من أفغانستان إلى البحر الأسود وأوكرانيا... استفزازات تركية متنقّلة لموسكو . - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الأخبار و الشؤون السياسية > قسم الأخبار الوطنية و الأنباء الدولية

قسم الأخبار الوطنية و الأنباء الدولية كل ما يتعلق بالأخبار الوطنية و العربية و العالمية...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

من أفغانستان إلى البحر الأسود وأوكرانيا... استفزازات تركية متنقّلة لموسكو .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2021-07-18, 01:10   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الزمزوم
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية الزمزوم
 

 

 
إحصائية العضو










B2 من أفغانستان إلى البحر الأسود وأوكرانيا... استفزازات تركية متنقّلة لموسكو .



جهينة نيوز:

يكاد ما سُمِّي بـ«مسار أستانة» يدخل عالم النسيان. فعلى رغم أنه لا يزال يحظى بالحدّ الأدنى من الدعم من جانب أطرافه، إلا أن معظم الاتفاقات السابقة حول سوريا، ولا سيما في السنتَين الأخيرتين، كانت ثنائية بين روسيا وتركيا، مع تأثير أقلّ لإيران. وفي الآونة الأخيرة، استعادت «المسألة السورية» زخمها على إثر الغارات التي شنّتها طائرات روسية ضدّ مواقع لقادة تنظيمات متطرّفة في إدلب، ما أدّى إلى مقتل العديد منهم، وتالياً إلى استنفار أنقرة خشيةَ أن تكون تلك الغارات مقدِّمة لعمل عسكري سوري يهدف إلى تحرير ما أمكن من أراضٍ جديدة، أو على الأقلّ تحريك بنود «اتفاقية سوتشي» الموقّعة بين موسكو وأنقرة في الخامس من آذار 2020، وخصوصاً فتح الطرق الرئيسة بموجب ما تنصّ عليه الاتفاقية، والذي حال المسلّحون، مدعومين من تركيا، دون تحقيقه لغاية الآن. على هذه الخلفية، يَتوقّع مراقبون عسكريون سوريون أن تُسخَّن الجبهة في إدلب في الفترة المقبلة، في ظلّ استعدادات داخل المدينة لنقل قادة المسلحين وعائلاتهم إلى أماكن بعيدة عن خطّ الجبهة. وفي انتظار ما يمكن أن تؤول إليه المفاوضات المعلَنة وغير المعلَنة، فإن شدّ الحبال التركي - الروسي يتواصل، وبوتيرة عالية، نتيجةَ «النهج الجديد» الذي يتبعه الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، منذ انتخاب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة، والذي يضع أنقرة أمام مغامرات ومخاطر جديدة في محيط إقليمي ودولي تزداد سخونته. ويتميّز الخط البياني التركي تجاه واشنطن، منذ انتخاب بايدن، بالصمت وتهدئة الأمور، بل وحتى تقديم التنازلات. وإذ امتنع إردوغان عن التصريح ضدّ الحليفة الأطلسية طوال هذه الفترة، فإنّما ضمن سياسة التقرّب إلى الإدارة الأميركية.

وجاء الاتصال الأوّل بين الزعيمين عشيّة ذكرى الإبادة الأرمينية في 24 نيسان، حين أبلغ الرئيس الأميركي نظيره التركي عزمه على الاعتراف بالإبادة. وبعدما سادت توقّعات بأن يكون ردّ الفعل التركي في مسألة حسّاسة جدّاً كتلك، عنيفاً، تعامَل إردوغان مع الاعتراف الأميركي ببرودة استثنائية، معلّقاً آماله على اجتماعه مع بايدن في بروكسل، والذي عُقد منتصف الشهر الماضي. آنذاك، في وقت كانت فيه الأنظار تتركّز على الموضوعات الخلافية بين البلدين، ولا سيما مسألة شراء تركيا صواريخ «إس-400» الروسية، بدا أن الطرفين يميلان نحو التهدئة في المسائل الثنائية، من دون حلّ أيٍّ منها، مع بروز تحفّز تركي للتحرّك إقليمياً ودولياً في إطار الخطّة الأميركية الجديدة التي تستهدف محاصرة روسيا والصين وتضييق الخناق عليهما ما أمكن. وفي مقدِّمة تلك التحرّكات، يأتي توجّه أنقرة لتحلّ محلّ «حلف شمال الأطلسي» في حماية مطار كابول، وربّما مقرّات حكومية أفغانية أخرى في العاصمة، فضلاً عن تدريب الشرطة الأفغانية. وفي حين كان قرار «الأطلسي» الانسحاب الكلّي من أفغانستان موضع ترحيب روسي، إلّا أن قرار تركيا البقاء لحماية مطار كابول أثار استياء كلّ من روسيا والصين وإيران. وحتى لا تبدو تركيا وكأنها تقوم بوظيفة الوكيل عن «الأطلسي» في كابول، تقرَّر سحب القوات التركية من أفغانستان ضمن خطّة الانسحاب المشتركة للقوات الأجنبية، على أن تتّفق أنقرة بعد ذلك، مع الحكومة الأفغانية، على إرسال قوات لحماية المطار وتدريب الشرطة الأفغانية، فيبدو الأمر كما لو أنه دور تركي خالص لا علاقة له بـ«الأطلسي» والولايات المتحدة. ولا يُعرف، حتى الآن، موقف حركة «طالبان» إزاء هذا الإخراج، وهي التي أبلغت الجميع رفضها بقاء أيّ جندي «أطلسي»، ومنهم الأتراك، على الأراضي الأفغانية. وإذا كان الانزعاج الروسي، كما الإيراني، من الدور التركي في كابول مفهوماً، فإن الصين ترى فيه أيضاً خطوةً لمحاصرتها، ولا سيما أن لأفغانستان حدوداً مع الدولة الآسيوية، على مقربة من مقاطعة تسينغ يانغ المسلمة، والتي يشكّل سكانها الأويغور أحد خزّانات تصدير الإرهابيين إلى سوريا عبر تركيا.

يتميّز الخط البياني التركي تجاه واشنطن، منذ انتخاب بايدن، بالصمت وتهدئة الأمور، بل وحتى تقديم التنازلات

أمّا الخطوة التركية الثانية في إطار التماهي مع الدور الأميركي في العالم، فتتمثّل في المناورات الضخمة التي يجريها حلف «الناتو» منذ أيام في البحر الأسود، الذي تعتبره روسيا خطّاً أحمر. فهو كان، خلال الحرب الباردة، «بحيرة سوفياتية» تنتمي جميع دوله إلى «حلف وارسو»، فيما كانت تركيا البلد الأطلسي الوحيد المطلّ على هذا البحر، من دون أن تشكّل تهديداً للسوفيات. وكدولة أطلسية، لم تشارك تركيا في أيّ مناورات عسكرية، وهو ما استمرّ حتى عام 1997 عندما بدأت أولى المناورات هناك، وشملت بعض دول الحلف، قبل أن تتحوّل إلى تقليد سنوي. لكن تدريبات هذه السنة تميّزت بضخامتها ومشاركة أطراف لا تنتمي إلى البحر الأسود فيها، بل لا تنتمي إلى «الأطلسي»، من مثل إسرائيل واليابان والمغرب وكوريا الجنوبية، في رسالة إلى روسيا بأن الحلف ضدّها عالمي وليس محدوداً. وقد شاركت في المناورات التي تنتهي يوم السبت المقبل، 34 دولة، و32 سفينة، و40 طائرة، وخمسة آلاف جندي. واستدعى ذلك زيارة أجراها وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إلى أنطاليا، للاجتماع مع نظيره التركي، مولود جاويش أوغلو. ومع أن الطرفين تناولا الأوضاع في أكثر من منطقة، ومنها الوضع في إدلب، فإن الزيارة حملت رسالة استياء روسية إلى أنقرة. ولطالما اعتمدت تركيا لمواجهة ذلك التمدُّد «الأطلسي»، على «اتفاقية مونترو» لعام 1936 التي رسمت حدود الحركة في مضيقَي البوسفور والدردنيل. إذ إن الاتفاقية التي لا تزال قائمة، تحدّ من حركة الدول غير المتشاطئة على البحر الأسود، وتمنع أيّ تحرّكات عسكرية كبيرة لها، وتحظر على أيّ سفينة عسكرية تابعة لدولة «غير بحر أسودية»، ويزيد وزنها على 15 ألف طن، دخول البحر. لكن في ذروة الخلاف الروسي - الأوكراني، أخيراً، أعربت الولايات المتحدة عن انزعاجها من تلك القيود، وهو ما ربطه البعض بتصريحات سابقة لرئيس البرلمان التركي، مصطفى شنطوب، عن أن تركيا يمكنها أن تعدّل في الاتفاقية، الأمر الذي فُسّر على أنه رسالة تودّد تركية إلى الجانب الأميركي.

كذلك، تحوّل مشروع إردوغان لشقّ «قناة اسطنبول» بين البحر الأسود وبحر مرمرة إلى الغرب من مضيق البوسفور، هو الآخر، إلى مادة جدل في تركيا وفي العالم، في ظلّ تساؤلات عن الهدف من ورائه. وإضافة إلى الأسباب الداخلية وطموح إردوغان إلى مضاعفة فرص فوزه في الانتخابات الرئاسية لعام 2023، فإن القناة نفسها تطرح أسئلة كثيرة حول ما إذا كانت تؤثّر على «اتفاقية مونترو» لجهة إيجاد مخرج للولايات المتحدة للحضور في البحر الأسود من دون المرور بالاتفاقية. وعلى رغم أن الأتراك ينكرون أصلاً هذه الاحتمالات، إلّا أن خصوم الولايات المتحدة ينظرون بريبة إلى مشروع القناة، وبالتالي إلى السياسات «المتحوّرة» للرئيس التركي. وفي الإطار نفسه من الضغوط المستمرّة على روسيا، يأتي قرار تركيا بيعَ طائرات مسيّرة إلى كلّ من أوكرانيا وبولندا، وتكرار الرفض التركي لضمّ شبه جزيرة القرم إلى روسيا.

إزاء ما تقدَّم، تبدو الساحة السورية أمام تطوّرات يُحتمل أن تفضي إلى اتفاقات جديدة على غرار اتفاق إردوغان – مايك بنس (نائب الرئيس الأميركي السابق) في تشرين الأوّل 2019، والذي فتح الباب أمام شرعنة عملية «نبع السلام» التي دخلت بموجبها تركيا إلى شمال شرق الفرات بين مدينتَي تل أبيض ورأس العين، حيث لا تزال مستقرّة. وفي إطار الغزل التركي - الأميركي المستجدّ، لا يستبعد مراقبون التوصّل إلى صفقة أميركية مع تركيا يوسّع الجيش التركي بموجبها احتلاله لمناطق في شمال شرق الفرات، وهو ما يثير مخاوف لدى روسيا قد تدفعها إلى قلب الطاولة على تركيا في إدلب، إنْ لم يتمّ تدارك الوضع بصورة سلمية.

المصدر : الاخبار








 


رد مع اقتباس
قديم 2021-11-07, 12:51   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الزمزوم
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية الزمزوم
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أميركا أسقطت الاتحاد السوفياتي.. فماذا سيفعل إردوغان؟


هذا ما يسعى إليه الآن إردوغان الذي يؤمن بأفكار أوزال في مجمل تحركاته الإقليمية والدولية التي تحظى بتأييد الحليف التقليدي أميركا.

يعود تاريخ العلاقات الروسية-العثمانية إلى العام 1520، بعد وصول أول سفير روسي إلى اسطنبول ممثّلاً عن القيصر الروسي إيفان الثالث، ليشارك في حفل تنصيب سليمان القانوني سلطاناً على الدولة العثمانية.

وشهدت العلاقات بعد ذلك التاريخ الكثير من سنوات المدّ والجزر بين الطرفين، وتحاربا 14 مرة، وانتصر الروس في 11 منها. ويعني ذلك أن روسيا قضت 57 عاماً من أصل 398، وهو عمر علاقاتها مع الدولة العثمانية، في الحروب الطاحنة التي انتهت بالثورة الشيوعية عام 1917 وسقوط الدولة العثمانية بعدها بعام. وقدّم لينين أنواع الدعم كافة لمصطفى كمال أتاتورك في حربه ضد الدول الاستعمارية، وهي بريطانيا وفرنسا وإيطاليا واليونان التي احتلت الأناضول، ليكون هذا الدعم عاملاً أساسياً في انتصار الأتراك.

ولم يكن هذا الدعم كافياً حتى تضمن موسكو ودّ وصداقة الجمهورية التركية التي تأسست عام 1923، فانحازت بعد الحرب العالمية الثانية إلى جانب الغرب، ثم تحولت إلى مخفر متقدّم للحلف الأطلسي لمنع السوفيات والشيوعية من النزول إلى المياه الدافئة في البحر الأبيض المتوسط والمنطقة العربية، ودائماً باسم الإسلام!

ولعبت تركيا خلال تلك السنوات، بشكل مباشر أو غير مباشر، دوراً مهماً في الحملات السياسية والعسكرية والعقائدية التي شنّتها أميركا وحليفاتها ضد الاتحاد السوفياتي بهدف تمزيقه، في إطار نظرية الحزام الأخضر (الإسلامي) التي صاغها كيسنجر وبريجنسكي، وهو ما تحقق بعد توريط السوفيات في الحرب الأفغانية 1978-1988.

ويبدو أن الروس لم يستخلصوا الدروس من تجاربهم مع تركيا، ففتحوا أبواب بلادهم على مصاريعها للشركات التركية التي نفّذت، وما زالت، ما قيمته عشرات المليارات من الدولارات من المشاريع، بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، في الوقت الذي كان فيه الرئيس الراحل تورغوت أوزال يتحدث عن "أمة تركية واحدة من الأدرياتيكي إلى حدود الصين"، فجمع زعماء الدول الإسلامية ذات الأصل التركي في آسيا الوسطى والقوقاز، حديقة روسيا الخلفية، في قمة مهمة في أنقرة، في تشرين الأول/أكتوبر 1992، واستهدفت روسيا، سراً كان أو علناً.

وهذا ما يسعى إليه الآن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي يؤمن بأفكار أوزال في مجمل تحركاته الإقليمية والدولية التي تحظى بتأييد مباشر أو غير مباشر من الحليف التقليدي أميركا. ويعرف الجميع أنها، أي أميركا، تريد من تركيا أن تساعدها في زعزعة الكيان الروسي من الخارج والداخل، تارة عبر التحالف مع الجمهوريات الإسلامية (كازاخستان وتركمانستان وقرغيزيا وأوزبكستان وآذربيجان)، وتارة أخرى عبر استفزاز المشاعر الدينية والقومية لدى الأقليات المسلمة داخل حدود روسيا الفدرالية، وقوامها نحو 20 مليون نسمة. ويفسّر ذلك دعم أنقرة لشعب القرم ذي الأصل التركي، وحديث إردوغان والمسؤولين الأتراك باستمرار عن عدم اعترافهم بضمّ روسيا لشبه جزيرة القرم، هذا إضافة إلى الدعم العسكري التركي لأوكرانيا، العدوّ اللدود لموسكو.

وتستمر أنقرة في إزعاجها عبر تحالفات مماثلة مع كل الدول المعادية لروسيا، تاريخياً كان أو قومياً أو استراتيجياً، ومن بينها دول البلطيق وهنغاريا وألبانيا وبلغاريا ورومانيا، وتسعى تركيا لبيعها طائراتها المسيّرة التي استخدمتها أوكرانيا للمرّة الأولى في الـ20 من الشهر الماضي، في شرق البلاد، ضد القوات الموالية لروسيا.

كما استخدمت آذربيجان هذه الطائرات العام الماضي في حربها ضد أرمينيا، متحدّية بذلك روسيا التي لم تعد تخفي انزعاجها وقلقها من الوجود العسكري التركي في أوكرانيا وآذربيجان، ناسية أنها هي السبب في كل ذلك. وهذه هي الحال في سوريا التي دخلها الجيش التركي اعتباراً من آب/أغسطس 2016 بضوء أخضر روسيّ، ليتحوّل هذا الجيش إلى مصدر قلق أكبر بالنسبة إلى الروس، الذين يتصدّى لهم إردوغان في أماكن عديدة، أهمها ليبيا، حيث تدعم موسكو خليفة حفتر الذي انتصر عليه أتباع إردوغان في طرابلس بفضل الطائرات المسيّرة والمرتزقة الذين تمّ نقلهم من سوريا. وتتحدث المعلومات عن تحركات تركية أخرى في الدول الأفريقية التي يوجد فيها الروس عسكرياً واقتصادياً، كالسودان وغينيا بيساو وموزمبيق وأفريقيا الوسطى ورواندا والكونغو الديمقراطية وغيرها.

ومن دون أن يهمل إردوغان حساباته في البحر الأسود، وهو يسيطر على مضيقي الدردنيل والبوسفور، ومن دونهما لا يمكن للسفن الروسية أن تصل إلى قواعدها في سوريا، كما إنه يضع العديد من الحسابات في بحر قزوين، وعبر وجوده في آذربيجان، ليمثّل بذلك مصدر قلق جديد، ليس فقط لروسيا بل أيضاً لإيران التي تطل على هذا البحر المذكور، حالها حال تركمانستان وكازاخستان.

وتسعى أنقرة لاستيراد الغاز الطبيعي منها ومن آذربيجان وقطر، ليساعدها ذلك على التخلص من تحكم الروس في السوق التركية التي تستورد نحو 40ظھ من حاجاتها من الغاز من روسيا، بعد أن كانت هذه النسبة 56ظھ عام 2019.

ومع رهان موسكو في البداية على احتمالات إبعاد تركيا عن الحليف التقليدي أميركا وخلق المشاكل للحلف الأطلسي، بدأت الأوساط الروسية تتحدث، ولو بشكل متأخر، عن خطر إردوغان على الأمن القومي لروسيا التي تحقق مكاسب مالية كبيرة من علاقاتها مع أنقرة. ويحمّل البعض من هذه الأوساط موسكو مسؤولية هذا الوضع، لأنها أتاحت الفرصة لإردوغان لتنفيذ أجندته في سوريا التي تحولت إلى ساحة انتصارات جعلت من أنقرة عنصراً مهماً في مجمل الحسابات الإقليمية والدولية بانعكاساتها الخطرة على مجمل حسابات الروس، داخلياً وخارجياً.

فروسيا التي تمتد على جغرافيا واسعة وتعيش العديد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، وأهمها التراجع الخطير في عدد السكان، يعرف الجميع أنها، على المدى المتوسط والبعيد، قد تواجه المزيد من هذه المشاكل مع استمرار سياسات الحصار والمقاطعة والعقوبات الأميركية والأوروبية عليها، لأسباب عديدة، أهمها مشكلة أوكرانيا، وإردوغان أصبح طرفاً مباشراً فيها، كما هو طرف أساسي في الحرب النفسية، ولاحقاً العسكرية، بين الحلف الأطلسي وروسيا في البحر الأسود القريب من منطقة القوقاز، وفي شمالها العديد من جمهوريات الحكم الذاتي ذات الأغلبية التركية المسلمة، وتحظى باهتمام علني وسرّي من أنقرة.

وباستفزاز وتحريض المشاعر القومية والدينية لهؤلاء، قد تجد موسكو نفسها أمام مخاطر التقسيم، كما تمزّق الاتحاد السوفياتي، بعد أن عاشت روسيا تجربة الشيشان أواخر التسعينيات، مع التذكير بوجود الآلاف من المقاتلين الشيشانيين والأجانب الآن في إدلب، وبحماية الجيش التركي. وتحدّث الرئيس بوتين عن احتمالات ذهاب هؤلاء وأمثالهم إلى أفغانستان، ومنها إلى دول الجوار، ليكرّروا تجارب القاعدة في الشيشان والبوسنة. ويدفع مثل هذا الاحتمال السلطات الروسية إلى استنفار كل إمكانيّاتها لمواجهة هذه المخاطر في جمهوريات الحكم الذاتي المسلمة، فالوصول إليها مروراً بآذربيجان وجورجيا ليس صعباً عبر سلسلة الجبال الوعرة في المناطق الحدودية مع روسيا.

خلاصة الكلام، ان الرئيس إردوغان الذي يسعى للتخلص من إرث أتاتورك، بما في ذلك صداقته مع لينين، يبدو واضحاً أنه كان وسيبقى لسان حال ذكريات التاريخ العثماني بشقّيه القوميّ التركيّ والدينيّ الإسلاميّ الذي يتغنّى به بعدَ ما يسمّى "الربيع العربي".

ويبقى الرهان الأخير، إن لم يكن المتأخر، على مدى سرعة المناورة الروسية وقوّتها في مواجهة المخاطر التركية في جميع الجبهات، وإردوغان يعتقد أنه المتفوّق فيها، وإلا لما استطاع التصدّي للضغوط الروسية في سوريا وهي قفل ومفتاح كلّ المعادلات الإردوغانية مع روسيا وغيرها.

على أن يكون الرهان الآخر على مدى ضمان إردوغان للدعم الأميركي الذي قيل إنه لم يحظَ به خلال لقائه الرئيس بايدن في روما، نهاية الشهر الماضي، وسط المعلومات التي تتحدث عن تنسيق روسي - أميركي في موضوع سوريا، "لمنع تركيا من أيّ مغامرة جديدة هناك"، ومن دون أن يمنع ذلك الرئيس إردوغان من الاستمرار في مساعيه لإقناع بايدن بأنه يستطيع أن يواجه الروس في كثير من الساحات، ما دام هو يملك الكثير من مقومات هذه المواجهة في القوقاز وآسيا الوسطى والبلقان، بل حتى في سوريا، وفيها عشرات الآلاف من المسلحين الموالين لأنقرة التي لن تتردّد في الاستفادة منهم، في أي زمان ومكان، كما هي الحال في ليبيا وكاراباخ.

وجاء التفويض الأخير الذي منحه البرلمان للرئيس إردوغان لإرسال الجيش التركي إلى سوريا والعراق ليثير قلق أوساط المعارضة، لأنه فوّض إلى إردوغان "دعوة قوات مسلحة أجنبية إلى تركيا والاستفادة منها بالشكل المناسب"، ومن دون تحديد المكان والزمان والعدوّ. وتساءل زعيم حزب الشعب الجمهوري، كليجدار أوغلو: "يا ترى ما هي هذه القوات الأجنبية؟ وماذا ستفعل في تركيا، وضدّ مَن سيستخدمها إردوغان؟"، معبّراً عن قلقه من هذه المغامرات التي صادفت عودة إردوغان إلى الحديث من جديد عن "الحق التاريخي للأتراك العثمانيين في خريطة الميثاق الوطني"، التي كانت تضع شمال سوريا والعراق ضمن حدود تركيا الحالية، ويبدو أن إردوغان يحلم بالمزيد منها.

ويبقى القرار للرئيس بوتين الذي لا يُخفي قلقه من مقولات الرئيس إردوغان ومواقفه، التي ترى فيها موسكو خطراً على المصالح الروسية، داخلياً وخارجياً، ومن دون أن يكون واضحاً هل سيتصدّى الروس لهذا الخطر؟ وكيف؟ ومتى؟

خطر يسعى إردوغان لموازنته بمزيد من الإغراءات الاقتصادية والتجارية والمالية التي قد تؤخّر الردَ الروسي، ولكنها لن تؤجّله إلى الأبد!

المصدر: الميادين









رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 11:59

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc