بإسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين
فمن المذاهب الهدامة التي يراد بها محو الإسلام وفتنة المسلمين .... الدمقراطية
فهذه النحلة الفاسدة يصدرها الغرب للشرق من أجل حرف المسلمين عن العقيدة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم وأنزل الله بها كتابه .
وقد تظافرت أقوال المعرفين للكلمة على أن الدمقراطية كلمة لاتنية مكونة من شقين
الشق الأول : diimo تعني الشعب
الشق الثاني :craatos تعني الحكم أو السلطة ، فيكون المعنى الحكم للشعب أو السلطة للشعب
وللدمقراطية مدلول سياسي شاع إستخدامه في الفلسفات القديمة ، فهي تعني تمكين الشعب من ممارسة سلطته ، فالشعب يضع قوانينه بنفسه ويحكم نفسه بنفسه .
وتخضع السلطة في الدمقراطية لرأي عام حر له من الوسائل القانونية ما يخضعها لنفوذه .
كان ما تبلور في الفكر القانوني السياسي تحت مصطلح السيادة ، الإنطلاقة لهذه الأفكار ولشيوعها بين القانونيين
فقد عرفت السيادة بإنها سلطة عليا مطلقة لا شريك لها ولا ند متفردة بالتشريع الملزم فيما يتعلق بأمور الدولة والمجتمع لها حق الأمر والنهي والإلزام لا يحد من إرادتها شيء و لا تدانيها سلطة أخرى ، والسيادة في الفكر الدمقراطي هي للشعب .
ولو لم يكن إلا هذا لإستدل العبد على خطورة هذا الأمر وعلى منافاته كلية لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم .
فلو لم يخبرنا أحد أن هذه السيادة للشعب لقلنا أن هذا حق الله وحده ، فهو سبحانه له حق الأمر والنهي والتشريع و الالزام ولا يحد من ارادته شيء ولا تعلو سيادته أو تدانيها سلطة أخرى ، لو قلنا أن هذا لله سبحانه لكان هذا صريح الإيمان ، ولكن في الدمقراطية هذه السيادة للشعب .
سؤال مهم : ما هو الأساس الذي يعتمد عليه الفكر الدمقراطي في إرجاع السيادة للشعب ؟
الجواب : القوم يسوغون نسبة السيادة للشعب إنطلاقا من ما يسمى بنظرية العقد الإجتماعي ، فما هي نظرية العقد الإجتماعي ؟
أشتهر من المتكلمين في نظرية العقد الإجتماعي 3 أشخاص : توماس هوبس وجون لك وجان جاك روسو
هؤلاء وضعوا الأسس لتلك النظرية
وجوهر النظرية يقوم على تصور أن الناس في أول أمرهم كانوا يعيشون حياتهم الفطرية البدائية وكانت غير منظمة ، فلم يكن هناك تشريع يحكمهم ولا دولة تنظم شؤون حياتهم ، وفي طور لاحق احتاجوا إلى تشريع يحكمهم وهم لأجل ذلك عقدوا بينهم عقدا من أجل إيجاد سلطة تحكمهم وتنظمهم.
السلطة في هذا التصور قامت بناءا على الإرادة الشعبية لذلك كان الشعب صاحب السيادة ، هذا هو جوهر
نظرية العقد الإجتماعي ، ما معنى ذلك ؟
معناه أن هذه النظرية تخالف الحقائق الثابثة في جميع الرسالات التي تبين أن الله خلق الخلق جميعهم وإبتدأ بخلق آدم عليه السلام وأنزل عليه الشريعة الهادية إلى الصراط المستقيم .
فهذه النظرية تصورت إما أن الناس قد وُجدوا من غير خالق هكذا غير منظمين من غير شريعة هادية أو قانون حاكم ، أي كانوا مجتمعا حيوانيا
فهؤلاء تصوروا وكأن الناس وُجدوا من غير خالق ومن غير شريعة هادية وما يرشح ذلك أن المتكلمين بهذه النظرية يعدون من المفكرين اللادينيين ، فلم يشغل هذا المفكر نفسه ويسألها من أين جاء هذا الجنس البشري ومن الذي أوجده على الأرض .
وإما تعترف هذه النظرية بوجود خالق ولكن تعتقد أن لا مهمة له إلا خلق الناس ولم يرسل الرسل ليرشدوهم ويأمروهم بالخير وينهوه عن الشر وينظمون أمور معاملاتهم
فهذا كله غير موجود في هذه النظرية .
ولو كان هؤلاء يؤمنون بالخالق عز وجل وأنه أرسل الرسل إلى عباده لما احتاجوا إلى تصور هذا العقد .
فهم نظرية العقد الإجتماعي من أهم ما يكون عند النظر في الدمقراطية ، فمن لم يفهم حقيقة نظرية العقد الإجتماعي فلن يعرف معنى محاربة العلماء الربانيين الذين هم على الجادة والذين يفهمون حقيقة التوحيد الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، لن يفهم صراع هؤلاء مع الدمقراطيٍيين أو مع غيرهم من المخدوعين ، لأن ما يأتي بعد من النظم الدمقراطية انما هو مؤسس على نظرية العقد الإجتماعي
و هذه النظرية كما مر تقول أن : مجموعة من البشر وُجدوا من غير خالق أو من خالق ليس له أمر إلا الخلق وهم يعانون ما يعانون من إعتداء بعضهم على بعض ليس هناك ما يحكمهم فتعاقدوا في ما بينهم على بعض الأمور التي تحكم حياتهم و تنظموا شؤونهم
من المعلوم أن هذه النظرية تناقض القرآن الكريم مناقضة صريحة ظاهرة ، فالقرآن الكريم يخبرنا أن الله خلق آدم عليه السلام أول الناس وأهبطه هو وزوجته على الأرض بعدما وسوس له الشيطان ثم أنزل الله إليه الشريعة الهادية التي آمره أن يعمل بها هو وأولاده ثم لم يزل يرسل رسله وينزل كتبه لهداية الناس وإرشادهم إلى الحق وتنظيم معاملاتهم ، هذا هو معتقدنا الذي دلنا عليه الله سبحانه في كتابه والرسول صلى الله عليه وسلم في سنته ، ولكن الدمقراطية لا تلتفت إلى هذا فتعطي البشر حق التشريع للبشر وتجعل السيادة المطلقة للشعب مع أنها لله رب العالمين وحده ، إذا فهمنا هذا علمنا أن الدمقراطية مصادمة لأصل التوحيد لا لكماله ، فهي نحلة فاسدة بالمرة وعقيدة باطلة بمرة ولا يصح إطلاقا أن يجنح مسلم إليها في شيء .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين