أيهما أخطر على البلاد وعلى المنطقة: الكيان الصهيوني على الحُدود الغربية أم مجموعة فاغنر على الحُدود الجنوبية؟

[سندباد علي بابا]

أيهما أخطر على البلاد وعلى المنطقة: الكيان الصهيوني على الحُدود الغربية أم مجموعة فاغنر على حُدودنا الجنوبية؟


بدايةً، يجب أن نُؤكد أن الكيان الصهيوني عدو لمونتي ستان، بينما مجموعة فاغنر فهي تابعة لبلد حليف لمونتي ستان وبالتالي لا يُمكن تصور بأي حال من الأحوال أن يأتينا منها الشّر.


أحد المُعارضين لنظام مونتي ستان مُقيمٌ في بريطانيا يتحدث نهار ليل، صباح مساء عن خطر مجموعة فاغنر الموجودة حالياً في مالي بدعوة من حُكومتها الشّرعية ويتحدث بقسوة عن أولئك الّذين يزعم أنهم ساعدوا في استقدامها إلى المنطقة.


ولكن هذا المُعارض الّذي يدعُوا لوجوب مُعاقبة أولئك لا ينبس ببنت شفة كلمة عن الوجود الصهيوني في المملكة المغربية؟!!


ولا يتحدث عن الأخطار الكبيرة التي بات يُشكلها ذلك الوُجود، وهو يعلم علم اليقين أنّه ما كان الكيان الصهيوني ليتواجد في المملكة المغربية إلا بضوء أخضر أمريكي وفرنسي (حلف الناتو).


وأنّه بعد الإطاحة بنظام معمر القذافي قررت الولايات المتحدة الخُروج عن الإطار الذي تمّ رسمه في عهد الثنائية القطبية أي في فترة وُجود الإتحاد السوفييتي بمعنى اِنتشار القواعد الأمريكية والغربية في إفريقيا وفي المنطقة التي كانت ضمن المعسكر الاشتراكي.


بمعنى آخر كانت الولايات المتحدة في عهد الثنائية القطبية تتردد في نشر قواعد عسكرية لها في القارة الإفريقية، ولكن بعد سقوط الاتحاد السوفييتي لم ترى حرجاً في بناء القواعد العسكرية الأمريكية، ونشرها على نطاق واسع فيها بل والأكثر من ذلك نشرها في مناطق كانت محسوبة على الاتحاد السوفييتي، لذلك شجعت على الثورات المُلونة كما حدث في مصر (وتونس) وليبيا، وبعد نجاح الثورات في اِسقاط الأنظمة تلك عملت على نشر قواعد لها في تلك البلدان، لذلك فمسار أمريكا وحلف الناتو في أوكرانيا والدّول المجاورة لها ممن كانت تابعة للمُعسكر الشرقي تُعيد رسمه الآن في إفريقيا والكثير من مناطق العالم ممن كانت محسُوبة على المعسكر الشرقي الذي وريثه اليوم روسيا.


أمريكا بتشجيعها حليفها الكيان الصهيوني (الكيان الصهيوني قاعدة عسكرية متقدمة لأمريكا ولحلف الناتو) على بناء قواعد عسكرية له في المغرب وتوقيع اِتفاقيات ومُعاهدات دفاع مُشترك بعد التطبيع معه (في سنة 2020) هو خرُوج على الإطار الّذي كان موجُودٌ في زمن الثنائية القطبية لأنّه لو كان الاتحاد السوفييتي موجُوداً لمنع ذلك أو في أقل الأحوال لقام هو الآخر ببناء قواعد عسكرية له في البلدان التي تنتمي له فكرياً (قاعدة عسكرية في جهة مناطق نفوذ أمريكا مقابل قاعدة عسكرية في جهة مناطق نفوذ الاتحاد السوفييتي )، لكن الإتحاد السوفييتي اليوم غائب لذلك أمريكا تبني لها قواعد عسكرية (قواعد عسكرية صهيونية) في المغرب ويراد لدولة مونتي ستان أن تقف مُتفرجةٌ على الأمر.


إنّ وُجود مجموعة فاغنر في مالي (في سنة 2022) هو ردُّ صريحٌ على وجُود الكيان الصهيوني عسكرياً واِستخباراتياً واِقتصادياً وثقافياً في المملكة المغربية على حُدود مُونتي ستان الغربية الأمر الذي بات يُشكل خطراً داهماً على اِستقرارها وأمنها القومي (شاهدوا ما يفعل الكيان الصهيوني باستقرار إيران عندما وفرت له السُّلطات في كل من إقليم كردستان العراق وأذربيجان موطيء قدم له) لذلك يراد للكيان أن تكون له فرصة مماثلة لتصفية الحساب مع مونتي ستان نتيجة موقفها من القضية الفلسطينية الخالدة.


يتحدث المُعارض المُونتي ستاني في لندن على وُجوب مُعاقبة أولئك ممن جاء بمجموعة فاغنر على حسب مزاعمه، ولا يتحدث البتّة عن وُجُوب مُعاقبة الملك محمد السّادس الّذي جاء بالكيان الصهيوني عسكرياً واِستخباراتياً إلى غرب إفريقيا وإلى منطقة المغرب العربي الكبير وإلى حدود مونتي ستان الغربية، وهو يعرفُ جيداً مخاطر اِستقدام الكيان الصهيوني إلى المنطقة. فهل ننتظر ِمنه تسجيلاً على اليوتيوب في الأيام القليلة القادمة يدعو فيه لمُعاقبة الملك محمد السّادس الّذي جاء بالكيان الصهيوني عسكرياً واستخباراتياً إلى المنطقة المغاربية، وأن يشرح لنا أكثر عن الأخطار النّاجمة عن وُجُود هذا الكيان المُخرّب على المنطقة، وعلى المغرب (المملكة) نفسه وعلى مُونتي ستان، وهل تكفي الدّعوة لشنق وإعدام الملك محمد السّادس نتيجة الجريرة الّتي اِقترفها في حق أُمته العربية والإسلامية (هذا الاِستقدام للكيان الّذي يتعارض مع مُعاهدة الدِّفاع المُشترك بين الدول العربية في إطار تكتل جامعة الدول العربية) وبلدهُ والمنطقة ومونتي ستان بجلبه واستجلابه الكيان الصهيوني حتّى يبقى خِطاب هذا المُعارض موضوعياً ودقيقاً ولا تشوبه أخلاق الاِرتزاق؟


للتذكير، فإن التطبيع بين الكيان الصهيوني والمملكة المغربية بدأ في الأيام الأولى لتولي ولي العهد الحسن الثاني العرش بعد وفاة والده محمد الخامس وقد نقل المغرب وقتها زهاء المليون مغربي إلى فلسطين المُحتلة قيل إنهم يهُود مغاربة لشدّ عضُد الكيان ودعمه اِستطانياً.


بقلم: سندباد علي بابا


ملاحظة: إنَّ الكيان الصهيوني هو عبارة عن مجموعات مرتزقة وشذاذ أفاق اِلتقطها وجمعهم الغرب الاِستعماري من شتّى أصقاع العالم ووضعها ووطنها في فلسطين المُحتلة سنة 1948 لتحقيق أهداف اِستعمارية صِرفة في المنطقة العربية وهُم ليسوا دولةً ولا يختلفون عن مجموعة فاغنر كونهم مجموعات وليسوا دُول، أما إذا كُنت ترى الكيان الصهيوني دولةً بمعنى أَتمِّ الكلمة فذلك شيء آخر.