( الصّوم مدرسة الأخلاق ) لفضيلة الشيخ عبد الخالق ماضي الجزائري - حفظه الله - - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

( الصّوم مدرسة الأخلاق ) لفضيلة الشيخ عبد الخالق ماضي الجزائري - حفظه الله -

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-05-18, 19:59   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*أم جابر*
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية *أم جابر*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي ( الصّوم مدرسة الأخلاق ) لفضيلة الشيخ عبد الخالق ماضي الجزائري - حفظه الله -


السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته
[color="rgb(0, 100, 0)"] الصّوم مدرسة الأخلاق[/color]
بقلم الشّيخ الفاضل :

[color="rgb(0, 100, 0)"]عبد الخالق ماضي الجزائري[/color]

- حفظه الله و رعاه -
يجتهد المصلحون و أصحاب الدّعوات و المعتقدات في وضع أسس للتّربية و قواعد و نظريات للأخلاق ، و يسعون جاهدين لغرس المبادىء و القيم و المثل في نفوس النّاشئة و يحاولون بكلّ الوسائل و بشتّى الطّرق و الأساليب إصلاح المجتمع ، و لكنّ كثيرا ما تضيع تلك الجهود و تتلاشى تلك القواعد و النّظريّات و تذهب دعواتهم و صيحاتهم أدراج الرّياح ، و هكذا تتعاقب الأجيال و يتفاوت المصلحون و أصحاب الدّعوات و لكنّ سنّة الله في الكون أنّ ما يؤسّسون عليه بنيانهم صائر على الخرور و الزّوال .
و لكنّ دين الله الخاتم الذي ارتضاه الله للبشريّة جميعا ديناً خالصاً و لن يقبل الله من أحد ديناً سواه و هذا منذ بعثة محمد صلى الله عليه و سلم إلى أن تقوم السّاعة كما قال الله تعالى : { و من يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه و هو في الآخرة من الخاسرين } [ آل عمران : 75 ] ، جعل من نسكه و عباداته مدارس للتّربية و الأخلاق و معاهد لإعداد النّفوس و إعطاء الدّروس و العبر ، فجعلها الله سبحانه كلّها تؤسّس الشّخصيّة السّويّة للمسلم و تحافظ على هذه الشّخصيّة و تعصمها من الهلاك و الضّياع ، فالشّهادتان مدرسة للتّربية و الصّلاة مدرسة للتّربية و الزّكاة مدرسة للتّربية و الحجّ مدرسة للتّربية و هي مجتمعة مدرسة للتّربية ترعى كلّ جانب من جوانب المسلم ، و تصقل تربيته و أخلاقه .
و نريد في هذا المقام أن نتحدّث عن الصّوم باعتباره مدرسة للتّربية و الأخلاق و هو الرّكن الرّابع من أركان الإسلام كما في حديث عبد الله بن عمر مرفوعاً " بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلاّ الله و أنّ محمدا رسول الله و إقام الصّلاة و إيتاء الزّكاة و صوم رمضان و حجّ البيت "
و هو زيادة على كونه عبادة بدنيّة روحيّة صافية ، فإنّه فرض في هذا الشّهر الكريم تكريماً للمؤمن و تشريفاً له بهذه العبادة السّامية في شهر التّنزيل .

كما أنّه بجانب ذلك تكريم لهذا الشهر حيث جعله الله شهر القرآن و نزول الوحي بالكتب و الرّسالات التي ختمها بنزول القرآن الكريم .

و هذا أيضاً تكريم لهذا الكتاب العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه لأنّه تنزيل من حكيم حميد ، فكان شهر التّنزيل ، هو شهر الصّوم و إعلان العبوديّة الخالصة لله العظيم .

و فوق ذلك كلّه هو نوع من الشّكر و الثّناء من العباد لله ربّ العالمين الذي نبّأ رسوله بنزول الوحي عليه في هذا الشّهر ، و أرسله بهذه الرّسالة التي جاءت لتنقذ البشريّة على اتّساعها و امتدادها منذ أن نزلت و فرض الصّوم حتّى تقوم السّاعة .

و لكن كيف يكون هذا الثّناء و هذا الشّكر إذا لم يكن في صورة تليق بذات الخالق العظيم و ترفع من قيمة الشّاكر لله كما ترفع من شأن الوسيلة و ميقاتها ؟

فهي أفضل طاعة و أعظم إنابة و أكرم استجابة و قرب إلى الله تعالى ، لذلك جاء في الحديث الصّحيح :كلّ عمل ابن آدم يضاعف ، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء الله ، قال الله عزّ و جلّ : إلاّ الصّوم فإنّه لي و أنا أجزي به "

و صوم رمضان بجانب أنّه يربّي الرّوح و البدن معاً و يربّي المسلم الصّائم على النّظام و الطّاعة و الاستقامة ...الخ ، فإنّه أيضاً يغرس في كيانه الرّحمة و العطف و الإحسان و البرّ و رقّة القلب و المشاعر و يزوّده بالتّقوى فهي أعظم زاد للمسلم ، قال الله تعالى : { و تزوّدوا فإنّ خير الزّاد التّقوى و اتّقون يا أولي الألباب } [ البقرة : 197 ] .

إنّ أفضل و أهمّ ما يساعد المؤمن و يفتح له مغاليق الأمور هو الصّبر ، فمن رزق الصّبر في حياته رزق الخير كلّه ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

ما رزق عبد خيراً له و لا أوسع من الصّبر "
و الصّبر أفضل ما يعين المرء على العبادة و مكابدة العيش و مشاقّ الحياة ، كما أنّه يعين على الطّاعة و مقاومة هوى النّفس و يبعدها عن الشّهوات و النّزوات ، و يرتفع بها عن مهاوي الرّذائل و مساوىء الأخلاق ، و قد سمّي شهر رمضان بشهر الصّبر كما في الحديث الصّحيح " صوم شهر الصّبر و ثلاث من كلّ شهر يذهبن وحر الصّدر "
فإذا جاء الصّبر و شهر الصّبر ذهب وحر الصّدر الذي يحرق النّفس و يبدّد الأمن و الرّاحة و يلهب الصّدر و يجعل الوساوس و الهواجس تسيطر على صاحبها ، أصبح المسلم الصّائم من أهل الجنّة التي وصف الحقّ أهلها بذلك الوصف العظيم { و نزعنا ما في صدورهم من غلّ إخواناً على سرر متقابلين } [ الحجر : 47 ] ، فإذا جاء الصّبر و سكن في أعماق النّفس ، ذهب وحر الصّدر و انقشع غلّ الصّدر و الحسد و استمسك المؤمن بكلّ ما يمنحه القوّة و الهمّة و العزم على قهر النّزوات و كبح جماح الشهوات ، و ابتعد عن الذّنوب و المعاصي و الموبقات و ذهب عنه الضّيق و الضّجر و الغيظ و الغضب ، و القسوة و الغلظة و الجفوة و الحمق ، فنال الرّضا و القناعة مع لين الجانب و حسن الجزاء كما جاء في الحديث الصّحيح : " من كظم غيظًا و هو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق ، حتّى يخيّره من الحور العين يزوّجه منها ما شاء " (5)
فإذا أصبح المسلم واسع الصّدر يميل إلى العفو و الغفران و امتلأ كيانه بالرّحمة و الشّفقة على من سواه امتلأت نفسه بالقناعة و الرّضا و امتلا بالرّفق الذي يزين المسلم و ينشر بهاءه و وقاره ، قال رسول اللله صلى الله عليه و سلم : ً" ما كان الرّفق في شيء إلاّ زانه و لا نزع من شيء إلاّ شانه " ، و قال : " من أعطي حظّه من الرّفق فقد أعطي حظّه من الخير و من حرم حظّه من الرّفق حرم حظّه من الخير " (6) .
فمن رزق الصّبر و ذهب عنه وحر الصّدر و امتلأ بالرّفق و ابتعد عن الفحش و التّفحّش فما يكون ردّه إن جهل عليه أحد أو سبّه ؟
" إنّي امرؤ صائم ... إنّي امرؤ صائم ... إنّي امرؤ صائم " ، إنّها إجابة تنمّ عن ضبط النّفس و كبح جماحها ، كما أنّ هذه الإجابة تحمل هذا المفهوم و هذا المعنى بكلّ دقّة و تحديد أي أنّني مسلم صائم بعيد عن الغيظ و الغضب و الجهل و البذاءة ، بعيد عن الفحش و التّفحّش قريب من الرّفق و الرّحمة و لين الجانب و حسن الخلق ، فكان هذا الصّوم مدرسة الخُلُق الذي يثقل ميزان المسلم يوم القيامة كما قال صلى الله عليه و سلم : " خير ما أعطي النّاس حسن الخلق " (7) .
و لم يترك الإسلام المسلم أن يقابل الجهل و السّبّ و الشّتم بمثله بل أمر المسلم الصّائم بالابتعاد عن كلّ ما يجرّ الغضب و الغيظ و يدفع المسلم إلى مزالق الشّرّ و السّوء و ينتقص من أدب المسلم و أخلاقه ، فنهى عن قول الزّور و العمل به ، فقد قال صلى الله عليه و سلم : " من لم يدع قول الزّور و العمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه و شرابه " .
هذا في صيامه إلى جانب تلك القاعدة العامّة التي تحدّد منهج المسلم و سلوكه في الحياة و التي أعلنها سيّد الخلق في قوله : " المسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده و المهاجر من هجر ما نهى الله عنه "
و ليس هذا فقط ، و لكنّ حسن الخلق الذي غرسه الصّيام في نفس المسلم إلى جانب الأركان الأخرى لهذا الدّين تضاعف له الأجر و تزيد من رصيده فيصل به إلى ذروة التّربية كما يصل به إلى أعلى مكانة ينالها المؤمن في الآخرة ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق و إنّ صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصّوم و الصّلاة "
فالمؤمن الذي تربّى في مدرسة الصّوم علاوة على مدرسة الإسلام الكبرى كأنّه في صلاة دائمة و صيام دائم بما اكتسبه من حسن الخلق و جمال التّربية و منهج الاستقامة و الطّاعة .

فهنيئاً للمسلم بالصّوم و بهذا الشّهر الكريم .
مجلّة منابر الهدى - السّنة الأولى - العدد الأوّل - رمضان 1421هـ








 


رد مع اقتباس
قديم 2015-05-19, 04:24   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
محمد القحطاني
عضو مبـدع
 
إحصائية العضو










افتراضي



شكراً جزيلاً لـك
وبارك الله فيــك










رد مع اقتباس
قديم 2015-05-19, 09:51   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
نور الرحمة
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية نور الرحمة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2015-05-19, 14:30   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
sweet sweet
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مدرسة, لفضيلة, الأخلاق, الصّوم


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 11:24

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc