[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
مـا هـي المعلقـات ؟
هي قصائد ممتازة طوال من اجود ما وصل الينا من الشعر الجاهلي ، عددها سبع في أحد الأقوال ، وعشر على قول آخر، وقد سميت بالمعلقات تشبيهاً لها بعقود الدر التي تعلق في النحور، وقيل في سبب تسميتها : إن العرب كتبوها بماء الذهب على القباطي ( قطع الكتّان المصري ) وعلقوها على أستار الكعبة ، وقيل : بل سميت بالمعلقات لأن الناس علقوها في أذهانهم ، أي حفظوها ، سميت بـ : المعلقات تارة والمذهبات تارة اخرى ، وسميتبالسبع الطوال ثالثة وايضا بالسموط .
أهميــة المعلقــات :
للمعلقات قيمة أدبية عظيمة ، وذلك لأنها تصور البيئة الجاهلية والحياة الجاهلية أوضح تصوير وأشمله ، مما حدا ببعض أدباء الغرب إلى ترجمتها، تحتل المعلقات المقام الاول بين قصائد الجاهلية .
ثم إن المعلقات تتميز بموضوعاتها المتنوعة وأسلوبها القوي ، هذا إلى إنَّ أصحاب تلك المعلقات كانوا أهم شعراء الجاهلية . والمعلقات كما يلي :-
امــرؤ القـيس:
امرؤ ألقيس هو حندج بن حجر بن الحارث الكندي ، إما امرؤ ألقيس هو الاسم الذي عرف واشتهر به,فهو لقب لًقب به ويعني الرجل الشديد. ولد امرؤ ألقيس في نجد حوالي سنه 500م،ونشأ في أسرة ملك وسيادة وترف, فقد كان والده حجر ملكا على بني أسد وغطفان, ودام ملكه ما يقارب ستين عاماً.
كان أصغر إخوته وعاش في كنف والده الملك، وتعلم الفروسية ووسائل النجدة والشجاعة, وكان كثير التردد على أخواله في بني تغلب, فتعلم الشعر من خاله الشاعر المشهور المهلهل, الذي كان على اطلاع ومعرفة بذكائه وتوقد ذهنه وطلاقه لسانه.
تمكن من قول الشعر وهو في عنفوان الشباب, وميعه الصبا, وأكثر من التغزل في فتيات بني أسد والتشبيب بهن, مما أدى إلى إغضاب والده الذي زجره، ولكنه لم يزدجر, وإنما واصل قول الشعر فيما يغضب والده الملك، الأمر الذي أدى إلى طرده وخروجه من كنف والده ورعايته, فالتفت حوله زمرة من الصعاليك, واللصوص, وكان يغير على إحياء العرب، ويسطون على ممتلكاتهم، ثم يتقاسمون الغنائم فيما بينهم ويشربون الخمر ويلعبون النرد وينشدون الشعر .
، فينما كان غارقاً في اللذات كعادته يعاقر الخمر ويلعب النرد جاءه الخبر بمقتل والده على يد بعض رجال بني أسد، فقال قولته المشهورة التي حفظها الزمان في ذاكرته وهي"ضيعني أبي صغيرا, وحملني دمه كبيرا,ولا صحو اليوم ولا سكر غدا ،اليوم خمر وغدا أمر".
نعم لقد ودع امرؤ ألقيس ذلك اليوم اللهو و والترف، وبدا بالاستعداد للأخذ بالثار واسترجاع الملك الضائع وقد حرضه على ذلك بنو تغلب وبكر, وأصاب ثارة من قاتل أبيه.وانتهى به المطاف في القسطنطينية طالبا من القيصر جوستنياس المساعدة لأدراك هدفه ولكن جهوده لم تتكلل بالنجاح, فعاد من عاصمة الروم يائسا, وعندما وصل مدينه أنقرة تفشى في جسده الجدري, فسبب له القروح التي أودت بحياته, ولما بلغ خير وفاته امر القيصر ملك القسطنطينية بنحت له تمثال وان ينصب على ضريحه.
اول ما استهلت به معلقته:
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ ........ بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ
فَتُوْضِحَ فَالمِقْراةِ لَمْ يَعْفُ رَسْمُها ........ لِمَا نَسَجَتْهَا مِنْ جَنُوبٍ وشَمْألِ
تَرَى بَعَرَ الأرْآمِ فِي عَرَصَاتِهَـا ....... وَقِيْعَـانِهَا كَأنَّهُ حَبُّ فُلْفُــلِ
كَأنِّي غَدَاةَ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُـوا ......... لَدَى سَمُرَاتِ الحَيِّ نَاقِفُ حَنْظَلِ
وُقُوْفاً بِهَا صَحْبِي عَلَّي مَطِيَّهُـمُ ....... يَقُوْلُوْنَ لاَ تَهْلِكْ أَسَىً وَتَجَمَّـلِ
وإِنَّ شِفـَائِي عَبْـرَةٌ مُهْرَاقَـةٌ ........ فَهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ
كَدَأْبِكَ مِنْ أُمِّ الحُوَيْرِثِ قَبْلَهَـا ...... وَجَـارَتِهَا أُمِّ الرَّبَابِ بِمَأْسَـلِ
شـرح الأبيــــات :
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ ........ بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ
السقط : منقطع الرمل حيث يستدق من طرفه ، ما يتطاير من النار ، المولود لغير تمام ، اللوى:رمل يعود ويلتوي ، الدخول وحومل: موضعان .
قف وأسعدني على البكاء عند تذكري حبيباً فارقته ومنزلا خرجت منه ، وذلك المنزل أو ذلك الحبيب أو ذلك بمنقطع الرمل المعوج بين هذين الموضعين .
فَتُوْضِحَ فَالمِقْراةِ لَمْ يَعْفُ رَسْمُها ........ لِمَا نَسَجَتْهَا مِنْ جَنُوبٍ وشَمْألِ
توضح والمقراة موضعان ، وسقط بين هذه المواضع الأربعة ، لم يعف رسمها ، أي لم ينمح أثرها ، الرسم: ما لصق بالارض من آثار الدار مثل البقر و الرماد وغيرهما ، نسج الريحين: اختلافهما عليها وستر إحداهما إياها بالتراب وكشف الاخرى التراب عنها .
لم يعف رسم حبها في قلبي وإن نسجتها الريحان .
تَرَى بَعَرَ الأرْآمِ فِي عَرَصَاتِهَـا ....... وَقِيْعَـانِهَا كَأنَّهُ حَبُّ فُلْفُــلِ
الآرآم : الظباء البيض الخالصة البياض ، عرصات (عرصة الدار) : ساحتها ، وهي البقعة الواسعة التي ليس فيها بناء ، قيعان : جمع قاع وهو المستوي من الأرض ، الفلفل : كهدهد وزبرج ، حب هندي .
يقول الشاعر : انظر بعينيك تر ديار الحبيبة التي كانت مأهولة بأهلها ، مأنوسة بهم ، خصبة الأرض ،كيف غادرها أهلها ، وأقفرت من بعدهم أرضها ، وسكنت رملها الظباء ، ونثرت في ساحتها بعرها ، حتى تراه كأنه حب الفلفل . في مستوى رحباتها .
كَأنِّي غَدَاةَ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُـوا ......... لَدَى سَمُرَاتِ الحَيِّ نَاقِفُ حَنْظَلِ
غداة : الضحوة ، البين : الفرقة ، تحملوا واحتملوا : بمعنى : ارتحلوا ، لدي : بمعنى عند ، سمرات ، بضم الميم : من شجر الطلح ، الحي: القبيلة من الأعراب ، نقف الحنظل : شقة عن الهبيد ، وهو الحب.
والشاعر يقول : كأني عند سمرات الحي يوم رحيلهم ناقف حنظل ، يريد ، وقفت بعد رحيلهم في حيرة وقفة جاني الحنظلة ينقفها بظفره ليستخرج منها حبها .
وُقُوْفاً بِهَا صَحْبِي عَلَّي مَطِيَّهُـمُ ....... يَقُوْلُوْنَ لاَ تَهْلِكْ أَسَىً وَتَجَمَّـلِ
نصب وقوفا على الحال ، يريد ، قفا نبك في حال وقف أصحابي مطيتهم علي ، والوقوف جمع واقف ، الصحب : جمع صاحب ، المطي : المراكب ، واحدتها مطية ، سميت مطية لأنه يركب مطاها أي ظهرها ، يقال : مطاه يمطوه ، فسميت الرواحل به لانها تمد في السير .
يقول : لقد وقفوا علي ، أي لاجلي أو على رأسي وأنا قاعد ، رواحلهم ومراكبهم ، يقول لي : لا تهلك من فرط الحزن وشدة الجزع وتجمل بالصبر .
وإِنَّ شِفـَائِي عَبْـرَةٌ مُهْرَاقَـةٌ ........ فَهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ
العبرة : الدمع ، المهراق والمراق: المصبوب ، المعول : المبكى .
وإن مخلصي مما بي هو بكائي . ثم قال : ولا ينفع البكاء عند رسم دارس
كَدَأْبِكَ مِنْ أُمِّ الحُوَيْرِثِ قَبْلَهَـا ...... وَجَـارَتِهَا أُمِّ الرَّبَابِ بِمَأْسَـلِ
الدأب والدأب : العادة.
يقول عادتك في حب هذه كعادتك من تينك ، أي قلة حظك من وصالها كقلة حظك من وصال من قبلها، أي قبل هذه التي شغفت بها الآن .
يتبع بإذن الله تعالى[/align]