معنى اسم الله تعالى الكريم - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

معنى اسم الله تعالى الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-12-25, 17:41   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة معنى اسم الله تعالى الكريم

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يا صفوة الطيبين
جعلكم ربي من المكرمين
ونظر إليكم نظرة رضا يوم الدين

.



روى الإمامان البُخاريّ ومسلم من حديث أبي هُرَيرة - رضِي الله عنْه -

أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -

قال: ((إنَّ لله تسعةً وتسعين اسمًا، مائةً إلاَّ واحدًا، مَنْ أحصاها دخل الجنَّة))

ص 526 برقم 2736

وصحيح مسلم 1076 برقم 2677.


اخوة الاسلام

تقدم شرح الاسماء التالية


معنى اسم الله : العزيز

معنى اسم الله تعالى. الحكيم

كيف نعمل بمقتضى اسم الله تعالى : "الأحد"

كيف نعمل بمقتضى اسم الله تعالى : "الأكرم"

كيف نعمل بمقتضى اسم الله الأول

كيف نعمل بمقتضى اسم الله الأعلى

معنى اسم الله عز وجل المقيت

معنى اسم الله عز وجل القدوس

معنى اسم الله عز وجل الواسع

معنى اسم الله عز وجل الوكيل

معنى اسم الله عز وجل الشهيد

معنى اسم الله عز وجل الملك

معنى اسم الله تعالى الجبار

معنى اسم الله تعالى السلام

معنى اسم الله عز وجل المؤمن

معنى اسم الله تعالى المهيمن

معنى اسم الله تعالى المتكبر والكبير

معنى اسم الله عز وجل الخالق

معني اسم الله تعالي البارئ

معني اسم الله عز وجل المصور

معنى اسم الله عز وجل الغفار

معني اسم الله تعالى القهار

معني اسم الله عز وجل الوهاب

معنى اسم الله تعالى الرزاق

معنى اسم الله تعالى الفتاح

معني اسم الله عز وجل العليم

معنى اسم الله تعالى الخافض و الرافع

معني اسم الله تعالى القابض و الباسط

اسم الله تعالي المعز و المذل

معني اسم الله تعالى الرحمن و الرحيم

معني اسم الله عز وجل السميع

معني اسم الله عز وجل البصير

معني اسم الله تعالى الحكم و الحكيم

هل العدل من أسماء االله تعالى

معني اسم الله تعالى اللطيف

معنى اسم الله تعالى الخبير

معنى اسم الله عز وجل الحليم

معنى اسم الله تعالى العظيم

معنى اسم الله تعالى الشكور

معني اسم الله تعالى الْعَلِيُّ

معني اسم الله تعالى الكبير و المتكبر

معنى اسم الله تعالى الحفيظ

معني اسم الله تعالى الحسيب



.








 


رد مع اقتباس
قديم 2019-12-25, 17:42   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

معني اسم الله تعالى الكريم

الدِّلالاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسْمِ (الكَرِيمِ

الأسماء الحسنى للرضواني حفظه الله (2/ 67).

الكَرِيمُ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ للمَوْصُوفِ بالكَرَمُ، نَقِيضُ اللَّؤْمِ، يَكُونُ في الرَّجُلِ بِنَفْسِه وإنْ لَمْ يَكُنْ له آبَاءٌ، ويُسْتَعْمَلُ في الخَيلِ والإبلِ والشجرِ وغيرِها، كَرُمَ الرَّجُلُ كَرَمًا وكَرَامَةً فَهُوَ كَرِيمٌ وكَرِيمةٌ وجَمْعُ الكَريمِ كُرَمَاءُ

والكَرِيمُ هو الشَيْءُ الحَسَنُ النَّفِيسُ الواسِعُ السَّخِيُّ، والفَرْقُ بَيْنَ الكَرِيمِ والسَّخِيِّ أَنَّ الكَرِيمَ هو كَثيرُ الإحْسَانِ بِدُونِ طَلَبٍ، والسَّخِيُّ هو المُعْطِي عِنْدَ السُّؤَالِ، والكَرَمُ: السَّعَةُ والعَظَمَةُ والشَّرَفُ والعِزَّةُ، والسَّخَاءُ عِنْدَ العَطَاءِ.

واللهُ سُبْحَانَهُ هوَ الكَرِيمُ الوَاسِعُ في ذاتِه وَصِفَاتِهِ وأَفعْالِهِ ومِنْ سِعَتِهِ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ والأرضَ.

وهو الكَرِيمُ لَهُ المَجدُ والعِزَّةُ والرِّفْعَةُ والعَظَمَةُ والكَمالُ

فَلا سَمِيَّ لَهُ: ﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾ [مريم: 65]

وهَو الذِي كَرَّمَ الإنْسَانَ لما حمل الأمانةَ، وشَرَّفَه واسْتَخلَفَهُ في أَرْضِه، وأَسْتَأْمَنَهُ في مُلْكِه

وَفَضَّلَهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِهِ كَمَا قَالَ: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 70]

وَهُوَ الذِي بَشَّرَ عِبَادَه المؤْمِنينَ بالأَجْرِ الكَرِيمِ الوَاسِعِ، والمغْفِرَةِ الوَاسِعَةِ، والرِّزْقِ الوَاسِعِ

قَالَ تَعَالَى: ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [الأنفال: 4]

وهو الجوادُ المعطي الذِي لا يَنْفَدُ عَطَاؤُه ولا يَنْقَطِعُ سَخَاؤُه، الذِي يُعْطِي مَا يَشَاءُ وكيف يَشَاءُ بِسُؤَالٍ وغَيْرِ سُؤَالٍ

وهُوَ الذِي لا يَمُنُّ إذا أَعْطَى فَيُكَدِّرُ العطِيَّةَ بالمَنِّ، وهو سُبْحَانَهُ يَعْفُو عن الذُّنُوبِ وَيَسْتُرُ العُيوبَ ويُجَازِي المُؤمِنِينَ بِفْضلِهِ ويُجَازِي المعْرِضِينَ بَعَدْلِهِ

انظر تفسير الطبري (19/ 104)

والمفردات (ص: 707)

والأسماء والصفات للبيهقي (ص: 73).


ثانيًا: الدِّلالاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاِسْمِ (الأَكْرَمِ)

اخوة الاسلام


تقدم موضوع

كيف نعمل بمقتضى اسم الله تعالى : "الأكرم"


و نذكره هنا للاستزاده و لترابط الاسمين


الأسماء الحسنى للرضواني (2/ 119 - 120).

الأَكْرمُ اسْمٌ دَلَّ على المُفاضَلَةِ في الكَرَمِ، فِعْلُه كَرُمَ يكرمُ كَرَمًا، والأكرمُ هو الأحَسْنُ والأَنْفَسُ والأوْسَعُ والأَشْرَفُ

والأَعْلَى مِنْ غَيْرِهِ في كُلِّ وَصْفِ كَمَالٍ، قَالَ تَعَالى: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13]

لسان العرب (12/ 510)

والمفردات (ص: 707).

والأَكَرْمُ سُبْحَانَه هو الذِي لا يُوَازِيهِ كَرَمٌ، ولا يُعَادِلُه في كَرِمِه نَظِيرٌ، وَقَدَ يَكُونُ الأَكْرمُ بمَعْنَى الكَرِيمِ، لَكِنَّ الفَرْقَ بَيْنَ الكَرِيمِ والأكْرَمِ أَنَّ الكَرِيمَ دَلَّ عَلَى الصِّفَةِ الذَّاتِيَّةِ والفِعْلِيَّةِ مَعًا؛ كَدِلَالِتِه

عَلَى مَعَانِي الحَسَبِ والعَظَمَةِ والسَّعَةِ والعِزَّةِ والعُلْوِّ والرِّفْعَةِ وغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ، وأَيْضًا دَلَّ عَلَى صِفَاتِ الفِعْلِ؛ فهو الذِي يَصْفَحُ عَنِ الذُّنُوبِ

ولَا يَمُنُّ إذا أَعْطَى فَيُكَدِّرُ العَطِيَّةَ بِالمَنِّ، وهو الذِي تَعَدَّدَتْ نِعَمُه عَلَى عِبَادِهِ بِحَيْثُ لا تُحْصَى، وهَذَا كَمَالٌ وجَمَالٌ في الكَرَمِ، أَمَّا الأَكْرَمُ فهو المنْفَرِدُ بِكُلِّ ما سَبَقَ في أنواعِ الكَرَمِ الذَّاتِي والفِعْلِي؛

فَهُوَ سُبْحَانَهُ أَكْرَمُ الأكْرَمِينَ، لَهُ العُلُوُّ المطْلَقُ عَلَى خَلْقِهِ فيِ عَظَمَةِ الوَصْفِ وَحُسْنِهِ، ومِنْ ثَمَّ لَهُ جَلَالُ الشَّأْنِ في كَرِمِهِ، وهو جَمَالُ الكَمَالِ وكَمَالِ الجَمَالِ

انظر: الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى (1/ 112)، (1/ 131).

فاللهُ عَزَّ وَجَلَّ لا كَرَمَ يَسْمُو إلى كَرَمِهِ، ولا إنْعَامَ يَرْقَى إلى إِنْعَامِهِ، ولا عَطَاءَ يُوَازِي عَطَاءَه، لَهُ عُلُوُّ الشَّأْنِ في كَرَمِهِ، يُعْطِي مَا يَشَاءُ لمَنْ يَشَاءُ كيفَ يَشَاءُ بِسُؤَالٍ وغَيْرِ سُؤالٍ،

وهو يَعْفُو عنِ الذُّنُوبِ، ويَسْتُرُ العُيُوبَ، ويُجَازِي المؤْمِنِينَ بِفَضْلِهِ، ويُمْهِلُ المعْرِضِينَ ويُحَاسِبُهم بِعَدْلِهِ، فَمَا أَكْرَمَهُ، ومَا أَرْحَمَهُ

ومَا أعْظَمَهُ

انظر: شرح أسماء الله الحسنى للرازي (ص: 278)

وتفسير الأسماء الحسنى للزجاج (ص: 50)

والمقصد الأسنى للغزالي (ص: 105)

والبيهقي (ص: 73)

والمفردات (ص: 707).

وحَسْبُنا مَا جَاءَ في قَوْلِه: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ [النحل: 18]، وقَالَ: ﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾ [الضحى: 11]، وعِنْدَ البخاري مِنْ حَدِيثِ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم

قَالَ: "يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وتَعَالَى كُلَّ لَيْلةٍ إلى السَّمَاء الدُّنْيَا حينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخرُ يَقُول: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟"

صحيح: أخرجه البخاري (1094)









رد مع اقتباس
قديم 2019-12-25, 17:44   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة

ورُودُه في القُرْآنِ الكَرِيمِ

النهج الأسمى (1/ 377 – 392) محمد بن النجدي.

وَرَدَ اسْمُهُ (الكَرِيمُ) ثَلَاثَ مَرَاتٍ:

في قولِهِ تَعَالَى: ﴿ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ﴾ [المؤمنون: 116].

وقولِه: ﴿ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾ [النمل: 40].

وقولِه: ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ﴾ [الانفطار: 6].

أَمَّا الأَكْرَمُ فَوَرَدَ في قولِه تَعَالَى: ﴿ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴾ [العلق: 3].


مَعْنَى الاسْمِ في حَقِّ اللهِ تَعَالَى:


قالَ ابنُ جَرِيرٍ:

"(كَرِيمٌ) ومِنْ كَرَمِه أَفْضَالُه عَلَى مَنْ يَكْفُرُ نِعَمَه، وَيَجْعَلُها وَصْلَةً يَتَوَصَّلُ بِها إلى مَعَاصِيهِ"

التفسير (19/ 104).

وقَالَ الحليمي:

"(الكريمُ) ومَعْنَاهُ: النَّفَّاع، مِنْ قَوْلِهم: شَاةٌ كَرِيمةٌ، إذا كَانَتْ غَزِيرَةَ اللَّبَن تُدِرُّ عَلَى الحَالِبِ، ولَا تَقْلُصُ بأَخْلَافها، ولا تَحْبِسُ لَبَنَها".

ولا شَكَّ في كَثْرَةِ المَنَافِعِ التي مَنَّ اللهُ تَعَالَى بها عَلَى عِبَادِهِ، ابْتِدَاءً مِنْه وتَفَضُّلًا، فهو باسْم الكَرِيمِ أَحَقُّ مِنْ كُلِّ كَرِيمٍ

المنهاج (1/ 201)

وذكره ضمْن الأسماء التي تتبع إثبات التدبير له دون ما سواه

وكذا البيهقي في الأسماء (ص: 73).

وقَالَ القُرْطُبي

بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أنَّ الكَرِيمَ لَهُ ثَلاثَةُ أَوْجُهٍ هي: الجَوَادُ والصَّفُوحُ والعَزِيزُ: "وهَذِهِ الْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ يَجُوزُ وَصْفُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا، فَعَلَى أَنَّه جَوَادٌ كَثيرُ الخَيْرِ، صَفُوحٌ لَا بُدَّ مِنْ مُتَعلِّقٍ يَصْفَحُ عَنْه ويُنْعِمُ عَلَيْهِ.

وإذا كَانَ بمَعْنَى العزِيزِ كَانَ غَيْرَ مُقْتَضٍ مَفْعُولًا في أحدِ وُجُوهِهِ.

فهذا الاسْمُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَسْمَاءِ الذَّاتِ، وبَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ أسْمَاءِ الأَفْعَالِ.

واللهُ جَلَّ وَعَزَّ لَمْ يَزلْ كَرِيمًا ولا يَزَالُ، وَوَصْفُهُ بِأَنَّهُ كَرِيمٌ هُوَ بِمَعْنَى نَفْي النَّقَائِصِ عَنْهُ، وَوَصْفُهُ بِجَمِيعِ المَحَامِدِ، وعَلَى هذا الوَصْفِ يَكُونُ مِنْ أَسْمَاءِ الذَّاتِ، إذْ ذَلِكَ رَاجِعٌ إلَى شَرَفِهِ في ذَاتِهِ وجَلَالَةِ صِفَاتِهِ.

وإذا كَانَ فِعْلِيًّا كَانَ مَعْنَى كَرَمِهِ ما يَصْدُرُ عَنْه مِنَ الإفْضَالِ والإنْعَامِ عَلَى خَلْقِهِ.

وإنْ أَرَدْتَ التَّفْرِقِةَ بَيْنَ (الأَكْرَمِ) و(الكَرِيمِ)، جَعْلَتَ الأَكْرَمَ الوَصْفَ الذَّاتِي، والكَرِيمَ الوَصْفَ الفِعْلِي" اهـ.

الكتاب الأسنى (ورقة 268 ب - 269 أ).

وقَدَ حَكَى ابنُ العَرَبي رحمه الله في مَعْنَى (الكَرِيمِ) سِتَّةَ عَشْرَ قَوْلًا، نُورِدُها باخْتِصَارٍ:

الأَوَّلُ: الذِي يُعْطِي لا لِعِوَضٍ.

الثَّاني: الذِي يُعْطِي بِغَيْرِ سَبَبٍ.

الثَالثُ: الذِي لا يَحْتَاجُ إلى الوَسِيلَةِ.

الرَابِعُ: الذِي لا يُبَالِي مَنْ أَعْطَى ولا مَنْ يُحْسِنُ، كَانَ مُؤْمِنًا أو كَافِرًا، مُقِرًّا أو جَاحِدًا.

الخَامِسُ: الذِي يَسْتَبْشِرُ بِقَبُولِ عَطَائِه ويُسَرُّ به.

السَّادِسُ: الذِي يُعْطِي ويُثْنِي، كَمَا فَعَلَ بأَوْلِيَائِه حَبَّبَ إليهم الإيمَانَ وكَرَّهَ إليهمُ الكُفْرَ والفُسُوقَ والعِصْيَانَ

ثُمَّ قَالَ: ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [الحجرات: 7، 8].

ويُحَكَى أَنَّ الجُنَيدَ سَمِع رَجُلًا يَقْرَأُ: ﴿ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ ﴾ [ص: 44]

فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! أَعْطَى وأَثْنَى، المَعْنَى: أَنَّهُ الذِي وَهَبَ الصَّبْرَ وأَعْطَاهُ، ثُمَّ مَدَحَهُ به وأَثْنَى.

السَّابِعُ: أنَّهُ الذِي يَعُمُّ عَطَاؤُه المُحْتَاجِينَ وغَيْرَهُم.

الثَّامِنُ: أَنَّهُ الذِي يُعْطِي مَنْ يَلُومُهُ.

التَّاسِعُ: أنَّهُ الذِي يُعْطِي قَبْلَ السُّؤَالِ، قَالَ اللهُ العظِيمُ: ﴿ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ [إبراهيم: 34].

العَاشِرُ: الذِي يُعْطِي بالتَّعَرُّضِ.

الحَادِيَ عَشَرَ: أنَّه الذِي إذا قَدَرَ عَفَى.

الثَّانيَ عَشَرَ: أنَّه الذِي إذا وَعَدَ وَفَّى.

الثَّالِثَ عَشَرَ: أنَّه الذِي تُرفَعُ إلَيْه كُلُّ حَاجَةٍ صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً.

الرَّابِعَ عَشَرَ: أنَّه الذِي لا يُضَيِّعُ مَنْ تَوَسَّلَ إليه ولا يَتْرُك مَنِ الْتَجَأَ إليه.

الخَامِسَ عَشَرَ: أنَّه الذِي لا يُعَاتِبُ.

السَّادِسَ عَشَرَ: أنَّه الذِي لا يُعَاقِبُ" اهـ

الكتاب الأسنى (ورقة 269 – 270ب)


وسيأتي تفصيله لهذه الأقوال في آثار الإيمان.

أمَّا (الأكْرَمُ)

فَقَالَ الخَطَّابي:

"هو أَكْرَمُ الأكْرَمِينَ، لا يُوازِيهِ كَرِيمٌ، ولا يُعَادِلُهُ نَظِيرٌ، وقَدْ يَكُونُ (الأكْرَمُ) بِمَعْنَى: الكَرِيمِ، كَمَا جَاءَ: الأَعَزُّ والأَطْوَلُ، بمَعْنَى العَزِيزِ والطَّوِيلِ"

شأن الدعاء (ص: 103 - 104)

ونقله البيهقي في الأسماء (ص: 75).

قَالَ القُرْطُبِيُّ:

"إنَّ (الأكْرَمَ) الوَصْفُ الذَّاتِي، و(الكَرِيمَ) الوَصْفُ الفِعْلِي، وهُمَا مُشْتَقَّانِ مِنَ الكَرَمِ، وإنِ اخْتَلَفَا في الصِّيغَةِ"

الكتاب الأسنى (ورقة 275 أ).









رد مع اقتباس
قديم 2019-12-25, 17:45   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18


آثارُ الإِيمَانِ بِهَذِينِ الاسْمَينِ:

1- تَكَلَّمَ ابنُ العَرَبي رحمه الله

الكتاب الأسنى (ورقة 270 - 272 أ).

كَلَامًا طَيِّبًا في تَفْصِيلِ الأَقْوَالِ السَّابِقَةِ، فَأَجَادَ فيهِ وأَفَادَ

قَالَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:

أ- أَمَّا إذا قُلْنا إنَّ الكَرِيمَ هو الكَثِيرُ الخَيْرِ، فَمَنْ أَكْثَرُ خَيْرًا مِنَ اللهِ؟

لِعُمُومِ قُدْرَتِهِ وَسِعَةِ عَطَائِه

قَالَ سُبْحَانَه: ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ﴾ [الحجر: 21].

ب- وأَمَّا إذا قُلْنا إنَّهُ الدَّائِمُ بالخَيُرِ فَذَلِكَ بالحَقِيقَةِ للهِ، فإنَّهُ كُلُّ شَيْءٍ يَنْقَطِعُ إلَّا اللهُ وإحْسَانُه، فَإنَّه دَائِمٌ مُتَّصِلٌ في الدُّنْيَا والآخِرَةِ.

ج- وأَمَّا إنْ قُلْنَا إنَّهُ الذِي يَسْهُلُ خَيْرُهُ، ويَقْرُبُ تَنَاوُلُ مَا عِنْدَه فَهُوَ اللهُ بالحَقِيقَةِ

فإنَّه لَيْسَ بينه وبَيْنَ العبدِ حِجَابٌ، وهُوَ قَرِيبٌ لِمَنِ اسْتَجَابَ

قَالَ اللهُ سُبْحَانَه: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا ﴾ [البقرة: 186].

د- وأَمَّا إنْ قُلْنا إنَّ الكَرِيمَ هو الذِي لَهُ قَدْرٌ عَظِيمٌ، وخَطَرٌ كَبِيرٌ، فَلَيْسَ لأَحَدٍ قَدْرٌ بالحَقِيقَةِ إلا للهِ تَعَالَى، إذِ الكُلُّ لَهُ خَلْقٌ ومِلْكٌ، إليه يُضَافُ كُلُّ شَيْءٍ، ومِنْ شَرَفِهِ يَشْرُفُ كُلُّ شَيْءٍ، وكَرَمُ كُلِّ كَرِيمٍ مِنْ كَرَمِهِ.

هـ- وأَمَّا إنْ قُلْنَا إنَّ الكَرِيمَ هُوَ المُنَزَّهُ عَنِ النَّقَائِصِ والآفَاتِ، فَهُوَ اللهُ وَحْدَه بالحَقِيقَةِ؛ لأَنَّه تَقَدَّسَ عَنِ النَّقَائِصِ والآفَاتِ وَحْدَه عَلَى الإطْلَاقِ والتَّمَامِ والكَمَالِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وفي كُلِّ حَالٍ

بِخِلَافِ الخَلْقِ فَإنِّهم إنْ كَرُموا مِنْ وَجْهٍ، سَفَلُوا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ

كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ ﴾ [التين: 4، 5].

و- وأَمَّا إنْ قُلْنا إنَّ الكَرِيمَ بِمَعْنَى المُكْرِمِ فَمَنِ المكْرَمُ إلا اللهُ تَعَالَى، فَمَنْ أَكْرَمَهُ اللهُ أُكرِمَ ومَنْ أَهَانَه أُهِينَ

قال الله تعالى في هذا: ﴿ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾ [الحج: 18].

ز- وأَمَّا إنْ قُلْنَا إنَّ الكَرِيمَ هو الذِي لا يَتَوَقَّعُ عِوَضًا، فَلَيْسَ إلا اللهُ وَحْدَه؛ لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقُهُ ومُلْكُهُ فَمَا يُعْطِي له ومَا يَأْخُذُه لَه، ومَا يُعْطِي كُلُّ مُعطٍ أَوْ يَعْمَلُ كُلُّ عَامِلٍ، فَبِقُدْرَتِهِ وإرَادَتِهِ، والعِوَضُ والمُعَوَّضُ خَلْقٌ له.

ح- وأَمَّا إنْ قُلْنَا إنَّ (الكَرِيمَ) هُوَ الذِي يُعْطِي لِغَيْرِ سَبَبٍ فَهُوَ اللهُ وَحْدَه؛ لأَنَّه بَدَأَ الخَلْقَ بالنِّعَمِ، وخَتَمَ أَحْوَالَهم بالنِّعَمِ، وإنْ جَاءَ في الأخْبَارِ أَنَّه أُعْطَى بِكَذَا أَو عَمِلَ بكَذَا، فالعَطَاءُ منه والسَّبَبُ جميعًا، والكُلُّ عَطَاءٌ بِغَيْرِ سَبَبٍ.

ط- وأَمَّا إنْ قُلْنَا إنَّ (الكَرِيَم) هو الذِي يُعْطِي بِغَيْرِ وَسِيلَةٍ، فالأَجْوَادُ يَتَفَاضَلُونَ، فَمِنْهُم مَنْ يُعْطِي جِبِلَّةً

وَمِنْهُم مَنْ يُعْطِي مُرَاعَاةً لِحَقِّ المُتَوَسِّلِ، والبَارِي يُعْطِي بِغَيرِ وَسِيلَةٍ

لأَنَّ حُرْمَةَ النَّبِي أوِ الْوَلِي الذِي أَعَطْي بِهَا


مما هو معلوم عند المحقِّقين مِن أهل السُّنَّة والجماعة

أنه لا يجوز التوسُّل بحق النبي صلى الله عليه وسلم أو بجاهه

أو بحق أحد أو جاهه

لأنه لم يثبت في ذلك شيء من الأحاديث، ولم يَرِدْ عن أحد من الصحابة فعْله، وأن التوسُّل المشروع الذي دل عليه الكتاب والسُّنَّة هو ثلاثة أنواع:

1- التوسُّل بأسماء الله الحسنى وصفاته.

2- التوسُّل بالأعمال الصالحة التي عمِلها العبد.

3- التوسُّل بدعاء الرجل الصالح الحيِّ.

راجع كتاب قاعدة جليلة في التوسُّل والوسيلة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

........

أعطى بمجرد المشيئة مِن غير وسيلة

كما قال: ﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ ﴾ [إبراهيم: 11].

ي- وأمَّا إنْ قُلْنَا إنَّ الكَرِيمَ هُوَ الذِي لا يُبَالِي مَنْ أَعْطَى فَهُوَ اللهُ وَحْدَهُ، لأنَّ الخَلْقَ جُبِلَتْ قُلُوبُهم عَلَى حُبِّ مَنْ أَحْسَنَ إليها، وبُغْضِ مَنْ أَسَاءَ إِليَها

والبَارِي يُعْطِي الكُفَّارَ والمُتَّقِينَ، وربَّمَا خَصَّ الكَافِرَ في الدُّنْيَا بِمَزِيدِ العَطَاءِ، ولَكِنَّ الآخِرَةَ للمُتَّقِينَ.

ك- وأَمَّا إنْ قُلْنا إنَّه الذِي يُري للقَابِلِ لِعَطَائِهِ مِنَّهُ، فالْبَارِي تَقَدَّسَ عَنْ تَصُّورِ ذلك في حَقِّهِ.

ل- وأَمَّا إنْ قُلْنَا إنَّ (الكَرِيمَ) هو الذِي يُعْطِي مَنْ يحتاجُ ومَنْ لا يَحْتَاجُ فَهُوَ اللهُ وَحْدَه؛ لأَنَّه يُعْطِي ويَزِيدُ عَلَى قَدْرِ الحَاجَةِ، ويُعْطِي مَنْ يَحْتَاجُ ومَنْ لا يَحْتَاجُ حَتَّى يَصُبَّ عَلَيهِ الدُّنْيَا صَبًّا.

م- وأَمَّا إنْ قُلْنا إِنَّ (الكَرِيمَ) هو الذِي لا يُخَصُّ بِكَبيرٍ مِنَ الْحَوَائِجِ دُونَ صَغِيرِهَا فَهَوَ اللهُ تَعَالَى، رُوِيَ أَنَّه يَسْألُ العَبْدُ رَبَّه كُلَّ شَيْء في صَلَاتِهِ قَالَ حَتَّى...


كلمة غير مقروءة بالأصل الذي عندي، ولعلها: الملح....

وذَكَرَ القُشَيْرِيُّ أَنَّ مُوسَى عليه السلام قَالَ في مُنَاجَاتِهِ: إنَّهُ لَتُعْرَضُ لي الحَاجَةُ أحيانًا فَأَسْتَحِيي أَنْ أَسَأَلَكَ، فَأَسْأَلُ غَيْرَكَ، فَأَوْحَى اللهُ إليهِ: يَا مُوسَى لَا تَسَلْ غَيْرِي، وَسَلْنِي حَتَى مِلْحَ عَجِينِكَ، وَعَلَفَ شَاتِكَ.

وَذَلِكَ لَأنَّ أَمْرَهُ بَيْنَ الكَافِ والنُّونِ، فَسَواءً الصَّغِيرُ والكَبيرُ، بَلِ الكَبيرُ عِنْدَه صَغيرٌ، والعَسِيرُ يَسِيرٌ، والصَّعْبُ لَيِّنٌ.

ن- وأَمَّا إنْ قُلْنا إنَّه الذِي إذا وَعَدَ وَفَّى، فإِنَّ كُلَّ مَنْ يَعِدُ يُمْكِنُ أَنْ يَفِيَ، ويُمْكِنُ أَن يَقْطَعَهُ عُذْرٌ، ويَحَولُ بَيْنَهُ وبَيْنَ الوَفَاءِ أَمْرٌ، والبَارِي صَادِقُ الوَعْدِ لِعُمُومِ قُدْرَتِهِ وعَظيمِ مُلْكِهِ

وإنَّهُ لا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَقْطَعَ بِهِ قَاطِعٌ، ولا يَحُولُ بَيْنَه وبَيْنَه مَانِعٌ.

س- وأَمَّا إنْ قُلْنا إنَّ (الكَرِيمَ) هو الذِي لا يُضيعُ مَنِ الْتَجَأَ إليهِ، فَهُوَ اللهُ وَحْدَه، والالْتِجَاءُ إليه: التِزَامُ الطَّاعَةِ وحُسْنُ العَمَلِ، وقَدْ أَخْبَرَ بِذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ حِينَ قَالَ: ﴿ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ﴾ [الكهف: 30].

ع- وأَمَّا إنْ قُلْنا إِنَّه الذِي لا يُعَاتِبُ فَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ ﴾ [التحريم: 3]

قوله: ﴿ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ ﴾ [التحريم: 3]

أي: إن النبي صلى الله عليه وسلم عرَّف لحفصة بعض ذلك الفعل الذي فعلتْه مِن إفشائها سره

وقد استَكْتَمَها إيَّاه، ابن جرير (28/ 103)

وانظر: القرطبي (18/ 187).

، وقَدْ جَعَلَ اللهُ للنَّاسِ مَرَاتبَ في العِقَابِ والحِسَابِ والعِتَابِ.

ف- وأَمَّا إنْ قُلْنا إنَّ (الكَرِيمَ) هو الذِي إذا أَعْطَى زَادَ عَلَى المُنَى فَهُوَ اللهُ وَحْدَهُ، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّه أَعْطَى أَهْلَ الجَنَّةِ مُناهُمْ، وَيزِيدُهم عَلَى ما يَعْلَمُونَ

من ذلك حديث المغيرة بن شعبة، يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سَأَلَ مُوَسَى رَبَّهُ: مَا أَدْنَى أَهْلِ الجَنَّةِ مَنْزِلَةً؟

قَالَ: هُوَ رَجُلٌ يَجِيءُ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، فَيُقَالُ له: ادْخُلِ الجَنَّةَ، فَيَقُولُ: أيْ رَبِّ كيف؟

وقَدْ نَزَلَ النَّاسُ مَنَازِلَهم وأَخَذُوا أَخَذَاتِهم ؟

فَيَقَولُ لَه: أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مُلْكِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا؟

فَيَقُولُ: رَضِيتُ رَبِّ، فَيقُولُ: هَذَا لَكَ وَعَشْرةُ أَمْثَالِه، ولَكَ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ، ولَذَّتْ عَيْنُكَ، فَيَقُولُ رَضِيْتُ رَبِّ..."

أخرجه مسلم (1/ 76).

وقَدْ ثَبَتَ أنَّه قَالَ سُبْحَانَه: "أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ، ولَا أُذُنٌ سَمِعَت،ْ ولا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ بَلْهَ مَا أُطْلِعْتُم عَلَيهِ"

أخرجه البخاري (6/ 318)، (8/ 515، 516)، (13/ 465)، ومسلم (4/ 2174، 2175)

عن أبي هريرة به، وتمامه: ثم قرأ: ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾ [السجدة: 17]

وأخرجه مسلم (4/ 2179) عن سهل بن سعد.

قُلْتُ (أَيِ: القُرْطِبي):

"فهذا مَا ذَكَرَ العُلَمَاءُ مِنَ الأَقْوَالِ وَبَيَانِهَا، ولَمْ يَذْكُرْ (أَيِ: ابْنُ العربي) في سَرْدِ الأقوَالِ: أنَّه الذِي أَعْطَىَ وَزَادَ عَلَى المُنَى فَيَكُونُ سَابِعَ عَشْرَ قَوْلًا

أي: في الأقوال التي مضت في معنى الاسم في حق الله تعالى.

ولَمْ يَذْكُرْ بَيَانَ أنَّه الذي يُعْطِي مَنْ يَلُومُه؛ لَأنَّه واللهُ أَعْلَمُ دَاخِلٌ في قَوْلِه: إنَّه الذي لا يُبَالِي مَنْ أَعْطَى، ولا ذَكَرَ بَيَانَ أَنَّه الذِي يُعْطِي ويُثْنِى؛ لأَنَّه في غَايَةِ البَيَانِ وهُوَ مُفَسَّرٌ في سَرْدِ الأَقْوالِ.

ولا ذَكَرَ بَيَانَ أَنَّه الذِي يُعْطِي بالتَّعَرُّضِ، وقَدْ قَالَ تَعَالَى لنبيِّهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم:

﴿ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ﴾ [البقرة: 144]

فَعَرَّضَ ولَمْ يَسْأَلْ وأَعَطَاهُ مُنَاهُ" اهـ.

2- والكَرِيمُ أَيْضًا مَنْ يَسْتَحِيي أَنْ يَرُدَّ عَبْدَهُ عِنْدَمَا يَسْأَلُه كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ قَوْلُه صلى الله عليه وسلم: "إنَّ رَبَّكُم تَبَارَكَ وتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَستْحِي مِنْ عَبْدِهِ إذا رَفَعَ يَدَيهِ إليهِ أَنْ يَرُدَّهُما صِفْرًا"


حديث حسن: أخرجه أحمد (5/ 438)، وأبو داود (2/ 1488)، والترمذي (5/ 3556)، وابن ماجه (2/ 3865)، وابن حبان (2/ 119)، والحاكم (1/ 497)

والخطيب في تاريخه (3/ 235-236) كلهم عن جعفر بن ميمون الأنماطي، حدثني أبو عثمان النهدي، عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فذكره.

قال الترمذي: حسن غريب، وروى بعضُهم ولم يرفعه.

وهو كما قال، فإن جعفر بن ميمون قال فيه ابن معين: ليس بذاك، وقال في موضع آخر: صالح الحديث، وقال مرة: ليس بثقة، وقال أبو حاتم: صالح، وذكره ابن حبان وابن شاهين في الثقات، وقال الحافظ: صدوق يخطئ.

فحديثه لا ينزل عن رتبة الحسن.

والموقوف الذي أشار إليه الترمذي هو ما رواه سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان: "إنَّ اللهَ يَسْتَحِيي أَنَّ يَبْسُطَ العَبْدُ..."

أخرجه أحمد (5/ 438)، والحاكم (1/ 497) وقال: إسناد صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.

وللحديث المرفوع شاهد من حديث أنس، أخرجه الحاكم (1/ 497 - 498) عن عامر بن يساف، عن حفص بن عمر بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري قال: حدثني أنس قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ رَحِيمٌ حَيِيٌ كَرِيمٌ يَسْتَحِيي مِنْ عَبْدِهِ أَنْ يَرْفَعَ إليهِ يَدَيه ثُمَّ لا يَضَعُ فِيهما خَيرًا"، وصحح إسناده، فتعقَّبه الذهبيُّ بقوله: "عامر ذو مناكير" اهـ، قلت

: قال ابن عدي في الكامل (5/ 1739): منكر الحديث عن الثقات، وقال: ومع ضعفه يكتب حديثه، وفي تعجيل المنفعة (ص: 207): قال أبو داود: ليس به بأس، رجل صالح، وقال العجلي: يكتب حديثه وفيه ضعف.


3- وقَالَ ابنُ الحَصَّارِ: "وأَنَا أَقُولُ: إنَّ (الكَرِيمَ) هُوَ الكَثِيرُ الخَيْرِ المُتَأَتِّي لِكُلِّ مَا يُرادُ مِنْهُ مِنْ غَيُرِ تَكَلُّفٍ".

وبِهَذَا الاعْتِبَارِ سُمِّيَ السَّخِيُّ، والنَّخْلَةُ، والنَّاقَةُ الغَزِيرَةُ اللَّبَنِ، والشَّرِيفُ والجَوَادُ مِنَ الخَيْلِ، وسَائِرُ مَا وَقَعَ عَلَيهِ هَذَا الوَصْفُ.

وإذا اعْتَبَرْتَ جَمِيعَ مَا قِيلَ في مَعْنَى الكَرَمَ، عَلِمْتَ أَنَّ الذِي وَجَبَ للهِ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ لا يُحْصَى، فَأَوَّلُ ذَلِك شَرَفُ الذَّاتِ، وكَمَالُ الصِّفَاتِ

والنَّزَاهَةُ عَنِ النَّقَائِصِ والآفَاتِ، وقَدْ تَضَمَّنَ ذَلِكَ قَوْلُهُ الحَقُّ: ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾ [مريم: 65]، وقَوْلُه: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ [الشورى: 11].

وقَوْلُه تَعَالَى: ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ﴾ [الإسراء: 44]، تَعْظِيمًا لَه وتَقْدِيسًا وتَنْزِيهًا عَنْ صِفَاتِها.

فَهُو سُبْحَانَه الكَثِيرُ الخَيْرِ، ومِنْه قَوْلُه عليه السلام: "اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إلا خَيْرُكَ، ولَا إِلَهَ غَيْرُكَ"


صحيح: أخرجه أحمد (2/ 220): ثنا حسن، ثنا ابن لهيعة، أنا ابن هبيرة، عن أبي عبد الرحمن الحبلي؛ أن عبد الله ابن عمرو قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ رَدَّتْه الطِّيَرَةُ مِن حَاجَتِه فَقَدْ أَشْرَكَ"، قالوا: يا رسول الله، ما كفارة ذلك؟ قال: "أَنْ يَقُولَ أَحَدُهم: اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إلَّا خَيْرُك، ولَا طَيْرَ إلَّا طَيْرُك، ولا إِلَهَ غَيْرُك"..

. قال الهيثمي في المجمع (5/ 105): رواه أحمد والطبراني، وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات اهـ. قلت: وهو من رواية غير العبادلة عن ابن لهيعة، لكن قد رواه ابن وهب في جامعه (ص: 110)

وعنه ابن السني في عمل اليوم والليلة (ص: 293) عن ابن لهيعة به. وقد صحح رواية العبادلة عن ابن لهيعة عبدُ الغني بن سعيد الأزدي والساجي وغيرهما، كما في التهذيب (5/ 378).

وله شاهد حسَن، قال ابن وهب في جامعه (ص: 111): وأخبرني أسامة بن زيد قال: سمعت نافع بن جبير بن مطعم يقول: سأل كعبُ الأحبار عبدَ الله بن عمرو فقال: هل تطيَّر؟

فقال: نعم، قال: فكيف تقول إذا تطيَّرت؟ قال: أقول: "اللهمَّ لا طيرَ إلا طيرُك، ولا خيرَ إلا خيرُك، ولا ربَّ غيرُك، ولا قوة إلا بك"، فقال كعب: أنت أفْقهُ العرب، وإنها لكذلك في التوراة.


وهُوَ الذِي عَمَّ الجَمِيعَ بِعَطَائِهِ وفَضْلِهِ. وبِكَرَمِهِ أَمْهَلَ المُكَذِّبَ لَهُ واسْتَمَرَّتْ عَلَيْهِ نِعْمَتُه، ومِنْ كَرَمِه أَمْهَلَ إِبْلِيسَ وأَنْظَرَه، وتَرَكَه ومَا اخَتْارَ لِنَفْسِهِ، ولَم يُعْجِلْه ولا عَاجَلَه.

كُلُّ ذَلِكَ كَرَمٌ مِنْه وفَضْلٌ، ومِنْ كَرَمِ اللهِ تَعَالَى أَنْ تَفَضَّلَ عَلَى العُلَمَاءِ بأَنْ عَلَّمَهم مِنْ عِلْمِه، وأَنَارَ قُلُوبَهم مِنْ نُورِه، والشَّيْطانُ يَبْخَلُ ويَأَمُرُ بالبُخْلِ بما ليسَ له ولا يَبْقَى اهـ.

الكتاب الأسنى (ورقة 272 ب).

4- مِنْ كَرَمِ اللهِ تَعَالَى غُفْرَانُهُ للذُّنُوبِ، وعَفْوُهُ عَنْهَا، وتَبْدِيلُه السَّيِّئَاتِ بالحَسَنَاتِ

كَمَا قَالَ سُبْحَانَه ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 70].

وجَاءَ في الحَدِيثِ الصَّحِيحِ ما يَدُلُّ عَلَى هذا الكَرَمِ العَظِيمِ، وهو ما رَوَاهُ أبو مسلم، عن أبي ذَرٍ الغِفَارِي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنِّي لَأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ الجَنَّةِ دُخُولاً الجَنَّةَ،

وآخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْها، رَجُلٌ يُؤْتَى بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيُقَالُ: اعْرِضُوا عَليهِ صِغَارَ ذُنُوبِهِ وارْفَعُوا عَنْه كِبارَهَا، فَتُعْرَضُ عَليهِ صِغَارُ ذُنُوبِه، فَيُقَالُ: عَمِلْتَ يَوْمَ كَذَا وكَذَا، كَذَا وكَذَا

وعَمِلْتَ يَوَمَ كَذَا وكَذَا، كَذَا وكَذَا فَيَقُولُ: نَعَمْ، لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنْكِرَ، وهو مُشْفِقٌ مِنْ كِبَارِ ذُنُوبِهِ أَنْ تُعْرَضَ عَليهِ

فَيُقَالُ لَهُ، فَإنَّ لَكَ مَكَانَ كُلِّ سَيِّئَةٍ حَسَنَةً، فَيَقُولُ رَبِّ، قَدْ عَمِلْتُ أَشْيَاءَ لا أَرَاها هَهُنًا" فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللِه صلى الله عليه وسلم ضَحِكَ حَتَى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ

رواه مسلم (1/ 177)

والترمذي (4/ 2596)

وقال: حسن صحيح.

5- ومِنْ كَرَمِه سبحانه مَا جَاءَ فِي قَوْلِه في الحديثِ القُدْسِي: "إنَّ اللهَ كَتَبَ الحَسَنَاتِ والسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها كَتَبَها اللهُ لَهُ عِنْدَه حَسَنَةً كَامِلَةً

فَإنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَها كَتَبَها اللهُ لَهُ عِنْدَه عَشْرَ حَسَنَاتٍ إلى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إلى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، ومَنْ هَمَّ بسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها كَتَبَها اللهُ له سَيِّئَةً وَاحِدَةً"، وزَاد مُسلمٌ: "ومَحَاهَا اللهُ، ولا يَهلكُ عَلَى اللهِ إلا هَالِكٌ"


رواه البخاري (11/ 323)، ومسلم (1/ 118)

عن ابن عباس رضي الله عنهما، ورواه البخاري (13/ 465)، ومسلم (1/ 117 - 118) عن أبي هريرة مرفوعًا بنحوه، ورواه مسلم (1/ 147) عن أنس بن مالك، وهو حديث الإسراء الطويل، في الجزء الأخير منه.


قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ رحمه الله

في مَعْنَى الزِّيَادَةِ السَّابِقَةِ: مَعْنَاه مَنْ حُتِمَ هَلَاكُه، وسُدَّتْ عَليهِ أَبْوَابُ الهُدَى مَعَ سَعَةِ رَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى وكَرَمِهِ، وَجَعْلِهِ السَّيِّئَةَ حَسَنَةً إذا لم يَعْمَلْها

وإذا عَمِلَها وَاحِدَةً، والحَسَنَةَ إذا لَمْ يَعْمَلْها وَاحِدَةً، وإذا عَمِلَها عَشْرًا إلى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إلى أَضْعَافٍ كَثِيرةٍ، فَمَنْ حُرِمَ هذه السَّعَةَ، وفَاتَه هذا الفَضْلُ

وكَثُرَتْ سَيِّئَاتُه حَتَى غَلَبَتْ - مَعَ أَنَّها أَفْرادٌ - حَسَنَاتِهِ مَعَ أَنَها مُتَضَاعِفَةٌ فهو الهَالِكُ المَحْرُومُ، واللهُ أَعْلَمُ

شرح مسلم (2/ 152)

6- ومِنْ كَرَمِهِ سبحانه أَنَّه يَكْتُبُ الحَسَنَاتِ لِمَنْ لَمْ يَبْلُغْ مِنَ الأَطْفَالِ ومَا شَابَهَهَمُ، ولا يَكْتُبُ عَلَيهم السَّيِّئَاتِ، والدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ ابن عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ لَقِىَ رَكْبًا بالرَّوْحَاءِ

فَقَالَ: "مَنِ القَومُ؟" قَالُوا: المُسْلِمُونَ، فَقَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: "رَسُولُ اللهِ"، فَرَفَعَتْ إليهِ امْرَأةٌ صَبِيًّا فَقَالَتْ: ألِهَذَا حَجٌ؟ قَالَ: "نَعَم، ولَكِ أَجْرٌ"

رواه أحمد (1/ 219)، ومسلم (2/ 974) عن ابن عباس به.

وقَدْ أَوْرَدَ ابنُ حِبَّانَ هذا الحَدِيثَ في صَحِيحِه بَعْدَ ذِكْرِه لِحَدِيثِ: "رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ..." بِطَرِيقَتَيْنِ

فَقَالَ: "ذِكْرُ الخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى صِحَةِ مَا تَأَوَّلْنا الخَبَرَينِ الأَوَّلَيْنِ، اللذَيْنِ ذَكَرَنْاهما، بِأَنَّ القَلَمَ رُفِعَ عَنِ الأَقْوَامِ الذينَ ذَكَرَنْاهم في كَتَبَةِ الشَّرِّ عَليهم، دُونَ كَتَبَةِ الخَيْرِ لَهُم"

صحيح ابن حبان (1/ 306).

7- ومَنْ أَحَبَّ أنْ يَكُونَ أَكْرَمَ النَّاسِ فَلْيَتَّقِ اللهَ سُبْحَانَه

فَإنَّه سُبْحَانَه وتَعَالَى يَقَولُ: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13].

وفي حَدِيثِ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: قِيَلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قَالَ: "أَتْقَاهُم"

فَقَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَالَ: "فَيُوسُفُ نَبِيُّ اللهِ ابنُ نَبِي اللهِ ابْنِ خَلِيلِ اللهِ"، قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَالَ: "فَعَنْ مَعَادِنِ العَرَبِ تَسْأَلُونَ؟ خِيَارُهم في الجَاهِلِيّةِ خِيَارُهم في الإِسْلَامِ إذا فَقِهُوا"

رواه البخاري في مواضع، منها (6/ 387)، ومسلم (4/ 1846-1847)

والحديث يدل على جواز تسمية الإنسان بـ (الكريم) كما هو ظاهر.

فَأَعْظَمُ أَسْبَابِ الكَرَامِةِ عِنْدَ اللهِ هُوَ تَقْوَاهُ، ولذا كَانَ الرُّسُلُ أَكْرَمَ الخَلْقِ لِطَاعَتِهم صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيهم أَجْمَعِينَ.

هَذَهِ هِيَ الكَرَامَةُ الحَقِيقِيَّةُ التِي تَبْقَى في الآخِرَةِ لأصْحَابِها، حَتَّى يَدْخُلُوا بها دَارَ الكَرَامَةِ.

وأَمَّا مَا يَتَمَتَّعُ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الفُجَّارِ والكُفَّارِ مِنَ التَّكْرِيمِ بَيْنَ أَقْوَامِهم وَعَشَائِرِهِم وَأَهْلِيهم، واِرتِفَاع شَأْنِهم وذِكْرِهم بَيْنَ النَّاسِ، فَتْكَرِيمٌ زَائِلٌ بَاطِلٌ مُضْمَحِلٌّ، مُنَّقَلِبٌ إلى ضِدِّه يَوْمَ القِيَامَةِ مِنَ المَهَانَةِ والعَذَابِ الشَّدِيدِ

قَالَ سُبَحَانَهُ عَنْهُمْ: ﴿ خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ * ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ * ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ﴾ [الدخان: 47 - 49].

قَالَ الطَّبَرِيُّ رحمه الله:

"فَإنْ قَالَ قَائِلٌ: وكَيْفَ قِيلَ وَهُوَ يُهَانُ بالعَذَابِ الذِي ذَكَرَهُ اللهُ

ويُذَلُّ بالعَتْلِ إلى سَواءِ الجَحِيمِ: ﴿ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ﴾؟ قَيِلَ: إنَّ قَوْلَه ﴿ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ﴾ غَيْرُ وَصْفِ مَنْ يُقَالُ ذلك لَهُ بالعِزَّةِ والكَرَمِ

ولَكِنَّهُ تَقْرِيعٌ مِنْه لَهُ بِمَا كَانَ يَصِفُ به نَفْسَه في الدُّنْيَا

وتَوْبِيخٌ له بذلك عَلَى وَجْهِ الحِكَايَةِ؛ لأَنَّه كَانَ في الدُّنْيَا يَقُولُ: ﴿ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ﴾

فَقَيِلَ له في الآخِرَةِ إذ عُذِّبَ بِمَا عُذِّبَ بِهِ في النَّارِ، ذُقْ هذا الهوانَ اليَوْمَ، فإنَّكَ كُنْتَ تَزْعُمُ إنَّك أَنْتَ العَزِيزُ الكَرِيمُ، وإنَّكَ أَنْتَ الذَّلِيلُ المَهينُ، فَأَيْنَ الذِي كُنْتَ تَقُولُ وتَدَّعِي مِنَ العِزِّ والكَرَمِ؟! هَلّا تَمْتَنِعُ مِنَ العَذَابِ بِعِزَّتِكِ؟!"

جامع البيان (25/ 80)

ومثلها قوله تعالى: ﴿ فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ﴾ [الشعراء: 57، 58]

وغيرها فأَخرَجَهم اللهُ مِن المقام الكريم، وأدخَلَهم دارَ المهانة والعذاب الأليم.

8- سَمَّي اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى كِتَابَه (كَرِيمًا) في قَوْلِه: ﴿ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ﴾ [الواقعة: 77].

قَالَ الرَّاغِبُ:

"كُلُّ شَيْءٍ شَرُفَ في بَابِه فَإنَّه يُوصَفُ بِالْكَرَمِ"

المفردات (ص: 429).

قَالَ القُرْطِبيُّ:

"أَقْسَمَ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ؛ إنَّ هَذَا القُرآنَ قُرآنٌ كَرِيمٌ، لَيْسَ بسحرٍ ولا كَهَانَةٍ، ولَيْسَ بِمُفْتَرَى، بَلَ هُوَ قُرْآنٌ كَرِيمٌ مَحْمُودٌ، جَعَلَهُ اللهُ تَعَالَى مُعْجِزَةً لِنَبِّيهِ صلى الله عليه وسلم

وهُوَ كَرِيمٌ عَلَى المؤمنينَ؛ لأنَّه كَلَامُ رَبِّهم، وشِفَاءُ صُدُورِهم، كَرِيمٌ عَلَى أَهْلِ السَّمَاءِ؛ لأنَّه تَنْزِيلُ رَبِّهم وَوَحْيهِ".

وقِيلَ: (كَرِيمٌ) أَيْ: غَيرُ مَخْلُوقٍ.

وقِيلَ: (كَرِيمٌ) لِمَا فيهِ مَنْ كَرِيمِ الأَخْلَاقِ، وَمَعَالِي الأُمُورِ

في اللسان (5/ 3863):

﴿ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ﴾ [الواقعة: 77]

أي: يحمد ما فيه مِن الهدى والبيان والعِلم والحكمة.

وقِيلَ: لأَنَّه يُكرِّمُ حَافِظَه ويُعَظِّم قَارِئَهُ"اهـ.

التفسير (17/ 224).

9- وسَمَّى اللهُ تَعَالَى مَا أَعَدَّ لأنبيائهِ وأوليائهِ بالرِّزْقِ الكَرِيمِ

كَمَا في قَوْلِه: ﴿ لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [الأنفال: 4]، وغَيْرِها.

وقَوْلِه: ﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا ﴾ [النساء: 31].

قَالَ ابنُ جَرَيرٍ:

"وأَمَّا المُدْخَلُ الكَرِيمُ فَهُوَ الطَّيِّبُ الحَسَنُ المُكْرَّمُ بنَفْي الآفَاتِ والعَاهَات عَنْهُ، وبارْتِفَاعِ الهُمُومِ والأَحْزَانِ ودُخُولِ الكَدَرِ في عَيْشِ مَنْ دَخَلَهُ؛ فَلِذَلك سَمَّاه اللهُ كَرِيمًا] اهـ.

التفسير (5/ 30).

في سُؤَالِ مُوسَى عليه السلام رَبَّه عَنْ أَعْلَى أَهْلِ الجَنَّةِ مَنْزِلًا قَالَ سُبْحَانَه: "أولَئِكَ الذينَ أَرَدْتُ غَرَسْتُ كَرَامَتَهم بِيَدَيّ، وَخَتَمْتُ عَلَيها، فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ، ولَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، ولَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ".

قَالَ: ومِصْدَاقُه في كِتَابِ اللهِ تبارك وتعالى: ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً ﴾ [السجدة: 17]

رواه مسلم (1/ 176) عن المُغِيرة بن شُعْبَةَ.









رد مع اقتباس
قديم 2019-12-28, 19:50   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
ضياء محارب
عضو جديد
 
الصورة الرمزية ضياء محارب
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وفكم الله على هذا العمل شكرا لكم وللقائمين على هذا الموقع الجميل اخوكم من العراق يتمنى لكم كل الخير والتطور










رد مع اقتباس
قديم 2020-06-22, 03:21   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ضياء محارب مشاهدة المشاركة
وفكم الله على هذا العمل شكرا لكم وللقائمين على هذا الموقع الجميل اخوكم من العراق يتمنى لكم كل الخير والتطور
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك الطيب مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيكِِ
و جزاكِِ الله عنا كل خير









رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 09:47

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc