المقدمة:
تعتبر الكرمة من أهم أنواع الفاكهة وأكثرها انتشارا في مختلف بقاع العالم إذ تعتبر ثمارها فاكهة مرغوبة من غالبية سكان الأرض حيث يتم تناول هذه الثمار طازجة أو يستخلص منها عصير يتم تناوله طازجا أو معلبا , ويعتبر هذا العصير العمود الفقري لصناعة النبيذ وسواه من المشروبات في مختلف بقاع العالم ,لذلك تزداد المساحات المزروعة بالعنب باستمرار في مختلف أنحاء العالم .
تصاب أشجار الكرمة بالكثير من الأمراض والآفات ومن ضمنها الأمراض الفطرية التي تسبب الكثير من الأضرار للأشجار وتؤدي إلى تدني إنتاجها وضعفها بل إلى موتها في بعض الأحيان. ومن أهم هذه الأمراض:
أولا- البياض الزغبي على العنب(Downy mildew):
• الموطن الأصلي والانتشار والأهمية الاقتصادية:
الموطن الأصلي لهذا المرض هو أمريكا ومنها انتشر إلى أوربا حيث دخل إلى فرنسا عام 1878,وقد ألحق بكروم العنب فيها أضرارا كبيرة رغم اكتشاف المطهرات الفطرية عام 1884, ومن فرنسا انتشر المرض في أوربا وباقي مناطق زراعة الكرمة في العالم . ينتشر هذا المرض في سورية في المناطق الرطبة ,خاصة الساحلية (محافظتي اللاذقية وطرطوس ) وبعض المناطق الجبلية الرطبة (محافظة حمص- منطقة شين ). وفي سهل العمق ومنطقتي حارم وسلقين . ويندر وجوده في المناطق الداخلية الجافة .
• أعراض الإصابة :
آ- على الأوراق :
تؤدي الإصابة إلى انخفاض قدرة الأوراق على التمثيل الضوئي مما يؤدي إلى انخفاض المحصول .
تظهر على الأوراق بقع زيتية شفافة صغيرة تتطور ببطئ وبشكل مستمر حتى تصل إلى قطر 1-2 سم وتنتج هذه البقع لأن الفطر يقوم بتخريب وهدم الكثير من الخلايا الصانعة لليخضور وإذا كان الجو جافا تبقى هذه البقع على حالها بدون تطور عدة أيام وحتى عدة أسابيع ,
وعندما يصبح الجو رطبا تظهر على السطح السفلي للأوراق النموات الزغبية التي تتكون من حوامل الأكياس البوغية ومن الأكياس البوغية , ثم تظهر النموات الزغبية هذه على حواف البقع الزيتية وإذا كانت الرطوبة مرتفعة بحدود 90-100% تعم النموات الزغبية كامل سطح البقع الزيتية مما يسبب جفافها ويصبح لونها بني محروق ,ويصبح سطح الورقة شبيه بالرسوم المزركشة على السجادة حيث تسبب سقوط هذه الأوراق وعادة نلاحظ ظهور هذه البقع على أوراق الكرمة في أواخر الربيع وبداية الصيف .
وعند ظهور البقع الزيتية والنموات الزغبية يجب عدم حدوث الالتباس بينها وبين الأعراض الناتجة عن الإصابة بالحلم , كما يجب التفريق بينهما وبين الاصفرار الناشئ عن البرد أو الصقيع وذلك الاصفرار الناتج عن تأثير المركبات النحاسية السام . كذلك تظهر أعراض البياض الزغبي على شكل أعراض الموزاييك حيث تظهر هذه الأعراض في أواخر الموسم في أواخر آب وأول أيلول , وتظهر عادة على أصناف الكرمة الحساسة وتكون هذه الأعراض أكثر شمولية حيث تتحدد المناطق والبقع المصابة على الورقة وأعصاب الورقة ويصل قطر البقعة إلى 1-2 مم وتكون النموات الزغبية (الأبواغ) أقل وضوحا من السابق وتظهر بالطبع على السطح السفلي . ويترافق حدوث الإصابة عادة مع تكون الأبواغ البيضية للفطر .
الأوراق الحديثة هي أكثر حساسية لهذا المرض وأكثر تعرضا للإصابة وعندما تصل الورقة إلى حجمها الطبيعي الكامل تصبح أكثر مقاومة للبياض الزغبي ولكن مع تقدم الربيع الرطب تضعف قدرة الأوراق على مقاومة المرض وسرعان ما تصاب عندما تتوفر العدوى.
ب- على النموات والفروع:
إن إصابة الفروع بالبياض الزغبي يضعف بنيتها ويضعف قدرتها على التخشب وتقل قدرتها على تخزين الغذاء خلال فترة الصيف , حيث تصبح أقصر وأثخن من الأفرع السليمة نظرا لكبر حجم الخلايا في المناطق المصابة ويتشكل عليها تخطيطات طولية لا لون لها في البداية ثم تصبح صفراء , وتنتهي باللون البني , كما يمكن أن تظهر على هذه النموات والفروع النموات الزغبية المميزة للفطر ولكن تبقى أقل مما هي على الأوراق .
أما بالنسبة للأغصان والفروع المتقدمة بالسن فإن نسجها المتخشبة تحميها من المرض , ولكن الإصابة تظهر عليها فقط على عقدها ويجب التأكيد أن تطور الإصابة يؤدي إلى ضعف الشجرة ويؤدي حتى إلى موتها .
وننوه هنا أن دخول الفطر إلى داخل أنسجة شجرة الكرمة يمنع هذه الشجرة من الدخول في طور السكون وهذا بالطبع يؤدي إلى تشكيل نموات في وقت مبكر في الربيع وحتى في الشتاء أو في الخريف وبالتالي إذا حدث صقيع مبكر في الربيع أو في الخريف فإنه يؤثر على هذه النموات ويؤدي إلى إلحاق ضرر كبير بالشجرة.
ج- على العناقيد والثمار :
في حال الإصابة المبكرة بالفطر تظهر البقع المميزة للمرض على العنقود وذلك حتى قبل تفتح الأزهار حيث تظهر الإصابة على احد جوانب العنقود مما يؤدي إلى تشوه محور العنقود حيث يمكن أن ينحني على شكل حرف U, وعند توفر الرطوبة الكافية تظهر على حوامل العنقود الحوامل والأكياس البوغية (الزغب) وبالتالي تنتشر الإصابة حتى تعم الأزهار بكاملها, وعند عقد الأزهار فإن الثمار تبقى صغيرة وتتغطى بالنموات الزغبية البيضاء .
أما في حال الإصابة المتأخرة فإنه يظهر على العنبات الكبيرة والتي لم تبلغ طور النضج ,إذ تتلون الأنسجة الداخلية وقشرة الثمرة باللون البني دون أن يكون ذلك مترافقا وظهور الحوامل البوغية ونسمي هذا العرض بالعفن البني . (المرجع الثاني)
• الفطر المسبب:
يسبب مرض البياض الزغبي على العنب المتطفل الإجباري Plasmopara viticola الذي يتبع صف
الفطور البيضية Oomycetes:ورتبة or:Peronosporales وفصيلة fa:Peronosporaceae ينمو في المسافات البينية للخلايا ويرسل ممصاته إلى الخلايا . يشكل الفطر طورا جنسيا (أبواغ بيضية)على الأوراق المتساقطة وتحتفظ بحيوية الفطر وتسبب الإصابة الأولية في الربيع أما الإصابة الثانوية فتنتج عن الأبواغ الهدبية .
• دورة حياة الفطر:
غالبا ما يقضي الفطر فترة السكون الشتوي على هيئة أبواغ بيضية في الأوراق المتساقطة , ولكن في الأماكن ذات الشتاء الغير بارد قد يقضي الفطر فترة السكون على هيئة ميسيليوم في البراعم وفي الأوراق المتبقية على الكرمة .وتوجد الأبواغ البيضية بكثرة في الطبقات السطحية من التربة الرطبة , ووجد أن درجة الحرارة لا تؤثر بشكل ملحوظ على حيوية هذه الأبواغ .
تنبت الأبواغ البيضية في الماء عندما تتحسن الظروف الجوية في الربيع (بمجرد وصول درجة الحرارة إلى 11م) لتنتج كيس اسبورانجي الذي منه تخرج الأبواغ الهدبية السابحة التي تقوم بعملية الانتشار الأولية بواسطة ماء المطر.
تخرج الحوامل الاسبورانجية من خلال ثغور الأجزاء المصابة , وتحتاج لذلك إلى رطوبة نسبية من 95 إلى 100% وعلى الأقل فترة 4 ساعات ظلام . ووجد أن درجة الحرارة المثلى للتبوغ هي 18-25 س , وتنفصل الأكياس الاسبورانجية ثم تتطاير بواسطة الرياح لتسقط على أوراق النباتات , فتنبت بوجود الرطوبة العالية التي قد تصل إلى ماء حر وبوجود درجة حرارة مثلى تتراوح بين 22-25 س ,لتنتج أبواغ هدبية تسبح حتى تصل إلى قرب الثغر فتخترقه بواسطة أنبوبة الإنبات , وتكون الفترة فيما بين الإنبات وحدوث الاختراق أقل من 90 دقيقة , وذلك عند توافر الظروف البيئية المناسبة . وعادة ما تتكون الأكياس الاسبورانجية أثناء الليل وتصبح ساكنة إذا تعرضت لأشعة الشمس لعدة ساعات , وعموما تتم عملية العدوى في الصباح . والوقت اللازم من العدوى حتى ظهور أول الأعراض (فترة الحضانة ) وهو أربعة أيام , ويعتمد على عمر الورقة والصنف والحرارة والرطوبة .(المرجع الأول)
• الظروف البيئية المناسبة لتطور وانتشار المرض:
وجد أن كل العوامل التي تؤدي إلى زيادة الرطوبة في التربة والجو والنبات العائل تؤدي إلى زيادة الإصابة بمرض البياض الزغبي , ولذلك فإن المطر هو العامل الرئيسي المشجع لظهور المرض بشكل وبائي .وتلعب الحرارة دورا هاما في إعاقة أو سرعة تقدم المرض .وقد وجد أن الحرارة المثلى لتقدم الفطر حوالي 25م أما الحرارة الدنيا والحرارة القصوى لنشاط الفطر فهي 10, 30م . وقد وجد أيضا أن مرض البياض الزغبي يكون وبائيا عندما يكون الشتاء رطبا يتبعه ربيع ممطر وصيف دافئ تتخلله الأمطار كل 8-15 يوم .هذه الظروف تساعد على استمرار حيوية الأبواغ البيضية و إنباتها في الربيع , كما أنها تسمح بتقدم المرض وانتشاره في مزارع العنب .كما وجد أن تتابع فترات المطر يؤدي إلى تشجيع إنتاج أفرخ صغيرة قابلة للإصابة .(المرجع الأول).
• المكافحة المتكاملة:
- الإجراءات الوقائية:
1. تحسين الصرف في التربة :الذي يؤدي إلى إنقاص اللقاح الباقي في المزرعة أثناء فترة الشتاء.
2. إزالة الأوراق والأفرع المصابة وحرقها .
3. يجب إزالة الأوراق والأفرع السفلى من على الشجرة وذلك من أجل تجنب وصول الفطر إليها من التربة وبالتالي يمنع صعوده إلى الأجزاء العليا من الشجرة .
4. زراعة الأصناف المقاومة .
5. زراعة النباتات على مسافات مناسبة وتجنب الزراعة الكثيفة وتقليم الأشجار تفاديا للتظليل وتراكم الرطوبة حول الأوراق .
6. إزالة البقايا النباتية المريضة وغيرها من مخلفات التقليم وإحراقها وذلك لتقليل مصدر العدوى في الموسم التالي وإزالة الأعشاب التي يلجأ إليها الفطر .
- المكافحة الكيميائية:
رش الأشجار وقائيا في أماكن انتشار المرض بأحد المبيدات التالية :
أملاح النحاس (محلول بوردو) وأوكسي كلورور النحاس .
مركبات الداي ثيو كربامات (زينيب- مانيب- مانكوزيب).
كابتان- فولبت- كابتانول .
المبيدات الجهازية ومجموعة الفينيل أميد(ميتالاكسيل- أوكسادكسيل- بينالاكسيل).
مركبات الفوسفور العضوية (فوستيل).