثالثا:

ومع وجود أصل هذا التحريف، فإن هناك من النصوص مالم يحرف في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، كما تشير إلى ذلك نصوص الكتاب والسنة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" والقرآن والسنة المتواترة يدلان على أن التوراة والإنجيل الموجودين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فيهما ما أنزله الله عز وجل، والجزم بتبديل ذلك في جميع النسخ التي في العالم متعذر، ولا حاجة بنا إلى ذكره، ولا علم لنا بذلك "

انتهى، من "الجواب الصحيح" (2 / 449).

ومما يشير إلى ذلك؛ قول الله تعالى:

( فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ) يونس (94).

وقال الله تعالى:

( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) الأعراف (157).

رابعا:

فيتلخص مما مضى أن في نصوص الإنجيل ما نستطيع القطع بتحريفه، لقيام الدليل الصحيح على ذلك.

وفي الإنجيل من النصوص مالا يمتنع أن يكون من عند الله تعالى ؛ فهذا نكل علمه إلى الله تعالى، ولا نقطع فيه بشيء، ولا نصدقهم ولا نكذبهم فيه.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ( كَانَ أَهْلُ الكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالعِبْرَانِيَّةِ، وَيُفَسِّرُونَهَا بِالعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الإِسْلاَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الكِتَابِ وَلا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا: ( آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا ) الآيَةَ ) رواه البخاري (4485) .

وعن ابْنُ أَبِي نَمْلَةَ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ، وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا: آمَنَّا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ، فَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَمْ تُصَدِّقُوهُ، وَإِنْ كَانَ حَقًّا لَمْ تُكَذِّبُوهُ ) رواه أبوداود (3644) ، وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (6 / 712) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" وقوله تعالى:

( إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ).

يتناول خبر كل فاسق، وإن كان كافرا، لا يجوز تكذيبه إلا ببينة، كما لا يجوز تصديقه إلا ببينة.

وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة قال: كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرية، ويفسرونها بالعربية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، فإما أن يحدثوكم بحق فتكذبوه، وإما أن يحدثوكم بباطل فتصدقوه، وقولوا:

( آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ).

وهذا الذي دل عليه الكتاب والسنة، من إمساك الإنسان عما لا يعلم انتفاؤه وثبوته " انتهى، من "الجواب الصحيح" (6 / 461 - 462).

فالحاصل؛ أنه مادامت التوراة والإنجيل في أصلهما من الله تعالى، فما يوجد فيهما مما لم يقطع الدليل الصحيح بكذبه، فإننا لا نستطيع القطع بتحريفه أو عدم تحريفه إلا بدليل، فإذا لم نجد دليلا فإننا نكل علمه إلى الله تعالى.

والله أعلم.

ملخلص الجواب :

أنزل الله الإنجيل ، على عيسى ابن مريم عليه السلام، لكن قد دخله التحريف ، على مر السنين .

ولهذا كان الواجب رد ما في أيدي الناس منه ، إلى الدليل الشرعي الثابت :

فما علم بالدليل صدقه : صدقناه ، وما علم بالدليل كذبه : كذبناه ، وما لم نعلم دليلا بشأنه : سكتنا عنه ، ووكلنا علمه إلى رب العالمين .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-20, 06:23   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال

من المعروف لدينا نحن المسلمين أن الله تعالى أنزل الإنجيل على نبيه عيسى عليه السلام، ولكن حينما درست بعض الأشياء عن المسيحية ، أخبروني أن الإنجيل لم يأت به المسيح وإنما كتب على يد تلاميذ المسيح بعد صلبه ( أو بعد أن رفعه الله إليه كما في القرآن ). فكيف يمكننا الجمع بين القولين ؟.


الجواب

الحمد لله

ليس بين القولين اختلاف أو تناقض ، بحمد الله ، حتى نحتاج إلى السؤال عن الجمع بينهما ، وإنما سبب الإشكال على السائل أنه خلط بين أمرين يجب الإيمان بهما ، وكلاهما حق ، بحمد الله :

أما الأمر الأول فهو الإنجيل المنزل من رب العالمين ، على نبي الله عيسى ، عليه السلام ؛ والإيمان بأن الله تعالى أنزل على نبيه عيسى كتابا ، وأن اسم هذا الكتاب الإنجيل ، هو من أصول الإيمان وأركانه التي يجب الإيمان بها ؛ قال تعالى :

( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) البقرة/285 ، وقال صلى الله عليه وسلم ، لجبريل لما سأله عن الإيمان ، في حديثه المعروف : ( الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه وسله واليوم الآخر ، وأن تؤمن بالقدر خيره وشره ) متفق عليه

كما أن الكفر بذلك أو الشك فيه ، ضلال و كفر بالله تعالى ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَد ضَلَّ ضَلالا بَعِيداً ) النساء/136

وقال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً ) النساء/150-151 وأما الأمر الثاني فهو الإنجيل ، أو بتعبير أدق الأناجيل التي توجد في أيدي النصارى اليوم ؛ فمع أن من أصول إيماننا الإيمان بالإنجيل الذي أنزل على عيسى ، فإننا نؤمن كذلك بأنه لم يعد بين أيدي الناس كتاب كما أنزله الله ، لا الإنجيل ، ولا غيره ، إلا القرآن . بل إن النصارى أنفسهم لا يدعون أن الكتب التي بين أيديهم منزلة هكذا من عند الله ، بل ولا يدعون أن المسيح عليه السلام هو الذي كتبها ، أو أنها ، على الأقل كتبت في زمانه . يقول الإمام ابن حزم ، رحمه الله في الفِصَل في الملل (2/2) :

( ولسنا نحتاج إلى تكلف برهان في أن الأناجيل وسائر كتب النصارى ليست من عند الله عز وجل ولا من عند المسيح عليه السلام ، كما احتجنا إلى ذلك في التوراة والكتب المنسوبة إلى الأنبياء عليهم السلام التي عند اليهود ، لأن جمهور اليهود يزعمون أن التوراة التي بأيديهم منزلة من عند الله عز وجل ، على موسى عليه السلام

فاحتجنا إلى إقامة البرهان على بطلان دعواهم في ذلك ، وأما النصارى فقد كفونا هذه المؤونة كلها ، لأنهم لا يدعون أن الأناجيل منزلة من عند الله على المسيح ، ولا أن المسيح أتاهم بها ، بل كلهم أولهم عن آخرهم ، أريسيهم و ملكيهم ونسطوريهم و يعقوبيهم و مارونيهم و بولقانيهم

لا يختلفون في أنها أربعة تواريخ ألفها أربعة رجال معروفون في أزمان مختلفة : فأولها تاريخ ألفه متى اللاواني تلميذ المسيح بعد تسع سنين من رفع المسيح عليه السلام ، وكتبه بالعبرانية في بلد يهوذا بالشام يكون نحو ثمان وعشرين ورقة بخط متوسط والآخر تاريخ ألفه مارقش ( مرقس ) تلميذ شمعون بن يونا

المسمى باطرة ، بعد اثنين وعشرين عاما من رفع المسيح عليه السلام ، وكتبه باليونانية في بلد إنطاكية من بلاد الروم ، ويقولون إن شمعون المذكور هو الذي ألفه ثم محا اسمه من أوله ونسبه إلى تلميذه مارقش ، يكون أربعا وعشرين ورقة بخط متوسط و شمعون المذكور تلميذ المسيح والثالث تاريخ ألفه لوقا الطبيب الأنطاكي تلميذ شمعون باطرة أيضا ، كتبه باليونانية بعد تأليف مارقش المذكور

يكون من قدر إنجيل متى والرابع تاريخ ألفه يوحنا ابن سيذاي تلميذ المسيح بعد رفع المسيح ببضع وستين سنة وكتبه باليونانية يكون أربعا وعشرين ورقة بخط متوسط . )

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الجواب الصحيح (3/21) :

( وأما الأناجيل التي بأيدي النصارى فهي أربعة أناجيل : إنجيل متى ولوقا ومرقس ويوحنا ، وهم متفقون على أن لوقا ومرقس لم يريا المسيح ، وإنما رآه متى ويوحنا وأن هذه المقالات الأربعة التي يسمونها الإنجيل ، وقد يسمون كل واحد منها إنجيلا ، إنما كتبها هؤلاء بعد أن رفع المسيح ؛ فلم يذكروا فيها أنها كلام الله ولا أن المسيح بلغها عن الله بل نقلوا فيها أشياء من كلام المسيح وأشياء من أفعاله ومعجزاته )

ثم إن هذه الكتب التي كتبت بعد المسيح لم تبق على صورتها هذه التي كتبت عليها أول مرة ؛ حيث اختفت النسخ الأولى ، وفقدت من أيدي الناس مدة طويلة من الزمان . يقول ابن حزم :

( وأما النصارى فلا خلاف بين أحد منهم ولا من غيرهم في أنه لم يؤمن بالمسيح في حياته إلا مائة وعشرون رجلا فقط ....، وأن كل من آمن به فإنهم كانوا مستترين مخافين في حياته وبعده ، يدعون إلى دينه سرا ولا يكشف أحد منهم وجهه إلى الدعاء إلى ملته ، ولا يظهر دينه ، وكل من ظفر به منهم قتل ....

فبقوا على هذه الحالة لا يظهرون البتة ، و لا لهم مكان يأمنون فيه مدة ثلاثمائة سنة بعد رفع المسيح عليه السلام .

وفي خلال ذلك ذهب الإنجيل المنزل من عند الله عز و جل إلا فصولا يسيرة أبقاها الله تعالى حجة عليهم وخزيا لهم فكانوا كما ذكرنا إلى أن تنصر قسطنطين الملك فمن حينئذ ظهر النصارى وكشفوا دينهم واجتمعوا وآمنوا .

وكل دين كان هكذا فمحال أن يصح فيه نقل متصل لكثرة الدواخل الواقعة فيما لا يؤخذ إلا سرا تحت السيف لا يقدر أهله على حمايته ولا على المنع من تبديله ) الفصل 2/4-5

وبالإضافة إلى هذا الانقطاع الهائل في إسناد كتبهم ، والذي يتجاوز القرنين من الزمان ، في أعلى أسانيدهم ، فإن هذه الكتب لم تبق بلغتها التي كتبها بها أهلها أول مرة ، وإنما ترجمت عن تلك اللغات ، ثم ترجمت غير مرة ، على أيدي أناس مجهولين في علمهم ، وأمانتهم

واختلاف هذه الكتب وتناقضها فيما بينها من أقوى الأدلة على تحريفها وأنها ليست هي الإنجيل الذي أنزله الله على عبده ورسوله عيسى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وصدق الله العظيم إذ يقول : ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ) النساء/82 .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-20, 06:26   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

ما معني كون أصل الإنجيل صحيح كما يزعم البعض بأن ابن تيمية قال ذلك في : الجواب الصحيح ، فيقولون : التحريف وقع في جزء يسير من الألفاظ ومعظمها باق على حاله . قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الجواب الصحيح ( وَأَمَّا أَلْفَاظُ الْكُتُبِ فَقَدْ ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى أَنَّ أَلْفَاظَهَا لَمْ تُبَدَّلْ ;

كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ مَنْ يَقُولُهُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ. وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ إِلَى أَنَّهُ بُدِّلَ بَعْضُ أَلْفَاظِهَا. وَهَذَا مَشْهُورٌ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ) كيف يجزم ابن تيمية بصحة نصوص في الإنجيل لم يعرف نقلها الأصلي أصلا وليي واردا غبر ترجمتها ما إنه ليس من دليل صحيح يجزم به على نصوص الكتاب المزعوم المقدس أرجو التوضيح .


الجواب :


الحمد لله


أولا :

ينبغي أن نقرر هنا أمرين ، فيما يتعلق باعتقاد المسلم فيما أنزل الله على أهل الكتب من قبلنا .

أما الأمر الأول : فهو أن الله جل جلاله أرسل رسله ، وأنزل عليهم كتبه ، وأمرنا بالإيمان بذلك كله ، الإيمان بالرسل الذين أرسلهم ، والإيمان بالكتب التي أخبرنا أنه أنزلها على هؤلاء المرسلين ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، وجعل الإيمان بذلك كله : أحد أركان الإيمان الستة .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: مَا الإِيمَانُ؟ قَالَ: «الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَبِلِقَائِهِ، وَرُسُلِهِ وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ».

رواه البخاري (50) ومسلم (9) من حديث أبي هريرة .

قال الشيخ عمر الأشقر رحمه الله :

" والذي أوحاه الله لرسله قد يكون نزل من السماء مكتوباً كالتوراة التي أنزلت على موسى، قال تعالى: (وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا) [الأعراف: 145] .

وقد يكون كتاباً ولكنه أنزل إلى الرسول بالتلاوة والمشافهة كالقرآن (وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً) [الإسراء: 106] .

والمنزل من السماء قد يجمعه كتاب ، كصحف إبراهيم والكتب المنزلة على موسى وداود وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم .

وقد يكون وحياً يلقى إلى الرسول أو النبي، وليس بكتاب، وذلك كالوحي المنزل إلى إسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ، والموحى به إلى نبينا من غير القرآن.

ويجب الإيمان بالوحي المنزل كله : ( قُولُواْ آمَنَّا بِاللهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) [البقرة: 136] .

وقال الله لرسوله: (وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ) [الشورى: 15] .

وقال للمؤمنين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ) [النساء: 136] .

فما أعلمنا الله به تفصيلاً كالكتب التي ذكرها، وهي صحف إبراهيم وتوراة موسى وزبور داود وإنجيل عيسى والقرآن المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، وكتكليم الله لموسى، وإيحاء الله إلى صالح وهود وشعيب، ووحي الله إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من غير القرآن، وقد تضمنته كتب السنة = نؤمن به تفصيلاً كما أخبر الله تعالى .

ونؤمن بأن هناك كتباً ووحياً غير ذلك لم يعلمنا الله سبحانه بها." ا

نتهى ، من "الرسل والرسالات" (229-230) .

والأمر الثاني : أنه لم يعد بين أيدي الناس ، مما يوثق بأنه خبر السماء ، ووحي الله إلى عباده ، سوى القرآن الكريم الذي تولى الله حفظه ، ومن على عباده ببقاء نوره ، كما أنزله الله ، لم يصبه تحريف ولا تغيير ولا تبديل . قال الله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر/9

وأما ما سوى ذلك من الكتب فقد أصابها من التحريف لبعض ، والكتمان لبعض ، ما يرفع الثقة بما فيها ، إلا أن يقاس إلى وحي السماء وخبره الصادق ؛ فما صدقه ، فهو الصادق

وما كذبه ، فهو الكاذب . وما لم يصدقه ، أو يكذبه : وجب التوقف الناس فيه ؛ فإنهم لا يدرون : لعلهم يصدقون بأمر ، هو كاذب في نفسه ، لم يأت به وحي السماء ، أو لعلهم إن كذَّبوا ، أن يكذبوا بخبر نزل من السماء صدقا ، وليس بين أيدينا ما يدلنا عليه .

عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ أَهْلُ الكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالعِبْرَانِيَّةِ، وَيُفَسِّرُونَهَا بِالعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الإِسْلاَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لاَ تُصَدِّقُوا أَهْلَ الكِتَابِ وَلا تُكَذِّبُوهُمْ وَقُولُوا: {آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ} [البقرة: 136] . الآيَةَ ) . رواه البخاري (7542) .

وعند أبي داود (3644) وغيره : ( .. فَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَمْ تُصَدِّقُوهُ، وَإِنْ كَانَ حَقًّا لَمْ تُكَذِّبُوهُ ) .

ثانيا :

أما بخصوص ما ورد في السؤال عن موقف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، فيقول د. سامي عامري، وفقه الله ، وهو باحث متخصص في دراسة الأديان المقارنة :

" لا بدّ من التمييز بين موقف شيخ الإسلام من تحريف الإنجيل ، وتحريف التوراة.

مذهب شيخ الإسلام : صريح في أنّ المسيح عليه السلام قد نزل عليه إنجيلٌ من السماء، وهو الذي جاء خبره في القرآن.

كما بيّن شيخ الإسلام أن الأناجيل الأربعة : ليست هي إنجيل المسيح، وإنما كتبت بعده، وفيها شيء من خبر إنجيل المسيح .

ولذلك قال: "وأما الأناجيل التي بأيدي النصارى : فهي أربعة أناجيل إنجيل متى ويوحنا ولوقا ومرقس . وهم متفقون على أن لوقا ومرقس لم يريا المسيح ، وإنما رآه متى ويوحنا ، وأن هذه المقالات الأربعة التي يسمونها الإنجيل ، وقد يسمون كل واحد منهم إنجيلا ، إنما كتبها هؤلاء بعد أن رفع المسيح

فلم يذكروا فيها أنها كلام الله ، ولا أن المسيح ، بلغها عن الله ، بل نقلوا فيها أشياء من كلام المسيح ، وأشياء من أفعاله ومعجزاته . وذكروا أنهم لم ينقلوا كل ما سمعوه منه ورأوه ، فكانت من جنس ما يرويه أهل الحديث والسير والمغازي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أقواله وأفعاله التي ليست قرآنا .

فالأناجيل التي بأيديهم : شبه كتب السيرة وكتب الحديث ، أو مثل هذه الكتب ، وإن كان غالبها صحيحا".

موقف شيخ الإسلام من تحريف الإنجيل : واضح أنه يميز بين إنجيل المسيح وما كتب بعده. ولذلك فطرح مفهوم التحريف هنا يحتاج إلى بيان أنه ليس تغييرا لنسخة إنجيل المسيح، وإنما جاء بعد المسيح من اقتبس من كلامه الذي نزل عليه في الإنجيل.

ولذلك فما وافق الخبر القرآني في الأناجيل فهو من الوحي، وما خالفه فليس من الوحي، وما لم يترجح أمره، فلا يُجزم بربانيته.

وأما التوراة : فعلماء الإسلام على ثلاثة مذاهب :

ذهبت قلة منهم إلى أنّ التحريف معنوي، لم يمسّ الألفاظ .

وذهبت طائفة ثانية ، على رأسها الإمام ابن حزم إلى أنّ التحريف فاحش في التوراة . وقد فصّل قوله في كتابه "الفصل في الملل والأهواء والنحل" .

واختار فريق ثالث -يمثّله شيخ الإسلام ابن تيمية- : أنّ التحريف اللفظي قد أصاب التوراة، لكنّة تحريف ليس بالفاحش.

كما ذهب شيخ الإسلام إلى أنّ التحريف لم يصب جميع النسخ، وإنما بقيت نسخ حتّى عصر النبوة سليمة من التغيير .

قال: " ثم من هؤلاء من زعم أن كثيرا مما في التوراة أو الانجيل باطل، ليس من كلام الله . ومنهم من قال : بل ذلك قليل . وقيل لم يحرف أحد شيئا من حروف الكتب ، وانما حرفوا معانيها بالتأويل .

وهذان القولان قال كلا منهما كثير من المسلمين .

والصحيح : القول الثالث : وهو أن في الأرض نسخا صحيحة ، وبقيت إلى عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ونسخا كثيرة محرفة".

وقد انتهى البحث العلمي اليوم : إلى قول الإمام ابن حزم ، في أنّ التحريف كان فاحشًا، وأنّه قد أصاب جميع النسخ، قبل البعثة النبويّة الخاتمة، بل وقبل زمن المسيح بقرون.

وتعتبر "فرضية الوثائق" "documentary hypothesis " التي عليها جمهور النقاد ، من أهمّ مؤيدات فحش التحريف .

وهي تقرّر أنّ التوراة الحالية : تجميع لوثائق مختلفة ، ومتخالفة ، في تفاصيل كثيرة، تمّ جمعها وتهذيبها في القرن الخامس قبل الميلاد.

وأمّا أمر إصابة التحريف جميع النسخ زمن البعثة، فتشهد له المخطوطات العبريّة القديمة وجميع الترجمات المعروفة.

والقول : إنّ نُسخًا من التوراة ، تخالف النسخ والترجمات المشهورة في كثير من منكراتها في باب الإساءة إلى مقام الألوهيّة ، والحطّ من مقام النبوّة ومخالفة المعلوم من التاريخ والعلوم ...إلخ = فهو بعيدٌ جدًا ، لاجتماع التوراة العبريّة والسامريّة على ذكر نفس المنكرات المخالفة لمحكم النص القرآني .

كما أنّ الترجمات السابقة للبعثة الخاتمة –كالسبعينية اليونانية التي تعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد، والبشيطا السريانية التي تعود إلى حوالي القرن الثاني بعد الميلاد، والفولجات اللاتينية التي تعود إلى نهاية القرن الرابع = تتفق على إيراد هذه القبائح.

ولا يُعلم أنّ نسخة ، أو ترجمة ، كانت بعد المسيح : تلغي منكرات سفر التكوين ، أو سفر الخروج...

ثم إنّ جماهير النقاد ممن كتبوا في ترجمات الكتاب المقدس – مثل بروس متزجر وغيره - قد أجمعوا أنّه لم تكن زمن الرسول صلّى الله عليه وسلّم ترجمة عربية للتوراة ، وأوّل ترجمة كانت في القرن العاشر بيد الحبر سعديا الفيومي.

وقد كانت ترجمة البشيطا هي الأشهر عند نصارى الجزيرة العربية وما جاورها، ونصها محفوظ إلى اليوم، وفيها ما يُعرف من مناكير التوراة التي ردّها القرآن .

وأمّا يهود الجزيرة العربيّة : فالراجح أنهم كانوا يعتمدون على الترجومات (الترجمات الآرامية)، وهي ، وإن كانت ترجمات تفسيريّة ؛ إلا أنّها توافق النص المشهور في منكراته.".

انتهى كلامه ، حفظه الله .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-20, 06:36   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال:

ما اسم الراهب الذي التقى به الباحث عن الحقيقة (سلمان الفارسي) وبشره بأن نبياً في ذاك الزمان سيبعث ؟ وكيف عرف الراهب بأن نبياً سيبعث من العرب ويكون اسمه "محمداً” ؟


الجواب :

الحمد لله


قصة إسلام الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه ، فقد كان على الديانة المجوسية ثم انتقل إلى النصرانية ثم انتقل إلى الإسلام ،

وذلك بعد أن التقى عدة رهبان من رهبان النصارى ، وكان آخرهم رجل صالح عنده علم عن نبي آخر الزمان ، فنصح الراهب سلمان أن يذهب إلى بلاد العرب التي سيخرج فيها ووصفها له

فكانت هي مدينة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن ليس في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن هذا الراهب إنه المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ، بل عيسى عليه السلام في السماء ، رفعه الله إليه إلى أجل مسمى ، حتى ينزله الله تعالى فيقيم به الدين في آخر الزمان .

وقصة إسلام سلمان قصة عظيمة ، فيها العبرة والعظة والفائدة ، وأترك السائل الكريم ليقرأ الحديث بكماله ، ويستفيد مما فيه :

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : حَدَّثَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ حَدِيثَهُ مِنْ فِيهِ قَالَ

( كُنْتُ رَجُلا فَارِسِيًّا مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ ، مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ مِنْهَا يُقَالُ لَهَا جَيٌّ ، وَكَانَ أَبِي دِهْقَانَ قَرْيَتِهِ ( أي رئيسها ) ، وَكُنْتُ أَحَبَّ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيْهِ ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حُبُّهُ إِيَّايَ حَتَّى حَبَسَنِي فِي بَيْتِهِ ، أَيْ مُلازِمَ النَّارِ ، كَمَا تُحْبَسُ الْجَارِيَةُ ، وَأَجْهَدْتُ فِي الْمَجُوسِيَّةِ حَتَّى كُنْتُ قَطَنَ النَّارِ ( أي خادمها ) الَّذِي يُوقِدُهَا لا يَتْرُكُهَا تَخْبُو سَاعَةً

قَالَ وَكَانَتْ لأَبِي ضَيْعَةٌ ( أي بستان ) عَظِيمَةٌ ، قَالَ فَشُغِلَ فِي بُنْيَانٍ لَهُ يَوْمًا فَقَالَ لِي : يَا بُنَيَّ ، إِنِّي قَدْ شُغِلْتُ فِي بُنْيَانٍ هَذَا الْيَوْمَ عَنْ ضَيْعَتِي فَاذْهَبْ فَاطَّلِعْهَا ، وَأَمَرَنِي فِيهَا بِبَعْضِ مَا يُرِيدُ ، فَخَرَجْتُ أُرِيدُ ضَيْعَتَهُ ، فَمَرَرْتُ بِكَنِيسَةٍ مِنْ كَنَائِسِ النَّصَارَى ، فَسَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ فِيهَا وَهُمْ يُصَلُّونَ ، وَكُنْتُ لا أَدْرِي مَا أَمْرُ النَّاسِ لِحَبْسِ أَبِي إِيَّايَ فِي بَيْتِهِ ، فَلَمَّا مَرَرْتُ بِهِمْ وَسَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ دَخَلْتُ عَلَيْهِمْ أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُونَ

قَالَ : فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ أَعْجَبَنِي صَلَاتُهُمْ وَرَغِبْتُ فِي أَمْرِهِمْ ، وَقُلْتُ هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ مِنْ الدِّينِ الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ ، فَوَاللَّهِ مَا تَرَكْتُهُمْ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ ، وَتَرَكْتُ ضَيْعَةَ أَبِي وَلَمْ آتِهَا ، فَقُلْتُ لَهُمْ : أَيْنَ أَصْلُ هَذَا الدِّينِ ؟ قَالُوا : بِالشَّامِ . قَالَ ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى أَبِي وَقَدْ بَعَثَ فِي طَلَبِي وَشَغَلْتُهُ عَنْ عَمَلِهِ كُلِّهِ ، قَالَ فَلَمَّا جِئْتُهُ قَالَ : أَيْ بُنَيَّ ! أَيْنَ كُنْتَ ؟

أَلَمْ أَكُنْ عَهِدْتُ إِلَيْكَ مَا عَهِدْتُ ؟ قَالَ قُلْتُ : يَا أَبَتِ ! مَرَرْتُ بِنَاسٍ يُصَلُّونَ فِي كَنِيسَةٍ لَهُمْ ، فَأَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْ دِينِهِمْ ، فَوَاللَّهِ مَازِلْتُ عِنْدَهُمْ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْس ، قَالَ : أَيْ بُنَيَّ ! لَيْسَ فِي ذَلِكَ الدِّينِ خَيْرٌ ، دِينُكَ وَدِينُ آبَائِكَ خَيْرٌ مِنْهُ ، قَالَ قُلْتُ : كَلا وَاللَّهِ إِنَّهُ خَيْرٌ مِنْ دِينِنَا . قَالَ : فَخَافَنِي ، فَجَعَلَ فِي رِجْلَيَّ قَيْدًا

ثُمَّ حَبَسَنِي فِي بَيْتِهِ ، قَالَ وَبَعثَتُ إِلَى النَّصَارَى فَقُلْتُ لَهُمْ : إِذَا قَدِمَ عَلَيْكُمْ رَكْبٌ مِنْ الشَّامِ تُجَّارٌ مِنْ النَّصَارَى فَأَخْبِرُونِي بِهِمْ . قَالَ : فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ رَكْبٌ مِنْ الشَّامِ تُجَّارٌ مِنْ النَّصَارَى ، قَالَ فَأَخْبَرُونِي بِهِمْ ، قَالَ فَقُلْتُ لَهُمْ : إِذَا قَضَوْا حَوَائِجَهُمْ وَأَرَادُوا الرَّجْعَةَ إِلَى بِلادِهِمْ فَآذِنُونِي بِهِمْ ، قَالَ فَلَمَّا أَرَادُوا الرَّجْعَةَ إِلَى بِلَادِهِمْ أَخْبَرُونِي بِهِمْ ، فَأَلْقَيْتُ الْحَدِيدَ مِنْ رِجْلَيَّ ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ الشَّامَ ، فَلَمَّا قَدِمْتُهَا قُلْتُ : مَنْ أَفْضَلُ أَهْلِ هَذَا الدِّينِ ؟

قَالُوا : الأَسْقُفُّ فِي الْكَنِيسَةِ . قَالَ فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ : إِنِّي قَدْ رَغِبْتُ فِي هَذَا الدِّينِ ، وَأَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ أَخْدُمُكَ فِي كَنِيسَتِكَ وَأَتَعَلَّمُ مِنْكَ وَأُصَلِّي مَعَكَ ، قَالَ : فَادْخُلْ . فَدَخَلْتُ مَعَهُ

قَالَ فَكَانَ رَجُلَ سَوْءٍ ، يَأْمُرُهُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُهُمْ فِيهَا فَإِذَا جَمَعُوا إِلَيْهِ مِنْهَا أَشْيَاءَ اكْتَنَزَهُ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يُعْطِهِ الْمَسَاكِينَ ، حَتَّى جَمَعَ سَبْعَ قِلالٍ مِنْ ذَهَبٍ وَوَرِقٍ ، قَالَ وَأَبْغَضْتُهُ بُغْضًا شَدِيدًا لِمَا رَأَيْتُهُ يَصْنَعُ ، ثُمَّ مَاتَ فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ النَّصَارَى لِيَدْفِنُوهُ ، فَقُلْتُ لَهُمْ : إِنَّ هَذَا كَانَ رَجُلَ سَوْءٍ ، يَأْمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُكُمْ فِيهَا فَإِذَا جِئْتُمُوهُ بِهَا اكْتَنَزَهَا لِنَفْسِهِ وَلَمْ يُعْطِ الْمَسَاكِينَ مِنْهَا شَيْئًا . قَالُوا : وَمَا عِلْمُكَ بِذَلِكَ ؟ قَالَ قُلْتُ : أَنَا أَدُلُّكُمْ عَلَى كَنْزِهِ .

قَالُوا : فَدُلَّنَا عَلَيْهِ . قَالَ فَأَرَيْتُهُمْ مَوْضِعَهُ ، قَالَ فَاسْتَخْرَجُوا مِنْهُ سَبْعَ قِلَالٍ مَمْلُوءَةٍ ذَهَبًا وَوَرِقًا ، قَالَ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا : وَاللَّهِ لا نَدْفِنُهُ أَبَدًا . فَصَلَبُوهُ ثُمَّ رَجَمُوهُ بِالْحِجَارَةِ ، ثُمَّ جَاءُوا بِرَجُلٍ آخَرَ فَجَعَلُوهُ بِمَكَانِهِ ، قَالَ يَقُولُ سَلْمَانُ : فَمَا رَأَيْتُ رَجُلا لا يُصَلِّي الْخَمْسَ أَرَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ أَزْهَدُ فِي الدُّنْيَا وَلا أَرْغَبُ فِي الآخِرَةِ وَلا أَدْأَبُ لَيْلا وَنَهَارًا مِنْهُ . قَالَ فَأَحْبَبْتُهُ حُبًّا لَمْ أُحِبَّهُ مَنْ قَبْلَهُ ، وَأَقَمْتُ مَعَهُ زَمَانًا ، ثُمَّ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَقُلْتُ لَهُ :

يَا فُلَانُ ! إِنِّي كُنْتُ مَعَكَ ، وَأَحْبَبْتُكَ حُبًّا لَمْ أُحِبَّهُ مَنْ قَبْلَكَ ، وَقَدْ حَضَرَكَ مَا تَرَى مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ، فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي ؟ وَمَا تَأْمُرُنِي ؟ قَالَ : أَيْ بُنَيَّ ! وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا الْيَوْمَ عَلَى مَا كُنْتُ عَلَيْهِ ، لَقَدْ هَلَكَ النَّاسُ وَبَدَّلُوا وَتَرَكُوا أَكْثَرَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ إِلا رَجُلا بِالْمَوْصِلِ وَهُوَ فُلانٌ ، فَهُوَ عَلَى مَا كُنْتُ عَلَيْهِ ، فَالْحَقْ بِهِ .قَالَ فَلَمَّا مَاتَ وَغَيَّبَ لَحِقْتُ بِصَاحِبِ الْمَوْصِلِ

فَقُلْتُ لَهُ : يَا فُلانُ ! إِنَّ فُلانًا أَوْصَانِي عِنْدَ مَوْتِهِ أَنْ أَلْحَقَ بِكَ ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّكَ عَلَى أَمْرِهِ . قَالَ فَقَالَ لِي : أَقِمْ عِنْدِي . فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ ، فَوَجَدْتُهُ خَيْرَ رَجُلٍ عَلَى أَمْرِ صَاحِبِهِ ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قُلْتُ لَهُ : يَا فُلانُ ! إِنَّ فُلانًا أَوْصَى بِي إِلَيْكَ وَأَمَرَنِي بِاللُّحُوقِ بِكَ ، وَقَدْ حَضَرَكَ مِنْ اللَّهِ مَا تَرَى ، فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي ؟ وَمَا تَأْمُرُنِي ؟

قَالَ : أَيْ بُنَيَّ ! وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ رَجُلًا عَلَى مِثْلِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ إِلا بِنِصِِّيبِينَ ، وَهُوَ فُلَانٌ ، فَالْحَقْ بِهِ . وَقَالَ فَلَمَّا مَاتَ وَغَيَّبَ لَحِقْتُ بِصَاحِبِ نِصِِّيبِينَ ، فَجِئْتُهُ ، فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِي وَمَا أَمَرَنِي بِهِ صَاحِبِي ، قَالَ : فَأَقِمْ عِنْدِي . فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ ، فَوَجَدْتُهُ عَلَى أَمْرِ صَاحِبَيْهِ ، فَأَقَمْتُ مَعَ خَيْرِ رَجُلٍ ، فَوَاللَّهِ مَا لَبِثَ أَنْ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ ، فَلَمَّا حَضَرَ قُلْتُ لَهُ : يَا فُلَانُ ! إِنَّ فُلانًا كَانَ أَوْصَى بِي إِلَى فُلانٍ ، ثُمَّ أَوْصَى بِي فُلَانٌ إِلَيْكَ ، فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي وَمَا تَأْمُرُنِي ؟

قَالَ : أَيْ بُنَيَّ ! وَاللَّهِ مَا نَعْلَمُ أَحَدًا بَقِيَ عَلَى أَمْرِنَا آمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَهُ إِلا رَجُلا بِعَمُّورِيَّةَ ، فَإِنَّهُ بِمِثْلِ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ أَحْبَبْتَ فَأْتِهِ قَالَ فَإِنَّهُ عَلَى أَمْرِنَا ، قَالَ فَلَمَّا مَاتَ وَغَيَّبَ لَحِقْتُ بِصَاحِبِ عَمُّورِيَّةَ وَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي ، فَقَالَ : أَقِمْ عِنْدِي . فَأَقَمْتُ مَعَ رَجُلٍ عَلَى هَدْيِ أَصْحَابِهِ وَأَمْرِهِمْ

قَالَ وَاكْتَسَبْتُ حَتَّى كَانَ لِي بَقَرَاتٌ وَغُنَيْمَةٌ ، قَالَ ثُمَّ نَزَلَ بِهِ أَمْرُ اللَّهِ فَلَمَّا حَضَرَ قُلْتُ لَهُ : يَا فُلانُ ! إِنِّي كُنْتُ مَعَ فُلانٍ ، فَأَوْصَى بِي فُلانٌ إِلَى فُلانٍ ، وَأَوْصَى بِي فُلانٌ إِلَى فُلانٍ ، ثُمَّ أَوْصَى بِي فُلَانٌ إِلَيْكَ ، فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي وَمَا تَأْمُرُنِي ؟ قَالَ : أَيْ بُنَيَّ ! وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُهُ أَصْبَحَ عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ آمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَهُ ، وَلَكِنَّهُ قَدْ أَظَلَّكَ زَمَانُ نَبِيٍّ ، هُوَ مَبْعُوثٌ بِدِينِ إِبْرَاهِيمَ ، يَخْرُجُ بِأَرْضِ الْعَرَبِ مُهَاجِرًا إِلَى أَرْضٍ بَيْنَ حَرَّتَيْنِ ( الحرة : الأرض ذات الحجارة السود ) ، بَيْنَهُمَا نَخْلٌ ، بِهِ عَلامَاتٌ لا تَخْفَى : يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ وَلا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ ، بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ

فَإِنْ استَطَعْتَ أَنْ تَلْحَقَ بِتِلْكَ الْبِلادِ فَافْعَلْ . قَالَ ثُمَّ مَاتَ وَغَيَّبَ ، فَمَكَثْتُ بِعَمُّورِيَّةَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَمْكُثَ ، ثُمَّ مَرَّ بِي نَفَرٌ مِنْ كَلْبٍ تُجَّارًا ، فَقُلْتُ لَهُمْ : تَحْمِلُونِي إِلَى أَرْضِ الْعَرَبِ وَأُعْطِيكُمْ بَقَرَاتِي هَذِهِ وَغُنَيْمَتِي هَذِهِ ؟ قَالُوا : نَعَمْ . فَأَعْطَيْتُهُمُوهَا وَحَمَلُونِي ، حَتَّى إِذَا قَدِمُوا بِي وَادِي الْقُرَى ظَلَمُونِي فَبَاعُونِي مِنْ رَجُلٍ مِنْ يَهُودَ عَبْدًا ، فَكُنْتُ عِنْدَهُ ، وَرَأَيْتُ النَّخْلَ ، وَرَجَوْتُ أَنْ تَكُونَ الْبَلَدَ الَّذِي وَصَفَ لِي صَاحِبِي

وَلَمْ يَحِقْ لِي فِي نَفْسِي ، فَبَيْنَمَا أَنَا عِنْدَهُ قَدِمَ عَلَيْهِ ابْنُ عَمٍّ لَهُ مِنْ الْمَدِينَةِ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ ، فَابْتَاعَنِي مِنْهُ ، فَاحْتَمَلَنِي إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ رَأَيْتُهَا فَعَرَفْتُهَا بِصِفَةِ صَاحِبِي ، فَأَقَمْتُ بِهَا ، وَبَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ فَأَقَامَ بِمَكَّةَ مَا أَقَامَ ، لا أَسْمَعُ لَهُ بِذِكْرٍ مَعَ مَا أَنَا فِيهِ مِنْ شُغْلِ الرِّقِّ ، ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَفِي رَأْسِ عَذْقٍ لِسَيِّدِي أَعْمَلُ فِيهِ بَعْضَ الْعَمَلِ وَسَيِّدِي جَالِسٌ إِذْ أَقْبَلَ ابْنُ عَمٍّ لَهُ حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ فُلانُ

: قَاتَلَ اللَّهُ بَنِي قَيْلَةَ ، وَاللَّهِ إِنَّهُمْ الآنَ لَمُجْتَمِعُونَ بِقُبَاءَ عَلَى رَجُلٍ قَدِمَ عَلَيْهِمْ مِنْ مَكَّةَ الْيَوْمَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَبِيٌّ ، قَالَ فَلَمَّا سَمِعْتُهَا أَخَذَتْنِي الْعُرَوَاءُ ( برد الحمى ) حَتَّى ظَنَنْتُ سَأَسْقُطُ عَلَى سَيِّدِي ، قَالَ : وَنَزَلْتُ عَنْ النَّخْلَةِ فَجَعَلْتُ أَقُولُ لابْنِ عَمِّهِ ذَلِكَ : مَاذَا تَقُولُ مَاذَا تَقُولُ ؟ قَالَ فَغَضِبَ سَيِّدِي فَلَكَمَنِي لَكْمَةً شَدِيدَةً ثُمَّ قَالَ : مَا لَكَ وَلِهَذَا ؟! أَقْبِلْ عَلَى عَمَلِكَ . قَالَ قُلْتُ : لا شَيْءَ ، إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَسْتَثْبِتَ عَمَّا قَالَ . وَقَدْ كَانَ عِنْدِي شَيْءٌ قَدْ جَمَعْتُهُ ، فَلَمَّا أَمْسَيْتُ أَخَذْتُهُ ثُمَّ ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِقُبَاءَ ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ

: إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ رَجُلٌ صَالِحٌ وَمَعَكَ أَصْحَابٌ لَكَ غُرَبَاءُ ذَوُو حَاجَةٍ ، وَهَذَا شَيْءٌ كَانَ عِنْدِي لِلصَّدَقَةِ ، فَرَأَيْتُكُمْ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِكُمْ ، قَالَ فَقَرَّبْتُهُ إِلَيْهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ : كُلُوا . وَأَمْسَكَ يَدَهُ فَلَمْ يَأْكُلْ ، قَالَ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي هَذِهِ وَاحِدَةٌ ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ عَنْهُ فَجَمَعْتُ شَيْئًا ، وَتَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ ، ثُمَّ جِئْتُ بِهِ ، فَقُلْتُ إِنِّي رَأَيْتُكَ لا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أَكْرَمْتُكَ بِهَا

قَالَ فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَأَكَلُوا مَعَهُ ، قَالَ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي هَاتَانِ اثْنَتَانِ ، ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِبَقِيعِ الْغَرْقَدِ ، قَالَ : وَقَدْ تَبِعَ جَنَازَةً مِنْ أَصْحَابِهِ عَلَيْهِ شَمْلَتَانِ لَهُ ، وَهُوَ جَالِسٌ فِي أَصْحَابِهِ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَدَرْتُ أَنْظُرُ إِلَى ظَهْرِهِ هَلْ أَرَى الْخَاتَمَ الَّذِي وَصَفَ لِي صَاحِبِي ، فَلَمَّا رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَدَرْتُهُ عَرَفَ أَنِّي أَسْتَثْبِتُ فِي شَيْءٍ وُصِفَ لِي

قَالَ فَأَلْقَى رِدَاءَهُ عَنْ ظَهْرِهِ ، فَنَظَرْتُ إِلَى الْخَاتَمِ فَعَرَفْتُهُ فَانْكَبَبْتُ عَلَيْهِ أُقَبِّلُهُ وَأَبْكِي ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : تَحَوَّلْ . فَتَحَوَّلْتُ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ حَدِيثِي كَمَا حَدَّثْتُكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ، قَالَ فَأَعْجَبَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَسْمَعَ ذَلِكَ أَصْحَابُهُ ، ثُمَّ شَغَلَ سَلْمَانَ الرِّقُّ حَتَّى فَاتَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَدْرٌ وَأُحُدٌ ، قَالَ ثُمَّ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : كَاتِبْ يَا سَلْمَانُ .

فَكَاتَبْتُ صَاحِبِي عَلَى ثَلاثِ مِائَةِ نَخْلَةٍ أُحْيِيهَا لَهُ بِالْفَقِيرِ ( حفرة الفسيلة التي تغرس فيها ) وَبِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابِهِ : أَعِينُوا أَخَاكُمْ . فَأَعَانُونِي بِالنَّخْلِ ، الرَّجُلُ بِثَلاثِينَ وَدِيَّةً ( أي صغار النخل ) ، وَالرَّجُلُ بِعِشْرِينَ ، وَالرَّجُلُ بِخَمْسَ عَشْرَةَ ، وَالرَّجُلُ بِعَشْرٍ ، يَعْنِي الرَّجُلُ بِقَدْرِ مَا عِنْدَهُ

حَتَّى اجْتَمَعَتْ لِي ثَلاثُ مِائَةِ وَدِيَّةٍ ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : اذْهَبْ يَا سَلْمَانُ فَفَقِّرْ لَهَا ( أي احفر لها موضع غرسها ) ، فَإِذَا فَرَغْتَ فَأْتِنِي أَكُونُ أَنَا أَضَعُهَا بِيَدَيَّ ، فَفَقَّرْتُ لَهَا وَأَعَانَنِي أَصْحَابِي حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ مِنْهَا جِئْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعِي إِلَيْهَا : فَجَعَلْنَا نُقَرِّبُ لَهُ الْوَدِيَّ

وَيَضَعُهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ ، فَوَالَّذِي نَفْسُ سَلْمَانَ بِيَدِهِ مَا مَاتَتْ مِنْهَا وَدِيَّةٌ وَاحِدَةٌ ، فَأَدَّيْتُ النَّخْلَ وَبَقِيَ عَلَيَّ الْمَالُ ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ بَيْضَةِ الدَّجَاجَةِ مِنْ ذَهَبٍ ، مِنْ بَعْضِ الْمَغَازِي ، فَقَالَ : مَا فَعَلَ الْفَارِسِيُّ الْمُكَاتَبُ ؟ قَالَ فَدُعِيتُ لَهُ

فَقَالَ : خُذْ هَذِهِ فَأَدِّ بِهَا مَا عَلَيْكَ يَا سَلْمَانُ . فَقُلْتُ : وَأَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِمَّا عَلَيَّ . قَالَ : خُذْهَا فَإِنَّ اللَّهَ سَيُؤَدِّي بِهَا عَنْكَ . قَالَ فَأَخَذْتُهَا فَوَزَنْتُ لَهُمْ مِنْهَا ، وَالَّذِي نَفْسُ سَلْمَانَ بِيَدِهِ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً ، فَأَوْفَيْتُهُمْ حَقَّهُمْ ، وَعُتِقْتُ ، فَشَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْخَنْدَقَ ، ثُمَّ لَمْ يَفُتْنِي مَعَهُ مَشْهَدٌ )

رواه أحمد في المسند (5/441) وقال المحققون : إسناده حسن .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-20, 06:38   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وروى البيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 89) قصة إسلام سلمان مطولة ببعض اختلاف ، وفيها قول هذا الرجل الصالح لسلمان : " يَا سَلْمَانُ ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى، سَوْفَ يَبْعَثُ رَسُولًا اسْمُهُ أَحْمَدُ، يَخْرُجُ بِتِهَامَةَ " .

قال سلمان : " وَكَانَ رَجُلًا أَعْجَمِيًّا لَا يُحْسِنُ أَنْ يَقُولَ تِهَامَةَ ، وَلَا مُحَمَّدًا " .

وإسنادها ضعيف ، فيه علي بن عاصم ، وهو سيء الحفظ ، يهم كثيرا .

انظر : "التهذيب" (7/345) .

وفيه أيضا يحيى بن أبي طالب ، متكلم فيه .

انظر : "الميزان" (4/387) .

وروى ابن إسحاق في "السيرة" (ص 92):

حدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال: حدثني من سمع عمر بن عبد العزيز، وحدث هذا من حديث سلمان ، فقال: " حدثت عن سلمان أن صاحب عمورية قال لسلمان، حين حضرته الوفاة: ائت غيضيتين من أرض الشام فإن رجلاً يخرج من إحداهما إلى الأخرى في كل سنة ليلة ، يعترضه ذوو الأسقام

فلا يدعو لأحد به مرض إلا شفي، فسله عن هذا الدين الذي تسلني عنه ، عن الحنيفية دين إبراهيم ، قال: فخرجت حتى أقمت بها سنة ، حتى خرج تلك الليلة من إحدى الغيضيتين إلى الأخرى ، وإنما كان يخرج مستجيزا ، فخرج وغلبني عليه الناس حتى دخل في الغيضة التي يدخل فيها حتى ما بقي إلا منكبه

فأخذت به فقلت : رحمك الله أخبرني عن الحنيفية دين إبراهيم ؟ فقال: إنك لتسأل عن شيء ما يسأل عنه الناس اليوم ، قد أظلك زمان نبي يخرج عند هذا البيت ، بهذا الحرم ، يبعث بسفك الدم ، فلما ذكر ذلك سلمان لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لئن كنت صدقت يا سلمان لقد رأيت عيسى بن مريم عليه السلام)

وفيه أن الذي أخبر سلمان بصفة النبي صلى الله عليه وسلم وبشره به هو عيسى ابن مريم عليه السلام .

ولكن هذا الحديث منكر ، وإسناده ضعيف لجهالة راويه عن عمر بن عبد العزيز ، وجهالة من رواه عنه عمر .

والصحيح المعتمد : رواية ابن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري، عن محمود بن لبيد، عن عبد الله بن عباس

ثانيا :

عرف الراهب بقرب مبعث النبي صلى الله عليه وسلم وصفته بما علمه من الكتب المتقدمة ، فقد جاء ذكر ووصف النبي صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل

وروى البخاري (2125) عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: " لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْرَاةِ ؟ ، قَالَ : " أَجَلْ ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي القُرْآنِ: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ) ، وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ

أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي ، سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ ، لَيْسَ بِفَظٍّ ، وَلاَ غَلِيظٍ ، وَلاَ سَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ ، وَلاَ يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ المِلَّةَ العَوْجَاءَ، بِأَنْ يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا ) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-20, 06:45   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال

أرجو أن تخبرني أين ذُكر النبي صلى الله عليه وسلم في الإنجيل ؟ وهل تم ذكر اسمه أم رمز له ؟

وما هي المراجع التي يمكن أن أستعملها لأثبت هذه المسألة ، وهل الكُتاب والمترجمون النصارى قد حرفوا ذلك ؟.


الجواب

الحمد لله

قال الله تعالى في كتابه : ( وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين ) الصف /6

وقال تعالى : ( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ) الأعراف/157

فهاتان الآيتان تدلان على أن النبي صلى الله عليه وسلم مذكور في التوراة والإنجيل ، مهما أدعى اليهود والنصارى عدم ذلك ، فإن كلام الله تعالى أحسن حديثا ، وأصدق قيلا .

ومما وورد في الكتب السابقة ما يلي :

أولا : جاء في التوراة في سفر التثنية الإصحاح الثامن عشر الفقرات 18و19 : " يا موسى أني سأقيم لبني إسرائيل نبيا من إخوتهم مثلك أجعل كلامي فيه ويقول لهم ما أمره به والذي لا يقبل قول ذلك النبي الذي يتكلم باسمي أنا أنتقم منه ومن سبطه " ، وهذا النص موجود عندهم الآن ، فقوله :" من إخوانهم " ، لو كان منهم من بني إسرائيل لقال سأقيم لهم نبياً منهم ، لكنه قال من إخوتهم أي أبناء إسماعيل .

ثانيا : جاء في إنجيل يوحنا الإصحاح السادس عشر الفقرات 16-17 : " إن خيراً لكم أن أنطلق لأني إن لم أذهب لم يأتكم الفارقليط فإذا انطلقت أرسلته إليكم فإذا جاء فهو يوبخ العالم على الخطيئة ، وان لي كلاماً كثيراً أريد قوله ولكنكم لا تستطيعون حمله لكن إذا جاء روح الحق ذاك الذي يرشدكم إلى جميع الحق لأنه ليس ينطق من عنده بل يتكلم بما يسمع ويخبركم بكل ما يأتي " ، وهذا لا ينطبق إلا على النبي صلى الله عليه وسلم .

ثالثا : قال ابن القيم رحمه الله : " قال في التوراة في السفر الخامس : - : " أقبل الله من سيناء ، وتجلى من ساعير ، وظهر من جبال فاران ، ومعه ربوات الإظهار عن يمينه " وهذه متضمنة للنبوات الثلاثة : نبوة موسى ، ونبوة عيسى ، ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، فمجيئه من " سينا " : وهو الجبل الذي كلم الله عليه موسى ، ونبأه عليه إخبار عن نبوته ، وتجليه من ساعير هو مظهر المسيح من بيت المقدس، و " ساعير " : قرية معروفة هناك إلى اليوم ، وهذه بشارة بنبوة المسيح .

"وفاران " : هي مكة ، وشبه سبحانه نبوة موسى بمجيء الصبح ، ونبوة المسيح بعدها بإشراقه وضيائه ونبوة خاتم الأنبياء باستعلاء الشمس ، وظهور ضوءها في الآفاق ، ووقع الأمر كما أخبر به سواء . فإن الله سبحانه صدع بنبوة موسى ليل الكفر فأضاء فجره بنبوته ، وزاد الضياء والإشراق بنبوة المسيح ، وكمل الضياء واستعلن وطبق الأرض بنبوة محمد صلوات الله وسلامه عليهم ، وذكر هذه النبوات الثلاثة التي اشتملت عليها هذه البشارة نظير ذكرها في أول سورة ( والتين والزيتون ، وطور سينين ، وهذا البلد الأمين " ا.هـ [ انظر هداية الحيارى ص 110 ، وما ذكره ابن القيم هو في العهد القديم سفر التثنية الإصحاح 33 فقرة 1 ]

رابعا : ذكر الشيخ عبد المجيد الزنداني في كتابه : ( البشارات بمحمد صلى الله عليه وسلم في الكتب السماوية السابقة ) أن إنجيل برنابا في الباب 22 جاء فيه : " وسيبقى هذا إلى أن يأتي محمد رسول الله الذي متى جاء كشف هذا الخداع للذين يؤمنون بشريعة الله " ، وجاء في سفر أشعيا : إني جعلت اسمك محمدا يا محمد ، يا قدوس الرب : اسمك موجود من الأبد ، وجاء في سفر أشعيا : " وما أعطيته لا أعطيه لغيره ، أحمد يحمد الله حمدا حديثا يأتي من أفضل الأرض ، فتفرح به البرية ، ويوحدون على كل شرف ، ويعظمونه على كل رابية " انتهى .

وقد ذكر العلماء العديد من المواضع التي ذكر فيها اسم النبي صلى الله عليه وسلم ، مرة بذكر اسمه الصريح ، ومرة بذكر وصف لا ينطبق إلا عليه صلى الله عليه وسلم .

واعلم أنه قد طرأ تغيير على الكتب الموجودة الآن من التوراة والإنجيل وحدث تغيير فيها ، وقد ذكر المؤرخون من غير المسلمين هذا الأمر ، لكن مع ذلك كله لازلنا نجد في التوراة والإنجيل التبشير بمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد ذكر الشيخ رحمة الله الهندي أن النصارى كلما استطاعوا تحريف موضع حرفوه ، ولذلك تجد بعض العلماء القدامى يذكرون مواضع في التوراة والإنجيل ليست موجودة الآن ، لكن هناك مواضع أخرى لا زالت تبشر بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم وقدومه .

واعلم أنه لا بد من تسلح الإنسان بالعلم الصحيح الوافي عند مناقشة النصارى ، وهم وإن لم يكن لديهم حجج ، إلا إنه يسعون لبث الشبه في نفوس الناس ، ليستسلموا لها ، وليغيب الحق ، والله متم نوره ولو كره الكافرون .

ومن الكتب المفيدة في هذا السياق كتاب إظهار الحق للشيخ رحمة الله الهندي ، وكتاب هداية الحيارى لابن القيم ، ومن قبله الجواب الصحيح لابن تيمية .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-20, 10:48   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
سلمى السيد
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله كل خير










رد مع اقتباس
قديم 2018-03-20, 15:42   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلمى السيد مشاهدة المشاركة
جزاك الله كل خير
الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات



اسعدني حضورك الطيب
بارك الله فيكِ
وجزاكِ الله عني كل خير









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-20, 18:20   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
امام الرضا
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية امام الرضا
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكِ
وجزاكِ الله عنا كل خير
اخى عبد الرحمن على تنوير عقولنا بهذه المواضيع المميزة










رد مع اقتباس
قديم 2018-03-22, 12:51   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة امام الرضا مشاهدة المشاركة
بارك الله فيكِ
وجزاكِ الله عنا كل خير
اخى عبد الرحمن على تنوير عقولنا بهذه المواضيع المميزة
الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات

ما اكرمك من اخ
اسعدك الله دنيا واخره

بارك الله فيك
وجزاك الله عني كل خير









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-26, 03:53   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



السؤال:

كنت أتحدث مع أحد الأشخاص حول الإعجاز اللغوي في القرآن الكريم ، فذكر لي طرفاً من إرث الأديب الانجليزي المشهور شكسبير ، وكيف أنه كان معجزة في اللغة ، ثم قال : إن لغة القرآن لا تثبت صحته . بل وتجرأ فقال : لم لا تعبدون شكسبير إذاً ، إذا كان الأمر متعلقاً باللغة . فكيف ندحض زعمه ؟


الجواب :


الحمد لله


ندحض زعمه بحجة سهلة ميسورة لجميع المسلمين ، وظاهرة في القرآن الكريم ، ولكن عقل الإنسان الضعيف سِمَته السهو والغفلة والنسيان . وهذه الحجة أن نقول له : وهل تحدى شكسبير الأدباء السابقين واللاحقين أن يأتوا بمثل ما جاء به ، أو هل ادَّعى شكسبير النبوة حتى يؤمن به الناس ؟!

وإذا كان صاحبك يظن أن البلاغة والفصاحة تعني ( الإعجاز ) أو ( النبوة ) فهو واهم بهذا الظن ، حيث لم يلتفت إلى شرط ( التحدي )، مع ( السلامة من المعارض ) ، وهي قيود مهمة في الإيمان بالمعجزات .

أبهذا المنطق نتداول مفاهيم عظيمة ، ومباحث مصيرية ، كنبوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .

يقول ابن تيمية رحمه الله :

" والقرآن آيته باقية على طول الزمان ، من حين جاء به الرسول تُتْلى آيات التحدّي به . ويُتلى قوله : ( فَليَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ )، و( فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ )، و ( بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ )، ويُتلى قوله : ( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالجِنّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا القُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرَاً ).

فنفس إخبار الرسول بهذا في أول الأمر ، وقطعه بذلك ، مع علمه بكثرة الخلق ، دليلٌ على أنّه كان خارقاً ، يُعجِز الثقلين عن معارضته . وهذا لا يكون لغير الأنبياء .

ثمّ مع طول الزمان ، قد سمعه الموافق ، والمخالف ، والعرب ، والعجم . وليس في الأمم من أظهر كتاباً يقرأه الناس ، وقال إنّه مثله . وهذا يعرفه كلّ أحدٍ .

وما من كلام تكلم به الناس ، وإن كان في أعلى طبقات الكلام لفظاً ومعنىً ، إلا وقد قال الناس نظيره ، وما يشبهه ويقاربه ؛ سواء كان شعراً ، أو خطابةً ، أو كلاماً في العلوم ، والحِكَمِ والاستدلال ، والوعظ ، والرسائل ، وغير ذلك . وما وجد من ذلك شيء ، إلاَّ ووجد ما يشبهه ويقاربه .

والقرآن ممّا يعلم الناس ؛ عربهم ، وعجمهم أنّه لم يُوجد له نظيرٌ ، مع حرص العرب ، وغير العرب على معارضته ؛ فلفظه آية ، ونظمه آية ، وإخباره بالغيوب آية ، وأمره ونهيه آية ، ووعده ووعيده آية ، وجلالته وعظمته وسلطانه على القلوب آية . وإذا ترجم بغير العربي كانت معانيه آية ؛ كلّ ذلك لا يوجد له نظيرٌ في العالم .

وإذا قيل إنّ التوراة ، والإنجيل ، والزبور ، لم يُوجد لها نظيرٌ أيضاً ، لم يضرّنا ذلك ؛ فإنّا قلنا : إنّ آيات الأنبياء لا تكون لغيرهم ، وإن كانت لجنس الأنبياء ؛ كالإخبار بغيب الله ؛ فهذه آية يشتركون فيها ، وكذلك إحياء الموتى ، قد كان آية لغير واحدٍ من الأنبياء غير المسيح ؛ كما كان ذلك لموسى وغيره "

انتهى من " النبوات " (1/ 515).

والمعنى الذي نقصده هو أنه ليس كل بلاغة لغوية تعني النبوة أو الإلهية ، بل لا بد من شروط أخرى واضحة كل الوضوح ، وهي :

1. أن يدعي النبوة ذلك الفصيح البليغ .

2. أن يتحدى بفصاحته البشر تحديا صريحا فيعجزون عن معارضته .

3. أن تتوفر فيه شروط النبوة ومسالك التصديق بالرسالة ، التي سيأتي الحديث عنها .

هذا فضلا عن قول هذا المجادل : لم لا تعبدون شكسبير إذا كان الأمر متعلقا باللغة ؟!!

ومن أخبره أننا نعبد محمدا صلى الله عليه وسلم ، وهل يستحق أحد من الخلق العبادة ؟؟!!

أليس شكسبير قد مات ، فكيف يموت الإله إذن !!

ألا يعلم هذا السائل أن المسلمين يعبدون الله عز وجل ، وإنما آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء بوصفهم مرسلين من الله سبحانه لتبليغ الرسالة ، والتذكير بوجوب الإيمان ، وعبادة الله وحده ، واتباع الشرائع التي تحفظ على البلاد والعباد دينهم ودنياهم .

نظن أن هذه المعلومات هي قواعد الإسلام التي يحفظها صبيان المسلمين قبل كبارهم ، ولكنها تغيب عن بعض المشتغلين بالجدال ، والمنشغلين بالحديث في الشبهات ، المهم عنده أن يورد الشبهات ، كيف كانت ، وأنى كان مصدرها ، لغرض تكثير الشبهات فحسب ، دون احترام لعقول القراء أو السامعين .

ثم نزيد هنا أيضا تساؤلا مهما : من أخبر هذا المدعي أن دليل نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو الإعجاز اللغوي في القرآن الكريم فحسب !!

بل أكثر الأنبياء أيدهم الله عز وجل بمعجزات وآيات شتى على صدق نبوتهم ، فمثلا موسى عليه السلام تنقلب له العصى حية تسعى ، وينفلق البحر له ، ويدخل يده في جيبه فتشفى مما بها ، فقال له الله عز وجل : ( وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَامُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ . اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ) القصص/31-32.

وعيسى عليه السلام تكلم في المهد صبيا ، وكان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيى الموتى بإذن الله ، ونزلت له مائدة من السماء على قومه .

ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم أنزل عليه القرآن الكريم ، وتحدى به العرب كلهم أن يأتوا بمثله ، وأخبر بمغيب الماضي والمستقبل رغم أميته وانعدام علماء الكتاب في بلده ، وعرف بكل قيم الخير والمعروف والإحسان في قومه ، وأسري به من مكة إلى المسجد الحرام في ليلة ، وانشق القمر آية لقومه ، ونبع الماء من بين أصابعه ، وسبح الحصى في يده...في آيات وعلامات كثيرة جدا على صدق نبوته ودعوته ، وكل ذلك لا يتجاوز دلالته على أنه رسول من رب العالمين ، أما المرسِل فهو الخالق الرازق الذي يستحق العبادة دون ما سواه .

بل ليعلم هذا المجادل أن ( قرائن الأحوال ) ( وسنن الخلق ) من أعظم الدلائل على نبوات الأنبياء ، وليس فقط ( المعجزات الحسية ) التي يناقش ويجادل فيها .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-26, 03:55   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" النبوة مشتملة على علوم وأعمال لا بد أن يتصف الرسول بها ، وهي أشرف العلوم ، وأشرف الأعمال ، فكيف يشتبه الصادق فيها بالكاذب ، ولا يتبين صدق الصادق وكذب الكاذب من وجوه كثيرة ، لا سيما والعالم لا يخلو من آثار نبي من لدن آدم إلى زماننا ، وقد علم جنس ما جاءت به الأنبياء والمرسلون ، وما كانوا يدعون إليه ويأمرون به ، ولم تزل آثار المرسلين في الأرض ، ولم يزل عند الناس من آثار الرسل ما يعرفون به جنس ما جاءت به الرسل ، ويفرقون به بين الرسل وغير الرسل .

فلو قدر أن رجلا جاء في زمان إمكان بعث الرسل ، وأمر بالشرك وعبادة الأوثان ، وإباحة الفواحش والظلم والكذب ، ولم يأمر بعبادة الله ، ولا بالإيمان باليوم الآخر ، هل كان مثل هذا يحتاج أن يطالب بمعجزة ، أو يشك في كذبه أنه نبي !

ولو قدر أنه أتى بما يظن أنه معجزة ، لعُلِم أنه من جنس المخاريق ، أو الفتن والمحنة ، ولهذا لما كان الدجال يدعي الإلهية ، لم يكن ما يأتي به دالّا على صدقه ، للعلم بأن دعواه ممتنعة في نفسها ، وأنه كذاب

. " انتهى من " شرح العقيدة الأصفهانية " (140).

ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم قد اجتمعت له جميع القرائن والدلائل من هذا النوع أيضا على صدق نبوته :

أولا :

انتظمت له سنة الله تعالى في الانتصار للمرسلين ، وإظهار دعوة الحق التي يحملها ، كما كان الأمر لموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم ، حيث ملأ أتباعهم الدنيا ، وانتقم الله عز وجل من أعدائهم ، وأظهر كلمة الحق التي أرسلوا بها .

ثانيا :

تحقق المسلك النوعي أيضا من الأدلة ، وهو مضمون الرسالة التي يحملها ، فرسالته عليه الصلاة والسلام من جنس رسائل السابقين ، فيها الأمر بالتوحيد ، والنهي عن الشرك ، والأمر بالقيم والفضائل ، والنهي عن الفواحش والرذائل .

ثالثا

: تحقق المسلك الشخصي ، وهي الأخلاق التي يتحلى بها الأنبياء ، وصدقهم المطلق الذي يعرفه به قومهم ، ونحو ذلك من العلامات .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" المسلك الأول : النوعي ، هو ممّا استدل به النجاشي على نبوته ، فإنه لما استخبرهم عما يخبر به ، واستقرأهم القرآن فقرؤوه عليه قال : ( إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة )

وكذلك قبله ورقة بن نوفل ، لما أخبره النبيّ صلى الله عليه وسلم بما رآه ، وكان ورقة قد تنصر ، وكان يكتب الإنجيل بالعبرانية ، قال : ( هذا هو الناموس الذي كان يأتي موسى )

المسلك الثاني : الشخصي : استدل به هرقل ملك الروم ، فإن النبيّ صلى الله عليه وسلم لما كتب إليه كتابا يدعوه فيه إلى الإسلام ، طلب هرقل من كان هنا من العرب ، وكان أبو سفيان قد قدم في طائفة من قريش في تجارة إلى غزة ، فطلبهم وسألهم عن أحوال النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فسأل أبا سفيان وأمر الباقين إن كذب أن يكذبوه ، فصار يجدهم موافقين له في الإخبار ، فسألهم : هل كان في آبائه من ملك ؟ قالوا : لا . وهل قال هذا القول أحد قبله ؟ قالوا : لا .

وسألهم أهو ذو نسب فيكم ؟ قالوا : نعم ، وسألهم : هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ فقالوا : لا ما جربنا عليه كذبا . وسألهم : هل اتبعه ضعفاء الناس أم أشرافهم ؟ فذكروا أن الضعفاء اتبعوه ، وسألهم هل يزيدون أم ينقصون ؟ فذكروا أنهم يزيدون ، وسألهم هل يرجع أحد منهم عن دينه سخطة له بعد أن يدخل فيه

فقالوا : لا . وسألهم : هل قاتلتموه ؟ قالوا : نعم . وسألهم عن الحرب بينهم وبينه ؟ فقالوا : يدال علينا المرة وندال عليه الأخرى ، وسألهم هل يغدر ؟ فذكروا أنه لا يغدر . وسألهم بماذا يأمركم ؟ فقالوا : يأمرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئا ، وينهانا عمّا كان يعبد آباؤنا ، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة .

فهذه أكثر من عشر مسائل . ثم تبين لهم ما في هذه المسائل من الدلالة ، وأنه سألهم عن أسباب الكذب وعلاماته فرآها منتفية ، وسألهم عن علامات الصدق فوجدها ثابتة "

انتهى من " شرح العقيدة الأصفهانية " (ص: 142).

فانظر كيف استدلت خديجة رضي الله عنها ، وورقة بن نوفل ، والنجاشي ، وهرقل ، على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم من خلال المسلكين : النوعي ، والشخصي . من غير حاجة إلى معجزة حسية ، وقبل سماع القرآن وعرض التحدي .

ثم ليعلم هذا المجادل أن من غير الموضوعية ولا من الإنصاف اقتطاع الدليل المعين ، وحصر الدلالة فيه ، فـ " طرق العلم بالرسالة كثيرة جدا متنوعة ، ونحن اليوم إذا علمنا بالتواتر أحوال الأنبياء وأوليائهم وأعدائهم، علمنا علما يقينا أنهم كانوا صادقين ، على الحق ، من وجوه متعددة ".

كما في " شرح الأصفهانية " (155)

فإذا ادعى أن مثل هذه الطرق متوفرة في مثاله الذي هو " شكسبير "، فهي مكابرة لا تستحق الحوار ولا المجادلة ، ولو توفرت فيه لرأيت له ملة قائمة اسمها " الديانة الشكسبيرية "، فإذا ادعى وجودها فأرح نفسك من طول عناء الحوار معه ، واحفظ عليك وقتك وعقلك ، فليس كل ما يقال في هذه الدنيا يستحق الوقوف عنده .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-26, 04:00   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال:

أريد أن أكون مسلماً حقيقيّاً لذا أضع هذا السؤال : ما الداعي للالتزام بالإسلام ؟

بعبارة أخرى : هب أني كنت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فسمعتُه يدعو إلى هذا الدين ، فما الذي يدفعني إلى تصديق رسالته وما جاء به من كتاب وسنَّة ؟

كما أني لا أفهم التحدي القرآني ( فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين ).


الجواب :


الحمد لله


أولاً:

إن الإسلام العظيم مدرسة للعالَم الذين تاهوا في دروب الحياة ، وإن أعرف الناس بنعمة الإسلام حقّاً هم مَن عرف الجاهلية حقّاً علماً نظريّاً أو عملاً واقعيّاً .

وسأرجع معك إلى أكثر من ألف وأربعمائة سنة وأسمعك اعترافاً يلخص لك ما الداعي للالتزام بالإسلام وكيف كان الناس قبل الإسلام ، أما السائل : فهو ملك الحبشة النجاشي ، وأما المُجيب : فهو جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ، وهذه القصة في هجرتهم إلى الحبشة :

" ... وَقَدْ دَعَا النَّجَاشِيُّ أَسَاقِفَتَهُ فَنَشَرُوا مَصَاحِفَهُمْ حَوْلَهُ ليسَأَلَهُمْ فَقَالَ مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي فَارَقْتُمْ فِيهِ قَوْمَكُمْ وَلَمْ تَدْخُلُوا فِي دِينِي وَلَا فِي دِينِ أَحَدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَمِ ؟ قَالَتْ : فَكَانَ الَّذِي كَلَّمَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ لَهُ : أَيُّهَا الْمَلِكُ كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ وَنُسِيءُ الْجِوَارَ يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ

وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ وَنَهَانَا عَنْ الْفَوَاحِشِ وَقَوْلِ الزُّورِ وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ - قَالَ : فَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلَامِ - فَصَدَّقْنَاهُ وَآمَنَّا بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ فَعَبَدْنَا اللَّهَ وَحْدَهُ فَلَمْ نُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا وَحَرَّمْنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا وَأَحْلَلْنَا مَا أَحَلَّ لَنَا فَعَدَا عَلَيْنَا قَوْمُنَا فَعَذَّبُونَا وَفَتَنُونَا عَنْ دِينِنَا لِيَرُدُّونَا إِلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ وَأَنْ نَسْتَحِلَّ مَا كُنَّا نَسْتَحِلُّ مِنْ الْخَبَائِثِ ... " رواه أحمد / 1740

وإذا عرفتَ من الداعي للالتزام عرفتَ ما الداعي له ؟ إن الداعي له هو الله جل جلاله ، قال تعالى ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ) آل عمران/ 19 ، وقال ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) آل عمران/ 85 .
وإن الله أعظم وأجل من أن يدعونا إلى شيء لا نفع لنا فيه ولا صلاح حال ، بل دعانا إلى الهدى والنور ، فهو تعالى لم يخلق خلقه عبثاً بل خلقهم للقيام بمهمة جليلة تتعلق به سبحانه وتعالى وهي توحيده والقيام بطاعته ، قال تعالى ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ) المؤمنون/ 115 ، وقال تعالى ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) الذاريات/ 56.

قال ابن كثير - رحمه الله - : " أي : إنما خلقتهم لآمرهم بعبادتي ، لا لاحتياجي إليهم " .

انتهى من " تفسير ابن كثير " ( 4 / 239 ) .

إن الناس لا يمكنهم العيش في أمن وأمان بلا دين ، فإن الناس كالسفينة السائرة في البحر وإن الدين هو القبطان الذي يقودها إلى ما ينفعها ، فلا بد للناس من دين يتدينون به ، وإلا أكل بعضهم بعضاً ، وإن خير الأديان وخاتمها وأفضلها هو الإسلام .

ونحن ندعوك إلى التأمل في حال المسلمين ، في عاداتهم وشؤونهم وأخلاقهم ، وتقارنها بغيرهم من الأديان الأخرى ، يتضح لك الجواب إن شاء الله .

أو اسأل هذا أو ذاك ممن عاشوا في كنف الحضارات ، وأرقاها ولم يجدوا بُغيتهم إلا بالإسلام ، ولذلك تجدهم أشد الناس تمسكا لأنهم ذاقوا حلاوة الإيمان بعد أن عاشوا مرارة الكفر .

ثانياً:

أما التحدي القرآني للفصحاء والبلغاء بأن يأتوا بمثل هذا القرآن فهو تحد للمتقدمين والمتأخرين ، وقد عجز كبار العرب وبلغاؤهم أن يأتوا بآية من مثله ، وإن التحدي ما يزال قائماً منذ أنزل الله تعالى هذه الآيات ، وكم خرج من صلب العرب شعراء وأدباء ولم يستطيعوا الإتيان بسورة من مثله ولا عشر آيات ، نعم ، لقد حاول بعضهم كتابة شيء كالقرآن فصار سخرية للناس وأضحوكة .

وسنرجع معك مرة أخرى إلى أكثر من ألف وأربعمائة سنة لنسمعك اعترافات بعض فصحاء العرب وشعرائهم وأسيادهم في القرآن الكريم أسلوباً وبياناً ، ومنهم : أبو الوليد عتبة بن ربيعة ، والشاعر أنيْس الغفاري

وهذه بعض شهادات المنصفين للقرآن من المعاصرين :

1. يقول إبراهيم خليل – وكان من كبار القساوسة ثم هداه الله للإسلام -

: " أعتقد يقيناً أني لو كنت إنساناً وجوديّاً لا يؤمن برسالة من الرسالات السماوية ، وجاءني نفر من الناس ، وحدثني بما سبق به القرآن العلم الحديث في كل مناحيه : لآمنت برب العزة والجبروت خالق السماوات والأرض ولن أشرك به أحداً " انتهى .

2. وقال ريجيس بلاشير – مستشرق فرنسي -

: " إن القرآن ليس معجزة بمحتواه وتعليمه فقط ، إنه أيضاً يمكنه أن يكون قبل أي شيء آخر تحفة أدبية رائعة تسمو على جميع ما أقرته الإنسانية وبجلته من التحف ، إن الخليفة المقبل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - المعارض الفظ في البداية للدين الجديد ، قد غدا من أشد المتحمسين لنصرة الدين عقب سماعه لمقطع من القرآن ، وسنورد الحديث فيما بعد عن مقدار الافتتان الشفهي بالنص القرآني بعد أن رتله المؤمنون " انتهى
.
3. وقالت بوتر – أمريكية دخلت الإسلام بعد اقتناع عميق به -

: " عندما أكملت قراءة القرآن الكريم غمرني شعور بأن هذا هو الحق الذي يشتمل على الإجابات الشافية حول مسائل الخلق وغيرها ، وإنه يقدم لنا الأحداث بطريقة منطقية ، نجدها متناقضة مع بعضها في غيره من الكتب الدينية ، أما القرآن فيتحدث عنها في نسق رائع وأسلوب قاطع لا يدع مجالاً للشك بأن هذه هي الحقيقة وأن هذا الكلام هو من عند الله لا محالة " انتهى .

4. قال موريس بوكاي – عالم فرنسي شهير أسلم بعد دراسة للأديان متعمقة

- : " لقد قمت أولاً بدراسة القرآن الكريم ، وذلك دون أي فكر مسبق وبموضوعية تامة ، بحثاً عن درجة اتفاق نص القرآن ومعطيات العلم الحديث ، وكنت أعرف قبل هذه الدراسة ، وعن طريق الترجمات ، أن القرآن يذكر أنواعاً كثيرة من الظاهرات الطبيعية ، لكن معرفتي كانت وجيزة ، وبفضل الدراسة الواعية للنص العربي ، استطعت أن أحقق قائمة أدركت بعد الانتهاء منها أن القرآن لا يحتوي على أية مقولة قابلة للنقد من وجهة نظر العلم

في العصر الحديث ، وبنفس الموضوعية قمت بنفس الفحص على العهد القديم والأناجيل ، أما بالنسبة للعهد القديم فلم تكن هناك حاجة للذهاب إلى أبعد من الكتاب الأول أي : " سِفر التكوين " فقد وجدت مقولات لا يمكن التوفيق بينها وبين أكثر معطيات العلم رسوخاً في عصرنا ، وأما بالنسبة للأناجيل فإننا نجد نص إنجيل " متى " يناقض بشكل جلي إنجيل " لوقا " ، وأن هذا الأخير يقدم لنا صراحة أمراً لا يتفق مع المعارف الحديثة الخاصة بقدَم الإنسان على الأرض " انتهى .

5. وقال فيليب حتي- لبناني نصراني -

: " إن أسلوب القرآن مختلف عن غيره ، ثم إنه لا يقبل المقارنة بأسلوب آخر ، ولا يمكن أن يقلَّد ، وهذا في أساسه هو إعجاز القرآن ، فمن جميع المعجزات كان القرآن المعجزة الكبرى " انتهى .

وقد نقلنا هذا كله من كتاب

" الطعن في القرآن الكريم والرد على الطاعنين في القرن الرابع عشر الهجري " ( ص 156 – 159 ) للشيخ عبد المحسن بن زبن المطيري وفقه الله .

أما وجوه الإعجاز في القرآن الكريم فكثيرة ، وقد ذكرها القاضي عياض في كتابه " الشفا " - واختصر كلامه السيوطي في " الإتقان " فقال – رحمه الله - : " وقال القاضي عياض في " الشفا " : اعلم أن القرآن منطوٍ على وجوه من الإعجاز كثيرة ، وتحصيلها من جهة ضبط أنواعها في أربعة وجوه :

أولها : حسن تأليفه والتئام كلمه وفصاحته ووجوه إيجازه وبلاغته الخارقة عادة العرب الذين هم فرسان الكلام وأرباب هذا الشأن .

الثاني : صورة نظمه العجيب والأسلوب الغريب المخالف لأساليب كلام العرب ومنهاج نظمها ونثرها الذي جاء عليه ووقفت عليه مقاطع آياته وانتهت إليه فواصل كلماته ولم يوجد قبله ولا بعده نظيراً له .

قال :

وكل واحد من هذين النوعين الإيجاز والبلاغة بذاتها والأسلوب الغريب بذاته نوع إعجاز على التحقيق لم تقدر العرب على الإتيان بواحد منهما إذ كل واحد خارج عن قدرتها مباين لفصاحتها وكلامها خلافاً لمن زعم أن الإعجاز في مجموع البلاغة والأسلوب .

الوجه الثالث : ما انطوى عليه من الإخبار بالمغيبات وما لم يكن فوجد كما ورد .

الرابع : ما أنبأ به من أخبار القرون السالفة والأمم البائدة والشرائع الداثرة مما كان لا يعلم منه القصة الواحدة إلا الفذ من أحبار أهل الكتاب الذي قطع عمره في تعلم ذلك فيورده على وجهه ويأتي به على نصه وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب .

قال :

فهذه الوجوه الأربعة من إعجازه بيِّنه لا نزاع فيها ( ولا مرية ) " .

انتهى من " الإتقان في علوم القرآن " ( 4 / 18 ، 19 ) وانظر " الشفا " للقاضي عياض ( 1 / 258 – 272 ) .

والله أعلم









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
ركن من اركان الايمان


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 12:53

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc