مهلا أيها الرقاة ...... ضرب المريض أثناء الرقية - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الرقية الشرعية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مهلا أيها الرقاة ...... ضرب المريض أثناء الرقية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-07-03, 15:31   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
moha75
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية moha75
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الذي أعلمه ان ضرب الذي أصابه مس مباح ولا نقاش فيه،
ولكن الضرب المبرح المؤلم هو الخطأ الذي يقع فيه بعض الوقاة،
فالعبرة ليست بالقوة في الضرب وإنما بتخويف الجني ،
لذا وجب التفريق بين الأمرين.
شكرا جزيلا لك.








 


رد مع اقتباس
قديم 2013-07-12, 09:03   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
جلفاوي67
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم
اخي ليتيم بارك الله فيك كلامك صحيح ولا غبار عليه ولكنه اجابة عن سؤال (( هل هناك - ادلة من السنة - احاديث تامرنا بالاسترقاء ؟ )) اما انا فسؤالي هل هناك آيات تأمرنا يالاسترقاء مثلما توجد أحاديث تامرنا بذلك فانت قدمت دليل من السنة ولم تقدم دليل من الكتاب لانك قلت عندي ادلة من الكتاب و السنة ومرة اخرى رب يجازيك ويتقبل منك الصيام و القيام وخذني على قد عقلي القاصر و الحابس










رد مع اقتباس
قديم 2013-07-12, 09:07   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
زارع المحبة
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

موضوع مهم , لا ينبغي أن يتكلم فيه إلا أهل العلم .










رد مع اقتباس
قديم 2013-07-12, 09:11   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
زارع المحبة
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

المشكلة أن البعض خلطوا بين الرقية والشعوذة , فيزعم لك أحدهم أنه راقي بينما هو مشعوذ .
لذلك لا ينبغي أن نثق بهم .


والرقية ليست حكرا على أحد فكل واحد يستطيع أن يرقي نفسه وأهله , ما دام يحفظ بعض السور والآيات من القرآن .... فالقرآن كله شفاء .
أما الكذب والدجل والشعوذة فحرام حرام حرام .










رد مع اقتباس
قديم 2013-07-12, 09:19   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
جلفاوي67
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

اخي ابن القيم سلام الله عليك
اولا لا يختلف عاقلان على ان السنة من مصادر التشريع
ثانيا مشكلتنا اننا وضعنا كل الاحاديث جملة وتفصيلا في مقام النص القرآني واعتبرناها سنة وقدسنا من كتبها بحيث اصبحوا في مقام النبوة فهم من المعصومين ومن يعارض اقوالهم فهو ناكر للسنة و بالتالي فهو مرتد
ووضعنا كتب السنة في نفس مرتبة القرآن بحيث انها لا ياتيها الباطل هي ايضا فعندما تعهد الله بحماية القرآن من التحريف اضفنا نحن ايضا للنص المحمي بعهد الله نص كتب بعد 3 قرون من طرف اناس عاديين وليسوا بانبياء معصومين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وقلنا كتبهم هي ايضا محمية بعهد الله ومن ينكر حرفا منها فهو مرتد او قرآني او او او
اتمنى ان لا يفهم كلامي على انني ممن ينكر السنة ابدا وانما انكر الاحاديث التي تتعارض مع القرآن و المنطق و الحقائق العلمية مهما كان قائلها او كاتبها او مصدرها فقط
تقبل الله صيام وقيام الجميع ان شاء الله










رد مع اقتباس
قديم 2013-07-14, 10:00   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
*ابو محمد الجزائري*
مشرف سابق
 
الأوسمة
المرتبة الاولى 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جلفاوي67 مشاهدة المشاركة
اخي ابن القيم سلام الله عليك
اولا لا يختلف عاقلان على ان السنة من مصادر التشريع
ثانيا مشكلتنا اننا وضعنا كل الاحاديث جملة وتفصيلا في مقام النص القرآني واعتبرناها سنة وقدسنا من كتبها بحيث اصبحوا في مقام النبوة فهم من المعصومين ومن يعارض اقوالهم فهو ناكر للسنة و بالتالي فهو مرتد
ووضعنا كتب السنة في نفس مرتبة القرآن بحيث انها لا ياتيها الباطل هي ايضا فعندما تعهد الله بحماية القرآن من التحريف اضفنا نحن ايضا للنص المحمي بعهد الله نص كتب بعد 3 قرون من طرف اناس عاديين وليسوا بانبياء معصومين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وقلنا كتبهم هي ايضا محمية بعهد الله ومن ينكر حرفا منها فهو مرتد او قرآني او او او
اتمنى ان لا يفهم كلامي على انني ممن ينكر السنة ابدا وانما انكر الاحاديث التي تتعارض مع القرآن و المنطق و الحقائق العلمية مهما كان قائلها او كاتبها او مصدرها فقط
تقبل الله صيام وقيام الجميع ان شاء الله
يعني لو اختلف حديث صحيح عند علماء الحديث مع حقيقة علمية تم اكتشافها في المخابر الامريكية كمثال

فماذا نقول عن الحديث؟ ارجوا ان تجيب باختصار و بدون تفصيلات هنا و هناك
يعني اريد جواب مباشر









رد مع اقتباس
قديم 2013-07-15, 11:55   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
محمد مصطفى الحبيب
عضو متألق
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جلفاوي67 مشاهدة المشاركة
اخي ابن القيم سلام الله عليك
اولا لا يختلف عاقلان على ان السنة من مصادر التشريع
ثانيا مشكلتنا اننا وضعنا كل الاحاديث جملة وتفصيلا في مقام النص القرآني واعتبرناها سنة وقدسنا من كتبها بحيث اصبحوا في مقام النبوة فهم من المعصومين ومن يعارض اقوالهم فهو ناكر للسنة و بالتالي فهو مرتد
ووضعنا كتب السنة في نفس مرتبة القرآن بحيث انها لا ياتيها الباطل هي ايضا فعندما تعهد الله بحماية القرآن من التحريف اضفنا نحن ايضا للنص المحمي بعهد الله نص كتب بعد 3 قرون من طرف اناس عاديين وليسوا بانبياء معصومين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وقلنا كتبهم هي ايضا محمية بعهد الله ومن ينكر حرفا منها فهو مرتد او قرآني او او او
اتمنى ان لا يفهم كلامي على انني ممن ينكر السنة ابدا وانما انكر الاحاديث التي تتعارض مع القرآن و المنطق و الحقائق العلمية مهما كان قائلها او كاتبها او مصدرها فقط
تقبل الله صيام وقيام الجميع ان شاء الله
عليك أن تفرق في الصحيح بين أصول الحديث و المتابعات ..!! أتفق معك في بعض الشيء..فالمشكلة تكمن في التوقف عن الاجتهاد و قتل العلوم و التوقف عند قول قارئ.!! حتى لا نقول عالما ..!! غريب أن نترك قول السلف و نرجح قول الخلف ..!!









رد مع اقتباس
قديم 2013-07-16, 06:37   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
alarabay
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جلفاوي67 مشاهدة المشاركة
حسب كلام ابن تيمية الضرب مهما كان سيقع على الجني و ليس على المريض ومن باب اولى ان نضربه برصاصة حتى يموت الجني مباشرة ويشفى المريض
ههههههههههههههههههههههههههههههه

اللهم اني صائم









رد مع اقتباس
قديم 2013-07-16, 20:04   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
جلفاوي67
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم
ساجيبك باختصار وبشكل مباشر
لو اختلف حديث شريف مع حقيقة علمية ثابتة نقدم الحقيقة العلمية على الحديث ونعتبر ان الحديث غير صحيح ومثال ذلك حديث (( لا عدوى )) او حديث البخاري 5769
من تصبح سبع تمراتٍ عجوة لم يضره ذلك اليوم سُـــــــــــمٌّ ولا سحر!!!!!!!!!!!!!!!
ولا ننسى ان اي كتاب مهما كان مصدره او كاتبه معرض للتحريف الا القرآن واكرر الا القرآن الا القرآن الا القرآن وإلا لما كان هناك اي معنى للآية (( انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون ))










رد مع اقتباس
قديم 2013-07-16, 20:50   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
جلفاوي67
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الفتى المتألق مشاهدة المشاركة
عليك أن تفرق في الصحيح بين أصول الحديث و المتابعات ..!! أتفق معك في بعض الشيء..فالمشكلة تكمن في التوقف عن الاجتهاد و قتل العلوم و التوقف عند قول قارئ.!! حتى لا نقول عالما ..!! غريب أن نترك قول السلف و نرجح قول الخلف ..!!

اعجبتني جملتك الاخيرة (( غريب أن نترك قول السلف و نرجح قول الخلف)) قمة التحجير على العقول و قمة الارهاب الفكري وقمة التقديس للاشخاص اتريدوننا ان نرمي بعقولنا و القول ماقال زيد او عمر قبل 1000 سنة اتريدوننا ان نحكم على عقولنا بالتقصير و هي عقول وصلت عنان الفضاء سبحان الله صدق من قال (( إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون 52 قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين ))









رد مع اقتباس
قديم 2013-07-17, 19:14   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
syrus
محظور
 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زارع المحبة مشاهدة المشاركة
موضوع مهم , لا ينبغي أن يتكلم فيه إلا أهل العلم .
كلمة اهل العلم هذه كلمة غامضة , ثم ألا ترى ان اغلب من يتخصص في الرقية و يدعي معرفة اسرارها هم أهل الخزعبلات و اللاعلم ؟


هذا جزء من رد سابق في موضوع عن الرقية . طرحت فيه سؤالا و لم اتلق عنه جوابا . أرجو من مشرفي هذا القسم او كل من يعتقد انه خبير بالرقية و فنونها ان يعطي لنا تقييمه لهذه المواقع و المنتديات ؟



اقتباس:

المشكلة انه و وقفا لشرع هؤلاء الرقاة فهم يعرفون تقريبا كل شيء عن الجن و احوالهم و عن مأكلهم و مسكنهم و عاداتهم و ما يحبون و ما يكرهون و عن انواعهم و اشكالهم حتى صار الامر و كانه ليس غيبا . و لك ان تقرأ(ي) ما يكتبه معشر الرقاة في منتداهم هذا الذي يزعمون انه مركز عالمي لبحوث الجان :

https://www.jinnsc.com/vb/index.php

أو ان تقرأ(ي) في منتدى اخر المسمى "المتخصص" و هو يدعي أنه "لدراسات وأبحاث عالم الجن وخطر السحر والعين ومنهجية الرقية والاستشفاء" .
https://www.almutakhasses.com/vb/


و هذه قائمة لبعض المنتديات المتخصصة في الرقية .
منتدى الرقية الشرعية :

https://www.ruqya.net/forum/


منتدى الخير للرقية الشرعية :

https://www.rouqyah.com/



منتدى دار الرحمة للرقية الشرعية :

https://www.daralrahma.com/vb/



منتديات الرقية الشرعية :

https://www.rqya.com/vb/



منتدى طريق الشفاء :


https://www.shifaway.com/index.php



منتدى وقاية للرقية الشرعية:

https://www.weqayah.com/vb/



مدونة علوم الرقية الشرعية :

https://roqiah.blogspot.com/2010/11/blog-post_9438.html


و القائمة طويلة و لكن اود منك لو تكرمت ان تقول (ي) لي ايها شرعي , و إذا كانت ليست شرعية سمي لي منتدى او موقع واحد يمكن ان نجد فيه العلم الشرعي المتعلق بموضوع المس لعلنا نجد فيه الادلة الكافية و الاجوبة المقنعة. و انا اتمنى ان تجد (ي) لنا موقعا يخلو من الدجل و المتاجرة بالدين .









رد مع اقتباس
قديم 2013-07-18, 06:54   رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
*ابو محمد الجزائري*
مشرف سابق
 
الأوسمة
المرتبة الاولى 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جلفاوي67 مشاهدة المشاركة
السلام عليكم
ساجيبك باختصار وبشكل مباشر
لو اختلف حديث شريف مع حقيقة علمية ثابتة نقدم الحقيقة العلمية على الحديث ونعتبر ان الحديث غير صحيح ومثال ذلك حديث (( لا عدوى )) او حديث البخاري 5769
من تصبح سبع تمراتٍ عجوة لم يضره ذلك اليوم سُـــــــــــمٌّ ولا سحر!!!!!!!!!!!!!!!
ولا ننسى ان اي كتاب مهما كان مصدره او كاتبه معرض للتحريف الا القرآن واكرر الا القرآن الا القرآن الا القرآن وإلا لما كان هناك اي معنى للآية (( انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون ))
اولا لا توجد حقيقة علمية يقينية
بل مبدأ الشك و النسبية داخل في كل مواضيع الفيزياء و العلوم التجريبية

فهل نترك العلم اليقيني االموجود في حديث اتفق جهابذة علم الحديث على صحته

و نضرب كل ذلك عرض الحائط من اجل امور لا نستطيع ان ندركها بعقولنا او بالطرق العلمية
فليس كل شيء قابل للقياس و الفهم

و النقل مقدم على العقل
= و هنا مكمن الاختلاف بيننا =

فمدرسة اهل الحديث او النقل كما يسميها البعض
تبين صحة الاحاديث الذي اتفق عليها المحدثون و تحققوا من صحة سندها عن طريق الثقات الى النبي صل الله عليه و سلم
و لهم مجهود كبير في حفظ السنة التي هي من اهم ركائز فهم القرآن

اما المدرسة العقلية المستحدثة عند التأخرين
فيعرضون الحديث اولا على عقولهم رغم التباين الجلي بينها و اختلاف الناس في الادراك، و عدم وصول العقل الى ادراك المغيبات كالجنة و النار و الجن و الملائكة و الاسراء و المعراج و عذاب القبر

لذلك سادرج فيما يلي بعض النقولات المفيدة في هذا الموضوع
لعل بعض القلوب تستفيد منها









رد مع اقتباس
قديم 2013-07-18, 06:56   رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
*ابو محمد الجزائري*
مشرف سابق
 
الأوسمة
المرتبة الاولى 
إحصائية العضو










افتراضي

الدورة العلمية في العقيدة الإسلامية
للدكتور / محمود عبد الرازق الرضواني
حفظه الله تعالى
مسجد الصحابة – عين شمس
المحاضرة الثانية
الإثنين 8 ربيع الآخر 1429
14 إبريل 2008



موضوع المحاضرة:

العلاقة بين العقل والنقل

عناصر المحاضرة:

 مقدمة
 هل يمكن أن يتعارض العقل مع النقل؟
 ماذا لو حدث تعارض بين العقل والنقل؟
 السبب الأول في حدوث التعارض بين العقل والنقل أن النقل لم يثبت.
 السبب الثاني في حدوث التعارض بين العقل والنقل أن العقل لم يفهم النقل.
 إذا حدث تعارض بين العقل والنقل ، فأيهما يُقدَّم عند السلف وعند الخلف.

• مقدمة:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وصحبه ، ومن سار على نهجه إلى يوم الدين ، أما بعد:
في هذه المحاضرة بإذن الله تعالى نستكمل الحديث عن العلاقة بين العقل والنقل ، كنا قد تحدثنا في المحاضرة الماضية عن عدة عناصر وهي:
• المقصود بالعقل.
• الغاية الرئيسية من وجود العقل.
• حدود المعرفة بالعقل.
• العتبات المطلقة للحواس الخمس.
• انعدام رؤية الأشياء يكون بسببين اثنين.
• مدارك اليقين العقلي.
• المقصود بالنقل .
وسوف نتحدث بإذن الله تبارك وتعالى في هذه المحاضرة عن إمكانية التعارض بين العقل والنقل ، وكيف أن الهداية في قيادة النقل للعقل.
ولا أُخفي عليكم ، من المحاضرات الأساسية التي لا يستغني عنها داعٍ ولا طالب علم ولا أي متخصص دراسة العلاقة بين العقل والنقل وبتفصيل ، لماذا؟
لأنها تضبط الفطرة ، وتجعل الإنسان إنساناً سوياً يُمكن التفاهم معه ، وأما إن كانت مقاييس العقل والنقل منحلَّة لا نستطيع أن نضبطها ، فكيف نستطيع أن يفهم بعضنا بعضاً أو نفهم كلام الله الذي نزل في كتابه وفي سنة رسوله ؟
ولذلك نحن نركِّز على هذه المحاضرات حتى نضبط الفطرة ، بحيث أن المحاضرات التي ستأتي بإذن الله تعالى بعد ذلك ستقع على القلب ، وسنعلم أن ما ورد في كتاب الله يتوافق مع عقل الإنسان وفطرته، فالإسلام دين الفطرة.
فستجد في كل المحاضرات أن هناك تقديماً للنقل على العقل ، وبالرغم من ذلك تجدها تقع على الفطرة وعلى القلب وعلى العقل بحيث لا تجد أي تعارض يُذكر ، وهذا لسلامة النظرة إلى العقل وعلاقته بالنقل.
• هل يمكن أن يتعارض العقل مع النقل ؟
هناك عبارة جمعتها من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في هذا الموضوع وهي:
"العقل الصريح لا يُعارض النقل الصحيح ، بل يشهد له ويؤيده لأن المصدر واحد فالذي خلق العقل هو الذي أرسل إليه النقل ، ومن المحال أن يُرسل إليه ما يُفسده ".
العقل الصريح هو الواضح الذي يتعامل مع الأسباب بوضوح ، ويتعرف على مدارك اليقين ، ولا يختلف عليه اثنان .
النقل الصحيح يتمثل في القرآن ، وما صحَّ عن نبينا.
معنى "يشهد له ويؤيده" أن العقل يشهد لصحة النقل ويؤيده .
وإذا دققت في هذه العبارة ستجد أنها منطقية جداً وسليمة جداً ، فالعقل خلقه الله سبحانه وتعالى ، وهو العليم بكيفية هذا العقل ، لأنه تابع للروح ، والإنسان لا يعلم كيفية عقله ولا يعلم كيفية روحه التي بين جنبيه ، فالعقل والروح في داخل الإنسان وذاته ويعجز عن التعرف على كيفية روحه وكيفية عقله ، فالذي خلق الإنسان وسوَّاه وصنعه هو الذي وضع هذا العقل في قلبه ، فأنزل إليه نظاماً يسير عليه ، فمن المحال أن الذي يصنع صنعة يُرسل إليها منهجاً يُفسدها ، والإنسان لا يقبل ذلك على نفسه ، فمثلاً المصانع التي تُنتج الأجهزة الكهربائية تضع مع كل جهاز دليل التشغيل، ودليل التشغيل عبارة عن نظام منقول ممن صنع هذا الجهاز يقول لك فيه : عليك أن تلتزم بنظام التشغيل حتى لا تفسد الصنعة ، ونضمن لك سلامة الجهاز لمدة عام مثلاً ، فإذا التزم أحدٌ بهذا النظام هل تفسد الصنعة؟!
ولذلك نقول: لا يمكن على الإطلاق أن يتعارض النقل الصحيح مع العقل الصريح ، فالعقل الصريح غريزة وضعها الله في قلوب الممتحنين من عباده ، فأنزل نقلاً منقولاً من الله إلى جبريل ونقله جبريل إلى رسول الله ، ونقله رسول الله إلينا ، وتأكدنا فعلاً أنه نقل صحيح ، إما من خلال القرآن أو ما صحَّ عن نبينا ، فطالما أن القضية كذلك ، فأعقل الناس الذي يطلب السلامة لنفسه والسلامة لهذه الآلة الموجودة داخل البدن والسلامة للبدن والسلامة للأمة كلها هو الذي يلتزم بكتاب الله وبسنة رسوله  .
فالإنسان إذا صنع صنعة لا يُرسل معها دليلاً يُفسد الصنعة ، ولو فعل ذلك لَعُدَّ ذلك عيباً ، فإذا كان ذلك فيما بين البشر، فكيف بخالق البشر الذي صنعهم وعدَّلهم وجعلهم في هذه الهيئة القويمة أن يُنزل منهجاً من السماء يلتزم به الإنسان فتفشل الصنعة؟!
إذاً ، من يقول بأن التزامه بالشرع يؤدي إلى الرجعية أو ما شابه ذلك ، هذا لا يفهم نفسه ولا يفهم عقله ولا يفهم شيئاً في الحياة على الإطلاق ، ولكنه تربَّى على أن ما يراه بعقله هو الصواب ، والحقيقة ليست كذلك ، بل العقل يقول أن الحماية تكون في ما نزل من عند الله ، ولذلك كان من المحال أن يضل الإنسان أو يشقى أو يعيش معيشة ضنكاً إذا اتبع هداية الله تعالى ، قال سبحانه وتعالى : (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى ) (طه:123).
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى : "كل ما يدل عليه الكتاب والسنة فإنه موافق لصريح المعقول ، والعقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح ، ولكن كثيراً من الناس يغلطون إما في هذا وإما في هذا ، فمن عرف قول الرسول ومراده به كان عارفاً بالأدلة الشرعية ، وليس في المعقول ما يخالف المنقول".
أي: ليس في العقل الصريح ما يخالف النقل الصحيح.
ويقول أيضاً: "من قال بموجب نصوص القرآن والسنة أمكنه أن يناظر الفلاسفة مناظرة عقلية يقطعهم بها ويتبين له أن العقل الصريح مطابق للسمع الصحيح".
من قال بموجب نصوص القرآن والسنة : يعني التزم بما ورد في القرآن والسنة نصاً.
ولاحظ أن ابن تيمية رحمه الله تعالى ذكر هنا "السمع" بدلاً من "النقل" ، فالسمع أو النقل أو الخبر أو الوحي كل ذلك معناه واحد وهو ما جاءنا عن الله في الكتاب أو في السنة.
وقال أيضاً في مجموع الفتاوى: "العقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح ، كما أن المنقول عن الأنبياء عليهم السلام لا يخالف بعضه بعضاً".
فما نزل على النبي لا يخالف حقيقة ما نزل على عيسى وعلى موسى وعلى سائر الأنبياء ، لماذا؟
لأن المصدر واحد ، فالذي خلق العقل هو الذي أرسل إليه النقل.
ثم قال رحمه الله تعالى: "لكن كثيراً من الناس يظن تناقض ذلك ، وهؤلاء من الذين اختلفوا في الكتاب ، وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد"
وسبب الاختلاف أنهم قدموا عقولهم على المنقول ، وبدأوا يؤخرون كتاب الله ، ولا يُمكن أن الله سبحانه وتعالى يُنزل إلينا كلاماً ونظاماً ودستوراً لنسير عليه ونلتزم به ثم إذا التزم الإنسان به يفسد، بل الفساد في عكسه ، بل أغلب الذين كفروا بالله سبب كفرهم أهواؤهم وعقولهم ، قال تعالى: (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) (آل عمران: 101) ، والاعتصام بالله هو الاعتصام بالكتاب والسنة ، وإذا تركت الكتاب والسنة فلا تأمن على نفسك ، والإنسان قد يصل بسبب بُعده عن الله إلى الكفر والضلال ، والتعامل مع الحق سبحانه وتعالى من قِبَل الحق الواجب من عباده إليه ، وهو حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ، فلو شاء الله تعالى لألزمنا قهراً ، كما قال تعالى: (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً ) (مريم:93) ، فأنت عبد لله شئت أم أبيت ، ولكن لأنك في دنيا ابتلاء واختبار ترك الله لك مجالاً في مسألة اختيار الكفر أو الإيمان ،( إِنَّا خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً . إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ) (الإنسان: 2-3)، فترك الله تعالى لك الخيار حتى تتحمل المسئولية ، فأنزل الله تعالى لك هداية لتلزم بها ، فإن أبيت فتحمَّل المسئولية ، ولكن من حق العبودية وما أوجب الله عليك أن تلتزم بالأوامر الشرعية إلزاماً ، ولو شاء الحق سبحانه وتعالى لألزمك بها إلزاماً ، ولكن القضية أن الله تعالى كما أنه قدير هو أيضاً حكيم ، له الحكمة البالغة وله الحجة البالغة على خلقه ، خلق الدنيا للابتلاء ، والابتلاء يترتب عليه الجزاء في الجنة أو في النار.
قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ ) (البقرة:170) ، فما أنزل الله هو النقل ، وما ألفوا عليه آباءهم مصدره العقل ، كما فعل كفار قريش الذين جحدوا رسول الله ورأوا بعقولهم أن المصلحة في أن تبقى قريش على ما هي عليه فيرتفع السادة ويبقى العبيد أذلاء ، فنظروا إلى مصلحة ضيقة ، في حين أنهم لو كانوا استجابوا لرسول الله واستجابوا للنقل واتبعوا رسول الله لسادوا الأمم .
فإذا نظرت بالعقل ستجد أن الكمال في النقل وفي اتباعه ، وهذا ستجده كثيراً في كتاب الله .
وقال تعالى في شأن من وَصَل إلى قِمَّة الكفر الذين يقولون لغيرهم: اتبعوا سبيلنا وستحيون في رغدٍ : ) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ) ، فهؤلاء يقودون أنفسهم بأهوائهم وعقولهم ، وسبيل الحق سبحانه وتعالى يتمثل في النقل ، الذي فيه الهداية والكمال ، قال تعالى: (وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) (العنكبوت:12) .
وللنظر إلى ما حدث من المتكلمين في قضية الأسماء والصفات ، يظل الواحد منهم سنين طويلة ويصنف عشرات الكتب حتى يقول للناس بأن نصوص الشرع ظاهرها باطل ، فاصرفوها عن ظاهرها ، أوِّلوا أو فوِّضوا أو عطِّلوا ...، وفي النهاية يقول:
نهايــة إقدام العقـول عِقـال وأكثر سعي العالمين ضـلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا وغاية دنيانــا أذى ووبـال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
ثم يقول: "لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية، فما رأيتها تشفي عليلاً ولا تروي غليلاً، ووجدت أقرب الطرق طريقة القرآن، أقرأ في الإثبات: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ) [طه: 5] ( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) (فاطر: 10) ،وأقرأ في النفي: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) [الشورى: 11] (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) [طه: 110]، ومن جرب مثل تجربتي، عرف مثل معرفتي"
وكذلك قال تعالى: (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ) (يس:20)
فاتباع المرسلين هو اتباع للنقل لا للعقل ، (اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ) فالذي يتبع النقل على هداية ، وأما الذي يتبع العقل فإنه إن كان على هداية في جزء فهو على ضلال في أكثر الأجزاء ، ولذلك نقول: لا يمكن أبداً أن يتعارض العقل الصريح مع النقل الصحيح.
(ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ ) (محمد:3) فسمى المنقول حقاً ، وسمَّى اتباع العقول والأهواء باطلاً لأنه غير معصوم ، فعدم الرغبة في أن تكون تابعاً للنقل يعني أنك لا ترغب في الإسلام ولا ترغب في اتباع النبي ، وهذا معناه كفر والعياذ بالله ، ونحن نضرب أمثلة لبيان الفرق بين مذهب الباطل ومذهب الحق ، فأهل الكفر تدفعهم المصلحة والأهواء فيظنون بالخطأ العقلي أن المصلحة تكون في كذا وكذا ، في حين أن المصلحة الحقيقية التي أنزلها الحق سبحانه وتعالى إلينا تتمثل في اتباع الرسل والأنبياء لأن هذا فيه الكمال .
وربنا سبحانه وتعالى مدح من اتبع طريقة الرسل والأنبياء فقال: (أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرائيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا ) (مريم:58) ، كل هؤلاء يتبعون المنقول ، لأن آدم نزل كأول رسول جاء بهداية من الله ، وربنا سبحانه وتعالى وضع له شرائعاً وأحكاماً يسير عليها هو وذريته من بعده ، وجاء من بعده نوح وإبراهيم وإسرائيل (يعقوب) وأولاد يعقوب (بنو إسرائيل) ، وممن هدى الله واجتبى من المؤمنين (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً ) فهم يدركون فيها الحكمة.
ولذلك نقول بأن أجمل شئ في العقيدة أن تُدرك حكمة الله في الأشياء وتؤمن بطلاقة القدرة ، فتشعر بأن الشئ وضعه الله سبحانه وتعالى في موضعه ولحكمة أرادها ، ويوم أن تصل إلى هذا الشعور ستشعر بنور في قلبك تُميِّز به بين أشياء لا يستطيعها غيرك ، وساعتها على الإنسان أن يحمد ربه على هذه النعمة ، فأكبر نعمة يصل إليها الإنسان هي نعمة الإيمان التي يتلمس فيها الحكمة ويفعل الشئ وهو سعيد بفعله ، سعيد بقربه من ربه ، سعيد بلذة الإيمان وهو يسجد لله ، وهذا الإحساس نسأل الحق سبحانه وتعالى أن يديمه علينا وأن يوفقنا إليه وأن نموت عليه .
ثم قال تعالى: ) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً ) ، فإذاً لا يُضيع أحد الصلاة بحجة أنها تعوق عن العمل ، بل على الإنسان أن ينظر كيف عبد النبي الله ، ومكَّن الله تعالى له ومكَّن لأمته ، فالأسباب خلقها الله سبحانه وتعالى.
وكذلك فإن حملة العرش يستغفرون للذين آمنوا : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) (غافر:7) ، فاتباع سبيل الله تعالى هو اتباع النقل ، فيستغفر للمتبعين للنقل حملة العرش والطوَّافون حول العرش .
فإذا أراد الإنسان أن يستشير أحداً لفعل شئ ، فإنه يبحث عمَّن يدله من البشر ، فماذا إن كان الدليل ورد في التنزيل من عند رب العباد على رسول الله ؟!
• ماذا لو حدث تعارض بين العقل والنقل ؟
نرجع للعبارة المأخوذة من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
"العقل الصريح لا يُعارض النقل الصحيح ، بل يشهد له ويؤيده لأن المصدر واحد، فالذي خلق العقل هو الذي أرسل إليه النقل ، ومن المحال أن يُرسل إليه ما يُفسده ، وإذا حدث تعارض بين العقل والنقل فذلك لسببين ، لا ثالث لهما ، إما أن النقل لم يثبت وإما أن العقل لم يفهم النقل"
فلا يمكن أن يتعارض العقل الصريح مع النقل الصحيح ، وضربنا مثلاً لذلك بقياس الأولى ، وهو أن هذا لا يفعله إنسانٌ ، أن يصنع صنعة ويضع نظاماً ودليلاً لتشغيلها فتفسد ، فكيف بالحق سبحانه وتعالى؟! ، من باب أولى إذا أنزل نظاماً لتوجيه صنعته يأخذ بالإنسان إلى آخرته وجنته لا يُمكن أن يتعارض عقل الإنسان مع هذا النظام المتمثل في النقل الصحيح الثابت.
ولو حدث تعارض بين العقل والنقل ، فهذا لسببين اثنين:
o عدم ثبوت النقل
والمرجعية في عدم ثبوت النقل إلى علم الحديث ، وليس إلى العقل ، فلا يقول أحد: إذاً ، أسمع الحديث فأحكم عليه بالصحة أو بالضعف عن طريق العقل.
نقول : لا ، ولكن إذا جاء حديث تعارض مع العقل ، فالواجب أن أتأكد أولاً عن طريق علم الحديث أن هذا الحديث صحيح ، فأرجع إلى قواعد المحدثين ، وهل هو منقول برواية العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة؟ فإن كان ، ننتقل إلى السبب الثاني.
o عدم فهم العقل للنقل
• السبب الأول في حدوث التعارض بين العقل والنقل أن النقل لم يثبت:
الإنسان بعقله يستطيع أن يُدرك أشياءً يشعر بها أنه يستحيل أن يكون الرسول قال مثل هذا الكلام ، ولذلك نقول بأنه من الأهمية بمكان أن يستطيع طالب العلم أن يُميِّز بين الحديث الصحيح والحديث الضعيف ، وتعريف الحديث الصحيح هو ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة.
ولكن قد تجد حديثاً يشتمل على مجازفات شديدة جداً ، ومن أمثلة ذلك:
• حديث: "من قال لا إله إلا الله خلق الله من تلك الكلمة طائراً ، له سبعون ألف لسان ، ولكل لسان سبون ألف لغة يستغفرون الله له"
فالإنسان عندما يسمع هذا الحديث يشعر بأن هذه مجازفات ، وأغلب من يصنع هذه الأحاديث غلاة الصوفية ، ويقولون: نحن لا نكذب على الرسول ، وإنما نكذب له حتى نحبب الناس في دينه .
نقول : قد تواتر عن النبي أنه قال : "من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" ، فالكلام الذي تقولونه إن كان خبراً فيتطلب التصديق ، فتكون عقيدة مبنية على خبر كاذب ، وقد جعلتم هذا الكلام وحياً ، وهو ليس بوحي .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "أمثال هذه المجازفات الباردة لا يخلو حال واضعها من أحد أمرين :
o إما أن يكون في غاية الجهل والحمق .
o وإما أن يكون زنديقاً .
• حديث : "الباذنجان لما أُكل له" .
قد صحَّ عن النبي أنه قال : "ماء زمزم لما شُرب له" ، وماء زمزم فيه خاصية عجز الأطباء عن تحليلها ، والذي يشرب منها يشعر بِشَبَع ورِيٍّ وهي سبب في الشفاء ، فيقول الأطباء: "فيها خصائص عديدة ومعادن عجيبة لا نعلم أصلها " ، وأما الباذنجان فنعمة من نِعم الله ، ولكن لا يجوز أن نقول بأنه لِمَا أُكِل له.
• حديث : "الباذنجان شفاء من كل داء" .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: " قبَّح الله من وضع ذلك ، فإن هذا لو قاله بعض جهلة الأطباء لسخر منه الناس ؟، فكيف يكون كلاماً نبوياً ؟! ، ولو أكل الباذنجان للحمى والبرد وكثير من الأمراض لم يزده الباذنجان إلا شدة في المرض ، ولو أكله فقير ليستغني لم يُفده غِنى ، أو جاهل ليتعلم لم يُفده العلم" .
فهذا تعارض بين العقل والنقل ، والسبب في ذلك عدم ثبوت النقل.
• حديث: "إذا عطس الرجل عند الحديث فهو دليل صدقه" .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "ولو عطس مئة ألف مرة وهو يروي حديثاً مكذوباً عن رسول الله ما قُبل منه" .
فهذا أيضاً يُعارض العقل ،والسبب أنه ليس من كلام رسول الله.
• حديث:"عليكم بالعَدس،فإنه مبارك يُرقق القلب، ويُكثر الدمع، قُدِّس فيه سبعون نبياً" .
سئل عبد الله بن المبارك عن هذا الحديث ، وقيل له : إنه يُروى عنك ، قال ابن المبارك: "عني؟؟!! ، ما أرفع شيئاً في العدس ، إنه شهوة اليهود" .
الله سبحانه وتعالى سمَّى العدس أدنى ، قال: (قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ) (البقرة: 61) ، وهذا لما قال اليهود لموسى  : (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ) فالخير هو المَن والسلوى ، فالقرآن فيه أن العدس أدنى ، ويأتي من ينسب إلى النبي هذا الحديث المكذوب ، فالعدس نعمة من نعم الله ، ولكن ليس هذا الحديث من كلام النبي.
• حديث: "اشربوا على الطعام تشبعوا ، فإن الشرب على الطعام يفسده ويمنع من استقراره في المعدة ومن كمال نضجه" .
• حديث: "لو كان الأرز رجلاً لكان حليماً ، ما أكله جائع إلا أشبعه" .

• حديث : "لو يعلم الناس ما في الحلبة لاشتروها بوزنها ذهباً" .
• حديث: "بئست البقلة الجرجير ، من أكل منها ليلاً بات ونفسه تُنازعه ، كلوها نهاراً وكُفُّوا عنها ليلاً" .
• حديث: "فضل الكرات على سائر البقول كفضل البُر على الحبوب " .
• حديث : "من أكل فولةً بقشرها أخذ الله منه من الداء مثلها" .

• حديث: "لا تسبُّوا الديك فإنه صديقي ، ولو يعلم بنو آدم ما في صوته لاشتروا ريشه ولحمه بالذهب" .
فهذه كلها من الأشياء التي تُعارض العقل ، وهي ليست من المنقول.
• حديث: "إذا غضب الله تعالى أنزل الوحي بالفارسية ، وإذا رضي أنزله بالعربية" .
• حديث: "من ولد له مولوداً فسمَّاه محمداً تبركاً كان هو والولد في الجنة" .
• حديث: "ما من مسلم دنا من زوجته وهو ينوي إن حبلت منه يسميه محمداً إلا رزقه الله ولداً ذكرأً" .
• حديث: "إن الناس يوم القيامة يُدعَون بأمهاتهم ، لا بآبائهم" .

والإمام البخاري رحمه الله تعالى بوَّب في صحيحه باب "ما يُدعى الناس يوم القيامة بآبائهم ، وأورد فيه حديث في ذكر يوم القيامة فيه "أين فلان بن فلان" .
فماذا يصنع العاقل إذا سمع خطيباً ، يذكر في مرة حديثاً مرفوعاً إلى رسول الله: "إن أول ما خلق الله القلم ، قال: وما أكتب؟ ، قال: اكتب كل شئ هو كائن إلى يوم القيامة ، فجرى بما هو كائن إلى الأبد" ، ثم يسمعه مرة أخرى يروى حديثا آخر: "أول ما خلق الله العقل ، فقال له : أقبل ، فأقبل، ثم قال : وعزتي وجلالي ما خلقت خلقاً أشرف منك" ، ثم ثالثاً فيه : "أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر" .
لا شك أن العاقل يقف حائراً بين هذه الروايات ، أيُّ الأشياء خلق أولاً ؟ وسيبعث ذلك في نفسه شكاً كما أنه من الخطأ التوفيق بين هذه الروايات قبل البحث عن ثبوتها ، وكان يجب على من نقل هذه الروايات أن يتثبت من صحتها أولاً:
- أما الحديث الأول فثابت صحيح رواه الترمذي وصححه الألباني .
- وأما الحديث الثاني فموضوع باتفاق ، كما ذكر العجلونى في كشف الخفاء ومزيل الإلباس ، وكما ذُكر في الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة .
- وأما الحديث الثالث فموضوع رواه عبد الرزاق بسنده عن جابر بن عبد الله  ، قال: قلت : يا رسول الله بأبي أنت وأمي ، أخبرني عن أول شيء خلقه الله قبل الأشياء ، قال : يا جابر ، إن الله تعالى خلق قبل الأشياء نور نبيك ، خلقه من نوره ، فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله ، ولم يكن في ذلك الوقت لوح ولا قلم ، ولا جنة ولا نار، ولا ملك ، ولا سماء ولا أرض ، ولا شمس ولا قمر ، ولا جني ولا إنسي ، فلما أراد أن يخلق الخلق ، قسم ذلك النور أربعة أجزاء ، فخلق من الجزء الأول القلم ، ومن الثاني اللوح ، ومن الثالث العرش ، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء ، فخلق من الجزء الأول حملة العرش ، ومن الثاني الكرسي ، ومن الثالث باقي الملائكة ، ثم قسم الجزء أربعة أجزاء ، فخلق من الأول نور أبصار المؤمنين ، ومن الثاني نور قلوبهم وهي المعرفة بالله ، ومن الثالث نور أنسهم وهو التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله...............
هذه الأحاديث الموضوعة نقلها بعض الناس متوسعين في نقل هذه الروايات وفي النقل عن الإسرائيليات وما شابه ذلك، وأما بالنسبة لنا كدعاة على منهج أهل السنة والجماعة علينا أن نحافظ على سنة رسول الله ، على الأقل لا ننقل إلا الصحيح ، وإلا سيتعارض العقل مع النقل ، وقد يستخدم أحد هذا في الطعن على السنة ، كما حدث ممن أنكر الشفاعة وقال بأنها وساطة ومحسوبية والتي رواها كُتَّاب التاريخ والسير كالبخاري ومسلم .
فأمثال هؤلاء لأنهم لا يفهمون العلاقة بين العقل والنقل يشككون في الثوابت.

• السبب الثاني في حدوث التعارض بين العقل والنقل أن العقل لم يفهم النقل:
إن قال قائل: قلتم بأن التعارض سببه عدم ثبوت النقل، فماذا لو كانت آيات في القرآن بينها تعارض؟
نقول له: لا ، ليس بينها تعارض ، وإنما العيب في عقلك أنت ، فلا تتعجل ، ولا تُقدِّم عقلك على كتاب الله ، لأن الذي أنزل هذا الكلام قال في شأنه: ) لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ) (فصلت:42) ، والذي أنزله العليم الحكيم الخبير، ولا يُمكن أن يُنزل كلاماً إلى البشر يتعارض مع عقولهم ، فالمصدر واحد ، فالذي خلق العقل هو الذي أرسل إليه النقل.
فالسبب الثاني في حدوث التعارض بين العقل والنقل هو أن العقل لم يفهم النقل، ومن أمثلة ذلك:
• يقول قائل: هل يصح أن تقول بأن الله سبحانه وتعالى على العرش بمقتضى قوله : (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طه:5) ، وفي السماء بمقتضى قوله: (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ) (الملك:16) ، وفي الآفاق وفي كل مكان بمقتضى قوله: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ) (الحديد:4) ؟
نقول: هذا ليس بتعارض ، ولذلك جمع الله سبحانه وتعالى بين هذه الثلاثة في آية واحدة ، قال تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) (الحديد:4) ، فمعنى في السماء أنه على العرش ، فبعد السماء السابعة الماء ، وبعد الماء العرش، وفوق العرش رب العالمين ، والله من فوق عرشه يسمع السرَّ وأخفى في سائر خلقه ، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ) (آل عمران:5) ، فالله فوق عرشه ، وهو في السماء وهو معنا أينما كنَّا ، ولكن الإشكال في أنهم يتخيلون الله على أنه شخص ، وبسبب هذا التشبيه الذي يأتي إلى أذهانهم ينكرون النصوص.
وانظر إلى كلام أبي الحسن الأشعري -الذي تُنسب إليه طائفة الأشعرية- في كتاب الإبانة: "فإن قال قائل: ما تقولون في الاستواء؟ ، قيل له: إن الله يستوي على عرشه استواءً يليق به" ، فلم يقل رحمه الله : "استولى" ، بل قال بأن من يقولون بأن استوى تعني "استولى" جهمية وحرورية ومعتزلة .
وقال رحمه الله : "فالسماوات فوق العرش ، فلما كان العرش فوق السماوات قال: (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ) لأنه مستوٍ على العرش الذي فوق السماوات ، وكل ما علا فهو سماء والعرش أعلى السماوات".
فأعلى سماء فوقنا العرش ، وفوق السماء السابعة ماء ، وفوق الماء العرش ، والله فوق العرش .
فإن قال قائل: ما شكل العرش؟
نقول: لا نعلم ، فحتى نعلم بذلك يلزم أمران ، إما أن نراه بأعيننا ، وهذا لم يحدث ، وقد قال النبي : "تعلموا أنه لن يرى أحد منكم ربه حتى يموت" .
فالشئ لا يُعرف إلا برؤيته أو برؤية مثيله ، ولا يوجد مثيل لعرش الله سبحانه وتعالى ، ولا يوجد مثيل لله ، قال تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) (الشورى:11) ، فهناك كيفية يعلمها الله سبحانه وتعالى ، أما نحن فلا نعلم الكيفية ، ولكن نؤمن بها ، فهناك كيفية لاستواء الله جل جلاله يعلمها هو ولا نعلمها نحن.
ثم قال أبو الحسن الأشعري رحمه الله تعالى: " وليس إذا قال : (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ) يعني جميع السماوات وإنما أراد العرش الذي هو أعلى السماوات ، ألا ترى الله تعالى ذكر السماوات فقال تعالى : (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً ) (نوح:16) ، ولم يُرد أن القمر يملأهن جميعا وأنه فيهن جميعاً ، ورأينا المسلمين جميعا يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء لأن الله تعالى مستو على العرش الذي هو فوق السماوات فلولا أن الله عز و جل على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش كما لا يحطونها إذا دعوا إلى الأرض"
وكتاب الإبانة عن أصول الديانة لأبي الحسن الأشعرى من أروع ما كُتب في عقيدة أهل السنة والجماعة ، وليحرص طالب العلم على اقتنائه.
فهذا مثال للتعارض بين العقل والنقل سببه أن العقل لم يفهم النقل ، فإذا حدث هذا ، على الإنسان أن ينسب الخطأ إلى نفسه ويُقدِّس كلام الله ولا يتجرأ عليه ، ويسأل أهل العلم ، فهو بذلك قد اتقى الله بأن ردَّ العيب إلى نفسه ونزَّه كلام ربه، والله تعالى قال: (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ) (البقرة:282) ، فيفهم في هذه الحالة ما أُشكل عليه ، وأما لو تجرأ وقدَّم عقله على كتاب ربه فلن يفهم وسيزداد في الضلالة ، كما قال تعالى: (قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدّاً ) (مريم:75) .
• ومثال ذلك أيضاً تشكيك بعض أتباع المستشرقين من الإسلاميين أساتذة الجامعات وشيوخ الفضائيات في حديث الذباب الذي رواه البخاري بسنده عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أن رسولَ الله قال : "إذا وقعَ الذبابُ في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه ، فإن في إحدى جناحيه داء وفي الآخر شفاء" .
فأخذوا يطعنون في هذا الحديث ويقولون: "إن العقل لا يقبل هذا" ، حتى أثبت الطب الحديث أن هذا حق فصدقوا بهذا الحديث.
نقول: طالما أنه وحي ثابت بمنهج أهل الحديث فهو حديث صحيح والذي فيه حق ، وكون العلم يعجز عن اكتشاف ذلك ، فالعيب في عقل الإنسان ، وليس في كلام النبي.
فهذا الحديث من معجزات النبي الطبية التي يجب أن يسجلها له تاريخ الطب بأحرف ذهبية ، فالذباب عليه بكتيريا في أحد جناحيه ، ومضادات هذه البكتريا تتكون في الجناح الآخر ، ونحن نعلم أنه إذا أصاب البدن فيروسات فإن أفضل علاج له هو المضادات التي يفرزها الجسم لمقاومة هذه الفيروسات ، وهذا هو أنجح علاج وإلا ينتشر المرض ، فالذباب نفسه يفرز مادة مضادة قاتلة للبكتيريا الموجودة فيه ، فمن الذي علَّم النبي هذا الكلام؟! فهذا وحي نزل من السماء.
وهذا الذباب نعمة من الله تعالى ، فهو مقياس لعامل النظافة ، فإذا وقع عدد قليل من الذباب على جسم الإنسان فإنها تنقل ميكروبات خفيفة ، وعندما تصل هذه الميكروبات إلى الجسم يقوم بعمل حماية تلقائية ، فتتعرف كرات الدم البيضاء على الميكروبات ، حتى إذا هجم ميكروب بهذه النوعية بعد ذلك ، يكون الجسم مستعداً له ، فهذا تطعيم تلقائي من قِبَل الحق ، فانظر إلى الحكمة ، فالله سبحانه وتعالى يحمي الإنسان بمثل هذه الأشياء ، وأما إن هجم الذباب على الإنسان فتكاثرت الميكروبات عليه حتى غلبت كرات الدم البيضاء ، حينئذ يُصاب الإنسان بالمرض ، وفي هذه الحالة يكون الإنسان هو المتسبب في هذا لأنه لم يحرص على النظافة.
فالله سبحانه وتعالى لا يفعل فعلاً إلا وهو خير يعود عليك ، وقال نبينا : "والشر ليس إليك" .
• ابن رشد الفيلسوف صاحب كتاب " بداية المجتهد ونهاية المقتصد " كان يقول : هنا أدلة الشرع متعارضة ، ونقدم العقل على النقل فيها.
ومن أمثلة ذلك : قوله سبحانه وتعالى: (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُل كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ) (النساء:78) ، فالحسنة والسيئة من عند الله على عكس كلام المنافقين، وفي الآية التي بعدها يقول تعالى: (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً ) (النساء:79) ، فلماذا أنكر عليهم أولاً؟، فهل السيئة من عند الله أم من عند العبد إذا خالف؟ ، يقول: هذا تعارض ، فنقدم العقل على النقل.
نقول: لا يوجد أي تعارض على الإطلاق لأن هناك حسنة وسيئة بالمعنى الكوني، وحسنة وسيئة بالمعنى الشرعي، الحسنة والسيئة التي بالمعنى الكوني أن الله يخلق الشر والخير ، قال تعالى: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) (الأنبياء:35)، فهزيمة الإنسان في المعركة هي سيئة بالنسبة له ، ولكنها يمكن أن تكون خيراً ،قال تعالى: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ ) (البقرة:216) ، فالنعمة أو النقمة ابتلاء من الله ، وهذا على اعتبار المعنى الكوني في ابتلاء العباد.
وأما على المعنى الشرعي ، فإن خالف أحد الشرع فهو المسئول لوقوعه في العصيان ، ولذلك يقول تعالى: (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ) أي ما أصابك من توفيق إلى طاعة فمن الله ، ولذلك فإن موافقة العبد للإرادة الشرعية موافقة أيضاً للإرادة الكونية ، وأما لو خالف العبد الإرادة الشرعية فإن الإرادة الكونية ستقع عليه.
فلا تعارض ، فإذا نظرت إلى وجه من وجوه التوحيد ، وهو معنى الربوبية التي بها يخلق الأشياء ، ( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ ) (التغابن:2) ، ولكن الذي يتحمل الوزر هو العاصي الذي عصى الله وخالف شرعه ، فما أصابه من سيئة فبسبب مخالفته ، وأما لو أطاع فسيصبح في خير (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) (الأعراف:96)
• ومن أمثلة ذلك أيضاً قوله تعالى: (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) (القصص:56) فالخطاب هنا للرسول ، فالهداية هنا منفية عن رسول الله ، وفي آية أخرى يقول تعالى: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (الشورى:52) فأثبت الهداية للنبي ، فهل هذا تعارض؟
بالطبع لا ، وعلى من يرى في الآيتين تعارضاً أن يعيب عقله ، فالهداية المنفية عن رسول الله هي الهداية الكونية التي كتب الله فيها في اللوح المحفوظ أهل الجنة وأهل النار ، فالرسول  لا يعلمها ولا قدَّرها ، وأما المثبت للرسول فالهداية الشرعية ، (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي ) أي تُبين وتُرشد.
• وكذلك يقول قائل: اقرأ في القرآن قوله تعالى: (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (النحل:74) ، ويقول أيضاً : (فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَأُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) (الشورى:11) ، ويقول في آية أخرى: (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى) (النحل:60) ، ويقول: (وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (الروم:27) ، فهل يُضرب لله المثل أم لا؟
نقول: قبل أن تُقْدِم على أن تُقَدِّم عقلك على كتاب الله وتشك في كلام الله اسأل ، قال تعالى: (فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) (النحل:43) ، فلا تعارض بين الآيات ، فالله سبحانه وتعالى لا يجوز في حقه نوعين من القياس ، ويجوز في حقه نوع من القياس ، فلا يجوز في حق الله قياس التمثيل وقياس الشمول ، فقوله تعالى : (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ) (النحل:74) ينطبق على قياس التمثيل والشمول ، وأما قوله تعالى: (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى) (النحل:60) هذا قياس الأولى ، فالغيبيات تُقاس بقياس الأولى ، أما عالم الشهادة فيُقاس بقياس التمثيل والشمول.
• وكذلك قال تعالى في آية: (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ . أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) (الواقعة:63-64) فنفى عنهم الزراعة ، وفي آية أخرى يقول: (يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ) (الفتح:29) فسماهم زراعاً ، وقال يوسف : (قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً ) (يوسف:47) ، هل هذا تعارض؟
نقول: باعتبار أن الله هو خالق الأسباب وهو الذي رتبها ، وهو الذي يخلق النتيجة على سببها ، والعلة التي تؤدي إلى معلولها ، فالله هو الذي زرع حقيقةً ، وباعتبار أن العبد يأخذ بالأسباب التي خلقها رب العزة والجلال سمَّاه زارعاً ، فهذه بالنظر إلى توحيد الربوبية ، وهذه بالنظر إلى توحيد الألوهية ، وليس هناك أي تعارض.
• وكذلك قال تعالى: (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ ) (الأنفال:17) فالذي قتل المشركين هنا هو الله ، وفي آية أخرى يقول: (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ) (البقرة:191)
نقول: الآية الأولى باعتبار النظر إلى الربوبية وأن الله هو الذي خلق الأسباب ، وأنه سبحانه وفَّق في الرمي ( وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى ) ، وباعتبار أن العبد يأخذ بالتشريع والتكليف ويأخذ بالأسباب سمَّاه الله قاتلاً .
وهناك بعض النقاط سنتكلم عنها في المحاضرة القادمة ، وهي:
- أيهما يُقدَّم على الآخر عند التعارض: العقل أم النقل؟
- من الذي يُقدم العقل على النقل؟
- من الذي يُقدم النقل على العقل؟
- كيف نُوصِّف التوصيف اللائق الذي كان عليه السلف وكان عليه الخلف؟
- هل العقل أصل في ثبوت النقل ، أم أنه أصل في التعرف على النقل؟
- أيهما يُحسِّن أو يُقِّبح ؟ هل العقل له دور في التحسين والتقبيح؟
- إذا قُدِّم العقل على النقل في باب الأخبار والغيبيات ، كيف تظهر بدع الاعتقادات؟
- إذا قُدِّم العقل على النقل في باب الأوامر والشرائع والأحكام ، كيف تظهر بدع العبادات؟
سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك.









آخر تعديل *ابو محمد الجزائري* 2013-07-18 في 06:59.
رد مع اقتباس
قديم 2013-07-18, 07:01   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
*ابو محمد الجزائري*
مشرف سابق
 
الأوسمة
المرتبة الاولى 
إحصائية العضو










افتراضي

إثبات أن النقل مقدم على العقل وأن العقل الصريح لا يناقض النقل الصحيح


الوجه السابع :

أن يقال : تقديم المعقول على الأدلّة الشرعيّة ممتنع متناقض، وأما التقديم الأدلة الشرعية فهو ممكن مؤتلف، فوجب الثاني دون الأول، وذلك لأن كون الشيء معلومًا بالعقل، أو غير معلوم بالعقل، ليس هو صفة لازمه لشيء من الأشياء، بل هو من الأمور النسبية الإضافية، فإن زيدًا قد يعلم بعقله ما لا يعلمه بكر بعقله، وقد يعلم الإنسان في حال بعقله ما يجهله في وقت آخر.

والمسائل التي يقال "إنه" قد تعارض فيها العقل والشرع جميعها مما اضطرب فيها العقلاء، ولم يتفقوا فيها على أن موجب العقل كذا، بل كل من العقلاء يقول : إن العقل أثبت، أو أوجب، أو سوغ ما يقول الآخر : إن العقل نفاه، أو أحاله، أو منع منه، بل "قد" آل الأمر بينهما إلى التنازع فيما يقولون : إنه من العلوم الضرورية، فيقول هذا : نحن نعلم بالضرورة العقلية ما يقول الآخر : إنه غير معلوم بالضرورة العقلية.

كما يقول أكثر العقلاء : نحن نعلم بالضرورة العقلية امتناع رؤية مرئي من غير معاينة ومقابلة، ويقول طائفة من العقلاء : إن ذلك ممكن.

ويقول أكثر العقلاء : إنا نعلم أن حدوث حادث بلا سبب حادث ممتنع، ويقول طائفة من العقلاء : إن ذلك ممكن.

ويقول أكثر العقلاء : إن كون الموصوف عالمًا بلا علم قادرًا بلا قدرة حيًّا بلا حياة ممتنع في ضرورة العقل، وآخرون ينازعون في ذلك.



وجمهور العقلاء يقولون : إثبات موجودين ليس أحدهما مباينًا للآخر ولا داخلًا فيه، أو إثبات موجود ليس بداخل العالم ولا خارجه معلوم الفساد بضرورة العقل، ومن الناس من نازع في ذلك.



"وجمهور العقلاء يعلمون أن كون نفس الإنسان هي العالمة بالأمور العامة الكليّة، والأمور الخاصة الجزئية معلوم بضرورة العقل، ومن الناس من نازع في ذلك"، وهذا باب واسع.



فلو قيل بتقديم العقل على الشرع، وليست العقول شيئًا واحدًا بيّنًا بنفسه، ولا عليه دليل معلوم للناس، بل فيها هذا الاختلاف والاضطراب؛ لوجب أن يحال الناس على شيء لا سبيل إلى ثبوته ومعرفته، ولا اتفاق للناس عليه.



وأما الشرع فهو في نفسه قول الصادق، وهذه صفة لازمة له، لا تختلف باختلاف أحوال الناس، والعلم بذلك ممكن، ورد الناس إليه ممكن، ولهذا جاء التنزيل بردّ الناس عند التنازع إلى الكتاب والسنة، كما قال تعالى : {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}، فأمر الله تعالى المؤمنين عند التنازع بالردّ إلى الله والرسول، وهذا يُوجب تقديم السمع، وهذا هو الواجب، إذ لو ردّوا إلى غير ذلك من عقول الرجال وآرائهم ومقاييسهم وبراهينهم لم يزدهم هذا الردّ إلا اختلافًا واضطرابًا، وشكًّا وارتيابًا.



ولذلك قال تعالى : {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ}، فأنزل الله الكتاب حاكمًا بين الناس فيما اختلفوا فيه؛ إذ لا يمكن الحكم بين الناس في موارد النزاع والاختلاف على الإطلاق إلا بكتاب منزّل من السماء، ولا ريب أن بعض الناس قد يعلم بعقله ما لا يعلمه غيره، وإن لم يمكنه بيان ذلك لغيره، ولكن ما علم بصريح العقل لا يتصوّر أن يعارضه الشرع البتة، بل المنقول الصحيح لا يعارضه معقول صريح قط.



وقد تأمّلتُ ذلك في عامة ما تنازع الناس فيه، فوجدت ما خالف النصوص الصحيحة الصريحة شُبُهَات فاسدة يُعْلَم بالعقل بطلانها، بل يعلم بالعقل ثبوت نقيضها الموافق للشرع.



وهذا تأمّلته في مسائل الأصول الكبار كمسائل التوحيد والصفات، ومسائل القدر والنبوات والمعاد وغير ذلك، ووجدت ما يعلم بصريح العقل لم يخالفه سمع قط، بل السمع الذي يقال إنه يخالفه : إما حديث موضوع، أو دلالة ضعيفة، فلا يصلح أن يكون دليلًا لو تجرّد عن معارضة العقل الصريح، فكيف إذا خالفه صريح المعقول؟ ونحن نعلم أن الرسل لا يخبرون بمحالات العقول بل بمحارات العقول، فلا يخبرون بما يعلم العقل انتفاءه، بل يخبرون بما يعجز العقل عن معرفته.



الوجه الثامن :



والمسائل التي يقال : إنه قد تعارض فيها العقل والسمع ليست من المسائل البينة المعروفة بصريح العقل، كمسائل الحساب والهندسة والطبيعيات الظاهرة والإلهيات البيّنة ونحو ذلك، بل لم ينقل أحد بإسناد صحيح عن نبينا -صلى الله عليه وسلم- شيئًا من هذا الجنس، ولا في القرآن شيء من هذا الجنس، ولا يُوجد ذلك إلا في حديث مكذوب موضوع يعلم أهل النقل أنه كذب، أو في دلالة ضعيفة غلط المستدلّ بها على الشرع.



فالأول : مثل حديث عرق الخيل الذي كذبه بعض الناس على أصحاب حماد بن سلمة، وقالوا : إنه كَذَبه بعض أهل البدع، واتهموا بوضعه محمد بن شجاع الثلجي، وقالوا : إنه وضعه ورمى به بعض أهل الحديث، ليقال عنهم : إنهم يَرْوُونَ مثل هذا، وهو الذي يقال في متنه : "إنه خلق خيلًا فأجراها، فعرقت، فخلق نفسه من ذلك العرق" تعالى الله عن فرية المفترين وإلحاد الملحدين؛ وكذلك حديث نزوله عشية عرفة إلى الموقف على جمل أورق، ومصافحته للركبان، ومعانقته للمشاة، وأمثال ذلك : هي أحاديث مكذوبة موضوعة باتفاق أهل العلم، فلا يجوز لأحد أن يدخل هذا وأمثاله في الأدلة الشرعية.



والثاني : مثل الحديث الذي في الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال : ((يقول الله تعالى : عبدي مرضت فلم تعدني، فيقول : رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ فيقول : أما علمت أن عبدي فلانًا مرض، فلو عدته لوجدتني عنده، عبدي جُعْتُ فلم تطعمني، فيقول : رب كيف أطعمك، وأنت رب العالمين؟ فيقول : أما علمت أن عبدي فلانًا جاع، فلو أطعمته لوجدت ذلك عندي)).



فإنه لا يجوز لعاقل أن يقول : إن دلالة هذا الحديث مخالفة لعقل ولا سمع، إلا من يظن أنه قد دلّ على جواز المرض والجوع على الخالق سبحانه وتعالى، ومن قال هذا "فقد كذب" على الحديث. "ومن قال : إن هذا ظاهر الحديث" أو مدلوله أو مفهومه فقد كذب، فإن الحديث قد فسّره المتكلم به، وبيّن مراده بيانًا زالت به كل شبهة، وبيّن فيه أن العبد هو الذي جاع وأكل ومرض وعاده العوَّاد، وأن الله سبحانه لم يأكلْ ولم يعُدْ.



بل غير هذا الباب من الأحاديث، كالأحاديث المرويّة في فضائل الأعمال على وجه المجازفة، كما يروى مرفوعًا : "أنه من صلى ركعتين في يوم عاشوراء يقرأ فيهما بكذا وكذا كُتب له ثواب سبعين نبيًّا" ونحو ذلك، هو عند أهل الحديث من الأحاديث الموضوعة، فلا يعلم حديث واحد يخالف العقل أو السمع الصحيح إلا وهو عند أهل العلم ضعيف، بل موضوع بل لا يعلم حديث صحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الأمر والنهي أجمع المسلمون على تركه، إلا أن يكون له حديث صحيح يدل على أنه منسوخ، ولا يعلم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حديث صحيح أجمع المسلمون على نقيضه؛ فضلًا عن أن يكون نقيضه معلومًا بالعقل الصريح البيّن لعامة العقلاء، فإن ما يُعلم بالعقل الصريح البيّن أظهر مما لا يعلم إلا بالإجماع ونحوه من الأدلة السمعية.


المصدر
https://sites.google.com/site/alqydt...aunqdh-aql-shh









رد مع اقتباس
قديم 2013-07-18, 07:50   رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
*ابو محمد الجزائري*
مشرف سابق
 
الأوسمة
المرتبة الاولى 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة syrus مشاهدة المشاركة
كلمة اهل العلم هذه كلمة غامضة , ثم ألا ترى ان اغلب من يتخصص في الرقية و يدعي معرفة اسرارها هم أهل الخزعبلات و اللاعلم ؟


هذا جزء من رد سابق في موضوع عن الرقية . طرحت فيه سؤالا و لم اتلق عنه جوابا . أرجو من مشرفي هذا القسم او كل من يعتقد انه خبير بالرقية و فنونها ان يعطي لنا تقييمه لهذه المواقع و المنتديات ؟
أوافقك اخي سيروس على ما ادليت به هنا
لا يخلوا من يدعي التخصص في علم الرقية و معرفة اسرارها و المواقع التي ادرجتها
من الخزعبلات و من التحدث في علم الغيب بلا علم

و هذا هو كان الهدف من فتح هذا القسم
ففي الرقية افترق الناس على اقسام

الملحدون: لا يؤمنون اصلا بعالم الغيب
المدرسة العقلية: لا يؤمنون بالمس، و لا يعترفون بالاحاديث الصحيحة اذا خالفت عقولهم و لو كان الحديث متفق عليه
اهل الحديث: و لا ادري قد يسميهم الكثيرون تسميات اخرى
و لنقل اهل السنة و الجماعة الذين يعتمدون في الاساس على الكتاب و ما صح من السنة على فهم السلف الصالح.

و هؤلاء اختلفوا و افترقوا الى قسمين:

الموقف الاول
ان الرقية توقيفية لانها عبادة
فلا يجوز التكلم فيها او عمل اي شيء فيها لم يرد في الكتاب و صحيح السنة
و لا يجيزون فيها بالتجربة و لا بالتخصص فيها و لا بادعاء فهم اسرارها
و في العصر الحديث الشيخ الالباني رحمه الله على رأس هذا الموقف
حيث يرى ان اي اجتهاد في الرقية لم يرد في الكتاب و السنة يعتبر بدعة في هذه العبادة
https://www.muslmh.com/vb/t256528.html#.UeeLn9JjmSo

الموقف الثاني
ان الرقية اجتهادية
اي ان ناخذ من الكتاب و السنة و ثبت نفعه ما لم تكن شركا
كأخذ ورقات من سدر و جعلها في ماء ثم الاغتسال بها
او القراءة في الماء ثم يشربه المريض
و منهم من شدد في هذا الاجتهاد بأن يكو من طرف العلماء الراسخين و ليس كل من هب و دب
و من بين اصحاب هذا الموقف ابن حجر العسقلاني رحمه الله على ما اذكر
و الشيخ ابن باز و العثيمين رحمهم الله
و قد يفيدك هذا الرابط لاصحاب هذا الموقف
https://www.almoslim.net/node/82013

الدجالون و الخرافيون: غالبا ما يلبسون بالاخذ من الكتاب و السنة في الرقية
مع اضافة بعض الاشياء التي لا يمكن معرفتها الا عن طريق الجن -سواء كانت صدقا او كذبا - او من عند السحرة
و انجرف مع هذا الامر بعض الرقاة الملتزمين هداهم الله
و كذلك التوسع في الرقية الاجتهادية بما لم يقر به العلماء -او شذ به بعض العلماء-
و هؤلاء يدعون ان للرقية اهلها و انهم مختصون فيها و لديهم اسرارها
و التكلم في علم الغيب بما لم يأت في الكتاب و السنة
حتى وصفوا الجن و احوالهم بما لا يعرفه الا ساحر او جني
و التصاق هؤلاء بالرقية ادخل عليها -عند الناس - الكثير من الدجل و الخزعبلات
نسأل الله ان يهدهم


و للحديث بقية ان شاء الله









آخر تعديل *ابو محمد الجزائري* 2013-07-18 في 07:56.
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
......, أثناء, أيها, مهما, المريض, الرقاة, الرقية


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 02:17

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc