تربية النفس - الصفحة 4 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم النوازل و المناسبات الاسلامية .. > قسم التحذير من التطرف و الخروج عن منهج أهل السنة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

تربية النفس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-10-13, 14:26   رقم المشاركة : 46
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تعريف الشجاعة ، وعوامل التخلّق بها.

السؤال :

ما هي الشجاعة في الإسلام ؟

وكيف يكون المرء شجاعا ؟


الجواب :


الحمد لله

أولا :

الشَّجاعةُ لغة: شِدّةُ القَلْبِ فِي البأْس، وقد شَجُعَ، شَجاعةً: اشْتَدَّ عِنْدَ البَأْسِ.

ورجلٌ شجاعٌ، وَامْرَأَة شُجاعة، ونسوة شجاعات، وَقوم شُجعاء وشُجْعان وشَجْعة.

"تهذيب اللغة" (1/ 214) ، "لسان العرب" (8/ 173).

وقال ابن فارس رحمه الله:

" الشِّينُ وَالْجِيمُ وَالْعَيْنُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، يَدُلُّ عَلَى جُرْأَةٍ وَإِقْدَامٍ " انتهى من"مقاييس اللغة" (3/ 247).

ثانيا :

الشجاعة اصطلاحا:

ثبات الْقلب عِنْد النَّوَازِل، واستقراره عِنْد المخاوف، قال ابن القيم رحمه الله:

" كثير من النَّاس تشتبه عَلَيْهِ الشجَاعَة بِالْقُوَّةِ ، وهما متغايران، فَإِن الشجَاعَة هِيَ ثبات الْقلب عِنْد النَّوَازِل وَإِن كَانَ ضَعِيف الْبَطْش.

وَكَانَ الصّديق رَضِي الله عَنهُ أَشْجَع الْأمة بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ عمر وَغَيره أقوى مِنْهُ، وَلَكِن برز على الصَّحَابَة كلهم بثبات قلبه فِي كل موطن من المواطن الَّتِي تزلزل الْجبَال، وَهُوَ فِي ذَلِك ثَابت الْقلب، رابط الجأش، يلوذ بِهِ شجعان الصَّحَابَة وأبطالهم، فيُثَبِّتهم ويشجعهم " انتهى من "الفروسية" (ص 500) .

وقال أيضا :

" الشجَاعَة من الْقلب ، وَهِي ثباته واستقراره عِنْد المخاوف .

وَهُوَ خلق يتَوَلَّد من الصَّبْر وَحسن الظَّن، فَإِنَّهُ مَتى ظن الظفر ، وساعده الصَّبْر : ثَبت .

كَمَا أَن الْجُبْن يتَوَلَّد من سوء الظَّن وَعدم الصَّبْر، فَلَا يظنّ الظفر، وَلَا يساعده الصَّبْر .

وأصل الْجُبْن من سوء الظَّن ، ووسوسة النَّفس بالسوء ... " انتهى من "الروح" (ص 236) .

وقال ابن حزم رحمه الله:

" حد الشجاعة: بذل النفس للموت عن الدين والحريم، وعن الجار المضطهد، وعن المستجير المظلوم، وعن الهضيمة ظلما في المال والعرض، وفي سائر سبل الحق، سواء قل من يعارض أو كثر .

والتقصير عما ذكرنا : جُبن وخور .

وبذلها في عَرَض الدنيا : تهور وحمق .

وأحمق من ذلك : من بذلها في المنع عن الحقوق الواجبات، قِبِلك ، أو قِبَل غيرك " .

انتهى من"الأخلاق والسير" (ص 32).

ثالثا :

كان رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أشجع الناس ، كما روى البخاري (2908) ، ومسلم (2307) عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ المَدِينَةِ لَيْلَةً، فَخَرَجُوا نَحْوَ الصَّوْتِ، فَاسْتَقْبَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ اسْتَبْرَأَ الخَبَرَ، وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ، وَفِي عُنُقِهِ السَّيْفُ، وَهُوَ يَقُولُ: (لَمْ تُرَاعُوا، لَمْ تُرَاعُوا) " .

رابعا:

عوامل التخلق بالشجاعة كثيرة ، نذكر منها:

-قوة الإيمان والثبات عليه.

-النظر في سير أهل الشجاعة والبسالة من أبطال الإسلام.

-الجرأة في قول الحق والصدع به.

-الجرأة في إنكار المنكر والنهي عنه.

-تملك زمام النفس، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ ).

رواه البخاري (6114) ، ومسلم (2609).

قال ابن الأثير في "النهاية" (3/ 23):

" الصُّرَعَة: المُبَالِغُ في الصِّرَاع الذي لَا يُغْلَبُ، فنقَلَهُ إِلَى الَّذِي يَغْلِبُ نفْسَه عِنْدَ الغَضَب ويَقْهَرُهَا، فَإِنّه إِذَا مَلَكَها ، كَانَ َقد قَهَرَ أَقْوَى أعْدَائِهِ وشَرَّ خُصُومه " انتهى .

-تعظيم الأوامر الشرعية .

-تعظيم حرمات الله

-الإقدام في مواطن الإقدام.

-نصرة المظلوم، والسعي في رفع الظلم عنه.

والله تعالى أعلم.

الخلاصه

الشجاعة : ثبات الْقلب عِنْد النَّوَازِل، واستقراره عِنْد المخاوف.








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-10-13, 14:30   رقم المشاركة : 47
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

: ماهو اليقين وما صفات أهل اليقين ؟

السؤال :

ماهو اليقين ؟

وما هي صفات أهل اليقين ؟

وكيف يصل المسلم لليقين ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

قال ابن سعدي

" اليقين : هو العلم التام الذي ليس فيه أدنى شك، الموجب للعمل "

انتهى من "تفسير السعدي" ص(40).

وقال بعضهم

" ظهور الشيء للقلب بحيث يصير نسبته إليه كنسبة المرئي إلى العين فلا يبقى معه شك ولا ريب أصلا وهذا نهاية الإيمان وهو مقام الإحسان "

ينظر "مدارج السالكين"(2/399) .

فاليقين أرقى درجات الإيمان ، وأخص صفات أهل التقوى والإحسان ، قال تعالى (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) سورة لقمان : 4-5

قال ابن القيم :

" اليقين من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد، وبه تفاضل العارفون، وفيه تنافس المتنافسون، وإليه شمر العاملون، وهو مع المحبة ركنان للإيمان، وعليهما ينبني وبهما قوامه، وهما يُمدان سائر الأعمال القلبية والبدنية

وعنهما تصدر، وبضعفهما يكون ضعف الأعمال، وبقوتهما تقوى الأعمال، وجميع منازل السائرين إنما تُفتتح بالمحبة واليقين، وهما يثمران كل عمل صالح، وعلم نافع، وهدى مستقيم"

انتهى من "مدارج السالكين" (2/397) .

واليقين على ثلاثة أوجه ، ذكرها أبو بكر الوراق : يقين خبر ، ويقين دلالة ، ويقين مشاهدة .

قال ابن القيم رحمه الله :

" يريد بيقين الخبر : سكون القلب إلى خبر المخبِر، وتَوَثُّقُة به .

وبيقين الدلالة : ما هو فوقه ، وهو أن يقيم له ، مع وثوقه بصدقه : الأدلة الدالة على ما أخبر به ، وهذا كعامة أخبار الإيمان والتوحيد والقرآن ، فإنه سبحانه مع كونه أصدق الصادقين

يقيم لعباده الأدلة والأمثال والبراهين على صدق أخباره ، فيحصل لهم اليقين من الوجهين : من جهة الخبر ، ومن جهة الدليل .

فيرتفعون من ذلك إلى الدرجة الثالثة ، وهي يقين المكاشفة ، بحيث يصير المخبَر به لقلوبهم ، كالمرئي لعيونهم ؛ فنسبة الإيمان بالغيب حينئذ إلى القلب : كنسبة المرئي إلى العين .

وهذا أعلى أنواع المكاشفة ، وهي التي أشار إليها عامر بن عبد قيس في قوله : لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا . وليس هذا من كلام رسول الله ولا من قول علي كما يظنه من لا علم له بالمنقولات "

انتهى من "مدارج السالكين" (2/400) .

ثانيا :

صفات أهل اليقين كثيرة ، وينتظم في صفاتهم جميع الصفات المؤدية إلى رضى الرحمن ، ولكن نذكر منها على سبيل المثال :

1- هوان مصائب الدنيا عليهم : ولقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : "اللهم قْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ

وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصائب الدُّنْيَا ، اللهم أمتعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا ، وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا

وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا ، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا ، وَلاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِى دِينِنَا ، وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا ، وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا ، وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لاَ يَرْحَمُنَا" أَخْرَجَهُ الترمذي (3502)

و"النَّسَائي" في عمل اليوم والليلة (402) عن ابن عمر رضي الله عنه .

وهوان المصيبة ، والتحلي بالصبر تجاهها : يتفاوت على حسب تفاوت اليقين في القلوب ، فأعظم الناس صبرا ، هو أعظمهم يقينا ، وكلما ترقى العبد في مراتب اليقين = ترقى في مراتب الصبر

كما قال تعالى (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ) .

2- راحة النفس وطمأنينة القلب فيما يفوت من حظوظ الدنيا ، ثقة بموعود الله ، ورجاء العوض والخلف منه سبحانه .

3 – قوة توكلهم على الله واستشعار معيته لهم : قال صلى الله عليه وسلم لصاحبه في الغار أبي بكر الصديق رضي الله عنه وقد أحدقت بهم الأخطار " ما ظنك باثنين الله ثالثهما ، لا تحزن إن الله معنا " .

قال سبحانه : ( إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (40) سورة التوبة .

وقال موسى ( فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ )

4- كثرة إنفاقهم في سبيل الله ليقينهم التام بأن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ، وأن الرزق ليس بيد أحد من البشر وإنما هو بيد الله تعالى وحده

قال سبحانه : ( وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ * وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ) .

5- من سيماهم الخشوع والاستقامة :

قال الحسن البصري رحمه الله : "ما أيقن عبد بالجنة حق يقينها ، إلا خشع ووجل وذل واستقام واقتصر حتى يأتيه الموت" . ابن أبي الدنيا : اليقين 97.

6- من سيماهم : زهدهم في الدنيا وقصر أملهم فيها : فلا تتعلق نفس الموقن بها، ولا يتشبث بُحطامها، وإنما يكون زاهداً فيها؛ لأنه يعلم أنها ليست موطناً له،

ولأنه يعلم أنها دار ابتلاء، وأنه فيها كالمسافر يحتاج إلى مثل زاد الراكب، ثم بعد ذلك يجتاز ويعبر إلى دار المقام، فهو بحاجة إلى أن يشمر إليها، وأن يعمل لها .

7- من سيماهم عظيم انتفاعهم بآيات الله الكونية والشرعية ، كما قال تعالى { وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ } .

إلى غير ذلك من أعمال البر والإحسان التي يزداد منها المؤمن بقدر يقينه .

ثالثا :

سبيل تحصيل اليقين يحتاج إلى مقامين :

مقام الرسوخ في العلم النافع ، بكثرة النظر والبحث فيه ، والنظر في شواهده ودلائله الصحيحة .

ثم بذل الوسع في فعل المأمور ، والمجاهدة والمصابرة عليه ، واجتناب المنهي عنه ، حتى تتزكى النفس ، وتتخلص من حظوظها ويسلم القلب ويصفو ويزداد الإيمان حتى يبلغ مرتبة اليقين .

وأعظم أبواب تحصيل اليقين : العناية بكلام رب العالمين ، تلاوة ، وتدبرا ، وعلما ، وعلما .

قال محمد رشيد رضا :

" وَاعْلَمْ أَنَّ قُوَّةَ الدِّينِ وَكَمَالَ الْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ لَا يَحْصُلَانِ إِلَّا بِكَثْرَةِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَاسْتِمَاعِهِ، مَعَ التَّدَبُّرِ بِنِيَّةِ الِاهْتِدَاءِ بِهِ وَالْعَمَلِ بِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ.

فَالْإِيمَانُ الْإِذْعَانِيُّ الصَّحِيحُ : يَزْدَادُ وَيَقْوَى وَيَنْمَى ، وَتَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ آثَارُهُ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَتَرْكِ الْمَعَاصِي وَالْفَسَادِ = بِقَدْرِ تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ

وَيَنْقُصُ وَيَضْعُفُ عَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ مَنْ تَرَكَ تَدَبُّرَهُ، وَمَا آمَنَ أَكْثَرُ الْعَرَبِ إِلَّا بِسَمَاعِهِ وَفَهْمِهِ، وَلَا فَتَحُوا الْأَقْطَارَ، وَمَصَّرُوا الْأَمْصَارَ، وَاتَّسَعَ عُمْرَانُهُمْ، وَعَظُمَ سُلْطَانُهُمْ، إِلَّا بِتَأْثِيرِ هِدَايَتِه "

انتهى من "تفسير المنار" (9/463) .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-15, 13:33   رقم المشاركة : 48
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




كيف يطبق الإنسان الصبر عند البلاء ؟

السؤال

كيف تكون ردة فعل الناس الغاضبة عند تعرضهم للابتلاء؟

على سبيل المثال امتعض مصعب بن عمير رضي الله عنه عندما امتحن في والدته، فماذا فعل؟

لأوضح قصدي فأنا لا أعني أن مصعب بن عمير أظهر امتعاضه ولكنني أطلب مثالًا على عدم الصبر على البلاء كما حدث في حالة مصعب بن عمير؟


الجواب :

الحمد لله

أولاً:

طبيعة الدنيا الابتلاء ، وما لم يوطّن المؤمن نفسه على ذلك ، ويتخذ الصبر عدة له ، فسوف ينغّص على نفسه حياته ، ويضيّع عليها أجره .

وينبغي علينا نحن المسلمين أن نتأمل في كتاب ربنا وما أمرنا به من الصبر وحث عليه ، وننظر في أحوال نبينا صلى الله عليه وسلم وصحابته وسلفنا الصالح ، وكيف أنهم صبروا على المحن والشدائد ، لكي نقتدي بهم في ذلك .

ولا يخفى ما في الصبر من الأجر العظيم والمنزلة الرفيعة عند الله عز وجل ، وهنيئا بشرى الله لهم (وبشر الصابرين) .

ثانياً:

ليس في قصة مصعب بن عمير رضي الله عنهم أنه جزع أو لم يصبر، بل المأثور عنه أنه صبر على السجن في مكة ، وكان يدعو أمه لكي تسلم وهو موثَقٌ مسجون، ولم يؤثر عنه ما قيل في السؤال .

وروى ابن إسحاق في مغازيه عن سعد ابن أبي وقاص قال: "كنا قوماً يصيبنا صلف العيش بمكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وشدته، فلما أصابنا البلاء اعترفنا لذلك

وصبرنا له، وكان مصعب بن عمير أنعم غلام بمكة، وأجوده حلة مع أبويه، ثم لقد رأيته جهد في الإسلام جهداً شديدا حتى لقد رأيت جلده يتحشف تحشف جلد الحية عنها ... ثم أكرمه الله عز وجل بالشهادة يوم أحد"

انتهى من "السير والمغازي" ص(193) .

ثالثاً:

قد أصيب بعض الصحابة بمصائب ، وحصلت منهم ردة فعل يكرهها النبي صلى الله عليه وسلم ، فكان يأمرهم بالصبر ويرشدهم إلى الصواب ، فيرجعون من فورهم ، رضي الله عنهم .

فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قَالَ : (مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ فَقَالَ : اتَّقِي اللَّهَ ، وَاصْبِرِي . قَالَتْ : إِلَيْكَ عَنِّي ! فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي ، وَلَمْ تَعْرِفْهُ .

فَقِيلَ لَهَا : إِنَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَتَتْ بَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ ، فَقَالَتْ : لَمْ أَعْرِفْكَ . فَقَالَ : إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى) رواه البخاري (1283) ومسلم (926) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" (3/149) :

"قَالَ الْقُرْطُبِيّ : الظَّاهِر أَنَّهُ كَانَ فِي بُكَائِهَا قَدْر زَائِد مِنْ نَوْح أَوْ غَيْره , وَلِهَذَا أَمَرَهَا بِالتَّقْوَى . قُلْت (ابن حجر) : يُؤَيِّدهُ أَنَّ فِي مُرْسَل يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير الْمَذْكُور (فَسَمِعَ مِنْهَا مَا يُكْرَه

فَوَقَفَ عَلَيْهَا) . وَقَالَ الطِّيبِيّ : قَوْله (اِتَّقِي اللَّه) تَوْطِئَة لِقَوْلِهِ (وَاصْبِرِي) كَأَنَّهُ قِيلَ لَهَا خَافِي غَضَب اللَّه إِنْ لَمْ تَصْبِرِي ، وَلَا تَجْزَعِي لِيَحْصُل لَك الثَّوَاب .

قَوْله : ( وَلَمْ تَعْرِفهُ ) أَيْ خَاطَبْته بِذَلِكَ ، وَلَمْ تَعْرِف أَنَّهُ رَسُول اللَّه ...

وَزَادَ مُسْلِم فِي رِوَايَة لَهُ : (فَأَخَذَهَا مِثْل الْمَوْت) أَيْ مِنْ شِدَّة الْكَرْب الَّذِي أَصَابَهَا لَمَّا عَرَفَتْ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، خَجَلًا مِنْهُ وَمَهَابَة .

قَوْله : ( إِنَّمَا الصَّبْر عِنْد الصَّدْمَة الْأُولَى ) وَالْمَعْنَى : إِذَا وَقَعَ الثَّبَات ، أَوَّل شَيْء يَهْجُم عَلَى الْقَلْب مِنْ مُقْتَضَيَات الْجَزَع ؛ فَذَلِكَ هُوَ الصَّبْر الْكَامِل الَّذِي يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الْأَجْر .

وَقَالَ الطِّيبِيّ : صَدَرَ هَذَا الْجَوَاب مِنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْلهَا : ( لَمْ أَعْرِفك ) ؛ عَلَى أُسْلُوب الْحَكِيم ، كَأَنَّهُ قَالَ لَهَا : دَعِي الِاعْتِذَار ، فَإِنِّي لَا أَغْضَب لِغَيْرِ اللَّه ، وَانْظُرِي لِنَفْسِك . وَقَالَ الزَّيْن بْن الْمُنِير

: فَائِدَة جَوَاب الْمَرْأَة بِذَلِكَ : أَنَّهَا لَمَّا جَاءَتْ طَائِعَة لِمَا أَمَرَهَا بِهِ مِنْ التَّقْوَى وَالصَّبْر ، مُعْتَذِرَة عَنْ قَوْلهَا الصَّادِر عَنْ الْحُزْن : بَيَّنَ لَهَا أَنَّ حَقّ هَذَا الصَّبْر أَنْ يَكُون فِي أَوَّل الْحَال , فَهُوَ الَّذِي يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الثَّوَاب اِنْتَهَى .

وَيُؤَيِّدهُ أَنَّ فِي رِوَايَة أَبِي هُرَيْرَة الْمَذْكُورَة (فَقَالَتْ أَنَا أَصْبِر , أَنَا أَصْبِر) .

وَفِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد غَيْر مَا تَقَدَّمَ ...

أَنَّ مَنْ أُمِرَ بِمَعْرُوفٍ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْبَل ، وَلَوْ لَمْ يَعْرِف الْآمِرَ .

وَفِيهِ أَنَّ الْجَزَع مِنْ الْمَنْهِيَّات ، لِأَمْرِهِ لَهَا بِالتَّقْوَى مَقْرُونًا بِالصَّبْرِ .

وَفِيهِ التَّرْغِيب فِي اِحْتِمَال الْأَذَى عِنْد بَذْل النَّصِيحَة وَنَشْر الْمَوْعِظَة" انتهى .

وقال الشيخ محمد بن عثمين رحمه الله في "القول المفيد" (2/215) :

"الناس حال المصيبة على مراتب أربع :

الأولى : السخط ، وهو إما أن يكون بالقلب ، كأن يسخط على ربه ويغضب على قدر الله عليه ، وقد يؤدى إلى الكفر

قال تعالى : ( ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير أطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجه خسر الدنيا والآخرة ) [ الحج : 11] .

وقد يكون باللسان ، كالدعاء بالويل والثبور وما أشبه ذلك .

وقد يكون بالجوارح ، كلطم الخدود ، وشق الجيوب ، ونتف الشعور ، و أشبه ذلك .

الثانية : الصبر ، وهو كما قال الشاعر :

الصبر مثل اسمه مر مذاقته ... ... لكن عواقبه أحلى من العسل

فيرى الإنسان أن هذا الشيء ثقيل عليه ويكرهه ، لكنه يتحمله ويتصبر ، وليس وقوعه وعدمه سواء عنده ، بل يكره هذا ولكن إيمانه يحميه من السخط .

الثالثة : الرضا ، وهو أعلى من ذلك ، وهو أن يكون الأمران عنده سواء ، بالنسبة لقضاء الله وقدرة ، وإن كان قد يحزن من المصيبة ، لأنه رجل يسبح في القضاء والقدر ، أينما ينزل به القضاء والقدر

فهو نازل به على سهل أو جبل ، إن أصيب بنعمه أو أصيب بضدها ، فالكل عنده سواء ، لا لأن قلبه ميت ، بل لتمام رضاء ربه - سبحانه وتعالى - يتقلب في تصرفات الرب - عز وجل -

ولكنها عنده سواء ، إذ إنه ينظر إليها باعتبارها قضاء لربه ، وهذا الفرق بين الرضا والصبر .

الرابعة : الشكر ، وهو أعلى المراتب ، وذلك أن يشكر الله على ما أصابه من مصيبة ، وذلك يكون في عباد الله الشاكرين ، حين يرى أن هناك مصائب أعظم منها

وأن مصائب الدنيا أهون من مصائب الدين ، وأن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ، وأن هذه المصيبة سبب لتكفير سيئاته ، وربما لزيادة حسناته شكر الله على ذلك

قال النبي صلى الله عليه وسلم : (ما يصيب المؤمن من هو ولا غم ولا شيء إلا كفر له بها ، حتى الشوكة يشاكها) [رواه البخاري ومسلم]،

كما أنه قد يزداد إيمان المرء بذلك" انتهى .

وختاما ،

نقول لك ، يا أمة الله : إن الذي ينبغي عليك أن تسألي عنه ، وتبحثي في أمره : إنما هو ما ينفعك في دينك ، ويقوي إيمانك ، لا ما يضعف ذلك منك .

فإذا أنت سألت، فالواجب أن يكون سؤالك عن : نماذج الصبر والرضوان في الصحابة والسلف الصالح ، وكيف ضربوا لنا مثل التأسي ، والتصبر

وعدم الجزع ؛ فهذا هو الموضع الذي ينبغي أن نبحث عن سيرتهم فيه ، وهو موضع التأسي بهم

وأما مواضع الجزع ، إذا وقعت : فهي من حالات الضعف الإنساني ، التي ينبغي أن تطوى ، ولا تروى ؛ بمعنى : ألا نعتني ببحثها ، والسؤال عنها ، وتتبعها ؛ لأن لا أسوة لنا فيها .

فإذا عرفنا أن امرأة ضعفت عند مصيبتها بولدها ؛ فليس في هذا الضعف : أسوة ، ولا قدوة ، ولا فيه ما يستحق أن نبحث نحن فيه ، ولا أن نسأل عنه .

إنما الأسوة في هذه القصة : في قول النبي صلى الله عليه وسلم لها ، وأمره لها بالصبر ، والحذر من أن تفوتنا فرصة الصبر الجميل، فنجزع في أول الأمر ، حتى إذا هدأت نفوسنا

وثابت إلينا عقولنا ، ورجعنا إلى رشدنا : لم ينفعنا الصبر في هذه الحال ، بعد الجازع في أول الأمر ؛ لأن الصبر إنما يكون عند الصدمة الأولى .

والحاصل :

أن العبد الموفق : ينبغي أن يسأل عما ينفعه في دينه ودنياه ، لا ما يضره ، وأن يسأل عن معالي الأخلاق ، لا أن يبحث عن سفاسفها

ويتأسى بمواضع القدوة والأسوة في السلف والسابقين ، ويترك البحث والتنقير عن حالات الضعف البشري التي لا يخلو منها الناس ، في معتاد أحوالهم وأمورهم ؛ فهذا هو التوفيق للعلم النافع ، والأسوة الصالحة .

وفقنا الله وإياك لما يحبه من القول والعمل .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-15, 13:40   رقم المشاركة : 49
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مفهوم حسن الظن بالله تعالى

السؤال :

هل يمكنك أن تصف مفهوم حسن الظن بالله بالتفصيل؟

لدي الكثير من الأسئلة في ذهني بشأن هذا. هل ينطبق على المسائل الدنيوية أم على المسائل الأخروية فقط؟ وهل هي فقط عن الأمور التي تتعلق برحمته و مغفرته؟

هل يمكنك أن تعطيني أمثلةً عن أنبياء الله وصحابة النبي محمد صلى الله عليه وسلم على حسن الظن بالله . لهذا السبب قد أكون قادراً على القيام بذلك بنفسي؟

إذا كنت أفترض مخلصاً أن الله سوف يعطيني شيئاً ما في هذه الدنيا، هل هذا يعني أنني سوف أحصل على ذلك؟

إذا كنت أفترض مخلصاً أنّ الله لن يضعني في جهنم هل هذا يعني، أني لن أكون أبداً في جهنم؟


الجواب :

الحمد لله

أولا:

حسن الظن بالله تعالى؛ هو قوة اليقين بما وعد الله تعالى عباده من سعة كرمه ورحمته، ورجاء حصول ذلك.

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ) رواه البخاري (7405) ومسلم (2675).

قال القاضي عياض رحمه الله تعالى:

" قيل: معناه: بالغفران له إذا استغفرنى ، والقبول إذا أناب إليّ ، والإجابة إذا دعانى، والكفاية إذا استكفانى، لأن هذه الصفات لا تظهر من العبد إلا إذا أَحسن ظنه بالله وقوى يقينه "

انتهى، من "اكمال المعلم" (8 / 172).

ثانيا:

حسن الظن بإجابة الدعاء، يكون بقوة اليقين بأن الله تعالى يجيب الداعي؛ حيث قال عزّ وجلّ:

( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) البقرة /186.

لكن إن تأخر جوابه ، فلا يقنط من رحمة الله تعالى وسعة كرمه؛ فإن في القنوط سوء ظن بالله تعالى، وهو أمر محرم.

قال الله تعالى: ( قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ) الحجر /56.

وقال الله تعالى: ( وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ) يوسف /87.

وسوء الظن هذا : مانع من الإجابة.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي ) رواه البخاري (6340) ومسلم (2735).

فإذا تأخر جواب دعوته بأمر من أمور الدنيا؛ فإحسان الظن بالله تعالى، هو أن يرجو أن الله تعالى قد خار له في ذلك ، وقدّر له ما هو خير.

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا.

قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ. قَالَ: اللهُ أَكْثَرُ ) رواه الإمام أحمد في "المسند" (17 / 213)، وقال محققو المسند اسناده جيّد.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

" فإن الراجي ليس معارضا، ولا معترضا، بل راغبا راهبا، مؤملا لفضل ربه، محسن الظن به، متعلق الأمل ببره وجوده، عابدا له بأسمائه: المحسن، البر، المعطي

الحليم، الغفور، الجواد، الوهاب، الرزاق، والله يحب من عبده أن يرجوه، ولذلك كان عند رجاء العبد له وظنه به "

انتهى، من "مدارج السالكين" (2 / 1432).

فمن حسن الظن بالله تعالى أن لا يعترض الداعي على عدم تحقق المطلوب فلعل الخير له في عدم تحقق مطلوبه، ولعله قد أعطي بدعوته ما هو أفضل له من مطلوبه وهو لا يشعر.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى :

" بل الذي ينافي الرضا: أنه يلح عليه، متحكما عليه، متخيرا عليه ما لم يعلم: هل يرضيه أم لا ؟ كمن يلح على ربه في ولاية شخص، أو إغنائه، أو قضاء حاجته، فهذا ينافي الرضا، لأنه ليس على يقين أن مرضاة الرب في ذلك "

انتهى، من " مدارج السالكين " (3 / 2033) .

وفي المقابل، على الداعي إذا تأخرت استجابة دعوته أن يسيء الظن بنفسه؛ فيفتش نفسه لعله دعا بإثم، أو بقلة يقين وإخلاص، أو تلبس بأمر محرم يمنع إجابة الدعاء كأكل الحرام.









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-15, 13:40   رقم المشاركة : 50
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



ثالثا:

أما حسن ظن العبد بالله ، بأن يعفو عنه ويدخله جنته وينجيه من عذابه ؛ فهذا له حالان:

الحال الأولى: أن يكون حسن الظن هذا في حال لم ينقطع أمل العبد من الحياة ، وليس هو على فراش الموت.

فحسن الظن هذا ينفع صاحبه إذا صاحبه الخوف من عذاب الله تعالى، فاجتنب معاصيه، وأحسن العمل بطاعته ، على رجاء من الله تعالى : أن يتقبل منه ، ويعطيه .

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

" ولا ريب أن حسن الظن إنما يكون مع الإحسان، فإن المحسن حسن الظن بربه أن يجازيه على إحسانه ولا يخلف وعده، ويقبل توبته.

وأما المسيء المصر على الكبائر والظلم والمخالفات، فإن وحشة المعاصي والظلم والإجرام : تمنعه من حسن الظن بربه، وهذا موجود في الشاهد، فإن العبد الآبق المسيئ الخارج عن طاعة سيده لا يحسن الظن به.

ولا يجامع وحشة الإساءة إحسان الظن أبدا، فإن المسيء مستوحش بقدر إساءته .

وأحسن الناس ظنا بربه : أطوعهم له.

كما قال الحسن البصري: إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل، وإن الفاجر أساء الظن بربه، فأساء العمل...

فتأمل هذا الموضع، وتأمل شدة الحاجة إليه!

وكيف يجتمع في قلب العبد تيقنه بأنه ملاقي الله، وأن الله يسمع كلامه، ويرى مكانه، ويعلم سره وعلانيته، ولا يخفى عليه خافية من أمره، وأنه موقوف بين يديه، ومسئول عن كل ما عمل

وهو مقيم على مساخطه مضيّع لأوامره، معطل لحقوقه، وهو مع هذا محسن الظن به؟

وهل هذا إلا من خدع النفوس، وغرور الأماني؟

وقد قال أبو أمامة بن سهل بن حنيف: دخلت أنا وعروة بن الزبير على عائشة رضي الله عنها، فقالت: ( لو رأيتما رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرض له

وكانت عندي ستة دنانير، أو سبعة، فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أفرّقها، قالت: فشغلني وجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عافاه الله، ثم سألني عنها فقال: ما فعلتِ؟

أكنت فرّقت الستة الدنانير؟ فقلت: لا، والله لقد شغلني وجعك، قالت فدعا بها، فوضعها في كفه، فقال: ما ظن نبي الله لو لقي الله وهذه عنده؟ وفي لفظ: ما ظن محمد بربه لو لقي الله وهذه عنده ).

فيا لله! ما ظن أصحاب الكبائر والظلمة بالله إذا لقوه، ومظالم العباد عندهم؟...

ومن تأمل هذا الموضع حق التأمل علم أن حسن الظن بالله ، هو حسن العمل نفسه، فإن العبد إنما يحمله على حسن العمل : ظنه بربه أن يجازيه على أعماله ، ويثيبه عليها ويتقبلها منه...

وبالجملة، فحسن الظن إنما يكون مع انعقاد أسباب النجاة .

وأما مع انعقاد أسباب الهلاك فلا يتأتى إحسان الظن.

فإن قيل: بل يتأتى ذلك، ويكون مستند حسن الظن سعة مغفرة الله، ورحمته وعفوه وجوده، وأن رحمته سبقت غضبه، وأنه لا تنفعه العقوبة، ولا يضره العفو.

قيل: الأمر هكذا، والله فوق ذلك، وأجل وأكرم وأجود وأرحم، ولكن إنما يضع ذلك في محله اللائق به، فإنه سبحانه موصوف بالحكمة، والعزة والانتقام، وشدة البطش، وعقوبة من يستحق العقوبة .

فلو كان معوَّل حسن الظن على مجرد صفاته وأسمائه لاشترك في ذلك البر والفاجر، والمؤمن والكافر، ووليه وعدوه، فما ينفع المجرم أسماؤه وصفاته، وقد باء

بسخطه وغضبه، وتعرض للعنته، ووقع في محارمه، وانتهك حرماته؟

بل حسن الظن ينفع من تاب وندم وأقلع، وبدل السيّئة بالحسنة، واستقبل بقية عمره بالخير والطاعة، ثم حسّن الظن، فهذا هو حسن ظن، والأول غرور، والله المستعان.

ولا تستطل هذا الفصل، فإن الحاجة إليه شديدة لكل أحد، ففرق بين حسن الظن بالله وبين الغرِّة به.

قال الله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ؛ فجعل هؤلاء : أهلَ الرجاء، لا البطالين والفاسقين.

وقال تعالى: ( ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) ؛ فأخبر سبحانه أنه بعد هذه الأشياء غفور رحيم لمن فعلها.

فالعالم يضع الرجاء مواضعه، والجاهل المغتر يضعه في غير مواضعه "

انتهى، من "الداء والدواء" (44 - 50).

الحال الثانية:

أن يكون العبد في حال انقطاع من الدنيا واقبال على الآخرة على فراش موته.

فهذا ينبغي له أن يغلّب جانب حسن الظن بالله تعالى، لأن وقت العمل قد ولّى ولم يبق له إلا هذا الرجاء.

قال النووي رحمه الله تعالى:

" قال العلماء: معنى حسن الظن بالله تعالى أن يظن أنه يرحمه ويعفو عنه.

قالوا: وفي حالة الصحة يكون خائفا راجيا ، ويكونان سواء . وقيل : يكون الخوف أرجح.

فإذا دنت أمارات الموت : غلّب الرجاء ، أو مَحَضَه ، لأن مقصود الخوف الانكفاف عن المعاصي والقبائح، والحرص على الإكثار من الطاعات والأعمال، وقد تعذر ذلك

أو معظمه في هذا الحال ، فاستحب إحسان الظن المتضمن للافتقار إلى الله تعالى، والإذعان له .

ويؤيده الحديث المذكور بعده: ( يبعث كل عبد على ما مات عليه )، ولهذا عقبه مسلم للحديث الأول، قال العلماء: معناه يبعث على الحالة التي مات عليها، ومثله الحديث الآخر بعده: ( ثم بعثوا على نياتهم ). "

انتهى. "شرح صحيح مسلم" (17 / 210).

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، يَقُولُ: ( لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ ) رواه مسلم (2877).

قال النووي رحمه الله تعالى:

" ومعنى ( يحسن الظن بالله تعالى ) : أن يظن أن الله تعالي يرحمه ، ويرجو ذلك ، ويتدبر الآيات والأحاديث الواردة في كرم الله سبحانه وتعالى ، وعفوه ورحمته

وما وعد به أهل التوحيد، وما ينشره من الرحمة لهم يوم القيامة ، كما قال سبحانه وتعالى في الحديث الصحيح " أنا عند ظن عبدي بي " هذا هو الصواب في معنى الحديث وهو الذي قاله جمهور العلماء "

انتهى. "المجموع" (5 / 108).

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-15, 13:44   رقم المشاركة : 51
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لماذا لا يستجيب الله لدعائنا ؟

السؤال

لماذا لا يستجيب الله لدعائنا ؟

الجواب

الحمد لله

قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى :

( والأدعية والتعوذات بمنزلة السلاح ، والسلاح بضاربه ، لا بحده فقط ، فمتى كان السلاح سلاحا تاما لا آفة به ، والساعد ساعد قوي

والمانع مفقود ، حصلت به النكاية في العدو . ومتى تخلف واحد من هذه الثلاثة تخلف التأثير ) الداء والدواء ص35 .

فيتبين من ذلك أن هناك أحوالا و آدابا و أحكاما يجب توفرها في الدعاء و في الداعي ، و أن هناك موانع و حواجب تحجب وصول الدعاء و استجابته يجب انتفاؤها عن الداعي و عن الدعاء ، فمتى تحقق ذلك تحققت الإجابة .

و من الأسباب المعينة للداعي على تحقيق الإجابة :

1 - الإخلاص في الدعاء ، وهو أهم الآداب وأعظمها وأمر الله عز و جل بالإخلاص في الدعاء فقال سبحانه : ( وادعوه مخلصين له الدين )

والإخلاص في الدعاء هو الاعتقاد الجازم بأن المدعو وهو الله عز وجل هو القادر وحده على قضاء حاجته و البعد عن مراءاة الخلق بذلك .

2 - التوبة والرجوع إلى الله تعالى ، فإن المعاصي من الأسباب الرئيسة لحجب الدعاء فينبغي للداعي أن يبادر للتوبة والاستغفار قبل دعائه قال الله عز وجل على لسان نوح عليه السلام

: ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ) .

3 - التضرع و الخشوع و التذلل و الرغبة و الرهبة ، و هذا هو روح الدعاء و لبه و مقصوده ، قال الله عز وجل : ( ادعوا ربكم تضرعا وخيفة إنه لا يحب المعتدين ) .

4 - الإلحاح والتكرار وعدم الضجر والملل : ويحصل الإلحاح بتكرار الدعاء مرتين أو ثلاث و الاقتصار على الثلاث أفضل اتباعا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم

فقد روى ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه أن يدعو ثلاثا ويستغفر ثلاثا . رواه أبو داود و النسائي .

5 - الدعاء حال الرخاء والإكثار منه في وقت اليسر و السعة ، قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ) رواه أحمد .

6 - التوسل إلى الله بأسمائه الحسنى و صفاته العليا في أول الدعاء أو آخره ، قال تعالى : ( و لله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) .

7 - اختيار جوامع الكلم و أحسن الدعاء و أجمعه و أبينه ، و خير الدعاء دعاء النبي صلى الله عليه و سلم ، و يجوز الدعاء بغيره مما يخص الإنسان به نفسه من حاجات .

و من الآداب كذلك و ليست واجبة : استقبال القبلة و الدعاء على حال طهارة و افتتاح الدعاء بالثناء على الله عز و جل و حمده و الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم ، و يشرع رفع اليدين حال الدعاء .

و من الأمور المعينة على إجابة الدعاء تحري الأوقات و الأماكن الفاضلة .

فمن الأوقات الفاضلة : وقت السحر و هو ما قبل الفجر ، و منها الثلث الآخر من الليل ، و منها آخر ساعة من يوم الجمعة ، و منها وقت نزول المطر ، و منها بين الأذان و الإقامة .

و من الأماكن الفاضلة : المساجد عموما ، و المسجد الحرام خصوصا .

و من الأحوال التي يستجاب فيها الدعاء : دعوة المظلوم ، و دعوة المسافر ، و دعوة الصائم ، و دعوة المضطر ، و دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب .

أما موانع إجابة الدعاء فمنها :

1- أن يكون الدعاء ضعيفا في نفسه ، لما فيه من الاعتداء أو سوء الأدب مع الله عز و جل ، و الاعتداء هو سؤال الله عز وجل ما لا يجوز سؤاله كأن يدعو الإنسان أن يخلده في الدنيا أو أن يدعو بإثم أو محرم أ

و الدعاء على النفس بالموت و نحوه . فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ) رواه مسلم .

2 - أن يكون الداعي ضعيفا في نفسه ، لضعف قلبه في إقباله على الله تعالى . أما سوء الأدب مع الله تعالى فمثاله رفع الصوت في الدعاء أو دعاء الله عز و جل دعاء المستغني المنصرف عنه

أو التكلف في اللفظ و الانشغال به عن المعنى ، أو تكلف البكاء و الصياح دون وجوده و المبالغة في ذلك .

3 - أن يكون المانع من حصول الإجابة : الوقوع في شيء من محارم الله مثل المال الحرام مأكلا و مشربا و ملبسا و مسكنا و مركبا و دخل الوظائف المحرمة

و مثل رين المعاصي على القلوب ، و البدعة في الدين و استيلاء الغفلة على القلب .

4 - أكل المال الحرام ، و هو من أكبر موانع استجابة الدعاء ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا

و إن الله أمر المتقين بما أمر به المرسلين فقال :

( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات و اعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ) و قال : ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم )

ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب و مطعمه حرام و مشربه حرام و غذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك !! ) رواه مسلم .

فتوفر في الرجل الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأمور المعينة على الإجابة من كونه مسافرا مفتقرا إلى الله عز و جل لكن حجبت الاستجابة بسبب أكله للمال الحرام ، نسأل الله السلامة و العافية .

5 - استعجال الإجابة و الاستحسار بترك الدعاء ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ، يقول دعوت فلم يستجب لي ) رواه البخاري ومسلم .

6 - تعليق الدعاء ، مثل أن يقول اللهم اغفر لي إن شئت ، بل على الداعي أن يعزم في دعائه و يجد ويجتهد ويلح في دعائه قال النبي صلى الله عليه وسلم :

( لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت ، ليعزم المسألة فإنه لا مستكره له ) رواه البخاري و مسلم .

ولا يلزم لحصول الاستجابة أن يأتي الداعي بكل هذه الآداب و أن تنتفي عنه كل هذه الموانع فهذا أمر عز حصوله ، و لكن أن يجتهد الإنسان وسعه في الإتيان بها .

ومن الأمور المهمة أن يعلم العبد أن الاستجابة للدعاء تكون على أنواع : فإما أن يستجيب له الله عز وجل فيحقق مرغوبه من الدعاء ، أو أن يدفع عنه به شرا

أو أن ييسر له ما هو خير منه ، أو أن يدخره له عنده يوم القيامة حيث يكون العبد إليه أحوج .

والله تعالى أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-15, 13:49   رقم المشاركة : 52
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جملة من آداب الدعاء

السؤال

ما آداب الدعاء وكيفيته وما هي واجباته وسننه ؟

وكيف يبدأ وكيف ينتهي ؟‏

وهل يمكن تقديم مسألة الأمور الدنيوية على الآخرة ؟

وما مدى صحة رفع اليدين في الدعاء - وكيفيته إن صح -.


الجواب

الحمد لله

أولاً :

إن الله تعالى يحب أن يُسأل ، ويُرغبَ إليه في كل شيء ، ويغضب على من لم يسأله ، ويستدعي من عباده سؤاله ، قال الله تعالى : ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) غافر/60 .

وللدعاء من الدين منزلة عالية رفيعة ، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الدعاء هو العبادة ) رواه الترمذي (3372) وأبو داود (1479) وابن ماجه (3828) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (2590) .

ثانياً :

آداب الدعاء :

1. أن يكون الداعي موحداً لله تعالى في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته ، ممتلئاً قلبه بالتوحيد ، فشرط إجابة الله للدعاء : استجابة العبد لربه بطاعته وترك معصيته

قال الله تعالى: ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) البقرة/186 .

2. الإخلاص لله تعالى في الدعاء ، قال الله تعالى : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ) البينة/5 ، والدعاء هو العبادة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، فالإخلاص شرط لقبوله .

3. أن يسأل اللهَ تعالى بأسمائه الحسنى ، قال الله تعالى : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه ) الأعراف/180 .

4. الثناء على الله تعالى قبل الدعاء بما هو أهله ، روى الترمذي (3476) عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ : بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى فَقَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عَجِلْتَ أَيُّهَا الْمُصَلِّي ، إِذَا صَلَّيْتَ فَقَعَدْتَ فَاحْمَدْ اللَّهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ، وَصَلِّ عَلَيَّ ، ثُمَّ ادْعُهُ ) وفي رواية له (3477) : ( إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ

عَلَيْهِ ثُمَّ لْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لْيَدْعُ بَعْدُ بِمَا شَاءَ ) . قَالَ : ثُمَّ صَلَّى رَجُلٌ آخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّهَا الْمُصَلِّي ، ادْعُ تُجَبْ ) صححه الألباني في "صحيح الترمذي" (2765 ، 2767) .

5. الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كل دعاء محجوب حتى تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم )

رواه الطبراني في "الأوسط" (1/220) ، وصححه الشيخ الألباني في "صحيح الجامع" (4399) .

6. استقبال القبلة ، روى مسلم ( 1763 ) عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ وَأَصْحَابُهُ ثَلاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلا

فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ :

( اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي ، اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي ، اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الإِسْلامِ لا تُعْبَدْ فِي الأَرْضِ ) فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ . . . الحديث .

قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : فِيهِ اِسْتِحْبَاب اِسْتِقْبَال الْقِبْلَة فِي الدُّعَاء ، وَرَفْع الْيَدَيْنِ فِيهِ .

7. رفع اليدين ، روى أبو داود ( 1488 ) عَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا )

وصححه الشيخ الألباني في "صحيح أبي داود" (1320) .

ويكون باطن الكف إلى السماء على صفة الطالب المتذلل الفقير المنتظر أن يُعْطَى ، روى أبو داود (1486)

عن مَالِكِ بْنَ يَسَارٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا سَأَلْتُمْ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ بِبُطُونِ أَكُفِّكُمْ وَلا تَسْأَلُوهُ بِظُهُورِهَا ) ، وصححه الشيخ الألباني في "صحيح أبي داود" (1318) .

وهل يضم يديه عند رفعهما أو يجعل بينهما فرجة ؟

نص الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (4/25) أنها تكون مضمومة . ونص كلامه : " وأما التفريج والمباعدة بينهما فلا أعلم له أصلا لا في السنة ولا في كلام العلماء " انتهى .

8. اليقين بالله تعالى بالإجابة ، وحضور القلب ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لاهٍ ) رواه الترمذي (3479)

وحسنه الشيخ الألباني في "صحيح الترمذي" (2766) .

9. الإكثار من المسألة ، فيسأل العبد ربه ما يشاء من خير الدنيا والآخرة ، والإلحاح في الدعاء ، وعدم استعجال الاستجابة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ

مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا الاسْتِعْجَالُ ؟ قَالَ : يَقُولُ : قَدْ دَعَوْتُ ، وَقَدْ دَعَوْتُ ، فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي ، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ ) رواه البخاري (6340) ومسلم (2735) .

10. الجزم فيه ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ ، لِيَعْزِمْ الْمَسْأَلَةَ ، فَإِنَّ اللهَ لا مُكْرِهَ لَهُ ) رواه البخاري (6339) ومسلم (2679) .

11. التضرع والخشوع والرغبة والرهبة ، قال الله تعالى : ( ادعوا ربكم تضرعاً وخفية ) الأعراف/55، وقال : ( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين ) الأنبياء/90

وقال : ( واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ) الأعراف/205 .

12. الدعاء ثلاثاً ، روى البخاري (240) ومسلم (1794) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ : ( بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عِنْدَ الْبَيْتِ وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ وَقَدْ نُحِرَتْ جَزُورٌ بِالأَمْسِ ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ

: أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى سَلا جَزُورِ بَنِي فُلانٍ فَيَأْخُذُهُ فَيَضَعُهُ عَلَى ظَهْرِ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ ، فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ فَأَخَذَهُ فَلَمَّا سَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ ،

قَالَ : فَاسْتَضْحَكُوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَمِيلُ عَلَى بَعْضٍ . وَأَنَا قَائِمٌ أَنْظُرُ لَوْ كَانَتْ لِي مَنَعَةٌ طَرَحْتُهُ عَنْ ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدٌ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ حَتَّى انْطَلَقَ إِنْسَانٌ

فَأَخْبَرَ فَاطِمَةَ فَجَاءَتْ وَهِيَ جُوَيْرِيَةٌ فَطَرَحَتْهُ عَنْهُ ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَيْهِمْ تَشْتِمُهُمْ ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاتَهُ رَفَعَ صَوْتَهُ ثُمَّ دَعَا عَلَيْهِمْ - وَكَانَ إِذَا دَعَا دَعَا ثَلاثًا ، وَإِذَا سأَلَ سَأَلَ ثَلاثًا

- ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، فَلَمَّا سَمِعُوا صَوْتَهُ ذَهَبَ عَنْهُمْ الضِّحْكُ وَخَافُوا دَعْوَتَهُ ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ

عُقْبَةَ وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ - وَذَكَرَ السَّابِعَ وَلَمْ أَحْفَظْهُ - فَوَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ لَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِينَ سَمَّى صَرْعَى يَوْمَ بَدْرٍ ثُمَّ سُحِبُوا إِلَى الْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ ) .

13. إطابة المأكل والملبس ، روى مسلم (1015) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلا طَيِّبًا ، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ

فَقَالَ : ( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) ، وَقَالَ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ )

ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ ) قال ابن رجب رحمه الله :

فأكل الحلال وشربه ولبسه والتغذي به سبب موجِبٌ لإجابة الدعاء ا.هـ .

14. إخفاء الدعاء وعدم الجهر به ، قال الله تعالى : ( ادعوا ربكم تضرعا وخفية ) الأعراف/55 ، وأثنى الله تعالى على عبده زكريا عليه السلام بقوله : ( إذ نادى ربه نداءً خفياً ) مريم/3 .

وقد سبق بيان نبذة عن الدعاء ، والأسباب المعينة للداعي على تحقيق الإجابة ، وآدابه ، والأوقات والأماكن الفاضلة التي هي مظنة الإجابة ، وكذا أحوال الداعي

وموانع إجابة الدعاء ، وأنواع الاستجابة : كل ذلك في جواب السؤال السابق









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-15, 13:54   رقم المشاركة : 53
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

معنى " حسن الظن بالله " وذِكر أبرز مواضعه

السؤال

يقول تعالى في الحديث القدسي ( أنا عند ظن عبدي بي .. ) فهل يعني هذا أن الشخص إذا ظن بالله أن رحمته أوسع من عقوبته فإن هذا العبد سيُعامل بالرحمة أكثر من العقوبة ، والعكس بالعكس ؟

وما هي الموازنة التي يجب على الشخص أن يأخذ بها عندما يتعلق الأمر بالعمل بهذا الحديث ؟ .


الجواب

الحمد لله

أولاً:

حسن الظن بالله تعالى عبادة قلبية جليلة ، ولم يفهمها حق فهمها كثير من الناس ، ونحن نبيِّن معتقد أهل السنَّة والجماعة في هذه العبادة ، ونبيِّن فهم السلف القولي والعملي لها ، فنقول :

إن حسن الظن بالله تعالى يعني اعتقاد ما يليق بالله تعالى من أسماء وصفات وأفعال ، واعتقاد ما تقتضيه من آثار جليلة

كاعتقاد أن الله تعالى يرحم عباده المستحقين ، ويعفو عنهم إن هم تابوا وأنابوا ، ويقبل منهم طاعاتهم وعبادتهم ، واعتقاد أن له تعالى الحِكَم الجليلة فيما قدَّره وقضاه .

ومن ظنَّ أن حسن الظن بالله تعالى ليس معه عمل : فهو مخطئ ولم يفهم هذه العبادة على وجهها الصحيح ، ولا يكون حسن الظن مع ترك الواجبات

ولا مع فعل المعاصي ، ومن ظنَّ ذلك فقد وقع في الغرور ، والرجاء المذموم ، والإرجاء المبتدع ، والأمن من مكر الله ، وكلها طوام ومهالك .

قال ابن القيم – رحمه الله - :

وقد تبين الفرق بين حسن الظن والغرور ، وأن حسن الظن إن حمَل على العمل وحث عليه وساعده وساق إليه : فهو صحيح ، وإن دعا إلى البطالة والانهماك في المعاصي : فهو غرور

وحسن الظن هو الرجاء ، فمن كان رجاؤه جاذباً له على الطاعة زاجراً له عن المعصية : فهو رجاء صحيح ، ومن كانت بطالته رجاء ورجاؤه بطالة وتفريطاً : فهو المغرور .

" الجواب الكافي " ( ص 24 ) .

وقال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله - :

وإحسان الظن بالله لابد معه من تجنب المعاصي وإلا كان أمنًا من مكر الله ، فحسن الظن بالله مع فعل الأسباب الجالبة للخير وترك الأسباب الجالبة للشر : هو الرجاء المحمود .

وأما حسن الظن بالله مع ترك الواجبات وفعل المحرمات : فهو الرجاء المذموم ، وهو الأمن من مكر الله .

" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 2 / 269 ) .

ثانياً:

الأصل في المسلم أن يكون دائماً حسن الظنَّ بربه تعالى ، وأكثر ما يتعيَّن على المسلم حسن الظن بربِّه تعالى في موضعين :

الأول : عند قيامه بالطاعات .

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم ( يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي

فِي مَلأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ) . رواه البخاري ( 7405 ) ومسلم ( 2675 ) .

فيلاحظ في الحديث علاقة حسن الظن بالعمل أوضح ما يكون ، فقد أعقبه بالترغيب بذِكره عز وجل والتقرب إليه بالطاعات ، فمن حسُن ظنه بربه تعالى دفعه ذلك لإحسان عمله .

قال الحسن البصري رحمه الله : " إن المؤمن أحسنَ الظنّ بربّه فأحسن العملَ ، وإنّ الفاجر أساءَ الظنّ بربّه فأساءَ العمل .
رواه أحمد في " الزهد " ( ص 402 ) .

وقال ابن القيم - رحمه الله - :

ومن تأمل هذا الموضع حق التأمل علِم أن حُسن الظن بالله هو حُسن العمل نفسه ؛ فإن العبد إنما يحمله على حسن العمل ظنه بربه أنه يجازيه على أعماله ويثيبه عليها

ويتقبلها منه ، فالذي حمله على العمل حسن الظن ، فكلما حسُن ظنُّه حسُنَ عمله ، وإلا فحُسن الظن مع اتباع الهوى : عجْز ... .

وبالجملة : فحُسن الظن إنما يكون مع انعقاد أسباب النجاة ، وأما مع انعقاد أسباب الهلاك : فلا يتأتي إحسان الظن .
"
الجواب الكافي " ( ص 13 - 15 ) مختصراً .

وقال أبو العباس القرطبي – رحمه الله - :

قيل : معناه : ظنّ الإجابة عند الدعاء ، وظنّ القبول عند التوبة ، وظن المغفرة عند الاستغفار ، وظن قبول الأعمال عند فعلِها على شروطها ؛ تمسُّكًا بصادق وعْده ، وجزيل فضلِه .

قلت : ويؤيدهُ قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم : ( ادْعوا الله وأنتم موقِنون بالإجابة ) – رواه الترمذي بإسناد صحيح - ، وكذلك ينبغي للتَّائب والمستغفر

وللعامل أن يَجتهد في القيام بِما عليه من ذلك ، موقنًا أنَّ الله تعالى يقبل عملَه ، ويغفِر ذنبه ؛ فإنَّ الله تعالى قد وعد بقبول التَّوبة الصادقة ، والأعمال الصالحة

فأمَّا لو عمل هذه الأعمال وهو يعتقد أو يظنُّ أنَّ الله تعالى لا يقبلُها ، وأنَّها لا تنفعُه : فذلك هو القنوط من رحْمة الله ، واليأس من رَوْح الله ، وهو من أعظمِ الكبائر ، ومَن مات على ذلك : وصل إلى ما ظنَّ منه .

فأمَّا ظن المغفرة والرحمة مع الإصرار على المعصية : فذلك محض الجهل والغرة ، وهو يجر إلى مذهب المرجئة .

" المفهم شرح مسلم " ( 7 / 5 ، 6 ) .

الثاني : عند المصائب ، وعند حضور الموت .

عَنْ جَابِرٍ رضِيَ الله عَنْه قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ وَفَاتِهِ بِثَلاَثٍ يقولُ ( لاَ يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلاَّ وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللَّهِ الظَّنَّ ) . رواه مسلم ( 2877 ) .

وفي " الموسوعة الفقهية " ( 10 / 220 ) :

يجب على المؤمن أن يُحسن الظنَّ بالله تعالى ، وأكثر ما يجب أن يكون إحساناً للظن بالله : عند نزول المصائب ، وعند الموت

قال الحطاب : ندب للمحتضر تحسين الظن بالله تعالى ، وتحسين الظن بالله وإن كان يتأكد عند الموت وفي المرض ، إلا أنه ينبغي للمكلف أن يكون دائماً حسن الظن بالله .
انتهى .

وينظر : " شرح مسلم " ، للنووي ( 17 / 10 ) .

فتبين مما سبق أن حسن الظن بالله تعالى لا يكون معه ترك واجب ولا فعل معصية ، ومن اعتقد ذلك نافعاً له فهو لم يثبت لله تعالى ما يليق به من أسماء وصفات وأفعال على الوجه الصحيح

وقد أوقع نفسه بذلك في مزالق الردى ، وأما المؤمنون العالِمون بربهم فإنهم أحسنوا العمل وأحسنوا الظن بربهم أنه يقبل منهم ، وأحسنوا الظن بربهم عند موتهم أنه يعفو عنهم ويرحمهم ولو كان عندهم تقصير

فيُرجى لهم تحقيق ذلك منه تعالى كما وعدهم .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-15, 13:55   رقم المشاركة : 54
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)






اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء


مع جذء اخر من سلسلة


اصول العقيدة


و اسال الله ان يجمعني بكم
دائما علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد












آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-01-31 في 15:23.
رد مع اقتباس
قديم 2019-07-08, 02:40   رقم المشاركة : 55
معلومات العضو
دكتورة نغم
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

الحمد لله حمداً كثيراً










رد مع اقتباس
قديم 2019-07-11, 23:40   رقم المشاركة : 56
معلومات العضو
نهال جمال
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكراااااااااااااا










رد مع اقتباس
قديم 2019-09-30, 17:35   رقم المشاركة : 57
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دكتورة نغم مشاهدة المشاركة
الحمد لله حمداً كثيراً
الحمد لله الذي برحمته تتم الصالحات

بارك الله فيكِ









رد مع اقتباس
قديم 2020-02-10, 18:36   رقم المشاركة : 58
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهال جمال مشاهدة المشاركة
شكراااااااااااااا
الحمد لله الذي برحمته تتم الصالحات

الشكر موصول لحضورك الطيب مثلك

بارك الله فيك









رد مع اقتباس
قديم 2020-02-12, 15:05   رقم المشاركة : 59
معلومات العضو
Youyou1984
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2020-02-18, 11:45   رقم المشاركة : 60
معلومات العضو
hicham1
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلم عليكم شكرا على المجهود










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
اصول العقيدة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 10:58

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc