الشيخ عبد الله آل بسام : الإسلام دين ودولة
قال فضيلة الشيخ عبد الله آل بسام رحمه الله تعالى : ” الإسلام ” دين ودولة ” ، فكما بيّن علاقة العبد بربه ، واتصاله به، وآدابه معه، بيَّن أنواع التصرفات ؛ من البيع ، والتأجير ، والمشاركات ، والعقود الخيرية ؛ من الأوقاف ، والوصايا ، والهدايا .
كما بيَّن أحكام النكاح والعلاقات الزوجية ؛ من الشروط ، والعشرة ، والنفقات ، والفرقة الزوجية ، وآدابها ، وأحكامها ، والعدد ، ومتعلقاتها . ثم ما تحفظ به النفس من عقوبة الجنايات ؛ كالقصاص ، و الديات ، والحدود . ثم تطبيق هذه الأحكام وتنفيذها من أبواب القضاء وأحكامه .
فقد نظم العلاقات بين الناس في أسواقهم ، ومزارعهم ، وأسفارهم ، وبيوتهم ، وشوارعهم . فلم يدع شيئاً يحتاجون إليه في شؤونهم إلا وبيَّنه بأعدل نظام وأحسن ترتيب .
فالناس يحتاج بعضهم إلى بعض في هذه الحياة الدنيا ، لأن الإنسان مدنيٌّ بطبعه ، يحتاج إلى صاحبه ، كما أن صاحبه محتاج إليه .
ولا بد من قانون عادل ، يسن لهم طرق المعاملات ، وإلا حلت الفوضى ، وتفاقم الشر ، و أصبحت وسائل الحياة وسائل للهلاك والدمار .
وبسن هذه القوانين من الحكيم العليم بيان لما في الإسلام من رغبة في العمل ، ومحبة للكسب بأنواع التصرفات المباحة ، حفظاً للنفس ، وإعماراً للكون .
فهو دين الحركة والنشاط والعمل ، يحث عليه ويأمر به ، ويجعله نوعاً من الجهاد في سبيل الله ، وقسماً من العبادات ، يكره الكسل والخمول والاتكال على الغير ؛ { وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى } [ النجم : 39 ] ، { فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ } [ الجمعة : 10 ] .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( التاجر الصدوق يحشر يوم القيامة مع الصديقين والشهداء ) [1] . والنصوص في هذا كثيرة مستفيضة .
والإسلام بهذه الأحكام التي سنَّ بها المعاملات وآدابها ، أعطى كل ذي حق حقه بالقسط و العدل ، ووجَّه كل ذي طبع إلى ما يلائمه من الأعمال ، ليعمر الكون بالقيام بشتى طرق الحياة المباحة .
ثم بعد هذا يأتي من يهرف بما لا يعرف ، وينعق بما لا يسمع ، فينعى على الإسلام ، ويرميه جهلاً بأن نظمه غير كافية للحياة المدنية ، والتقدم الحضاري ، فلابد من استبدالها ، أو تطعيمها بشيء من القوانين البشرية الوضعية .
يريدون بذلك حكم الجاهلية ، الذي تخلَّقت به الوحوش الضارية من أعداء البشرية ، الذين سفكوا الدماء ، وقتلوا الأبرياء ، وأيموا النساء ، وأيتموا الصغار ، وآذوا الضعفاء ، وأكلوا أموال الفقراء بحكم الطاغوت ، وشريعة الغاب .
وهذه النظم الجائرة ، وتلك الأحكام القاطعة الظالمة هي النظم الملائمة عندهم للوقت الحاضر ، والصالحة لمقتضيات الحياة الحديثة و الأوضاع المتجددة .
أما الشريعة السماوية ، والدستور الإلهيّ ، الذي سُنَّ من قِبَلِ حكيم خبير ، عالم بأحوال البشر ، في حاضرهم ومستقبلهم ، ليكون النظام الأفضل ؛ فهو غير صالح عند هؤلاء الذين يبغون حكم الجاهلية { وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } [ المائدة : 50 ] .
بصَّر الله المسلمين بما ينفعهم ، وأعادهم إلى حظيرة دينهم ، وأعزهم به ، وأعزه بهم ، إنه حميد مجيد ، سميع قريب ” .
ــــــــــــــ
[1] : رواه الإمام الترمذي بنحوه (1212) ، وضعفه الألباني في بلوغ المرام (167) ,
تيسير العلام شرح عمدة الأحكام
صفحة 621
منقول من شبكة سحاب السلفية