----------- بسم الله الرحمن الرحيم ------
فليس بصواب أن يضع داعية نفسه فوق التربية، ويستعلي على حديث يزجره عن السوء ولو سمعه مائة مرة، فإن في النفوس ـ كل النفوس ـ قابلية لطيش في أوقات الغفلة، فتنزل إلى مستوى العوام، وإن استقام صاحبها على دين الخواص الفقهاء العباد دهرًا، أو حاز على أعلى شهادة وأرقى منصب وأضخم رصيد مالي، بل وإن ابيضت لحيته وتجاوز الكهولة سنه
فالدعوة تؤثر في الناس بمضمونها وحاملها معًاو على حامل الدعوة أن يحقق في نفسه ما يريد أن يحققه في الآخرين، فيتعهد نفسه بالرعاية ويمتاز بالشفافية، ويتحرى الصدق في المواقف، والإخلاص في النية، ويلاحق نفسه في كل ذلك
(إن على الدعاة أن يشكلوا النموذج الحي للمشروع الذي يريدون تنفيذه... من هنا كان الكلام . فما لم يشكل حملة الدعوة القدوة والأسوة، وما لم يستمدوا نورهم من مشكاة النبوة، وأخلاقهم من أخلاق النبوة، ويصبحوا كالصحابة نجومًا يهتدى بهم في ظلمات هذه الأيام فإن دعوتهم تبقى ناقصة، وتحتاج إلى سد هذا النقص ليأخذوا قيادة الناس بالفكر وبالعقل، وليحققوا في أنفسهم ما يمكنهم فكريًا وسلوكيًا من هذه القيادة بأمانة وإخلاص.
فحامل الدعوة هو حامل الأمانة التي يعمل على تأديتها بأمانة، فعليه أن يكون من الأمناء ، اختيارًا، لقد اختار الله سبحانه وتعالى لدعوة الإسلام ابتداءً رسولنا الكريم ثم كان الصحابة رضوان الله عليهم بما نالوه من فضل الصحبة وصدق الدعوة، وهم لم يبلغوا هذا الشأو وهذه المرتبة إلا بعد أن استقامت عقولهم على تعاليم الإسلام، وصفت قلوبهم وزكت واليوم لا يقوم بحقها إلا من تعهد عقله وقلبه وجوارحه للقيام بأمر الله .نفوسهم. فانه لايكفي في مجال الدعوة صواب العمل ما لم يرافقه إخلاص القائمين به وصدقهم ... وثباتهم على الحق وصبرهم على أمر الله ... إنه إذا كانت الأفكار هي الماء الذي يروي ويحيي، فإن حاملها هو الإناء الذي يحوي، لذلك يجب أن يحافظ عليه نظيفًا حتى يبقى ما في داخله نقيًا صافيًا
********** ابو ابراهيم *****