من متقاعدي شهر أوت 2017 إلى كل مسؤول يهمه الأمر
رسالة مفتوحة
يشرفنا نحن أساتذة ولاية الجلفة أن نرفع -إلى شخصكم الكريم- خطابنا هذا ،والذي ظاهره أمل وباطنه ألم... ويؤسفنا سيدي أن أنهي إلى علمكم أنه قد رغبنا في التقاعد لكن حيل بيننا وبينه ، ....ونحن نعلم أن كلمتكم هي فصل الخطاب.
إذ بعد عقود من العمل الشاق المضني ، وبعد أن ساهمنا في بناء الجزائر و بناء الجزائري ، جيلا بعد جيل منذ أكثر من ثلاثين سنة لحظة بلحظة ونَفَساً بنَفَس وكلمة بكلمة ، وأي بناء ؟!! بناء الإنسان ضميراً وعقلاٌ وقلباً ،وصنع المواطن الصالح بشرائحه وأطيافه وأنواعه وأصنافه وألوانه تهذيبا وتشكيلا وتهيئة وتربية وتعليما.
ألفٌ إلاّ قليل من صفوة الأساتذة ، ذوي الخبرة ، الرعيل الأول، الممارس بحق وجدارة لعدة أطوار و مدارس شَهِدَها التعليم الجزائري ينتظرون التكريم والتتويج وحسن الختام منذ أكثر من ثلاثة عقود وفي يوم تقاعدهم ، يتفاجؤون بإرجاء تقاعدهم - هذا إن كان أصلا- لأنه ببساطةٍ يُلعبُ بعواطفهم ،ويُستهزأ بمصائرهم، ويُجهل مستقبلهم ،
أغلب ملفاتنا أنها مستوفاة في مكاتب صندوق التقاعد غير أنه - كما هو مُشاع - لحد الساعة لم يتم إحصاء الملفات ولا تسجيلها ولا ترقيمها ولا رقمنتها ولا دراستها ، وحجتهم في ذلك أن تاريخ أجل استلامها من مديرية التربية قد فات ، منذ متى - وفي أي إدارة أو مكتب أو معمل أو مؤسسة - نحترم تاريخ ووقت الاستلام والتسليم ومشتقاتهما ،وما دار في فلكهما ،من موعدٍ و وعدٍ و عهدٍ ؟! هذا هو العجب !!!
والأعجب منه أنه قد قيل : أنه يوجد سوء تفاهم بين إدارتي صندوق التقاعد ومديرية التربية ، حتى أنه قد شُوهد في سماء الهضاب العليا غبارحربٍ حاميةِ الوطيس بين المديرين. فما ذنبنا نحن الآن ، وما ذنب ألفٍ إلاّ قليل من خيرة المواطنين الصالحين؟!!!
وتبرير هؤلاء شيء ،وتبرير أولائك شيء آخر ، أليست هذه هي بيروقراطية المكاتب ؟! أليست هذه هي ملامح التلاعب ، فأين الرقيب وأين المحاسب؟ ، فنحن الآن ضحايا التأخير ، وقد كنا نحن سلفاً رموز التضحية والتسخير ، فما ذنبنا نحن الآن ، وما ذنب ألف إلاّ قليل من خيرة المواطنين الصالحين؟!
أَلاَ أيّها المسؤول قديما بحيوية الشباب دخلنا ميادين التدريس راغبين ، و نحن الآن بفتور الشيوخ نود أن ننسحب منه بهدوءٍ انسحاب المضطرين ... . ألاَ أيّها المسؤول مَن كنتَ ،ومهما كنتَ ، وحيثما كنتَ اتق الله فينا ،لأنك ستُسألُ عنا قريبا، فلقد رقّ العود ،وأصبحنا كهولاً وشِــــيبَا، نسعى و ندب بين الأقسام دبيبا ،وقد قيل لكل حرب صولة ،ولكل محارب جولة ، ولقد آن الأوان أن يترجل الفارس واضعا حِمْلا ثقيلا من الأسلحة .
أَلاَ أيّها المسؤول اعمل على مساعدتنا ، وحل مشكلتنا ، وتخطي عقبتنا ، فهذا هو الرأي السَداد لنا ولكم ،وللصالح العام ،وللوطن.
ولنفترض أنه تم إرجاء قضيتنا وتأجيلها إلى أجل غير معلوم ،فأغلبنا لا ينجز الاختبارات ولا الفروض وإنْ أنجزها لا يصححها وإنْ صححها لا يسلّمها ، و أغلبنا قد لا يحضر إلى مراكز اختبارات التربية التشكيلية ، ولا إلى امتحانات إثبات المستوى، ولا إلى الامتحانات الاستدراكية، ولا إلى مراكز امتحانات شهادة التعليم المتوسط ولا إلى مراكز شهادة التعليم الثانوي، ولا إلى مراكز التصحيح، وهذا مالا نتمناه لا نحن ولا أنتم. !!!
ولنفترض أنه تم إرجاء قضيتنا وتأجيلها إلى أجل غير معلوم ،فأغلبنا لا يعمل -وإن كان داخل قسمه -عندها تحل الطامة الكبرى ،ويبدأ مُحرك أولياء التلاميذ في التشغيل ، ويبدأ معه ضغط الرأي العام، ومن ثم الفوضى والضوضاء ، وهذا مالا نتمناه لا نحن ولا أنتم أيضاً. !!!
فيا نقابات العمال ، إنه لشرف أسمى أن ترافعوا مدافعين على المربي والمعلم والنصوح من أمتكم - وهذا دَيْـدَنكم ،وهذا ميدانكم - فإن لم تُشمّروا على سواعدكم، وتتأهبوا مستعدين، فأين ومتى؟!
ويا نقابات العمال ، إنه لتاجٌ مُرصعٌ تَوجتم به هَامَاتكم ،وَوِسامٌ مُتلألئ زَينتم به صُدوركم -وهذا عهدكم،وهذه حَلَبتكم - فإن لم تقِفوا على أرجلكم، ولم تـُــثبـِّـتوا أقدامكم، فأنّى وكيف؟!
ويا نقابات العمال ، ما يُخَوّل إليكم لا يُخَوّل إليهم ، وما تستطيعونه لا يستطيعونه، و ما لكم ليس لهم ، فامسكوا بأيدٍ مُــــلّوِحَة رُفعت إليكم ، حتى تنتشلونها من مستنقعٍ آسِنٍ مِنَ المِحَن ، وحوضٍ آجِـنٍ مِن الدَرَن. !!!
ويا نقابات العمال ، ويا متقاعدي شهر أوت 2017 ، نرجو أن تُحل عقدة مشكلتنا خلال الأسبوع القادم - فإن لم يبادر أي طرف مسؤول عن قضيتنا بحلّها - فاجعلوا بيننا وبينكم موعدا ،لا نخلفه نحن ولا أنتم مكاناً سوى ،وليكن اجتماعنا أمام صندوق التقاعد أو أمام مديرية التربية أو أمامهما معا .
الشبه المتقاعد : القندوز النذير
نسخة مفتوحة ومرفوعة إلى كل من السادة المسؤولين للإعلام والمبادرة