وهي الوضعية الانطلاقية والتي
من المفترض أنّ التلميذ لا يستطيع حلّها ولو بإجراءاته الشخصية. ومن مميزاتها أنّها
تغطي الموارد التي تضمّنها هذا المقطع في إطار مدمِج للموارد وتحفّز التلميذ على
التعلّم، وأنّ حلّها لا يتأتى مباشرة بعد التحكم في المفاهيم الواردة في هذا المقطع
فحسب، بل يحتاج أيضا إلى اكتساب موارد منهجية وإلى تطوير كفاءات عرضية ذات
طابع فكري ومنهجي يستهدفها هذا المقطع عند مستوى معيّن منها. لذلك يحرص
الأستاذ على تناولها مع تلاميذه ضمن حجم زمني مرن يمتد من حصة إلى حصّتين حيث
يأخذون وقتا كافيا في التعامل معها تحت إشراف أستاذهم فيعرضها عليهم ويفتح معهم
نقاشا عموديا وأفقيا، ليس بغرض حلّها، بل ليمكّنهم من طرح تساؤلات، قد يثيرها هو
في بعض الأحيان، لكي يجعلهم ينخرطون في سياق بحث جماعي لفهم ما ورد فيها
وفهم المطلوب منهم لحلّها. وليتأكد هو من حصول هذا الفهم، والأهم أن يتأكد من
إدراكهم لمحدودية مواردهم لحلها. وهنا يوضّح لهم بأنّ ما سيتعلمونه في الصفحات
الموالية سيمكنهم من حلّ هذه الوضعية ويطلب منهم تصفح صفحات هذا المقطع
ويتوقف عند بعض فقراته مستغلا هذه الفرصة لتقديم مزيد من التوضيحات، وهو ما
يجعل التلاميذ يتشوقون لتعلّم ما جاء فيها. وهكذا يكون قد حقق الهدف من الوضعية
الانطلاقية والمتمثل أساسا في تحفيز التلاميذ على الانطلاق في التعلمات والانخراط في
بناءها في جو اجتماعي يسوده الاستماع للآخر والبحث عن مبررات مقنعة قصد قبول
فكرة أو دحضها وعرض أفكار للتبادل والإثراء.
يحرص الأستاذ على أن يتم كل ذلك في إطار من الضوابط العلمية والمنهجية في العمل
الصفي مما يجعل جميع التلاميذ في مركز الفعل التعليمي/ التعلّمي.
ونؤكد أنّ ممارسات الوضعية الانطلاقية في الفترة الأولى من بداية تناول المقطع
التعلّمي لا يقصد بها حل هذه الوضعية.