إن الحمد لله نحمده ، و نستعينه ، و نستهديه و نستغفره ، ونسترشده ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ، و سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمداً عبده ورسوله .
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102) .
و قال أيضاً : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1) .
وقال جل جلاله يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً )
( يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب: 70-71) .
أما بعد :
فإن أحسن الكلام كلام الله ، عز و جل ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، و كل بدعة ضلالة ، و كل ضلالة في النار .[1]
و بعد :
إن قضية الحجاب شكلت على مدى عقود كثيرة محورا رئيسا لمحاربة الإسلام ، و أهله ، و تناميه في ظل الهجمة المستعرة ، و المتبناة من قبل العديد من الدول و الجمعيات و المؤسسات النسائية الغربية ، و المستغربة المنتشرة في أرجاء عالمنا العربي ، و الإسلامي و الهادفة إلى تدمير النسيج القيمي والعقدي ، و الأخلاقي في مجتمعنا المسلم من خلال إدخال ، و ترويج ، مفاهيم خاطئة أساسا ، و مدمرة لقيم و أخلاق ، وحياة المرأة المسلمة .
و لعل ملخص الشبهات التي تدور حول حجاب المرأة المسلمة تتلخص بالأفكار التالية :
1- دعوة المرأة المسلمة إلى تغطية شعرها باعتباره عورة لا يجوز كشفه للرجال , فكرة لا تستند إلى نص إسلامي بل تستند إلى نص الإجماع الحادي عشر من رسالة بولس الأول إلى أهل كونثوس التي يقول فيها : كل امرأة تصلي ، أو تتنبأ , ورأسها غير مغطى , تشان . إذ المرأة إن كانت لا تتغطى فليقص شعرها ، و إن كان قبيحا بالمرأة أن تقص أو تحلق ، فلتتعظ [2] ) [3]
2- أن الحجاب تقاليد فقهية ليس لها مصدر قرآني واحد ، و لا يمكن تفسيرها إلا في ضوء رسائل بولس [4]، الذي يقول : ليس إذن للمرأة أن تتعلم , و لا تتسلط على الرجل بل تكون في سكوت ) [5] .
3- أن الأمر الوارد في سورة الأحزاب , الآية 59 ليس أمرا لجميع النساء في جميع العصور بأن يلبسن الجلابيب ، و لا يستقيم تفسير النص على هذا النحو ، إلا في منهج فقيه بدوي من أهل القرن السابع الميلادي يريد أن يفرض جلباب والدته على مسيرة الحضارة باسم الله ، و الإسلام . أما فيما عدا ذلك , فإن الآية تتوجه بوضوح بنهي المرأة عن تسخير ثيابها في أغراض التبرج ، و هي فكرة لا علاقة لها بالحجاب ، و لا تلزم المرأة بزي معين , بل تلزمها بأن تتحرر من عقدة الجارية , و تكف عن اعتبار نفسها مجرد سلعة جنسية [6] .
1- أن الحجاب رمز ديني كأي رمز عند باقي الأديان مثل الصليب عند النصارى ، و القلنسوة عند اليهود ، و لا علاقة له بجوهر الإسلام .
و للرد على هذه الشبهات لابد من التأكيد على المنهج العلمي الصحيح القائم على الكتاب ، و السنة ، و فهم السلف الصالح لهذين المصدرين ، و غيرهم من المصادر المعتبرة عند أهل العلم المحققين .
فالحجاب واجب على المرأة المسلمة و قد دل على هذا الوجوب كتاب الله تعالى و سنة رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، و الاعتبار الصحيح ، و القياس المطرد .
أولا - القرآن الكريم :
1- قال تعالى : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) . (النور:31)
1- و لعل أهم الأحكام التي يمكن أن نستنبطها من هذه الآية:
أ- أن الله تعالى أمر المؤمنات بحفظ فروجهن ، و الأمر بحفظ الفرج أمر بما يكون وسيلة إليه , و لا يشك عاقل أن من وسائل الوقاية من الزنا تغطية الوجه , لأن كشفه سبب النظر إليه ، و تأمل محاسنه , و بالتالي الوصول إلى الاتصال المحرم .
عن أبي هريرة أن النبي محمد صلى الله عليه و سلم ، قال : أن الله تعالى كتب على ابن آدم حظه من الزنى مدرك ذلك لا محالة فزنى العينين النظر ، و زنى اللسان النطق ، و النفس تمنى و تشتهي ، و الفرج يصدق ذلك أو يكذبه [7].
و في رواية أخرى عن عبد الله بن مسعود يقول : العينان تزنيان ، و الرجلان تزنيان ، و اليدان تزنيان ، و يصدق ذلك الفرج ، أو يكذبه [8].
و في رواية الإمام أحمد عن بن مسعود عن النبي محمد صلى الله عليه و سلم أنه قال : ثم العينان تزنيان ، و اليدان تزنيان ، و الرجلان تزنيان ، و الفرج يزني[9]..
و عليه فإذا كان تغطية الوجه من وسائل الوقاية لحفظ الفرج كان مأمورا به ، لأن الوسائل لها أحكام المقاصد .
ب- أما معنى الجيب قوله تعالى ( و َلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ) فالجيب هو فتحة الرأس ، و الخمار ما تخمر به المرأة رأسها ، و تغطيه به ، فإن كانت مأمورة بالضرب بالخمار على جيبها كانت مأمورة بستر وجهها .
أما ، لأنه من لازم ذلك ، أو بالقياس , فإنه إذا وجب ستر الخمر ، و الصدر كان وجوب ستر الوجه من باب أولى , لأنه موضع الجمال و الفتنة .
ج- أن الله سبحانه وتعالى عفا عن إظهار الزينة مطلقا إلا ما ظهر منها دون إرادة لذلك ، كظاهر الثياب ، و أسافلها , لذلك قال تعالى : ( إلا ما ظهر منها ) و لم يقل إلا ما أظهرن منها ، و قد فسر بعض السلف : كابن مسعود و الحسن و ابن سيرين ، و غيرهم قوله تعالى ( إلا ما ظهر منها ) بالرداء و الثياب ، فقال ابن مسعود رضي الله عنه : ظاهر الزينة هو الثياب[10] .
ثم نهى مرة أخرى عن إبداء الزينة إلا لمن استثناهم ، فدل هذا على أن الزينة الثانية غير الزينة الأولى .
فالزينة الأولى هي الزينة الظاهرة التي تظهر لكل أحد ، و لا يمكن إخفاؤها ، و الزينة الثانية هي الزينة الباطنة (من الوجه) ، و لو كانت هذه الزينة جائزة لكل أحد لم يكن التعميم في الأولى ، و الاستثناء في الثانية فائدة معلومة .
د- أن الله تعالى رخص بإبداء الزينة الباطنة للتابعين أمثال الخدم الذين لا شهوة لهم و الطفل الصغير الذي لم يبلغ الحلم ، و لم يطلع على عورات النساء .
و عليه:
فإن إبداء الزينة الباطنة لا يحل لأحد من الأجانب إلا لهذين الصنفين ، و أن علة الحكم و مداره الخوف على المرأة من الفتنة ، فيكون ستر الوجه ، واجبا لئلا يفتن أولوا الإربة من الرجال ، و خاصة أنه مجمع الحسن ، و موضع الفتنة .
هـ- و قوله تعالى ( وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ) معناه لا تضرب المرأة برجلها ليعلم ما تخفيه من الخلاخيل و نحوها من الزينة ، فإذا كانت المرأة منهية عن الضرب بالأرجل خوفا من افتتان الرجال بما يسمع من صوت خلخالها ، و نحوه فكيف بكشف الوجه .
فأيهما أعظم فتنة أن يسمع الرجل خلخالا بقدم امرأة قد لا يدري من هي ، و ما جمالها ، أو ينظر إلى وجه جميل ممتلئ شبابا ، و نضارة ، وحسنا بما يجلب الفتنة ، و يدعو إلى النظر إليها ؟
إن كل إنسان له حاجة في النساء يعلم أي الفئتين أعظم ، و
أحق بالستر ، و الإخفاء .
2- قوله تعالى ( وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (النور:60)
2- إن الله تعالى نفى في هذه الآية الأثم عن القواعد ، و هن العواجز اللاتي لا يرجون زواجا لعدم رغبة الرجال بهن ، بشرط أن لا يكون الغرض من ذلك التبرج و الزينة . و تخصيص الحكم بهؤلاء العجائز دليل على أن الشابات اللاتي يرجون النكاح يخالفن في الحكم ، و لو كان الحكم شاملا للجميع في جواز وضع الثياب ، و لبس درع و نحوه لم يكن لتخصيص القواعد فائدة .
ومن قوله تعالى (غير متبرجات بزينة ) دليل أخر على وجوب الحجاب للشابة التي تأمل بالزواج , لأن الغالب عليها إذا كشفت وجهها ، أنها تريد التبرج بالزينة ، و إظهار جمالها ، و تطلع الرجال لها ، و مدحها و نحو ذلك , ومن سوى هذه فشاذ ، والشاذ لا حكم له .
3- قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (الأحزاب:59)
3- قال ابن عباس رضي الله عنهما : أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطي ، وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ، و يبدين عينا واحدة [11] .
و تفسير الصحابي حجة ، بل قال بعض العلماء : إنه في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم . و قول ابن عباس رضي الله عنهما : ويبدين عينا واحدة إنما رخص في ذلك لأجل الضرورة ، و الحاجة إلى النظر في الطريق ، فأما إذا لم يكن هناك حاجة ، فلا موجب لكشف العين .
4- قوله سبحانه وتعالى : (لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلا نِسَائِهِنَّ وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً) (الأحزاب:55)
4- قال ابن كثير عليه رحمة الله : (( لما أمر الله النساء بالحجاب عن الأجانب بين أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب عنهم ، كما استثناهم في سورة النور عند قوله : ( و لا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن ...[12])
ثانيا - السنة النبوية الشريفة :
1- عن جابر رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : إذا خطب أحدكم امرأة فاستطاع أن ينظر إلى بعض ما يدعوه إلى نكاحها , فليفعل , فخطبت امرأة من بني سليم ، فكنت أتخبأ لها في أصول النخل حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها [13] ) .
وجه دلالة هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم نفى الجناح ، و هو الإثم عن الخاطب خاصة ، بشرط أن يكون نظره بسبب الخطبة فقط . أما غير الخاطب ، فيعتبر آثم بالنظر إلى الأجنبية بكل حال , و كذلك الخاطب إذا نظر إلى غير الخطبة كأن يكون غرضه التلذذ ، و التمتع و نحو ذلك .
2- عن أم عطية قالت : أمرنا النبي صلى الله عليه و سلم أن نخرجهن في الفطر و الأضحى العواتق ، و الحيض و ذوات الخدور ، فأما الحيض ، فيعتزلن الصلاة و يشهدن الخير ، و دعوة المسلمين ، قلت : يا رسول الله أحدنا لا يكون لها جلباب ، قال : لتلبسها أختها من جلبابها .[14]
و من دلالة هذا الحديث الشريف أن المعتاد عند نساء الصحابة ، أن المرأة لا تخرج إلا بجلباب , و عند عدمه لا يمكنها أن تخرج من بيتها . و أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بلبس الجلباب كان دليل على الوجوب ، و أنه لابد من التستر .
3- عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي الفجر ، فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن ، ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس [15].
وجه دلالة هذا الحديث أن الحجاب و التستر كان هو الطابع العام لنساء الصحابة الذين هم خير القرون ، و أكرمهم عند الله عز وجل ،و في هذا الحديث الدلالة ، و البيان لصفة الحجاب و شروطه .
4- عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة , فقالت أم سلمة : فكيف يصنعن النساء بذيولهن , قال : يرخين شبرا , فقالت : إذا تنكشف أقدامهن , قال : فيرخينه ذراعا لا يزدن عليه [16] ).
و دلالة هذا الحديث على وجوب ستر قدم المرأة ، و أنه أمر معلوم عند نساء الصحابة , و القدم أقل فتنة من الوجه ، و الكفين بلا ريب . فالتنبيه بالأدنى تنبيه على ما فوقه ، و على ما هو أولى منه بالحكم ، و حكمة الشرع تأبى أن يجب ستر ما أقل فتنة ، و يرخص في كشف ما هو أعظم منه فتنة ، فان هذا من التناقض المستحيل بحق الله ، و شرعه [17].
ثالثا - الاعتبار الصحيح والقياس المطرد :
الاعتبار الصحيح ، و القياس المطرد الذي جاءت به هذه الشريعة الكاملة ، و هو إقرار المصالح ، و وسائلها ، و الحث عليها , و إنكار المفاسد ، و وسائلها و الزجر عنها.
و إذا تأملنا السفور ، وكشف المرأة لوجهها ، وجدناه يشتمل على مفاسد كثيرة , و إن قدر أن فيه مصلحة ، فهي يسيرة لا تتساوى بأي حال مع مصالح المرأة والمجتمع .
فمن مفاسد كشف المرأة لوجهها للأجانب :
1- الفتنة : فإن المرأة تفتن نفسها بفعل ما يجمل وجهها ، و يبهيه و يظهر المظهر الفاتن الجذاب . و هذا من أكبر دواعي نشر الفتنة ، و الفساد .
2- زوال الحياء عن المرأة الذي هو من الإيمان ، و زوال الحياء عن المرأة نقص في إيمانها خروج عن الفطرة التي خلقت عليها .
عن سالم عن أبيه ، سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم رجلا يعظ أخاه بالحياء , فقال : الحياء من الإيمان [18].
3- افتتان كثير من الرجال بالمرأة السافرة ، و لاسيما إذا كانت جميلة ، و الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، و على المسلم أن يحذر من الشيطان ، و مداخله و دروبه.
عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم كان مع إحدى نسائه ، فمر به رجل ، فدعاه , فجاء فقال : يا فلان هذه زوجتي فلانة ، فقال : يا رسول الله من كنت أظن به , فلم أكن أظن بك , فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم [19]..
و في رواية البخاري عن علي بن الحسين , كان النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد و عنده أزواجه فرحن , فقال لصفية بنت حيي لا تعجلي حتى انصرف معك ، وكان بيتها في دار أسامة ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم معها ، فلقيه رجلان من الأنصار , فنظرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم , ثم أجازا ، و قال لهما النبي صلى الله عليه وسلم : تعالا إنها صفية بنت حيي قالا سبحان الله يا رسول الله , قال : إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ، و إني خشيت أن يلقي في أنفسكما شيئا )[20].
4- و قد يؤدي اختلاط النساء بالرجال إلى فتنة المرأة بأن تعتبر نفسها مساوية للرجل في كشف الوجه ، و التجول سافرة ، مما يؤدي إلى فتنة كبيرة ، و فساد عريض كما هو حاصل الآن في كثير من الديار العربية و الإسلامية .
عن حمزة بن أبي اُسيد الأنصاري عن أبيه أنه سمع النبي صلى الله عليه ، وسلم يقول : و هو خارج من المسجد ، فاختلط الرجال ، مع النساء في الطريق , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : للنساء استأخرن , فإنه ليس لكُن أن تحققن الطريق , عليكن مجافاة الطريق . فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى أنّ ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به )[21]..
و أخيرا بعد أن أوردت كل هذه الأدلة من الكتاب ، و السنة و الاعتبار و القياس أضيف ملحوظة لمن في قلبه بقايا من إيمان عسى أن ينتبه لما يحاك لهذه الأمة من مؤامرات و فتن :
الملاحظ أن المنظمات الحقوقية بجميع فروعها في العالم الإسلامي ، و العربية على وجه الخصوص متحيزة ، و مغلقة أمام انتماء أية امرأة مسلمة ملتزمة بدينها .
كما أننا لا نرى أي ملف ، أو ذكر للمرأة المسلمة ، و خاصة ما يتعلق بالتمييز ضدها كما هو ملاحظ في ارتدائها للباس الشرعي و الحجاب و التعذيب و العنصرية التي تواجهها في كثير من البلدان العربية ، و الإسلامية وحتى الأوربية التي تدعي الحرية و الديموقراطية .
إن النظرة الدونية للمتدنية ، و الملتزمة من قبل الغرب و المستغربين الذين يتعاملون معها بأسلوب إقصائي عن المجتمع والفعالية الإيجابية فيه .
ما هو إلا ضمن اتفاق دولي من قبل الصليبين والصهاينة و من سار بركبهم من أبناء جلدتنا للقضاء على الإسلام و المسلمين [22].
و الله المستعان .