السلام عليكم
اعتاد الناس أن يكافحوا البرد بالإكثار من الألبسة وخاصة الصوفية منها ، وهذا خطأ شعبي شائع ، لان التدثر بالصوف وكثرة الألبسة تستدعي التعرق الخفيف أو الغزير وامتصاص العرق وتبخره يستدعي ابتراد الجسم فتكون النتيجة عكسية وادا تعرض المدثر إلى نسمات الهواء تبخر العرق من مواضع دون أخرى ، فاختلفت درجة حرارة الجسم في سطوحه ، وحدثت الالتهابات. ولتفهم هده البديهة الطبية، على كل قارئ أن يتذكر حاله في الحمام، وهو مستمتع بالدفء قبل أن يبتل جسده، فادا صب الماء فسرعان ما يبرد بتأثير جريان الهواء أو الحركة.
ولإكثار الألبسة مضار أخرى ، إذ بينما يحافظ الإنسان بواسطة ألبسته على حرارة جلده الطبيعية البالغة 37 درجة ونصف الدرجة فهو يستنشق هواء باردا قد يصل أحيانا إلى درجة 5 تحت الصفر ، واختلاف حرارة الجلد مع اختلاف حرارة باطن الأنف والصدر يسبب التهاب القصبات والرشح.
وقد ذكر احد الأطباء القطبيين بان الأشخاص الدين وضعوا تحت التجربة وعرضوا للبرد تدريجيا بلباسهم ألبسة خفيفة لم يصب أحد منهم بأعراض صدرية أو التهابية ، لتعود أجسامهم على البرد بعكس الدين دثروا بالصوف والفراء ، فقد أصيب جميعهم بالسعال والزكام والإلتهاب.
وعادة أخرى تسلطت على بعض سكان الشرق الأوسط وهي وضع ورق الجرائد فيما يلي الجلد مباشرة ، إذا ما أصيبوا بالسعال والنزلات الصدرية . لقد كان الأقدمون يلجئون إلى الورق فيدثرون به في زمن عزت فيه الألبسة الصوفية وندرت لان الورق غير ناقل للحرارة والبرودة فكان يساعدهم على الاحتفاظ بحرارة الجسم فيستغنون به عن قميص أو لباس .. أما اليوم فلم يعد هناك معنى لاستعماله ، بعد أن أصبحت الألبسة في متناول الفقير والغني على السواء والورق غير ممتص للعرق ، لدلك فان وضعه فيما يلي الجلد يسبب انسداد مسامات الجلد التنفسية ، وتراكم الدهن المفرز ، ويزيد في ضيق الصدر.
ومن العادات السيئة في الشتاء تكالب الناس على المدافىء والمناقل ، وولعهم في إيقادها للتلذذ بدفئها ، أو التبلد بقربها . وقد يشتط الكثيرون في إيقادها ، وهم في غمرة الاستمتاع بالدفء . أن التعرض للحرارة المرتفعة في فصل الشتاء يحول دون عمل الطبيعة في الجسم ، فالغريزة الجسمية تكافح البرد بوسائلها الخاصة ، فتقبض الأوعية المحيطية اذا ما هبطت درجة حرارة الجو ، وتزيد في احتراق بعض المواد لتدفئة الجسم داخليا ، وتفرز الغدد الصماء مواد تساعد على الدفء .. فإذا أكثر المرء من تدفئة غرفة عمله ، واعتاد ذلك ، يكون قد سلب جسمه وسائل دفاعه ، وحرمه أسلحته الطبيعية ، فبات الجسم اعزل ، مستعدا للأمراض بمجرد تعرضه للهواء البارد . وان أكثر من يقترب من النار تقتضيه ظروف عيشه التنقل ، فيتعرض به إلى البرد القارس ، من بعد دفء شديد .
وبدلك يفسح المجال للجراثيم المستوطنة في منافذ الجسم ومداخله ، أن تنشب أظفارها فيه وتحدث الأمراض.
ولا يغيب عن بالنا ، أن مكافحة البرد يجب أن لا تكون على حساب صحتنا وصحة أولادنا ، فإيقاد النار في غرفة النوم أو السهر ، وتناول الطعام فيها والتدخين ، مجلبة للإمراض ، فالتنفس واحتراق المواد المشتعلة على اختلاف أنواعها مدعاة للاستهلاك – الأكسجين – الموجود في هواء الغرفة .. واستهلاك هده المادة استنفاد لروح الإنسان .. وكذلك فان التنفس واحتراق المواد المشتعلة ، أمور من شانها شحن الهواء بالسموم المؤذية الناتجة عن الاحتراق ، فيتسمم النائم تسمما بطيئا ، ويعتل جسمه ، والمفهوم الطبي عدم تدفئة غرف النوم ، إبقاء على هوائها نقيا صافيا ، لان الإنسان يقضي في نومه ثلث حياته تقريبا.
وقد غالت بعض المستشفيات الصدرية في وسائل التهوية فجعلت لجدران غرفها فتحات كبيرة لا نوافذ فيها تساعد على تجديد الهواء باستمرار ، ولا يستطيع المرضى إغلاقها. ولا ينكر احد فوائد الهواء النقي في صحة الإنسان وصفاء ذهنه، فمرض السل لا يشفى إلا في وسط هواء نقي ، والسعال الديكي الذي استشرى في الشرق مؤخرا ، يشفيه الهواء النقي المشبع بالأكسجين لذلك ينصح الأطباء أولياء الأطفال المصابين بالسعال الديكي اعتلاء الجو على متن طائرة انتجاعا لهواء صاف نقي.
ومن العادات الخاصة استعمال الفحم كواسطة للتدفئة ، ثم النوم في غرف تضم المنقل فرغم انقلاب الفحم إلى جمر ، فان احمراره واشتعاله معناه استهلاك الأكسجين من الهواء ونشر حمض الفحم السام.
وأخيرا علينا أن نتمرن وأن نعود أطفالنا على تحمل البرد شيئا فشيئا ، وان لا نكثر من الألبسة ، وان لا نقرب النار المتأججة ، أو نجعل حرارة الغرف عالية بينما يكون هواء الشارع باردا ، ولنكتف بجعل حرارة غرفة العمل أو السهر بدرجة 17 فوق الصفر فقط.
وان تقتصر وساءل تدفئة غرف النوم على التدثر ، ووضع أكياس الماء الحار أو الزجاجات الحارة داخل الفراش ،ليبقى هواؤها نقيا صافيا خاليا من السموم . وننصح السكان باستعمال ورق الاوكاليبتوس شتاءا وهو ورق الشجر المسمى – بالكينا- والمبذول في الشوارع العامة.
توضع بضع ورقات منه في وعاء من الماء الساخن فذلك مما يعطر هواء الغرفة ، ويعقمها مما قد يدخلها من جراثيم عاطلة قد تنقلب مؤذية في صدر أهل الدار .. وإذا استقبل احدنا الشارع بعد أن كان في غرفته الدافئة فليتنفس من أنفه لا من فمه ، لان طريق الأنف أطول ومجهزة بأغشية مخاطية تساعد على تنقية الهواء وتعديل حرارته نسبيا ، فلا يدخل الرئة باردا فيلهبها ويؤذيها . والرئة مكونة من نسيج رقيق ناعم ، والدم يجول في ثنايا حويصلاتها بحرارة قدرها 37 درجة ، فإذا دخلها هواء وتغلغل في حناياها بدرجة 5 تحت الصفر مثلا .. أصيبت حالا بالاحتقان والالتهاب.
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
2011-04-10, 16:50
التدفئة ألد أعداء الانسان
العرض العادي
