ارجو الاهتمام بامري و مساعدتي - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات التعليم الثانوي > قسم التعليم الثانوي العام > أرشيف منتديات التعليم الثانوي > منتدى تحضير بكالوريا نظام قديم > قسم الاستفسارات و طلبات الأعضاء

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

ارجو الاهتمام بامري و مساعدتي

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2009-04-06, 13:58   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
rabab200
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية rabab200
 

 

 
إحصائية العضو










456ty ارجو الاهتمام بامري و مساعدتي

السلام عليكم
ارجو ان تفيدوني في مقالات الفلسفة نظام قديم فانا لا املك اي مقالة و لا اعرف من اين علي حفظها ارجوكم ساعدوني الامر مستعجل وهام و ساكون شاكرة لاي شخص يساعدني و لو بمقالة و ارجو ان تبعثوها على الايميل :: - البريد الإلكتروني حذف من قبل الإدارة (غير مسموح بكتابة البريد) -









 


قديم 2009-04-06, 14:17   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
B.Badis
عضو محترف
 
إحصائية العضو










افتراضي

يا أختي في هذا القسم يوجد الكثير و الكثير من المواضيع التي تخص مقالات الفلسفة ..إبحثي في الصفحة الأولى أو الثانية أو الثالثة من القسم و ستجديها إن شاء الله ... و يوجد أيضا مواقع لا أتذكرها ستجدينها في المواضيع هنا ... شوفي و لوكان ما تلقايش أنا نبحث عليهم كامل و ندلك عليهم
سلام










قديم 2009-04-06, 14:26   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
rabab200
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية rabab200
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا اخي ربي يوفقك و دوك نشوف في الصفحات السابقة و نقولك










قديم 2009-04-06, 14:31   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
nori2007
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

عليك بالبحث وان لم تجدي ........
عندي كتاب فيه بعض المقلات قولي لي كي احمله لك ....










قديم 2009-04-06, 17:06   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
ام الوليد
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أختي هذه بعض المقالات أتمنى أن تستفيدي منها
لاتنسي أن تدعين لي بالنجاح والتوفيق


ما الدليل على وجود اللاشعور؟
مقدمة: إذا كان فرويد قد اقر فكرة وجود اللاشعور في حياة الإنسان بعد ان كانت الفكرة مستبعدة عند علماء ما قبل العصر الحديث وأكثر من ذلك ان فرويد نقل مركز الثقل في الحياة النفسية من الشعور الى الجهات المبهمة و اللامعقولة منها على حد تعبير "جوزيف نوتان " (عالم نفساني معاصر ) ويقصد بذلك اللاشعور يشكل جانبا من الحياة النفسية.فما الدليل على انه حقيقة لا تنكر.

التحليل:
بيان طبيعة اللاشعور: اللاشعور هو مجموع الأحوال النفسية الباطنية التي تؤثر على سلوك المرء وان كانت غير، بلور بها (جميل صليبا) ولقد تم تحديد معالم اللاشعور انطلاقا من اكتشاف (برنهايم) المتعلقة بالتنويم المغناطيسي والتي كشفت لفرويد ان العناصر الموجودة في حالة كمون (لاشعور) لا تبقى بالضرورة في حالة ركود دائما، وإنما قد تؤثر في السلوك دون الشعور بها وبذلك فكك فرويد الحياة النفسية الى شعورية ولا شعورية، ووصل الى ان اللاشعور لا يبقى دائما مكبوتا خارج الشعور، بل قد يؤثر في السلوك الواعي دون دخوله الى الشعور وبذلك أصبح اللاشعور جزء من شخصية الفرد وعلى أساسه يمكن فهم هذه الشخصية.

إثبات وجود اللاشعور:يعتبر فرويد مكتشف اللاشعور قد استدل على وجود اللاشعور بمجموعة من الدلائل، تعرف حاليا بدلائل وجود اللاشعور منها:فلتات اللسان:وهي عبارة عن ألفاظ تفلت من الإنسان عن غير قصد وتعبر عن رغبة مكبوتة لديه.الإبداع: ويأتي عن عمل اللاشعور بمعنى ان عناصر تخيلاتنا تتجمع في اللاشعور وتختزن الصور المبدعة في الذهن ثم تنبثق دفعة واحدة في شكل الهام وهناك دلائل أخرى مثل زلات القلم، الهذيان، النسيان.الأحلام:إشباع رغبات الإنسان التي لم يشبعها في الواقع فتجد في النوم فرصة مواتية لذلك.

قيمة اللاشعور:لقد جعل فرويد من اللاشعور مصدرالنشاط الإنسان وفعاليته في مختلف المجالات، وبذلك فهو يحتل مكانة أهم من الشعور في حياة الإنسان، لكن ذلك لا ينسجم مع طبيعة الإنسان العاقل، وعلى العموم فلاكتشاف وجود اللاشعور جوانب ايجابية حيث ألقى الضوء على الكثير من أسباب السلوك كانت مجهولة، وكشف عن جانب لم يكن معروفا في النفس كما له جوانب سلبية كالمبالغة في تحديد دور اللاشعور وأثره في الحياة النفسية وعدم الاهتمام بالجانب الروحي.

الخاتمة: (بيان حقيقة اللاشعور )ان وجود اللاشعور قائم على كثير من الأدلة.وهو يشير الى منطقة من الحياة النفسية وهي المنطقة التي تجري فيها العمليات اللاشعورية، مثلها يشير الشعور الى المنطقة التى تجري فيها العمليات النفسية الشعورية غير ان الأدلة المستمدة تحتاج الى دعم عملي تجريبي وكمي مادام الأمر يتعلق بنظرية علمية في علم يهدف الى ان يكون موضوعيا وكميا مثل باقي العلوم الأخرى.



هل نعتقد أن الإنسان بدأ يعمل حين شعر بنقص في الطبيعة ؟


مقدمة: إذا كان الإنسان في البداية يعيش على ما توفره له الطبيعة من خيرات مستعملا قدراته البيولوجية، وللطبيعة،كتف بذلك فأنتج الثقافة، هل هذا يعني أنه يشعر أن الطبيعة ناقصة، لا توفر له جميع حاجاته، فأضاف لها الثقافة لكي يكمل هذا النقص ؟ لكن إذا كان الشيء الذي يكمل الآخر يكون امتدادا له و الثقافة التي أنتجها الإنسان ليست امتدادا للطبيعة، و إنما وقوف ضدها، هل يعني هذا أن الإنسان أنتج الثقافة لكي يقهر بها الطبيعة ؟ و المشكل المطروح هل الإنسان بنى الثقافة لكي يكمل الطبيعة أم لكي يقف ضدها و يقهرها ؟

التحليل: خلق الله عز وجل الإنسان وزوده مثل بقية الحيوانات بما يمكنه من الحصول على غذائه لحفظ بقائه و استمرار و جوده في وسط طبيعة توفر له ما يحتاج إليه من غذاء و شراب و مأوى فاتخذ الكهوف ملجأ له تحميه من الأخطار التي تهدده و استعمل قوته العضلية لقطف الثمار و اصطياد الحيوانات لكن سرعان ما شعر هذا الإنسان أن قوته العضلية تكاد لا تذكر أمام قوة الحيوانات التي يواجهها " فهو أضعف الكائنات الحية جميعها " كم يقول بوخانسكي و إن الكهوف التي يسكنها لا تحميه من الأخطار و أن الطبيعة لا تقدم له دائما ما يحتاجه من خضر و فواكه و مياه و قد يضطر إلى قطع مسافات طويلة للبحث عنها فصنع الأدوات التي يعزز بها عضلاته و نسج اللباس الذي يحمي به جسمه و بنى المنازل التى تؤويه و تحميه من الأخطار و فكر في زراعة الأرض ليجلب الغذاء إليه بدل أن يذهب هو إلى الغذاء كما حفر الآبار و بنى السدود و أصبح يعيش في مجتمع بعد أن كان يعش منفردا و كان وجود الآخرين في حياته يمثل القوة التي عوض بها الضعف الذي كان يشعر به حين كان وحيدا، يقول الفرابي " على أنه محتاج في قوامه و في أن يبلغ أفضل كمالته إلى أشياء كثير لا يمكنه أن يقوم بها كلها وحده بل يحتاج إلى قوم يقوم له كل واحد منهم بشيء مما يحتاج إليه و كل واحد من كل واحد بهذه الحال " و لكي يتسنى له ذلك أبدع لغة وضعية يكمل بها لغته الفطرية التى لا تمكنه من الاتصال بغيره من الناس بسهولة و لا تعبر عن جميع رغباته و لم يكتف الإنسان بعالمه الطبيعي الحسي الذي لا يستجيب لكل تساؤلاته، و إنما استكمله بعالم آخر فوق الطبيعة يختلف باختلاف المعتقدات و الطقوس الدينية هكذا يكون تاريخ الإنسان الثقافي رغبة في بلوغ الكمال و التخلص من النقص هذا الدافع الأساسي الذي جعله يعمل و يضيف إلى الطبيعة ثقافة تميزه عن الحيوان و عن بقية الكائنات الأخرى و كان عليه لكي يصل إلى ذلك أن ينمي عقله الذي فطر عليه و يعينه كفرد من النوع البشري

النقد: غير أن الشيء الذي يضاف إلى الآخر يكون امتدادا له و ليس ضده و الإنسان في شتى الإنجازات التى حققها كصناعته للبواخر العملاقة التى تقطع البحار يقابل الطبيعة و يقف ضدها و ضد جبروتها فتكون بذلك الثقافة قهرا للطبيعة و ليست تكملة و امتدادا لها

القضية النقيضة: لم تكن الطبيعة التى وجد الإنسان نفسه فيها الأم الحنون التى تعطف عليه و ترعاه بل القوة القاهرة التى تسيطر عليه بعواملها الفيزيائية القاسية و كان عليه أن يواجهها ليثبت و جوده فعمل على قهر سلطانها و التحرر من قيودها يقول سارتر " الإنسان كائن في موقف داخل الكون تقهره قوى الطبيعة التى يتجاوزها تجاوزا تاما بواسطة مشروعه الذي هو مشروع الإمساك بها " فحول الصحاري إلى أراضي زراعية خصبة بعد أن كان حائرا أمام قسوتها و قطع المسافات الطويلة في وقت قصير و غاص في أعماق البحار و شاهد أسرارها و رست قدماه على سطح القمر كما شاهد أعضائه من الداخل و هو حي يرزق و قهر الأمراض و قضى على الكثير منها و ما الإنجازات التى حققها الإنسان في ميدان العلم و التكنولوجيا "عنوان الحضارة العصرية" سوى تعبير عن انتصاراته ضد قوة الطبيعة و سيطرتها لم يواجه الإنسان الطبيعة الفيزيائية فحسب بل واجه طبيعته هو أيضا و التى يشعر بتأثيرها و صرامتها، صرامة تلك الغرائز التى تمثل العامل المشترك بينه و بين الحيوان و يقول سرج موسكوفيسي " لقد أنشأ المجتمع و هو يحافظ على ذاته من أجل أن يربي في داخل كل واحد منا وسيلة دفاع ضد تهديد الطبيعة المستمر أي تهديد الحيوانات للإنسانية و تهديد الفردية البيولوجية للجماعة المنظمة" كما يجب أن يقهر العقل الغريزة ليتميز الإنسان عن الحيوان، يقول أبو حيان التوحيدي:" فمن استجاب للعقل كف غرام طبيعته و أمات هائج شهوته بالتدريج و الترتيب ليكون إصغائه إلى نصح العقل و هدايته أتم و تكون استضاءته بنوره أشمل و أعظم." هكذا لم يكن الإنسان ليثبت و جوده لو لم يقف في وجه الطبيعة ليتحكم فيها بدل أن تتحكم هي فيه و هو اليوم تباهى بنجاحه و انتصاراته التى هي نجاح و انتصار ضعيف ضد القوى

النقد: كيف يمكن للثقافة أن تكون قهرا للطبيعة و هي نتيجة من نتائج الطبيعة ؟ إن العقل الذي مكن الإنسان من الخروج من الحياة الحيوانية إلى الحياة الإنسانية ليس سوى المظهر الطبيعي للإنسان الذي يعتبر هو نفسه جزءا من الطبيعة فالثقافة حالة من التطور بلغها الإنسان بفعل طبيعته ذاتها كما قد يكون الإنسان منطلقها

التركيب: لا نستطيع أن ننكر أن الإنسان بعمله و جهده عوض كثيرا من النقص الذي كان يشعر به في حياته الطبيعية فلم يلجأ إلى الدواء إلا حين أحس بنقص و ضعف مقاومته الطبيعية للأمراض غير أن كل ضعف تقابله قوة و لم يكن الإنسان ليشعر بنقص في طبيعته هو لو لم يشعر بقوة الطبيعة المحيطة به و قهرها له كما لم يكن ليشعر بقهر الطبيعة و سلطانها لو لم يشعر بضعفه و نقصه هو هكذا كلما عمل الإنسان ليكمل نقصا شعر به عمل في الوقت نفسه على قهر قوة تمارس عليه سلطانا و ما كان هدفه في التحرر من سلطان الطبيعة المحيطة به سوى رغبة في ترجيح الكفة لصالحه بتعزيز طبيعته هو التى كان يشعر بضعفها ففي صراعه ضد طبيعته الحيوانية يصارع غرائزه التى كانت تسيطر عليه ليعزز ملكته العقلية بفضل ما أنتجته قريحته من آراء فلسفية و طقوس دينية غير أن الإنسان في انتصاراته تلك يبدو كأنه يقضي على الطبيعة قضاءا نهائيا لتحل محلها الثقافة و تصبح الطبيعة ماض و الثقافة الحاضر و المستقبل لكن كيف يكون هذا الحاضر و المستقبل دون الماضي ؟ و كيف تكون الثقافة دون الطبيعة و الإنسان نفسه جزء من الطبيعة و القضاء على الطبيعة ليس سوى القضاء على الإنسان نفسه ؟ و المشكلة التى يواجهها الإنسان اليوم كيف يمكنه أن يحقق رغبته في التحرر و الانتصار على الطبيعة و تعزيز قوته دون أن يضر بالطبيعة ؟

إذا كان بناء الإنسان للثقافة أمرا لا رجعة فيه يجب أن لا ينقاد وراء مطامعه و رغباته الانقياد الأعمى فيستنزف قوى الطبيعة و يخل بنظامها و يعرضها للزوال بل يجب على الإنسان في بنائه للثقافة أن يحترم الطبيعة و لا يترك الثقافة تتعدى حدودها التى تقضي على الطبيعة و تهدمها يجب أن تكون الثقافة إنسانية عقلانية و ليست ثقافة همجية متوحشة. ثقافة تخدم الإنسان دون أن تقضي على طبيعة الوسط الحي الذي لا يستطيع الإنسان بصفته جزءا منه أن يعيش بدونه، ثقافة تحمي طبيعة الإنسان ذاته و تحافظ عليها كي لا يكون الإنسان شيئا آخر غير الإنسان، ألم يحن الوقت للإنسان أن يكون أكثر وعيا لمخاطر ما ينتجه عقله و يده ؟

النتيجة: و هكذا نستنتج أن الإنسان أضاف الثقافة كي يعوض نقصا في طبيعته من جهة و يتحرر من سيطرة الطبيعة المحيطة به من جهة أخرى و إن لم يكن هذا يهمنا قدر ما يهمنا أن نعرف أن الإنسان أضاف الثقافة و أن الثقافة تشكل خطرا على الطبيعة و يجب عليه أن يجد لهذه المشكلة حلا مناسبا قبل فوات الأوان.


هل الغاية من الشغل حفظ البقاء و حسب ؟


مقدمة: إذا كان بإمكان الإنسان اليوم أن يلاحظ مدى القلق الذي يحدثه الشغل في الأسر الحديثة فان الأمر ذاته كان يحدث لدى الأسر القديمة و حتى عند الإنسان الأول قبل انضمامه الى المجتمع المدني و إذا كان الإنسان يتحمل هذا القلق و هذا التعب في سبيل الحصول على عمل من أجل تلبية رغباته و اشبع حاجاته الضرورية التى تحفظ له البقاء فهل تلبية ضروريات الحياة و المحافظة على البقاء هي الغاية الوحيدة للشغل ؟

التحليل: الشغل ضرورة بيولوجية تحفظ بقاء الإنسان
ان اكبر مشكلة صارعها الإنسان منذ وجوده في تلبية الضروريات و الحفاظ على الوجود بتوفير المأكل و الملبس و المشرب و المأوى الخ و لا يتسنى له ذلك إلا بالشغل و هكذا يرى أنصار الاتجاه البيولوجي ان الحاجة البيولوجية هي الدفع الأساسي للشغل و دليلهم على ذلك أن الإنسان منذ العهود الغابرة لو وجد كل شيء جاهز في الطبيعة لما أقدم عن العمل و على بذل الجهد لتغيير الطبيعة أو التأثير فيها و الوقع يثبت تاريخنا ان طبقات ترفعت عنه و أكرهت الآخرين عليه ( المجتمع اليوناني نظرة أفلاطون من خلال كتابه الجمهورية ) نظرا لما في الشغل من إلزام و عناء و قساوة

و لكن الإنسان و بوصفه أرقى الكائنات تجاوز الصراع القائم بينه و بين الطبيعة و لم يعد نشاطه موجها الى سد حاجاته البيولوجية و حسب و إنما أنتج قيما روحية و معنوية للشغل مكنته من إنتاج حضارة متقدمة

الشغل ليس ضرورة بيولوجية بل عنوان التقدم و الرقي:
لقد تغير موقف الإنسان من الشغل عبر التاريخ فنظر إليه اليونان نظرة احتقار و اعتبرته اليهودية لعنة و ربطته المسيحية بخطيئة آدم، أما الإسلام نظر الى العمل نظرة مختلفة تماما عما سبق حيث اعتبره في منزلة العبادة و أوجبه على الجميع حيث قال تعالى (( و قل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله و المؤمنين )) كما اعتبره نعمة تستجدي الشكر و شرفا يحاط به المرء حيث يقول الرسول (ص) " ان أشرف الكسب كسب الرجل من يده " وسيادة لصاحبه حيث يقول أيضا " خادم القوم سيدهم " و هكذا أخذ العرب هذه الصفات النبيلة للعمل و أصبح الشغل ذلك الجسر الذي يمر به الإنسان من مرحلته البدائية الى المرحلة الحضارية أين أصبح يتحكم في الطبيعة كما يقول هيغل:" أصبح الإنسان يمتلك الطبيعة " و يهدف الى تحقيق القيم الاجتماعية حيث يرى أنصار الاتجاه اٌجتماعي أن الشغل ظاهرة اجتماعية باعتبار ان الفرد بمفرده عاجز في إشباع حاجاته مما فرض عليه التعاون مع الغير فنشأت التجمعات السكانية كالمدن و القرى فأصبح الشغل نشاط جماعي و يهدف الى تحقيق قيم اجتماعية حيث ذهب ابن خلدون الى أن الإنسان مدني بالطبع و أن الشغل نشاط ملازم للاجتماع البشري،

لكن الشغل كان في بدايته دافعا بيولوجيا و لا يعتبر شرفا عند جميع الناس فالدافع البيولوجي لا يزال فاعلا خاصة في ظل بعض الأنظمة التى تشغل حتى الأطفال و في سن مبكر

الشغل دافع بيولوجي و دافع أخلاقي اجتماعي معا:
لقد كان العمل في البداية واقعا بيولوجيا فحاجات الإنسان كثيرة و إمكاناته الأولية محدودة فكان همه في الحياة تلبية ضرورياته و المحافظة على وجوده لكنه بعد التحكم في الطبيعة و ظهور العلوم و الصنائع أصبح الشغل دافعا أخلاقيا و اجتماعيا و لم يعد الدافع البيولوجي سوى وسيلة و ليس غاية حيث يقول الرسول (ص)" نحن قوم نأكل لنعيش و لا نعيش لنأكل"

خاتمة: ان الدور الكبير الذي لعبه الشغل في حياة الإنسان قديما و حديثا يكشف عن القيمة التى يحتلها اليوم عند الأفراد و الشعوب فهو بالإضافة الى أنه مصدر النمو و التطور و الرقي في سلم الحضارة فانه المقياس الذي نقيس به مدى تقدم الأمم و الحضارات




هل من شروط استمرار الأمة الأصالة أم المعاصرة ؟



مقدمة: الأمة جماعة بشرية تربطهم عناصر مشتركة كالدين و اللغة في تنظيم ثقافي له أغراض روحية و قد ارتأى البعض من المفكرين إلى الاهتمام بهذه الروابط الثقافية المشتركة و التشبث بها باعتبارها الأصل الذي بوجوده تبقى الأمة مستمرة في الوجود بينما دعا آخرون إلى عصرنة هذه الروابط من أجل مواكبة العصر إذ لا استمرار لأمة فقدت قدتها على مواكبة متطلبات العصر و عليه فهل و جود الأمة و استمرارها يكمن في مدى تشبثها و محافظتها على أصالتها أم في قدرتها على الإبداع و مواكبة التطور الحضاري ؟

التحليل: استمرار الأمة يكون بالمحافظة على الأصالة:
يؤكد بعض المفكرين و خاصة ذووا الاتجاه المحافظ أن ماضي الأمة هو مصدر استمرارها و هو الذي يؤكد و جودها و قوتها و فعاليتها و لهذا تعمل الأمم على إحياء الثقافات التقليدية و بعث قيمها و الرفع من شأنها إذ لا يمكن بقاء الأمة دون المحافظة على تراثها و في رأي البعض كما أن الإنسان يعود إلى الوراء لكي يخطو خطوة عملاقة إلى الأمام فكذلك الأمة لا سبيل إلى تقدمها إلا بالعودة إلى تراثها و قد ركز الفيلسوف الألماني هردر يوهان جونغريد في كتابه فكرة في فلسفة تاريخ الإنسان على دور الثقافات الروحية الأصيلة لمختلف الشعوب في تحقيق التقدم في التاريخ و ذات الموقف عند الفيلسوف الألماني هيغل جورج فيلهيلم فريدريك الذي يرى أن عزل الأمة عن جذورها سبب في التخلف و كما يرى المفكر الجزائري مالك بن نبي أن من غايات الاستعمار محاصرة الثقافة و عزل الأهالي عن ثقافتهم... ،

لكن الاهتمام بالأصالة وحدها و الاكتفاء بما أنجزه الأسلاف دون الإلتفات إلى ما تنجزه الأمم في العصر الراهن يؤثر سلبا على حاضر الأمة و لا تكون الأصالة بهذا المعنى إلا مفهوما مرادفا للانغلاق و الركود و الجمود فالتراث وحده لا يكفي لمواجهة متطلبات العصر.

استمرار الأمة يكون بالتفتح على الحضارات الأخرى :
يرى البعض الآخر من المفكرين من أنصار التفتح و التجديد أن بقاء الأمة و استمرارها يكمن في مدى قدرتها على مواكبة متطلبات العصر فالأمة العصرية هي التى تملك شروط المنافسة مع باقي الأمم فالمعاصرة تقتضي من الأمة التفاعل مع المعطيات الحضارية الراهنة حيث تتأثر بما يبدعه الغير و تأثر في بدورها في الغير بقدرتها على الإبداع و العطاء ن ان مقدرة الأمة على التنافس هو الذي يؤكد وجودها و يجسد فعاليتها بين أمم و يقول في هذا الشأن الأستاذ الفرنسي فرانسوا بيرو في كتبه " الاغتراب و المجتمع الصناعي ":" العلوم و الصناعة و التكنولوجيا تمكن الشعوب و المجتمعات من التقدم و المنافسة... " و هكذا فالمعاصرة لا تعني التمسك بما هو قديم و إنما البحث عن سبل النمو و التطور بما يمكن الأمة من احتلال مكانة في هرم الحضارات المسيطرة في العصر،

لكن الاهتمام بالمعاصرة وحدها و الاكتفاء بالبحث عن سبل التطور و الرقي دون الالتفات إلى أصول الأمة و خصائصها يؤثر سلبا على حاضر الأمة لأن التمسك بكل ما هو جديد حتى و لو كان دخيلا و غير مطابق للأصل يعتبر تقليدا و تبعية لا إبداعا حضاريا فالمعاصرة و حدها قد تؤدي إلى الانسلاخ الحضاري
ا

هل لإرادة الإنسان دور في بناء شخصيته ؟


مقدمة: إذا كان العلم في القرنين التاسع عشر و العشرين أقر وجود حتميات فيزيائية و نفسية و اجتماعية تحدد سلوك الإنسان تحديدا مسبقا هل هذا يعني أن إرادة الإنسان لا دخل لها في تحديد سلوكه ؟ لكن إذا كان الإنسان هو الكائن الوحيد الذي ميزه الله بالعقل و الإرادة نتساءل إلى أي مدى يمكن للإرادة أن يكون لها دور في تحديد سلوك الإنسان و شخصيته ؟

العرض:الشخصية هي جملة من الخصائص الجسمية و الوجدانية و النزوعية و العقلية التى تحدد هوية الفرد و تميزه عن غيره من الناس (معجم جميل صلابيا)
لقد انتبه بعض العلماء منذ العصر اليوناني القديم إلى العلاقة الموجودة بين بعض الصفات السلوكية و الصفات الجسمية و رأوا أن الصفات السلوكية تحددها الصفات الجسمية تحديدا يبعد كل قدرة للإنسان على اختيار سلوكه ويكون السلوك بذلك طبعا يرثه الإنسان مثلما يرث صفاته الجسمية و من أهم التصانيف القديمة تصنيف (أبوقراط) الذي قسم الأشخاص إلى أربعة نماذج كل نموذج يمثل طبعا معينا أما كيف يتحدد الطبع ؟ فقد رأى أن في جسم الإنسان أربع عصارات هي: الدم و البلغم و المرة الصفراء و المرة السوداء و كلما تغلبت عصارة معينة أعطت طبعا معينا فمثلا إذا تغلبت عصارة الدم كان الطبع دمويا ة إذا تغلبت عصارة البلغم كان الطبع بلغميا و في العصر الحديث أخذ علم الطباع بعدا موضوعيا أكثر بفضل الأعمال التى نشرها العالم النفسي الهولندي ج هيمانس 1930.1858 بمساعدة زميله وايزمه الذي رأى أن سلوك الإنسان يرجع إلى عاملين أساسيين وراثيين هما: الانفعالية و القابلية و هي قابلية الشخص للتأثر و الفاعلية و هي قابلية الشخص للتأثير غير أن هذين العنصرين إما أن يجدا عند الشخص ردا سريعا فيكون الشخص أوليا أو ردا بطيئا مع آثار عميقة في النفس فيكون الشخص ثانويا عرفت أعمال هيمانس انتشارا كبيرا في فرنسا على يد الفيلسوف لوسين 1954.1882 الذي اهتم اهتماما كبيرا بعلم الطباع و أكد على أن سلوك الإنسان طبع وراثي يولد به و يموت به و أن أي تغير في شخصيته يكون ضمن الطبع الموروث لا غير يقول " فيكون إذن من السهل التوصل إلى النتيجة القائلة أن الطبع ثابت و أن للإنسان نفس الطبع منذ بداية حياته حتى نهايتها " و يقول أيضا:" إن القول القائل بثبات الطبع لا يبطل الصيرورة النفسية بل يشير فقط إلى تأثرها بالسمات الدائمة للطبع " و يكون سلوك الإنسان في هذه الحالة خاضعا لنوع الطبع الموروث و ليس لإرادة الإنسان كذلك كان لازدهار علم وظائف الأعضاء و تقدم أبحاث البيولوجيا في العصر الحديث فضل كبير في الكشف عن الدور الذي تلعبه الغدد و الهرمونات في تحديد سلوك الإنسان إلى جانب الجملة العصبية ليفسر سلوك الإنسان تفسيرا علميا (بالأسباب الفاعلة التي كلما تكررت، تكررت معها نفس الظاهرة بعيدا عن كل تأثير فلسفي ميتافيزيقي فزيادة نشاط الغدة الدرقية مثلا يجعل الفرد قلقا سريع الانفعال أما إذا قل فهو يميل إلى الخمول و البدء في الحركة و التفكير و التذكر كذلك تلعب هرمونات الأنوثة أو الذكورة دورا في تحديد الدافع الجنسي لدى الشخص فإذا زاد عمل هذه الغدة فإن المرء سيبدي دافعا جنسيا قويا قد يصعب عليه التحكم فيه و قد فسرت الكثير من الجرائم اليوم تفسيرا بيولوجيا حيث أبطلت فكرة إرادة الإنسان و قدرته على اختيار سلوكه و يصبح سلوك الإنسان بذلك نتيجة لعامل كيميائي بيولوجي لا غير و تكون للوراثة التى تحدد النشاط العضوي و النفسي الدور الكبر في ذلك، كذلك أبطل علماء الاجتماع دور إرادة الإنسان في توجيه السلوك و أرجعوه إلى البيئة الاجتماعية و المحيط الثقافي و أكدوا دور التربية التي تلقاها الشخص و العادات و التقاليد التي اكتسبها حيث يذوب الأنا الفردي في الأنا الاجتماعي الذي يتكون من المظاهر الاجتماعية التى تغوص داخل كيانه و تكون بمثابة الهيئة الثابتة التى ترجع إليها كل تصرفاته فيمتص "النحن" "الأنا" و تصبح شخصية الفرد صورة لشخصية الجماعة.
إن الظاهرة الاجتماعية التى تتصف عند دوركايم بالقهر و الإلزام تفرض على الفرد نوعا من القهر يجعله يستسلم لها و يضحي بفرديته من أجلها حتى قيمنا الأخلاقية التى نحكم بها على الأفعال فنقول أنها خير أو شر هي تطبيق لأوامر المجتمع يقول:"إذا تكلم الضمير فينا فان المجتمع هو الذي تكلم".أما فرويد فقد أقر أن السمات الأساسية للشخصية توضع أصولها في مرحلة الطفولة

لا يمكن لنا في عهد العلم و التجارب العلمية أن ننفي دور العوامل الاجتماعية و البيولوجية في تحديد سلوك الإنسان غير أن الشخصية التى تعبر عن السلوك الإنساني تتعداها إلى شيء آخر لا نجده إلا في الإنسان هو عقله منبع إرادته إذا كان العلم الذي يدرس المادة و عالم المحسوسات يدير ظهره إلى كل ما هو معنوي و روحي متهما إياه أنه ميتافيزيقي لا علاقة له بالواقع و الحقيقة لا يعترف بدور إرادة الإنسان في توجيه سلوكه فانه عاجز عن إثبات عدم وجودها ولا يعني هنا أننا نجعل من الإرادة الموجه الوحيد لسلوك الإنسان كما فعلت الرواقية قديما حيث نظرة إلى الإرادة على أنها القدرة على التحكم في الذات و السيطرة على النفس و الاستقلال عن كل قوة خارجية و لا نقول مع ديكارت إن لنا إرادة حرة قادرة على القبول أو الرفض كيفما نشاء و لا مع سارتر أن الشخصية ليس سوى ما يصنعه الشخص بيده و لكن نقول أن لإرادة الإنسان دورا هما في توجيه سلوكه و هذا الدور يتحدد بمقدار قوة الإرادة في مواجهة الظروف و الأسباب و إذا أردنا فهم سلوك الإنسان يجب ألا ننفي دور الإرادة في تحديده و إلا تعذر علينا أن نفهم لماذا نفس العوامل البيولوجية لا تعطي لنا نفس الشخصية ؟، و لماذا استطاع البعض الإفلات من العوامل الاجتماعية بينما سقط الآخرون في حبالها ؟.

إن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي لا يخضع للعلية وحدها إرجاع سلوكه للأسباب الفاعلة و نفي كل إرادته يعني جعله شيئا مثل غيره من الأشياء إلا أنه ليس شيئا و لا يمكنه أن يكون شيئا و لن يكون شيئا إلا إذا تخلى عن طبيعته كإنسان فكم من مناسبة عبر فيها الإنسان عن إرادته القوية في توجيه مجرى حياته فبعد أن كان واقعا مثلا تحت عادة التدخين التي اكتسبها و تعود عليها جسمه الذي أصبح يطالبها بإلحاح استطاع أن يبطلها هكذا فهناك من الأشخاص من لا يستسلم للظروف بل يتعداها فيغير حياته و يوجهها الوجهة التى تعبر عنه كانسان يريد أن يعبر عن قدرته عن الاختيار و رفضه للاستسلام ففي الوقت الذي يعيش غيره حياة عادية يستسلمون فيها للعوامل الخارجية و الداخلية نجدهم يركزون انتباههم على هذه الظروف يحللونها ليقفوا على عيوبها فتخلق عندهم الرغبة في تغييرها بعد أن يتأكدوا من ضرورة هذا التغيير يقول بارولد " إن الاستعداد للانتباه هو المنبع الوحيد و المركز الحي للأنا " فكم من مشلول اليدين تغلب على العوامل البيولوجية و كتب و رسم بأصابع أرجله أروع من أن يكتب أو يرسم و لا نشك أن حياته تلك ليست الحياة التى يريدها لنفسه ولكن الحياة التى استطاع أن يريدها ضمن هذه العوامل الفاعلة فالإنسان هو الكائن الوحيد الذي يصارع الظروف و يتصدى لها و ما نشاهده اليوم من انتصار للفردية على الجماعة في أوروبا لدليل قاطع على إمكانية تغلب الأنا على النحن و دور كايم نفسه اعترف في أواخر أيامه بميل الأمم المتقدمة نحو الفردية و الحرية في اختيار السلوك، إن العلم الذي لا يدرس إلا الماديات سيضل رغم ما حققه من انتصارات عاجزا عن فهم سلوك الإنسان فهما حقيقيا كاملا إلا إذا اعترف بالإرادة و العقل فيتحدى المعنوي بالمادي و المادي بالمعنوي من أجل فهم الإنسان.

الخاتمة: و هكذا نستنتج أننا و إن كنا لا نستطيع إنكار دور العوامل البيولوجية و الاجتماعية في توجيه السلوك تبقى لإرادة الإنسان الدور الأكبر الذي بدونها لا يكون الإنسان إنسانا
ستمرار الأمة يكون بالجمع بين الأصالة و المعاصرة:
لقد شبه البعض العلاقة بين الأصالة و المعاصرة بالعلاقة بين الجسد و الروح فكما أن وجود الإنسان لا يتوقف عن جانب دون آخر فكذلك و جود الأمة لا يتوقف على جانب دون آخر فإذا كانت الأصالة هي روح الأمة فان المعاصرة هي البدن الذي تستقر فيه الروح ،

وقد بين زكي نجيب محمود كيفية الجمع بين الأصالة و المعاصرة من خلال كتابه " المعقول و اللامعقول " بقوله " الأخذ عن الأقدمين و جهات النظر بعد تجريدها من مشكلاتهم الخاصة التى جعلوها موضع البحث و ذلك لأنه يبعد جدا ان تكون مشكلات حياتنا اليوم هي مشكلاتهم "

الخاتمة: ان الربط المحكم بين الأصالة و المعاصرة هو الذي يمكن الأمة من البقاء و الاستمرار في الوجود إذ لا إفراط و لا تفريط و هذا الموقف المعتدل نجده في الإسلام حيث يدعو إلى حضارة إنسانية قائمة على تحقيق القيم الروحية و أيضا القوة المادية.


هل نحن لا ندرك إلا ما نحس به؟
المقدمة: إذا كان الإدراك معرفة يتم بها حصول صورة الشيء في الذهن، و إذا كان العقل لا يبدع من العدم، بل يستمد كل صوره و مواضيع تفكيره من الواقع، هل هذا يعني أننا لا ندرك إلا ما نحس به ؟ لكن إذا كان الأمر كذلك، كيف نفسر قدرة العقل على تصور المفاهيم المجردة ؟/و المشكل المطروح: هل كل إدراكاتنا تأتينا من الواقع الحسي ؟ أم هناك من الإدراكات ما لا يمر بالحواس؟

التحليل: يرى أصحاب المذهب الحسي أن العقل عاجز على إدراك معاني و تكوين أفكار لم يستمدها من الواقع. و هم بذلك يرفضون فكرة وجود تفكير مجرد مستقل عن التجربة الحسية، كما يرفضون وجود المفاهيم الكلية المجردة. هكذا ربط باركلي المجرد بالصور التى تنقلها الحواس، يقول:" لست أدري إذا كان هناك أشخاص يملكون تلك القدرة على تجريد أفكارهم، بالنسبة إلي أجد أنني أملك القدرة على تخيل، أو تكوين أفكار (صور) لأشياء خاصة ثم فصلت بينها بطرق مختلفة." و يقول أيضا:" و هكذا أستطيع أن أتخيل جذع شجرة أو جسم حصان أو أتخيل بمعزل عن بقية الجسم اليد و العين و الأنف، لكن دائما بشكل أو بلون معينين."و رفض لوك و جود شيء في العقل لم يوجد من قبل في التجربة الحسية، و تقتصر وظيفة العقل عنده في تسجيل و التقاط كل ما يأتينا عن طريق الحواس.
حتى القضايا الرياضية عند جون ستوارت مل تعميمات تجريبية. فمجموعة من الأشياء توحي بفكرة العدد كذلك توحي الظواهر الطبيعية بالأشكال الهندسية. ولقد دعم علم النفس هذا الموقف ببعض التجارب منها أن الطفل لا يدرك فكرة العدد، إلا إذا قدمناها له على شكل أشياء معدودة. كذلك الأمر فيما يخص إدراك المكان، ترى المدرسة الترابطية أن العقل يدرك فكرة المسافة عند الربط بين الأحاسيس المتفرقة، كإحساس اللمس و البصر، و إدراك الزمان الذي يكون عن طريق التغيرات المتتالية التى يعيشها الإنسان و التحولات الدورية و المتتابعة التى يخضع لها المحيط، و يخضع لها هو أيضا باعتباره جزءا من هذا المحيط. ترجع جذور التجريبية إلى بعض الفلاسفة المدرسيين ( أمثال كوندياك ) الذين يرون أنه ليس هناك شيء في الإدراك لم يمر بالحواس، و قبلهم أكد أرسطو أن:" الروح لا تفكر بدون صورة." وأبيقور الذي يقول " ان المعنى الكلي يحدث نتيجة لتكرار الإحساس."

لكن إذا أخذنا بهذا الموقف، وقلنا إن العقل لا يفكر في أمر و لا يتصور صورة إلا إذا نقلتها له الحواس، كيف نتصور تلك الحدود الكلية المجردة التى نجدها في العقل و ليس لها مقابل في الواقع، كمفهوم الإنسان الذي يتصور العقل خالصا من صفاته الثانوية المتغيرة ؟ في الواقع كل إنسان له شكل و لون و صورة...الخ أما تصور الإنسان في العقل كمفهوم مجرد فهو مجرد حيوان ناطق. إنها صورة يشترك فيها كل الناس دون أن تنطبق على واحد منهم، كذلك بالنسبة للون، إذا كان كل لون إما أبيض أو أسود...الخ فإن العقل بمقدوره أن يجرده ليكون لونا بدون لون. و هذه صورة يدركها العقل دون أن تمر بالحواس. هذا ما يراه أصحاب المذهب العقل و على رأسه ديكارت الذي يرى أن فكرة الامتداد و الحركة بالنسبة لعالم المادة، و الفكرة بالنسبة للروح ليست سوى إنشاء للعقل النير. هذا العقل الذي يستطيع أن يتصور الله على أنه فكرة لا يقابلها في الخارج أي شيء، أو أية صورة.
إن العقل عنده يحمل استعدادا لإنشاء مفاهيم دون الرجوع إلى الواقع، و يكون تصورات و مفاهيم مجردة واضحة و مميزة. كذلك أكد كانط على أنه العقل يدرك فكرة الزمان و المكان قبل اتصاله بالواقع و التجربة، إنهما مفهومان قبليان. كذلك يعرف ما هو الخير و ما هو الشر قبل الرجوع إلى التجربة الواقعية. أما ليبنتز فكانت له حجة أخرى، يقول:" لا يمكن أن تكون الأفكار الموجودة في الروح مأخوذة في الروح مأخوذة من الحواس، و إلا وجب أن تكون الروح مادة، و الروح ليست مادة."

لا نستطيع أن ننكر أن الإنسان بعقله يستطيع ان يتصور عالما مجردا لا علاقة له بالواقع، غير أننا ننكر فكرة أن العقل يبدع من العدم. ان التجربة الحسية هي القاعدة الأولى التى ينطبق منها العقل في تكوين صوره التى يجردها بعد ذلك من صفاتها الحسية، ليكون لنا تصورات عقلية مجردة. ان الإنسان يمر بمرحلة طفولة يكون عقله فيها غير قادرة على تصور معاني و أفكار و صور، إلا إذا رآها في الواقع و مرت بحواسه، و كلما نضج عقله، استقل عن عالم الحواس لتصبح إدراكاته مجردة.

الخاتمة: و هكذا نستنتج أننا لا ندرك إلا ما نحس به، و ان كان العقل قادرا على تجريد المفاهيم المحسوسة لتصبح مفاهيما مجردة.

هل نحس ثم ندرك ؟
مقدمة:إذا عرفنا الإدراك على أنه عملية تأويل الإحساسات، هل هذا يعني أننا نلتقط الموضوعات كإحساس خالص، ثم يتدخل العقل لكي يؤوّلها و يحوّلها إلى إدراك ؟
لكن إذا نظرنا في إحساساتنا وجدناها يتخللها الإدراك مهما كان بسيطا ، هل هذا يعني أننا بمجرد أن نحس ندرك في نفس الوقت ؟ و تغيب بذلك فكرة الإحساس الخالص ؟

التحليل: يرى ديكارت ممثل المدرسة التقليدية في علم النفس، أن الإدراك أحكام يضفيها العقل على الإحساسات التى تسجلها لنا حواسنا، و الإدراك الذي هو معرفة غير خاصية الحواس، و إنما عمل عقلي بحت، إننا نحس ثم ندرك. فعندما نسمع صوتًا حادا يصلنا من النافذة، يكون هذا سوى إحساس خالص، لكن عندما نؤوله فنقول أنه صوت دراجة نارية فهذا إدراك. ان الإحساس عند الطفل الصغير لا يتخلله أي إدراك أو تفسير للموضوعات، فهو يسجل الإحساس عم طريق أعضائه الحسية لكنه عاجز عن تحويلها إلى إدراكات، لغياب العملية العقلية عنده. إنه يحس لكنه لا يفهم ما يحس به.
كذلك ميز علم النفس الترابطي بين الإحساس و الإدراك. فالمعرفة عند أصحابه عملية ربط بين الإحساسات الأولية و الخبرات. فإدراك البعد الثالث أو العمق عند باركلي (1683/1753) يحدث نتيجة ربط بين إحساس اللمس أو البصر. فالطفل الذي يمد يده ليمسك بالأشياء، يستطيع ان يدرك عن طريق الربط بين حركة اليد و الصورة أن هناك بعدا ثالثا. كذلك يرى آلان (1868/1951) أن المكعب الذي لا تعطي لنا الحواس إلا تسعة أضلاع من بين أضلاعه الإثني عشر، و ثلاثة سطوح من بين سطوحه الستة، ندرك على رغم من ذلك أنه مكعب، و هذا دليل على أن الإدراك يرجع إلى العقل، و ليس إلى الحواس. و يكون الإدراك بذلك عملية عقلية تختلف تماما عن الإحساس، بل تليه لكي تفسره و تأوله. و إذا كان الإدراك معرفة ترجع إلى العوامل الذاتية."الإحساس ليس معرفة "

غير أن بعض المفكرين يرون ان الحديث عما يراه أرسطو إحساس خالص، ليس سوى حلم علماء النفس التقليديين، فالإحساس الخالص عند مارلو بونتي (1908/1961) ليس خاصية الشعور، فالأحمر و الأخضر مثلا ليس إحساسين " إنما محسوسين يقعان أمام عيني لكنهما ليسا أنا "

هذا ما ذهبت إليه النظرية الجشطالتية أو نظرية الصورة في ألمانيا، و التى ترى ان الإنسان بمجرد أن يحس يدرك في نفس الوقت، و لا وجود لأي فاصل زمني بين الإحساس و الإدراك، مما ينفي دور الذاكرة في عملية الإدراك. الإدراك ليس عملية تركيب، كما ترى الترابطية، بل بالعكس إحساسات تحددها خاصية الكل و قوانين تنظيم الأشكال و عامل الشكل و الأرضية، إن العالم ليس غامضا كما تتصور النظرية الذهنية (التي ترى أن العقل هو الذي يفسره) بل النظام الموجود في الموضوعات التى تنقله لنا الحواس، فيكون كال إحساس إدراكا في نفس الوقت. فإذا نظرنا إلى مجموعة من النقاط المتقاربة فيما بينها، فإننا لن ندرك النقاط كل واحدة على حدة، بل ندرك سلسلة من النقاط، وإذا أزلنا نقطة واحدة بعد كل نقطتين متتاليتين، فإننا ندرك أزواجا من النقاط. وما يقال عن المدركات المرئية يقال أيضا على المدركات الصوتية و الأنغام الموسيقية. إن الصيغ القوية هي التى تجذب الانتباه.
و إذا كان لكل صيغة في الواقع شكلا له إطار خاص، فإننا ندرك الصورة حسب قوة الشكل و الأرضية. و أخيرا الدليل أن عملية الإدراك ترجع للحواس و ليس للعقل، إننا لا نشعر بأي مجهود عقلي عند الإدراك.

يرى بيار جاني أن الجشطالت وقعت في الخطأ الحسي التقليدي الذي وقع فيه أصحاب الحس المشترك، الذين يعتقدون أن المعرفة تصلنا عن طريق الحواس التى تنقلها لنا من الواقع. ويكون الإدراك عندهم نقلا مباشرا لهذا الواقع كما يقول برادين، و يختزل دور العقل إلى عملية تصوير للواقع، و يزول كل تمييز بين المحسوس و المعقول، كما يرى غيوم. يقول جاني:"هل يمكن أن نقول أنني أدرك نصا مكتوبا باللغة الصينية بمجرد أنني أشاهد أشكالا على الورقة ؟".

ان القول بوجود الإحساس الخالص قول ميتافيزيقي لا مبرر له في الواقع. و ان حالات الأطفال الصغار، و المرضى التى تبين أن الإحساس و الإدراك حالتان متميزتان، لا يمكن تعميمها على الإنسان الناضج. كل إحساس يتخلله إدراك مهما كان بسيطا، و لقد غاب على جاني أننا إذا كنا لا ندرك المعنى الذي تحمله الأشكال و الكلمات، فعلى الأقل ندرك أنها مكتوبة بلغة صينية لا نستطيع قراءتها. أكيد ان هذا الإدراك اقل وضوحا من إدراك الذي يتم فيه فهم اللغة و قراءة الكلمة، الا انه يبقى دائما إدراكا. إننا لا نحس و ندرك في نفس الوقت، غير أن الإدراك درجات، فكلما نزلنا في سلم الإدراك اقتربنا من الإحساس، وكلما ارتفعنا كانت المعرفة أوضح، أعلاها عند ليبنز الإدراك الواعي المميز و الواضح، و أدناها الإدراك المبهم الذي سماه بالإدراك غير المحسوس، و سماه البعض الآخر بالإحساس المصحوب بالانتباه. أما إذا نظرنا إليهما من حيث الطبيعة، يكون الإحساس انفعالا، و يكون الإدراك معرفة. و هذا التمييز في الطبيعة بين الإحساس و الإدراك لا يعني الفصل بينهما، بل هما صورتان لعملية واحدة لا يمكن الفصل بينهما، و إن كانتا ليستا متطابقتين. بل هما عملية واحدة، إذا نظرنا إليها من الوجهة الانفعالية كانت إحساسا، و إذا نظرنا إليهما من الوجهة العقلية كانت إدراكا.

الخاتمة: هكذا نستنتج أننا نحس و ندرك في نفس الوقت و ان كان الإدراك درجات.


هل المجرم المسؤول الوحيد عن جرائمه ؟
مقدمة:إن الحديث عن المسؤولية يقودنا إلى الحديث عن فكرة الجزاء فإذا كانت المسؤولية هي تحمل افرد لنتائج لأفعاله فالجزاء هو النتيجة المرتبة عن تحمل المسؤولية إذا لا يمكن أن تستقيم الحياة الاجتماعية إلا بتحديد المسؤوليات و لا فائدة من تحديد المسؤوليات دون تطبيق الجزاء لكن المشكلة التى تواجه عملية تطبيق الجزاء هي مشروعية بمعنى هل كل إنسان يقوم بفعل يكون هو وحده المسؤول عنه ؟ أو بمعنى آخر إذا صدر عن الإنسان فعل شر فهل نعتبره مجرما و حده نتائج الفعل، أم أن هناك أطرافا أخرى يجب أن تتحمل معه نتائج فعله ؟

التحليل :/المجرم سؤول وحده عن جرائمه: ان الجزاء في نظر فلاسفة الأخلاق هو الثواب و العقاب و الجزاء في الأصل هو الفعل المؤيد بقانون كالعقاب الذي يفرض على من ارتكب الجريمة فإذا تعمد شخص إلحاق الضرر بآخر فليس من المعقول ألا نعاقبه بل نجد المبرر الكافي الذي يدعونا لعقابه فالعقاب هنا مشروع و عادل كون الإنسان حر و عاقل و هذا نجده عند أصحاب النزعة العقلية و منهم أفلاطون قديما حيث قال " ان الله بريء و البشر هم المسؤولون عن اختيارهم الحر " و قال كانط حديثا:" ان الشرير يختار فعله بإرادته بعيدا عن تأثير الأسباب و البواعث فهو بحريته سؤول " ونجد هذا الموقف في الفكر الفلسفي الإسلامي عند المعتزلة الذين يقولون " ان الإنسان يخلق أفعاله بحرية لأنه بعقله يميز بين الخير و الشر فهو مخير لا مجبر فهو مكلف مسئول " و الغرض من العقاب في نظر هذا الاتجاه هو مجازاة المجرم بحسب جريمته

مناقشة: و لكن مهما كانت حرية الإنسان و قدرته العقلية فإنه لا يمكن إهمال طبعه و ظروفه فلإنسان خاضع لحتميات تجعل اختياره محدودا

المجرم لا يعتبر و حده المسؤول عن الجريمة: ان الدراسة الحديثة في مجال علم النفس و علم الاجتماع أثرت كثيرا على المشرعين و غيرت نظرتهم إلى العقوبة و الغاية منها و إلى المجرم و أساليب التعامل معه مما أدى بالمجتمع إلى الانتقام من التفكير في عقاب المجرم إلى التفكير في علاجه و إعادة إدماجه مع الجماعة و هو ما نجده عند أصحاب النزعة الوضعية و منهم " لومبروزو " أحد ممثلي المدرسة الإيطالية في علم الإجرام ( ألف و ثمانمائة و خمسة و ثلاثين، ألف و تسعمائة و تسعة ) الذي يرى أن المجرم يولد مزودا باستعداد طبيعي للإجرام و كذا فيرى عالم إيطالي في الإجرام يرى أن المجرم لا يولد مجرما و لا تصنعه ظروف بيئته الاجتماعية الفاسدة فالجريمة نتيجة حتمية لمجموعة من المؤثرات لا بد عند توافرها من وقوع الفعل الإجرامي كالبطالة حيث يرون " أن الإنسان ليس علة أفعاله فهو مجبر على فعل الفعل بعلة فالاختيار لإرادة الإنسان أمام إرادة الله المطلقة " و هؤلاء عموما يركزون على الجزاء الإصلاحي

مناقشة:ولكن الأخذ بهذا الموقف يلغي المسؤولية و الجزاء لأن التسامح مع المجرم يزيد في عدد الإجرام و هذا يجعلنا نتساءل على من تقع التبعة و هل نهل الضحية ؟

المجرم المسؤول عن جرائمه مع مراعاة مختلف ظروفه و دوافعه للإجرام:في كل من هذين الاتجاهين نجد بعض النقائص فالاتجاه العقلي يهتم بالجريمة و يهمل المجرم و كأن العقوبة غاية في ذاتها كما أن الاتجاه الوضعي يهتم بالمجرم و يهمل فضاعت الجريمة و كأن المجرم لا ذنب له، ان العقاب الانتقامي يجعل من المجرم عدوا لدود لمجتمعه كما ان الجزاء الإصلاحي قد يشجع المجرم على الإجرام و عليه فالمجرم يجب أن ينال العقاب لأنه سؤول عن جرمه لكن درجة العقوبة تتحدد تبعا للظروف و الدوافع التي دفعته إلى للإجرام

الخاتمة: بناء على ما سبق نستنتج أن القول بالعقاب أو القول بالإصلاح فيه اعتراف ضمني بمدى مسؤولية المجرم على جريمته غير أن تحديد مستوى المسؤولية و درجة العقوبة يكون حسب شدة الاختيار وفضاعة الجريمة و عليه فإن وصمة الإجرام تبقى للمجرم مهما كانت الدوافع و قد جاء في القرءان الكريم (( ولكم في الحياة قصاص..))


هل المساواة المطلقة أساس تطبيق العدالة الاجتماعية ؟

مقدمة:إذا كان العدل يعني المساواة في توزيع الحقوق و الواجبات، تفاوت يعني تمييز البعض بالنسبة للبعض الآخر فيقضي بذلك على العدالة، هل هذا يعني أن العدالة لن تحقق إلا إذا أخذ كل الناس نفس الحقوق، و كانت عليهم نفس الواجب ؟ لكن كيف يمكن أن نعطي للناس كلهم نفس الحقوق و نطالبهم بنفس الواجبات، وهم لا يملكون نفس القدرات و لا يبذلون نفس المجهودات ؟ ألا يعني هذا أن العدالة هي احترام التفاوت عند توزيع الحقوق ؟.و المشكل المطروح هل العدالة تتحقق على أساس المساواة أم التفاوت؟

التحليل:إن غاية كل المجتمعات هي تطبيق العدالة الاجتماعية وإن كانت تختلف في وسيلة تحقيقها. يرى البعض أن تحقيق العدالة لا يكون إلا بتطبيق المساواة المطلقة بين أفراد المجتمع، و إزالة كل تمييز أو اختلاف بينهم، لأن الاختلاف في توزيع الحقوق و الواجبات ظلم، و الظلم ضد العدل. إن مفهوم العدل الاستقامة على طريق الحق، التى لا تتحقق إلا إذا أخذ كل الناس نفس الحقوق، وقاموا بنفس الواجبات. أليس كلهم بشرا مع اختلاف لونهم و جنسهم فيأخذ الكل نفس الحق و يقومون بنفس الواجبات، دون أي اعتبار للونهم أو عرقهم. يقول شيشرون في هذا الصدد:" الناس سواء، و ليس شيء أشبه بشيء من الإنسان بالإنسان."لنا جميعا عقل ، ولنا جميعا حواس ، وإن اختلفنا في العلم ، فنحن متساوون في القدرة على التعلم . كذلك يرى مالبرانش أن طبيعة الإنسان واحد عند جميع الناس، وإذا لم يكن الناس اليوم متساوين فان هذا يرجع إلى القوة، و القانون الغاشم الذي ميز بين الناس، و ليس إلى الطبيعة.
أما (كانط) الذي جعل الإنسان غاية في ذاته، فقد جعل من المساواة قاعدة لتلك الغاية، فالناس عنده كلهم متساوون، ولا يحقق لأي تمييز اجتماعي أن يمنع الإنسان أن يحقق ذاته. كذلك يرى العقليون أن العقل واحد عند جميع الناس، انه العامل المشترك الذي يسوى بينهم. هكذا أقام الأمريكيون دستورهم سنة 1776 على فكرة أن الناس يخلقون متساوين، وأن الفقر و الغنى لا يبرر التفاوت السياسي بين الأفراد. كل إنسان له حق الانتخاب مثلا لمجرد أنه إنسان. وهكذا إذا اختلف الناس في المهن التى يقومون بها، وفي الخدمات التى يقدمونها فان هذه المهن و الخدمات لا تتفاوت أهمية، فمثلها يحتاج المجتمع إلى الطبيب و المهندس، يحتاج إلى كناس الشوارع و الفلاح و المجتمع لا يقوم إلا بتضافر هذه الخدمات و تكاملها.
فإذا أخذنا مثلا كناس الشوارع، ماذا سيحدث لو تخلى عن تقديم خدماته للمجتمع ؟ أكيد أن الأوساخ و القمامات ستتراكم علينا، مما يؤدي إلى انتشار المكروبات و الأمراض. إن عمل كناس الشوارع هذا لا يقل أهمية عن عمل الطبيب، فإذا كان الطبيب يعالج المرض فان كناس الشوارع يعالج أسباب المرض. إذن أليس من العدل أن تكون لهما نفس المكانة الاجتماعية، و يتحصلان على نفس الأجر؟

يبدوا أن أصحاب المساواة المطلقة لا يريدون الاعتراف بالطبيعة التى ميزت بين الأفراد، فمنهم القوي و منهم الضعيف، ومنهم الذكي و منهم الغبي. فكيف نسوي بين من هم ليسوا متساوين ؟.ان التفاوت لا يتناقض إطلاقا مع مفهوم العدل، بل يجسده على أفضل صورة.

لقد تصور أفلاطون في كتابه الجمهورية مجتمعا مثاليا عادلا أساسه احترام التفاوت بين أفراده. فهناك من وهب ملكة الشجاعة مثلا، ومن لم يوهب هذه الملكة، و ليس من العدل أن نسوي بينهم. إن العدالة الاجتماعية عنده أن يوضع كل فرد في الموضع اللائق به ليقوم بالعمل اللائق به و قسم بذلك المجتمع إلى ثلاثة طبقات: الطبقة الذهبية و هم الحكام الذين يتصفون بالمعرفة و الحكمة و الطبقة الفضية و هم الجنود الذين يتصفون بالشجاعة و الطبقة النحاسية و هم العبيد الذين تسيطر عليهم شهواتهم و هذا التقسيم ليس قائما على أساس السلالة أو العرق و إنما على أساس المعرفة و الفضيلة فالطبقة الذهبية الحاكمة طبقة فاضلة تتصور القوانين الاجتماعية تصورا عادلا ليس بعيدا عن أفلاطون نجد نيتشه الذي رأى هو أيضا ان العدالة لن تتحقق إلا إذا احترم التفاوت الطبقي بين أفراد المجتمع. الناس عنده صنفان (الأسياد و العبيد) و من الطبيعي أن يكون للأسياد حق الملكية و الحكم، ولا يكون للعبيد سوى حق الطاعة و خدمة الأسياد وأي تطلع للعبيد إلى ما في أيدي الأسياد طمع و حقد و اختلال للتوازن الاجتماعي و المساواة الاجتماعية. فالديمقراطية التى تقر الانتخابات عنده تفتح المجال للعبيد للتعبير عن رأيهم أو التطلع إلى الحكم و هذه قلة احتشام و فضاضة لا تقبل كيف يمكن للطبقة العامة أن تتطلع إلى الحكم، وهي لا تحمل الصفات التى تأهلها لذلك ؟ فالديمقراطية عنده خطر على الإنسانية بل جنون يجب القضاء عليه قبل فوات الأوان.

و إذا أردنا عدالة اجتماعية كما يقول:" يجب أن يعرف كل واحد حقه حسب الطبقة التى ينتمي إليها.أما هيجل صاحب الحقوق، فكرية فقد رأى أن الأمة التى تصل إلى الفكرة المطلقة يحق لها أن تملك كل الحقوق، و تسيطر على العالم على أساس أنها أفضل أمة. كذلك زعم بعض الأوربيين في القرن 19 أن الجنس الأبيض صاحب الحضارة أحسن الأجناس و أفضلها، وتكون السيادة بذلك من حقه هو وحده، في مقابل الأجناس الأخرى التى يجب عليه الطاعة و الامتثال لهم.//غير ان التاريخ يشهد أن فكرة التفاوت كأساس لبناء العدالة الاجتماعية، رفضها للضعفاء، وثاروا ضدها، طالبوا بحقهم الإنساني في عيشة كريمة حرة. و إذا دل هذا على شيء، فانه يدل على أن التفاوت ظلم، ولو كان عدلا كما يدعي أصحابه، لما اشمأزت النفس منه، ولما ثارت ضده، بل لتقبلته بكل تلقائية

إذا كانت فكرة التفاوت الاجتماعي فيها كثير من التعسف و الظلم فإنها تبقى الحل الوحيد لحقيق العدالة الاجتماعية، مادامت فكرة المساواة المطلقة لا يقبلها لا المنطق و لا الطبيعة البشرية.غير أن هذا التفاوت لا يكون لا على أساس الجنس ، ولا العرق ، ولا قوة ، كما أننا لا نحكم على الشخص أنه من طبقة نحاسية ، أو فضية أو ذهبية . بل كل واحد يأخذ حقه حسب الاستحقاق و الكفاءة، و هذا هو العدل في توزيع الثروات و المناصب الشرفية، الذي ناد به أرسطو يقول:" و من هنا تنجم الخصومات و الاعتراضات عندما لا يحصل أنا متساوون على حصص متساوية أو عندما يحصل أناس غير متساوون على حصص متساوية." و العدل في القصاص الذي يراعي التناسب بين الجريمة و العقوبة، فكل مجرم يعاقب حسب الجريمة التى قام بها، و لا يحق أن نسوي بين المجرمين في العقاب، كما أنه ليس عدلا أن نعاقب الفقير و نصفح عن الغني. هكذا أقر الإسلام التفاوت الاجتماعي لا على أساس العرق أو الأصل أو الجنس، وإنما على أساس العمل و التقوى. يقول صلى الله عليه و سلم:" لا فرق بين عربي و أعجمي إلا بالتقوى." كما وزع الحقوق و الواجبات حسب مكانة كل شخص، و المهام التى يقوم بها. يقول الله تعالى في توزيع الميراث:" و للذكر مثل حظ الأنثيين." و هذا يعتبر عدلا، في مجتمع عادل، يقوم فيه الرجل بمهام النفقة على الأسرة في حين تعفى المرأة عن ذلك.
أما في المجال السياسي فيرى مونتسكيو ان العدالة المطلقة التى تعني أن يكون كل أفراد الشعب حكما، أو كلهم ليسوا أحكاما، خرافة لا يمكن تحقيقها. إن العدالة السياسية الحقيقية أن يكون هناك حكام و محكومون، ولكن أن يشعر المحكومون أن هؤلاء الحكام أناس مثلهم، ينطق عليهم نفس القانون الذي ينطبق على بقية الأفراد. إن المساواة لا تعني أن يكون لكل الأفراد نفس الحقوق، وعليهم نفس الواجبات، و لكن المساواة أن يكون الأفراد متساوين أمام قانون حدد الحقوق و الواجبات حسب الاستحقاق و الكفاءة، بعد أن اتفق عليه الأفراد، فلا يفلت منه أي شخص مهما كان نسبه أو جنسه أو ماله، فيكون قانونا فوق الجميع، وتسود بذلك العدالة الاجتماعية. وينظر إلى الاختلاف بين الأفراد كسر طبيعي، لابد منه لبناء المجتمع، و ليس كوسيلة لتمييز البعض عن البعض الآخر ؟

الخاتمة:وهكذا نستنتج من طرحنا للإشكالية أساس تطبيق العدالة الاجتماعية أن العدالة تتحقق في ظل قانون يحدد الحقوق حسب الكفاءة، التى لا تأخذ بعين الاعتبار سوى القدرات و المجهودات دون أي تمييز لواحد عن الآخر، و يكون قانونا فوق الجميع.

هل المعرفة شرط كاف في إلحاق المسؤولية بالشخص ؟
المقدمة: الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يتحمل نتائج أعماله، المشكل المطروح ما هي شروط هذه المسؤولية ؟ إذا كان الطفل الصغير و المجنون ليسا مسؤولين عن الأعمال التي تصدر منهما فهل هذا يعني أن المعرفة شرط إلحاق المسؤولية بالشخص ؟ و إذا كان ذلك كذلك هل هي الشرط الوحيد أم هناك شروط أخرى ؟

العرض:المسؤولية هي تحمل نتائج الأعمال و قد تكون على شكل لوم أو عقاب يلحق بالشخص عند مخالفته للقانون و هذا اللوم أو العقاب إما أن نشعر به داخل أنفسنا وهذه هي المسؤولية الأخلاقية التي يحملها لنا الضمير أو تسلط علينا من الخارج و هذه هي المسؤولية الاجتماعية التي يحملها لنا المجتمع لكن ليس كلما كان هناك شخص و مخالفة للقانون كانت المسؤولية.

فمثلما سبق أن بينا، لا يتحمل الطفل الصغير نتائج أعماله و لا تلحق به التبعة لغياب النضج و كذلك المجنون لغياب الوعي فغياب النضج و الوعي يجعل صاحبه غير قادر على التمييز بين الخير و الشر، كيف يميز بينهما و هو لا يعرف ما هي الأفعال التي توصف بالخير و ما هي الأفعال التي توصف بالشر و لا يعرف النتائج الحسنة أو السيئة التي تترتب على الأفعال و التصرفات فتوصف أنها خير أو شر يقول الرسول (ص):"رفع القلم على ثلاثة: الصبي حتى يحتلم، و المجنون حتى يعقل، و النائم حتى يستيقظ." هكذا يولد الإنسان و هو لا يعرف ما هو الخير و ما هو الشر و ما يجب القيام به و ما لا يجب ثم يبدأ يتعلم شيئا فشيئا طبقا للتربية التي يتلقاها إلى أن يصل إلى السن التي تمكنه من التمييز بين الأفعال، وقد حدد القانون سن الرشد في غالب الأحيان بسن الثامن عشر من عمر الإنسان، قبلها يكون الآباء مسؤولين عن الأفعال التي تصدر من أطفالهم بصفتهم مسؤولين عنهم و عن تربيتهم كذلك هناك من الأفراد من بلغ سن الثامن عشر لكنهم لا يعدون مسؤولين و قد يكونون مسؤولين ثم ترفع عنهم المسؤولية، مثلما يحدث في الحالة التي يفقد فيها الإنسان وعيه و قدرته على معرفة ما يترتب عن أعماله من نتائج لإصابته بمرض عقلي أو نفسي و قد ذكر الطب النفسي أمراضا عديدة يمكن للإنسان فيها أن يفقد وعيه و قدرته على التمييز بين الأعمال و تأخذ هذه الأمراض بعين الاعتبار من طرف المحكمة عند إلحاق المسؤولية بالشخص و تحديد العقوبة.

غير أن ما نعيه هنا بالمعرفة ليس معرفة القانون فبين النضج و الجهل فرق كبير، إن الإنسان الناضج و العاقل لا يحميه القانون إذا كان جاهلا له إذ من الواجب معرفته بصفته فردا في المجتمع تنظم العلاقات فيه قوانين يجب احترامها فلا يمكن للشخص البالغ و العاقل أن يقود السيارة و هو جاهل لقانون المرور و إذا فعل و ارتكب حادثا فإن جهله لقانون المرور لن يحميه، يقول المعتزلة:"إذا كان الإنسان غير متمكن من أن يعرف بمعنى استحالت عليه المعرفة فهو ليس مسؤولا أما إذا كان بإمكانه أن يعرف و لم يعرف فإذا كان لا يعفيه من المسؤولية و يكون بذلك قد ارتكب معصيتين: الأولى فعله القبيح و الثانية جهله لقبحه و إن كان المخطئ الذي يعرف القانون مسؤولا أمام القانون أكثر من الذي لا يعرفه إذ كلما زاد قصده في ارتكابه الجريمة زادت مسؤوليته و كلما قلت معرفته قل قصده و قلت مسؤوليته أما من الناحية الأخلاقية فهو لا يعد مسؤولا إذا لم يقصد ارتكاب الشر،

ولكن ليست معرفة الخير و الشر و التمييز بينهما الشرط الوحيد في إلحاق المسؤولية بالشخص إذ قد لا يكون الإنسان مسؤولا و إن ثبت نضجه العقلي لسبب واحد أنه فقد القدرة على الاختيار عند قيامه بالفعل فالجندي الذي يقوم بالعمل امتثالا للأوامر، لا يتحمل ما يترتب على هذا العمل من نتائج لأنه لليس صاحب القرار فيه لذلك نجد المعتزلة يجعلون من وجود المسؤولية دليلا على وجود الحرية كذلك جعل كانط من الحرية أساس سلم به لبناء عالمه الأخلاقي الذي لا يكون فيه الإنسان مسؤولا، إلا إذا كان حرا وتغيب حرية الإنسان و قدرته على الاختيار إذا وقع تحت ضغط خارجي المتمثل في الضغوطات الاجتماعية أو الداخلي المتمثل في العقد و الأمراض النفسية،
يقول توفيق الشاوي:"أن الفكرة الأساسية لدى جمهور المشرعين و الفلاسفة هي أن الإنسان متى بلغ درجة معينة من العقل و الإدراك و حيرة الاختيار يعتبر مسؤولا مسؤولية أدبية و أخلاقية عن تصرفاته بحيث يستحق أن يتحمل الجزاء الذي يفرضه الدين أو الأخلاق أو القانون عن الأعمال التي يرتكبها." لم يجد التشريع في الماضي بدًا من الإقرار بحرية إرادة الإنسان من أجل أن يلحق به العقاب مثلما يرى نيتشه و لم يعلن عن حالات يمكن للإنسان أن يفقد فيها حريته و قدرته على التمييز إلا في القرن التاسع عشر بفضل تطور العلوم الإنسانية خاصة علم النفس و علم الاجتماع في سنة ألف و ثمانمائة و عشر القانون الجنائي الفرنسي في المادة أربعة و ستين، يعلن محددا الحالات التي لا يمكن فيها الإنسان مسؤولا عن أعماله:" ليس هناك جريمة، أو مخالفة، لما يكون المتهم في حالة اختلال عقلي عند ارتكاب الفعل أو لما يكون مجبرا بقوة لم يستطع مواجهتها." و إن كان غياب القدرة على الاختيار لا تلغي تماما مسؤولية الإنسان الذي يبقى دائما يحمل مقدارا من الإرادة و الاختيار بصفته الكائن العاقل فالقوانين التشريعية في لعصر الحديث لا تلغي مسؤولية الإنسان إلا في حالات نادرة و إن كانت هذه المسؤولية تحدد تبعا لقدرة الشخص على الاختيار التي يعد تحديدها من مهام المحكمة.

الخاتمة: هكذا نستنتج أن المعرفة لا تكفي لجعل الإنسان مسؤولا و إنما يجب أن تكون لديه القدرة على الاختيار أيضا فيصدر الفعل من إرادته الحرة الم تعرف المسؤولية بأنها تحمل المرء لأعماله ؟


هل الذكاء خاص بالإنسان وحده؟

مقدمة:إن الظروف الخارجية في الطبيعة ليست ثابتة بل تتبدل و تتغير من حال إلى حال كالتقلبات الجوية مثلا مما يجعل الكائنات الحية وخاصة الإنسان و الحيوان يبحثان عن التكيف مع هذا التغير الطبيعي فيقوم كلا منهما بسلوكات متنوعة تنتهي في أغلب الأحيان بإشباع مطالبهما و تحقيق أغراضهما لكن الملاحظ في سلوك الإنسان و الحيوان هو أن سلوك الحيوان أكثر ثبات من سلوك الإنسان الذي يتميز بالابتكار إلى حد العبقرية فهل هذا يعني أن سلوك الإنسان أكثر ذكاءا من سلوك الحيوان؟ بمعنى آخر هل الذكاء يقتصر على الإنسان فقط دون الحيوان؟

التحليل:الذكاء خاص بالإنسان: ذهب بعض الفلاسفة و العلماء إلى أن الذكاء خاصية إنسانية فالإنسان وحده الذي يتميز بالعقل لتوفره على عنصر العقل و هذا يجعله يعيش متحررا في الزمان و المكان حيث بإمكانه أن يعيش الأبعاد الثلاثة للزمان (الماضي الحاضر المستقبل ) و المكان (الطول العرض الارتفاع ) أما الحيوان فلا يمكنه التحرر منها و هذا يجعله يعيش اللحظة فقط على خلاف الإنسان الذي يتجاوز الواقع بفضل قدراته على التصور و التجريد و تخيل الحلول و هذا ما يؤكده علم النفس التقليدي فالملاحظة العلمية لسلوك الحيوان كشفت لديهم أن كل ما يقوم به الحيوان من سلوكات فهو غريزي أي نشاط عام يحسنه جميع أفراد النوع الواحد مما يجعل سلوكه يتميز بالثبات و يفتقد إلى القدرة على التكيف مع المشاكل الجديدة لقد أجرى بعض الخبراء تجارب عن النحل فأحدثوا ثقوبا في خليتها و لكن النحل استمر في وضع العسل رغم أنه ينفذ إلى خارج العسالة و إذا كان النمل يقرض الحبوب حتى لا تنبت في حالة تبللها فهو يفعل ذلك بدافع الغريزة لا بدافع الذكاء و هذا جعل فولتير يقول (النحلة البارعة في خليتها هي خارج الخلية ذبابة بليدة )كما قال كارل ماركس (الفرق بين المهندس المعماري الفاشل و النحلة البارعة هو أنه يحمل الدار في رأسه )والنتيجة أن ما يقوم به الحيوان مجرد غريزة و أن الذكاء خاص بالإنسان وحده حقيقة الإنسان وحده الذي يمتلك القدرة على التصور و التجريد لكن بعض سلوك الحيوان يتجاوز الغريزة بما يثبت قدرة على تصور الحلول للمشاكل التي تعترضه

الذكاء لا يقتصر على الإنسان وحده:
ذهب آخرون من الفلاسفة والعلماء إلى أن الذكاء لا يقتصر على الإنسان وحده فقط بل يوجد لدى الحيوان و يرى علماء النفس الحديث أن القدماء أخطئوا حين نفوا الذكاء عن الحيوان وأجروا تجارب عديدة دلت على أن بعض الحيوانات الراقية لها نوع من الذكاء لأنها استطاعت حل بعض المشاكل العملية التي لا تتجاوز قدراتها و هذا ما عملت على إثباته المدرسة الغشطالطية بزعامة علمائها كوفكا و كوهلر الذي وضع قردا في قفص علق بسقفه موزا و وضع عصا على الجانب فأدرك القرد العلاقة بين الموز و العصا فأسقط الموز بالعصا و أكله كما أن التجارب التي قاما بها معا من خلال ما يعرف بتجارب السلوك الملتوي (الحركات الملتوية التي يقوم بها الحيوان من أجل بلوغ الهدف )تثبت أن السلوك الملتوي لبعض الحيوانات هو سلوك ذكي و أن القرد أحسن حيوان له ذكاء فهو يقوم بنشاط هادف و يتجاوز العوائق إلى أن يحقق الهدف حقيقة يمتاز سلوك بعض الحيوانات و خاصة الراقية منها بالذكاء لكونه يتجاوز حدود الغريزة و لكن ذكاء الحيوان ضيق و محدود لا يصل إلى درجة ذكاء الإنسان

ذكاء الإنسان نظري وذكاء الحيوان عملي:
بناءا على ما سبق فإن العلماء يفرقون بين نوعين من الذكاء : فالذكاء النظري هو المهارة في استخراج القوانين العامة من التجارب الجزئية ثم الاستناد إلى هذه القوانين لاستخراج الحلول فهو ذو طابع ذهني نظري أما الذكاء العملي فهو القدرة على استخراج الحلول مباشرة من التجارب الجزئية نفسها فهو يتعلق بالمدركات الحسية و إدراك العلاقة بينهما و على هذا الأساس يمكن استخلاص أن ذكاء الإنسان ذكاء نظري و هو القدرة على إدراك العلاقات بين المفاهيم المجردة وهو يتناسب طردا مع القدرة على التجريد بينما ذكاء الحيوان عملي يقتصر على إدراك العلاقات بين العناصر الموجودة في المجال الإدراكي ثم إعادة تنظيمها وهو يتناسب طردا مع القيام بالوظيفة السابقة

خاتمة: نستنتج مما سبق أن كلا من الإنسان و الحيوان يملك نوعا من الذكاء فذكاء الحيوان ذكاء عملي مرتبط بالزمان و المكان و ذكاء الإنسان نظري متحرر من الزمان و المكان يتخطى الحدود و يبدع الحلول و شتان بين الاثنين.
هل الذكاء قدرة وراثية نولد بها، أم قدرة مكتسبة خلال الحياة ؟
مقدمة:إذا كان الطفل الذكي يتضح ذكاؤه منذ السنوات الأولى من حياته، وإذا كانت نسبة ذكائه تبقى على حالها عبر مراحل حياته المتتالية، مهما كانت البيئة التى يعيش في وسطها. هل هذا يعني أن الذكاء وراثي ؟ لكن إذا كان هذا الطفل مهما كان يعيش في بها، لا يمكن سلخه عنها، يتأثر بها، و يؤثر فيه الى درجة القول أن الإنسان ابن بيئته ن ألا يكون ذكاؤه في هذه الحالة نتيجة لهذه البيئة ؟
و المشكل المطروح هل الذكاء و راثي أم مكتسب ؟

التحليل: الذكاء عند ابن سينا هو جودة حدس من قوة النفس تقع في زمان قصير. وهو عن علماء النفس القدرة على الفهم و الاختراع و النقد و التوجيه. هذه القوة أو القدرة تختلف من شخص الى آخر. فهناك العبقري الذي تبلغ عنده أعلى مراتبها، والبليد الذي تكون عنده في مراتبها السفلى. هذا التوزيع غير العادل للذكاء ،أرجعه الكثير من العلماء و الفلاسفة الى عامل الوراثة ، فالذكي عندهم يولد ذكيا ، والبليد يولد بليدا . و قد أسفرت الأبحاث التى قام بها كونارد و جونس على وجود تشابه في الذكاء بين الآباء و الأبناء. و يكون الذكاء بذلك قوة فطرية ، تظهر منذ السنوات الأولى من عمر الطفل ، ليحتفظ بها طول المراحل المتتالية لحياته . ومن العبث محاولة جعل الغبي حاذقا بالتربية و التدريب، لأن الذكاء لا يكسب كما يظن البعض. وقد دلت التجارب أن التوأم الحقيقي الذي يولد من انشطار بويضة واحدة، مثلما يتشابه في الصفات الجسمية الى درجة يصعب التمييز بينهما، كذلك يتشابه في القدرات العقلية، فتكون نسبة ذكائهما متقاربة جدا، وإن عاش كل واحد في بيئة تختلف عن التى يعيش فيها الآخر، و السبب في ذلك هو عامل الوراثة. ولقد أكد العالم البيولوجي مورغان على هذا الرأي، لما أرجع اختلاف الأفراد في قدراتهم العقلية و نسبة ذكائهم الى الموروثات أو الصبغيات.

غير ان إرجاع الذكاء المورثات يدعو الى الاستلام و التخلي عن التربية، كما ان القول أن ظهور علامات الذكاء على سلوك الطفل في سنواته الأولى يدل على أن الذكاء وراثي لا يقبله الواقع ن لأن الطفل في سنواته الأولى يدل على ان الذكاء وراثي لا يقبله الواقع، لأن الطفل لما يولد يجد نفسه في وسط أسرة تعلمه مختلف السلوكات، وردود الأفعال فإذا عرفت الأسرة كيف تعتني به أبدى ذكاءا كبيرا، و إذا لم تعرف أو أهملته كان قليل الذكاء.

هكذا ارجع علماء الاجتماع و علماء النفس و التربية الذكاء الى عامل البيئة التى يعيش فيها الطفل، والتربية التى يتلقاها. فالطفل الذي يعيش في بيئة توفر له كل الظروف المواتية للعمل و البحث و الدراسة، يبدي مقدارا من الذكاء يفوق المقدار الذي يبديه الطفل الذي يعيش في بيئة محرومة. ولقد قام العالم ماك نيومن بأبحاث توصل من خلالها الى أن متوسط ذكاء الأطفال الذين يعمل آباؤهم في المهن الراقية يتراوح بين 115/118 بينما تتراوح نسبة ذكاء أطفال العمال ما بين 94/98. كذلك دلت الأبحاث أن أطفال الملاجئ يبدون مقدارا متقاربا من الذكاء، والسبب ان هؤلاء الأطفال يتعرضون لنفس الظروف المعيشية و الغذائية و نفس المعاملة.
هكذا رأى العالم النفسي واطسن ان سلوك الإنسان استجابة حتمية لمنبهات خارجية، و نوع المنبه يحدد نوع التربية التى يتلقاها الطفل. وأخيرا فان القول بان الذكاء وراثي فيه الكثير من الإجحاف في حق الشعوب المتخلفة، فلقلة الإبداع و إيجاد الحلول للمشاكل في هذه الدول، وانتشاره في الدول المتقدمة، لا يتعلق بعامل السلالة حيث تتوارث الأجيال معدل الذكاء، وإنما يرجع الى توفر الإمكانيات و الظروف، ومن رأى غير ذلك فليس سوى ذريعة لتبرير مواقفه العنصرية.غير أن أبحاث ماك نيومن لا تدل على أن الذكاء مكتسب بقدر ما تدل على أن الذكاء وراثي. إن الآباء الذين يعملون في المهن الراقية يدل على تفوقهم في الذكاء، مما يجعلهم أهلا لهذه المناصب، و لا غرابة أن يكون أطفالهم ذوي نسبة عالية من الذكاء.
كذلك بالنسبة لأطفال العمال الذين يرثون نسبة ذكائه من آبائهم. كذلك لا نستطيع ان نقول أن الطفل يكتسب مقدار ذكائه من البيئة التى يعيش فيها لأن الكثير من الأطفال يزاولون دراستهم في مدرسة واحدة، وعلى يد مرب واحد بالرغم من ذلك تظهر عليهم فروق متباينة في قدراتهم العقلية و نسبة ذكائهم.

إن مشكلة الذكاء و علاقته بالوراثة و البيئة، وتباين الأبحاث، و اختلاف الحجج التى قدمها كل من الفريقين يجعلنا نقول أن محاولة الفصل بين البيئة و الوراثة في تحديد مقدار ذكاء الإنسان ليست ممكنة، نظرا للدور الكبير الذي يلعبه العاملان في حياة الإنسان ن وإذا كنا لا ننفي العاملين، فمن الأصح ان نتساءل الى أي مدى يكون الذكاء وراثيا أو مكتسبا ؟ بدل ان نتساءل هل هو وراثي أم مكتسب ؟غير أن الجمع بينهما بمقادير كمية، كأن نقول مع سريل برت أن الذكاء 80 بالمائة منه وراثي و 20 بالمائة مكتسب، ليس له أي معنى عند ألبرت جكار.

هكذا اتفق الفلاسفة و علماء النفس في العصر الحديث على اعتبار الذكاء من قبيل الأمور الفطرية، دون أن يهملوا دور الظروف و التربية التى تساعد على إظهاره كقدرة تجعل الطفل يحسن استعمالها. فالتربية لا تحسن و لا تقوي و لا تنمي الذكاء، وإنما تعلم الطفل كيف يستعمل قدراته العقلية التى فطر عليها، وتقدم له الظروف المواتية لاستعمال ذكائه و تنشيطه. إن الذكاء يقاس في صلته بالمعرفة و المعرفة مكتسبة، فكلما تحصل الشخص على مقدار أوفر من المعارف، وعرف كيف يطبقها و ينتفع بها، كلما بدا أكثر ذكاءا.

الخاتمة:و في الأخير نقول كما يقول أغلبية الفلاسفة و العلماء في العصر الحديث، أن الذكاء هو تفاعل عامل الوراثة مع عامل البيئة. و إذا كانت النسبة التى تحدده وراثية، فان كيفية التعبير عنها تكون مكتسبة.


هل الشخصية هدية طبيعة أم اجتماعية ؟

مقدمة:الشخصية عند علماء النفس جانبان فطري و مكتسب فالفطرة هي الجبلة التى يكون كل موجود في أول خلقه (حيث جاء في القرءان الكريم " فطرة الله التى فطر الناس عليها.." ) و هي الطبيعة الأولى التى يولد عليها الفرد و الفطرة تقابل المكتسب و هو مال يضاف إلى الفطرة أي الطبيعة و هو ما يمثل التبدلات التى تطرأ على طبيعة الفرد خلال حياته و عليه فهل شخصية الفرد فطرية أم مكتسبة ؟ بمعنى آخر هل الشخصية معطى من المعطيات الأولية التى تمنحها الطبيعة للإنسان أم أنها ثمرة النشاط التجريبي و التدريبي الذي يتم تدريجيا من خلال ممارسة الحياة ؟

التحليل:الشخصية هدية الطبيعة للإنسان:
يذهب الكثير من الفلاسفة و العلماء إلى أن الشخصية فطرية مثلا العقليون و منهم ديكارت الذي يرى أن قوانين المعرفة و مبادئ قبلية و يرى ليبنز أن الإنسان يولد و في نفسه استعداد فطري ينتقل من القوة إلى الفعل بالتجربة و العمل، أما علماء الوراثة و على رأسهم ماندل يرى أن الطفل يرث استعدادات عن الآباء كما أن علماء الطباع و على رأسهم لوسين يرى أن الطبع (العوامل الفطرية ) فطري و أن للإنسان نفس الطبع منذ بداية حياته حتى نهايتها و هذا جعل العلماء يقولون أن الفطرة هي الأصل و أن الأصل ثابت و الثابت أقوى من المتغير و بالتالي فالشخصية تحدد الطبيعة

نقد: لكن هل الشخصية تولد جاهزة و كاملة ؟ كلا ان الإنسان يولد ولا يملك على تميز جسمه عن باقي أجسام العالم الخارجي

الشخصية هدية المجتمع للإنسان:
يذهب فلاسفة و علماء آخرون إلى أن الشخصية مكتسبة عن طريق التربية و التعليم الذين يتلقاهما الإنسان من المجتمع فيذهب علماء الاجتماع و على رأسهم دور كايم:إلى أن كل مجتمع يقوم على الأفكار الجماعية التى تفرضها البيئة الاجتماعية على الوعي الإنساني و يقول ألبورت " لا يولد الطفل بشخصية كاملة التكوين و لكن يبدأ بتكوينها منذ الولادة و هكذا يؤكد علماء التربية على دور الطرق البيداغوجية في اكتساب المهارات في تكوين شخصية متفوقة و هذا جهل العلماء يقولون بأن الشخصية تكتسب بالتدرج مرورا بمراحل و هي مراحل تطور الأنا فلا شخصية للمولود الجديد و لكن الراشد له شخصية معينة و محددة

نقد: لكن هل هذا يعني أن الشخصية مكتسبة كلية كلا ان هذه العوامل المكتسبة قائمة على تاريخ سابق هو الفطرة

الشخصية هدية الطبيعة و المجتمع معا:
ان المعطيات التى يمنحها المجتمع للفرد عن طريق ما يسمى بالتأثير الاجتماعي تبقى محدودة في الواقع بالمعطيات التى تمنحها الطبيعة و الوراثة فالمجتمع ليس بإمكانه أن يصنع بالفرد ما يشاء بل كل تشكل للفرد يخضع لنوع الوراثة التى يمر بها هذا الفرد منذ الولادة و بذلك يكون للوراثة دور كبير في تحديد شخصية الفرد كما يكون للمجتمع دور أيضا في تحديد الشخصية التى يرغب فيها حيث جاء في الحديث الشريف " كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه "

الخاتمة:ان العوامل الفطرية أو ما يعرف بالطبع لا يكفي وحده في تكوين الشخصية كما أن العوامل المكتسبة أو ما يعرف بالتطبع لا يكفي هو الآخر وحده في إعطاء الفرد شخصيته الكاملة فالشخصية محصلة تفاعل المعطيات الفطرية و الاجتماعية معا.



هل الشعور كاف لإثبات الحرية ؟

مقدمة:الحرية واحدة من المشاكل الفلسفية التى تناولها الفكر الإنساني قديما و لا تزال مسألة الحرية حتى اليوم تعرف نقاشا و جدلا بين الفلاسفة و العلماء حيث نظر إليها القدماء على أنها مسألة تتعلق بالفكر البشري فتساءلوا هل نحن أحرار ؟ التحليل:اء العصر الحديث نظروا إليها على أنها مرتبطة بالواقع وتساءلوا كيف نتحرر؟ و عليه فهل يكفي شعور الإنسان بالحرية دليلا لإثبات و جودها ؟

التحليل :الحرية قائمة على الشعور بها:
يذهب بعض الفلاسفة من أنصار الحرية إلى أن الإنسان حر و أن أفعاله صادرة عنه و هو قادر على الشعور بها و على الشعور بأنه هو الذي يأدبها و قادر على تركها أو القيام بها فالحرية مجرد حالة شعورية يعيشها الإنسان و شهادة شعوره تكفي لإثبات و جودها حيث نجد في الفكر الفلسفي الإسلامي موقف المعتزلة و الذي يعرضه أحد علماءها الشهرستاني حيث يقول " ان الإنسان يحس من نفسه وقوع الفعل على حسب الدواعي و الصوارف إذا أراد الحركة تحرك و إذا أراد السكون سكن و من أنكر ذلك جحد الضرورة و يقول ديكارت أننا جد متأكدين من الحرية و ليس هناك شيئا نعرفه بوضوح أكثر مما نعرفها كما يقول جاك بوسويه كلما أبحث في أعماق نفسي عن السبب الذي يدفعني إلى الفعل لا أجد فيها شيئا إلا حريتي و هنا أشعر شعورا واضحا بحريتي وهكذا تكون الحرية حالة شعورية و الشعور بالحرية يكفي دليلا على و جودها لكن الشعور قد يكون مضللا لأصحابه فكثيرا ما نكون متأكدين من أمر ما أنه حقيقة لكن لا نلبث ان نكتشف أننا كنا مخطئين / الشعور لا يكفي دليلا لإثبات الحرية

الحرية قائمة على العمل و الممارسة:
يذهب بعض الفلاسفة و العلماء و خاصة أنصار الحتمية و المحدثين منهم أن الحرية ليست مجرد شعور بل هي عمل و ممارسة يومية إذ نجد في الفكر الإسلامي موقف الجبرية بزعامة جهم بن صفوان حيث يرون أن الله هو القادر و هو الفاعل فلا إرادة للإنسان أمام إرادة الله المطلقة. فكل ما يفعله الإنسان مقدر عليه من قبل الله و إلى رأي قريب من هذا الرأي يذهب سبينوزا الذي يقول " الإنسان مجبر على فعل الفعل بعلة ما " أما في الفكر الحديث فالحرية لم تكن حالة جاهزة يعيشها الإنسان بل هي الغاية التى يسعى إلى تحقيقها عن طريق العمل الذي يمكنه من تجاوز الحتمي و لعل كارل ماركس أهم من عالج مشكلة الحرية انطلاقا من واقع إنساني مليء بالقيود يناضل فيه المرء من أجل التحرر، والتحرر يقتضي ربط الفكر بالعمل من أجل إدراك الحتميات ثم تجاوزها و هناك يقول كارل ماركس أن الحرية وعي بالقيد " والعمل من أجل التحرر يكون على مستويات ثلاث
/ التحرر على مستوى الذات
/ التحرر عل مستوى المجتمع
/ التحرر عل مستوى الطبيعة = وهكذا فالمهم في نظر كارل ماركس ليس أن نفهم العلم و لكن أن نفسره و نطوره

لكن التحرر الذي يهدف إليه الإنسان يجب أن يكون واعيا و مخططا له وهو ما يتطلب عملية الفهم و الوعي و الشعور بالقيد أولا ثم العمل على تجاوزه بطريقة تجعله مسخرا لخدمة الإنسان

الحرية قائمة على الشعور بالقيد ثم العمل على تجاوزه:
الحرية لا تخلوا من الشعور ولكن الشعور وحده لا يثبت الحرية كما أن العمل الضروري لتحقيق الحرية و لكن العمل المقرون بالوعي و الشعور أفضل و أسلم للبشرية جمعاء فالتقدم و التطور (الصناعة ) الذي يمر بتدمير الطبيعة (الغلاف الغازي ) لا يحقق للإنسان حريته

الخاتمة:الحرية هي ذلك الفعل الواعي الذي يتحقق مع الإنسان باستمرار فبقدر ما يمتلك الإنسان من العلم و المعرف و بقدر ما يكتشف القيود و بقدر ما يعمل على تجاوز هذه القيود بقدر ما يحقق حريته و يقول محمد عبده " الإنسان حر في حدود إرادته و قدرته "


هل العادة مجرد إعادة ؟


مقدمة:يقوم الإنسان في حياته بأفعال و سلوكات منها ما هي عادة و منها ما هي ليست عادة إذا كنا لا نقول عن سلوك ما إنه عادة إلا إذا اكتسبناه و هذا ما يميزه عن السلوكات الفطرية ثم كررناه بنفس الطريقة دون حاجة إلى تدخل الفكر و الإرادة أو الانتباه هل هذا يعني أن التكرار آلي ؟ و إذا كان ذلك كذلك فإلى أي مدى يكون هذا التكرار ؟

التحليل:يقوم الإنسان بأعمال تتطلب منه جهدا كبيرا و اهتماما مركزا يستحوذ على كل شعوره و كيانه مثلما نشاهد عند الشخص الذي يتعلم قيادة الدراجة في حين يقوم بأعمال أخرى بسهولة كبيرة فلا تطلب منه جهدا و لا انتباها و لا حضورا للشعور مثلا أن يقود السيارة و هو يتحدث مع شخص آخر جالس أمامه أو يستمع للموسيقى، السبب يرجع إلى العادة ففي الحالة الأولى لم يتعود على قيادة الدراجة و لم ترسخ فيه الحركات اللازمة لذلك فنراه يركز كل انتباهه على كل حركة يقوم بها و تكون حركاته بطيئة بينما في الحالة الثانية و قد تعلم السياقة و رسخت فيه الحركات اللازمة لذلك نراه يكررها بدون أي جهد أو انتباه فتأتي آلية و سريعة مما يمكنه من توفير الوقت و تحرير الشعور ليهتم بمشاكل أخرى ما دام العمل الذي يقوم به لا يتطلب حضور شعوره فتظهر العادة بذلك كسلوك آلي يكرره الإنسان كما لو كان آلة ميكانيكية و قد عرفها العلماء المحدثون بأنها قدرة مكتسبة على أداء عمل بطريقة آلية مع السرعة و الدقة و الاقتصاد في الجهد (معجم جميل صليبيا)

نظر ديكارت إلى العادة نظرة آلية محضة فهي تسلسل حركات مرتبطة فيما بينها يتم حدوثها بشكل آلي أوتوماتيكي و شبهها بالثنية فالورقة التي نثنيها من جهة ترتسم عليها آثار الثنية فتكون أسهل و أطوع للثنية من نفس الجهة ثانية، تطورت هذه النظرية يد أصحاب الاتجاه المادي الفيزيولوجي أمثال"وليم جيمس" الذي اعتمد في تفسيراته على الآثار الفيزيولوجية التي تبين أن العادة تترك في جميع الكائنات الحية آثارا مادية فيزيولوجية تجعلها تتشكل على نحو ما مثل العود عند بوسويه:"الذي يتقوى شيئا فشيئا و يبدو أنه تعود على الحالة الجديدة التي نريد أن نشكله عليها " و رأى علماء النفس الترابطيون أمثال ماك دوكيال:"إن العادة ليست سوى مجموعة منظمة من الآثار المترابطة في الجهاز العصبي يكفي أن تكون الحركة الأولى لكي تليها الحركة الأخرى على شكل ترتيب ثابت حيث يغيب كل شعور أو انتباه و يصطبغ الفعل بصبغة الآلية الميكانيكية التي تجعل المرء يقوم به كما تقوم الآلة بحركاتها تماما و التكرار يقوي هذا الترابط و هذه الآلية و تكون العادة بذلك ظاهرة بيولوجية يزداد تثبيتها بالتكرار و يتم القيام بها بشكل ثابت تحدده الطريقة التي تم بها تثبيتها، فلرنيي باسم هذه الآلية لا يرى أي خلاف بين تثبيت العادات عند الإنسان و بين تثبيتها عند الحيوانات الراقية

النقد:ليس الإنسان آلة حتى يقوم بأفعال آلية محضة و إذا أمعنا النظر جيدا في الأفعال التعودية و حللناها جيدا نجدها تختلف عن تلك الحركات الآلية التي تقوم بها الآلة فالعادة و إن كانت أشكالا من السلوكات المحددة التي نكررها فإننا لا نكررها دائما بطريقة ثابتة و إنما تتكون تدريجيا و تتغير كلما استدعى الموقف ذلك فالمرأة التي تلبس حذاءا رياضيا لا تمشي بنفس الطريقة التي تعودت أن تمشي بها حين تلبس حذاءا بكعب عالي و لقد أكد فون درفلت إن متعلم عادة ما لا يعيدها دائما بنفس الطريقة التي تعلم بها يقول:"الحركة الجديدة ليست مجرد تجمع حركات قديمة إنها تحذف الحركات غير المجدية و الزائدة فهي تنظم تبعا لمدارات و إيقاعات أخرى". إن الكاتب على الآلة الراقنة لا يعيد نفس الحركات بالضبط و إنما كل مرة يحدث عليها بعض التغيير الذي يقربها من الكمال كما لا يمكن حسب رافسون فهم العادة بإرجاعها إلى الجسم وحده فإذا كان الفعل التعودي بصفته الكلية ثابتا فان أساليب التكتيك فيه و التي تتطلب الوعي ليست ثابتة لا يغيب الشعور تماما عن العادة و لا تغيب الإرادة كما كان يعتقد الماديون فالشعور و إن كان لا يتدخل بشكل واضح في العادة فهو يبقى يراقبها و الإرادة تعمل على تصحيحها إذا حدث عليها فساد فالمغني الذي يغني أغنية عدة مرات فإذا اخطأ في كلمة فانه يشعر بهذا الخطأ فيتوقف ليصححه فالسلوك الآلي المحض الذي يغيب فيه كل حضور للشعور و الانتباه و الإرادة لا يمكن أن ينسب إلى الإنسان

أما مين دي براين فقد ميز بين العادة الفاعلة و العادة المنفعلة فإذا كانت العادة المنفعلة كتعود الكائن الحي على بعض المؤثرات يغيب فيها الشعور فان العادة الفاعلة كالمشي و الكتابة تتطلب حضوره مما ينفي صفة الآلية عنها أما بالنسبة لاكتساب العادة فقد ركز جوست على عامل الفاصل الزمني بين التمارين الذي تكون مدته تابعة لنوع العادة التي نتعلمها أو الأشخاص الذين يتعلمونها حتى ينفي أن يكون التكرار الشرط الوحيد في عملية تعلم العادة و اكتسابها و كأن كل فعل نكتسبه حسب بيرون يحتاج إلى فترة ينضج فيها لنتمكن من تعلم الأفعال التي تليه.

إن الآلية المحضة اليوم تبدو غير كافية لتفسير طبيعة العادة و لكن هذا لا يعني أننا ننفي تماما طابع الآلية عن الفعل التعودي إنها كما يقول برادين آلية متعلقة بالحياة فهي تكسبنا آليات نتعداها بعد ذلك فنكيفها مع مواقف جديدة، إن الفاعلية الإنسانية تتكون من هذا الديالكتيك بين الماضي الذي لا نبقى سجناء فيه بل نتعداه لنذهب دائما إلى الأمام فالعادة عند جون ديوي نشاط ثابت نسبيا

النتيجة:و هكذا نستنتج أن العادة باعتبارها سلوكا إنسانيا لا نستطيع أن تكون مجرد إعادة و إن كان تكرار الفعل يمثل الصبغة الأساسية فيها.

هل تتعارض القيم الأخلاقية مع الدوافع الطبيعية ؟
مقدمة: مما لا شك فيه أن سلوك الإنسان يخضع لدوافع، وفي الوقت نفسه هو مطالب بتكييف سلوكه و فق مجموعة من القواعد و القيم، تكون معيارا للحكم على فعله، ومنه فالإشكال المطروح هو: هل هناك تعارض و تناقض بين السلوك الطبيعي و السلوك الأخلاقي ؟

التحليل: الموقف الأول: و يمثله المذهب الواقعي الذي يرى أن القيمة الأخلاقية منسجمة تماما مع الدوافع الطبيعية و يمثل هذا المذهب كل من أبيقور و بنتام و جون جاك روسو

البرهنة: لأن طبيعة الإنسان هي معيار الحكم و هي التى تحدد ما في الأفعال من خير و شر فالإنسان بطبيعته يطلب اللذة و ينفر من الألم، وبالتالي فالفعل خير بمقدار ما يجلبه من لذات و منافع و شر بمقدار ما يجلبه من ألم و أضرار

نقد البرهنة: إن ربط القيمة الأخلاقية بالمنفعة الذاتية يفقد الفعل جوهره الأخلاقي لأن هذه المنافع متناقضة و متغيرة على الدوام، و القول بان القيمة الأخلاقية منسجمة تمام مع الطبيعة الإنسانية فيه إنكار و جحود لدور العقل و تقليل من شأن الإنسان كمخلوق مكرم

الموقف الثاني: و يرى أن القيمة الأخلاقية لا تنسجم و الدوافع الطبيعية و يمثل هذا الموقف كل من شوبنهاور الذي يرى أن طبيعة الإنسان تنطوي على دوافع سيئة، وهوبز الذي يعتبر الإنسان ذئبا لأخيه و كانط الذي يؤكد أن الفعل الأخلاقي يجب أن يبقى بعيدا و منزها عن كل المنافع الشخصية

البرهنة: لأن الإنسان أناني بطبعه لا يحب الخير إلا لنفسه فهو مستعد للتضحية بالكل من أجل مصالحه و منافعه، هذه المنافع في نظر كانط هي التى تجرد الفعل من كل مضمون أخلاقي، لأن الغاية من هذه الحالة هي الفائدة و المنفعة المرجوة من الفعل و ليس الفعل في حد ذاته كواجب أخلاقي

نقد البرهنة: هذا الموقف مبني على اعتبار الطبيعة الإنسانية طبيعة سيئة و هو موقف فيه الكثير من التطرف و المغالاة، فالإنسان ليس ذئبا كما يرى هوبز، أما كانط فيتجاهل تمام الطبيعة الإنسانية، فالفعل المجرد من جزاء مهما كان نوعه لا وجود له، وهذا ما يدفعنا الى القول بأن تصور كانط تصور مثالي لا سند له في الواقع

التركيب: لا يمكن إنكار أن سلوك الإنسان في الكثير من الأحيان غايته تحقيق منافع شخصية، و لا ننكر كذلك ان الإنسان مخلوق مكرم ميزه الله عن سائر المخلوقات بالعقل، و منه فالقيمة الأخلاقية هي التى يكون فيها الانسجام قائما بين ما تطلبه طبيعته و الأوامر الذي يصدرها العقل

الخاتمة: و انطلاقا من هذه الثنائية التى يتميز بها الإنسان عن غيره يمكن القول أن القيمة الأخلاقية ليست دائما متعارضة مع الدوافع الطبيعية

هل نجد في سلطة الدولة ما يتعارض مع الحرية ؟
المقدمة: يبدوا لأول وهلة أن هناك تعارضا بين مفهومي السلطة و الحرية فإذا كانت سلطة الدولة تقتضي فرض الطاعة و لو باستعمال القوة فهل ذلك يتعارض مع حرية الإنسان ؟ أو بالعكس هل الإطار المناسب لممارسة حريته و التمتع بحقوقه الأساسية ؟ ما هي الحدود التى يجب أن تقف عندها السلطة حتى لا تتحول الى طغيان ؟ و ما هي ضمانات عدم تخطيها لتلك الحدود؟

القضية الأولى: موقف باكونين و ماركس " الدولة مؤسسة قمعية مسخرة لخدمة مصالح طبقية و أنشأتها الطبقة المهيمنة لضمان سيطرتها على المجتمع، و لذلك يجب القضاء عليها مباشرة أو مرحليا حتى يستعيد الإنسان كرامته، و ما عاناه الإنسان في مختلف الأنظمة السياسية دليل على أن الدولة كانت المقبرة التى تدفن فيها الحريات الفردية.

الحجة: فهي تقف ضد التفتح الطبيعي للأفراد و تعيق حرياتهم و تمارس أبشع أنواع الاستغلال و القهر باعتبارها وجدت أفراد الطبقة المهيمنة.

نقد البرهنة إن هذا الموقف فيه كثير من التطرف فهو لا يعي عواقب ما يترتب عن زوال الدولة. إذ تصبح الفوضى هي السائدة و الغلبة للأقوى. وإذا عمت الفوضى فلا أحد يمارس حريته بعد ذلك، ثم إن هذا الموقف يصدق فقط على الأنظمة الاستبدادية التى عرفتها البشرية وما سادها من انحراف في استخدام السلطة من قبل الحكّام المتسلطين و لا يصدق على الدولة ذاتها كمؤسسة اجتماعية ثم عن تقدم الوعي السياسي أدى الى ظهور السلطة القائمة على القانون لا على الإرادة الفردية.

نقيض القضية: موقف "ابن خلدون" جون جاك روسو" و غيرهما يرون ان الدولة مؤسسة ضرورية لا غنى عنها فقيام المجتمعات و نشوء الحضارات لا يتم إلا في إطار النظام و هذا ما تجسده الدولة

الحجة: فالحريات و الحقوق لا تمارس إلا في إطار النظام و يبقى المشكل محصورا فقط في البحث عن الآليات التى تقيد استعمال السلطة و تحفظ الحريات للمواطن

نقد الحجة: إن تاريخ الدولة يبين أنه كانت دوما أداة تسلط و لم تكن أبدا إطارا منظما للأفراد، ثم عن التجاوزات التى تقع اليوم هنا و هناك و في مختلف المجالات دليل على ان الدولة مازالت أداة قمع و إرهاب تركيب: إن الوعي الذي شهده الإنسان و المستوى الفكري الذي وصله مكنه من وضع آليات تقيد استعمال السلطة و تحولت علاقة المواطن بالدولة من علاقة رضوخ و استسلام الى إرادة الحكام الى علاقة امتثال للقانون الذي اشترك المواطن بطريقة أو بأخرى في وضعه و هكذا وجدت الدساتير التى تبين أشكال الدولة و نظام الحكم و ينظم السلطات و يحدد العلاقة بين أجهزة الدولة و يقر الحقوق الأساسية و وسائل حمايتها

خاتمة: و انطلاقا من هذه الآليات التى وضعها الإنسان يمكن القول انه لا تعارض بين سلطة الدولة و حرية الإنسان.

هل نجد في سلطة الدولة ما يتعارض مع الحرية ؟
المقدمة: يبدوا لأول وهلة أن هناك تعارضا بين مفهومي السلطة و الحرية فإذا كانت سلطة الدولة تقتضي فرض الطاعة و لو باستعمال القوة فهل ذلك يتعارض مع حرية الإنسان ؟ أو بالعكس هل الإطار المناسب لممارسة حريته و التمتع بحقوقه الأساسية ؟ ما هي الحدود التى يجب أن تقف عندها السلطة حتى لا تتحول الى طغيان ؟ و ما هي ضمانات عدم تخطيها لتلك الحدود؟

القضية الأولى: موقف باكونين و ماركس " الدولة مؤسسة قمعية مسخرة لخدمة مصالح طبقية و أنشأتها الطبقة المهيمنة لضمان سيطرتها على المجتمع، و لذلك يجب القضاء عليها مباشرة أو مرحليا حتى يستعيد الإنسان كرامته، و ما عاناه الإنسان في مختلف الأنظمة السياسية دليل على أن الدولة كانت المقبرة التى تدفن فيها الحريات الفردية.

الحجة: فهي تقف ضد التفتح الطبيعي للأفراد و تعيق حرياتهم و تمارس أبشع أنواع الاستغلال و القهر باعتبارها وجدت أفراد الطبقة المهيمنة.

نقد البرهنة إن هذا الموقف فيه كثير من التطرف فهو لا يعي عواقب ما يترتب عن زوال الدولة. إذ تصبح الفوضى هي السائدة و الغلبة للأقوى. وإذا عمت الفوضى فلا أحد يمارس حريته بعد ذلك، ثم إن هذا الموقف يصدق فقط على الأنظمة الاستبدادية التى عرفتها البشرية وما سادها من انحراف في استخدام السلطة من قبل الحكّام المتسلطين و لا يصدق على الدولة ذاتها كمؤسسة اجتماعية ثم عن تقدم الوعي السياسي أدى الى ظهور السلطة القائمة على القانون لا على الإرادة الفردية.

نقيض القضية: موقف "ابن خلدون" جون جاك روسو" و غيرهما يرون ان الدولة مؤسسة ضرورية لا غنى عنها فقيام المجتمعات و نشوء الحضارات لا يتم إلا في إطار النظام و هذا ما تجسده الدولة

الحجة: فالحريات و الحقوق لا تمارس إلا في إطار النظام و يبقى المشكل محصورا فقط في البحث عن الآليات التى تقيد استعمال السلطة و تحفظ الحريات للمواطن

نقد الحجة: إن تاريخ الدولة يبين أنه كانت دوما أداة تسلط و لم تكن أبدا إطارا منظما للأفراد، ثم عن التجاوزات التى تقع اليوم هنا و هناك و في مختلف المجالات دليل على ان الدولة مازالت أداة قمع و إرهاب تركيب: إن الوعي الذي شهده الإنسان و المستوى الفكري الذي وصله مكنه من وضع آليات تقيد استعمال السلطة و تحولت علاقة المواطن بالدولة من علاقة رضوخ و استسلام الى إرادة الحكام الى علاقة امتثال للقانون الذي اشترك المواطن بطريقة أو بأخرى في وضعه و هكذا وجدت الدساتير التى تبين أشكال الدولة و نظام الحكم و ينظم السلطات و يحدد العلاقة بين أجهزة الدولة و يقر الحقوق الأساسية و وسائل حمايتها

خاتمة: و انطلاقا من هذه الآليات التى وضعها الإنسان يمكن القول انه لا تعارض بين سلطة الدولة و حرية الإنسان.

هل ثقافة الإنسان تنسجم مع طبيعته دائما ؟
مقدمة: يولد الولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه فقد كشف الحديث الشريف عن و جود جانب فطري في الإنسان مثل القدرات الكامنة فيه بالولادة و جانب مكتسب هو قابلية هذه القدرات للنمو و التطور في ظل ما يقدمه المجتمع و لكن هاذين الجانبان ( الفطري و المكتسب) هل هما متضادان أم متكاملان ؟ بمعنى آخر هل ما يكتسبه الإنسان "الثقافة" يضاف الى ما هو موجود لديه بالفطرة " الطبيعة" أم يعارضه و يقاومه ؟ بمعنى آخر هل العلاقة بين الثقافة و الطبيعة هي علاقة تضاد و تنافر أم علاقة انسجام و تكامل ؟

التحليل القضية: ما هو ثقافي يعتبر مكملا لما هو طبيعي عند الإنسان
الحجة: إن الطبيعة باعتبارها المحيط ( أي الواقع الموضوعي المستقل عن الفرد ) أو باعتبارها الطبيعة البيولوجية (أي الفطرة و الغريزة عند أفراد النوع البشري ) فإنها قابلة للتأثر و الإنسان أدرك منذ القديم قدرته على التأثير في الطبيعة الموضوعية حيث صنع أدوات و معدات للعمل مكنته من استغلالها و مع التطور الفكري و العلمي اكتشف الإنسان ذاته بقدراتها و اندفاعاتها فراح يستغل هذه المعرفة المكتسبة في فهم العوائق الموضوعية و الذاتية من أجل إحداث التكييف معها فما تحسين الطرق البيداغوجية إلا محاولة الإبراز القدرات الفطرية كالذكاء و الموهبة.. الخ وما التعليم إلا استغلالا لقدرات العقل و ما الرياضة إلا استغلالا لقدرات الجسم فالثقافة تعمل على تنمية السلوك في حدود ما تقدمه الطبيعة
النقد : لكن ما هو ثقافي لا يقبل دائما الانسجام مع ما هو طبيعي فالكثير من العادات و القيم و القوانين تحد من الاستعداد الطبيعي الكامن لدى الفرد
النقيض: ما هو ثقافي يعتبر معارضا لما هو طبيعي عند الإنسان
الحجة: وكما أن الإنسان أدرك بقدرته على التأثير في الطبيعة سواء الذاتية أو الموضوعية بما يحقق له التلاؤم و الانسجام و التكامل معها فكذلك أدرك قدرته على الحد من تأثيرها عليه فأبدع وسائل للحد من مخاطر الطبيعة و صعوباتها كالسدود و الأنفاق ...كما هذب دوافعه و اندفاعاته الطبيعية كالأنانية و حب السيطرة بما أوجده من قوانين و قيم اجتماعية وبما أوحى إليه الله من مبدأ و مثل دينية و أخلاقية فما التربية إلا وضع حد لطغيان الغرائز و بذلك فالثقافة جاءت لتقف في وجه الطبيعة حتى يعيش الإنسان في وفاق مع الآخرين

النقد: لكن ما هو ثقافي لا يعارض دائما ما هو طبيعي فقد تعمل الثقافة على توجيه و تهذيب الطبيعة لا الحد منها
التركيب : ما هو ثقافي ليس مكملا دائما و لا معارضا دائما لما هو طبيعي
ان الطبيعة و الثقافة باعتبارهم قدرتان كامنتان عند الإنسان فهما متداخلتان الى درجة الترابط الوثيق إذ لا يمكن الفصل بينهما إلا نظريا و هما يتعارضان أحيانا و يتكاملان أحيانا أخرى

الخاتمة : ان الفطري و المكتسب أي الطبيعة والثقافة شي آن ملازمان لشخصية الفرد فأحيانا يسلك الإنسان في حياته وفق ما تمليه عليه غرائزه و أحيانا و فق ما تمليه علية ثقافته و عليه فالصراع بينهما و الانسجام بينهما باق و ملازم له في حياته و هذا من أجل التكييف .

هل يكفي التكرار وحده في اكتساب العادة ؟
مقدمة: تعرف العادة على أنها سلوك مكتسب بالتكرار و يعرف " ابن سينا " التكرار بأنه إعادة الفعل الواحد مرات عديدة زمنا طويلا في أوقات متقاربة فهل تكوين العادات يتوقف على دور التكرار فقط ؟

التحليل : العادة تكتسي بسبب التكرار
يؤكد أنصار النظرية الآلية على دور التكرار في اكتساب العادة حيث قال أرسطو قديم " العادة وليدة التكرار " فحفظ قصيدة شعرية يتم بتكرار قراءتها عدة مرات بحيث تصبح الكلمة عن طريق الأشرطة إشارة تدعو الكلمة التى تأتي بعدها وهو تأكد عليه النزعة الارتباطية التى ترى أن اكتساب العادة ما هو الا تكرار حركات و ربط بعضها ببعض بحيث تصبح حركات الفعل منسجمة و مترابطة فالحفظ عن ظهر القلب يعني ربط الحركات ربطا قويا لا يمكن إنكار دور التكرار في تكوين العادة لكن الحركات فيها تجديد و الذي يكتسب عادة لا يعيد الحركات ذاتها بل يعدلها و فليه فالتكرار وحده غير كاف

العادة لا تكتسب بالتكرار وحده بل لابد من وعي :
يذهب أنصار النظرية العقلية الى أن اكتساب العادة يتم بواسطة العقل و الإرادة و الاهتمام الذي يوليه الشخص لمحاولته حيث يرى فون دير فيلت ان الحركة الأخيرة أي العدة ليست مجرد إعادة للحركات السابقة حيث يقول " الحركة الجديدة ليست مجرد تجميع لحركات قديمة " و هذا الرأي نجده عند الكثير من أنصار الاتجاه العقلي حيث قسم مين دي بيران العادة الى عادات منفعلة يتعودها الإنسان دون الشعور بها و عادات فاعلة و هي التى يتدخل فيها العقل و الإرادة ولا يمكن إنكار دور العقل في تتبع الحركات (تثبيت المحاولات الناجحة و حذف المحاولات الفاشلة) لكن الواقع يكشف دور التكرار في اكتساب العادة فلا يمكن إنكاره .

العادة وليدة التكرار و الوعي :
العادة سلوك يكتسب بالتكرار و ليس سلوكا لا شعوريا بل سلوك يخضع الى العقل الذي يراقبه و يعدله كلما اقتضت الضرورة حيث يقول بول غيوم في كتابه تكوين العادات " ان علم النفس لا يجد صعوبة في استخلاص شرطين في تكوين العادات و هما من جهة تكرار الفعل و من جهة أخرى الاهتمام الذي يوليه الشخص لفشله و لنجاحه "

الخاتمة : ان التكرار هو العامل الجوهري و المباشر في اكتساب العادة بينما الإرادة و الوعي و الاهتمام هو العمل المتمم و غير المباشر في تكوين العادات .

الى أي مدي ساهم المسلمون في إرساء قواعد البحث العلمي ؟
المقدمة:ينسب المنهج التجريبي الى الأوربيين، لما كان لهم من الفضل في إرساء واعد البحث العلمي، لكنه فضل يجعلنا نقف عنده لنتساءل عن دور العلماء المسلمين في إرساء قواعد البحث العلمي، والمشكل الذي نطرحه إذا كان تاريخ الفكر الإسلامي قد ترك لنا أسماء لعلماء أجلاء كان لهم الفضل الكبير في إرساء أسس العلوم و تطورها، هل هذا يعني أن المسلمين ساهموا في إرساء قواعد البحث العلمي ؟ إذا كان ذلك كذلك، فلماذا لا تنسب إليهم هذه المناهج ؟

التحليل: قبل ان نجيب عن هذا السؤال نعود قيلا الى تاريخ الفكر الإسلامي، لنبين كيف أن المسلمين قد أدركوا منذ فجر الحضارة الإسلامية، أن كل بحث لا بد له من منهج يتبعه الباحثون كي لا يقعوا في الخطأ، و طريقة يرتب بها أفكاره ترتيبا دقيقا، يمكنه من الكشف عن حقيقة مكشوفة، أو يبرهن عن صحة حقيقة معلومة، فحددوا هذه المناهج، وعينوا هذا الطرق، وتمكنوا بذلك من أن يصبغوا أبحاثهم بصبغة عملية، تجعلنا نشهد لهم بدورهم في إرساء قواعد البحث العلمي.

مثلا في ميدان جمع الأحاديث النبوية، اتبع المسلمون طريقة تمكنهم من التمييز بين الحديث الصحيح و الضعيف و المزيف، لوضع حد للفوضى العارمة في ميدان جمع الأحاديث النبوية، وتسرب الأقوال المزيفة التى نسب الى الرسول(ص)، وامتزاج أحاديثه عليه السلام بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين.
رأى الإمام البخاري و الإمام مسلم ان من أهم شروط جمع الأحاديث هو الإسناد، ووضعوا له مقاييس خاصة، أهمها التعديل و التجريح الذي يتطلب معرفة واسعة بتاريخ رجال الحديث و سيرهم و مذاهبهم. نفس المشكلة واجهت المسلمين في ميدان التشريع بعد موت الرسول (ص) (مصدر التشريع)، فعمل علماء أصول الفقه على تحديد منهج يتبعه علماء الفقه عند التشريع، ليتجنبوا الأخطاء، وقد استخلص الإمام محمد بن إدريس الشافعي أصول التشريع في أربعة هي: كتاب الله وكتاب نبيه و الإجماع و القياس. يقول:" ليس لأحد أبدا أن يقول في شيء حل أو حرم إلا من جهة العلم، وجهة العلم الخبر في الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس." و يكون الاجتهاد هنا قائما على العلم باللغة العربية، لفهم ما تدل عليه النصوص التشريعية فهما صحيحا، لهذا فهو منهج قائم على طلب المعاني من الألفاظ، فيحين وضع الإمام الشاطبي (توفي 790هـ) منهجا قائما على طلب المقصود من الحكم التشريعي. إن أحكام الشريعة الكلية العامة تبنى على مقاصد معينة، على المشرع معرفتها حتى لا تتناقض معها أحكامه التشريعية التى يستنبطها منها. يقول الدكتور سامي علي النشار في كتابه " مناهج البحث عند مفكري الإسلام" أول مسالة ينبغي توضيحها، هي اعتبار علوم الفصول بالنسبة الى الفقيه، كاعتبار المنطق بالنسبة الى الفلسفة" إذا كان المنطق منهجا يعصم العالم من الوقوع في الخطأ، فأصول الفقه منهج الفقيه يعصمه من الوقوع في الخطأ. كذلك عرف المسلمون في ميدان التاريخ مدرسة الرواية التى يمثلها محمد بن جرير الطبري (ت 310هـ)، يقوم فيها المؤرخ بجمع الأخبار كما نقلها له الراوي، وإذا عرض أخبارا لا يقبلها العقل، فالعهد في ذلك على الراوي وليس على المؤرخ كما يقول، لذلك عمل على ضبط السند و التأكد من نزاهة الرواة، والمدرسة البرهانية التى يمثلها العلامة بن خلدون الذي انتقد بشدة المنهج الروائي، و أرسى التاريخ على منهج جديد قائم على قواعد عامة هي: التزويد بالعلم و المعرفة بطبائع العمران، والتشكيك و الحيطة عند التعميم، و قواعد خاصة تقوم على التأمل و الاستقراء و التحقيق العقلي و التحقيق الحسي و المقارنة و التجربة و النظر في الحوادث في إطارها الزماني.
وجعل ابن خلدون بذلك التاريخ علما يتقصى الأسباب و العلل، ودواعي الوقائع الاجتماعية حتى تكون الأخبار و الحقائق التى تروى واقعية و صادقة. كما كان للمسلمين فضل كبير في إرساء قواعد المنهج التجريبي في العلوم الطبيعية، فقد أقاموا البحث على مبدأ ان لكل ظاهرة سببا، وللكشف عنه لابد من إتباع طريقة تجريبية يستعينون فيها بالرياضيات لضبطه ضبطا دقيقا.
أفصح ابن الهيثم عن طريقته في مقدمة كتابه "المناظر" التى لخصها في خطوات هي: استقراء الموجودات ة تصفح أحوال المبصرات و استنتاج التغيرات الممكنة، ثم التحقق منها للتوصل الى الحق. كذلك فعل جابر بن حيان الذي استخدم النهج الاستقرائي، واستعمل الملاحظة وافترض الفروض و تحقق من صدقها بواسطة التجربة، و قد سماها " التدريب" في حين سماها بن الهيثم "الاعتبار". هكذا تجاوز المسلمون المنهج الأرسطي القائم على العقل وحده، و الذي كان سائدا آنذاك، ونزلوا الى الواقع يستفزونه، ليقفوا على علل الظواهر الطبيعية، وقد نقلت أعمالهم و أبحاثهم الى اللغة اللاتينية في أواخر العصر المدرسي، وكان لها أثر كبير في بعث التفكير العلمي الحديث.

لكن إذا كان المسلمون قد استعملوا المنهج التجريبي، وأثرُوا البحث العلمي بأبحاثهم، فإن إرساء قواعد هذا المنهج لا تنسب إليهم، لأن المسلمين لم يكونوا فلاسفة معرفة على غرار ما فعل فرانسيس باكون وجون ستوارت مل، ولم يهتموا بالمعرفة كموضوع بحث، وإنما كانوا علماء طبقوا المنهج التجريبي، وإن كانت هناك بعض العمال التى كانت في هذا الاتجاه، كإخوان الصفا الذين ركزوا على المنهج الاستقرائي، لكن أعمالهم تبقى شذرات متفرقة، فاهتموا بذلك بالجانب التطبيقي مهملين الجانب النظري التأملي، في حين عرفت أوربا حركة فلسفة عامة أخذت المعرفة موضوعا للدراسة، بعد ان أدركوا أن المنهج الأرسطي وحده لا يكفي لدراسة الطبيعة دراسة صحيحة.
يرى سامي على النشار ان العرب كانوا علماء أكثر ما كانوا فلاسفة، وربما يرجع ذلك الى الموقف المعادي الذي شنه ضدها بعض خصومها، يقول:" فإذا كان اليونان فضل في الفلسفة، فقد كان العرب فضل في العلم و المنهج." إذا كان المسلمون في ميدان التشريع قد انقسموا الى قسمين، علماء أصول الذين يمثلون فلاسفة التشريع الذين اهتموا بالمنهج الصحيح للتشريع، وكيف يجب ان يكون، فكان جانبا نظريا خالصا. وعلماء الفقه الذين اخذوا هذا الجانب النظري، الذي يمثل الطريقة التى يجب عليهم إتباعها عند إصدار الأحكام التشريعية، فإنهم في ميدان البحث العلمي التجريبي في العلوم الطبيعية، لم يعرفوا هذا الجانب النظري، و عن كنا نستثني ابن خلدون الذي نراه في ميدان التاريخ قد نظر إليه نظرف فيلسوف معرفة، همه إرساء قواعد علم التاريخ بعد ان كان التاريخ فنا خالصا. غير ان افتقار التفكير الإسلامي لفلاسفة المعرفة ليس مبررا لإنكار فضلهم في إرساء قواعد البحث العلمي، كما فعل بعض المفكرين الأوربيين.
يقول سامي علي النشار " نعلم ان أفكار الحسن بن الهيثم عاشت في أوربا في زمان ليس ببعيد عنا، كما نعلم ان أبحاث الطوسي في الرياضيات و تناوله لهندسة إقليدس و مصادراته، بقيت زمنا طويلا، يتناولها علماء أوربا، كما نعلم أيضا أن كتاب ابن سينا في الطب بقي المرجع الأساسي لكليات الطب في أوربا حتى القرن "السابع عشر". كذلك يؤكد جورج سارتون الفضل الكبير الذي لعبته الحضارة الإسلامية في انبعاث الحضارة الأوربية. ويقول الأستاذ بريفولت:" لم يكن جورج بيكون في الحقيقة إلا واحدا من رسل العلم و منهج الحضارة الإسلامية الى أوربا المسيحية " و نعلم أن جورج بيكون كان يؤمن بالدراسة العلمية و الوضعية، ودعا إليها في القرن الثالث عشر حيث لم تكن المعرفة العلمية في أوربا تعرف بعد. عن المسلمين كانوا السابقين الى استعمال التجربة للتحقق من صحة الفروض، و لم يترددوا في الجمع بين العقل و الواقع، والتردد الذي عرفه فرانسيس باكون، لينتهي الى إنكار دور العقل، وتعرف أوربا بذلك صراعا فلسفيا بين العقليين و الحسيين.

الخاتمة: هكذا نستنتج أن المسلمين، وإن لم يكونوا فلاسفة معرفة، إلا أنهم كانوا علماء اهتموا بالبحث العلمي، و ساهموا في إرساء قواعده و إنكار هذا الدور إجحاف في حقهم و تزييف للحقيقة العلمية و للتاريخ.

ما علاقة الشعور باللاشعور ؟
مقدمة: (الحذر من المظاهر ) يعرف الشعور بأنه حدس الفكر التام لأحواله و أفعاله الذاتية في حين يعرف اللاشعور على أنه مجموع الأحوال النفسية الباطنية التى تأثر في السلوك دون الشعور بها فإذا كان يبدوا أن من خلال التعريف أنهما مختلفان فما درجة الترابط بينهما ؟ و ما العلاقة كل منهما بالآخر في شخصية الفرد ؟

التحليل :
أوجه الاتفاق:الشعور و اللاشعور حالتان نفسيتان يعيشهما الإنسان فقد يخص الإنسان موضوعا بفعاليته النفسية الواعية (التأمل فيه ) فيكون في مجال الشعور و بعد لحظات يخص موضوعا آخر بفاعليته الواعية فيصبح الموضوع الأول في مجال اللاشعور و بذلك فكل منهما يحتل منطقة في النفس البشرية حسب التحليل النفسي

أوجه الاختلاف: الشعور حالة واعية يعيشها الإنسان مصحوبة بالانتباه و التركيز و الاهتمام فالعقل يجد شكله الأسمى في الشعور حيث يجري عملياته كالاستنتاج الاستقراء النقد المقارنة الخ بينما اللاشعور هو حالة غير واعية يعيشها الإنسان و هو يشبه حالة الظلام و هو يقال على الأحوال النفسية التى خرجت من مجال الشعور بعضها يمكن استرجاعه بواسطة التأمل أو من تلقاء نفسها و بعها يتعذر استرجاعه و قد سمى فرويد النوع الأول بما قبل الشعور مواطن التداخل: ان الحياة النفسية قبل فرويد كانت محصورة في الظواهر الشعورية فقط. لكن فرويد كشف أن الحياة النفسية تركيبة و يمثل اللاشعور الجانب العميق منها

و التداخل القائم بين الجانبين أن ما هو موجود في الشعور قد ينزل الى اللاشعور و ان ما هو موجود في اللاشعور متحفز للصعود الى الشعور و في كل منهما تجري مجموعة من العمليات و النشاطات النفسية

الخاتمة: (نسبة الترابط )//ان العلاقة بين الشعور و اللاشعور هي علاقة التكامل في فهم الحياة النفسية إذ أصبح علماء النفس يفسرون الكثير من الظواهر التى لا يجدون لها تفسيرا في الشعور باللجوء الى اللاشعور لكن الصراع لا يزال قائما حول أهمية كل منهما في فهم الحياة النفسية وقد جعل فرويد من اللاشعور مركز الثقل في الحياة النفسية و المحرك الرئيسي لسلوك الإنسان.
ما دور اللغة في تمكين الناس من التواصل؟
مقدمة: تعتبر اللغة من اغرب الظواهر عندالأفراد.الكلام ميزة إنسانية يختلف بها الإنسان عن باقي الكائنات الأخرى، حتى قيل: (الإنسان حيوان متكلم ) فبهذه القدرة على الكلام وعلى استعمال الرموز والإشارات يتمكن الإنسان من الاتصال بغيره من أفراد جنسه فتكون اللغة أداة تواصل أساسية بين الأفراد وهي تحقيق التفاهم بينهم وتساعدهم في حفظ الماضي وفي نقله إلى الغير فما طبيعة اللغة ؟ وما دورها في أحداث عملية الاتصال بين الأفراد.

التحليل:إن أهم ما يميز اللغة هو أنها منظومة أو نسق من الرموز يصلح وسيلة الاتصال، ففي اللغة تتحد الصورة اللفظية أو الصوتية وهو ما يعرف بالدال بما يتمثلها ذهنيا وهو ما يعرف بالمدلول فتقوم اللغة على وجود الجانب المادي المتمثل في الألفاظ والجانب الروحي أو الذهني والمتمثل في الأفكار أو المعاني وذلك شبيه بورقة نقدية وجهها هو اللفظ أو الدال وظهرها هو الفكرة أو المعنى، فكلما ذكر اللفظ قام في الذهن معناه وكلما قام المعنى في الذهن معناه وكلما قام المعنى في الذهن لازمه تمثل اللفظ الدال عليه وهذا ما يعرف بالدلالة اللغوية كدلالة المطابقة ودلالة التضمن ودلالة الالتزام، إلا أن هذه الضرورة التي تحمل اللفظ دلالة ثابتة لا تعني وجود ضرورة ذاتية بين الدال والمدلول يبقى ربطا تعسفيا أي عدم وجود ضرورة ذاتية بين الإشارة اللفظية والمشار إليه، وهذا ما يجعل اللغة مجرد نسق رمزي حيث يقول هنري دو لاكروا: (اللغة هي جملة من الاصطلاحات تتبناها هيئة اجتماعية ما لتنظم بواسطتها عمل التخاطب بين الأفراد ) فاللغة وان كان يكتسبها الفرد فإنها عمل اجتماعي.ويقول دو لاكروا أيضا: (إن الجماعة هي التي تعطي للإشارة اللغوية دلالتها وفي هذه الدلالة يلتقي الأفراد ).

إن البحث في وجود اللغة ودورها في إحداث عملية التواصل يقودها بالضرورة إلى البحث في منشأ أو اصل اللغة، وهي مسالة شغلت الفكر البشري منذ القديم، وان كانت الاختلافات حول هذه المسالة كثيرة فان أهمها اتجاه يرجع اللغة إلى التواضع والاصطلاح أمثال: ابن سينا، جون لوك، أوغست كونت، بحجة أن الحيات البدائية سادتها الإشارات الطبيعية والانفعالية ثم تطورت إلى إشارات إرادية متفق عليها.وما زال الإنسان يتواضع مع غيره إلى يومنا هذا في مختلف المجالات، لكن اتجاه آخر يعتبر أن تعلم اللغة يفترض وجود هذه اللغة من قبل بمعنى أن كل تواضع يحتاج إلى لغة سابقة.

لهذا يتصور أن بداية اللغة كان مع بداية الخلق، وهو رأى ابن جزم ورجال الدين إذ يعتبرون الوحي مصدر اللغة باعتبار أن الإنسان ليس بإمكانه أن يبدع لغة لان كل إبداع للغة يقتضي لغة سابقة ولهذا يقول ابن جني في كتابه الخصائص: (أن أكثر أهل النظر اجمعوا على أن اصل اللغة إنما هو تواضع واصطلاح لا وحي وتوقيف إلا أن أبا علي ) (رحمة الله عليه قال لي يوما:هي من عند الله واحتج بقوله سبحانه:وعلم آدم الأسماء كلها ) وان كان الاختلاف قائما حول مصدر وجود اللغة فانه من المؤكد أن اللغة قد عرفت تطورا كبيرا وانتقالا نوعيا حيث انتقل الإنسان من استعمال اللغة الطبيعية وهي التي لم تنشا على اتفاق مقصود بل صادرة عن الغريزة والفطرة إلى استعمال اللغة المنطقية وهي الأكثر تجريدا والمتفق على وضعها مثل لغة العلم كالجبر والكيمياء.. وهكذا فان التفاهم والتواصل يقتضي أن تحدد عقلية الجماعة وهو ما تحدثه اللغة.

أن قيمة اللغة متأتية من كونها تفرض على الأفراد الذين يتكلمونهالحضارا، همم جماعة موجدة تتجانس ألسنتهم وعقليتهم فيشكلون و، فاللغةرية خاصة لأن كل وحدة لغوية تعبر عن وحدة حضارية.كما يقول دو لاكروا وهكذا تتعدد اللغات فتتعدد الجماعات وتتعدد الحضارات، واللغة المتطورة تدل على تطور المجتمعاتالكلية.ا، فاللغةة تؤدي خدمات كثيرة وهامة للمجتمع إلا أنها أحيانا قد تكون خطرة على الفكر في حالة عجزها عن مسايرتها كما قد تكون عائقا أمام التطور والتقدم في حالة تخلفها إلا أن المشكل الكبير في اللغة هو أن كل لغة خاصة بجماعة ما مما أشكالا حول اتصال هذه الجماعة بالأخرى.وهذا ما دفع بعض الباحثين إلى التفكير في لغة عالمية وكان ليبنز من الفلاسفة الذين عززوا فكرة اللغة العالمية أو الكلية.وهي فكرة تدعم أكثر لغة الاسبرنتو (لغة تقوم على مقاطع أصلية دولية أكثر ذيوعا )

الخاتمة:إن اللغة عمل اجتماعي، يطبع لسان كل فرد من أفراد الجماعة، فالجماعة هي التي تحدد دلالة اللغة وفي هذه الدلالة يلتقي الأفراد، فالفرد يكتسبها بالتدريب ثم ينقلها إلى غيره.فإذا كان الفرد لا يمكنه أن يكونها وحده.فانه لا يمكنه أن يستغني عن استعمالها كلما تمكن من تحقيق التواصل بشكل أحسن ولهذا مازال الناس يتواضعون على المصطلحات العلمية وغيرها من اجل التواصل والتفاهم بشكل أفضل و أدق.

أيهما أهم في الإدراك: العوامل الذاتية أم العوامل الموضوعية ؟



مقدمة:إذا كان علم النفس التقليدي قد نظر إلى الشروط الذاتية النفسية و العقلية و البيولوجية على أنها مجموعة العناصر الأولية و الضرورية في حدوث عملية الإدراك و إذا كان علم النفس الحديث يعتبر ذلك خطأ و راح يصحح هذه النظرة منطلقا من أن العوامل الموضوعية هي الضرورية في عملية الإدراك فإلى أي منهما تعود الأفضلية في حصول عملية الإدراك إلى الذات أم إلى الموضوع؟

التحليل :القضية:الأفضلية في الإدراك تعود إلى عوامل ذاتية:
يذهب بعض العلماء و خاصة علماء النفس التقليدي إلى أن العوامل الذاتية مثل الاستعدادات العقلية هي التى تمكن من الإدراك فالإنسان عندما يكون مرتاحا تكون لديه قدرة على الانتباه و التركيز أفضل من أن يكون في حالة قلق كما يدرك الفرد بسهولة الأشياء التى تتفق مع ميوله و رغباته و هذا الموقف نجده عند الذهنيين أمثال ديكارت ( الإدراك حكم عقلي ) وعند التجريبيين أمثال جورج بركلي (الإدراك المسافات حكم يستند إلى التجربة ) كما يقف بيرلو من خلال تجاربه على أطفال عرب ( إدراك الأشياء من اليمين إلى اليسار )و غير العرب ( إدراك الأشياء من اليسار إلى اليمين) ان الإدراك راجع إلى دور العادة لكن العوامل الذاتية وحدها غير كافية و إلا تمكن الجميع من الإدراك لأن قدرة العقل مشتركة كما أن القدرات العقلية أحيانا لا يمكنها تجاوز العوائق الخارجية

الأهمية في الإدراك تعود إلى العوامل الموضوعية:
يذهب البعض الآخر من العلماء و خاصة علماء النفس الحديث إلى أن الإدراك يعود إلى الموضوع الخارجي لا إلى الاستعدادات العقلية فالشكل الخارجي للموضوع و بنائه العام هو الذي يحدد درجة الإدراك فهذا الرأي نجده عند علماء الجشطالط كوهلر بوهلر و فرتيمر الذين ركزوا على الصفة الكلية للموضوع و اعتبروها أساس الإدراك فالجزء لا يكتسب معناه إلا داخل الكل الذي ينتظم و فق قوانين يسميها الجشطالط قوانين الانتظام و هي تتحكم في العلاقة بين الصورة و الخلفية فعندما تكون هذه العلاقة منتظمة تبرز الصورة الفضلى أي الصيغة البارزة أما إرادة الإنسان فلا تتدخل إلا في حالة و جود صورتين فضليين مثلا في الشكل وجهان متقابلين أو مزهرية لكن العوامل الموضوعية وحدها غير كافية هي الأخرى و ألا تساوى الإدراك عند جميع المدركين لأن الموضوع واحد كما أن لكل إنسان اهتمامه فلا يعود إلى الصورة المفضلة الأفضلية في الإدراك عند الجميع

الإدراك يكون بتضافر العوامل الذاتية مع العوامل الموضوعية:
إن العلاقة بين العوامل الذاتية و العوامل الموضوعية يبدوا على أنها علاقة تنافر باعتبار أن الأولى داخلية و تتعلق بخصائص شخصية الفرد و أحواله الذاتية و الثانية خارجية و تتعلق بالمحيط الذي يوجد به الشخص و الواقع أن هذه العلاقة هي علاقة تجاور لأننا من الناحية العملية لا نستطيع أن نفصل بين ما هو داخلي و بين ما هو خارجي فالفرد يدرك بالاعتماد عليهما معا

الخاتمة:إن حصول عملية الإدراك عند الإنسان لا يمكن ردها للعوامل الذاتية و حدها فقط أو إلى العوامل الموضوعية و حدها فقط و إنما الإدراك عملية تتم عن طريق التكامل و التعاون بين العوامل الذاتية و العوامل الموضوعية
تمنياتي لكي بالنجاح والتوفيق









قديم 2009-04-06, 21:11   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
rabab200
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية rabab200
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا اختي ام الوليد و ربي يجازيك و الله افدتيني كثيرا و ربي يعطيك واش تتمناي و كيما هنيتيني الله يهنيك










قديم 2009-04-06, 21:40   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
B.Badis
عضو محترف
 
إحصائية العضو










افتراضي

إليك هذا الموقه راهو مشهور و يفيدك إن شاء الله

www.fourar.tk










قديم 2009-04-07, 09:45   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
amina1989
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

هاوليك موقع منيح ثاني نتمني يفيدك
www.***********










قديم 2009-04-07, 19:18   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
hind1991
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي


الإشكال:يقال<إن الشخصية تكتسب>هل تعتبر هذا القول صحيحا؟
لما كان الإنسان ميالاً بالطبع إلى الحياة مع أمثاله فليس من الغريب أن يكون سلوكه مشبعا بالمكتسبات الاجتماعية مثقلاً بخيرات السنين فهو يكتسب اللغة والأخلاق والعلم و ينمي ملكاته العقلية وبالرغم من أنه وحيد في نوعه وفرد يتميز بالتميز في شخصيته و المقصود بالشخصية هو باختصار الوحدة الكلية والحركية المميزة لسلوك فرد ما شاعر بتميزه عن الغير ولكن السؤال المطروح:هل الشعور بهذا التميز هو من معطيات الولادة أم أنه نتيجة تطور تدريجي؟،أو بكلمة وجيزة هل الشخصية تكتسب؟.
ترى المدرسة الاجتماعية أن الإنسان عجينة في يد المجتمع يشكلها كيفما يشاء فالفرد مرآة عاكسة للمجتمع وفي هذا يقول هربرت
الطفل صفحة بيضاء يكتب عليها المربي ما يشاء)،كذلك نجد الغزالي يقولالطفل كالعجين يستطيع المربي أن يكونه كما يشاء)،والشخصية لا تنشأ أو تتشكل دفعة واحدة بل تنشأ بالتدرج يقول ألبورت(لا يولد الطفل بشخصية كاملة بل يبدأ بتكوينها منذ الولادة)،وأيضا يقول فالونإن الشعور بالذات ليس أمراً أوليا بل محصول تطور بعيد لا تبدأ نتائجه بالظهور قبل السنة الثالثة) فالشخصية في تكوينها تمر بمراحل تعد الأساس في تكوينها هي مرحلة اللاتمايز والشعور بالأنا.والإنسان بطبعه اجتماعي كما يقول بن خلدونالناس على دين ملكوهم)،ودوركايم الذي يقولإذا تكلم الضمير فينا فما هو إلا صدى المجتمع)،فهو يتعلم،يكتسب ويتأثر بالعادات والتقاليد والنظم و القوانين(القوالب الاجتماعية) فاللغة هي وسيلة للاندماج والتكيف وكحتمية فإن الحياة الاجتماعية تفرض نمطا سلوكيا معينا على الفرد فهو خاضع لمعايير اجتماعية وفي هذا المعنى يقول فالون(إن الشعور بالذات يتكون بواسطة الآخرين وعلى الرغم من أنهم أسباب للشعور بالشخصية لكنهم أيضا عقبات يجب تجاوزها حتى يتم كامل الشخصية)،وقد استدل أصحاب هذا الاتجاه بأدلة وحقائق تدعم هذا الموقف ويذكرون على سبيل المثال حالة التوأم فلو فصلنا توأمين وأخذنا أحدهما للعيش في مجتمع مختلف عن الثاني فالاختلاف سوف يكون كبيراً(السلوك والمظاهر الفيزيولوجية) والتي تبحث عن طريقة كل منهما في التكيف مع مجتمعه رغم اشتراكهما في الخصائص الوراثية،كذلك حالة إبراز المواهب فكل فرد مزود باستعدادات فطرية ومواهب ذاتية تظل راكدة إذا لم تجد الشروط الاجتماعية الملائمة بالإضافة إلى بعض الخصائص التي لها ارتباط وثيق بالمجتمع.
لا ريب أن للمجتمع فضلا ودوراً كبيرا إلا أن متطلبات المجتمع لا تنسجم مع مقاصد الشخصية،لذا فالشخصية التي تقبل ضغط الأوضاع الاجتماعية ما هي إلا شخصية قاعدية كما يقول كاردينار
أي شخصية سطحية مستعارة)،كذلك إن تأثير المجتمع في الإنسان متوقف على مدى قابلية الإنسان،فهو ليس عجينة أو كتلة عضوية حركية فهو يحمل عقلا يسمح له أن يختار ويتخذ من أنظمة المجتمع ما يتلاءم معه ويتوافق مع تفكيره.
ونظراً لما للوراثة من أهمية ذهب العلماء إلى اعتبار الخصائص الوراثية ملامح حقيقية للشخصية ومعنى هذا أن الشخصية تكتسب في حدود معطيات وراثية وما يثبت ذلك في اعتقادهم أن ثمة أطفالاً يولدون أذكياء في حين أن آخرين أغبياء والسبب في ذلك راجع إلى عوامل وراثية،ولقد تقرر لدى الباحثين في مجال الوراثة خاصة مندل ذلك أن المزاج ينتقل من الآباء إلى الأبناء وأن الاستعدادات التي يرثها الطفل ليست استعدادات وسطية حيث تنصهر خصائص كل من الأب والأم،ذلك أن خصائص كل من الأبوين تبقى متمايزة عن طريق كل من الأم فقط أو الأب فقط،على أن ما يرثه الطفل ليس تلك الخصائص التي تعلمها أبويه في حياتهم وإنما تلك القدرات الفيزيولوجية من لون البشرة ولون الشعر،فيما يتعلق بالتركيبة الفيزيولوجية الداخلية لها تأثير كبير في الطبع بول أحد الفيزيولوجيين
إننا تحت رحمة غددنا الصماء)،وهو قول يؤيد ما ثبت لدى العلماء من ضعف أو كثرة الإفرازات الغددية الداخلية تفقد الجسم توازنه مما يجعل الشخصية في حالة غير مستقرة،فبالنسبة للغدة الدرقية التي قال عنها هوسكيترإننا ندين لغددنا الصماء بجزء غير يسير مما نحن عليه)،إن لها تأثير على النمو والعمليات الحيوية فإذا زاد إفرازها نشأ عن ذلك نشاط محسوس في الجهاز العصبي وغيره من الأجهزة وقد ينشأ عنه القلق والاضطراب أما إذا نقص إفرازها نشا عن ذلك ضعف عقلي وتباطؤ في الأعمال،أما الغدة النخامية فلإفرازاتها صلة وثيقة بالنمو الجسمي العام فإذا نقص إفرازها عند الطفولة أدى ذلك إلى القزامة،والعملقة وخشونة الجلد والنضج الجنسي المبكر إذا حدث العكس،أما الغدة الإندريانية فزيادة إفرازها تؤدي إلى تضخم خصائص الذكورة عند الرجال وتغلبها عند المرأة مما يؤدي إلى بروز علامات الذكورة عندها(الصوت الغليظ،بروز شعر اللحية...)،ولدى الطفل تؤدي إلى تكبير النضج الجنسي وأخيراً الجملة المسؤولة عن التحكم في كل نشاط الجسم وأي اضطراب في هذه الجملة يؤدي إلى الخلل في السلوك وعدم الاتزان في الشخصية وليس من الغريب إذا اتخذ القدماء التركيب الجسمي أساساً لسلوك الناس وطباعهم يقول أرسطوعن الأنوف أن الغليظة والدسمة والأطراف تدل على أشخاص باردي الأجسام ذوي ميول شهوانية،وإن الجادة مثل الكلاب تدل على الغضوبين السريعي الاهتياج،وأن المستديرة العريضة مثل الأسد تدل على أصحاب الشهامة وأن الرقيق المعقوفة مثل النسر تدل على النبلاء المختالين المترفين المتعجرفين).
على الرغم من كل هذه الحجج والبراهين التي ترجع الشخصية إلى الوراثة إلا أنه لا يمكننا أن نقر إقراراً مطلقاً بدورها في بناء الشخصية وهذا ما يؤكده الواقع وذلك لأن هناك اختلافات كبيرة في سلوك الأفراد رغم تشابههم من حيث النشأة البيئية مثل أفراد الأسرة الواحدة كذلك أن نشاط الغدد لا يتحدد بالوراثة وحدها بل يتأثر بالمواقف الانفعالية الحادة.
إن كل المحاولات التي قام بها جمهور الفلاسفة والعلماء والمفكرين أخفقت في الوقوف على النظرة الحقيقية للشخصية و قضية حصول الشخص عليها ذلك أنهم قاموا بتجزيء الوراثة عن العوامل البيئية والمجتمع في حين أن الأخيرين يستطيع الفرد أن يقومهما ويهذبهما عن طريق التربية،و يشهد على صحة ذلك تاريخ بعض الشخصيات البارزة وما سعت إليه،فلقد قيل قديما عن العالم الفيزيائي فاردي أنه كان طائشا سريع الانفعال لكنه روض نفسه،كذلك نجد الدين الإسلامي سبّق دور التربية ويتجلى ذلك في قول الرسول صلى الله عليه وسلم
كل مولود يولد على الفطرة فأبوه إما يمجسانه أو يهودانه أو ينصرانه)،بالإضافة إلى عدم ناسي دور الوعي بمعنى الإرادة والعقل يقول غيوميغير اتزان الطبع ويخرج إلى الوجود قوى جديدة)،ولهذا لا نستطيع تسخير إمكانياتنا الملائمة إلاّ إذا سعينا وراء الشخص الذي نمثله.
وخلاصة القول أن اكتساب الشخصية لا يحدده مجرد التقاء المعطيات الفطرية بالشروط الثقافية وإنما يتوقف على الكيفية التي تستخدمهـا في التركيب وقد صدق من قال
لا أحد يستطيع أن يكون ما يريد ولكنه لا يصنع إلا ما يستطيع).
الطريقة:جدلية. الدرس: الشخصية2.
الإشكال:هل يستطيع الإنسان أن يكتسب الشخصية التي يتمثلها؟.
تعتبر الشخصية من مسائل علم النفس الأكثر تعقيداً بسبب تداخل عوامل بنائها التي نتج عنها اختلاف في وجهات النظر حول الأهمية التي يحظى بها كل واحد من تلك العوامل في تكوين الشخصية،وقد اختلف الفلاسفة في كيفية تكوين الشخصية لاختلاف مناهجهم فمنهم من قال أن الفرد يولد بكيان عضوي يحمل من الأسلاف صفات تظل تلازمه وهي سمات طبيعية وراثية ،ومنهم من قال أن الفرد يكتسبها من المجتمع ولكن رغم هذه الآراء ألا يمكن للفرد أن يكتسب الشخصية التي يتمثلها في ذهنه؟أم أنه هناك عوائق تحد من ذلك؟.
يرى بعض المفكرين من الاتجاه الحدسي والاتجاه العقلاني أن ما يكسبه الفرد من صفات نابع من إرادته ورغبته فهو يشكل شخصيته عن قراراته التي يتخذها بإرادته الحرة وهذا ما ذهب إليه الوجوديين وعلى رأسهم جون بول سارتر حين قال
أنا أختار نفسي)،حيث يرى هذا الأخير أن الإنسان يولد ثم يختار مصيره ويعتمد في نظريته ـ الوجود سابق للجوهر أو الماهية ـ أو بمعنى أصح أن الكيان المادي للإنسان يوجد أولاً ثم يختار مصيره بنفسه [الإضافة إلى كل هذا فكل فرد تصوراته العقلية ولكل فرد ولكل فرد قدراته التي تجعله على اكتساب ما يريد من صفات فالعقل يتصور النموذج الذي الفرد إلى تحقيقه وبذلك يضع هويته كما يريد فبالإرادة نستطيع أن نخلق أن صنع المعجزات ونكتسب شخصيتنا الحقيقية رغم ما للشروط الطبيعية والاجتماعية من وزن،فليست طباعنا هي التي تحدد سلوكنا ومصيرنا وإنما يتوقف الأمر على درجة وعينا لإمكانياتنا وقوة أو ضعف عزائمنا وحق كما قيللا أحد يستطيع أن يكون ما يريد ولكنه لا يصنع إلا ما يستطيع)،وقد شهد التاريخ البشري العديد من هذه النماذج البارزة وما سعت إليه لتحقيق وجودها فلقد قيل قديما عن العالم الفيزيائي فاردي أنه كان طائشا سريع الانفعال لكنه روض نفسه، وحتى ينجح المرء في اكتساب شخصية عميقة بمعنى الكلمة بعيدة عن التقليد لابد قبل كل شيء أن تكون له رغبة في القيام بهذه المهمة وأن يؤمن من كل أعماقه بإمكانية تحقيقها فلقد قيلاثنان يصنعان العجائب رجل يريد ورجل يهوى)،ولابد أن يكون ذا دواعي لأن الدواعي تغير اتزان الطبع وتقر للوجود قوى بديلة.
إذن بالإرادة يستطيع الإنسان أن يصنع من نفسه ما يريد والنموذج الذي يجب،ولكننا لا نستطيع تسخير إمكانياتنا الملائمة إلا إذا سعينا وراء تحقيق الشخص الذي نتمثله.
إلاّ أن القول بهذا الرأي لم يصمد للنقد ذلك أن هذه التصورات العقلية لا يكتسبها الفرد بعيدا عن المعطيات الاجتماعية والبيئية فالإرادة التي يتكلم عنها هؤلاء لا تخرج عن كونها إرادة جماعية خاصة بمعايير و أطر يفرضها المجتمع على أفراده ولكل خروج عن هذه الإرادة مآلة الفشل كما أن الفرد مرهون بمعطيات وراثية بالإضافة إلى كل هذا فإن دور القرارات الإرادية محدود أمام العوامل السالفة الذكر.
وعلى عكس الرأي الأول نجد المدرسة الاجتماعية التي ترى أن الإنسان مرهون ومربوط بحتميات لا يمكنه الخروج عنها و باعتبار أن المجتمع هو المكان الوحيد لبروز الشخصية وتكاملها فإن الإنسان في نظرهم عجينة في يد المجتمع وفي هذا يقول هربرت
الطفل صفحة بيضاء يكتب عليها المربي ما يشاء)، كذلك نجد الغزالي يقولالطفل كالعجين يستطيع المربي أن يكونه كما يشاء)،والشخصية لا تنشأ أو تتشكل دفعة واحدة بل تنشأ بالتدرج يقول ألبورت(لا يولد الطفل بشخصية كاملة بل يبدأ بتكوينها منذ الولادة)،وأيضا يقول فالونإن الشعور بالذات ليس أمراً أوليا بل محصول تطور بعيد لا تبدأ نتائجه بالظهور قبل السنة الثالثة) فالشخصية في تكوينها تمر بمراحل تعد الأساس في تكوينها هي مرحلة اللاتمايز والشعور بالأنا.والإنسان بطبعه اجتماعي كما يقول بن خلدونالناس على دين ملكوهم)،ودوركايم الذي يقولإذا تكلم الضمير فينا فما هو إلا صدى المجتمع)،فهو يتعلم،يكتسب ويتأثر بالعادات والتقاليد والنظم و القوانين(القوالب الاجتماعية) فاللغة هي وسيلة للاندماج والتكيف وكحتمية فإن الحياة الاجتماعية تفرض نمطا سلوكيا معينا على الفرد فهو خاضع لمعايير اجتماعية وفي هذا المعنى يقول فالون(إن الشعور بالذات يتكون بواسطة الآخرين وعلى الرغم من أنهم أسباب للشعور بالشخصية لكنهم أيضا عقبات يجب تجاوزها حتى يتم كامل الشخصية)،ونجد من الفلاسفة من ذهب على شاكلة هذا الطرح ومن بينهم هالفاكس الذي يقولإن الشخصية هي حصيلة الحياة الاجتماعية)،و يقول سبينزاأعطني دما ولحما وعظما – جنينا-أعطيك ما تريد)،وقد استدل أصحاب هذا الرأي بأدلة وحقائق تدعم هذا الموقف فلو فصلنا توأمين وأخذنا أحدهما للعيش في مجتمع مختلف عن الثاني فالاختلاف سوف يكون كبيراً(السلوك والمظاهر الفيزيولوجية) والتي تبحث عن طريقة كل منهما في التكيف مع مجتمعه رغم اشتراكها في الخصائص الوراثية،كذلك حالة إبراز المواهب فكل فرد مزود باستعدادات فطرية ومواهب ذاتية تظل راكدة إذا لم تجد الشروط الاجتماعية الملائمة بالإضافة إلى بعض الخصائص النفسية مثل الشجاعة والكرم والبخل...
لا ريب أن للمجتمع فضلاً ودوراً بارزاً في تكوين الشخصية إلا أن متطلبات المجتمع لا تنسجم مع مقاصد الشخصية،فالشخصية التي تقبل ضغط الأوضاع الاجتماعية ما هي إلاّ شخصية قاعدية كما يقول كاردينار
أي شخصية سطحية مستعارة)،كذلك إن تأثير المجتمع في الإنسان متوقف على مدى قابلية الإنسان فهو ليس عجينة أو كتلة عضوية حركية فهو يحمل عقلاً يسمح له أن يختار أو يتخذ من أنظمة المجتمع ما يتلاءم مع معه و يوافق تفكيره.
إن العيب الذي تؤاخذ عليه النظريتين هو أنهما طرحتا مشكلة الشخصية على جانب واحد وذلك لاختلاف مناهجهم إلاّ أن شخصية الفرد لا يمكن أن تتكون إلاّ من جانب إنساني وذلك من خلال المجتمع بالإضافة إلى كل هذا فإن الإرادة تلعب دوراً بارزاً وأساسياً مع هذه التفاعلات لا يمكننا أن ننسى دور الجانب الفطري الوراثي الذي يطبع الشخصية بطابعه المميز.
وفي الأخير وكحوصلة لما سبق فإن الفرد يكتسب الشخصية السي يريدها وفي إطار الحتميات الحسية والنفسية والاجتماعية وبهذا يمكن للشخص أن يوجد الشخصية التي يتمثلها في ذهنه إذا لم تتعارض مع الواقع فقد صدق من قال
لا أحد يستطيع أن يكون ما يريد لكنه لا يصنع إلا ما يريد).
بسم الله الرحمن الرحيم
الطريقة:جدلية. الدرس: الحرية والتحرر.
الإشكال: هل الإنســان حر؟.
إن كلمة الحرية هي من أكثر الكلمات غموضا والتباساً فالشعوب تكافح من أجل حريتها والأفراد لا يتحملون أي حجز على حريتهم الشخصية ومما لاشك فيه أن الحرية هي من أقدم المشكلات الفلسفية وأعقدها فقد واجهت الباحثين من قديم الزمان وما زالت تواجههم إلى يومنا هذا فهي من أكثر المبادئ الفلسفية اتصالاً بنا بعد الطبيعة فضلاً عن صلتها بالأخلاق والسياسة والاجتماع وقد تناول العديد من الفلاسفة والمفكرين هذا المبحث فمنذ وعي الإنسان لنفسه سعى إلى تحقيق حريته بشتى الوسائل والطرق ولكن جمهور الفلاسفة اختلف في الإشكالية التالية:هل الإنسان حر أم أن هناك قيود وعوائق تقييد حريته؟.
يرى بعض الفلاسفة الذين يقرون بأن الإنسان حر وهم يستندون في هذا إلى عدة حجج أهمها الحجة النفسية و الذين يرون بأن الشعور بالحرية دليل كاف على إثباتها فمثلاً ويليام جيمس يرى أن الحرية هي قوام الوجود الإنساني الذي مراده الإدارة الحرة الفعالة فلا نشعر بحريتنا إلاّ ونحن قادرون فعلاً على الفعل والتأثير أما ديكارت فيقول
إننا لا نختبر حرية إلاّ عن طريق شعورنا المباشر)،فهو يرى أننا ندرك الحرية بلا برهان وهو يقول في هذاإننا واثقون من حريقا لأننا ندركها إدراكاً مباشراً فلا نحتاج إلى برهان بل نحدسها حدساً)،بحيث يرى أن إحساس الإنسان الداخلي بالحرية *الواضح والمتميز* دليل كاف على ذلك ويقول لوسينكلما في نفسي عن القوة التي تقيدني كلما أشعر أنه ليست لي أية قوة عدا إرادتي ومن هنا أشعر شعورا واضحا بحريتي)،أما من الفرق الإسلامية التي تثبت ذلك فالمعتزلة يرون أن تجربة الشعور الداخلية كافية على أننا أحرار يقول الشهر الستانيالإنسان يحس من نفسه وقوع الفعل فإذا أراد الحركة تحرك وإذا أراد السكون سكن)،ومعناه أن الأفعال التي يقوم بها إنما يمارسها بإرادته وحسب الظروف التي تلائمه بالإضافة إلى هذا نجد برغسون الذي يميز بين مستويين من الأنا فالأنا السطحي بالنسبة له يمثل ردود الفعل و الاستجابات العفوية والعادات التي يقوم بها الإنسان تحت تأثير العوامل الخارجية،أما الأنا العميق فهو مصدر الحرية الحقيقي الذي تشعر به عندما نلتزم بإرادتنا واختيار بعيد عن الحتميات لذا نجسد حريتنا بعيدا عندما نقف من أنفسنا مواقف نقد وتقييم واعية وبهذه الصورة الواعية تسمع صدى الحرية الهافت الذي يسري كديمومة مفصلة لا تتوقف،أما أصحاب الحجة الاجتماعية فهم يرون أن الحرية ممارسة فعلية تتجسد في الحياة الاجتماعية فالآخر هو سبب وجودها ويمكن أن يكون عائقا لها فبدون المجتمع لا يمكن أن توجد قوانين عادلة تحمي الحريات الفردية فتصبح الحرية مسؤولية لذا فإن كل المجتمعات تعاقب أفرادها عند مخالفة قوانينها ولا تعاقب الأفعال التي لا قدرة لهم عليها وهذا يعني قدرة الإنسان على الاختيار و بهذا يمكن التكلم عن شخصية بدون مقومات اجتماعية ولا الحديث عن حرية الإنسان المغترب يقول مونيكوالحرية الفعل وفق ما تجيزه القوانين الاجتماعية)،فبدون المجتمع لا يمكن أن نتحدث عن المسؤولية بدون حرية الاختيار،أما أصحاب الحجة الأخلاقية فهي حسب كانط أساس تأسيس أو تحديد الأخلاق فالواجب الأخلاقي يتطلب قدرة للقيام به يقول كانطإذا كان يجب عليك فأنت تستطيع)،ويقولإن إرادة الكائن العاقل لا يمكن أن تكون إرادته إلا تحت فكر الحرية)،أما أصحاب الحجة الميتافيزيقية فروادها المعتزلة وهم يرون أن الإنسان حر ويوردون حججاً من القرآن الكريم تنسب إلى الإنسان حريته في اختيار أفعاله يقول الله تعالىفمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)،وقوله تعالىفمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره)،فهو بذلك أو ذاك حر مخير،واعتمدوا أيضاً على مبدأ التكيف يقول الله تعالىلا يكلف الله نفساً إلاّ وسعها)،فالتكيف يكون هنا سفها إذا كان(اعمل يا من لا قدرة له على العمل)،ولكن بصيغة(اعمل يا من تستطيع أن تعمل)،وبالتالي إمكانية صدور الفعل أو عدمه فهو الاختيار وما يبرز هذا هو الثواب والعقاب والجنة والنار فالله لا يحاسبنا على الأفعال التي لا نكون مسئولين عنها يقول تعالىوما ربك بظلام للعبيد)،ولا معنى للثواب وللعقاب إذا كان المرء مجبراً مكرهاً.
لكن رغم هذه الأدلة والبراهين لم يصمد هذا الرأي للنقد ذلك أنه ما من شك غير كاف كذلك أنه يمكن أن يكون وهما وخداعا لأننا نقوم بأعمال معينة مع شعورنا بحريتنا إلاّ أننا مقيدون بعدة أسباب كذلك أن البرهان الاجتماعي نائم على الشعور بالحرية أثناء عقد القوانين وقيام الأنظمة الاجتماعية فالشعور يكفي للتدليل بها فهو يثبتها كما يثبت الحتمية ولا معنى للقانون والنظام ما لم يعمل به أصحابه وشروطه،أما أصحاب الحجة الأخلاقية فهي قائمة على التسليم بالحرية حتى لا تتهدم وفكرة التسليم لا تكفي للبرهنة عليها لأننا نستطيع التسليم بعدم وجودها كما سلمنا بوجودها أما بحث المعتزلة فقد باء منصبا أكثر على الإنسان المثالي المجرد المتصور عقلاً لذلك وضع الحرية في زمن الفعل في حين أن مشكلة حرية الإنسان الواقعي ومطروحة على مستوى الفعل و مواقف الحياة التي تواجهها واعتمادهم على آيات هذا صحيح.
وعلى عكس الرأي السابق نجد من ينفي الحرية فهم يعتبرون الحرية وهماً لا يمكن تحقيقه وإن وجدت فوجودها ميتافيزيقي لا علاقة له بحياة الأفراد وذاك لما يقيدهم من حتميات داخلية وخارجية،فأصحاب الحتمية النفسية ومن بينهم المدرسة السلوكية الأمريكية وعلى رأسها والن يرون أن السلوك عبارة عن الاستجابات التي تتحكم فيها منبهات داخلية وخارجية كالرغبات والميولات والدوافع الفطرية والعوامل الخارجية التي تشكل مصدراً هاماً لأفعالنا،أما مدرسة التحليل النفسي فتفسر السلوك بدوافع لا شعورية أساسها الكبت يقول نتشه
إن إرادة تجاوز ميل ما ليست إلا إرادة آدميون أخرى)،ويقول أحد الفلاسفةكل قرار هو مأساة تتضمن التضحية برغبة على مدرج رغبة أخرى)،أما أصحاب الحتمية البيولوجية ونقصد به مبدأ العلمية القائل انه إذا توفرت نفس الأسباب فستؤدي إلى نفس النتائج ومن ثم توسيع هذا المبدأ على الإنسان باعتباره جزءا من الطبيعة فهو حامل منذ ولادته لمعطيات وراثية وخصائص ثابتة والطبع في رأيهم تحديد فطري و البنية البيولوجية تنمو وتتكامل حسب قانون معين فهو يخضع لجملة من القوانين حيث نجد الروانيون وكذلك بيسنوزا الذي يقولإن الحرية لا تكون إلا حيث نكون مقيدين لا بعامل القوى والضغوط ولكن بعوامل الدوافع والمبررات العقلية...وعندما نجهل دوافع تصرفنا فنحن على يقين بأننا لم نتصرف تصرفا حراً)،أما أصحاب الحتمية الاجتماعية فهم يؤكدون أن الإنسان مجرد فرد يخضع للجماعة كالعجينة يشكله المجتمع كما يريد وذلك عن طريق التربية والتعليم والتجارب الاجتماعية فلا وجود للحرية الفردية داخل الحتميات الاجتماعية *ثقافية،اقتصادية* والتي لا يمكنه أن يغير فيها مهما حاول ذلك يقول بن خلدونالناس على دين ملوكهم)،ويقول دوركايمإذا تكلم الضمير فما هو إلا صدى المجتمع)،ويقول أيضاًلست مجبراً على استخدام اللغة الفرنسية لكن لا أستطيع التكلم إلا بها ولو حاولت التخلص من هذه الضرورة لباءت محاولتي بالفشل)،أما أصحاب الحجة الميتافيزيقية فنسبهم إلى جهم بن صفوانلا فعل لأحد في الحقيقة إلاّ لله وحده وإنه هو الفاعل و أن الناس دائماً تنسب إليهم أعمالهم على المجاز كان يقال تحركت الشجرة ودار الفلك وزالت الشمس وإنما يفعل ذلك بالشجرة والشمس و الفلك الله سبحانه وتعالى)،ويقول أيضاًلا قدرة للعبد أصلاً لا مؤثرة ولا كابسة بل هو بمنزلة الجماد فيما يوجد منها)، إن هذا الرأي عندهم مبني على أصل عقائدي هو أن الله مطلق القدرة خلق العبد وأفعاله هو يعلمها قبل صدورها من العبد بعلمه المطلق ،بالإضافة إلى هذا نجد لايبنتز الذي يرى أن الإنسان عبارة عن جوهر روماني سماه المنادة يستمد كل مقوماته من ذاته التي أعدت بكيفية آلية مسبقة مثل الساعة،ولما كان الخير والشر مقدر على الإنسان في طبيعته تركيب روحي فهل بقي ما نسميه اختيار يقول لايبنتزالله مصدر جميع أفعال الإنسان بخيرها وشرها وكل شيء مسطر في سجل الكون الأبدي)،أما أنصار الحتمية الطبيعية فقد اعتبروا أن سلوك الإنسان متدرج فمن سلسلة الحوادث الطبيعية كونه كائن حي كبقية الكائنات الحية وعلى أساس أن الظواهر الطبيعية تخضع لقوانين وحتميات فيزيائية وكيميائية وتؤدي في نفس الوقت إلى نفس النتائج فسلوك الإنسان باعتباره جزءاً منها يخضع لهذه الحتمية حيث يرى بيسنوزا أن الشعور بالحرية ليس وهماً راجع إلى جهلنا بالحتميات كالحجر الساقط يتوهم أنه حر لو كان له شعور لكنه في الواقع خاضع لقانون الجاذبية يقول بيسنوزاإن الناس يخدعون أنفسهم بأنهم أحرار لكنهم في الحقيقة يحملون الأسباب الحقيقية التي تحدد سلوكهم)،ويرى البعض أن فعل الإنسان ليس تعبيراً عن الباحث الأقوى يقول لايبنتزالإرادة إذ نختار تميل مع إحدى القوى أو البواعث أثر في النفس كما تميل إبرة الميزان إلى جهة الثقل).
إن هذا الرأي هو الآخر لم يصمد للنقد فبالنسبة للحتمية النفسية فإن الإنسان ليس مجرد حزمة من الغرائز والدوافع فهو قادر على التحكم فيها كما هو ملاحظ في الواقع وبإمكانه تنظيمها وفق نتائج مرغوبة ومقصودة وبدون هذه الرغبات والعادات يصبح لا معنى لأفعالنا فالحرية رغبة وميل ينبثق من كل إنسان أما الحتمية البيولوجية فالإنسان ليس جسما ولا شيئاً من أشياء الطبيعة ولا يرجع سلوكاته إلى التغيرات الفيزيولوجية وحدها فهو قادر على التحكم في سلوكه وطبعه ولا يمكن التنبؤ بمستقبل سلوكه أما بالنسبة للحتمية الاجتماعية فالإنسان ليس مجرد عجينة في يد المجتمع فهناك مجالات واسعة بوجودها المجتمع الفرد كي يتمكن من الاختيار الحر لحرية مضمونة في القوانين الاجتماعية ولا قيمة لها خارج المجتمع ونلاحظ أن بعض العلماء والزعماء من أثروا في المجتمع ودفعوه إلى التغيير وليس العكس،أما بالنسبة للحتمية الميتافيزيقية فإن دعواهم أمر مظلل فهي أساس دعوة للكسل والخمول مع وظيفة الإنسان في الكون فهو مخير لا مسير وهذا استناداً لقوله تعالى
لا يغير الله ما بقوم حتى يغير ما بأنفسهم)،أما الحتمية الطبيعية فإن علاقة الإنسان بالطبيعة ليست علاقة تبعية بل بالعكس علاقة جدلية يؤثر فيها ويتأثر بها ويتخذ فيها الأسباب الأساسية لحياته ومن إمكانياتها مصدر تنافس وتفاوت بينه وبين الأفراد كذلك أن الفعل الحر لا ينفي السببية لأنه هو نفسه معول بعلة الإنسان.
إن هذه الآراء وجميع الحجج والأدلة المعتمدة لنفي الحرية باسم الحتمية أو إثبات الحرية عن طريق ما نعيشه أو على أساس قوى مفارقة للطبيعة لا يمكن أن تكون كافية، ذلك أن الحتمية لا تنفي الحرية إلاّ ظاهرياً أما جوهرها فهو أساس الحرية وشرط من شروط الحرية الحقة وفي هذا يقول أحد الفلاسفة
لا علم بلا حتمية ولا حرية بدون علم إذن لا حرية بدون حتمية)،فلا تحرر إلاّ بمعرفة الحتميات والعراقيل وفي هذا يقول مونيإن كل حتمية جديدة يكتشفها العالم تعد نوطة تزداد إلى سلم أنغام حريتنا).
وخلاصة القول فإننا نصل إلى نتيجة هي أنه لا يوجد تعارض بين الحرية والحتمية فلولا وجود هذه الحتميات ما كان للحرية معنى لما ثقفه الإنسان عبر التاريخ لنفسه وبني جنسه فالحتمية أساس وشرط ضروري لتحقيق الحرية.
الطريقة:جدلية. الدرس:الحرية والتحرر.
الإشكال:هل الحرية حالة شعورية أم هي عمل التحرر؟.
يرى بعض المفكرين أن الحرية هي تجاوز أي إكراه داخلي أو خارجي،داخلي يتمثل في الرغبات والشهوات والميول والحاجات النفسية البيولوجية وخارجي يتمثل في الحتميات الطبيعية والاجتماعية لذا نتساءل هل يكفي المرء أن يشعر أنه حر ليكون حراً حقاً أم أن الحرية ممارسة وفعل في الواقع اليومي؟.
بالنسبة لبعض الفلاسفة إن تجربتنا الشعورية الداخلية دليل كاف على أننا أحرار ففي رأي المعتزلة(أن الإنسان يحس من نفسه وقوع الفعل فإذا أراد الحركة تحرك وإذا أراد السكون سكن)،ومعناه أن الأفعال التي يقوم بها إنما يمارسها بإرادته الحرة حسب الظروف التي تلامسه وفي هذا يقول ديكارت
إننا واثقون من حريتنا لأننا ندركها إدراكا مباشراً بل نحدسها حدساً)،حيث يرى أن إحساس الإنسان الداخلي بالحرية ـ الواضحة والمتميزة ـ دليل كاف على حريته يقول لوسينكلما أبحث في نفسي عن القوة التي تقيدني كلما أشعر أنه ليست لدي أية قوة غير إرادتي ومن هنا أشعر شعوراً واضحاً بحريتي)،ولكن مثل هذا القول لا يمكن أن يصمد للنقد ذلك أن الإرادة من الناحية الفلسفية باعتبارها العلة الأولى قوة سحرية والأخذ بها فيه كثير من المبالغة كذلك أن الشعور وحده يمكن أن يكون وهما خداعا لأننا نجهل الحتميات التي نخضع لها خضوعا داخليا أو خارجيا سواء كانت نفسية أو طبيعية أو اجتماعية وهذا تكفل بسيادة عدد كبير من المفكرين في العصر الحديث.
لقد حاول بعض الفلاسفة من الذين أدركوا المشكلة أن يزيحوا النقاب عن سر اللغز فالرواقيون يرون أن العالم يخضع لقوانين ثابتة أي أنه يسير حتما بمقتضى العلة والمعلول،وأن الكائن الإنساني الموجود في هذا العالم ليس حر لأنه لا يمكن أن يكون حراً بالإرادة في عالم مجبر غير أن الإنسان ذو طبيعة عاقلة و إذا أراد التحرر والسعادة فلا بد أن يعيش على وفاق الطبيعة بكل ما تنطوي عليه هذه الكلمة من معان أي على وفاق مع قانون الطبيعة الذي يسيّر العالم ويعيش حسب طبيعته العاقلة فيسير المرء في حدود ما يرشد إليه العقل خاضعا لقوانين الكون المعقول فالقضية هي قضية حرب بين العقل والشهوات فينتصر العقل إذن الحرية ليست معطى أولي ولا فضل من الطبيعة إنها تكتسب على ضوء ما تملي به الطبيعة الإنسانية الحقيقية وتحررنا يقاس بضعف أو قوة أعمالنا وإنجازاتنا و مجهوداتنا المبذولة فلا بد من قبول الضرورة إذن،كما تقبل الأسطوانة الدوران وفي نفس الاتجاه يرى سبينوزا أن أفعال الإنسان مجرد ظواهر آلية إذن فهو ليس حراً ولكن ليس معنى ذلك أن فيلسوفنا يلغي الحرية وإنما يرى الحجة في قبول النظام الرياضي للكون والقوانين العقلية المسيرة للحوادث فكلما ازداد العقل علما كما يقول ازداد فهما لقوانين النظام الطبيعية وهو يقرر هنا أن العقل يجب أن يضع قانونا ينظم رغبات الإنسان المتنافرة وبهذا يمكنه التحكم في مستقبله وتحرير نفسه من أغلال العواطف العمياء وإذا أراد الفرد أن يكون كاملاً لا ينبغي أن يتحرر من قيود المجتمع ونظامه لأن سموّ المرء إنما هو في التحرر من ضرورة الغرائز وعليه أن يتقبل القوانين الطبيعية والإلهية بسرور لأن الإنسان الذي يرى الأشياء تسير وفقا لنواميس الله لن يستاء أو يتذمر مع أنه قد يقاوم وذلك فإنه يرتفع من لذات الأهواء إلى صفاء الفكر والعقل وفي هذا يقول نتشه
إن الأمر الضروري لا يضرني لأن حب القدرة نواة طبيعي)،ولكن لأغلب الناس لم يدركوا الضرورة ولذلك وجد عبر التاريخ السيد والمسود وإذا أراد الإنسان التحرر من هذه الجدلية فلا بد أن يقدم على اكتشاف القوانين الموضوعية لتطور الطبيعة والمجتمع والفكر،وبهذا نتمكن من تحويل العالم تحويلاً ثورياً بدلاً من تأمله،فلا بد أن يعمل قبل كل شيء على إسقاط الرأسمالية وعلى قيام المجتمع بدون طبقات لذلك قال ماركسإن الفلاسفة لم يعملوا لحد الآن إلاّ على تفسير العالم في حين حان وقت تغيره)، والتحرر الذي يسمح ببناء الإنسانية يعتبر إحدى الغايات التي ينشدها الشخصانيون وتعد فلسفتهم نداء لجميع الناس من أجل بناء نهضة جديدة حيث تزدهر القيم والمثل العليا ولا يتسنى ذلك إلاّ بالقضاء على كل الحواجز موضوعية كانت أو ذاتية لابد مثلا أن يتحرر من شهواته العمياء ويتجاوز الميول البيولوجية المغلقة ثم يتحرر من ضرورة الطبيعة بوسائل العلم وفي هذا يقول مونيإن كل حتمية جديدة يكتشفها العالم تعد نوطة تزداد إلى سلم أنغام حريتنا)،وكذلك نجد باكونين يقول لست حرا إلا يوم تكون الكائنات التي تحيط بي رجالا ونساء وأطفالا حرة أيضا فأنا لا أصير حرا إلا بحرية الآخرين)،وقد لاحظ الشخصانيون أن إنسانية البرجوازية مؤسسة بالدرجة الأولى على انفصال الفكر عن المادة أو إبعاد الفكر عن العمل.
وتقويما لهذا الموقف يمكن القول على وجه الخصوص أنه لا يجب أن ننكر الأهداف السامية التي ترمي إليها الماركسية والشخصانية وروح العدالة،فماركس يدعو لتغيير العالم وتغييره وتحويله تحويلا ثوريا إلا أن التاريخ يخضع لحتمية مطلقة وفي نظره أن المجتمع الشيوعي هو الذي سيغير التاريخ و بالتالي إنكاره كل محاولة أو مبادرة حرة،أما الشخصانيون رغم أنهم اعتبروا الحرية جهدا فرديا مستمرا إلا أن ندائهم يبقى نداءا مثالياً كذلك أن ربط الحرية بالتحرر قد يجعل المرء يتجاوز الكثير من الحدود ظنا منه أنه يتحرر فتنقلب أفعاله إلى نوع من الفوضى قد يشكل خطرا عليه وعلى من حوله لذا لابد من الوعي الدقيق.
وأخيرا فالحرية ليست مجرد شعور نفسي بل هي عمل مستمر للتحرر يتجلى كلما برزت أمام المرء العوائق والحواجز التي تجعله يبذل جهودا ملائمة لتجاوزها فيتحرر من ضغوطها وبهذا فليست الحرية شيئا جاهزا نجده أو نقتنيه بل هي ممارسة يومية على المستوى النفسي والاجتماعي والفيزيائي وقد صدق من قال
ينال المرء دائما الحرية التي هو أهل لها والتي هو قادر عليها).
الطريقة:جدلية. الدرس:المسؤولية والجزاء.
الإشكال:هل العقاب وحده كاف لتقويم سلوك الإنسان والحد من الجريمة؟
تعد المسئولية قبل كل شيء إنسانية إذ لا يعقل أن يتحمل غير الإنسان أي مسئولية لذلك لم ينحصر النظر فيها في دائرة الفلاسفة وحدهم بل شاركهم في ذلك ذوي الاختصاص من علماء النفس و الاجتماع و رجال القانون و المنشغلين بعلم الإجرام , و منشأ هذا الاهتمام علاقة المسئولية بالجزاء و أثر هذا الأخير في نفوس الأفراد و في تحقيق التنظيم الاجتماعي و من هنا فقد اختلف جمهور الفلاسفة في إبراز دور العقوبة و مدى تنظيمها لسلوك الأفراد و من هنا يتبادر إلى أذهاننا الإشكال التالي
هل العقاب أسلوب ناجع في تنظيم المجتمع ؟ أو بعبارة أصح هل العقوبة تحد من الجريمة و تقوم سلوك الأفراد ؟
يرى أنصار النزعة العقلية أن الجزاء ضروري لتقويم سلوك الفرد لأن هذا الأخير حر و عاقل و بإمكانه الاختيار و اختياره لفعل ما تنتج عنه مسئوليته فهو مسئول باختياره و بهذا الصدد يرى أفلاطون في الكتاب العاشر من جمهوريته في صورة أسطورة فحواها
أن (آر) الجندي الذي قتل في ساحة الشرف يعود إلى الحياة من جديد بصورة لا تخلو من المعجزات فيروي لأصدقائه الأشياء التي تمكن من رؤيتها في الجحيم حيث أن الأموات يطالبون بأن يختاروا
ء و هم المسئولون عن اختيارهم الحر) و في نفس التيار يرى كانط بأن صاحب السوء هو الذي يكون قد اختار بكل حرية تصرفه منذ الأزل بقطع النظر عن الزمن و الطباع فشرور الفاشية في العالم إنما هي نتيجة حرية اختيار يقول كانط
إن الشرير يختار فعله بإرادته بعيدا عن تأثير الأسباب و البواعث فهو بحريته مسئول ويجب أن يجاز على أفعاله) ولقد أخذ الوجوديون بموقف مماثل إذ أن وجود الإنسان في رأيهم سابق لماهيته أي أن الفرد يولد أولا ويكون ما يريد بعد ذلك ما يريد وقد نضرت الديانات السماوية في إشكالية العقاب و من بينها الإسلام الذي مثلته فرقة المعتزلة التي تؤكد على قدرة خلق الإنسان لأفعاله لأنه قادر بعقله على التمييز بين الخير و الشر و بالتالي هو مكلف و مسئول عن أفعاله وترى هذه النظرية بدورها أن الغرض من الجزاء و العقاب عن فعل ما ليس تحقيق منفعة للمجتمع أو بتقليل عدد المجرمين بقدر ما هو التكفير عن الذنب الذي لوث به المجرم قيمة العدل و عكر صفوها و هو أيضا تطهير للنفس من الدنس الذي لحق بها نتيجة الأفعال السيئة و في هذا يقول لايبنتزهناك من العدالة ليس غرضه إصلاح الشعور و إنما التكفير عن الفعل السيئ)،ويقول كذلك مالبرانشإن الذي يريد من الله أن لا يعاقب الظالم لا يحب الله) وفي هذا الصدد نذكر المرأة التي جاءت إلى رسول الله (ص) قائلةيا رسول الله إني زنيت فطهرني و إني أريد أن ألقى الله و أنا طاهرة بريئة من ذنبي) وهي تقصد هنا أن يطهرها بإقامة الحد عليها (الرجم) العقاب هنا هو نتيجة للماضي لا إلى ما عسى أن يحدث في المستقبل ونجد أن هذه النزعة تدعو إلى وجود قوانين وعقوبات صارمة تجزر المجرم حتى لا يكرر فعلته في المجتمع بالإضافة إلى إقرار الديانات السماوية بتنفيذ العقوبة بشكل علني وقد انتشرت هذه الفكرة في المجتمعات البدائية و المعاصرة فهي إذا مطلب حضاري .
بالرغم من كل هذه الحجج و الأدلة إلا أن هذا الرأي لم يصمد للنقد ذلك أن حرية الفرد تخضع لبعض الحتميات كذلك أنها اعتبرت المسئولية فردية بطبيعتها و هذا ليس صحيحا لأن الأبحاث الاجتماعية أكدت أن المسئولية بدأت جماعية ثم تحولت إلى فردية بعد تطور طويل في حياة البشر الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية فالفرد قديما كان ذائبا في قبيلته و حين يقوم بفعل شيء ضد قبيلة أخرى لا يعاقب وحده بل تعاقب القبيلة أما الآن فالعقاب فردي يسلط على الفاعل مباشرة كذلك أنها تربط الجزاء بالماضي و هذا لا يؤكد إلا نصف الحقيقة فالجزاء لا بد أن يكون موجها أيضا للمستقبل لحماية المجتمع كذلك أن هذه النظرية تتجاهل الدوافع و الأسباب التي تحد من تصرفاتنا و مسئولياتنا و في هذا يقول لاشونهي
إن الفعل الذي يحدث عن حرية مطلقة يعد فعلا مستقلا عن أي أسلوب فطري أو مكتسب و على هذا يعد غريبا عن كل ما يؤلف طبعنا الشخصي و ليس لنا أي مبرر لننسبه إلينا أو لنعتبر أنفسنا مسئولين عنه) كذلك غيو يقولهل نحن نمحي السيئات التي ارتكبها المذنب بتعذيبه؟ إنما ما حدث قد حدث!! )
و على عكس الرأي السابق نجد أنصار النزعة الوضعية الذين يرون بأنه لا يمكننا معاقبة المجرم لأن العقوبة في نظرهم وسيلة تقليدية غير مناسبة فالإجرام حسبهم فعل لا يتعلق بالإرادة بل ينشأ آليا إما بتأثير العوامل الوراثية أو الاجتماعية أو النفسية و أبرز رواد هذه النزعة الإيطالي لومبروزوا و مواطنه فيري و عالم النفس النمساوي فرويد ؛ أما لومبروزوا فيرى أن الإجرام له علاقة بصفات المجرم الوراثية و يقدم إحصائيات لأسر معظم أفرادها من مجرمي المافيا و يعدد تلامذته (50)خمسين مطلوبا للعدالة في أسرة الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون و لومبروزوا يصنف المجرمين إلى أصناف هي كالتالي:مجرمين بالفطرة>بالطبع<, مجرمين مجانين ,مجرمين بالعادة , مجرمين بالعاطفة,و هؤلاء يستهويهم الإجرام,و مجرمين بالمصادفة و يؤكد لومبروزوا أن كل هذه الأصناف قابلة للإصلاح ما عدى الأول الذي يجب مساعدته على الفناء و لو كان طفلا لأن في إفنائه وقاية للمجتمع,أما فيري متأثر بأوغست كونت في العلوم الاجتماعية يرى أن الإنسان لا يولد مجرما و لكن تصنع منه ظروف بيئته الاجتماعية الفاسدة مجرما و لقد أثبت أن العوامل الاجتماعية هي التي تلعب الدور الأساسي في ظهور السلوك الإجرامي و في رأيه أن الإجرام نتيجة حتمية لمجموعة من المؤثرات لا بد عند توفرها من وقوع السلوك الإجرامي , و أخيرا نجد عالم التحليل النفسي فرويد الذي يرى أن بعض السلوكات الإجرامية مردها إلى قوى لا شعورية تتمثل في بعض الدوافع و الميول و الذكريات المكبوتة في لا شعور الإنسان منذ أيام الطفولة فيمكن أن نفسر مثلا السرقة كمحاولة لاسترجاع ما أخذ من الشخص في الماضي , كما يمكن تفسير الخروج عن القانون و مختلف أشكال التمرد و الثورة كثورة الطفل ضد الأب الذي يمثل السلطة عند الطفل أي أنه شكل من أشكال إرضاء الغريزة العدوانية التي استحال تصعيدها و من هنا رصده سلطة الأب القاهرة التي تمنعه من إشباع رغباته كلها و بهذا الصدد يقدمون كذلك إحصائيات لعدد كبير من المجرمين المتخلفين عقليا و المرضى نفسيا و قد دعا هؤلاء إلى ضرورة إصلاح الفرد لا معاقبته و مساعدته على الاندماج في المجتمع,و إلى ضرورة التخلص من المجرمين غير القابلين للإصلاح و الجزاء عندهم هو وقاية للمجتمع من تكرار أفعال الإجرام وهذا يتطلب إصلاح المجرم .
هذا الرأي هو الآخر لم يصمد للنقد ذلك أنهم يرفعون المسئولية عن الفرد ذلك أنه خاضع لعوامل و دوافع أخرى و قي ذلك تشجيع للإجرام,أما بالنسبة للومبروزوا الذي يرى أن للجريمة صبغ خاص بها و هذا أمر لم يثبته العلم بالإضافة إلى ذلك يجب أن يكون العمل الإصلاحي مكملا للعقوبة لا بديلا لها كذلك أن الملاحظة البسيطة تؤكد أنه ليس كل المرضى النفسيين مجرمين بل أن معظمهم مسالمين و إنطوائيين .
ما من إنسان على وجه المعمورة إلا و له عيوب و مساوئ و ما من مجتمع إلا و يعاني ظواهر الشذوذ و الانحراف و في كل الأحوال ما دمنا نعاقب فإننا نعترف بحرية المجرم و بالتالي مسئوليته عن أفعاله و عليه يجب أن يكون الألم الناتج عن العقاب أكبر من اللذة الحاصلة بالجريمة حتى لا يعود إليها في المستقبل و ليس الغرض من العقاب هو الانتقام من المجرم بل ردعه و المحافظة على أمن و سلامة المجتمع , يقول عز وجل
و لكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ) و إذا رأينا في الموقفين السابقين بعض العيوب و النقائص فالموقف الإسلامي يبقى هو الأمثل حيث يحافظ على نقاء النفس و طهارتها و ضمان أمن المجتمع و سلامته دون أن ينسى ظروف الفاعل و ألا يهمل الفعل ذاته.
و هكذا يمكننا أن نستنتج أن العقاب لا يكون وحده دائما هو العلاج الأمثل لأمراض النفوس و عللها إنما يجب النظر في وسائل الوقاية و هذا لا يكون إلا بتوفير كل الشروط الصالحة لتكوين الفرد فبالقضاء على البطالة و أسباب الظلم و الجهل و التخلف نقضي على مصدر الجريمة و بالتالي يصبح المجتمع الإنساني فاضلا لا يحتاج لا لقضاء أو قضاة و هذا ما حدث بالفعل في الدولة الإسلامية الأمر الذي جعل عمر بن الخطاب يقدم استقالته من منصب القضاء في عهد الصديق قائلا
يا أمير المؤمنين ...لي عامين في سدة القضاء و لم يتقدم إلي متخاصمين ).
يقول عباس محمود العقاد
لا يكفي أن تكون في النور لكي ترى بل ينبغي أن يكون في النور ما تراه )










قديم 2009-04-07, 19:19   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
hind1991
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










New1

الإشكال:يقال<إن الشخصية تكتسب>هل تعتبر هذا القول صحيحا؟
لما كان الإنسان ميالاً بالطبع إلى الحياة مع أمثاله فليس من الغريب أن يكون سلوكه مشبعا بالمكتسبات الاجتماعية مثقلاً بخيرات السنين فهو يكتسب اللغة والأخلاق والعلم و ينمي ملكاته العقلية وبالرغم من أنه وحيد في نوعه وفرد يتميز بالتميز في شخصيته و المقصود بالشخصية هو باختصار الوحدة الكلية والحركية المميزة لسلوك فرد ما شاعر بتميزه عن الغير ولكن السؤال المطروح:هل الشعور بهذا التميز هو من معطيات الولادة أم أنه نتيجة تطور تدريجي؟،أو بكلمة وجيزة هل الشخصية تكتسب؟.
ترى المدرسة الاجتماعية أن الإنسان عجينة في يد المجتمع يشكلها كيفما يشاء فالفرد مرآة عاكسة للمجتمع وفي هذا يقول هربرت الطفل صفحة بيضاء يكتب عليها المربي ما يشاء)،كذلك نجد الغزالي يقولالطفل كالعجين يستطيع المربي أن يكونه كما يشاء)،والشخصية لا تنشأ أو تتشكل دفعة واحدة بل تنشأ بالتدرج يقول ألبورت(لا يولد الطفل بشخصية كاملة بل يبدأ بتكوينها منذ الولادة)،وأيضا يقول فالونإن الشعور بالذات ليس أمراً أوليا بل محصول تطور بعيد لا تبدأ نتائجه بالظهور قبل السنة الثالثة) فالشخصية في تكوينها تمر بمراحل تعد الأساس في تكوينها هي مرحلة اللاتمايز والشعور بالأنا.والإنسان بطبعه اجتماعي كما يقول بن خلدونالناس على دين ملكوهم)،ودوركايم الذي يقولإذا تكلم الضمير فينا فما هو إلا صدى المجتمع)،فهو يتعلم،يكتسب ويتأثر بالعادات والتقاليد والنظم و القوانين(القوالب الاجتماعية) فاللغة هي وسيلة للاندماج والتكيف وكحتمية فإن الحياة الاجتماعية تفرض نمطا سلوكيا معينا على الفرد فهو خاضع لمعايير اجتماعية وفي هذا المعنى يقول فالون(إن الشعور بالذات يتكون بواسطة الآخرين وعلى الرغم من أنهم أسباب للشعور بالشخصية لكنهم أيضا عقبات يجب تجاوزها حتى يتم كامل الشخصية)،وقد استدل أصحاب هذا الاتجاه بأدلة وحقائق تدعم هذا الموقف ويذكرون على سبيل المثال حالة التوأم فلو فصلنا توأمين وأخذنا أحدهما للعيش في مجتمع مختلف عن الثاني فالاختلاف سوف يكون كبيراً(السلوك والمظاهر الفيزيولوجية) والتي تبحث عن طريقة كل منهما في التكيف مع مجتمعه رغم اشتراكهما في الخصائص الوراثية،كذلك حالة إبراز المواهب فكل فرد مزود باستعدادات فطرية ومواهب ذاتية تظل راكدة إذا لم تجد الشروط الاجتماعية الملائمة بالإضافة إلى بعض الخصائص التي لها ارتباط وثيق بالمجتمع.
لا ريب أن للمجتمع فضلا ودوراً كبيرا إلا أن متطلبات المجتمع لا تنسجم مع مقاصد الشخصية،لذا فالشخصية التي تقبل ضغط الأوضاع الاجتماعية ما هي إلا شخصية قاعدية كما يقول كاردينارأي شخصية سطحية مستعارة)،كذلك إن تأثير المجتمع في الإنسان متوقف على مدى قابلية الإنسان،فهو ليس عجينة أو كتلة عضوية حركية فهو يحمل عقلا يسمح له أن يختار ويتخذ من أنظمة المجتمع ما يتلاءم معه ويتوافق مع تفكيره.
ونظراً لما للوراثة من أهمية ذهب العلماء إلى اعتبار الخصائص الوراثية ملامح حقيقية للشخصية ومعنى هذا أن الشخصية تكتسب في حدود معطيات وراثية وما يثبت ذلك في اعتقادهم أن ثمة أطفالاً يولدون أذكياء في حين أن آخرين أغبياء والسبب في ذلك راجع إلى عوامل وراثية،ولقد تقرر لدى الباحثين في مجال الوراثة خاصة مندل ذلك أن المزاج ينتقل من الآباء إلى الأبناء وأن الاستعدادات التي يرثها الطفل ليست استعدادات وسطية حيث تنصهر خصائص كل من الأب والأم،ذلك أن خصائص كل من الأبوين تبقى متمايزة عن طريق كل من الأم فقط أو الأب فقط،على أن ما يرثه الطفل ليس تلك الخصائص التي تعلمها أبويه في حياتهم وإنما تلك القدرات الفيزيولوجية من لون البشرة ولون الشعر،فيما يتعلق بالتركيبة الفيزيولوجية الداخلية لها تأثير كبير في الطبع بول أحد الفيزيولوجيينإننا تحت رحمة غددنا الصماء)،وهو قول يؤيد ما ثبت لدى العلماء من ضعف أو كثرة الإفرازات الغددية الداخلية تفقد الجسم توازنه مما يجعل الشخصية في حالة غير مستقرة،فبالنسبة للغدة الدرقية التي قال عنها هوسكيترإننا ندين لغددنا الصماء بجزء غير يسير مما نحن عليه)،إن لها تأثير على النمو والعمليات الحيوية فإذا زاد إفرازها نشأ عن ذلك نشاط محسوس في الجهاز العصبي وغيره من الأجهزة وقد ينشأ عنه القلق والاضطراب أما إذا نقص إفرازها نشا عن ذلك ضعف عقلي وتباطؤ في الأعمال،أما الغدة النخامية فلإفرازاتها صلة وثيقة بالنمو الجسمي العام فإذا نقص إفرازها عند الطفولة أدى ذلك إلى القزامة،والعملقة وخشونة الجلد والنضج الجنسي المبكر إذا حدث العكس،أما الغدة الإندريانية فزيادة إفرازها تؤدي إلى تضخم خصائص الذكورة عند الرجال وتغلبها عند المرأة مما يؤدي إلى بروز علامات الذكورة عندها(الصوت الغليظ،بروز شعر اللحية...)،ولدى الطفل تؤدي إلى تكبير النضج الجنسي وأخيراً الجملة المسؤولة عن التحكم في كل نشاط الجسم وأي اضطراب في هذه الجملة يؤدي إلى الخلل في السلوك وعدم الاتزان في الشخصية وليس من الغريب إذا اتخذ القدماء التركيب الجسمي أساساً لسلوك الناس وطباعهم يقول أرسطوعن الأنوف أن الغليظة والدسمة والأطراف تدل على أشخاص باردي الأجسام ذوي ميول شهوانية،وإن الجادة مثل الكلاب تدل على الغضوبين السريعي الاهتياج،وأن المستديرة العريضة مثل الأسد تدل على أصحاب الشهامة وأن الرقيق المعقوفة مثل النسر تدل على النبلاء المختالين المترفين المتعجرفين).
على الرغم من كل هذه الحجج والبراهين التي ترجع الشخصية إلى الوراثة إلا أنه لا يمكننا أن نقر إقراراً مطلقاً بدورها في بناء الشخصية وهذا ما يؤكده الواقع وذلك لأن هناك اختلافات كبيرة في سلوك الأفراد رغم تشابههم من حيث النشأة البيئية مثل أفراد الأسرة الواحدة كذلك أن نشاط الغدد لا يتحدد بالوراثة وحدها بل يتأثر بالمواقف الانفعالية الحادة.
إن كل المحاولات التي قام بها جمهور الفلاسفة والعلماء والمفكرين أخفقت في الوقوف على النظرة الحقيقية للشخصية و قضية حصول الشخص عليها ذلك أنهم قاموا بتجزيء الوراثة عن العوامل البيئية والمجتمع في حين أن الأخيرين يستطيع الفرد أن يقومهما ويهذبهما عن طريق التربية،و يشهد على صحة ذلك تاريخ بعض الشخصيات البارزة وما سعت إليه،فلقد قيل قديما عن العالم الفيزيائي فاردي أنه كان طائشا سريع الانفعال لكنه روض نفسه،كذلك نجد الدين الإسلامي سبّق دور التربية ويتجلى ذلك في قول الرسول صلى الله عليه وسلمكل مولود يولد على الفطرة فأبوه إما يمجسانه أو يهودانه أو ينصرانه)،بالإضافة إلى عدم ناسي دور الوعي بمعنى الإرادة والعقل يقول غيوميغير اتزان الطبع ويخرج إلى الوجود قوى جديدة)،ولهذا لا نستطيع تسخير إمكانياتنا الملائمة إلاّ إذا سعينا وراء الشخص الذي نمثله.
وخلاصة القول أن اكتساب الشخصية لا يحدده مجرد التقاء المعطيات الفطرية بالشروط الثقافية وإنما يتوقف على الكيفية التي تستخدمهـا في التركيب وقد صدق من قال لا أحد يستطيع أن يكون ما يريد ولكنه لا يصنع إلا ما يستطيع).
الطريقة:جدلية. الدرس: الشخصية2.
الإشكال:هل يستطيع الإنسان أن يكتسب الشخصية التي يتمثلها؟.
تعتبر الشخصية من مسائل علم النفس الأكثر تعقيداً بسبب تداخل عوامل بنائها التي نتج عنها اختلاف في وجهات النظر حول الأهمية التي يحظى بها كل واحد من تلك العوامل في تكوين الشخصية،وقد اختلف الفلاسفة في كيفية تكوين الشخصية لاختلاف مناهجهم فمنهم من قال أن الفرد يولد بكيان عضوي يحمل من الأسلاف صفات تظل تلازمه وهي سمات طبيعية وراثية ،ومنهم من قال أن الفرد يكتسبها من المجتمع ولكن رغم هذه الآراء ألا يمكن للفرد أن يكتسب الشخصية التي يتمثلها في ذهنه؟أم أنه هناك عوائق تحد من ذلك؟.
يرى بعض المفكرين من الاتجاه الحدسي والاتجاه العقلاني أن ما يكسبه الفرد من صفات نابع من إرادته ورغبته فهو يشكل شخصيته عن قراراته التي يتخذها بإرادته الحرة وهذا ما ذهب إليه الوجوديين وعلى رأسهم جون بول سارتر حين قال أنا أختار نفسي)،حيث يرى هذا الأخير أن الإنسان يولد ثم يختار مصيره ويعتمد في نظريته ـ الوجود سابق للجوهر أو الماهية ـ أو بمعنى أصح أن الكيان المادي للإنسان يوجد أولاً ثم يختار مصيره بنفسه [الإضافة إلى كل هذا فكل فرد تصوراته العقلية ولكل فرد ولكل فرد قدراته التي تجعله على اكتساب ما يريد من صفات فالعقل يتصور النموذج الذي الفرد إلى تحقيقه وبذلك يضع هويته كما يريد فبالإرادة نستطيع أن نخلق أن صنع المعجزات ونكتسب شخصيتنا الحقيقية رغم ما للشروط الطبيعية والاجتماعية من وزن،فليست طباعنا هي التي تحدد سلوكنا ومصيرنا وإنما يتوقف الأمر على درجة وعينا لإمكانياتنا وقوة أو ضعف عزائمنا وحق كما قيللا أحد يستطيع أن يكون ما يريد ولكنه لا يصنع إلا ما يستطيع)،وقد شهد التاريخ البشري العديد من هذه النماذج البارزة وما سعت إليه لتحقيق وجودها فلقد قيل قديما عن العالم الفيزيائي فاردي أنه كان طائشا سريع الانفعال لكنه روض نفسه، وحتى ينجح المرء في اكتساب شخصية عميقة بمعنى الكلمة بعيدة عن التقليد لابد قبل كل شيء أن تكون له رغبة في القيام بهذه المهمة وأن يؤمن من كل أعماقه بإمكانية تحقيقها فلقد قيلاثنان يصنعان العجائب رجل يريد ورجل يهوى)،ولابد أن يكون ذا دواعي لأن الدواعي تغير اتزان الطبع وتقر للوجود قوى بديلة.
إذن بالإرادة يستطيع الإنسان أن يصنع من نفسه ما يريد والنموذج الذي يجب،ولكننا لا نستطيع تسخير إمكانياتنا الملائمة إلا إذا سعينا وراء تحقيق الشخص الذي نتمثله.
إلاّ أن القول بهذا الرأي لم يصمد للنقد ذلك أن هذه التصورات العقلية لا يكتسبها الفرد بعيدا عن المعطيات الاجتماعية والبيئية فالإرادة التي يتكلم عنها هؤلاء لا تخرج عن كونها إرادة جماعية خاصة بمعايير و أطر يفرضها المجتمع على أفراده ولكل خروج عن هذه الإرادة مآلة الفشل كما أن الفرد مرهون بمعطيات وراثية بالإضافة إلى كل هذا فإن دور القرارات الإرادية محدود أمام العوامل السالفة الذكر.
وعلى عكس الرأي الأول نجد المدرسة الاجتماعية التي ترى أن الإنسان مرهون ومربوط بحتميات لا يمكنه الخروج عنها و باعتبار أن المجتمع هو المكان الوحيد لبروز الشخصية وتكاملها فإن الإنسان في نظرهم عجينة في يد المجتمع وفي هذا يقول هربرتالطفل صفحة بيضاء يكتب عليها المربي ما يشاء)، كذلك نجد الغزالي يقولالطفل كالعجين يستطيع المربي أن يكونه كما يشاء)،والشخصية لا تنشأ أو تتشكل دفعة واحدة بل تنشأ بالتدرج يقول ألبورت(لا يولد الطفل بشخصية كاملة بل يبدأ بتكوينها منذ الولادة)،وأيضا يقول فالونإن الشعور بالذات ليس أمراً أوليا بل محصول تطور بعيد لا تبدأ نتائجه بالظهور قبل السنة الثالثة) فالشخصية في تكوينها تمر بمراحل تعد الأساس في تكوينها هي مرحلة اللاتمايز والشعور بالأنا.والإنسان بطبعه اجتماعي كما يقول بن خلدونالناس على دين ملكوهم)،ودوركايم الذي يقولإذا تكلم الضمير فينا فما هو إلا صدى المجتمع)،فهو يتعلم،يكتسب ويتأثر بالعادات والتقاليد والنظم و القوانين(القوالب الاجتماعية) فاللغة هي وسيلة للاندماج والتكيف وكحتمية فإن الحياة الاجتماعية تفرض نمطا سلوكيا معينا على الفرد فهو خاضع لمعايير اجتماعية وفي هذا المعنى يقول فالون(إن الشعور بالذات يتكون بواسطة الآخرين وعلى الرغم من أنهم أسباب للشعور بالشخصية لكنهم أيضا عقبات يجب تجاوزها حتى يتم كامل الشخصية)،ونجد من الفلاسفة من ذهب على شاكلة هذا الطرح ومن بينهم هالفاكس الذي يقولإن الشخصية هي حصيلة الحياة الاجتماعية)،و يقول سبينزاأعطني دما ولحما وعظما – جنينا-أعطيك ما تريد)،وقد استدل أصحاب هذا الرأي بأدلة وحقائق تدعم هذا الموقف فلو فصلنا توأمين وأخذنا أحدهما للعيش في مجتمع مختلف عن الثاني فالاختلاف سوف يكون كبيراً(السلوك والمظاهر الفيزيولوجية) والتي تبحث عن طريقة كل منهما في التكيف مع مجتمعه رغم اشتراكها في الخصائص الوراثية،كذلك حالة إبراز المواهب فكل فرد مزود باستعدادات فطرية ومواهب ذاتية تظل راكدة إذا لم تجد الشروط الاجتماعية الملائمة بالإضافة إلى بعض الخصائص النفسية مثل الشجاعة والكرم والبخل...
لا ريب أن للمجتمع فضلاً ودوراً بارزاً في تكوين الشخصية إلا أن متطلبات المجتمع لا تنسجم مع مقاصد الشخصية،فالشخصية التي تقبل ضغط الأوضاع الاجتماعية ما هي إلاّ شخصية قاعدية كما يقول كاردينارأي شخصية سطحية مستعارة)،كذلك إن تأثير المجتمع في الإنسان متوقف على مدى قابلية الإنسان فهو ليس عجينة أو كتلة عضوية حركية فهو يحمل عقلاً يسمح له أن يختار أو يتخذ من أنظمة المجتمع ما يتلاءم مع معه و يوافق تفكيره.
إن العيب الذي تؤاخذ عليه النظريتين هو أنهما طرحتا مشكلة الشخصية على جانب واحد وذلك لاختلاف مناهجهم إلاّ أن شخصية الفرد لا يمكن أن تتكون إلاّ من جانب إنساني وذلك من خلال المجتمع بالإضافة إلى كل هذا فإن الإرادة تلعب دوراً بارزاً وأساسياً مع هذه التفاعلات لا يمكننا أن ننسى دور الجانب الفطري الوراثي الذي يطبع الشخصية بطابعه المميز.
وفي الأخير وكحوصلة لما سبق فإن الفرد يكتسب الشخصية السي يريدها وفي إطار الحتميات الحسية والنفسية والاجتماعية وبهذا يمكن للشخص أن يوجد الشخصية التي يتمثلها في ذهنه إذا لم تتعارض مع الواقع فقد صدق من قاللا أحد يستطيع أن يكون ما يريد لكنه لا يصنع إلا ما يريد).
بسم الله الرحمن الرحيم
الطريقة:جدلية. الدرس: الحرية والتحرر.
الإشكال: هل الإنســان حر؟.
إن كلمة الحرية هي من أكثر الكلمات غموضا والتباساً فالشعوب تكافح من أجل حريتها والأفراد لا يتحملون أي حجز على حريتهم الشخصية ومما لاشك فيه أن الحرية هي من أقدم المشكلات الفلسفية وأعقدها فقد واجهت الباحثين من قديم الزمان وما زالت تواجههم إلى يومنا هذا فهي من أكثر المبادئ الفلسفية اتصالاً بنا بعد الطبيعة فضلاً عن صلتها بالأخلاق والسياسة والاجتماع وقد تناول العديد من الفلاسفة والمفكرين هذا المبحث فمنذ وعي الإنسان لنفسه سعى إلى تحقيق حريته بشتى الوسائل والطرق ولكن جمهور الفلاسفة اختلف في الإشكالية التالية:هل الإنسان حر أم أن هناك قيود وعوائق تقييد حريته؟.
يرى بعض الفلاسفة الذين يقرون بأن الإنسان حر وهم يستندون في هذا إلى عدة حجج أهمها الحجة النفسية و الذين يرون بأن الشعور بالحرية دليل كاف على إثباتها فمثلاً ويليام جيمس يرى أن الحرية هي قوام الوجود الإنساني الذي مراده الإدارة الحرة الفعالة فلا نشعر بحريتنا إلاّ ونحن قادرون فعلاً على الفعل والتأثير أما ديكارت فيقولإننا لا نختبر حرية إلاّ عن طريق شعورنا المباشر)،فهو يرى أننا ندرك الحرية بلا برهان وهو يقول في هذاإننا واثقون من حريقا لأننا ندركها إدراكاً مباشراً فلا نحتاج إلى برهان بل نحدسها حدساً)،بحيث يرى أن إحساس الإنسان الداخلي بالحرية *الواضح والمتميز* دليل كاف على ذلك ويقول لوسينكلما في نفسي عن القوة التي تقيدني كلما أشعر أنه ليست لي أية قوة عدا إرادتي ومن هنا أشعر شعورا واضحا بحريتي)،أما من الفرق الإسلامية التي تثبت ذلك فالمعتزلة يرون أن تجربة الشعور الداخلية كافية على أننا أحرار يقول الشهر الستانيالإنسان يحس من نفسه وقوع الفعل فإذا أراد الحركة تحرك وإذا أراد السكون سكن)،ومعناه أن الأفعال التي يقوم بها إنما يمارسها بإرادته وحسب الظروف التي تلائمه بالإضافة إلى هذا نجد برغسون الذي يميز بين مستويين من الأنا فالأنا السطحي بالنسبة له يمثل ردود الفعل و الاستجابات العفوية والعادات التي يقوم بها الإنسان تحت تأثير العوامل الخارجية،أما الأنا العميق فهو مصدر الحرية الحقيقي الذي تشعر به عندما نلتزم بإرادتنا واختيار بعيد عن الحتميات لذا نجسد حريتنا بعيدا عندما نقف من أنفسنا مواقف نقد وتقييم واعية وبهذه الصورة الواعية تسمع صدى الحرية الهافت الذي يسري كديمومة مفصلة لا تتوقف،أما أصحاب الحجة الاجتماعية فهم يرون أن الحرية ممارسة فعلية تتجسد في الحياة الاجتماعية فالآخر هو سبب وجودها ويمكن أن يكون عائقا لها فبدون المجتمع لا يمكن أن توجد قوانين عادلة تحمي الحريات الفردية فتصبح الحرية مسؤولية لذا فإن كل المجتمعات تعاقب أفرادها عند مخالفة قوانينها ولا تعاقب الأفعال التي لا قدرة لهم عليها وهذا يعني قدرة الإنسان على الاختيار و بهذا يمكن التكلم عن شخصية بدون مقومات اجتماعية ولا الحديث عن حرية الإنسان المغترب يقول مونيكوالحرية الفعل وفق ما تجيزه القوانين الاجتماعية)،فبدون المجتمع لا يمكن أن نتحدث عن المسؤولية بدون حرية الاختيار،أما أصحاب الحجة الأخلاقية فهي حسب كانط أساس تأسيس أو تحديد الأخلاق فالواجب الأخلاقي يتطلب قدرة للقيام به يقول كانطإذا كان يجب عليك فأنت تستطيع)،ويقولإن إرادة الكائن العاقل لا يمكن أن تكون إرادته إلا تحت فكر الحرية)،أما أصحاب الحجة الميتافيزيقية فروادها المعتزلة وهم يرون أن الإنسان حر ويوردون حججاً من القرآن الكريم تنسب إلى الإنسان حريته في اختيار أفعاله يقول الله تعالىفمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)،وقوله تعالىفمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره)،فهو بذلك أو ذاك حر مخير،واعتمدوا أيضاً على مبدأ التكيف يقول الله تعالىلا يكلف الله نفساً إلاّ وسعها)،فالتكيف يكون هنا سفها إذا كان(اعمل يا من لا قدرة له على العمل)،ولكن بصيغة(اعمل يا من تستطيع أن تعمل)،وبالتالي إمكانية صدور الفعل أو عدمه فهو الاختيار وما يبرز هذا هو الثواب والعقاب والجنة والنار فالله لا يحاسبنا على الأفعال التي لا نكون مسئولين عنها يقول تعالىوما ربك بظلام للعبيد)،ولا معنى للثواب وللعقاب إذا كان المرء مجبراً مكرهاً.
لكن رغم هذه الأدلة والبراهين لم يصمد هذا الرأي للنقد ذلك أنه ما من شك غير كاف كذلك أنه يمكن أن يكون وهما وخداعا لأننا نقوم بأعمال معينة مع شعورنا بحريتنا إلاّ أننا مقيدون بعدة أسباب كذلك أن البرهان الاجتماعي نائم على الشعور بالحرية أثناء عقد القوانين وقيام الأنظمة الاجتماعية فالشعور يكفي للتدليل بها فهو يثبتها كما يثبت الحتمية ولا معنى للقانون والنظام ما لم يعمل به أصحابه وشروطه،أما أصحاب الحجة الأخلاقية فهي قائمة على التسليم بالحرية حتى لا تتهدم وفكرة التسليم لا تكفي للبرهنة عليها لأننا نستطيع التسليم بعدم وجودها كما سلمنا بوجودها أما بحث المعتزلة فقد باء منصبا أكثر على الإنسان المثالي المجرد المتصور عقلاً لذلك وضع الحرية في زمن الفعل في حين أن مشكلة حرية الإنسان الواقعي ومطروحة على مستوى الفعل و مواقف الحياة التي تواجهها واعتمادهم على آيات هذا صحيح.
وعلى عكس الرأي السابق نجد من ينفي الحرية فهم يعتبرون الحرية وهماً لا يمكن تحقيقه وإن وجدت فوجودها ميتافيزيقي لا علاقة له بحياة الأفراد وذاك لما يقيدهم من حتميات داخلية وخارجية،فأصحاب الحتمية النفسية ومن بينهم المدرسة السلوكية الأمريكية وعلى رأسها والن يرون أن السلوك عبارة عن الاستجابات التي تتحكم فيها منبهات داخلية وخارجية كالرغبات والميولات والدوافع الفطرية والعوامل الخارجية التي تشكل مصدراً هاماً لأفعالنا،أما مدرسة التحليل النفسي فتفسر السلوك بدوافع لا شعورية أساسها الكبت يقول نتشهإن إرادة تجاوز ميل ما ليست إلا إرادة آدميون أخرى)،ويقول أحد الفلاسفةكل قرار هو مأساة تتضمن التضحية برغبة على مدرج رغبة أخرى)،أما أصحاب الحتمية البيولوجية ونقصد به مبدأ العلمية القائل انه إذا توفرت نفس الأسباب فستؤدي إلى نفس النتائج ومن ثم توسيع هذا المبدأ على الإنسان باعتباره جزءا من الطبيعة فهو حامل منذ ولادته لمعطيات وراثية وخصائص ثابتة والطبع في رأيهم تحديد فطري و البنية البيولوجية تنمو وتتكامل حسب قانون معين فهو يخضع لجملة من القوانين حيث نجد الروانيون وكذلك بيسنوزا الذي يقولإن الحرية لا تكون إلا حيث نكون مقيدين لا بعامل القوى والضغوط ولكن بعوامل الدوافع والمبررات العقلية...وعندما نجهل دوافع تصرفنا فنحن على يقين بأننا لم نتصرف تصرفا حراً)،أما أصحاب الحتمية الاجتماعية فهم يؤكدون أن الإنسان مجرد فرد يخضع للجماعة كالعجينة يشكله المجتمع كما يريد وذلك عن طريق التربية والتعليم والتجارب الاجتماعية فلا وجود للحرية الفردية داخل الحتميات الاجتماعية *ثقافية،اقتصادية* والتي لا يمكنه أن يغير فيها مهما حاول ذلك يقول بن خلدونالناس على دين ملوكهم)،ويقول دوركايمإذا تكلم الضمير فما هو إلا صدى المجتمع)،ويقول أيضاًلست مجبراً على استخدام اللغة الفرنسية لكن لا أستطيع التكلم إلا بها ولو حاولت التخلص من هذه الضرورة لباءت محاولتي بالفشل)،أما أصحاب الحجة الميتافيزيقية فنسبهم إلى جهم بن صفوانلا فعل لأحد في الحقيقة إلاّ لله وحده وإنه هو الفاعل و أن الناس دائماً تنسب إليهم أعمالهم على المجاز كان يقال تحركت الشجرة ودار الفلك وزالت الشمس وإنما يفعل ذلك بالشجرة والشمس و الفلك الله سبحانه وتعالى)،ويقول أيضاًلا قدرة للعبد أصلاً لا مؤثرة ولا كابسة بل هو بمنزلة الجماد فيما يوجد منها)، إن هذا الرأي عندهم مبني على أصل عقائدي هو أن الله مطلق القدرة خلق العبد وأفعاله هو يعلمها قبل صدورها من العبد بعلمه المطلق ،بالإضافة إلى هذا نجد لايبنتز الذي يرى أن الإنسان عبارة عن جوهر روماني سماه المنادة يستمد كل مقوماته من ذاته التي أعدت بكيفية آلية مسبقة مثل الساعة،ولما كان الخير والشر مقدر على الإنسان في طبيعته تركيب روحي فهل بقي ما نسميه اختيار يقول لايبنتزالله مصدر جميع أفعال الإنسان بخيرها وشرها وكل شيء مسطر في سجل الكون الأبدي)،أما أنصار الحتمية الطبيعية فقد اعتبروا أن سلوك الإنسان متدرج فمن سلسلة الحوادث الطبيعية كونه كائن حي كبقية الكائنات الحية وعلى أساس أن الظواهر الطبيعية تخضع لقوانين وحتميات فيزيائية وكيميائية وتؤدي في نفس الوقت إلى نفس النتائج فسلوك الإنسان باعتباره جزءاً منها يخضع لهذه الحتمية حيث يرى بيسنوزا أن الشعور بالحرية ليس وهماً راجع إلى جهلنا بالحتميات كالحجر الساقط يتوهم أنه حر لو كان له شعور لكنه في الواقع خاضع لقانون الجاذبية يقول بيسنوزاإن الناس يخدعون أنفسهم بأنهم أحرار لكنهم في الحقيقة يحملون الأسباب الحقيقية التي تحدد سلوكهم)،ويرى البعض أن فعل الإنسان ليس تعبيراً عن الباحث الأقوى يقول لايبنتزالإرادة إذ نختار تميل مع إحدى القوى أو البواعث أثر في النفس كما تميل إبرة الميزان إلى جهة الثقل).
إن هذا الرأي هو الآخر لم يصمد للنقد فبالنسبة للحتمية النفسية فإن الإنسان ليس مجرد حزمة من الغرائز والدوافع فهو قادر على التحكم فيها كما هو ملاحظ في الواقع وبإمكانه تنظيمها وفق نتائج مرغوبة ومقصودة وبدون هذه الرغبات والعادات يصبح لا معنى لأفعالنا فالحرية رغبة وميل ينبثق من كل إنسان أما الحتمية البيولوجية فالإنسان ليس جسما ولا شيئاً من أشياء الطبيعة ولا يرجع سلوكاته إلى التغيرات الفيزيولوجية وحدها فهو قادر على التحكم في سلوكه وطبعه ولا يمكن التنبؤ بمستقبل سلوكه أما بالنسبة للحتمية الاجتماعية فالإنسان ليس مجرد عجينة في يد المجتمع فهناك مجالات واسعة بوجودها المجتمع الفرد كي يتمكن من الاختيار الحر لحرية مضمونة في القوانين الاجتماعية ولا قيمة لها خارج المجتمع ونلاحظ أن بعض العلماء والزعماء من أثروا في المجتمع ودفعوه إلى التغيير وليس العكس،أما بالنسبة للحتمية الميتافيزيقية فإن دعواهم أمر مظلل فهي أساس دعوة للكسل والخمول مع وظيفة الإنسان في الكون فهو مخير لا مسير وهذا استناداً لقوله تعالىلا يغير الله ما بقوم حتى يغير ما بأنفسهم)،أما الحتمية الطبيعية فإن علاقة الإنسان بالطبيعة ليست علاقة تبعية بل بالعكس علاقة جدلية يؤثر فيها ويتأثر بها ويتخذ فيها الأسباب الأساسية لحياته ومن إمكانياتها مصدر تنافس وتفاوت بينه وبين الأفراد كذلك أن الفعل الحر لا ينفي السببية لأنه هو نفسه معول بعلة الإنسان.
إن هذه الآراء وجميع الحجج والأدلة المعتمدة لنفي الحرية باسم الحتمية أو إثبات الحرية عن طريق ما نعيشه أو على أساس قوى مفارقة للطبيعة لا يمكن أن تكون كافية، ذلك أن الحتمية لا تنفي الحرية إلاّ ظاهرياً أما جوهرها فهو أساس الحرية وشرط من شروط الحرية الحقة وفي هذا يقول أحد الفلاسفةلا علم بلا حتمية ولا حرية بدون علم إذن لا حرية بدون حتمية)،فلا تحرر إلاّ بمعرفة الحتميات والعراقيل وفي هذا يقول مونيإن كل حتمية جديدة يكتشفها العالم تعد نوطة تزداد إلى سلم أنغام حريتنا).
وخلاصة القول فإننا نصل إلى نتيجة هي أنه لا يوجد تعارض بين الحرية والحتمية فلولا وجود هذه الحتميات ما كان للحرية معنى لما ثقفه الإنسان عبر التاريخ لنفسه وبني جنسه فالحتمية أساس وشرط ضروري لتحقيق الحرية.
الطريقة:جدلية. الدرس:الحرية والتحرر.
الإشكال:هل الحرية حالة شعورية أم هي عمل التحرر؟.
يرى بعض المفكرين أن الحرية هي تجاوز أي إكراه داخلي أو خارجي،داخلي يتمثل في الرغبات والشهوات والميول والحاجات النفسية البيولوجية وخارجي يتمثل في الحتميات الطبيعية والاجتماعية لذا نتساءل هل يكفي المرء أن يشعر أنه حر ليكون حراً حقاً أم أن الحرية ممارسة وفعل في الواقع اليومي؟.
بالنسبة لبعض الفلاسفة إن تجربتنا الشعورية الداخلية دليل كاف على أننا أحرار ففي رأي المعتزلة(أن الإنسان يحس من نفسه وقوع الفعل فإذا أراد الحركة تحرك وإذا أراد السكون سكن)،ومعناه أن الأفعال التي يقوم بها إنما يمارسها بإرادته الحرة حسب الظروف التي تلامسه وفي هذا يقول ديكارتإننا واثقون من حريتنا لأننا ندركها إدراكا مباشراً بل نحدسها حدساً)،حيث يرى أن إحساس الإنسان الداخلي بالحرية ـ الواضحة والمتميزة ـ دليل كاف على حريته يقول لوسينكلما أبحث في نفسي عن القوة التي تقيدني كلما أشعر أنه ليست لدي أية قوة غير إرادتي ومن هنا أشعر شعوراً واضحاً بحريتي)،ولكن مثل هذا القول لا يمكن أن يصمد للنقد ذلك أن الإرادة من الناحية الفلسفية باعتبارها العلة الأولى قوة سحرية والأخذ بها فيه كثير من المبالغة كذلك أن الشعور وحده يمكن أن يكون وهما خداعا لأننا نجهل الحتميات التي نخضع لها خضوعا داخليا أو خارجيا سواء كانت نفسية أو طبيعية أو اجتماعية وهذا تكفل بسيادة عدد كبير من المفكرين في العصر الحديث.
لقد حاول بعض الفلاسفة من الذين أدركوا المشكلة أن يزيحوا النقاب عن سر اللغز فالرواقيون يرون أن العالم يخضع لقوانين ثابتة أي أنه يسير حتما بمقتضى العلة والمعلول،وأن الكائن الإنساني الموجود في هذا العالم ليس حر لأنه لا يمكن أن يكون حراً بالإرادة في عالم مجبر غير أن الإنسان ذو طبيعة عاقلة و إذا أراد التحرر والسعادة فلا بد أن يعيش على وفاق الطبيعة بكل ما تنطوي عليه هذه الكلمة من معان أي على وفاق مع قانون الطبيعة الذي يسيّر العالم ويعيش حسب طبيعته العاقلة فيسير المرء في حدود ما يرشد إليه العقل خاضعا لقوانين الكون المعقول فالقضية هي قضية حرب بين العقل والشهوات فينتصر العقل إذن الحرية ليست معطى أولي ولا فضل من الطبيعة إنها تكتسب على ضوء ما تملي به الطبيعة الإنسانية الحقيقية وتحررنا يقاس بضعف أو قوة أعمالنا وإنجازاتنا و مجهوداتنا المبذولة فلا بد من قبول الضرورة إذن،كما تقبل الأسطوانة الدوران وفي نفس الاتجاه يرى سبينوزا أن أفعال الإنسان مجرد ظواهر آلية إذن فهو ليس حراً ولكن ليس معنى ذلك أن فيلسوفنا يلغي الحرية وإنما يرى الحجة في قبول النظام الرياضي للكون والقوانين العقلية المسيرة للحوادث فكلما ازداد العقل علما كما يقول ازداد فهما لقوانين النظام الطبيعية وهو يقرر هنا أن العقل يجب أن يضع قانونا ينظم رغبات الإنسان المتنافرة وبهذا يمكنه التحكم في مستقبله وتحرير نفسه من أغلال العواطف العمياء وإذا أراد الفرد أن يكون كاملاً لا ينبغي أن يتحرر من قيود المجتمع ونظامه لأن سموّ المرء إنما هو في التحرر من ضرورة الغرائز وعليه أن يتقبل القوانين الطبيعية والإلهية بسرور لأن الإنسان الذي يرى الأشياء تسير وفقا لنواميس الله لن يستاء أو يتذمر مع أنه قد يقاوم وذلك فإنه يرتفع من لذات الأهواء إلى صفاء الفكر والعقل وفي هذا يقول نتشهإن الأمر الضروري لا يضرني لأن حب القدرة نواة طبيعي)،ولكن لأغلب الناس لم يدركوا الضرورة ولذلك وجد عبر التاريخ السيد والمسود وإذا أراد الإنسان التحرر من هذه الجدلية فلا بد أن يقدم على اكتشاف القوانين الموضوعية لتطور الطبيعة والمجتمع والفكر،وبهذا نتمكن من تحويل العالم تحويلاً ثورياً بدلاً من تأمله،فلا بد أن يعمل قبل كل شيء على إسقاط الرأسمالية وعلى قيام المجتمع بدون طبقات لذلك قال ماركسإن الفلاسفة لم يعملوا لحد الآن إلاّ على تفسير العالم في حين حان وقت تغيره)، والتحرر الذي يسمح ببناء الإنسانية يعتبر إحدى الغايات التي ينشدها الشخصانيون وتعد فلسفتهم نداء لجميع الناس من أجل بناء نهضة جديدة حيث تزدهر القيم والمثل العليا ولا يتسنى ذلك إلاّ بالقضاء على كل الحواجز موضوعية كانت أو ذاتية لابد مثلا أن يتحرر من شهواته العمياء ويتجاوز الميول البيولوجية المغلقة ثم يتحرر من ضرورة الطبيعة بوسائل العلم وفي هذا يقول مونيإن كل حتمية جديدة يكتشفها العالم تعد نوطة تزداد إلى سلم أنغام حريتنا)،وكذلك نجد باكونين يقول لست حرا إلا يوم تكون الكائنات التي تحيط بي رجالا ونساء وأطفالا حرة أيضا فأنا لا أصير حرا إلا بحرية الآخرين)،وقد لاحظ الشخصانيون أن إنسانية البرجوازية مؤسسة بالدرجة الأولى على انفصال الفكر عن المادة أو إبعاد الفكر عن العمل.
وتقويما لهذا الموقف يمكن القول على وجه الخصوص أنه لا يجب أن ننكر الأهداف السامية التي ترمي إليها الماركسية والشخصانية وروح العدالة،فماركس يدعو لتغيير العالم وتغييره وتحويله تحويلا ثوريا إلا أن التاريخ يخضع لحتمية مطلقة وفي نظره أن المجتمع الشيوعي هو الذي سيغير التاريخ و بالتالي إنكاره كل محاولة أو مبادرة حرة،أما الشخصانيون رغم أنهم اعتبروا الحرية جهدا فرديا مستمرا إلا أن ندائهم يبقى نداءا مثالياً كذلك أن ربط الحرية بالتحرر قد يجعل المرء يتجاوز الكثير من الحدود ظنا منه أنه يتحرر فتنقلب أفعاله إلى نوع من الفوضى قد يشكل خطرا عليه وعلى من حوله لذا لابد من الوعي الدقيق.
وأخيرا فالحرية ليست مجرد شعور نفسي بل هي عمل مستمر للتحرر يتجلى كلما برزت أمام المرء العوائق والحواجز التي تجعله يبذل جهودا ملائمة لتجاوزها فيتحرر من ضغوطها وبهذا فليست الحرية شيئا جاهزا نجده أو نقتنيه بل هي ممارسة يومية على المستوى النفسي والاجتماعي والفيزيائي وقد صدق من قالينال المرء دائما الحرية التي هو أهل لها والتي هو قادر عليها).
الطريقة:جدلية. الدرس:المسؤولية والجزاء.
الإشكال:هل العقاب وحده كاف لتقويم سلوك الإنسان والحد من الجريمة؟
تعد المسئولية قبل كل شيء إنسانية إذ لا يعقل أن يتحمل غير الإنسان أي مسئولية لذلك لم ينحصر النظر فيها في دائرة الفلاسفة وحدهم بل شاركهم في ذلك ذوي الاختصاص من علماء النفس و الاجتماع و رجال القانون و المنشغلين بعلم الإجرام , و منشأ هذا الاهتمام علاقة المسئولية بالجزاء و أثر هذا الأخير في نفوس الأفراد و في تحقيق التنظيم الاجتماعي و من هنا فقد اختلف جمهور الفلاسفة في إبراز دور العقوبة و مدى تنظيمها لسلوك الأفراد و من هنا يتبادر إلى أذهاننا الإشكال التاليهل العقاب أسلوب ناجع في تنظيم المجتمع ؟ أو بعبارة أصح هل العقوبة تحد من الجريمة و تقوم سلوك الأفراد ؟
يرى أنصار النزعة العقلية أن الجزاء ضروري لتقويم سلوك الفرد لأن هذا الأخير حر و عاقل و بإمكانه الاختيار و اختياره لفعل ما تنتج عنه مسئوليته فهو مسئول باختياره و بهذا الصدد يرى أفلاطون في الكتاب العاشر من جمهوريته في صورة أسطورة فحواها
أن (آر) الجندي الذي قتل في ساحة الشرف يعود إلى الحياة من جديد بصورة لا تخلو من المعجزات فيروي لأصدقائه الأشياء التي تمكن من رؤيتها في الجحيم حيث أن الأموات يطالبون بأن يختاروا
ء و هم المسئولون عن اختيارهم الحر) و في نفس التيار يرى كانط بأن صاحب السوء هو الذي يكون قد اختار بكل حرية تصرفه منذ الأزل بقطع النظر عن الزمن و الطباع فشرور الفاشية في العالم إنما هي نتيجة حرية اختيار يقول كانطإن الشرير يختار فعله بإرادته بعيدا عن تأثير الأسباب و البواعث فهو بحريته مسئول ويجب أن يجاز على أفعاله) ولقد أخذ الوجوديون بموقف مماثل إذ أن وجود الإنسان في رأيهم سابق لماهيته أي أن الفرد يولد أولا ويكون ما يريد بعد ذلك ما يريد وقد نضرت الديانات السماوية في إشكالية العقاب و من بينها الإسلام الذي مثلته فرقة المعتزلة التي تؤكد على قدرة خلق الإنسان لأفعاله لأنه قادر بعقله على التمييز بين الخير و الشر و بالتالي هو مكلف و مسئول عن أفعاله وترى هذه النظرية بدورها أن الغرض من الجزاء و العقاب عن فعل ما ليس تحقيق منفعة للمجتمع أو بتقليل عدد المجرمين بقدر ما هو التكفير عن الذنب الذي لوث به المجرم قيمة العدل و عكر صفوها و هو أيضا تطهير للنفس من الدنس الذي لحق بها نتيجة الأفعال السيئة و في هذا يقول لايبنتزهناك من العدالة ليس غرضه إصلاح الشعور و إنما التكفير عن الفعل السيئ)،ويقول كذلك مالبرانشإن الذي يريد من الله أن لا يعاقب الظالم لا يحب الله) وفي هذا الصدد نذكر المرأة التي جاءت إلى رسول الله (ص) قائلةيا رسول الله إني زنيت فطهرني و إني أريد أن ألقى الله و أنا طاهرة بريئة من ذنبي) وهي تقصد هنا أن يطهرها بإقامة الحد عليها (الرجم) العقاب هنا هو نتيجة للماضي لا إلى ما عسى أن يحدث في المستقبل ونجد أن هذه النزعة تدعو إلى وجود قوانين وعقوبات صارمة تجزر المجرم حتى لا يكرر فعلته في المجتمع بالإضافة إلى إقرار الديانات السماوية بتنفيذ العقوبة بشكل علني وقد انتشرت هذه الفكرة في المجتمعات البدائية و المعاصرة فهي إذا مطلب حضاري .
بالرغم من كل هذه الحجج و الأدلة إلا أن هذا الرأي لم يصمد للنقد ذلك أن حرية الفرد تخضع لبعض الحتميات كذلك أنها اعتبرت المسئولية فردية بطبيعتها و هذا ليس صحيحا لأن الأبحاث الاجتماعية أكدت أن المسئولية بدأت جماعية ثم تحولت إلى فردية بعد تطور طويل في حياة البشر الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية فالفرد قديما كان ذائبا في قبيلته و حين يقوم بفعل شيء ضد قبيلة أخرى لا يعاقب وحده بل تعاقب القبيلة أما الآن فالعقاب فردي يسلط على الفاعل مباشرة كذلك أنها تربط الجزاء بالماضي و هذا لا يؤكد إلا نصف الحقيقة فالجزاء لا بد أن يكون موجها أيضا للمستقبل لحماية المجتمع كذلك أن هذه النظرية تتجاهل الدوافع و الأسباب التي تحد من تصرفاتنا و مسئولياتنا و في هذا يقول لاشونهيإن الفعل الذي يحدث عن حرية مطلقة يعد فعلا مستقلا عن أي أسلوب فطري أو مكتسب و على هذا يعد غريبا عن كل ما يؤلف طبعنا الشخصي و ليس لنا أي مبرر لننسبه إلينا أو لنعتبر أنفسنا مسئولين عنه) كذلك غيو يقولهل نحن نمحي السيئات التي ارتكبها المذنب بتعذيبه؟ إنما ما حدث قد حدث!! )
و على عكس الرأي السابق نجد أنصار النزعة الوضعية الذين يرون بأنه لا يمكننا معاقبة المجرم لأن العقوبة في نظرهم وسيلة تقليدية غير مناسبة فالإجرام حسبهم فعل لا يتعلق بالإرادة بل ينشأ آليا إما بتأثير العوامل الوراثية أو الاجتماعية أو النفسية و أبرز رواد هذه النزعة الإيطالي لومبروزوا و مواطنه فيري و عالم النفس النمساوي فرويد ؛ أما لومبروزوا فيرى أن الإجرام له علاقة بصفات المجرم الوراثية و يقدم إحصائيات لأسر معظم أفرادها من مجرمي المافيا و يعدد تلامذته (50)خمسين مطلوبا للعدالة في أسرة الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون و لومبروزوا يصنف المجرمين إلى أصناف هي كالتالي:مجرمين بالفطرة>بالطبع<, مجرمين مجانين ,مجرمين بالعادة , مجرمين بالعاطفة,و هؤلاء يستهويهم الإجرام,و مجرمين بالمصادفة و يؤكد لومبروزوا أن كل هذه الأصناف قابلة للإصلاح ما عدى الأول الذي يجب مساعدته على الفناء و لو كان طفلا لأن في إفنائه وقاية للمجتمع,أما فيري متأثر بأوغست كونت في العلوم الاجتماعية يرى أن الإنسان لا يولد مجرما و لكن تصنع منه ظروف بيئته الاجتماعية الفاسدة مجرما و لقد أثبت أن العوامل الاجتماعية هي التي تلعب الدور الأساسي في ظهور السلوك الإجرامي و في رأيه أن الإجرام نتيجة حتمية لمجموعة من المؤثرات لا بد عند توفرها من وقوع السلوك الإجرامي , و أخيرا نجد عالم التحليل النفسي فرويد الذي يرى أن بعض السلوكات الإجرامية مردها إلى قوى لا شعورية تتمثل في بعض الدوافع و الميول و الذكريات المكبوتة في لا شعور الإنسان منذ أيام الطفولة فيمكن أن نفسر مثلا السرقة كمحاولة لاسترجاع ما أخذ من الشخص في الماضي , كما يمكن تفسير الخروج عن القانون و مختلف أشكال التمرد و الثورة كثورة الطفل ضد الأب الذي يمثل السلطة عند الطفل أي أنه شكل من أشكال إرضاء الغريزة العدوانية التي استحال تصعيدها و من هنا رصده سلطة الأب القاهرة التي تمنعه من إشباع رغباته كلها و بهذا الصدد يقدمون كذلك إحصائيات لعدد كبير من المجرمين المتخلفين عقليا و المرضى نفسيا و قد دعا هؤلاء إلى ضرورة إصلاح الفرد لا معاقبته و مساعدته على الاندماج في المجتمع,و إلى ضرورة التخلص من المجرمين غير القابلين للإصلاح و الجزاء عندهم هو وقاية للمجتمع من تكرار أفعال الإجرام وهذا يتطلب إصلاح المجرم .
هذا الرأي هو الآخر لم يصمد للنقد ذلك أنهم يرفعون المسئولية عن الفرد ذلك أنه خاضع لعوامل و دوافع أخرى و قي ذلك تشجيع للإجرام,أما بالنسبة للومبروزوا الذي يرى أن للجريمة صبغ خاص بها و هذا أمر لم يثبته العلم بالإضافة إلى ذلك يجب أن يكون العمل الإصلاحي مكملا للعقوبة لا بديلا لها كذلك أن الملاحظة البسيطة تؤكد أنه ليس كل المرضى النفسيين مجرمين بل أن معظمهم مسالمين و إنطوائيين .
ما من إنسان على وجه المعمورة إلا و له عيوب و مساوئ و ما من مجتمع إلا و يعاني ظواهر الشذوذ و الانحراف و في كل الأحوال ما دمنا نعاقب فإننا نعترف بحرية المجرم و بالتالي مسئوليته عن أفعاله و عليه يجب أن يكون الألم الناتج عن العقاب أكبر من اللذة الحاصلة بالجريمة حتى لا يعود إليها في المستقبل و ليس الغرض من العقاب هو الانتقام من المجرم بل ردعه و المحافظة على أمن و سلامة المجتمع , يقول عز وجلو لكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ) و إذا رأينا في الموقفين السابقين بعض العيوب و النقائص فالموقف الإسلامي يبقى هو الأمثل حيث يحافظ على نقاء النفس و طهارتها و ضمان أمن المجتمع و سلامته دون أن ينسى ظروف الفاعل و ألا يهمل الفعل ذاته.
و هكذا يمكننا أن نستنتج أن العقاب لا يكون وحده دائما هو العلاج الأمثل لأمراض النفوس و عللها إنما يجب النظر في وسائل الوقاية و هذا لا يكون إلا بتوفير كل الشروط الصالحة لتكوين الفرد فبالقضاء على البطالة و أسباب الظلم و الجهل و التخلف نقضي على مصدر الجريمة و بالتالي يصبح المجتمع الإنساني فاضلا لا يحتاج لا لقضاء أو قضاة و هذا ما حدث بالفعل في الدولة الإسلامية الأمر الذي جعل عمر بن الخطاب يقدم استقالته من منصب القضاء في عهد الصديق قائلايا أمير المؤمنين ...لي عامين في سدة القضاء و لم يتقدم إلي متخاصمين ).
يقول عباس محمود العقادلا يكفي أن تكون في النور لكي ترى بل ينبغي أن يكون في النور ما تراه )










قديم 2009-04-07, 23:24   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
zakabero
عضو جديد
 
الصورة الرمزية zakabero
 

 

 
إحصائية العضو










Hot News1

السلام عليكم

وجدت لك 26 مقالة فلسفية
يمكنك تحميلها من هذا الربط
او من المرفقات

**************/uploads001/f943b6d156bf...6f06f/zaki.rar


بالتوفيق و النجاح









قديم 2009-04-09, 12:01   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
rabab200
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية rabab200
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا لكل من
walahi afadtouni kathira B.Badis /zakabero / amina1989 / hind 991










قديم 2009-04-11, 08:04   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
ام الوليد
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة rabab200 مشاهدة المشاركة
شكرا اختي ام الوليد و ربي يجازيك و الله افدتيني كثيرا و ربي يعطيك واش تتمناي و كيما هنيتيني الله يهنيك
آمين يارب العالين
لاتشكريني أختي هذا واجب وأنا في الخدمة ان احتجت أي شيء وكنت قادرة على فعله
تحياتي









قديم 2009-04-11, 12:42   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
حـ الجزائرــر
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

أهلين أختي رباب يمكنني بمساعدتك بموقع أتمنى أن يفي بالغرض
اختاري فيه النظام القديم وهو
allobac
تحياتي










قديم 2009-04-11, 17:39   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
rabab200
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية rabab200
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا زين مو










 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 01:49

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc