من الطّبيعي أن تُقرّ الحكومة إجراءات استثنائية تتعلق بالامتحانات الرسمية بسبب الظّروف الاستثنائية، وقرارُ إسقاط شهادة التعليم المتوسط كشرط أساسي للانتقال إلى المرحلة الثانوية يدخل في هذا الإطار، بالنّظر إلى استحالة تنظيمها دون أن يشكل ذلك خطرا على التلاميذ والمؤطرين، خاصة في ظل تزايد حالات الإصابة بفيروس كورونا.
لذلك تلقّى التلاميذ وأولياؤُهم القرارات الجديدة بارتياح كبير، بسبب الضغط الذي عاشوه منذ الدخول في إجراءات الحجر الصحي، خاصة بعد تحديد تاريخ الامتحانات في شهر سبتمبر المقبل، وهو ما يعني عدم وجود فترة راحة بين الموسمين الدراسيين السابق واللاحق.
لكن ما يصعب فهمه؛ هو قرار السّماح للتّلاميذ الذين لم يحوزوا معدل 10 من 20، بالانتقال إلى المرحلة الثانوية دون إجبارهم على اجتياز شهادة التعليم المتوسط لاختبار قدراتهم وللتأكد بأنهم يستحقون المستوى الأعلى، وهو أمرٌ لم يكن يُسمح به خلال السنوات الماضية، بل إن عددا كبيرا من التلاميذ أعادوا السنة رغم حصولهم على معدلات تفوق 10/20، خلال العام الدراسي بسبب إخفاقهم في شهادة التعليم الأساسي.
لم يكن صعبا على الحكومة أن تقرّ إجراءات تحفظ الحد الأدنى من المستوى وذلك بإجبار التلاميذ الذين حصلوا على معدلات دون 10 على اجتياز شهادة التعليم المتوسط، ولن يسبِّب تنظيمها مشكلة، لأن عددهم قليلٌ جدا، وبذلك تحقق الحد الأدنى من المصداقية والمستوى العام للتلاميذ في المرحلة الثانوية، والعارفون بالقطاع يفهمون الوضع الذي آل إليه التعليم إلى درجة وصول طلبة شبه أميين إلى الجامعة.
أمّا أن تصدر الحكومة قرارا بانتقالٍ آلي للتلاميذ دون أن تتوفّر فيهم الشروط المطلوبة للنجاح، فهذا أمرٌ فيه كثير من التسرُّع والتساهل الذي سيدفع ثمنه التلاميذ أنفسهم من خلال الصعوبات التي سيواجهونها مستقبلا، وهو وضعٌ تعيشه المؤسسات التربوية وستزداد حدته مستقبلا.
ليس هذا تشويشا على فرحة العائلات التي نجح أبناؤها بهذه الطريقة، لكن الرهان هو المستوى العامّ للتلاميذ الذي يتدهور عاما بعد آخر، رغم الإجراءات الصارمة التي كان معمولا بها في الانتقال من مستوى إلى آخر، والنتيجة سنشعر بها خلال السنوات المقبلة.
وعموما فالوقت مناسبٌ لفتح ورشة المنظومة التربوية من قبل أبناء القطاع ومحاولة الخروج بتصوُّر جديد يعيد العملية التربوية والتعليمية إلى مسارها الصحيح، بعيدا عن القرارات الارتجالية والتجاذبات الإيديولوجية والتوظيف السياسي.