بقلم الاستاذ الشاعر عمري الطاهر
الجزء الثاني
إنه -الشاعر محمد جربوعة-يقول:أنا هنا أنا لها لم لا وكلماته ذهب يلبسه خواتم في يديه.
قالت :أتعرف ما أحس؟وما أريد؟
قلت:اطلبي..قالت:ولي طلب وحيد
إني أريدك أن تقول قصيدة
في الشام تصبح في الشوارع كالنشيد
فوضعت كفي فوق رأسي هكذا
وأشرت للعينين من جهة الخدود
فهمت على رأسي وعيني تكرمي
والشاميات إذا طلبنا فلا محيد
شردت وقالت لو نزار ها هنا
فأجبتها إني هنا فدعي الشرود
قالت :غرورك في القصيدة مذهل
والحكم يبقى على القصيد
يبدأ الشاعر قصيدته بهذا الحوارالتفاوضي كأنها جاءت بعد مخاض عسير والعسر سمة من سمات التفاوض ،لكن عهدي بالشاعر لا يترك ما يختلجه الصدر في صدره عهدي به يبوح ليتخلص من معاناته ،ليتخلص من مكنوناته ،فالسؤال الذي يطرح نفسه ها هنا،
ما سبب هذا البوح الذي جاء بعد الطلب طلب الشامية التي أرادت أن تكون القصيدة نشيدا في الشوارع يتغنى بها كل الناس بعد أن يتلقفوها ؟،ما سبب هذه الولادة العسيرة
التي توجت هذا التفاوض على البوح؟وياله من تتويج إنه قصيدة اختلفت عن كل القصائد التي تحدث أصحابها عن الأوطان وعن النكسات التي أصابتها كما دمشق الآن.
وللإجابة عن الأسئلة السابقة تعالوا نقرأ هذين السطرين اللذين يمثلان بؤرة تشع بالدلالات:
عندما طلبت الشامية من الشاعر أن يقول قصيدة في الشام،هلع وقال:
فوضعت كفي فوق رأسي هكذا
وأشرت للعينين من جهة الخدود
وانت تقرأ هذين السطرين فإنك تحاول أن تتمثل هذا المشهد فتضع أصبعك على خدك مشيرا إالى العينين محذرا من التطرق الى هذا الموضوع الذي أصبح من الطابوهات والموضوعات التي يمنع الحديث فيها ،
ونتسائل بعدها هل يحق للشاعر أن يسكت طول هذه المدة ولا يقول كلمة واحدة عن دمشق الشامخة عن دمشق الوليد ؟
في رأيي:والله يحق لشاعر مثل شاعرنا -محمد جربوعة-أن يسكت في هذه الظروف العصيبة التي اختلط فيها الحابل بالنابل يحق له لسبب واحد ، وهو كي لا ينطق كفرا
والمثل يقول:سكت دهرا ونطق كفرا،هذا من جهة ومن جهة أخرى فالقصيدة التي بين أيدينا ليست كفرا إنها قصيدة شامخة شموخ دمشق ،إن قائلها شاعر فاره حاذق يستخدم الكلمة استخداما لم يسبقه أحد فيها وعلى رأي الدكتور عباس الجنابي عندما علق على قصيدة -قدر حبه ولا مفر-لنفس الشاعر قائلا:لم يترك في هذه القصيدة لأحد أي شيء ،هاهو يفعلها محمد جربوعة مرة أخرى.....يتبع