السيرة النبوية.. سؤال وجواب - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > منتدى نصرة الرسول صلى الله عليه و سلم

منتدى نصرة الرسول صلى الله عليه و سلم كل ما يختص بمناقشة وطرح مواضيع نصرة سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم و كذا مواضيع المقاومة و المقاطعة...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

السيرة النبوية.. سؤال وجواب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-02-17, 02:45   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2 السيرة النبوية.. سؤال وجواب

اخوة الاسلام

السلام عليكم و رحمه الله و بركاتة

اهلا و مرحبا بكم في سلسلة جديدة


السيرة النبوية.. سؤال وجواب

إن معرفة النبي هي أحد الأصول الثلاثة التي يجب على المسلم معرفتها
وسيسأل عنها في قبره عندما يقال له : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟

فماذا تعرف أيها المسلم عن سيرة نبيك ؟ وعن أخلاقه ؟ وعن صفاته ؟

وما نوع معرفتك به ؟ أهي معرفة اتباع واقتداء ؟

أم مجرد معلومات لا تجاوز مسامعك !

قال الله تعالى ï´؟ أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ ï´¾

فالمعرفة به ليس مجرد قراءة لسيرته واطلاع على أخباره فحسب
ولكنها معرفة تستوجب اتباعه وتصديقه في كل ماجاء به .
وأن يكون شعار المؤمن " إن كان قال فقد صدق".

لقد كان كفار قريش يعرفون النبي بأنه صادق وأمين ويلقبونه بذلك
ولكن تلك المعرفة لم تنفعهم شيئًا لأنهم كذبوه ولم يتبعوا ما جاء به.

قال ابن كثير :

" قال - الله سبحانه - منكرًا على الكافرين من قريش: {أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون} أي: أفَهُم لا يعرفون محمدًا وصدقه وأمانته وصيانته التي نشأ بها فيهم، أفيقدرون على إنكار ذلك والمباهتة فيه؟ ولهذا قال جعفر بن أبي طالب، رضي الله عنه، للنجاشي ملك الحبشة: أيها الملك، إن الله بعث إلينا رسولًا نعرف نسبه وصدقه وأمانته. وهكذا قال المغيرة بن شعبة لنائب كسرى حين بارزهم. وكذلك قال أبو سفيان صخر بن حرب لملك الروم هرقل، حين سأله وأصحابه عن صفات النبي صلى الله عليه وسلم ونسبه وصدقه وأمانته، وكانوا بعد كفارًا لم يسلموا، ومع هذا ما أمكنهم إلا الصدق فاعترفوا بذلك ." [تفسير ابن كثير ظ¥/ ظ¤ظ¨ظ¤]

كذلك لم ينتفع أهل الكتاب بمجرد معرفتهم بالنبي
لأنهم عاندوا واستكبروا ولم يؤمنوا به ولم يتبعوه.

أما المسلمون فإنهم ينبغي أن يعرفوا النبي أكثر من غيرهم وأن تكون معرفة
اتباع وانتفاع وطاعة ( وإن تُطِيعُوه تهتدوا ).

والذي يتأمل في كتاب الله يجد بأنه لم يذكر تفاصيل حياة النبي صلى الله عليه وسلم وولادته ونشأته ولم يذكر زوجاته ولا أولاده ؛ وترك هذه التفاصيل من السيرة ليقوم الصحابة بروايتها ونشرها.

وإنما بيّن منهجه صلى الله عليه وسلم وحياته في الدعوة وعبادته وصبره وخلقه وعلمه وحكمته واجتهاده.
والله يريد لنا معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم معرفة حقيقة نابعة عن إيمان واتباع وطاعة واقتداء .

كيف نعرف نبينا ؟

يجب أن نتعرف على أخلاقه ومنهجه في الدعوة كما بينها القرآن
وأن نحفظ أحاديثه ونقرأ سيرته ونوقره ونصلي عليه .

ادعوكم اخوه الاسلام لمعرفه
سيرته الطيبه من خلال هذا الموضوع

الذي لا يليق ان يكون احصاء بمكانه حبيب الرحمن

محمد صلي الله عليه وسلم فما
هو إلا طريق من طرق المعرفه

فإن أحسنت فمن الله وإن أسأت
أو أخطأت فمن نفسي والشيطان


واخيرا

اسالكم الدعاء بظهر الغيب








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-02-17, 02:50   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

كيف نرد على من يقول أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان مجرد رجلا عاديا قبل أن يأتيه الوحي ؟


الجواب:

الحمد لله

أولا :

النبي صلى الله عليه وسلم بشر من البشر ، إلا أن الله تعالى تفضل عليه وحباه ، واجتباه واصطفاه ، كما اصطفى من قبله من الرسل عليهم السلام ، قال تعالى : (وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا) الإسراء/ 94 .

وقال عز وجل : ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ) الكهف/110 .

وروى البخاري (401) ، ومسلم (572) عن ابن مسعود عن النبي صلى اله عليه وسلم أنه قال : ( إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ ) .

وروى أبو داود (4659) عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إِنَّمَا أَنَا مِنْ وَلَدِ آدَمَ أَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُونَ) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .

وحاصلُ ذلك التماثل في الصفة البشرية : أن النبي صلى الله عليه وسلم رجل من بني آدم ، ليس مَلَكَا ، فضلا عن أن يكون إلها ، أو فيه شيء من صفات الألوهية وخصائصها ، أو أن له شيئا من مقامها ؛ جل الله أن يكون له شريك ، أو شبيه ، أو ند ، أو نظير ؛ وإنما هو خلق من خلق الله ، وبشر من بني آدم ، أكرمه الله بالنبوة ، وشرفه بذلك المقام .

ثانيا :

لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة كغيره من الناس ، بل كان متميزا عنهم في كثير من الأشياء التي فضله الله بها ، وخصه بها ؛ قال الحافظ صلاح الدين العلائي رحمه الله : " كيف ، وقد حماه الله تعالى قبل النبوة ، من كثير من الأشياء المباحة ، التي تنقص من منصب متعاطيها" انتهى من "فتاوى العلائي" (76) .

فمن ذلك :

- أن الله تعالى عصمه قبل الرسالة من السجود للأصنام وعبادتها ، كما كان يصنع قومه .

- وقد عصمه الله جل جلاله ـ كذلك ـ من شرب الخمر حتى قبل النبوة . قال الحافظ العلائي رحمه الله : " الذي ينبغي القطع به : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، لم يشرب شيئا من الأنبذة المسكرة ، حال إباحتها ، ولا يوجد هذا أصلا منقولا ، بسند صحيح ، ولا ضعيف .."
.
انتهى من "فتاوى العلائي" (75) .

- أنه صلى الله عليه وسلم كان يسلم عليه حجر قبل أن يبعث ، فروى مسلم (2277) عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنِّي لَأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ ؛ إِنِّي لَأَعْرِفُهُ الْآنَ ) .

- أن جبريل عليه السلام شق صدره صلى الله عليه وسلم وهو صغير، واستخرج منه حظ الشيطان .

فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ ، فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ ، فَشَقَّ عَنْ قَلْبِهِ ، فَاسْتَخْرَجَ الْقَلْبَ ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً ، فَقَالَ : هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ . ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ ، ثُمَّ لَأَمَهُ ، ثُمَّ أَعَادَهُ فِي مَكَانِهِ ، وَجَاءَ الْغِلْمَانُ يَسْعَوْنَ إِلَى أُمِّهِ ، يَعْنِي ظِئْرَهُ ، فَقَالُوا : إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ ، فَاسْتَقْبَلُوهُ وَهُوَ مُنْتَقِعُ اللَّوْنِ ، قَالَ أَنَسٌ : وَقَدْ كُنْتُ أَرى أَثَرَ ذَلِكَ الْمِخْيَطِ فِي صَدْرِهِ " رواه مسلم (162) .

- روى البخاري (364) ، ومسلم عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْقُلُ مَعَهُمُ الحِجَارَةَ لِلْكَعْبَةِ وَعَلَيْهِ إِزَارُهُ ، فَقَالَ لَهُ العَبَّاسُ عَمُّهُ : يَا ابْنَ أَخِي، لَوْ حَلَلْتَ إِزَارَكَ فَجَعَلْتَ عَلَى مَنْكِبَيْكَ دُونَ الحِجَارَةِ، قَالَ: فَحَلَّهُ ، فَجَعَلَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، فَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ ، فَمَا رُئِيَ بَعْدَ ذَلِكَ عُرْيَانًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " .

وروى أحمد (23800) عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ ، وَذَكَرَ بِنَاءَ الْكَعْبَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ: " فَهَدَمَتْهَا قُرَيْشٌ وَجَعَلُوا يَبْنُونَهَا بِحِجَارَةِ الْوَادِي تَحْمِلُهَا قُرَيْشٌ عَلَى رِقَابِهَا، فَرَفَعُوهَا فِي السَّمَاءِ عِشْرِينَ ذِرَاعًا، فَبَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْمِلُ حِجَارَةً مِنْ أَجْيَادٍ وَعَلَيْهِ نَمِرَةٌ، فَضَاقَتْ عَلَيْهِ النَّمِرَةُ، فَذَهَبَ يَضَعُ النَّمِرَةَ عَلَى عَاتِقِهِ فَتُرَى عَوْرَتُهُ مِنْ صِغَرِ النَّمِرَةِ، فَنُودِيَ: " يَا مُحَمَّدُ، خَمِّرْ عَوْرَتَكَ " فَلَمْ يُرَ عُرْيَانًا بَعْدَ ذَلِكَ).

قال محققو المسند : " إسناده قوي " .

وروى الطيالسي في "مسنده" (2781) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (نُهِيتُ عَنِ التَّعَرِّي)- وَذَاكَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ عَلَيْهِ النُّبُوَّةُ " .

وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (6784) .

- وروى الترمذي (3620) وحسنه، والبيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 24) عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ:

" خَرَجَ أَبُو طَالِبٍ إِلَى الشَّامِ ، فَخَرَجَ مَعَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَشْيَاخٍ، مِنْ قُرَيْشٍ فَلَمَّا أَشْرَفُوا عَلَى الرَّاهِبِ هَبَطُوا ، فَحَلُّوا رِحَالَهُمْ ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمُ الرَّاهِبُ ، وَكَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ يَمُرُّونَ بِهِ فَلَا يَخْرُجُ إِلَيْهِمْ ، وَلَا يَلْتَفِتُ ، قَالَ: فَهُمْ يَحُلُّونَ رِحَالَهُمْ، فَجَعَلَ يَتَخَلَّلُهُمْ حَتَّى جَاءَ ، فَأَخَذَ بِيَدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: هَذَا سَيِّدُ الْعَالَمِينَ ، هَذَا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، هَذَا يَبْعَثُهُ اللهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ فَقَالَ لَهُ أَشْيَاخٌ مِنْ قُرَيْشٍ: مَا عِلْمُكَ؟ قَالَ: إِنَّكُمْ حِينَ أَشْرَفْتُمْ مِنَ الْعَقَبَةِ لَمْ يَمُرَّ بِشَجَرَةٍ وَلَا حَجَرٍ إِلَّا خَرَّ سَاجِدًا، وَلَا يَسْجُدَانِ إِلَّا لِنَبِيٍّ ، وَإِنِّي أَعْرِفُهُ ، خَاتَمُ النُّبُوَّةِ فِي أَسْفَلَ مِنْ غُضْرُوفِ كَتِفِهِ مِثْلُ التُّفَّاحَةِ , ثُمَّ رَجَعَ فَصَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا، فَلَمَّا أَتَاهُمْ بِهِ ، وَكَانَ هُوَ فِي رِعْيَةِ الْإِبِلِ قَالَ: أَرْسِلُوا إِلَيْهِ ، فَأَقْبَلَ وَعَلَيْهِ غَمَامَةٌ تُظِلُّهُ ، فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَيْهِ، عَلَيْهِ غَمَامَةٌ تُظِلُّهُ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْقَوْمِ وَجَدَهُمْ قَدْ سَبَقُوهُ إِلَى فَيْءِ الشَّجَرَةِ ، فَلَمَّا جَلَسَ مَالَ فَيْءُ الشَّجَرَةِ عَلَيْهِ، فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَى فَيْءِ الشَّجَرَةِ مَالَ عَلَيْهِ "
وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .

- أنه صلى الله عليه وسلم كان قبل البعثة لا يرى رؤيا إلا جاءت كفلق الصبح ، فروى البخاري (3) ، ومسلم (160) عن عائشة رضي الله عنها قال : " كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ " .

فكيف يقال بعد ذلك أنه كان إنسانا عاديا ، كغيره من الناس ؟!

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-17, 02:53   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال:

هل يعتبر فعل و قول الرسول صلى الله عليه و سلم قبل البعثة
سنة مثلا زواجه من خديجة رضي الله عنها ؟


الجواب :

الحمد لله :

الأصل في أفعال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قبل البعثة أنها خارجة عن السنة التشريعية ، وأنه لا يلزمنا متابعته والائتساء به فيها ، إلا ما جاء به شرعه ـ بعد البعثة ـ بمشروعيتها ، إما على جهة الوجوب أو الاستحباب ، من نحو ( الوفاء بالوعد ، وإعانة الملهوف ، وإكرام الضيف، والإعانة على نوائب الحق ، ونحو ذلك ) فيلزمنا الاقتداء به فيه ؛ لأنه صار شريعة لنا بعد نبوته، لا لمجرد أنه عليه الصلاة والسلام فعله قبل النبوة ، وعلى هذا فيوجد في أفعاله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قبل البعثة ما لا يلزم اتباعه فيه ، إما لأنه لم يثبت في حقنا تشريعه ، وإما لورود ما ينسخه ويعارضه بعد البعثة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (والأمور التي جرت قبل النبوة لا تذكر للأخذ والتشريع كفعله بعد النبوة , لأن المسلمين أجمعوا على أن الذي فرض على العباد من الإيمان به صلى الله عليه وسلم ، والعمل بما جاء به ، إنما ذلك لما كان بعد النبوة .

ولهذا كان عندهم : من ترك الجمعة والجماعة ، وتخلى في الغيران والكهوف والجبال ، حيث لا جمعة ولا جماعة ، وزعم أنه يقتدي بالنبي صلى الله عليه لكونه كان متحنثا في غار حراء قبل النبوة ، فترك ما شرع له من العبادات الشرعية التي أمر الله بها ورسوله ، واقتدى بما كان يفعل قبل النبوة ـ كان مخطئا ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أكرمه الله بالنبوة ، لم يكن يفعل ما فعله قبل ذلك ، من حيث التحنث في غار حراء أو نحو ذلك .

ولم يكن أحد من أصحابه صلوات الله عليه من بعده ، يأتي لغار حراء، ولا يتخلفون عن الجمعة والجماعة في الأماكن المنقطعة ، ولا عمل أحد منهم خلوة أربعينية ، كما يفعله بعض المتأخرين ، بل كانوا يعبدون الله بالعبادات الشرعية التي شرعها لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم " ا.هـ من مجموع الفتاوى ( 18 / 10 ) .

وأما المحدِّثون فإنهم يعتنون بذكر ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم في كل وقت ، ولو كان قبل البعثة ، فهي تدخل في السنة على تعريف المحدثين ، الذين يعتبرون كل ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم سنة ، فيروونه في كتبهم بناء على ذلك .

انظر : أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ودلالتها على الأحكام ، للدكتور محمد العروسي ( 149 ) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-17, 02:58   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال

: هل صحيحٌ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلّق بعض أزواجه ؟ فقد ذكر العلامة محبّ الدين الطبري

أن رسول الله تزوج في المجموع 23 امرأةً أو 21 امرأةً ، منذ ذلك الحين

كان قد طلّق 6، 7 أو 9 ،وفقاً للروايات المختلفة . "السمط الثمين" (230-231) ، " خلاصة سير سيد البشر " ( 632-636) ، ذُكِرت إحدى النساء التي طلقها رسول الله في "صحيح البخاري" كذلك في الحديث (5254-5257)، وكان اسمها أميمة بنت نعمان بن شراحيل .

هل يمكنكم إعطائي بعض التفاصيل أكثر حول ذلك ؟ وهل كل زوجات النبي محمد "أمهات المؤمنين" ؟

ماذا عن زوجات الأنبياء الآخرين ما هو وضعهم أو مكانتهم حسب الإسلام؟


الجواب :

الحمد لله

أولا:

من المجمع عليه أن أول نساء النبي صلى الله عليه وسلم هي خديجة بنت خويلد رضي الله عنها ، ولم يتزوج غيرها حتى توفيت رضي الله عنها.

ومن المتفق عليه أيضا أنه توفي صلى الله عليه وسلم وعنده تسع نسوة.

عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: ( كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعُ نِسْوَةٍ، فَكَانَ إِذَا قَسَمَ بَيْنَهُنَّ، لَا يَنْتَهِي إِلَى الْمَرْأَةِ الْأُولَى إِلَّا فِي تِسْعٍ ... ) رواه مسلم (1462).

قال النووي رحمه الله تعالى:

" أما قوله: ( تسع نسوة ) : فهن اللاتي توفي عنهن صلى الله عليه وسلم وهن؛ عائشة، وحفصة، وسودة، وزينب، وأم سلمة، وأم حبيبة، وميمونة، وجويرية، وصفية ، رضي الله عنهن " انتهى، من "شرح صحيح مسلم" (10 / 47).

ومن المتفق عليه أيضا : أنه تزوج زينب بنت خزيمة ، وتوفيت في حياته صلى الله عليه وسلم.

قال ابن رشد رحمه الله تعالى في "المقدمات الممهدات" (3 / 358):

" فهؤلاء أزواجه اللواتي لم يُختلف فيهن، فحصل العلم بنقل التواتر بهن، وهن إحدى عشرة امرأة، منهن ست من قريش: خديجة، وسودة، وعائشة، وحفصة، وأم سلمة، وأم حبيبة .

وأربع من العرب: زينب بنت خزيمة، وزينب بنت جحش، وجويرية، وميمونة؛ وواحدة من بني إسرائيل: وهي صفية.

توفي منهن اثنتان في حياته: خديجة أول نسائه، وزينب بنت خزيمة. وتوفي صلّى اللّه عليه وسلّم عن التسع الباقيات " انتهى.

وقد وردت روايات عدة تشير إلى النبي صلى الله عليه تزوج غير هؤلاء ، لكن طلق بعضهن ، ولم يدخل ببعضهن؛ لكن هذه الروايات أغلبها لا يصح؛ حيث قال الذهبي رحمه الله تعالى بعد أن ذكر جملة من هذه الروايات:

" هذا ونحوه إنما أوردته للتعجب لا للتقرير " انتهى، من "سير أعلام النبلاء" (سيرة2 / 495).

وقال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:

" وأما اللواتي اختلف فيهن ممن ابتنى بها وفارقها ، أو عقد عليها ولم يدخل بها، أو خطبها ولم يتم له العقد منها، فقد اختلف فيهن، وفي أسباب فراقهن اختلافًا كثيرًا ، يوجب التوقف عن القطع بالصحة في واحدة منهن " انتهى، من "الاستيعاب" (1 / 46).

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى:

" فهؤلاء نساؤه المعروفات اللاتي دخل بهن، وأما من خطبها ولم يتزوجها، ومن وهبت نفسها له ولم يتزوجها، فنحو أربع أو خمس .

وقال بعضهم: هن ثلاثون امرأة، وأهل العلم بسيرته وأحواله صلى الله عليه وسلم لا يعرفون هذا، بل ينكرونه " انتهى، من "زاد المعاد" (1 / 110).

ومّما صح؛ أنه صلى الله عليه وسلم تزوج أُمَيْمَةَ بِنْتَ شَرَاحِيلَ ، وتعرف بابنة الجون، ثم طلقها بسبب منها؛ لأنها استعاذت بالله منه، فسرّحها أدبا مع الله تعالى، فقال لها: ( لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ، الحَقِي بِأَهْلِكِ )، وقد أورد البخاري رحمه الله تعالى قصتها في صحيحه ، في روايات يكمّل بعضها البعض.

فعَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: ( أَنَّ ابْنَةَ الجَوْنِ، لَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَنَا مِنْهَا، قَالَتْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ، فَقَالَ لَهَا: لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ، الحَقِي بِأَهْلِكِ ) رواه البخاري (5254).

وعَنْ أَبِي أُسَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: ( خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى انْطَلَقْنَا إِلَى حَائِطٍ يُقَالُ: لَهُ الشَّوْطُ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَائِطَيْنِ، فَجَلَسْنَا بَيْنَهُمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اجْلِسُوا هَا هُنَا! وَدَخَلَ، وَقَدْ أُتِيَ بِالْجَوْنِيَّةِ، فَأُنْزِلَتْ فِي بَيْتٍ فِي نَخْلٍ فِي بَيْتِ أُمَيْمَةَ بِنْتِ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ، وَمَعَهَا دَايَتُهَا حَاضِنَةٌ لَهَا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: هَبِي نَفْسَكِ لِي، قَالَتْ: وَهَلْ تَهَبُ المَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ؟ قَالَ: فَأَهْوَى بِيَدِهِ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا لِتَسْكُنَ، فَقَالَتْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ، فَقَالَ: قَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ: يَا أَبَا أُسَيْدٍ! اكْسُهَا رَازِقِيَّتَيْنِ، وَأَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا ) رواه البخاري (5255).

وعَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَأَبِي أُسَيْدٍ، قَالاَ: ( تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَيْمَةَ بِنْتَ شَرَاحِيلَ، فَلَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا، فَكَأَنَّهَا كَرِهَتْ ذَلِكَ ، فَأَمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ أَنْ يُجَهِّزَهَا وَيَكْسُوَهَا ثَوْبَيْنِ رَازِقِيَّيْنِ ) رواه البخاري (5256).

وورد أيضا : أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج بأخت الأشعث بن قيس، فتوفي صلى الله عليه وسلم قبل أن يخيّرها، فلم تدخل في عداد زوجاته.

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ قُتَيْلَةَ أُخْتَ الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُخَيِّرَهَا، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ ) رواه البزار "كشف الأستار" (2444).

قال الحافظ ابن حجر:

" وأخرجه البزار من وجه آخر عن داود، عن عكرمة، عن ابن عباس موصولا، وصححه ابن خزيمة والضياء من طريقه في المختارة" انتهى. "التلخيص الحبير" (3 / 292).

ثانيا:

من خصائص نبينا صلى الله عليه وسلم أن أزواجه رضي الله عنهن يعتبرن أمهات للمؤمنين في المكانة والاحترام والتوقير وحرمة النكاح.

قال الله تعالى:

( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ) الأحزاب /6.

وقال الله تعالى:

( وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا ) الأحزاب /53.

قال ابن كثير:

" وقوله: ( وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) أي: في الحرمة والاحترام، والإكرام والتوقير والإعظام، ولكن لا تجوز الخلوة بهن، ولا ينتشر التحريم إلى بناتهن وأخواتهن بالإجماع " انتهى، من " تفسير ابن كثير" (6 / 380 - 381).

وأمهات المؤمنين هن إحدى عشرة امرأة ، وهن المشهورات من أزواجه صلى الله عليه وسلم ، توفي عن تسعه منهن ، وماتت اثنتان في حياته صلى الله عليه وسلم ، وهما خديجة وزينب بنت خزيمة .

أما من طلقها الرسول صلى الله عليه : فلا نعلم أحدا من أهل العلم ذكرهن بوصف " أمهات المؤمنين" ، ولا أن خصائص أمهات المؤمنين ثبتت لهن بمجرد ذلك .

قال القرطبي رحمه الله :

"فَأَمَّا زَوْجَاتُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ اللَّاتِي فَارَقَهُنَّ فِي حَيَاتِهِ مِثْلُ الْكَلْبِيَّةِ وَغَيْرِهَا، فَهَلْ كَانَ يَحِلُّ لِغَيْرِهِ نِكَاحُهُنَّ؟ فِيهِ خِلَافٌ. وَالصَّحِيحُ جَوَازُ ذَلِكَ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ الْكَلْبِيَّةَ الَّتِي فَارَقَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَت بغيره وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ إجماع" انتهى بتصرف يسير، من

"تفسير القرطبي" (17/211) .

وأمّا زوجات باقي الأنبياء عليهم السلام ، فلم يثبت ما يدل على أنه لهن هذه المكانة والخصيصة، وإنما فيهن الصالحات، بل قد وجد من بينهن من لم يسلمن لله تعالى ومتن على كفرهن وعصيانهن، وهما : امرأة نوح ، وامرأة لوط.

قال الله تعالى:

( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ) التحريم /10.

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-17, 03:02   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

لدي استفسار بخصوص حديث من أحاديث الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام : لما أدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنة الجون ، ودنا منها ، قالت : أعوذ بالله منك . فقال : لقد عذت بعظيم , الحقي بأهلك . فما صحة هذا الحديث ؟ وما سبب تعوذها من الرسول صلى الله عليه وسلم وهي تعلم بأنه رسول الله ؟

وهل الرسول صلى الله عليه وسلم طلقها مِن تعوذها فقط ، أم هناك حكم أخرى ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

هذه القصة صحيحة ، وردت في أحاديث عدة وسياقات يكمل بعضها بعضا :

فروى البخاري رحمه الله في صحيحه (5254) عن الإمام الأوزاعي قَالَ : سَأَلْتُ الزُّهْرِي أَي أَزْوَاجِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم اسْتَعَاذَتْ مِنْهُ ؟

قَالَ : أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها : ( أَنَّ ابْنَةَ الْجَوْنِ لَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدَنَا مِنْهَا قَالَتْ : أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ . فَقَالَ لَهَا : لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ ، الْحَقِى بِأَهْلِكِ ) .

وروى البخاري أيضا في صحيحه (5255) عَنْ أَبِى أُسَيْدٍ رضى الله عنه قَالَ :

( خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى انْطَلَقْنَا إِلَى حَائِطٍ يُقَالُ لَهُ الشَّوْطُ ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَائِطَيْنِ ، فَجَلَسْنَا بَيْنَهُمَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : اجْلِسُوا هَا هُنَا . وَدَخَلَ وَقَدْ أُتِىَ بِالْجَوْنِيَّةِ ، فَأُنْزِلَتْ فِي بَيْتٍ فِي نَخْلٍ فِي بَيْتٍ أُمَيْمَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ ، وَمَعَهَا دَايَتُهَا حَاضِنَةٌ لَهَا ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : هَبِي نَفْسَكِ لِي .

قَالَتْ : وَهَلْ تَهَبُ الْمَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ . قَالَ : فَأَهْوَى بِيَدِهِ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا لِتَسْكُنَ . فَقَالَتْ : أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ . فَقَالَ : قَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ . ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا ، فَقَالَ : يَا أَبَا أُسَيْدٍ اكْسُهَا رَازِقِيَّتَيْنِ وَأَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا )

وروى أيضا رحمه الله (رقم/5256) عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ وَأَبِى أُسَيْدٍ قَالاَ : ( تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أُمَيْمَةَ بِنْتَ شَرَاحِيلَ ، فَلَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا ، فَكَأَنَّهَا كَرِهَتْ ذَلِكَ ، فَأَمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ أَنْ يُجَهِّزَهَا وَيَكْسُوَهَا ثَوْبَيْنِ رَازِقِيَّيْنِ ) ثياب من كتان بيض طوال.

وروى أيضا رحمه الله (رقم/5637) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضى الله عنه قَالَ :

( ذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةٌ مِنَ الْعَرَبِ ، فَأَمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْهَا ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا ، فَقَدِمَتْ فَنَزَلَتْ فِي أُجُمِ بَنِي سَاعِدَةَ ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى جَاءَهَا ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مُنَكِّسَةٌ رَأْسَهَا ، فَلَمَّا كَلَّمَهَا النَّبِيُ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ : أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ. فَقَالَ : قَدْ أَعَذْتُكِ مِنِّى . فَقَالُوا لَهَا : أَتَدْرِينَ مَنْ هَذَا ؟ قَالَتْ : لاَ . قَالُوا هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَ لِيَخْطُبَكِ . قَالَتْ : كُنْتُ أَنَا أَشْقَى مِنْ ذَلِكَ . فَأَقْبَلَ النَّبي صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ حَتَّى جَلَسَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ ، ثُمَّ قَالَ : اسْقِنَا يَا سَهْلُ . فَخَرَجْتُ لَهُمْ بِهَذَا الْقَدَحِ فَأَسْقَيْتُهُمْ فِيهِ ، فَأَخْرَجَ لَنَا سَهْلٌ ذَلِكَ الْقَدَحَ فَشَرِبْنَا مِنْهُ . قَالَ : ثُمَّ اسْتَوْهَبَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَعْدَ ذَلِكَ فَوَهَبَهُ لَهُ ) ورواه مسلم أيضا (2007)، الأجم : الحصون .

ثانيا :

اختلف العلماء في اسم هذه المرأة على أقوال سبعة ، ولكن الراجح منها عند أكثرهم هو : " أميمة بنت النعمان بن شراحيل " كما تصرح رواية حديث أبي أسيد . وقيل اسمها أسماء .

ثالثا :

لماذا استعاذت المرأة الجونية من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

يمكن توجيه ذلك ببعض الأجوبة الآتية :

1- قد يقال إنها لم تكن تَعرِفُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، بدليل الرواية الأخيرة من الروايات المذكورة أعلاه ، وفيها : (. فَقَالُوا لَهَا : أَتَدْرِينَ مَنْ هَذَا ؟ قَالَتْ : لاَ . قَالُوا هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَ لِيَخْطُبَكِ . قَالَتْ : كُنْتُ أَنَا أَشْقَى مِنْ ذَلِكَ )

يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" وقال غيره : يحتمل أنها لم تعرفه صلى الله عليه وسلم ، فخاطبته بذلك .

وسياق القصة من مجموع طرقها يأبى هذا الاحتمال .

نعم سيأتي في أواخر الأشربة من طريق أبي حازم ، عن سهل بن سعد – فذكر الرواية الأخيرة ، ثم قال : –

فإن كانت القصة واحدة فلا يكون قوله في حديث الباب : ( ألحقها بأهلها ) ، ولا قوله في حديث عائشة : ( الحقي بأهلك ) تطليقا ، ويتعين أنها لم تعرفه .

وإن كانت القصة متعددة – ولا مانع من ذلك – فلعل هذه المرأة هي الكلابية التي وقع فيها الاضطراب " انتهى.

"فتح الباري" (9/358)

2- ويذكر بعض أهل العلم أن سبب استعاذتها من النبي صلى الله عليه وسلم ما غرها به بعض أزواجه صلى الله عليه وسلم ، حيث أوهموها أن النبي صلى الله عليه وسلم يحب هذه الكلمة ، فقالتها رغبة في التقرب إليه ، وهي لا تدري أن النبي صلى الله عليه وسلم سيعيذها من نفسه بالفراق إن سمعها منه .

جاء ذلك من طرق ثلاثة :

الطريق الأولى :

يرويها ابن سعد في "الطبقات" (8/143-148)، والحاكم في "المستدرك" (4/39)، من طريق محمد بن عمر الواقدي وهو ضعيف في الحديث .

والطريق الثانية :

يرويها ابن سعد في الطبقات (8/144) بسنده عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى قال: (الجونية استعاذت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل لها : هو أحظى لك عنده . ولم تستعذ منه امرأة غيرها ، وإنما خدعت لما رؤي من جمالها وهيئتها ، ولقد ذكر لرسول الله من حملها على ما قالت لرسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنهن صواحب يوسف ).











رد مع اقتباس
قديم 2018-02-17, 03:03   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الطريق الثالثة :

رواها ابن سعد أيضا في "الطبقات" (8م145) قال : أخبرنا هشام بن محمد بن السائب ، عن أبيه ، عن أبي صالح ، عن بن عباس قال : ( تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أسماء بنت النعمان ، وكانت من أجمل أهل زمانها وأشبهم ، قال فلما جعل رسول الله يتزوج الغرائب قالت عائشة : قد وضع يده في الغرائب يوشكن أن يصرفن وجهه عنا . وكان خطبها حين وفدت كندة عليه إلى أبيها ، فلما رآها نساء النبي صلى الله عليه وسلم حسدنها ، فقلن لها : إن أردت أن تحظي عنده فتعوذي بالله منه إذا دخل عليك . فلما دخل وألقى الستر مد يده إليها ، فقالت : أعوذ بالله منك . فقال: أمن عائذ الله ! الحقي بأهلك )

وروى أيضا قال : أخبرنا هشام بن محمد ، حدثني ابن الغسيل ، عن حمزة بن أبي أسيد الساعدي ، عن أبيه - وكان بدريا – قال : ( تزوج رسول الله أسماء بنت النعمان الجونية ، فأرسلني فجئت بها ، فقالت حفصة لعائشة أو عائشة لحفصة : اخضبيها أنت وأنا أمشطها ، ففعلن ، ثم قالت لها إحداهما : إن النبي، صلى الله عليه وسلم يعجبه من المرأة إذا دخلت عليه أن تقول أعوذ بالله منك . فلما دخلت عليه وأغلق الباب وأرخى الستر مد يده إليها فقالت : أعوذ بالله منك .فقال بكمه على وجهه فاستتر به وقال : عذت معاذا ، ثلاث مرات . قال أبو أسيد ثم خرج علي فقال : يا أبا أسيد ألحقها بأهلها ومتعها برازقيتين ، يعني كرباستين ، فكانت تقول : دعوني الشقية ) .

وهذه الطرق قد يعضد بعضها بعضا ويستشهد بمجموعها على أن لذلك أصلا .

3- وذكر آخرون من أهل العلم أن سبب استعاذتها هو تكبرها ، حيث كانت جميلة وفي بيت من بيوت ملوك العرب ، وكانت ترغب عن الزواج بمن ليس بِمَلِك ، وهذا يؤيده ما جاء في الرواية المذكورة أعلاه ، وفيها : ( فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : هَبِي نَفْسَكِ لِي . قَالَتْ : وَهَلْ تَهَبُ الْمَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ . قَالَ : فَأَهْوَى بِيَدِهِ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا لِتَسْكُنَ . فَقَالَتْ : أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ . فَقَالَ : قَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ . ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا ، فَقَالَ : يَا أَبَا أُسَيْدٍ اكْسُهَا رَازِقِيَّتَيْنِ وَأَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا )

يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" ( السُّوقة ) قيل لهم ذلك لأن الملك يسوقهم فيساقون إليه ، ويصرفهم على مراده ، وأما أهل السوق فالواحد منهم سوقي . قال ابن المنير : هذا من بقية ما كان فيها من الجاهلية ، والسوقة عندهم من ليس بملك كائنا من كان ، فكأنها استبعدت أن يتزوج الملكة من ليس بملك ، وكان صلى الله عليه وسلم قد خير أن يكون ملكا نبيا ، فاختار أن يكون عبدا نبيا ، تواضعا منه صلى الله عليه وسلم لربه ، ولم يؤاخذها النبي صلى الله عليه وسلم بكلامها ، معذرة لها لقرب عهدها بجاهليتها " انتهى.

"فتح الباري" (9/358)

هذا ما تحصَّل ذكرُه من أسباب جاءت بها الروايات وكلام أهل العلم ، وكله يدل على كريم أخلاقه صلى الله عليه وسلم ، حيث لم يكن يرضى أن يتزوج مَن يشعر أنها لا ترغبه ، وكان يأبى صلى الله عليه وسلم أن يصيب أحدا من المسلمين بأذى في نفسه أو ماله .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-17, 03:09   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال

: لدي بعض الأسئلة عن فتح مكة : ما هي أهداف فتح مكة ؟ كيف تم فتح مكة بلا قتال ؟

وكيف كان تنظيم الرسول صلى الله عليه وسلم لقوات جيشه ؟

وما هي توجيهاته صلى الله عليه وسلم لقوات جيشه ؟

وكيف قاد النبي صلى الله عليه وسلم الجيش أثناء تنفيذ الخطة ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا:

الهدف من فتح مكة هو الهدف العام الذي تشترك فيه جميع غزوات النبي صلى الله عليه وسلم وسراياه ، وهو دعوة الناس إلى الإسلام ، ومنع الفتنة ، وإزالة الحواجز التي تصدهم عن دين رب العالمين .

قال الله تعالى : (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) البقرة/193

وعَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الإِسْلاَمِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ ) رواه البخاري (25) ومسلم (22).

ثم كان هناك هدف خاص لفتح مكة؛ وهو نصرة النبي صلى الله عليه وسلم لحلفائه من خزاعة لما اعتدت عليهم قريش وحلفاؤها.

ففي السنة السادسة من الهجرة النبوية: عقد النبي صلى الله عليه وسلم مع قريش صلحا -صلح الحديبية- لمدة عشر سنين، وخيروا القبائل والناس ؛ من شاء أن يدخل في حلف النبي صلى الله عليه وسلم دخل ، ومن شاء أن يدخل في حلف قريش فله ذلك.

روى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، قالا - وهما يذكران صلح الحديبية - :

( هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى وَضْعِ الْحَرْبِ عَشْرَ سِنِينَ، يَأْمَنُ فِيهن النَّاسُ، وَيَكُفُّ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ ... وَكَانَ فِي شَرْطِهِمْ حِينَ كَتَبُوا الْكِتَابَ أَنَّهُ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَقْدِ مُحَمَّدٍ وَعَهْدِهِ دَخَلَ فِيهِ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَقْدِ قُرَيْشٍ وَعَهْدِهِمْ دَخَلَ فِيهِ، فَتَوَاثَبَتْ خُزَاعَةُ، فَقَالُوا: نَحْنُ مَعَ عَقْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَهْدِهِ، وَتَوَاثَبَتْ بَنُو بَكْرٍ، فَقَالُوا: نَحْنُ فِي عَقْدِ قُرَيْشٍ وَعَهْدِهِمْ ... ) رواه الإمام أحمد في "المسند" (31 / 212 - 218)، وحسنه محققو المسند.

وفي السنة الثامنة من الهجرة النبوية، هاجمت بنو بكر بمعونة قريش قبيلة خزاعة حليفة المسلمين فقتلوا منهم جماعة، وبهذا نقضت قريش وحلفاؤها صلح الحديبية، فسار النبي صلى الله عليه وسلم لنصرة حلفائه من خزاعة.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" وكان سبب ذلك أن قريشا نقضوا العهد الذي وقع بالحديبية، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فغزاهم ...

قال ابن إسحاق: وكان بين بني بكر وخزاعة حروب وقتلى في الجاهلية، فتشاغلوا عن ذلك لما ظهر الإسلام، فلما كانت الهدنة خرج نوفل بن معاوية الدِّيَلي من بني بكر ، في بني الدِّيَل ، حتى بيّتَ خزاعة [ بيتهم : يعني هاجهم ليلا ] ، على ماء لهم يقال له الوَتير، فأصاب منهم رجلا يقال له مُنبه، واستيقظت لهم خزاعة ، فاقتتلوا إلى أن دخلوا الحرم ولم يتركوا القتال .

وأمدت قريش بني بكر بالسلاح ، وقاتل بعضهم معهم ليلا في خفية .

فلما انقضت الحرب خرج عمرو بن سالم الخزاعي حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد فقال:

يا رب إني ناشد محمدا ... حلف أبينا وأبيه الأتلدا

فانصر هداك الله نصرا أيدا ... وادع عباد الله يأتوا مددا

إن قريشا أخلفوك الموعدا ... ونقضوا ميثاقك المؤكدا

هم بيتونا بالوتير هجدا ... وقتلونا ركعا وسجدا

وزعموا أن لست أدعو أحدا ... وهم أذل وأقل عددا

قال ابن إسحاق: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( نصرت يا عمرو بن سالم ) فكان ذلك ما هاج فتح مكة .

وقد روى البزار من طريق حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة بعض الأبيات المذكورة في هذه القصة، وهو إسناد حسن موصول" انتهى من "فتح الباري" (7 / 519 - 520).

ثانيا:

باشر النبي صلى الله عليه وسلم كل أسباب القوة والنصر، امتثالا لقوله تعالى:

( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ) الأنفال (60).

- فأمر المسلمين بالتجهز، وأمر أهله بتجهيزه.

قال ابن هشام رحمه الله تعالى:

" وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجهاز، وأمر أهله أن يجهزوه، فدخل أبو بكر على ابنته عائشة رضي الله عنها، وهي تحرك بعض جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أي بنية: أأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تجهزوه؟ قالت: نعم، فتجهز، قال: فأين ترينه يريد؟ قالت: لا والله ما أدري. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم الناس أنه سائر إلى مكة، وأمرهم بالجد والتهيؤ " انتهى. "سيرة ابن هشام" (4 / 39).

- وحرص الرسول صلى الله عليه وسلم على إخفاء الأمر عن أهل مكة حتى يباغتهم ، وقد يسَّر الله له ما أراد ، فلم تشعر قريش بالأمر حتى نزل جيش المسلمين قريبا من مكة بمرّ الظهران.

نقل الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في كتابه "المطالب العالية" (17 / 459) من مسند إسحاق بن راهويه بسنده عَنِ ابن عباس رَضِيَ الله عَنْهما، قَالَ: (خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَّةَ لِعَشْرٍ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ ... فَنَزَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ ظهران، فِي عَشَرَةِ آلَافٍ مِنَ النَّاسِ، فِيهِمْ أَلْفٌ مِنْ مُزَيْنَةَ، وَسَبْعُمِائَةٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، وَقَدْ عَمِيَتِ الْأَخْبَارُ عَلَى قُرَيْشٍ، فَلَا يَأْتِيهِمْ خَبَرٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يَدْرُونَ مَا هُوَ فَاعِلُهُ )، وصححه الحافظ ابن حجر.

- أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بالإفطار ليتقووا به في غزوتهم، لما اقتربوا من العدو، وكانوا في شهر رمضان.

روى مسلم (1120) عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَّةَ وَنَحْنُ صِيَامٌ ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِنَّكُمْ قَدْ دَنَوْتُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ ، فَكَانَتْ رُخْصَةً ، فَمِنَّا مَنْ صَامَ وَمِنَّا مَنْ أَفْطَرَ ، ثُمَّ نَزَلْنَا مَنْزِلًا آخَرَ فَقَالَ : إِنَّكُمْ مُصَبِّحُو عَدُوِّكُمْ وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ فَأَفْطِرُوا ، وَكَانَتْ عَزْمَةً ، فَأَفْطَرْنَا) .

جاء في "عون المعبود شرح سنن أبي داود" :

"فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الْفِطْر لِمَنْ وَصَلَ فِي سَفَره إِلَى مَوْضِع قَرِيب مِنْ الْعَدُوّ أَوْلَى ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا وَصَلَ إِلَيْهِمْ الْعَدُوّ إِلَى ذَلِكَ الْمَوْضِع الَّذِي هُوَ مَظِنَّة مُلَاقَاة الْعَدُوّ , وَلِهَذَا كَانَ الْإِفْطَار أَوْلَى وَلَمْ يَتَحَتَّم . وَأَمَّا إِذَا كَانَ لِقَاء الْعَدُوّ مُتَحَقِّقًا : فَالْإِفْطَار عَزِيمَة ، لِأَنَّ الصَّائِم يَضْعُف عَنْ مُنَازَلَة الْأَقْرَان ، وَلَا سِيَّمَا عِنْد غَلَيَان مَرَاجِل الضِّرَاب وَالطِّعَان , وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْإِهَانَة لِجُنُودِ الْمُحِقِّينَ وَإِدْخَال الْوَهْن عَلَى عَامَّة الْمُجَاهِدِينَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ" انتهى .

- لما اقترب من مكة بدأ يتخذ الإجراءات العسكرية التي ترعب قريشا وتقعدها عن القتال، فروي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل بمر الظهران أمر أصحابه ليلا بإيقاد النيران، وهذا ما أرعب عيون قريش.

ورد عند ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (2 / 135):

" ثم نزل مر الظهران عشاء، فأمر أصحابه فأوقدوا عشرة آلاف نار، ولم يبلغ قريشا مسيره ، وهم مغتمون لما يخافون من غزوه إياهم، فبعثوا أبا سفيان بن حرب يتحسس الأخبار وقالوا: إن لقيت محمدا فخذ لنا منه أمانا، فخرج أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء ، فلما رأوا العسكر أفزعهم " انتهى.

وكانت هذه المباغتة دافعا لأبي سفيان ليقدم على النبي صلى الله عليه وسلم ويعلن إسلامه، وقد جعله النبي صلى الله عليه وسلم في مكان يرى منه قوة المسلمين وكثرة عددهم ، حتى يخبر بها أهل مكة فيوهن قوتهم وعزمهم.

عَنْ هِشَامٍ بن عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ( لَمَّا سَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الفَتْحِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا، خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ، يَلْتَمِسُونَ الخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْبَلُوا يَسِيرُونَ حَتَّى أَتَوْا مَرَّ الظَّهْرَانِ، فَإِذَا هُمْ بِنِيرَانٍ كَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ

فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَا هَذِهِ؟ لَكَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ: نِيرَانُ بَنِي عَمْرٍو، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: عَمْرٌو أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، فَرَآهُمْ نَاسٌ مِنْ حَرَسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَدْرَكُوهُمْ فَأَخَذُوهُمْ، فَأَتَوْا بِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ أَبُو سُفْيَانَ، فَلَمَّا سَارَ قَالَ لِلْعَبَّاسِ: احْبِسْ أَبَا سُفْيَانَ عِنْدَ خَطْمِ الخَيْلِ، حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى المُسْلِمِينَ. فَحَبَسَهُ العَبَّاسُ، فَجَعَلَتِ القَبَائِلُ تَمُرُّ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَمُرُّ كَتِيبَةً كَتِيبَةً عَلَى أَبِي سُفْيَان َ ) رواه البخاري (4280).

- وقد تحقق المقصود من ذلك ، فقد نقل ابن حجر رحمه الله تعالى في " المطالب العالية" (17/ 461 – 462) من "مسند إسحاق بن راهويه" بسنده عَنِ ابن عباس رَضِيَ الله عَنْهما : ( فَحَبَسَهُ الْعَبَّاسُ حَيْثُ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَرَّتِ الْقَبَائِلُ عَلَى راياتها، فكلما مرت راية، قَالَ: مَنْ هذه؟ فأقول: بني سُلَيْمٍ، فَيَقُولُ: مَا لِي وَلِبَنِي سُلَيْمٍ، ثُمَّ تَمُرُّ أُخْرَى، فَيَقُولُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَأَقُولُ: مُزَيْنَةُ، فَيَقُولُ: مَا لِي وَلِمُزَيْنَةَ

فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَلِكَ حَتَّى مَرَّتْ كَتِيبَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَضْرَاءُ، فِيهَا الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ، لَا يُرَى مِنْهُمْ إلا الحدق، قال: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فَقَالَ: مَا لِأَحَدٍ بِهَؤُلَاءِ قِبَلٌ، وَاللَّهِ لَقَدْ أَصْبَحَ مُلْكُ ابْنِ أَخِيكَ الْيَوْمَ لَعَظِيمٌ، فَقُلْتُ: وَيْحَكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ! إِنَّهَا النُّبُوَّةُ، قَالَ: فنعم إذاً، فقلت:النَّجَاءُ إِلَى قَوْمِكَ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَاهُمْ بِمَكَّةَ، فَجَعَلَ يَصِيحُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ! هَذَا مُحَمَّدٌ، قَدْ أَتَاكُمْ بِمَا لَا قِبَلَ لَكُمْ بِه ... ثم قال : مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، فَقَالُوا: قَاتَلَكَ اللَّهُ، وَمَا يغني عَنَّا دَارُكَ، قَالَ: وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ ) .

قال الحافظ ابن حجر:هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.











رد مع اقتباس
قديم 2018-02-17, 03:10   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثالثا:

لما اقترب النبي صلى الله عليه وسلم من مكة وعلى بعد (22 كيلا) في مرّ الظهران عسكر النبي صلى الله عليه وسلم بجيشه هناك، ونظمه استعدادا لدخول مكة.

فوزع الجيش على كتائب، كل كتيبة تمثل قبيلة، والنبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه من المهاجرين والأنصار في كتيبة، كما مرّ في الحديثين السابقين.

ثم قسّم هذا الجيش لما قدم مكة؛ على الميمنة خالد بن الوليد، وعلي الميسرة الزبير بن العوام، والرجّالة والحسّر الذين لا دروع لهم بقيادة أبي عبيدة، والنبي صلى الله عليه وسلم في كتيبة.

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبَاحٍ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَلَا أُعْلِمُكُمْ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِكُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ؟ ثُمَّ ذَكَرَ فَتْحَ مَكَّةَ، فَقَالَ: أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، فَبَعَثَ الزُّبَيْرَ عَلَى إِحْدَى الْمُجَنِّبَتَيْنِ، وَبَعَثَ خَالِدًا عَلَى الْمُجَنِّبَةِ الْأُخْرَى، وَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى الْحُسَّرِ، فَأَخَذُوا بَطْنَ الْوَادِي، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَتِيبَةٍ ) رواه مسلم (1780) .

وفي رواية أخرى لمسلم: ( كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ، فَجَعَلَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ عَلَى الْمُجَنِّبَةِ الْيُمْنَى، وَجَعَلَ الزُّبَيْرَ عَلَى الْمُجَنِّبَةِ الْيُسْرَى، وَجَعَلَ أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى الْبَيَاذِقَةِ، وَبَطْنِ الْوَادِي ).

الْبَيَاذِقَةِ: هم الرجالة.

وأمر خالدا أن يدخل من أسفل مكة – المسفلة- ويغرز رايته عند أدنى البيوت، ودخل النبي صلى الله عليه وسلم والزبير بمن معه من أعلى مكة وغرز رايته بالحجون.

عَنْ هِشَامٍ بن عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ( وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُرْكَزَ رَايَتُهُ بِالحَجُونِ.

قَالَ عُرْوَةُ: وَأَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ العَبَّاسَ يَقُولُ لِلزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ! هَا هُنَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَرْكُزَ الرَّايَةَ، قَالَ: وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ، وَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كُدَا، فَقُتِلَ مِنْ خَيْلِ خَالِدِ بْنِ الوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ رَجُلاَنِ: حُبَيْشُ بْنُ الأَشْعَرِ، وَكُرْزُ بْنُ جابِرٍ الفِهْرِيُّ ) رواه البخاري (4280).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" قوله ( وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ ) بالمدّ، وَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كُدَا، أي بالقصر، وهذا مخالف للأحاديث الصحيحة الآتية أن خالدا دخل من أسفل مكة والنبي صلى الله عليه وسلم من أعلاها، وكذا جزم ابن إسحاق: أن خالدا دخل من أسفل ودخل النبي صلى الله عليه وسلم من

أعلاها وضربت له هناك قبة، وقد ساق ذلك موسى بن عقبة سياقا واضحا فقال: وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام على المهاجرين وخيلهم، وأمره أن يدخل من كداء من أعلى مكة، وأمره أن يغرز رايته بالحجون ولا يبرح حتى يأتيه، وبعث خالد بن الوليد في قبائل قضاعة وسليم وغيرهم ، وأمره أن يدخل من أسفل مكة ، وأن يغرز رايته عند أدنى البيوت، وبعث سعد بن عبادة في كتيبة الأنصار ، في مقدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمرهم أن يكفوا أيديهم ، ولا يقاتلوا إلا من قاتلهم " انتهى. "فتح الباري" (8/ 10).

رابعا:

وفتح مكة رغم أنه يعد أعظم الفتوح، ويعد حدثا فاصلا في تاريخ الإسلام والبشرية ، إلا أن قتلى هذا الفتح لم يتجاوز عشرات قليلة.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" وذكر ابن إسحاق أن أصحاب خالد لقوا ناسا من قريش، منهم سهيل بن عمرو وصفوان بن أمية كانوا تجمعوا بالخندمة -مكان أسفل مكة- ليقاتلوا المسلمين، فناوشوهم شيئا من القتال، فقتل من خيل خالد مسلمة بن الميلاء الجهني، وقتل من المشركين اثنا عشر رجلا أو ثلاثة عشر وانهزموا ...

وعند موسى بن عقبة: واندفع خالد بن الوليد حتى دخل من أسفل مكة ، وقد تجمع بها بنو بكر وبنو الحارث بن عبد مناة وناس من هذيل ، ومن الأحابيش الذين استنصرت بهم قريش، فقاتلوا خالدا، فقاتلهم ، فانهزموا ، وقتل من بني بكر نحو عشرين رجلا ، ومن هذيل ثلاثة أو أربعة ، حتى انتهى بهم القتل إلى الجزورة ، إلى باب المسجد حتى دخلوا في الدور وارتفعت طائفة منهم على الجبال، وصاح أبو سفيان: من أغلق بابه وكف يده فهو آمن.

قال: ( ونظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البارقة، فقال: ما هذا وقد نهيت عن القتال؟ فقالوا: نظن أن خالدا قوتل وبدئ بالقتال ، فلم يكن له بد من أن يقاتل، ثم قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن اطمأن لخالد بن الوليد: لم قاتلت وقد نهيتك عن القتال؟ فقال: هم بدءونا بالقتال ووضعوا فينا السلاح، وقد كففت يدي ما استطعت. فقال: قضاء الله خير ) .

وذكر ابن سعد: أن عدة من أصيب من الكفار أربعة وعشرون رجلا، ومن هذيل خاصة أربعة، وقيل: مجموع من قتل منهم ثلاثة عشر رجلا " انتهى من "فتح الباري" (8 / 10 - 11).

وقلة القتلى مقارنة بعظمة هذا الفتح راجع إلى ثلاثة أمور:

الأمر الأول: الإجراءات الحربية التي اتخذها النبي صلى الله عليه وسلم من استعداد وسرية في القدوم إلى مكة وكل ما سبق ذكره، كان لها بقدر الله تعالى أثرٌ عظيمٌ في دخول الرعب في قلوب أهل مكة وتوهين عزيمتهم للقتال، فلم يقم إلى القتال إلا القليل منهم ، كما أن هذه المباغتة لم تعطهم الفرصة للاستعداد للحرب.

الأمر الثاني: عظمة وحرمة المكان الذي وقع فيه القتال وهو الحرم المكي، فكان هذا حافزا إلى كف المسلمين لسيوفهم ما أمكنهم ذلك.

ولهذا لما قال سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: ( يَا أَبَا سُفْيَانَ! اليَوْمَ يَوْمُ المَلْحَمَةِ، اليَوْمَ تُسْتَحَلُّ الكَعْبَةُ، ...

فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبِي سُفْيَانَ قَالَ: أَلَمْ تَعْلَمْ مَا قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ؟ قَالَ: مَا قَالَ؟ قَالَ: كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: كَذَبَ سَعْدٌ، وَلَكِنْ هَذَا يَوْمٌ يُعَظِّمُ اللَّهُ فِيهِ الكَعْبَةَ، وَيَوْمٌ تُكْسَى فِيهِ الكَعْبَةُ ) رواه البخاري (4280).

ولم يأذن فيه بعد التغلب عليها ، إلا لخزاعة ، تأخذ ثأرها من بني بكر، ولم يأذن لها إلا ساعة من نهار إلى العصر من يوم الفتح، ثم أمرهم بكف أيديهم عن القتل.

عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: ( لَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كُفُّوا السِّلَاحَ ، إِلَّا خُزَاعَةَ عَنْ بَنِي بَكْرٍ. فَأَذِنَ لَهُمْ، حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ قَالَ: كُفُّوا السِّلَاحَ.

فَلَقِيَ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ رَجُلًا مِنْ بَنِي بَكْرٍ، مِنْ غَدٍ، بِالْمُزْدَلِفَةِ، فَقَتَلَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ خَطِيبًا، فَقَالَ، وَرَأَيْتُهُ وَهُوَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ، قَالَ: إِنَّ أَعْدَى النَّاسِ عَلَى اللهِ مَنْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ، أَوْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ، أَوْ قَتَلَ بِذُحُولِ [أي : ثار] الْجَاهِلِيَّةِ ) رواه أحمد في "المسند" (11 / 264 - 265)، وحسنه محققو المسند.

الأمر الثالث: رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالناس والجنوح إلى السلم ما أمكن ذلك.

فقد أعطى الأمان لكل من يدخل بيته ، أو بيت أبي سفيان ، أو المسجد ، أو ألقى السلاح.

عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ بَابهُ فَهُوَ آمِنٌ ) رواه مسلم (1780).

وعند أبي داود (3022) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : ( مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ دَارَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ .

قَالَ: فَتَفَرَّقَ النَّاسُ إِلَى دُورِهِمْ وَإِلَى الْمَسْجِدِ )، وحسنه الألباني في "صحيح سنن أبي داود" (2 / 257).

وأوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم جنوده ألا يقاتلوا إلا من قاتلهم، كما مر ذلك في كلام ابن حجر رحمه الله تعالى.

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-17, 03:15   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

لماذا أراد الرسول صلى الله عليه وسلم
طلاق أم المؤمنين حفصة بنت عمر رضي الله عنهما؟

وما الشئ الخطير الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يهم بتطليقها؟


الجواب :

الحمد لله

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ: ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَّقَ حَفْصَةَ، ثُمَّ رَاجَعَهَا ) رواه أبو داود (2283) وابن ماجه (2016) والنسائي (3560) والحاكم في "المستدرك" (2 / 197) وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه "، ووافقه الذهبي، وحسنه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (9 / 278)، وصححه الألباني في "السلسة الصحيحة" (5 / 15).

وقد راجعها النبي صلى الله عليه وسلم بأمر الوحي.

عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: ( لَمَّا طَلَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَفْصَةَ أُمِرَ أَنْ يُرَاجِعَهَا، فَرَاجَعَهَا ) رواه الحاكم في "المستدرك" (2 / 196 – 197) وقال: " هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ "، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في "السلسة الصحيحة" (5 / 16).

وجاء في رواية أخرى سبب الأمر بمراجعتها؛ فروى الحاكم في "المستدرك" (4 / 15) عَنْ قَيْسِ بْنِ زَيْدٍ: ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَّقَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا خَالَاهَا قُدَامَةُ وَعُثْمَانُ ابْنَا مَظْعُونٍ، فَبَكَتْ وَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا طَلَّقَنِي عَنْ شِبَعٍ، وَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: قَالَ لِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: رَاجِعْ حَفْصَةَ، فَإِنَّهَا صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ، وَإِنَّهَا زَوْجَتُكَ فِي الْجَنَّةِ ) وحسنه الألباني بمجموع طرقه في "السلسة الصحيحة" (5 / 17).

ثانيا:

أما سبب الطلاق، فلم يرد ببيانه حديث صحيح ؛ إلا أن بعض أهل العلم ربطوا هذا الطلاق بالحادثة الشهيرة حينما أسر النبي صلى الله عليه وسلم حديثا إلى بعض أزواجه فأخبرت به صاحبتها.

قال الله تعالى:

( وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ ) التحريم (3).

وقد ثبت أن التي أسر إليها النبي صلى الله عليه وسلم بحديثه هي أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها، حتى قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى:

" قوله تعالى: ( وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً ) يعني: حفصة من غير خلاف علمناه " انتهى. "زاد المسير" (8 / 307).

وقد استنبط بعض المفسرين طلاق حفصة من قوله تعالى : ( عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ )، حيث كلمة ( عَرَّفَ ) وردت في قراءة الكسائي الثابتة المتواترة : ( عَرَفَ ) مخففة.

قال الطبري رحمه الله تعالى :

وقوله: ( عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ ). اختلفت القراء في قراءة ذلك؛ فقرأته عامة قراء الأمصار غير الكسائي: ( عَرَّفَ ) بتشديد الراء، بمعنى: عرَّف النبي صلى الله عليه وسلم حفصة بعض ذلك الحديث وأخبرها به.

وكان الكسائي يذكر عن الحسن البصري وأبي عبد الرحمن السلمي وقتادة، أنهم قرءوا ذلك: (عَرَفَ) بتخفيف الراء، بمعنى: عرف لحفصة بعض ذلك الفعل الذي فعلته من إفشائها سره، وقد استكتمها إياه، أي: غضب من ذلك عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجازاها عليه. من قول القائل لمن أساء إليه: لأعرفن لك يا فلان ما فعلت، بمعنى:لأجازينك عليه.

قالوا: وجازاها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك من فعلها بأن طلقها " انتهى. "تفسير الطبري" (23 / 91 - 92).

قال أبو علي الفارسي:

" وجه التخفيف ، لقول الكسائي ( عَرَفَ بَعْضَهُ ) أنه جازى عليه، لا يكون إلا كذلك، ألا ترى أنه لا يخلو من أن يكون (عَرَّفَ) الذي معناه علم، أو الذي ذكرنا، فلا يجوز أن يكون من باب العلم، لأن النبيّ صلى اللَّه عليه وسلم، إذا أظهره اللَّه على ما أسرّه إليها علم جميع ذلك، ولم يجز أن يعلم من ذلك - مع إظهار اللَّه إياه عليه - بعضه، ولكن يعلم جميعه .

فإذا لم يجز حمله على هذا الوجه، علمت أنه من المعنى الآخر، وهذا كما تقول لمن يسيء أو يحسن: أنا أعرف لأهل الإحسان، وأعرف لأهل الإساءة، أي: لا يخفى عليّ ذلك، ولا مقابلته بما يكون وفقا له " انتهى. "الحجة للقراء السبعة" (6 / 301).

وعلى هذا التفسير يكون سبب الطلاق هو إفشاء حفصة رضي الله عنها لسر النبي صلى الله عليه وسلم.

والخلاصة؛ أنه لا يوجد حديث صحيح صريح ينص على سبب تطليق النبي صلى الله عليه وسلم لأم المؤمنين حفصة رضي الله عنها.

لكن لا يبعد أن يكون متعلقا بالسر الذي أسر إليها به، ويتقوى ذلك بقراءة الكسائي.

وقد تكون هناك أسباب أخرى من خصائص بيت النبوة انضمت إلى كل هذا.

قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى:

" دل الحديث على جواز تطليق الرجل لزوجته، ولو أنها كانت صوامة قوامة، ولا يكون ذلك بطبيعة الحال إلا لعدم تمازجها وتطاوعها معه .

وقد يكون هناك أمور داخلية لا يمكن لغيرهما الاطلاع عليها " انتهى. "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (5 / 18).

ولعل في عدم إفصاح النبي صلى الله عليه وسلم عن سبب طلاقه حفصة رضي الله عنها ما يشير إلى الأدب في هذا ، وأن الرجل إذا طلق امرأته فلا ينبغي له أن يفشي سرها ، ولا أن يصفها بما تكره ، فإن ذلك يكون من الغيبة .

وقد ذكر الغزالي رحمه الله في "إحياء علوم الدين" (2/52) : من الأمور التي ينبغي للزوج أن يراعيها في الطلاق : "أن لا يفشى سرها ، لا في الطلاق ولا عند النكاح ، فقد ورد في إفشاء سر النساء في الخبر الصحيح وعيد عظيم [رواه مسلم من حديث أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن أعظم الخيانة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم يفشي سرها)] .

ويروى عن بعض الصالحين أنه أراد طلاق امرأة فقيل له : ما الذي يريبك فيها ؟

فقال : العاقل لا يهتك ستر امرأته !!

فلما طلقها قيل له : لم طلقتها ؟

فقال : مالي ولامرأة غيري ؟! " انتهى .

والنصيحة للسائلة الكريمة أن تكون عنايتها بمعرفة ما فيه العلم والعمل ، مما بين الله لنا في كتابه ، وعلى لسان رسوله ، وأن يتطلب من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ما فيه الأسوة ، والمعرفة بتفاصيل أحواله النافعة التي فيها لنا القدوة والأسوة .

وأما تفاصيل مثل ذلك : لماذا تزوج فلانة ، ولأي شيء طلق الأخرى ، أو هم بطلاقها ؟! فما المنفعة التي ترجى من تكلف البحث في ذلك ، ومعرفة أسرار هذه الخصوصيات ؟!

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-17, 03:20   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال:

اليهودي واليهودية اللذان حكم عليهما الرسول صلى الله عليه وسلم بالرجم، بعد أن جاء إليه اليهود ، الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم أنهما سيذهبان إلى النار الأبدية دون أن يحزن عليهما ، ويسألهما أن يصبحا مسلمين .

الجواب :

الحمد لله

لا يملك أحد دليلا يثبت به أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحزن لحال هذين اليهوديين المرجومين، أو لم يشفق عليهما، أو يتأسف لحالهما، بل الأدلة المتكاثرة من القرآن الكريم والسنة المطهرة تدل على خلاف ذلك، وتدل على أن صاحب القلب الرحيم عليه الصلاة والسلام كاد يهلك نفسه "أسىً"، و "أسفًا"، و "حزنًا"، و"حسراتٍ"، بل "شقاءً" ؛ على إعراض المعرضين، واستكبار المعاندين، يرجو أن يأخذ بحُجَزهم عن النار، وهم يأبون إلا تقحمها.

وهذه المفردات البالغة الغاية في التعبير عن صدق رحمته عليه الصلاة والسلام، كلها وردت في القرآن الكريم.
تأمل معنا قول الله عز وجل: (فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) فاطر/ 8 .

يقول العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله:

"جُمعت الحسرات - مع أن اسم الجنس صالح للدلالة على تكرار الأفراد - قصدا للتنبيه على إرادة أفراد كثيرة من جنس الحسرة ؛ لأن تلف النفس يكون عند تعاقب الحسرات ، الواحدة تلو الأخرى، لدوام المتحسر منه، فكل تحسر يترك حزازة وكمدا في النفس، حتى يبلغ إلى الحد الذي لا تطيقه النفس، فينفطر له القلب، فإنه قد علم في الطب أن الموت من شدة الألم ، كالضرب المبرح وقطع الأعضاء ، سببه اختلال حركة القلب من توارد الآلام عليه" .

انتهى من "التحرير والتنوير" (22/266).

ومثله قوله تعالى: (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا) الكهف/ 6.

وقوله سبحانه: (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) الشعراء/ 3.

وقول الله جل وعلا: (وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) الحجر/88

وقوله تعالى: (وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) النحل/ 127، وأيضا: (وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) النمل/ 70

وأيضا: (وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) لقمان/ 23.

وقوله سبحانه: (وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ) الأنعام/ 35.

وهو أحد أوجه تفسير قوله جل وعلا: (مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى) طه/ 2 .

ينظر : "أضواء البيان" للشنقيطي (4/4) ، "التحرير والتنوير" لابن عاشور" (16/185) .

فإذا كانت هذه مشاعرَ نبينا صلى الله عليه وسلم تجاه المشركين الوثنيين عبدة الأصنام، الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات في مكة، وآذوه كل أنواع الأذى، وحاربوه وناصبوه العداء وقتلوا من المسلمين ما الله به عليم، ومع ذلك يرجو الله تعالى لهم الهداية وصلاح الحال، ويتقطع قلبه الشريف عليه الصلاة والسلام حسرة عليهم

وكأنه يبحث عن وسيلة يهدي بها قلوبهم، ويؤثِّر بها على عزائم إرادتهم الخفية، فذكره ربه عز وجل بأنه لا يملك لذلك سبيلا، فقال سبحانه: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) القصص/ 56 ؛ فأنى يذهب بك الخيال ، وتتخطفك الوساوس والشبهات في ذلك المقام السني ، لرسول الله صلى الله عليه وسلم .

ولذلك أيضا حضه القرآن الكريم على تجنب كل هذا الأسى القلبي الذي كان يصيبه
كي تستمر دعوته، ويترك شأن الله لله عز وجل.

يقول تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) المائدة/68 .

وقد بلغ من شفقته عليه الصلاة والسلام على المنافقين أنه حرص على الاستغفار لهم، والصلاة عليهم، رغم نهي الله عز وجل له، ولكنه عليه الصلاة والسلام تأول النهي تغليبا لجانب الرحمة والشفقة، كما ثبت عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، أَنَّهُ قَالَ: " لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ، دُعِيَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَثَبْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُصَلِّي عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ وَقَدْ قَالَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا: كَذَا وَكَذَا؟ أُعَدِّدُ عَلَيْهِ قَوْلَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: ( أَخِّرْ عَنِّي يَا عُمَرُ )

فَلَمَّا أَكْثَرْتُ عَلَيْهِ، قَالَ: ( إِنِّي خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ، لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي إِنْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ يُغْفَرُ لَهُ لَزِدْتُ عَلَيْهَا) ، قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمْ يَمْكُثْ إِلَّا يَسِيرًا، حَتَّى نَزَلَتِ الآيَتَانِ مِنْ بَرَاءَةٌ: (وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا) [التوبة: 84] إِلَى قَوْلِهِ (وَهُمْ فَاسِقُونَ) [التوبة: 84] قَالَ: فَعَجِبْتُ بَعْدُ مِنْ جُرْأَتِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ، وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ " رواه البخاري (1366) ، ومسلم (2400) .

ولكن من المعلوم أن الرواة لم ينقلوا كل شيء، ولم يتحدثوا بجميع التفاصيل المتعلقة بالحوادث والمجريات، وإنما كان الراوي يسوق الخبر مركزا على جانب خاص، ومسلطا الضوء على المقصد الذي يريد، كما وقع في حديث رجم هذين الزانيين، كانت الرواية متجهة بكليتها للحديث عن تحاكم اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإنكارهم آية الرجم في التوراة، وكشفها بعد ذلك.

أما التفاصيل الأخرى – وهي الأكثر والأطول –، مثل حكاية هذين اليهوديين، وطريقة إثبات زناهما، وهيئة إقامة الحد عليهما، والآثار الاجتماعية والنفسية والتربوية الناتجة عن حادثتهما في المجتمع المدني، وغيرها من الأمور، كلها أغفلت في الرواية . كما سكت الرواة – كذلك – عن مشاعر النبي صلى الله عليه وسلم تجاههما .

فبأي شيء يجزم القائل : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : لم تنله الشفقة عليهما ؟!

ألأجل أن الرواة قد سكتوا عن نقله ؟ فقد علمنا أن هذا لا يصلح دليلا .

أم لأجل ما علم من سيرته ، وخلقه صلى الله عليه وسلم ؟ وقد علمنا أنه الرحمة المهداة إلى الناس جميعا ، كما وصفه ربه : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) الأنبياء/107 .

ثم لأي شيء تطلب الأسى على هذا الشخص المعين ، أو في موقف معين ، وأنت لم تعلم شيئا عن عناده ، وعتوه واستكباره عن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم ، وإصراره على كفره ؛ ومن المعلوم أن أهل المدينة ، خاصة : قد بلغتهم رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو بين أظهرهم ، أعظم مما بلغت غيرهم ، وقامت عليهم الحجة به أعظم قيام ، وبانت لهم المحجة أعظم بيان ؛ فأي شيء تريد بعد ذلك من الدعوة يا عبد الله ؟!

وتأمل قول الله تعالى لنبيه : ( يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) المائدة/ 41

وقوله تعالى أيضا : (قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) المائدة/68 ؛ لتعلم أين تذهب بك الوساوس بعيدا عن مقام الإنصاف ، وتوقير رسول الله صلى الله عليه وسلم حق توقيره ، وإجلاله حق إجلاله ، بل تبعد بك كثيرا عن مراد الله من نبيه، وأدبه له صلى الله عليه وسلم .

ثم تأمل ذلك المقام السني لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكيف فرحه بنجاة نفس من النار :

روى البخاري (1356) عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: " كَانَ غُلاَمٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِه ِ، فَقَالَ لَهُ: (أَسْلِمْ)، فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: (الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ) .

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-17, 03:27   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

أخرج الإمام مسلم في "صحيحه" في كتاب "الجهاد والسير"، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُفْرِدَ يَوْمَ أُحُدٍ فِي سَبْعَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ. فَلَمَّا رَهِقُوهُ قَالَ: مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَلَهُ الْجَنَّةُ. أَوْ: هُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ؟‏ فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ . ثُمَّ رَهِقُوهُ أَيْضًا فَقَالَ: مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَلَهُ الْجَنَّةُ. أَوْ هُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ.‏ فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى قُتِلَ السَّبْعَةُ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِصَاحِبَيْهِ: مَا أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا)‏ فهل عرَّض النبي صلى الله عليه وسلم حياة سبعة من أصحابه للخطر ليحمي نفسه. فذلك لا يبدو عدلاً. لقد كان بإمكانهم الهروب أو الاختباء ، بما أنه يجوز الهرب من المعركة إن كان عدد العدو يفوق عدد المسلمين بشكل كبير. فما الحكمة من قرار النبي صلى الله عليه وسلم. لماذا هرب النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه من ساحة المعركة واختبأ في الكهف؟


الجواب :

الحمد لله

أسوأ ما يمكن أن يبلغه القارئ أو الباحث أن يمنح نفسه حق الحكم على النبي عليه الصلاة والسلام، أو على أحد من أصحابه، عبر مشهد يقرؤه في إحدى الروايات، دون أن يستحضر المشاهد قبله أو بعده، ودون أن يتفهم لحاقه وسباقه، حتى لو لم يكن مرويا ذلك السياق، فالواجب على الناقد أن يحاول تصوره، واستدعاءه، وجمع أجزاء المشهد المفترض حدوثها، وحينئذ يمكنه أن يشكل قراءة منصفة موضوعية.

فحين تقرأ حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُفْرِدَ يَوْمَ أُحُدٍ فِي سَبْعَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ.

فَلَمَّا رَهِقُوهُ قَالَ: مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَلَهُ الْجَنَّةُ. أَوْ هُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ.‏ فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.
ثُمَّ رَهِقُوهُ أَيْضًا فَقَالَ: مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَلَهُ الْجَنَّةُ. أَوْ هُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ.‏ فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.
فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى قُتِلَ السَّبْعَةُ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِصَاحِبَيْهِ: مَا أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا)‏ رواه مسلم في "صحيحه" (رقم/1789) .

فأول ما ينبغي أن تستحضر أن النبي عليه الصلاة والسلام ليس في موقف المتهم بين أصحابه، ولا بين المسلمين جميعا، فهو عليه الصلاة والسلام رسول النور والهداية والرحمة للبشرية جميعها، وهداية البشرية كلها ، واستقامتها : مرهون بدعوته، ومصير حركة الأديان في العالم كله مرتبط بدينه، ولذلك ختم الله به الرسالات، ورفع مقامه وذكره في العالمين جميعا، وعصمه من الناس، وحماه بما قدّر عز وجل من الأسباب.

ولهذا كان أصحابه رضوان الله عليهم ، يود أحدهم لو فداه بنفسه وماله، لا يجد في ذلك ترددا ولا غضاضة؛ لأنه بحماية نبي الله، يحمي مشعل نور التوحيد والعدل والاستقامة والخير في أرجاء المعمورة.

وبمثل هذا الفداء والتضحية استمرت رسالة الإسلام، وتشكلت أمة المسلمين، وبلغت أعلى ذرى المجد في تحقيق الممكن من حياة العدل والعلم والسلام، كل ذلك بفضل هذه التضحيات الجليلة من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم.
فليس بوارد على قلب مسلم، فضلا عن قلب صحابي جليل، يدافع مع النبي صلى الله عليه وسلم عن المدينة المنورة، أن يرى نبيه عليه الصلاة والسلام في غير مقام الكمال، أو يرى أن نفسه أولى بالحفظ والإيثار، من روحه الشريفة عليه الصلاة والسلام.

وفوق ذلك كله كان صلى الله عليه وسلم خير قدوة وخير مثال، فقد حمل السلاح وشارك أصحابَه في الدفاع عن حرمات المسلمين، ورد كيد الحاقدين الظالمين، وصيانة الأرواح والأعراض والأموال من تجبر جاهلية قريش واستكبارها في الأرض، وكان أصحابه من شجاعته يلوذون به إذا حمي الوطيس.

روى أحمد (1346) عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ : (كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم ، فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى إِلَى الْقَوْمِ مِنْهُ) وقال الشيخ أحمد شاكر في تحقيق المسند : إسناده صحيح .
ومعنى : " احْمَرَّ الْبَأْسُ" أي اشتدت الحرب .

وروى البخاري (2627) ومسلم (2307) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَشْجَعَ النَّاسِ ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَانْطَلَقَ نَاسٌ قِبَلَ الصَّوْتِ فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاجِعًا وَقَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى الصَّوْتِ وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ وَهُوَ يَقُولُ : لَمْ تُرَاعُوا ، لَمْ تُرَاعُوا) .

قال النووي رحمه الله :

"فِيهِ فَوَائِد : مِنْهَا بَيَان شَجَاعَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شِدَّة عَجَلَته فِي الْخُرُوج إِلَى الْعَدُوّ قَبْل النَّاس كُلّهمْ , وَبِحَيْثُ كَشَفَ الْحَال , وَرَجَعَ قَبْل وُصُول النَّاس" انتهى .

ومعنى : "فرس عري" أي ليس عليه سرج ، وهذا من كمال شجاعته صلى الله عليه وسلم ، فاستعجل النظر في الأمر المهم المقلق ، ولم ينتظر حتى تسرج له دابته.

وفي غزوة حنين حين فر أكثر الصحابة من المعركة ، جعل النبي صلى الله عليه وسلم يدفع بغلته تجاه العدو وهو يقول : (أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ) . قال البراء بن عازب رضي الله عنه : (فَمَا رُئِيَ مِنْ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ أَشَدُّ مِنْهُ) . رواه البخاري (3042) ومسلم (1776) .

ولكن مصاب المسلمين في أحد كان عظيما، فقد جرحت وجنته الشريفة، وسال دمه الطاهر، وكُسرت رَباعيّته في فمه المكرّم، فدافع وقاتل بنفسه عن أصحابه في أحلك الظروف وأشدها، وكان يتقدمهم بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام يحمي أرواحهم، ويحول دونهم ودون المعتدين من قريش، ولم يقعد آمنا في بيته أو خيمته في ذلك الموقف العصيب.

وما يستشكله هذا السائل إنما هو آخر مشهد من تلك الساعات المؤلمة العصيبة جدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه الكرام، فقد رهقته المقاتلة، وأضناه حمل السلاح، وجرحُه ينزف لا يجد له علاجا، ولا ما يرقؤه به، سقط في حفرة، ودخلت حلقات المغفر في وجهه غائرة لم يتمكن من انتزاعها، وهُشِّم الترس الحديدي على رأسه الشريف، وألقيت عليه الحجارة الكبيرة، حتى انتشرت إشاعة قتله عليه الصلاة والسلام من شدة ما لقي، وهو بأبي وأمي قد قارب سن الستين!!

يقول ابن هشام رحمه الله:

"قال ابن إسحاق: وانكشف المسلمون، فأصاب فيهم العدو، وكان يوم بلاء وتمحيص، أكرم الله فيه من أكرم من المسلمين بالشهادة، حتى خلص العدو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فَدُثَّ بالحجارة حتى وقع لشقه، فأصيبت رباعيته، وشج في وجهه، وكلمت شفته، وكان الذي أصابه عتبة بن أبي وقاص.

قال ابن إسحاق: فحدثني حميد الطويل، عن أنس بن مالك، قال: كسرت رباعية النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد، وشج في وجهه، فجعل الدم يسيل على وجهه، وجعل يمسح الدم وهو يقول: كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم، وهو يدعوهم إلى ربهم! فأنزل الله عز وجل في ذلك: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ).
قال ابن هشام: وذكر ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه

عن أبي سعيد الخدري: أن عتبة بن أبي وقاص رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ، فكسر رباعيته اليمنى السفلى، وجرح شفته السفلى، وأن عبد الله ابن شهاب الزهري شجه في جبهته، وأن ابن قَمِئَة جرح وجنته، فدخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنته، ووقع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرة من الحفر التي عمل أبو عامر ليقع فيها المسلمون، وهم لا يعلمون، فأخذ علي بن أبي طالب بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورفعه طلحة بن عبيد الله حتى استوى قائما" انتهى من " سيرة ابن هشام" (2/ 79)


فلما بلغ برسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المبلغ الشديد، واجتمع عليه جماعة من المشركين يبغون قتله، وهو فيما أصابه، اجتمع إليه جماعة من أصحابه الكرام يفدونه بأرواحهم وأجسادهم، كما قال ابن حزم: "لحق المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكرَّ دونه نفر من المسلمين رضوان الله عليهم، كانوا سبعة، وقيل أكثر، حتى قُتلوا كلهم، وكان آخرهم عمارة بن يزيد بن السكن" انتهى من " جوامع السيرة" (ص: 127).

فأي ضير – والحال هذه – أن يطلب عليه الصلاة والسلام من أصحابه عونه ومساندته!
وأي جناية في تعاون المجاهدين في صد العدوان، والدفاع عن بعضهم بعضا، كما هو شأن جميع المقاتلين: يعين بعضهم بعضا، ويحمي بعضهم بعضا!

وهو في ذلك عليه الصلاة والسلام معتصم بحبل الله، واثق بعصمته، وآخذ بأسباب ذلك، فطلب من أصحابه عونه في ذلك، كي لا تموت دعوة الحق في مهدها، ولا ينتصر أهل الظلم والعدوان، بعد أن قطعوا الفيافي والقفار من مكة إلى المدينة، يبغون العدوان والتنكيل بالمؤمنين في مدينتهم المسالمة والآمنة، ليفتنوهم عن دينهم، ويلزموهم بآصار الشرك والجاهلية التي لا تلوي على خير ولا خلق ولا حق ولا دين.

هذا جزء يسير من المشهد المؤلم ، وهو كفيل في شرح السبب الذي حدا برسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشرِّف أصحابه ويكرِّمهم في ندبه لهم: (من يردهم عنا وله الجنة)، فقد كان من آثار ما أصابه عليه الصلاة والسلام – كما في "السيرة الحلبية" (2/322، 324)- أنه لم يتمكن من صعود صخرة يحتمي بها حتى أعانه طلحة رضي الله عنه، وصلى يومها بالمسلمين قاعدا .

وما لم يروه الرواة، ولم ينقله الناقلون، أفدح وأخطر فيما نحسب أو نظن؛ لما كانت عليه الحروب يومها من إصابات بدنية مؤلمة، لا يجدون لها تطبيبا. ولو تصور السائل تلك الآلام التي تحدثها السيوف والجروح، وافترض القاعدة العسكرية المعلومة، أن المقاتلين وقادتهم أدرى بظروف معركتهم من غيرهم، لم يتجرأ على توجيه العتب أو اللوم لطريقة توزيع مسؤولية الدفاع وهو يقرأ رواية واحدة مقطوعة عن سياقها، بل لو قرأ التاريخ كله لن يتمكن من تصور حقيقة ما جرى كما هو إدراك أصحاب الحكاية أنفسهم، وحينئذ سيدرك أن شكه وسؤاله لم يقع في محله الصحيح.

وقوله عليه الصلاة والسلام: (ما أنصَفْنا أصحابَنا) ليس المقصود أنه عليه الصلاة ضحى بأصحابه من أجل نفسه. وإنما المراد معاتبة القرشيين اللذين لم يُقْدِما على الدفاع أيضا، فقد كان ينبغي أن يشارك الجميع في الدفاع والحماية، ولا يقتصر ذلك الواجب المهم على الأنصار الذين أقدموا تباعا، حتى استشهدوا السبعة.

وقال بعض العلماء: إن الضبط الأدق هو (ما أنصفَنا أصحابُنا)، يريد الصحابة الذين فروا وتركوه عليه الصلاة والسلام يواجه هذه الجراح ومحاولات القتل وحده.

قال القاضي عياض :

" وفي غزوة أحد ما أنصفنا أصحابنا، بالنصب مفعولين، كذا ضبطناه وبه يستقل معنى الكلام في الذين قاتلوا عنه من الأنصار فقتلوا دون غيرهم . "وبعض رواة كتاب مسلم ضبطه بالرفع على الفاعل، ووجهه : أن يرجع إلى الجملة فيمن فر عنه وتركه في النفر القليل . والله أعلم" انتهى من " مشارق الأنوار على صحاح الآثار" (2/ 16).

وقال الإمام النووي رحمه الله:

"معناه: ما أنصفت قريشٌ الأنصارَ؛ لكون القرشيين لم يخرجا للقتال، بل خرجت الأنصار واحدا بعد واحد" انتهى من "

شرح مسلم" (12/ 147)

وقال ابن قيم الجوزية رحمه الله:

"وجه النصب: أن الأنصار لما خرجوا للقتال واحدا بعد واحد حتى قتلوا، ولم يخرج القرشيان، قال ذلك، أي: ما أنصفت قريش الأنصار.

ووجه الرفع: أن يكون المراد بالأصحاب الذين فروا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أُفرد في النفر القليل، فقتلوا واحدا بعد واحد، فلم ينصفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ثبت معه" انتهى من "زاد المعاد" (3/183).

والحاصل:

أنه لا اختلاف بين الناس جميعا : أن القائد في المعركة له خصوصية ليست لغيره ، ويحاط بالحماية والوقاية والدفاع عنه ، ما لا يتوفر شيء منه البتة لغيره من الجنود ، وأن الوصول إلى القائد وأسره ، أو قتله : هو واحد من أكبر الضربات للجيش ، وأسباب هزيمته النفسية والعسكرية ؛ فكيف يقاس هذا بغيره ؟

فكيف إذا كان القائد هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بأبي هو وأمي ؟

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-17, 03:30   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

و اخيرا ً

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات


اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و ولنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-17, 15:38   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

السؤال :

سمعت في إحدى القنوات التلفزيونية من يقول " إن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما أسري به لم يكن فقط من مكان إلى مكان ، وإنما سافر من زمن إلى زمن ، وكان كلامه هذا عندما أراد أن يرد على الذين يقولون : إن المسجد الأقصى لم يكن موجودا، وأنه بني في عهد عبد الملك بن مروان ، أنا أريد الرد

أو التوضيح للقول الذي يقول : إن الرسول سافر من زمن إلى زمن، واعتبر هذا معجزة كبرى ، حيث إن الفيزيائيين لم يتوصلوا إلى الآن لطريقة للسفر عبر الزمن.


الجواب :

الحمد لله

أولا:

قد أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى كما قال تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) الإسراء/1

ثم عرج به من هناك إلى السموات العلى، ثم عاد إلى بيت المقدس، فصلى فيه صلاة الصبح بالأنبياء، ثم رجع إلى مكة.

والقول بأنه لم يُسْرَ به من مكان إلى مكان: خطأ بيِّنٌ يرده القرآن والأحاديث الصحيحة المتواترة.

والقول بأن المسجد الأقصى لم يكن موجودا، خطأ أيضا، وهو تشكيك في الإسراء كله، وتشكيك في القرآن، ومخالفة للفظه الصريح.

وقد كان المسجد الأقصى موجودا قائما، وهو مبني من قديم، وقد جدد سليمان عليه السلام بناءه، وقد وصفه النبي صلى الله عليه وسلم لمشركي قريش لما قدحوا في رحلته صلى الله عليه وسلم إليه.

روى البخاري (3886) ومسلم (170) عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ، قُمْتُ فِي الحِجْرِ، فَجَلاَ اللَّهُ لِي بَيْتَ المَقْدِسِ، فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ).

وروى مسلم (172) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي الْحِجْرِ وَقُرَيْشٌ تَسْأَلُنِي عَنْ مَسْرَايَ، فَسَأَلَتْنِي عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَمْ أُثْبِتْهَا، فَكُرِبْتُ كُرْبَةً مَا كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ»، قَالَ: " فَرَفَعَهُ اللهُ لِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، مَا يَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَنْبَأْتُهُمْ بِهِ).

وروى البخاري (3366) ومسلم (520) عن أبي ذر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ أَوَّلَ؟ قَالَ: «المَسْجِدُ الحَرَامُ» قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ «المَسْجِدُ الأَقْصَى» قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: «أَرْبَعُونَ سَنَةً، ثُمَّ أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلاَةُ بَعْدُ فَصَلِّهْ، فَإِنَّ الفَضْلَ فِيهِ».

وروى النسائي (693) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَنَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ سَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خِلَالًا ثَلَاثَةً: سَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ فَأُوتِيَهُ، وَسَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ فَأُوتِيَهُ، وَسَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حِينَ فَرَغَ مِنْ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ: أَنْ لَا يَأْتِيَهُ أَحَدٌ لَا يَنْهَزُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ فِيهِ؛ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ "

والحديث صححه الألباني في صحيح النسائي.

وبناء سليمان عليه السلام كان تجديدا للبناء القديم، وكذلك إبراهيم عليه السلام إنما جدد بناء الكعبة.

قال ابن الجوزي رحمه الله :

" الإشارة إلى أول البناء ، ووضع أساس المسجدين ؛ وليس أول من بنى الكعبة إبراهيم ، ولا أول من بنى بيت المقدس سليمان ، وفي الأنبياء والصالحين والبانين كثرة ، فالله أعلم بمن ابتدأ.

وقد روينا أن أول من بنى الكعبة : آدم ، ثم انتشر ولده في الأرض ، فجائز أن يكون بعضهم قد وضع بيت المقدس " انتهى من " كشف المشكل " (1/ 360).

وبنحو ذلك قال القرطبي ، ورجحه الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " (6/ 409) .

وأما عبد الملك بن مروان فإنما بنى مسجد قبة الصخرة سنة 72هـ، ولم يبن المسجد الأقصى. وينظر: جواب السؤال رقم (20903) .

وكون المسجد الأقصى كان موجودا زمن النبي صلى الله عليه وسلم هذا مما لا خلاف فيه، وقد كان قبلة المسلمين أول الأمر، فالعجب ممن يجهل ذلك ثم ينصرف عنه إلى الظنون والأوهام.

ثانيا:

الزمن مجرد دالة حسابية بين متغيرين، ولا يمكن فصله أو تجريده بحيث يمكن السفر عبره أو اختراقه، إلا إن أريد بالسفر عبر الزمان إمكانية السفر في الفضاء واختصار الزمن، فهذا لا يحيله العقل، وليس أن يكون السفر في الزمن نفسه، وهو ما حدث مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج، فإنه قطع المسافة الشاسعة في الزمن اليسير، وكان هذا أمرا معجزا، وقد يخترع الإنسان وسيلة تتخطى سرعة الضوء، لكنها لا تبلغ هذا الأمر المعجز، ولا تمكّن صاحبها من العروج إلى السموات ذات الأبواب التي لا تفتح إلا بالإذن كما جاء في الأحاديث.

وعلى كل، فمقاربة السرعة الضوء أو تخطيها هو ما تعتمد عليه فكرة السفر عبر الزمن في النظرية النسبية لأينشتاين، وأما أن يعود الإنسان إلى الماضي، فهذا لا يمكن.

والمقصود هنا أن الذي يجب الإيمان به: أن النبي صلى الله عليه وسلم عُرج به من بيت المقدس إلى السموات، وأنه مر بسماء سماء، حتى انتهى إلى السماء السابعة، إلى ما شاء الله بعدها، يستفتح له جبريل كل سماء فيُفتح له، ويرحَّب به.

وهذا متواتر في الأحاديث، ونسوق هنا حديثا واحدا مما جاء في ذلك.

روى مسلم (162) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ، وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الْحِمَارِ، وَدُونَ الْبَغْلِ، يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ»، قَالَ: «فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ»، قَالَ: «فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ»، قَالَ " ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجْتُ فَجَاءَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ، وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ، فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اخْتَرْتَ الْفِطْرَةَ، ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مَنَ أَنْتَ؟

قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: َ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِآدَمَ، فَرَحَّبَ بِي، وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ، ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقِيلَ: مَنَ أَنْتَ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِابْنَيْ الْخَالَةِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وَيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّاءَ، صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا، فَرَحَّبَا وَدَعَوَا لِي بِخَيْرٍ، ثُمَّ عَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مَنَ أَنْتَ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟

قَالَ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِيُوسُفَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا هُوَ قَدِ اُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ، ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قَالَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِإِدْرِيسَ، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم: 57]

ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِهَارُونَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَحَّبَ، وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ، ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ، ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟

قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، وَإِذَا هُوَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ، ثُمَّ ذَهَبَ بِي إِلَى السِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَإِذَا وَرَقُهَا كَآذَانِ الْفِيَلَةِ، وَإِذَا ثَمَرُهَا كَالْقِلَالِ "، قَالَ: " فَلَمَّا غَشِيَهَا مِنْ أَمْرِ اللهِ مَا غَشِيَ تَغَيَّرَتْ، فَمَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْعَتَهَا مِنْ حُسْنِهَا، فَأَوْحَى اللهُ إِلَيَّ مَا أَوْحَى، فَفَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلَاةً فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَنَزَلْتُ إِلَى مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَا فَرَضَ رَبُّكَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: خَمْسِينَ صَلَاةً، قَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا يُطِيقُونَ ذَلِكَ، فَإِنِّي قَدْ بَلَوْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَخَبَرْتُهُمْ "، قَالَ: " فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّي، فَقُلْتُ: يَا رَبِّ، خَفِّفْ عَلَى أُمَّتِي، فَحَطَّ عَنِّي خَمْسًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقُلْتُ: حَطَّ عَنِّي خَمْسًا، قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا يُطِيقُونَ ذَلِكَ

فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ "، قَالَ: " فَلَمْ أَزَلْ أَرْجِعُ بَيْنَ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَبَيْنَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لِكُلِّ صَلَاةٍ عَشْرٌ، فَذَلِكَ خَمْسُونَ صَلَاةً، وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ شَيْئًا، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ سَيِّئَةً وَاحِدَةً "، قَالَ: " فَنَزَلْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ "، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَقُلْتُ: قَدْ رَجَعْتُ إِلَى رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ ).

وعند البخاري (3887) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِهِ: ( بَيْنَمَا أَنَا فِي الحَطِيمِ، - وَرُبَّمَا قَالَ: فِي الحِجْرِ - مُضْطَجِعًا إِذْ أَتَانِي آتٍ، فَقَدَّ: قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: فَشَقَّ مَا بَيْنَ هَذِهِ إِلَى هَذِهِ - فَقُلْتُ لِلْجَارُودِ وَهُوَ إِلَى جَنْبِي: مَا يَعْنِي بِهِ؟

قَالَ: مِنْ ثُغْرَةِ نَحْرِهِ إِلَى شِعْرَتِهِ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: مِنْ قَصِّهِ إِلَى شِعْرَتِهِ - فَاسْتَخْرَجَ قَلْبِي، ثُمَّ أُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوءَةٍ إِيمَانًا، فَغُسِلَ قَلْبِي، ثُمَّ حُشِيَ ثُمَّ أُعِيدَ، ثُمَّ أُتِيتُ بِدَابَّةٍ دُونَ البَغْلِ، وَفَوْقَ الحِمَارِ أَبْيَضَ، - فَقَالَ لَهُ الجَارُودُ: هُوَ البُرَاقُ يَا أَبَا حَمْزَةَ؟ قَالَ أَنَسٌ: نَعَمْ - يَضَعُ خَطْوَهُ عِنْدَ أَقْصَى طَرْفِهِ، فَحُمِلْتُ عَلَيْهِ...) الحديث.

فالحذر الحذر ممن يشكك في السنة، أو يتكلم في الدين بلا علم.

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-17, 15:42   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

يحتج الرافضة علينا بأن الرسول صل الله عليه وسلم توفي إلى صدر علي بن أبي طالب وليس بين سحر ونحر أم المؤمنين أمنا الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما وينقلون من كتاب مختصر تاريخ دمشق لأبن عساكر "لابن منظور "الجزء الثاني الصفحة 392 وها هو نص قد تفحصته من المكتبة الشاملة قبل أن أسأل: (عن أبي غطفان قال: سالت ابن عباس: أرأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توفي ورأسه في حجر أحد؟

قال: توفي وهو إلى صدر علي. قالت: فإن عروة حدثني عن عائشة أنها قالت: توفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين سحري ونحري. فقال ابن عباس: أيعقل! والله لتوفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإنه لمسند إلى صدر علي، وهو الذي غسله، وأخي الفضل بن عباس وأبي أبى أن يحضر، وقال: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأمرنا أن نستتر، فكان عند الستر.) يرجى الرد على الشبهة


الجواب :

الحمد لله

الثابت بالإسناد الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي على صدر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.

عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: ( إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَتَعَذَّرُ فِي مَرَضِهِ: أَيْنَ أَنَا اليَوْمَ ؟ أَيْنَ أَنَا غَدًا ؟ اسْتِبْطَاءً لِيَوْمِ عَائِشَةَ.

فَلَمَّا كَانَ يَوْمِي، قَبَضَهُ اللَّهُ بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَدُفِنَ فِي بَيْتِي ) .

رواه البخاري (1389) ومسلم (2443).

وعن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عَنْ عَائِشَةَ، قالت: ( دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِي، وَمَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سِوَاكٌ رَطْبٌ يَسْتَنُّ بِهِ، فَأَبَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَصَرَهُ، فَأَخَذْتُ السِّوَاكَ فَقَضِمْتُهُ، وَنَفَضْتُهُ وَطَيَّبْتُهُ، ثُمَّ دَفَعْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَنَّ بِهِ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَنَّ اسْتِنَانًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ، فَمَا عَدَا أَنْ فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفَعَ يَدَهُ أَوْ إِصْبَعَهُ ثُمَّ قَالَ: فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى. ثَلاَثًا، ثُمَّ قَضَى، وَكَانَتْ تَقُولُ: مَاتَ بَيْنَ حَاقِنَتِي وَذَاقِنَتِي ) رواه البخاري (4438).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" ما بين الحاقنة والذاقنة هو ما بين السحر والنحر، والمراد أنه مات ورأسه بين حنكها وصدرها صلى الله عليه وسلم ورضي عنها " انتهى. "فتح الباري" (8 / 139).

أما ما ذكره ابن منظور في "مختصر تاريخ دمشق" (2 / 392):

" عن أبي غطفان قال: سألت ابن عباس: أرأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توفي ورأسه في حجر أحد؟ قال: توفي وهو إلى صدر علي. قلت: فإن عروة حدثني عن عائشة أنها قالت: توفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين سحري ونحري ؟

فقال ابن عباس: أيعقل! والله لتوفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإنه لمسند إلى صدر علي، وهو الذي غسله، وأخي الفضل بن عباس، وأبى أبي أن يحضر، وقال: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأمرنا أن نستتر، فكان عند الستر " انتهى.

فذكره بغير إسناد، ولم نقف عليه في "تاريخ دمشق" لابن عساكر، لكن رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (2 / 263)؛ قال:

أخبرنا محمد بن عمر، حدثني سليمان بن داود بن الحصين، عن أبيه، عن أبي غطفان، قال: سألت ابن عباس: أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي ورأسه في حجر أحد؟ قال: توفي وهو لمستند إلى صدر علي. قلت: فإن عروة حدثني عن عائشة أنها قالت: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري؟

فقال ابن عباس: أتعقل؟ والله لتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنه لمستند إلى صدر علي ، وهو الذي غسله وأخي الفضل بن عباس وأبى أبي أن يحضر وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نستتر، فكان عند الستر ".

ومحمد بن عمر هو الواقدي، وهو متروك الحديث ومتهم بالكذب.

وسليمان بن داود بن الحصين مجهول الحال.

فمثل هذا الحديث بهذا الإسناد الضعيف لا يقوى على معارضة حديث عائشة الذي اتفق أهل العلم على صحته.

قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى:

" – الأثر- : ( توفي صلى الله عليه وسلم وإنه لمستند إلى صدر علي) .

موضوع.

أخرجه ابن سعد (2/ 263) : أخبرنا محمد بن عمر: حدثني سليمان بن داود بن الحصين عن أبيه عن أبي غطفان قال:...

قلت: وهذا موضوع؛ آفته محمد بن عمر - وهو الواقدي -؛ كذاب.

وشيخه سليمان بن داود بن الحصين؛ لا يعرف؛ أورده ابن أبي حاتم – أي في كتابه الجرح والتعديل - ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

ثم رأيت الحافظ ابن حجر قال في "الفتح" (8/ 107) :

"لا يعرف حاله".

قلت: وإن مما يؤكد وضع الحديث؛ مخالفته لحديث عروة المذكور عن عائشة؛ فإن عروة وهو - ابن الزبير - من كبار التابعين وثقاتهم، وقد رواه عنه جمع من الثقات في "مسند الإمام أحمد"، و "صحيح البخاري"، و "مسلم".

وتابعه عندهما جماعة من الثقات عن عائشة رضي الله عنها، وكذلك في "المسند"، و "ابن سعد". فهو حديث مشهور عن عائشة رضي الله عنها؛ إن لم يكن متواتراً...

فمثل هذا الحديث المشهور عن عائشة يبعد جداً أن يخفى على ابن عباس رضي الله عنه!

فنفيه عن عائشة وإثباته لعلي رضي الله عنه؛ إنما هو من صنع الكذابين من الشيعة أو من يساندهم " انتهى. "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (10 / 710 - 711).

وقد وردت روايات أخرى ضعيفة بمثل ما في رواية ابن سعد السابقة، وقد بيّن الحافظ ابن حجر ضعفها، أثناء شرحه لحديث عائشة الذي سبق ذكره؛ قال رحمه الله تعالى:

" وهذا الحديث – أي حديث عائشة - يعارض ما أخرجه الحاكم وابن سعد من طرق، أن النبي صلى الله عليه وسلم مات ورأسه في حجر علي؛ وكل طريق منها لا يخلو من شيعي، فلا يلتفت إليهم.

وقد رأيت بيان حال الأحاديث التي أشرت إليها دفعا لتوهم التعصب:

قال ابن سعد: "ذكر من قال توفي في حجر علي" وساق من حديث جابر: ( سأل كعب الأحبار عليا ما كان آخر ما تكلم به صلى الله عليه وسلم؟

فقال: أسندته إلى صدري، فوضع رأسه على منكبي، فقال: الصلاة الصلاة .

فقال كعب: كذلك آخر عهد الأنبياء)، وفي سنده الواقدي وحرم بن عثمان، وهما متروكان.

وعن الواقدي عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي عن أبيه عن جده قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه: ادعوا إلي أخي، فدعي له علي، فقال: ادن مني، قال: فلم يزل مستندا إلي وإنه ليكلمني حتى نزل به، وثقل في حجري فصحت: يا عباس أدركني فإني هالك، فجاء العباس، فكان جهدهما جميعا أن أضجعاه )، فيه انقطاع، مع الواقدي، وعبد الله: فيه لين.

وبه، عن أبيه، عن علي بن الحسين: ( قبض ورأسه في حجر علي )، فيه انقطاع.

وعن الواقدي عن أبي الحويرث عن أبيه عن الشعبي: ( مات ورأسه في حجر علي ) فيه الواقدي والانقطاع، وأبو الحويرث اسمه عبد الرحمن بن معاوية بن الحارث المدني قال مالك: ليس بثقة، وأبوه لا يعرف حاله...

وأخرج الحاكم في "الإكليل": من طريق حبة العدني عن علي: ( أسندته إلى صدري فسالت نفسه )، وحبة ضعيف.

ومن حديث أم سلمة قالت: ( عليٌّ آخرهم عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم )، والحديث عن عائشة أثبت من هذا، ولعلها أرادت آخر الرجال به عهدا، ويمكن الجمع بأن يكون علي آخرهم عهدا به، وأنه لم يفارقه حتى مال، فلما مال ظن أنه مات، ثم أفاق بعد أن توجه، فأسندته عائشة بعده إلى صدرها، فقبض " انتهى. "فتح الباري" (8 / 139).

والحاصل: أن ما يذكره الشيعة من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم على صدر علي رضي الله عنه، كلها أخبار واهية لا يلتفت إليها، ولا تقوى على معارضة حديث عائشة رضي الله عنها، المتفق على صحته.

والله أعلم.










رد مع اقتباس
قديم 2018-02-17, 15:47   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال:

يقال : إن العلماء يتساهلون في أحاديث السير ونحوها ، فما رأيكم في كتاب: "ما شاع ولم يثبت في السيرة النبوية"؛ فإنه قد بيَّن فيه ضعف كثير من القصص والوقائع المشهورة ، التي يتناقلها الناس، بل حتى العلماء منهم؟

الجواب :

الحمد لله

لا بد أن نفرق في حديثنا عن الأحاديث الضعيفة في جناب
السيرة النبوية المطهرة بين مقامات ثلاثة:

المقام الأول:

أن علماء الحديث لا يختلفون في أن أبواب السير والمغازي من الأبواب التي يجوز "رواية" الأحاديث الضعيفة فيها، و"حكايتها"، و"نقلها" في الكتب والمجالس وحلق العلم والدرس، لا على سبيل الجزم بنسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما على سبيل الحكاية والنقل والرواية.

يقول عباس الدُّوري:

"سمعت أحمد بن حنبل - وسئل وهو على باب أبي النضر هاشم بن القاسم فقيل له: يا أبا عبد الله! ما تقول في موسى بن عُبيدة الربَذَي، وفي محمد بن إسحاق -؟

فقال: أما محمد بن إسحاق فهو رجل تكتب عنه هذه الأحاديث - كأنه يعني المغازي ونحوها - وأما موسى بن عبيدة فلم يكن به بأس، ولكنه حدث بأحاديث مناكير عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فأما إذا جاء الحلال والحرام أردنا قوما هكذا. وقبض أبو الفضل على أصابع يديه الأربع من كل يد، ولم يضم الإبهام، وأرانا أبو الفضل يديه وأرانا أبو العباس" .

انتهى من "تاريخ ابن معين رواية الدوري" (3/60) .

ويقول الإمام الحاكم رحمه الله:

"وأنا بمشيئة الله أُجري الأخبار التي سقطت على الشيخين في كتاب الدعوات على مذهب أبي سعيد عبد الرحمن بن مهدي في قبولها، فإني سمعت أبا زكريا يحيى بن محمد العنبري، يقول: سمعت أبا الحسن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، يقول: كان أبي يحكي، عن عبد الرحمن بن مهدي، يقول:

إذا روينا، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام والأحكام : شددنا في الأسانيد، وانتقدنا الرجال، وإذا روينا في فضائل الأعمال ، والثواب والعقاب، والمباحات والدعوات : تساهلنا في الأسانيد" انتهى من "المستدرك على الصحيحين" (1/ 666) .

وقد عقد الخطيب البغدادي في "الكفاية في علم الرواية" (ص: 133) بابا بعنوان: "باب التشدد في أحاديث الأحكام، والتجوز في فضائل الأعمال. " .

قال : " قد ورد عن غير واحد من السلف أنه لا يجوز حمل الأحاديث المتعلقة بالتحليل والتحريم إلا عمن كان بريئا من التهمة ، بعيدا من الظِّنَّة ، وأما أحاديث الترغيب والمواعظ ونحو ذلك : فإنه يجوز كَتْبُها عن سائر المشايخ".
وأورد فيه بأسانيده:

سمعت سفيان الثوري، يقول: لا تأخذوا هذا العلم في الحلال والحرام إلا من الرؤساء المشهورين بالعلم، الذين يعرفون الزيادة والنقصان، ولا بأس بما سوى ذلك من المشايخ.

قال: سمعت ابن عيينة، يقول: لا تسمعوا مِن بَقِيَّة ما كان في سُنة، واسمعوا منه ما كان في ثواب وغيره.
يقول: سمعت النوفلي يعني أبا عبد الله، يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إذا روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام والسنن والأحكام تشددنا في الأسانيد، وإذا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل الأعمال ، وما لا يضع حكما ولا يرفعه : تساهلنا في الأسانيد.

قال: سمعت أبا زكريا العنبري، يقول: الخبر إذا ورد لم يحرم حلالا، ولم يحل حراما، ولم يوجب حكما، وكان في ترغيب أو ترهيب، أو تشديد أو ترخيص : وجب الإغماض عنه ، والتساهل في رواته" انتهى باختصار من "الكفاية" .

ومن هنا امتلأت كتب العلماء والمحدثين في القديم والحديث بمثل هذه الروايات، التي لا يجدون فيها شذوذا أو نكارة تستوجب الرد والحذر، ولكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا يوردونها على سبيل جزم النسبة للنبي صلى الله عليه وسلم، وإنما لفضائل العمل، أو استرسال الأخبار، أو كل ما لا يترتب عليه تشريع أو اعتقاد.

المقام الثاني:

أن ما سبق من التساهل في أسانيد السير والمغازي لا يعني إطلاقا أننا ننسب للنبي صلى الله عليه وسلم – على وجه الجزم - كلاما لم يثبت بالأسانيد الصحيحة أو الحسنة، سواء في الأحكام أو العقائد أو الفضائل أو السير والمغازي أو غيرها من أبواب العلم والدين، فالتساهل في المغازي والسير هو تساهل على مستوى "النقل" و "البحث العلمي" فحسب، وليس على مستوى جزم النسبة للنبي صلى الله عليه وسلم.













رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سؤال وجواب


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 04:19

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc