وجوب الكفر بالطاغوت - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم خاص لطلبة العلم لمناقشة المسائل العلمية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

وجوب الكفر بالطاغوت

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2024-01-22, 07:48   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عبدالله الأحد
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي وجوب الكفر بالطاغوت

باب ما جاء في الكفر بالطاغوت

وقول الله تعالى { فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } وقوله تعالى { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً } عن أبي مالك عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله ).
أخرجه مسلم برقم 23.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين (1/50):
والطاغوت كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع.اهـ
من كتاب زبدة التوحيد









 


رد مع اقتباس
قديم 2024-01-22, 07:49   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
عبدالله الأحد
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

معنى الكفر بالطاغوت وحقيقته
معنى الكفر بالطاغوت هو اعتقاد بطلان عبادة غير الله وأن تكفر أهلها وتعاديهم فلا يستقيم الإيمان بالله عز وجل إلا إذا صفا القلب وخلص من كل شائبة شرك وكفر.
أما حصر الكفر بالطاغوت بالحاكم بالقوانين الوضعية المخالفة لدين رب البرية فقط فهذا قول غريب لايعرف إلا من أهل الغلو فى التكفير ,وتقيد وحصر للطاغوت على الحاكم غلط كبير وغلو شنيع وإهمال للطواغيت الأخرى فى كل زمان

إن الله فرض على جميع خلقه أن يكفروا بالطاغوت ويعتقدوا اعتقاداً جازماً أن عبادته باطلة وأن من عبده كافر بالله العظيم.

قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} فهذه الآية فيها الإخبار بأنه ـ تعالى ـ أمر جميع خلقه باجتناب عبادة الطاغوت مطلقاً سواءاً كان إنساً أو جناً، أو شجراً، أو حجراً، أو هوى، أو شهوة، أو مالاً، أو جاهاً، أو وظيفة، وأن يعبدوه ـ سبحانه ـ وحده دون سواه.

وقال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} .

قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: "واعلم أن الإنسان ما يصير مؤمناً بالله إلا بالكفر بالطاغوت والدليل هذه الآية"

وضابط الكفر بالطاغوت ومعناه :

أن يعتقد الإنسان اعتقاداً جازماً بطلان عبادة غير الله وتركها والبغض لأهلها ومعاداتهم.

وضابط الإيمان بالله: الإعتقاد الجازم بأن الرب ـ سبحانه ـ هو الإله المعبود وحده دون سواه وإخلاص جميع أنواع العبادة كلها له وحده لا شريك له ونفيها عن كل معبود سواه.

حقيقة الكفر بالطاغوت

معلوم أن المرء إما مسلم وإما كافر وأن من لم يكن مسلماً كان كافراً لأي سببٍ كان عدم إسلامه.
فمن المعلوم أن المرء لا يكون عبداً لله مسلماً مؤمناً إلا إذا دخل في شريعة الله معتنقاً دينه،ولا يكون داخلاً في شريعة الله معتنقاً دينه حتى يستمسك من شريعة الله ودينه بالعروة الوثقى لا إله إلا الله،ولا يكون مستمسكاً بها حتى يأتي بأمرين وهو مسلم وجهه إلى الله وهو محسن:
أحدهما أن يكفر بالطاغوت ويجتنبه ويتبرأ منه ويبغضه ويعاديه ويعتزله ويهجره ويقاتله ابتداءً إن تعين عليه، والطاغوت اسم علم وجنس مشتق من الطغيان ونسبة إليه، وهو مجاوزة الحد،والطاغوت المتجاوز حده هو من يناقض لا إله إلا الله،بعدم نفي ما تنفيه وإثبات ما تثبته.
والثاني: بعدما تخلى عن الكفر وأهله،يتحلى بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والإيمان بالقدر خيره وشره،وتسمية الله بأسمائه الحسنى ووصفه بصفاته العلى وإخلاص الدين كله له سبحانه وتحكيم شرعه.
فإذا تحقق منه ذلك كان قد استمسك من شريعة الله ودينه بالعروة الوثقى لا إله إلا الله فيكون باستمساكه بها قد دخل في شريعة الله معتنقاً دينه من الباب. لا دخول الأدعياء المنتسبين.
ولا يمكن أن يكون قد حصل منه ذلك إلا بعلم ويقين وإخلاص وصدق ومحبة وانقياد وقبول.
وإذا نطق المرء أمامنا بشهادة أن لا إله إلا الله ولم يظهر منه ما يناقضها،فإننا نعتبره أنه لم ينطق بهذه الشهادة إلا عن استمساك. فإن بان لنا بعد ذلك أنه يناقض لا إله إلا الله فإنه يكون بمناقضته قد كفر بالله وبالإيمان من بعد الإيمان مرتداً على دبره عن دينه ناكصاً منقلباً على عقبيه فإن أحكام الدنيا تُبنى على الظاهر من إسلام وكفر(كما سبق بيانه)

وحقيقة الكفر بالطاغوت بأن يعتقد بكفره وبأنه عدو لله ولدينه وأن الله فرض عليه ذلك

لقوله تعالى: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا)

ولقوله تعالى) وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ)،

فعلم أن الكفر بالطاغوت هو بالنسبة للتوحيد كالوضوء بالنسبة للصلاة، فكما أن لا صلاة بغير وضوء، فكذلك لا توحيد دون الكفر بالطاغوت.

التبرؤ من أعوان الطاغوت وأنصاره

إذا كان الطاغوت سلطانا كافرا، فإن اعتقاد المسلم بكفر جنوده فرض عين كالصلاة، وشروط تأدية هذا الفرض أن يتبرأ من كل جندي من جنود الطاغوت حتى وإن كان ولده، وأن لا يزوجه ولا يتزوج منه ولا يصلي خلفه، وأن يظهر له العداوة والبغضاء

لقوله تعالى)قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ(، وإذا هلك لا يترحم عليه، ولا يحضر جنازته لا بتغسيل ولا بصلاة ولا بمشي ولا بدفن ولا بوقوف على حفرته.
وجندي الطاغوت هو كل من أمد الطاغوت بأي شكل من أشكال القوة والتمكين والمنعة، سواءً أكانت قوة مادية أم معنوية، وأقلها، مجرد أنه لا يعتقد في قلبه بكفره. فكما أنه لا صلاة بغير وضوء، فكذلك لا توحيد- بعد البيان وإقامة الحجة وإزالة الشبهة - دون الكفر بجنود الطاغوت.الذين يوالونه وينصرونه على المسلمين ويساعدونه على محاربة الإسلام والمسلمين ويقفون تحت راية الكفر واليهود والنصارى أهل الصليب ضد أهل الإسلام والتوحيد.

وقلنا لايكفر أفراد الجيش والداخلية وكذلك من لم يكفرهم أوشك فى كفرهم إلا بعد البيان وإزالة الشبهة لأن الكفر هنا ليس كفراً أصلياً كمن شك فى كفر اليهود والنصارى بل هو كفر ردة بعد إسلام فهؤلاء أفراد الجيش والداخلية الأصل فيهم الإسلام والتوحيد لأنهم من أفراد المجتمع المسلم ولكن عندما دخلوا فى نصرة وتأييد الحاكم المبدل لدين الله وعانوهأأأأأأ أعانوه على محاربة المسلمين هم بذلك ارتكبوا ناقضاً من نواقض الإسلام ,فكفروا به ابتداءً واسم الشرك لازم لهم لكن لما كانت الشبهة قوية والمسألة خفية لالتباس حال الكافر المرتد عليهم خلافاً لحال الكافر الأصلي الظاهر الجلى ,والفرق واضح بينهما فى ظل الشريعة وغيابها زد على ذلك اختلاف أهل الإرجاء وأدعياء السلفية فى تكفيره فوجب البيان وإزالة الشبهة والتأويل قبل التكفير والقتل ,ومن هنا نشأ الخلاف فى أفراد الجيش والشرطة الذين يحمون الكفر ويحرسونه هل هم كفار على العموم أم على التعيين؟

والراجح عندي بما ظهر لى من الأدلة أنهم كفار على العموم ولا يمنع وجود فيهم أفراد كنعيم بن مسعود رضى الله عنه يذب عن الإسلام ويخذل عن المسلمين وهذه من المسائل التى ضلت فيها أفهام وزلت فيها أقدام ولكن ينبغى معاملة هؤلاء مثل منكرى الصفات من أهل المقالات الخفية والتأويل كالخوارج والقدرية والمرجئة والمعتزلة والأشعرية فلم يكفرهم السلف إلا بعد البيان وإزالة الشبهة بالدليل المعتبر من الكتاب والسنة وفهم الصحابة رضى الله عنهم ,ومن أصر بعد البيان فيكفر كفر عناد لا تأويل

أن يجتنبه كما أمره الله

قال الله تعالى {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى فبشر عباد ,الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولائك الذين هداهم الله وأولئك هم ألوا الألباب} [الزمر: 17-

وحقيقة الاجتناب أن يكون فى جانب والطاغوت فى جانب آخر حتى يتميز المجتنب للطاغوت من المعين والناصر المخالط ,فإن أُكره فليبغضه بقلبه فإنه لاإكراه على القلب .

مالم يفهمه أهل الغلو من كلام النبى صلى الله عليه وسلم

وهذا الذى لم يفقهه أهل الغلو من حديث النبى صلى الله عليه وسلم فى إنكار المنكر فاعتبر صلى الله عليه وسلم إنكار القلب وعدم الرضى إيمان وليس وراء ذلك إلا الكفر,فوقع أهل الغلو فى تكفير المسلمين لأنهم لم يكفروا بالطاغوت على فهمهم السقيم,فهُم بنص القرآن:

- لم ينيبوا إلى ربهم ويرجعوا عن غلوهم إلى فهم الصحابة

- وليس لهم البشرى ,فإن البشرى للذين اتبعوا الحق بدليله

- ولم يستمعوا لكلام الله المحكم بل اتبعوا المتشابه منه ,وهذه من صفات أهل الزيغ والهوى

- فبذلك ضلوا عن الحق وما كانوا مهتدين بنور الله ورسوله

- وهذا يدل على جهلهم وضعف عقولهم وخفتها فليسوا من ألوا الألباب الذين ذكرهم الله

فمعنى الاجتناب الذى يكون به تحقيق الكفر بالطاغوت هو أن تكون فى جانب والطاغوت فى جانب آخر –وسيأتي تفصيل ذلك عند الحديث عن أصول الخوارج ومذهبهم –إن شاء الله تعالى بحوله وقوته وإعانته وتوفيقه –

وجوب الكفر بالطاغوت

قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى: (بل لا يصح دين الإسلام إلا بالبراءة من هؤلاء أي الطواغيت المعبودون من دون الله وتكفيرهم، كما قال تعالى: {فمن يكفُر بالطاغُوت ويُؤمِن بالله فقَد استمسك بالعُروة الوثقى} (البقرة: 256) (2).

وقال الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله تعالى: (فبيّن تعالى أن المُستمسك بالعروة الوثقى هو الذي يكفر بالطاغوت، وقدم الكفر به على الإيمان بالله، لأنه قد يدعي المدعي أنه يؤمن بالله وهو لا يجتنب الطاغوت وتكون دعواه كاذبة، وقال تعالى: {ولقد بعثنا في كُل أُمةٍ رسولا أن اعبُدوا اللهَ واجتنبوا الطاغُوت} (النحل: 36) فأخبر أن جميع المرسلين قد بُعِثوا باجتناب الطاغوت، فمن لم يجتنبه فهو مخالف لجميع المرسلين) (2).

منقول موقع الحصن










رد مع اقتباس
قديم 2024-01-22, 07:51   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
عبدالله الأحد
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

الكفر بالطاغوت


قال المصنف رحمه الله: (وَافْتَرَضَ الله عَلَى جَمِيعِ الْعِبَادِ: الْكُفْرَ بِالطَّاغُوتِ، وَالإِيمَانَ بِالله. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ -رحمه الله تعالى-: «مَعْنَى الطَّاغُوتِ: مَا تَجَاوَزَ بِهِ الْعَبْدُ حَدَّهُ، مِنْ مَعْبُودٍ، أَوْ مَتْبُوعٍ، أَوْ مُطَاعٍ»[1]).



الشرح الإجمالي:

(وافترض الله) وأوجب بالدليل المتقدم (على جميع العباد) المكلفين: (الكفر بالطاغوت)، والتبرؤ من الآلهة، (والإيمان بالله)، أي: إفراده بالعبادة وحده دون سواه، و(قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-) في بيان (معنى الطاغوت) هو: (ما تجاوز به العبد حده)، أي: الذي تجاوز به العبد قَدْرَه الذي ينبغي له في الشرع، سواء كان هذا الطغيان، أو التعدي والتجاوز من (معبود) مع الله تعالى، بأي نوع من أنواع العبادة، فمن صُرف له شيء من أنواع العبادة، وهو مقر بذلك وراض به فإنه طاغوت؛ (أو) من (متبوع) في معاصي الله جل وعلا؛ (أو) من (مطاع) من دون الله في التحليل والتحريم، بأن يحرم ما أحل الله أو يحل ما حرم الله [2].



الشرح التفصيلي:

هذا هو المقطع الأخير من هذه الرسالة المباركة -ثلاثة الأصول- للإمام المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله تعالى رحمة واسعة، وأجزل له الأجر والمثوبة-، حيث ذكر المصنف أن الله: (افترض الله على جميع العباد الكفر بالطاغوت والإيمان بالله)، ومعنى افترض، أي: أوجب سبحانه وتعالى على العباد جميعهم، فالعباد هنا يصدق أو يندرج تحته كل عباد الله جل وعلا ممن وُجِّه إليه الخطاب، وكُلِّف من الجن والإنس، فافترض الله عز وجل على جميع عباده الكفر بالطاغوت، والإيمان بالله، وأراد المصنف بهذا بيان أن التوحيد لا يتم إلا بعبادة الله وحده لا شريك له، واجتناب الطاغوت[3]، وبدأ المصنف -رحمه الله تعالى- بالكفر بالطاغوت قبل الإيمان بالله؛ لأن الله سبحانه وتعالى بدأ بهما في قوله جل وعلا: ï´؟ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ï´¾[4]، فابتدأ بالكفر بالطاغوت قبل الإيمان بالله، لأن الكفر بالطاغوت تخلية القلب وتخليصه وتصفيته من كل شر، ويعقب ذلك التحلية بالإيمان بالله عز وجل، فلا يستقيم الإيمان بالله عز وجل إلا إذا صفا القلب وخلص من كل شائبة وكفر، فإذا خُلِّص ونُقِّي تفرغت طاقته، وتوفرت همته على الإيمان بالله، فيجب على العبد أن يحرص على هذين المعنيين: الكفر بالطاغوت، وهو: تخلية القلب من كل شائبة شرك دقيق أو جليل؛ ثم الإيمان بالله، وهو: أن يعمر قلبه بكل ما يزينه، ويجمله ويحقق عبوديته لله عز وجل، ويحقق فيه وصفي السلامة والإنابة، فالسلامة والإنابة عليهما عَلَّق الله عز وجل النجاة يوم القيامة، فمن جاء بقلب سليم، ومن جاء بقلب منيب حصل له فوز الدنيا والآخرة[5].



والكفر بالطاغوت هو: البراءة من كل ما يُعبد من دون الله، والإيمان بالله هو: الإيمان بربوبيته وإلهيته[6]؛ فصفة الكفر بالطاغوت: «أن تعتقد بطلان عبادة غير الله، وتتركها وتبغضها، وتكفِّر أهلها وتعاديهم»[7]، ومعنى الإيمان بالله: «أن تعتقد أن الله هو الإله المعبود وحده دون من سواه، وتُخْلِص جميع أنواع العبادة كلها لله، وتنفيها عن كل معبود سواه، وتحب أهل الإخلاص وتواليهم، وتبغض أهل الشرك وتعاديهم»[8]، قال المصنف في بعض رسائله: (والكفر بالطاغوت: أن تبرأ من كل ما يُعتقد فيه غير الله، من جني، أو إنسي، أو شجر، أو حجر، أو غير ذلك؛ وتشهد عليه بالكفر والضلال، وتبغضه، ولو كان أنه أبوك أو أخوك؛ فأما من قال: أنا لا أعبد إلا الله، وأنا لا أتعرض السادة، والقباب على القبور، وأمثال ذلك، فهذا كاذب في قول: لا إله إلا الله، ولم يؤمن بالله، ولم يكفر بالطاغوت)[9]؛ فالطاغوت هو الشيطان، وما زيَّنه من عبادة الأوثان؛ والكُفْرُ بالشيطان يحصل: بالبراءة منه، ومعصيته في كل ما أمر به ونهى عنه؛ وكذلك الأوثان يكفر بها المؤمنون، ويتبرؤون من عبادتها مع وجودها، ومن عبادة المشركين لها، فنفي الأوثان، الذي دلت عليه كلمة الإخلاص، يحصل بتركها، والرغبة عنها، والبراءة منها، والكفر بها وبمن يعبدها، واعتزالها واعتزال عابديها، وبغضها وعداوتها [10].



ولما ذكر المصنف هنا الطاغوت؛ كان مناسباً لأهميته أن يذكر معنى الطاغوت اصطلاحاً[11]؛ فقال: (قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: معنى الطاغوت: ما تجاوز به العبد حدَّه من معبود، أو متبوع، أو مطاع)؛ قال: (ما تجاوز به العبد حدَّه)، والضمير في قوله: (حدَّه) يعود على العبد، وحدُّ العبد أن يكون عبداً، ولا يجوز أن يخرج عن هذا الحد، فلا يكون رباً، ويأمر كما يأمر الله جل وعلا[12]؛ ويمكن أن يعود الضمير في قوله: (حدَّه) على الحد الشرعي له، فالشرع حدَّ للأشياء حدوداً، وبيَّن علاقة المسلم بها، فإذا تجاوز العبد بشيء ما حدَّه الشرع، فذلك الشيء طاغوت، فالطاغوت: اسم لكل ما تجاوز به العبد حدَّه [13].



قال: (من معبود، أو متبوع، أو مطاع)؛ فجعل التجاوز في ثلاثة أمور: في العبادة، وفي الاتباع، وفي الطاعة [14]، وقوله: (من معبود)، (من): هذه بيانية لما يقع فيه التجاوز، يعني: سواء كان التجاوز في عبادةٍ بصرفها إلى غير الله، أو متبوعٍ باتباعه على ضلالة، أو مطاعٍ بطاعته فيما لا يجوز طاعته فيه[15]، فمن صُرِفَ له شيءٌ من أنواع العبادة، وهو مقرٌ بذلك وراض به، فإنه طاغوت؛ لأنه تجاوز حدَّه، وقدره في الشرع؛ لأن حدَّه في الشرع أن يكون عابدًا لله تعالى لا أن يكون معبودًا؛ فإذا رضي أن يكون معبودًا فقد تجاوز حده، فإذا عَبد أحدٌ غيرَ الله جلَّ وعلا، أو اتبعه وأطاعه، وتجاوز في ذلك الحدَّ الذي أُذن به شرعاً؛ فإنَّ ذلك الغير يكون طاغوتًا بالنسبة للعابد أو المتبع أو المطيع، ولا يكون طاغوتًا على وجه الإطلاق إلا إذا كان ذلك المعبود أو المتبوع أو المطاع راضيًا بذلك، لأنَّ من الناس من يعبد محمدًا صلى الله عليه وسلم، أو يعبد عيسى عليه السلام، أو يعبد رجلاً صالحًا، وهؤلاء لا يرضون بذلك بل ينهون عنه، ويتبرأون منه، والمتبرئ من الشيء ليس من أهله؛ فالذي لا يرضى بعبادته فإنه ليس بمذموم[16]، فمراده بـــــ (المعبود والمتبوع والمطاع)، أي: غير الصالحين، أما الصالحون فليسوا طواغيت وإن عُبدوا أو اتُبِعوا أو أُطيعوا[17]، والأمراء يُطاعون شرعاً أو قدراً، فيُطاعون شرعاً إذا أَمروا بما لا يخالف أَمرَ الله ورسوله، وفي هذه الحال لا يصدق عليهم أنهم طواغيت، والواجب لهم على الرعية السمع والطاعة، وطاعتهم لولاة الأمر في هذا الحال بهذا القيد طاعة لله-عز وجل –؛ لأن لله تعالى يقول: ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ï´¾[18]؛ وأما طاعة الأمراء قَدَراً فإن الأمراء إذا كانوا أقوياء في سلطتهم فإن الناس يطيعونهم بقوة السلطان وإن لم يكن بوازع الإيمان؛ لأن طاعة ولي الأمر تكون بوازع الإيمان، وهذه هي الطاعة النافعة لولاة الأمر، والنافعة للناس أيضاً؛ وقد تكون الطاعة بوازع السلطان، بحيث يكون قوياً يخشى الناس منه ويهابونه؛ لأنه ينكل بمن خالف أمره [19]؛ لكن من كان له سلطان على الناس وغلا فيه الناس؛ حتى جعلوا طاعته لازمة كطاعة الله سبحانه وتعالى، وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد تجاوز الإنسان بهذا المطاع حدَّه[20]، فحدُّ أي مخلوق أن يكون مؤمناً لله، مُطيعاً لله، وعابداً لله، ومتبعاً دينه؛ فإذا تجاوز العبد حده، ورضي بأن يُعبد صار طاغوتاً؛ وكذلك المتبوع إذا رضي أن يُتَّبع بالباطل صار طاغوتاً؛ وكذلك إذا رضي أن يُطاع في معاصي الله صار طاغوتاً[21]؛ فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله، أو يعبدونه من دون الله، أو يتبعونه على غير بصيرة من الله، أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة لله؛ فهذه طواغيت العالم إذا تأملتها وتأملت أحوال الناس معها رأيت أكثرهم ممن أعرض عن عبادة الله إلى عبادة الطاغوت، وعن التحاكم إلى الله وإلى رسوله إلى التحاكم إلى الطاغوت، وعن طاعته ومتابعة رسوله إلى طاعة الطاغوت ومتابعته[22]؛ وحاصله: أن الطاغوت ثلاثة أنواع: طاغوت حكم، وطاغوت عبادة، وطاغوت طاعة ومتابعة[23].



والمصنف -رحمه الله تعالى- لم يبين معنى الإيمان بالله؛ لأنه تقدم بيان معنى الإيمان بالله بياناً واضحاً شافياً بالأدلة؛ لكن لما كان الكفر بالطاغوت -الذي افترض الله جل وعلا على العباد الكفر به- يحتاج إلى بيانٍ، فإنه خصه ببيانٍ وافٍ واضح[24]، والطاغوت في الأصل مشتق من الطغيان، وهو: مجاوزة الحد في كل شيء[25]، وهو الظلم والبغي.



أما من حيث المعنى الاصطلاحي فإن الطاغوت له معنيان:

أحدهما خاص: وهو الشيطان، وهو المراد في القرآن عند الإطلاق؛ فإذا أُطلق الطاغوت في القرآن كان هو المراد.



والآخر عام: وهو المراد في القرآن إذا كان الفعل المذكور معه على صيغة الجمع لقوله تعالى: ï´؟ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ï´¾ [البقرة: 257][26][27].



وقد فُسِّر الطاغوت في كلام السلف بمعانٍ عديدة، ولم يرد في كتاب الله عز وجل إلا ذمّه، والأمرُ بالكفر به؛ حيث جاء ذكره، وقد جُمعت هذه التفاسير بما قاله ابن القيم -رحمه الله تعالى- في حده؛ وقد عرَّف جماعة من العلماء الطاغوت بتعاريف أُخر، فقال شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- في تعريفه: «والطاغوت: وهو كل ما يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ»[28]، وقال: «والطاغوت: كل مُعظم ومتعظم بِغَيْر طَاعَة الله وَرَسُوله من إِنسان أَو شيطان أَو شيء من الأوثان»[29]، وعرّفه أيضاً في موضع آخر فقال: «الطاغوت اسم جنس يدخل فيه الشيطان، والوثن، والكهان، والدرهم والدينار، وغير ذلك»[30]؛ وهناك تعاريف أخرى[31]؛ والحاصل من مجموع كلامهم -رحمهم الله تعالى-: أن اسم الطاغوت يشمل: كل معبود من دون الله، وكل رأس في الضلال، يدعو إلى الباطل، ويحسنه، ويشمل أيضاً: كل من نصَبَه الناس للحكم بينهم بأحكام الجاهلية المضادة لحكم الله ورسوله؛ ويشمل أيضاً: الكاهن، والساحر، وسدنة الأوثان، الداعين إلى عبادة المقبورين وغيرهم، وأصل هذه الأنواع كلها، وأعظمها: الشيطان، فهو: الطاغوت الأكبر [32]؛ فالطاغوت: عام في كل ما عُبد من دون الله، فكل ما عبد من دون الله، ورضي بالعبادة، من معبود، أو متبوع، أو مطاع في غير طاعة الله ورسوله، فهو طاغوت [33].


[1] ينظر: أعلام الموقعين عن رب العالمين (1/ 103).

[2] ينظر: حاشية ثلاثة الأصول، عبدالرحمن بن قاسم (98)؛ وتيسير الوصول شرح ثلاثة الأصول، د. عبدالمحسن القاسم (203).

[3] شرح ثلاثة الأصول، محمد بن صالح العثيمين (150).

[4] سورة البقرة، الآية [256].

[5] شرح الأصول الثلاثة، د. خالد المصلح (85).

[6] شرح الأصول الثلاثة، عبدالرحمن بن ناصر البراك (48).

[7] الدرر السنية (1/ 161).

[8] المصدر السابق.

[9] المصدر السابق (2/ 121).

[10] المصدر السابق (11/ 269).

[11] شرح ثلاثة الأصول، صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ (232).

[12] المحصول من شرح ثلاثة الأصول، عبدالله بن محمد الغنيمان (216).

[13] شرح ثلاثة الأصول، صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ (232).

[14] المحصول من شرح ثلاثة الأصول، عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي (106).

[15] شرح الأصول الثلاثة، د. خالد بن عبدالله المصلح (86).

[16] ينظر: شرح ثلاثة الأصول، صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ (232).

[17] شرح ثلاثة الأصول، محمد بن صالح العثيمين (151).

[18] سورة النساء، الآية [59].

[19] شرح ثلاثة الأصول، محمد بن صالح العثيمين (151).

[20] شرح الأصول الثلاثة، عبدالرحمن البراك (48).

[21] شرح الأصول الثلاثة، عبدالله بن محمد الغنيمان (216).

[22] أعلام الموقعين عن رب العالمين (1/ 103-104).

[23] الدرر السنية (10/ 503).

[24] شرح الأصول الثلاثة، د. خالد المصلح (85).

[25] تاج اللغة وصحاح العربية، للجوهري (2/ 1753).

[26] سورة البقرة، الآية [257].

[27] تعليقات على ثلاثة الأصول، صالح بن عبدالله العصيمي (58).

[28] مختصر منهاج السنة النبوية، للشيخ: عبد الله بن محمد الغنيمان (1/ 119).

[29] جامع الرسائل، المحقق: د. محمد رشاد سالم (2/ 373).

[30] مجموع الفتاوى (16/ 565).

[31] الدرر السنية (2/ 300).

[32] الدرر السنية (2/ 301).

[33] المصدر السابق (1/ 161).



رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/1470...#ixzz8PWfDrm8B










رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 21:21

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc