غياب بن سلمان عن قمة الجزائر هل هي لأسباب صحية أم لأسباب سياسية؟ ماهي؟
اعتذر محمد بن سلمان عن حضور القمة العربية في الجزائر، وأرجع غيابه لدواع صحية.
ليست هي المرة الأولى فقد كانت للرجل زيارة مبرمجة للجزائر قبل فترة من الآن ولكنه ألغاها في آخر لحظة !
هناك أسباب أخرى تكون وراء غياب محمد بن سلمان الحاكم الفعلي في السعودية بسبب مرض والده سلمان بن عبد العزيز لحضور القمة العربية التي ستعتقد في الجزائر أوائل نوفمبر القادم نلخصها في مايلي:
أولا، العلاقة الطيبة بين الجزائر وإيران، ففي الفترة الماضية لوحظ أن الرياض تقود حربا شعواء على طهران في أكثر من ساحة وبشتى الوسائل والسبل في العراق وسوريا واليمن ولبنان..، والجزائر كما يعلم الجميع تجمعها علاقات طيبة مع هذا البلد كما هو الحال مع جميع البلدان الأخرى باستثناء الكيان الصهيوني، ويبدو أن الرياض تريد للجزائر أن تحذو حذو بلدان الخليج باستثناء قطر والإمارات أو بعض الدول العربية مثل المغرب والأردن في علاقتها مع إيران، وأن تنحاز الجزائر للموقف والأطروحة السعودية، فالسعودية سارت على خطى مشيخة قطر عندما جرى الحديث والعمل على إمكانية عودة سوريا إلى الجامعة العربية في قمة الجزائر، ولكن قطر قالت أنه إذا طرح موضوع عودة سوريا إلى الجامعة العربية فإنها لن تحضر وبالمقابل لو تم ترك الموضوع على حالته الحالية فإنها ستشارك في القمة وقد رضخت الجزائر في الأخير لمطلب مشيخة قطر وألغت موضوع عودة سوريا إلى البيت العربي، ويبدو أن السعودية خيرت الجزائر هذه المرة على الطريقة القطرية بين قطع الجزائر للعلاقات مع إيران وتحضر السعودية أو بقاء العلاقة بين الجزائر وإيران وبالتالي سيكون ثمن ذلك غياب القيادة السعودية في القمة وهذا الأمر لم يحصل وبالتالي قررت السعودية عدم حضور القيادة إلى القمة وأبقت الجزائر على علاقتها مع إيران.
ثانيا، التعاطي مع الأزمة السورية والتي أثرت على العلاقة بين الجزائر والسعودية، ففي الوقت الذي وقفت فيها السلطات الجزائرية إلى جانب الحكومة السورية في صراعها مع المعارضة بدء من 2011 فقد اختارت الرياض الوقوف مع فصيل مسلح من المعارضة السورية بزعم وجود تحالف بين سوريا وإيران وارتماء النظام السوري في حضن النظام الإيراني، وقد كانت الرياض تأمل في أن تنحاز الجزائر لصفها وهذا الذي لم يحصل أبدا، ولعل أكبر دليل على ذلك افشال مساعي الجزائر من طرف السعودية وقطر لارجاع سوريا إلى مقعدها الشاغر منذ 11 سنة في الجامعة العربية والتي أتيحت له الفرصة في قمة الجزائر.
ثالثا، والمتمثل في القضية الصحراوية ففي الوقت الذي تقف فيه الجزائر مع الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن وميثاق الأمم المتحدة وحكم محكمة العدل الدولية في لاهاي والحفاظ على الحدود الموروثة على الإستعمار وعدم تغييرها بالقوة ولوائح الأمم المتحدة التي تسجل هذه القضية في خانة تصفية الإستعمار والمسار الأممي الذي أكد على الاستفتاء كخيار وحيد لحل الأزمة وتشكيل لجنة أممية المينورسو لمتابعة الموضوع تقف الرياض إلى جانب أطروحة نظام المخزن التي تقدم الحكم الذاتي للشعب الصحراوي في إطار ما يسمى بالوحدة الترابية بمعنى آخر تبني فكرة "مغربية الصحراء"!
رابعا، توجس الرياض من علاقة الجزائر بتركيا، فتركيا في عهد العثمانين الجدد لم تخفي أبدا دعمها لما يسمى بثورات الربيع العربي ولجماعة الإخوان المسلمين وللتنظيم الأممي والجزائر كما يعلم الجميع لها علاقات طيبة مع تركيا كما مع دول العالم جميعا باستثناء الكيان الصهيوني، والسعودية والخليج في حالة ذعر من تركيا والتي على ما يبدو تريد احياء الإمبراطورية العثمانية التي ستلتهم كل شيء أمامها وخاصة بعد قرار أمريكا الإنسحاب من منطقة الشرق الأوسط بعد اكتشافها لمخزونات هائلة من النفط والغاز الصخري في أمريكا واكتفائها ذاتيا بل والقدرة على تصديره للدول المستهلكة أضف إلى ذلك ظهور أخطار هائلة تهدد أحادية قطبيتها في أقصى جنوب شرق آسيا (الصين).
خامسا، وجود علاقة طيبة بين الجزائر وتركيا أرخى بظلاله على عدة ملفات من بينها ملف ليبيا والأحداث الجارية بها الآن والصراع القائم بين أنصار تركيا وقطر من جهة وأنصار السعودية والإمارات ومصر من جهة ثانية، والجزائر كما يعلم الجميع تقف إلى جانب الفصيل الذي تعترف به الأمم المتحدة والمتمثل للأسف في أنصار تركيا، لقد كانت السعودية (الإمارات) تأمل في أن تنحاز الجزائر لها في هذا الملف وفي أقل الأحوال الحياد في بلد يتشارك الحدود مع الجزائر ولا يتشارك الحدود مع تلك البلدان باستثناء مصر، ويمكن اسقاط الكلام نفسه عن الأحداث الجارية منذ مدة وحاليا في تونس والتي يحتدم فيها الصراع بين الإسلاميين أنصار تركيا وقطر وقيس سعيد وأزلامه حليف الإمارات والسعودية ومصر وتتضارب فيها الأجندات الخارجية بشكل قوي ورهيب.
سادسا، وهو متعلق بعملية التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني، ففي الوقت الذي التحقت فيه البحرين والمغرب والإمارات وسلطنة عمان... بقافلة التطبيع ولقاءات سرية جمعت السعودية بالكيان الصهيوني في المدينة الجديدة نيوم والتي تقف فيها السعودية إلى جانب هذا الخيار فإن الجزائر امتنعت ورفضت جملة وتفصيلا عملية التطبيع تلك في إطار ما يسمى بسلام أبراهام وتصفية القضية الفلسطينية والتي فرط فيها العرب والمسلمون في الحق الفلسطيني الذي لا أحد يحق له التصرف فيه حتى الفلسطينيون أنفسهم لأنه ذا طابع إنساني ديني عقدي قومي.
فالسعودية لولا سقوط دونالد ترامب ومجيء الديمقراطيين (بخاصة اليسار/ والإسلاميين الأمريكان من النواب) الذين وقفوا من محمد بن سلمان موقف الشك والريبة وموقف عداء لصلته باغتيال الصحفي السعودي الأمريكي الذي يكتب في صحيفة الواشنطن بوست جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في تركيا لسارت السعودية في موضوع التطبيع إلى منتهاه ولأعلنت وجهرت السعودية بتطبيعها وسوقت لهذا التطبيع علانية بل ولأصبحت رأس حربة لعملية التطبيع هاته، وهي بموقفها للأمير ولي العهد من عدم حضوره للقمة في الجزائر تؤكد على رفضها لموقف الجزائر من عملية التطبيع ومن المطبعين وهي بذلك تريد من الجزائر أن تحذو حذو الدول المُطبعة.
هذه هي في رأينا الأسباب الحقيقية وراء تخلف محمد بن سلمان عن القمة العربية في الجزائر، وبلا شك فإن غياب قادة السعودية متمثلا في الملك سلمان بن عبد العزيز المريض وابنه محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للمملكة سيؤثر على الثمار والنتائج في نهاية هذه القمة، ففي النهاية وبغض النظر عمن يحكم السعودية فهي دولة محورية في المنطقة العربية وعلى المستوى الدولي ولها وزن وثقل كبير في داخل الجامعة العربية وفي قممها، وفي الأخير نرجو أن لا يؤثر غياب القيادة السعودية في القمة على آمال الشعوب العربية التي تنتظر كل فترة وبفارغ الصبر بزوغ فرصة جديدة لرص الصف العربي والتوحد لمجابهة المخاطر المحدقة بالمنطقة وشعوب المنطقة.
سلام
بقلم: سندباد علي بابا
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
2022-10-23, 08:31
غياب بن سلمان عن قمة الجزائر هل هي لأسباب صحية أم لأسباب سياسية؟ ماهي؟
العرض العادي
