|
قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية تعرض فيه تاريخ الأمم السابقة ( قصص الأنبياء ) و تاريخ أمتنا من عهد الرسول صلى الله عليه و سلم ... الوقوف على الحضارة الإسلامية، و كذا تراجم الدعاة، المشائخ و العلماء |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
2008-12-28, 18:13 | رقم المشاركة : 1 | ||||
|
رواية زينب.
شكّلت مرحلة الثمانينات البداية الحقيقية المتكاملة والمتواصلة لانطلاقة الرواية في داخل الأردن، غير أن هذا الحكم لا يقلل من أهمية وقيمة الالتماعات الروائية المدهشة المتفرّدة التي صدرت قبل ذلك، أو صدرت خارج الأردن، بل على العكس تماماً، فهؤلاء الروائيون قد شقوا أرضاً بكراً، بما يمنحهم شرف الريادة الأولى، كما أنهم فرضوا حضورهم على خريطة الرواية العربية، كما فعل غالب هلسا في مصر مثلاً. *** في مرحلة السبعينات (1970 – 1979) صدرت حوالي (75) رواية أردنية بينها حوالي 20 رواية هامة على الصعيد الفني، إلاّ أن غالبيتها الساحقة باستثناء روايتي قسوس وعيد صدرت خارج الأردن، وفي مقدمتها بالطبع روايات هلسا في القاهرة ويخلف وأبو شاور في بيروت وسحر خليفة في الأرض المحتلة ووليد أبو بكر في الكويت. غير أن هذه الروايات الهامة لم تدخل في جدل الحياة الثقافية في الأردن، بفعل الحظر والرقابة، وبالتالي لم تستطع أن تلعب دورها المؤثر في إنضاج الحركة الروائية في البلاد، بل إن روايات غالب هلسا ليست موجودة في المكتبات الأردنية حتى الآن (1995)، رغم الديمقراطية النسبية التي تحققت، وتتيح لنا إمكانية الحديث عنه. انطلاقاً من هذه المقدّمات والوقائع، وكما أسلفنا القول، فإن الرواية الأردنية قد حققت انطلاقتها الفعلية والشاملة في مرحلة الثمانينات (1980-1990) حيث صدرت حوالي (120) رواية من بينها أكثر من (40) رواية هامة. وفي الفترة من 1991 – 1995 فقد صدر حوالي (85) رواية بينها حوالي 35 رواية هامة. *** إن حديثنا عن رواية أردنية لا ينطلق من أي افتراض يتوهّم وجود خصائص متميّزة للرواية الأردنية، سواء من حيث الشكل أم المضمون، إنها مجرّد شريحة من شرائح الرواية العربية رغم تفاوت البدايات والمستويات، بل لعل الرواية الأردنية ترتبط أكثر من غيرها، بآلاف الوشائج مع الرواية العربية، ويكفي أن نشير فقط إلى أن مدينة عمّان نفسها وحتى نهاية الأربعينيات لم تكن سوى بلدة صغيرة تقطنها مجموعات من الشركس والشوام والفلسطينيين إلى جانب السكّان المحليين. والرواية كما نعلم ترتبط إلى حد بعين بالمدينة. وبالطبع فإن مثل هذا التكوين المستحدث لم يكن مؤهلاً لإنتاج ثقافة خاصة ذات مميزات خاصة، سواء في مجال الإبداع الروائي أم في غيره من المجالات، ولقد ظل الإحساس العارم لسكّان هذه المنطقة ينطلق من كونه جزءاً من المحيط العربي، وانعكس ذلك على الحركة السياسية التي لم تشهد ولادة حزب أردني واحد، بينما كانت الحياة الأردنية تمور بالأحزاب والتيارات القومية والبعثية والناصرية وكذلك الإسلامية والأممية. إن المكان الجغرافي في الرواية يؤشر بالضرورة إلى خصوصيتها، ومع ذلك فإن الإنتاج الروائي الأردني في غالبيته الساحقة والهامة أيضاً لا ينطلق من المكان الأردني، لا بالمعنى الجغرافي ولا بالمعنى النفسي. ولقد سبق وأشرنا إلى هذه الحقيقة في روايات البدايات : الناعوري وفريز وعباس، كما في روايات سبول والنحاس وشنار، ثم بعد ذلك في روايات هلسا ويخلف وأبو شاور وسحر خليفة، وهذه الحقيقة تتواصل في الثمانينات، مع أبطال مؤنس الرزاز الذين يتنقّلون بين بيروت ودمشق وبغداد، وأبطال جمال ناجي بين بلحارث السعودية والمخيم الفلسطيني ثم يبدأ الغجر ببناء مدينة وهمية تؤشر لمدينة أردنية بدون اسم، وينطلق الياس فركوح من بيروت ليسترجع مع أبطاله ذكريات سابقة عن الأردن وفلسطين وسوريا قبل أن يصل إلى القاهرة. وإبراهيم نصر الله يتنقّل بين براري السعودية وعمّان (دون أن يذكرها) وينتهي بسيناريو الانتفاضة في الأراضي المحتلة، وتنتقل ليلى الأطرش من الضفة الغربية إلى الكويت فأوروبا ويتجوّل محمد أزوقّة في ثلجة الأسود بين عمّان ودمشق وبغداد وروما ونيويورك، أو يحلّق فوق تل أبيب. غالب هلسا بعد أن يبكي الأطلال في القاهرة ينتقل إلى بغداد ليحدّثنا عن وجوهها الثلاثة ثم يعرج على "سلطانه" في عمّان وينهي حياته الروائية كما بدأها مع "الروائيون" في القاهرة. وينتقل يحيى يخلف من مخيم إربد حيث "تفاح المجانين" إلى "تلك المرأة الوردة" في بيروت ثم إلى بلدة الدامور اللبنانية ليحدّثنا عن المعركة التي تصنع "نشيد الحياة"، ومن على ظهر الباخرة يتذكّر رشاد أبو شاور أيام وأبطال الصمود في بيروت المحاصرة. في المقابل فإن الروايات الهامة التي يشكّل المكان الأردني بنكهته المحليّة الخاصة محوراً أساسياً فهي لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة : "زنوج وبدور وفلاحون" و"سلطانة" لغالب هلسا و"العودة من الشمال" لفؤاد القسوس و"وجه الزمان" لطاهر العدوان وأخيراً الملحمة الروائية التاريخية الهامة "أبناء القلعة" لزياد قاسم. انطلاقاً مما تقدّم فإن حديثنا عن رواية أردنية هو مجرّد تقسيم شكلي لتسهيل البحث، ولا يحمل أية منطويات تتصل بالإقليمية أو بخصوصية الهوية وما شابه ذلك من تعبيرات شائعة أفرزها زمن التجزئة العربية. ولكن يبقى من المهم أن نضيف بأن هذه المنطقة من الوطن العربي شهدت وتشهد نهوضاً إبداعياً في مجال الرواية يستحق الاهتمام والمتابعة والتقييم والتعريف بها على النطاق العربي. مكونات الرواية عند الحديث عن جذور الرواية ومكوناتها، الفنية، الأولى علينا أن نرتد غرباً، إلى أوروبا، حيث نشأت الرواية قبل قرنين ونصف من الزمان، فيما سعى بالكلاسيكية الحديثة، وكان من أبرز مؤسسيها وأقطابها ريتشاردسون في رواية "باميلا" وروسو في رواية "جولي" ودي سانت بيير في "بول وفرجيني" وغوته في "آلام فيرتر" ويمكن أن نضيف "رحلات جليفر" لسويفت و"روبنون كروزو" لدانييل ديفو. نمت الرواية وتطوّرت، شكلاً ومضموناً، في القرن التاسع عشر على أرضية المتغيّرات المادية الهائلة التي شهدت العالم الرأسمالي، وما أفرزته من منظومات قيمية جديدة ترتبط بالمال الجنس والإنسان والاعتبار الاجتماعي، فكان أن حلّت الرومانسية مكان الكلاسيكية الجديدة، وبلغت الرواية أعلى ذروتها، وأخذت تلعب دوراً متعاظم التأثير والفعالية، بل و"يفوق الدور الذي لعبه داروين وفرويد وماركس مجتمعين" كما يقول كولن ولسون. أما أقطاب هذه المرحلة فيصعب حتى حصر الرموز المعروفة منها ويكفي أن نذكر: ديكنز وهيجو وغوغول وتولستوي ويوشكين وتورجنيف والأخوات برونتي وستاندال وفلوبير ويلزاك وديماس وهوثورن وملفيل ومارتن توين ....الخ. ولأن الرواية على صلة وثيقة بالواقع الاجتماعي، تعكس أوضاعه وترهص لمتغيراته اللاحقة، فقد أخذت تشكّل مذاهب وتيارات أدبية جديدة في إطار المرحلة الرومانسية فظهر المذهب الطبيعي على يد أميل زولا وموباسان والرمزية الفرنسية على يد فلوبير الذي أخرج الراوية من لغتها المألوفة وصاغ مع زولا المقدمات المبكرة لتيار الحداثة الذي سينفجر عاصفاً في القرن العشرين، وخاصة في أعقاب الحرب الكونية الأولى. مع نهايات القرن التاسع عشر وبديات القرن العشرين أخذت الواقعية تحل مكان الرومانسية، وكان مكسيم جوركي من الرموز المبكّرة لهذا الاتجاه في روسيا وجاك لندن في أميركا، وقد تطوّر الأول باتجاه الواقعية الاشتراكية كما عند الكسي تولتسوي وايليا أهبرنبرغ وشولوخوف، فيما تطور الثاني باتجاه الواقعية النقدية كما عند شتاينبك وكالدويل وهوارد فاست. أما أوروبا التي مزقتها الحرب والتحوّلات العنيفة فقد كانت تصطرع بالعديد من التيارات الأدبية : وجودية سارتر وعبثية كامور ورعب كافكا ولا انتماء ولسون... الخ... وهذه التيارات في معظمها تندرج في إطار رواية الحداثة أو الرواية التجريبية. على امتداد تطور حركة الرواية من الكلاسيكية الجديدة للرومانسية فالطبيعية والرمزية وصولاً إلى الواقعية حافظت الرواية على الخصائص الأساسية العامة في بنيتها الفنية من حيث قبول الزمن التاريخي الذي يعتمد على تعاقب الأحداث بصورة متتالية ومنطقية، أي التسليم بانسجام دواخل الشخوص مع الخارج، كما يقول الدكتور محسن الموسوي أو التطابق المشترك للنمو الأخلاقي حيث أن المبدع والمتلقي قد قبلا تشريعاً مشتركاً للواقع كما تقول فرجينيا وولف. غير أن هذه العلاقة بالخارج والإنتماء له جابهت صدمة عنيفة على شكل كوارث كونية وحروب مدمّرة فارتد المبدع الحسّاس إلى ذاته المأزومة بحثاً عن معنى ذي أهمية وقيمة فلجأ إلى الحلم والرموز الغامضة. ومثل هذه الحالة الكابوسية التي يعيشها لا يمكن أن تخضع لمواصفات التقنية التقليدية في الرواية الواقعية، من حيث السرد الروائي وتعاقب الزمن وعلاقة السببية والمكان الروائي وبناء الشخصية ... الخ. أي لما يسمى بالبناء المعماري للرواية التقليدية. لقد انهار البناء الحضاري الأوروبي بكل منظوماته القيمية وأعرافه الاجتماعية وتقاليده الأدبية، فكيف يظل البناء المعماري للرواية صامداً وسط هذا الانهيار الشامل ؟ رواية الحداثة جاءت تعبيراً عن الأزمة النفسية العميقة في الذات المبدعة وحيث يحتاج التعبير عنها لأدوات جديدة وأساليب جديدة ولغة جديدة، فحدث الإقتراب من الشعر المعني بالمشاعر والأحاسيس أكثر من اعتنائه بالأفكار والمفاهيم، وباتت اللغة الشعرية في الرواية هدفاً بحد ذاتها، لكي تعكس بدقة وصدق اللحظة النفسية، التي لا تستطيع اللغة العادية عكسها. في وصفها للرواية الحديثة عند جيمس جويس تقول فرجينيا وولف أنه "معنى بالكشف عن الومضات المتقطّعة للوهج الداخلي الذي يطلق إشارات سواء كان احتمالاً أو تماسكاً أو أياً من هذه العلاقات الدّالة التي ساعدت الأجيال في إسناد مخيلة القارئ، كلما أريد منه تصوير ما ليس بمقدوره رؤيته أو لمسه". في "يوليسيس" فجّر جيمس جويس اللغة الروائية المألوفة وقارب الشعر غموضاً وعمقاً. وكما احتل النص / اللغة مكان الصدارة أو البطولة في رواية الحداثة، كما في "سهرة فينيكان" لجويس، كذلك حدث اقتراب شديد، على مستوى التقنية الفنية، من أشكال الإبداع الأخرى كالسينما والمسرح والموسيقى والفنون التشيكلية، وهو ما يسمّى بالتجنيس الأدبي. وقد لعبت مدارس التحليل النفسي دوراً بارزاً في ارتداد كتاب الرواية الحديثة إلى المجاهل العميقة للنفس الإنسانية، وأخذ الأحلام والكوابيس والهذيانات وتيار الوعي تحتل دوراً متعاظماً وأساسياً في مقابل الوصف الخارجي للمجتمع وكشف حركته وشبكة علاقاته، كما في الرواية التقليدية. وهكذا حلّت "الأنا" مكان الموضوع، والشخص المتفرّد مكان النموذج، واعتمدت التجربة والمغامرة بديلاً للعقل المنظّم، وحلّ الغموض مكان الوضوح والتفكك بديلاً للترابط والأحلام والكوابيس مكان الصحو والمنطق. الرواية الواقعية، بمختلف تياراتها، وبحكم طابعها العقلاني وأهدافها الاجتماعية باتت أكثر انفتاحاً على العلوم الإنسانية والطبيعية، وبات الكاتب أن يكون مؤرخاً وعالم اجتماع وخبيراً في علم الرواثة ومطلاً على مدارس التحليل النفسي وملماً بالعلوم والمذاهب الفلسفية والاقتصادية والسياسية ... الخ.. وبالطبع فإن الراوية الواقعية لم تكن معزولة عن تطور أشكال الإبداع الأخرى، فاقتربت بدورها، على صعيد التقنية الفنية، من السينما والمسرح والفنون التشكيلية... الخ.. ولكنها حافظت على منطقها الصارم في تحديد علاقات السببية وارتباطها بالمكان والزمان من خلال حركة الأحداث وسلوك الشخصيات. غير أن هذا التحدي لتيّاري الحداثة والواقعية لا يعني عدم وجود تداخلات بينهما في العديد من الأعمال الروائية، ولدى الكاتب نفسه كما سنلحظ ذلك في الرواية الأردنية. يذهب العديد من مؤرخي الرواية إلى أن العام 1992 يشكّل محطة الإنطلاق الكبرى في رواية الحداثة، ففي هذا العام صدرت أربعة أعمال هامة لمؤسسي حركة الحداثة: يوليسيس لجيمس جويس وسادوم وعامورة لمارسيل بروست وغرفة يعقوب لفرجينيا وولف وقصيدة "الأرض اليباب" لأليوت. بعد هذا التاريخ بسبع سنوات أي في عام 1929 صدرت أول رواية عربية فنية وهي رواية "زينب" لمحمد حسين هيكل، ثم رواية "نهم" لشكيب الجابري (1937) ورواية "الرغيف" لتوفيق يوسف عواد سنة 1939. بالطبع هناك الكثير من الروايات العربية صدرت قبل هذه التواريخ، ولكن دون أن تستوفي الشروط الفنية للراوية (عائشة التيمورية من مصر) (1888) عقيل أبو الشعر من الأردن (1912)، خليل بيدس من فلسطين (1922) ... الخ. أي أن الرواية العربية قد ولدت بعد حوالي قرنين من الزمن من ولادة الرواية الأوروبية، التي تؤرّخ برواية "باميلا" لصموئيل ريتشاردسون عام 1740، أي بعد أن أكملت الراوية الأوروبية رحلتها الطويلة من الكلاسيكية إلى الرومانسية وصولاً إلى الواقعية والحداثة في أوائل القرن العشرين. الكاتب العربي أطلّ مرة واحدة على هذا التاريخ المكتمل للرواية بمختلف مراحلها سواء بالإطلاع المباشر كطه حسين وتوفيق الحكيم وجبران أومن خلال حركة الترجمة الواسعة التي شهدتها مصر وبلاد الشام عن الإنكليزية والفرنسية والروسية. وكان من الطبيعي والحال كذلك أن تختلط المراحل والتيارات الأدبية لدى الكاتب العري، وأن ينعكس هذا الإختلاط على إنتاج الروائي، صحيح أن كل كاتب، وانطلاقاً من موقعه الثقافي والاجتماعي سيكون أكثر ميلاً للون معين من ألوان الرواية إلاّ أن ذلك لا يلغي الإختلاط القائم من جهة، ولا يساعد على دراسة تاريخ الرواية العربية من خلال العلاقة المباشرة بالتاريخ السياسي والاجتماعي لهذه المنطقة من جهة ثانية، ولهذا فإن التيارات الرئيسية في الرواية العربية قد سارت بصورة متلازمة ومتوازية وليس على شكل مراحل زمنية، وبالطبع مع وجود اختلاطات واضحة بين مجموع هذه التيارات.
|
||||
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc