للأسبوع السابع على التوالي لا أقدر على الكتابة في الرياضة رغم الإنجاز التاريخي الكبير الذي حققه الوفاق السطايفي بوصوله إلى نهائي دوري أبطال إفريقيا، متجاوزا كل الصعوبات والعراقيل والظروف الصعبة التي عاشها النادي منذ نهاية الموسم الماضي. ولا أقدر على الكتابة، رغم اقتراب موعد الخرجتين الثالثة والرابعة للخضر في تصفيات كأس أمم إفريقيا. وفي نفس الوقت، لا أقدر على تفويت بعض المحطات والأحداث التي ميزت المشهد الجزائري هذه الأيام والتي تصادف الذكرى السادسة والعشرين لأحداث أكتوبر 1988 التي أفرزت تعددية سياسية وإعلامية آلت بعد أكثر من عقدين من الزمن إلى أحادية ودكتاتورية وفوضى إعلامية!!
الذكرى تستوقفني وتقودني إلى التذكير بأن انتفاضة الخامس أكتوبر كانت امتدادا لثورة الفاتح نوفمبر، وامتدادا لأحداث الربيع الأمازيغي ولكل النضالات التي قادها بعد ذلك العمال والطلبة والبطالون في كل بقاع الوطن، تعبيرا عن تذمرهم وعدم رضاهم، دون أن يتمكنوا من تحقيق مطالبهم، ودون أن تستجيب الحكومات المتعاقبة للحاجيات المتزايدة لأبنائنا رغم ما تتوفر عليه الجزائر من مقومات، وما يتحلى به أبناؤنا من صبر ووعي فوت على المغامرين فرصا عديدة لإدخال البلد إلى نفق مظلم.
لن أكتب في الرياضة إدراكا مني بأن الجزائر الوطن والجزائر الدولة والجزائر الأمة لا تزال مهددة أكثر من أي وقت مضى إذا استمر الوضع على ما هو عليه في ظل غياب الرئيس الذي لا يراه ولا يسمعه شعبه ولا يعرف مكانه اليوم مما أعاد بعث الإشاعات والتساؤلات بشأن وضعه الصحي وقدرته على القيام بواجباته، ومع ذلك يستمر التحايل من بعض الوزراء عندما يعلن أحدهم بأن الرئيس يعمل ليل نهار وبأن الرئيس تواصل معه يوم الجمعة وكأن ذلك أمر خارق للعادة!! ويعلن وزير آخر عن تنظيم معرض للصور خاص بالرئيس في كل ولايات الوطن بمناسبة ذكرى الثورة التحريرية عوض معرض يخلد تضحيات كل الرجال المجاهدين والشهداء والوطنيين المتألقين في مختلف المجالات!!
لن أكتب في الرياضة خاصة عندما أسمع بأن الحكومة الفرنسية تأثرت وتألمت لحادث المرور الذي وقع على الطريق الرابط بين الأغواط وأفلو وبعثت برسالة تعزية إلى عائلات الضحايا قبل الحكومة الجزائرية التي لم يتحرك وزراؤها لمواساة أبناء شعبنا والوقوف إلى جانب المصابين والتكفل بهم ربما لأن الحادث بسيط في نظر الحكومة وربما لأن الرئيس لم يسمع بالحادثة إلى حد الآن!!
لن أكتب في الرياضة بعدما قرأت تلك الأرقام التي كشف عنها مركز مختص في شؤون الهجرة التابع لهيئة الأمم المتحدة والتي مفادها أن أكثر من 800 ألف جزائري هجروا وطنهم نحو أوروبا وكندا، وعشرات الآلاف توجهوا إلى الخليج في عهد بوتفليقة مقابل 100 ألف فقط هجروا الوطن سنوات الدم والدمار خلال تسعينيات القرن الماضي، في وقت تشهد الجزائر استقرارا أمنيا وسياسيا واجتماعيا وبحبوحة مالية لم يسبق لها مثيل!!
"الهربة" مست إطارات وكفاءات وفئات عديدة في مختلف المجالات تخرجت من الجامعات والمعاهد الجزائرية، ومست شبابا "حراقا" يقدر عددهم بالآلاف، ويوجد من بينهم 3600 في السجون الأوروبية حسب نفس المصدر!!
لن أكتب في الرياضة لأن تحايل السلطة وصل إلى درجة تخويف الشعب بتنظيم "داعش" وما قد يفعله بالأمة والدولة، ولكن "داعشنا" المتمثل في المفسدين والمنتفعين هو الذي يقتلنا كل يوم بممارساته ويقتل الدولة والأمة والمجتمع ببطء، ويحطم المؤسسات والمعنويات ويدخل الشك والخوف من التغيير في نفوس الناس رغم كل العجز والتخلف والتراجع الذي نعيشه في الحريات والقيم والأخلاق والتربية والتعليم والصحة وكل أنواع الخدمات!!
منقول من صفحة حفيظ الدراجي