خاص الامير عبد القادر خلال جهاده ضد الفرنسيين لمدة تتجاوز 16 سنة أكثر من 120 معركة الا أن معركة المقطع التي وقعت صيف 1835 تبقى الأشهر بما احدثته من ردود فعل انذاك سواء على المستوى المحلي او الخارجي
ا قبل المعركة :
في شهر فيفري 1834 تم التوصل لاتفاق نهائي بين الأمير عبد القادر و الجينرال دي ميشال يقضي بوقف العمليات الحربية و كان الاتفاق يتكون من عدة بنود كانت كلها في صالح الأمير مما جعل وزارة الحربية في باريس تقيل الجينرال دي ميشال و تعين مكانه الجينرال تريزيل و كذلك تم اقالة الحاكم العام و تم تعويضه بالجينرال ايرلون
تريزيل يقع في المحظور و الأمير يلغي المعاهدة :
في ربيع 1835 اعلنت قبيلتي الزمالة و الدواير التي كانتا من اهم قبائل المخزن (اي القبائل المتحالفة مع النظام العثماني) انضامها الى الاراضي الخاصعة للدولة الفرنسية و طلبت الحماية من الجينرال تريزيل الذي لم يتردد في توفيرها لهم مما جعل الامير يغضب بشدة و يراسل تريزيل و يطلب منه اعادة القبلتيين الا ان تريزيل رفض و اصر على ان البند الرابع يتاعلق بالفراد كاشخاص و ليس القبائل مما جعل الامير يلغي المعاهدة .... و في مطلع جوان 1835 جمع الف فارس و الفي من المشاة لتأديب قبيلتي الزمالة و الدواير ووقع أول اشتباك بين قوات الامير و قوات مصطفى بن سماعيل (1) الذي لم يتردد في الاتصال بالجينرال تريزيل و يطلب من الدعم و فعلا ارسل ترزيل جيش من 5000الف جندي لدعم مصطفى بن سماعيل و لم يتردد في الهجوم على قبيلة الامير و هو في طريقه الى ميدان المعركة
القوات الفرنسية تنجوا من كمين سيق في انتظار يوم الحسم :
و في يوم 26 جوان وقع أول اصطدام بين قوات الأمير و قوات الجينرال تريزيل بالقرب من نهر سيق و كان الصدام عنيف جدا خاصة بعدما ركزت قوات الامير حملاتها على مقدمة و أجنحة الجيش و قد فقد ترزيل في هذه المعركة اكثر من 100 جندي و عدد كبير من الجرحى و الاسرى مما جعله يفكر في الانسحاب الى مدينة ارزيو
ابادة قوات ترزيل في المقطع :
الا ان سلوك طريق ارزيو لا يمكن الى عبر نهر المقطع و ليس هناك طريق تستطيع قوات ترزيل الى وهران غير هذا الطريق فقرر تريزيل ان يتحول الى المعبر الجبلي و ان يظهر عن طريق هذا النهر و حين رأى الامير حركة الطوابير الفرنسية عرف هدفها على الفور فان استطاع ان يسبقهم الى مرتفعات ذاك المضيق الجبلي فسيكونون تحت رحمته دون شك لكن المسافة كانت بعيدة جدا على الفرسان فاختار ألف فارس و امر كل واحد منهم أن يردف رجل من المشاة معهم و ان يسرعوا الى قمة الجبل
و حيت توغل الفرنسيون في المضيق رميت عليهم الصخور من الفوق و كانت قوات الخليفة الولهاصي تحاصرهم من الخلف فخشيت مؤخرة الجيش الفرنسي من عزلها عن بقية الجيش فاندفعن نحو الامام و هي في حال من الفوضى المريعة فقد غرق جزء في المستشفى الميداني في النهر اما رجال المدفعية فهربوا كلهم تاركين عتادهم الثقيل.. و اختلطلت القوات ببعضها البعض مما جعل قوات ترزيل تتعرض لمذبحة مروعة الصخور ترمى عليهم من الفوق و الولهاصي (2) يحاصرهم من الخلف فكانت نهاية اغلب قوات ترزريل بين قتلى جرحى و اسرى فيما سرات فلولهم الممزقة نحو ارزيو و هي تحمل مرارة الفشل
هذه هي معركة المقطع الخالدة التي انتصر فيها الامير و كانت في الحقيقة نقطة الانطلاق في مقاومته
اما بالجزائر العاصمة اوت 1835 خطب كلوزي في جيوشه الجرارة التي كانت تعاني من انهيار معنوي كبير بعد المعركة قائلا : لقد عزمنا على الانتقام من عبد القادر لانه انتصر على تريزيل و كبده من الخسائر ما لا يعمله الا الله ..لن نرتاح حتى نكيل له بالمثل
نتائج المعركة :
اهتزت فرنسا برمتها حينما وصلتها اخبار معركة المقطع و هكذا اقيل الجينرال ايرلون ليأتي مكانه الجينرال كلوزيل كحاكم عام في شهر جويلية 1835 و استبدل الجينرال ترزيل بالجينرال دارنلاج على وهران.. و هذا ان دل على شيئ فاانما يدل الى مدرى ارتباك الحكومة الفرنسية و تخبط حربية باريس في الانهزامات
كانت خسائر القوات الفرنسية هائلة جدا ..يقر ضابط بفداحة خسائرهم : أنا من كبراء العسكر كان تحتي 1800 جندي بقي منهم 18 فقط !
انضمت في المقاومة في متيجة بقيادة الحاج ابن زعموم و الحاج محي الدين بن مبارك الى الامير عبد القادر و اعترفت به كزعيم للجهاد
انخفضت الأصوات المناوئة للامير عبد القادر في الغرب الجزائري كما بايعته قبائل اخرى كانت تشك في قدرته على قيادة المقاومة سابقا
(1) : هو زعيم كرغولي كان زعيم لقبائل المخزن في الغرب الجزائري تحالف مع الفرنسيين ضد الامير عبد القادر الى ان قتل يوم 13 ماي 1843 و تم قط‘ راسه و ارساله الى الأمير الذي كان يتواجد بالونشريس انذاك
(2) : من ابرز خلفاء الأمير .. كانت خليفة على اقليم تلمسان و قد ابلى بلاء حسن في الجهاد ...قتله ملك المغرب شهر نوفمبر 1847
المصادر :
حياة الأمير عبد القادر لهنري ترششل
تحفة الزائر في اخبار الجزائر لمحمد بن عبد القادر
سلسلة جهاد شعب الجزائر لبسام العسلي
الحركة الوطنية الجزائرية للشيخ ابو القاسم سعد الله