تعلم العقيدة معي رحمك الله - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

تعلم العقيدة معي رحمك الله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-03-13, 13:04   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
HABOBA-
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية HABOBA-
 

 

 
إحصائية العضو










M001 تعلم العقيدة معي رحمك الله

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن من أهم المهمات وأفضل القربات التناصح والتوجيه إلى الخير والتواصي بالحق والصبر عليه، والتحذير مما يخالفه ويغضب الله عز وجل ويباعد من رحمته.
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منزلته عظيمة، وقد عدّه العلماء الركن السادس من أركان الإسلام، وقدّمه الله عز وجل على الإيمان كما في قوله تعالى: كُنتُم خَير أُمةٍ أخرجَت لِلنَّاسِ تَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَتَنَهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤمِنُونَ بِاللهِ .
وقدّمه الله عز وجل في سورة التوبة على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة فقال تعالى: وَالمُؤمِنَُونَ وَالمُؤمنَاتُ بَعضُهم أولياءُ بَعضٍ يَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَيَنَهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَلاةَ وَيُؤتُونَ الزكاةَ وَيُطيعُونَ اللهَ وَرَسُولهُ أُولَئِكَ سَيرحمُهُمُ اللهُ إنَّ اللهَ عَزِيزُ حَكِيمُ .
وفي هذا التقديم إيضاح لعِظم شأن هذا الواجب وبيان لأهميته في حياة الأفراد والمجتمعات والشعوب. وبتحقيقه والقيام به تصلح الأمة ويكثر فيها الخير ويضمحل الشر ويقل المنكر. وبإضاعته تكون العواقب الوخيمة والكوارث العظيمة والشرور الكثيرة، وتتفرّق الأمة وتقسو القلوب أو تموت، وتظهر الرذائل وتنتشر، ويظهر صوت الباطل، ويفشو المنكر.
ومن فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ما يلي:
أولاً: أنه من مهام وأعمال الرسل عليهم السلام، قال تعالى: وَلَقَد بَعَثنَا فيِ كُلِ أُمةٍ رَسُولاً أن اعبدُوا اللهَ وَاجتَنِبُوا الَّطاغُوتَ .
ثانياً: أنه من صفات المؤمنين كما قال تعالى: التَّائِبُونَ العَابِدُونَ الحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بالمعروف وَالنَّاهُونَ عنِ المُنكَرِ وَالحَافِظُونَ لحُدُودِ اللهِ وَبَشِرِ المُؤمِنِينَ .
على عكس أهل الشر والفساد المُنَافِقُونَ وَالمُنافِقاتُ بَعضُهُم مِن بَعضٍ يَأمُرُونَ بِالمُنكَرِ وَيَنَهَونَ عَن المَعرُوفِ وَيَقبِضُونَ أيدِيَهُم نَسُوا اللهَ فَنَسِيهُم إنَّ المُنافِقِينَ هُمُ الفَاسِقُونَ .
ثالثاً: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خصال الصالحين، قال تعالى: لَيسُوا سَواءً من أهلِ الكتَابِ أُمةُ قَائِمةُ يَتلُونَ آياتِ اللهِ آناء الليلِ وَهُم يَسجُدُونَ (113) يُؤمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوم الآخِرِ وَيَأمرونَ بِالمعرُوفِ وَيَنهونَ عَن المُنكَر وَيُسَارِعُونَ في الخَيراتِ وَأولئِكَ منَ الصَّالِحُينَ .
رابعاً: من خيرية هذه الأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: كُنتُم خَيرَ أُمةٍ أُخَرِجَت للِنَّاسِ تَأمرونَ بِالمَعرُف وتَنهُونَ عنِ المُنكرِ وَتُؤمِنُونَ بِالله .
خامساً: التمكين في الأرض، قال تعالى: الَّذيِنَ إن مَّكَّناهُم في الأرضِ أقَامُوا الصَّلاةَ وأتُوا الزَّكاةَ وأمرُوا بِالمعُروفِ وَنَهَوا عَنِ المُنكَر وَلله عَاقِبَةُ الأُمورِ .
سادساً: أنه من أسباب النصر، قال تعالى: وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَنِ يِنَصُرُهُ إنَّ اللهَ لَقَوىُّ عَزيزُ (40) الَّذيِنَ إن مَّكَّناهُم في الأَرضِ أقَامُوا الّصلاةَ وأتُوا الزكاةَ وَأمَرُوا بِالمعرُوفِ ونَهَوا عَنِ المُنكَرِ وللهِ عَاقِبةُ الأمُورِ .
سابعاً: عظم فضل القيام به كما قال تعالى: لاّ خَيرَ في كَثِيِرٍ مِنّ نَّجوَاهُم إلاّ مَن أمَرَ بِصَدَقَةٍ أو مَعروفٍ أو إصلاحِ بَينَ النَّاس وَمَن يَفعَل ذَلكَ ابتِغَاءَ مَرضَاتِ اللهِ فَسَوفَ نُؤتِيهِ أَجراً عَظِيماً .
وقوله : { من دعا إلى هدى كان له مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً } [رواه مسلم].
ثامناً: أنه من أسباب تكفير الذنوب كما قال عليه الصلاة والسلام: { فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وولده وجاره، يكفرها الصيام والصلاة والصدقة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر } [رواه أحمد].
تاسعاً: في القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حفظ للضرورات الخمس في الدين والنفس والعقل والنسل والمال. وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الفضائل غير ما ذكرنا. وإذ تُرِك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعُطّلت رايته ؛ ظهر الفساد في البر والبحر وترتب على تركه أمور عظيمة منها:
1- وقوع الهلاك والعذاب، قال الله عز وجل: وَاتَّقُوا فَتنَةً لا تُصِيبَنَ الذين ظَلَمُوا مِنكُم خاصةً .
وعن حذيفة مرفوعاً: { والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم } [متفق عليه].
ولما قالت أم المؤمنين زينب رضي الله عنها: ( أنهلك وفينا الصالحون؟ ) قال لها الرسول : { نعم إذا كُثر الخبث } [رواه البخاري].
2- عدم إجابة الدعاء، وقد وردت أحاديث في ذلك منها حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعاً: { مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، قبل أن تدعوا فلا يُستجاب لكم } [رواه أحمد].
3- انتفاء خيرية الأمة، قال : { والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطراً ولتقصرنه على الحق قصراً، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم ليلعنكم كما لعنهم } [رواه أبو داود].
4- تسلط الفساق والفجار والكفار، وتزيين المعاصي، وشيوع المنكر واستمراؤه.
5- ظهور الجهل، واندثار العلم، وتخبط الأمة في ظلم حالك لا فجر لها. ويكفي عذاب الله عز وجل لمن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتسلط الأعداء والمنافقين عليه، وضعف شوكته وقلة هيبته.
أخي المسلم:
قال العلامة الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله: ( فلو قدر أن رجل يصوم النهار ويقوم في الليل ويزهد في الدنيا كلها، وهو مع هذا لا يغضب الله، ولا يتمعَّر وجهه، ولا يحمر، فلا يأمر بالمعروف، ولا ينهى عن المنكر، فهذا الرجل من أبغض الناس عند الله، وأقلهم ديناً، وأصحاب الكبائر أحسن عند الله منه ).
خطوات الإنكار والأمر:
أولاً: التعريف، فإن الجاهل يقوم على الشيء لا يظنه منكراً، فيجب إيضاحه له، ويؤمر بالمعروف ويبين له عظم أجره وجزيل ثواب من قام به، ويكون ذلك بحسن أدب ولين ورفق.
ثانياً: الوعظ؛ وذلك بالتخويف من عذاب الله عز وجل وعقابه وذكر آثار الذنوب والمعاصي، ويكون بذلك شفقة ورحمة له.
ثالثاً: الرفع إلى أهل الحسبة إذا ظهر عناده وإصراره.
رابعاً: التكرار وعدم اليأس فإن الأنبياء والمرسلين أمروا بالمعروف وأعظمه التوحيد، وحذروا من المنكر وأعظمه الشرك، سنوات طويلة دون كلل أو ملل.
خامساً: إهداء الكتاب والشريط النافع.
سادساً: لمن كان له ولاية كزوجة وأبناء، فله الهجر والزجر والضرب.
سابعاً: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يستوجب من الشخص الرفق والحلم، وسعة الصدر والصبر، وعدم الانتصار للنفس، ورحمة الناس، والإشفاق عليهم، وكل ذلك مدعاة إلى الحرص وبذل النفس.
أخي المسلم:
درجات تغيير المنكر ذكرها الرسول بقوله: { من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان } [رواه مسلم].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية قدّس الله روحه: ( ومن لم يكن في قلبه بغض ما يبغضه الله ورسوله من المنكر الذي حرّمه من الكفر والفسوق والعصيان، لم يكن في قلبه الإيمان الذي أوجبه الله عليه، فإن لم يكن مبغضاً لشيء من المحرمات أصلاً لم يكن معه إيمان أصلاً ).
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: ( فالله الله إخواني، تمسكوا بأصل دينكم، أوله وآخره أسّه ورأسه، وهو " شهادة أن لا إله إلا الله " واعرفوا معناها وأحبوا أهلها، واجعلوهم إخوانكم ولو كانوا بعيدين، واكفروا بالطاغوت، وعادوهم وأبغضوا من أحبهم، أو جادل عنهم أو لم يكفرهم، أو قال ما عليّ منهم، أو قال: ما كلفني الله بهم، فقد كذب هذا على الله وافترى، بل كلّفه الله بهم وفرض عليه الكفر بهم والبراءة منهم ولو كانوا إخوانه أو أولاده ).
أخي المسلم:
شاع في بعض أوساط الناس الغفلة عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واعتبروا ذلك تدخلاً في شئون الغير؛ وهذا من قلة الفهم ونقص الإيمان، فعن أبي بكر قال: ( يا أيها الناس ! إنكم لتقرؤون هذه الآية: يَا أيُها الَّذِينَ أمنُوا عَلَيكُم أَنَفُسَكُم لاَ يَضُرُكُم مَّن ضَلّ إذَا اهتَدَيتُم وإني سمعت رسول الله يقول: { إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه } ) [رواه أبو داود].
وتأمل في سفينة المجتمع كما صورها الرسول بقوله: { مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً } [رواه البخاري].
ومع الأسف الشديد ظهرت في بعض المجتمعات ظاهرة خطيرة وهي الاستهزاء بالآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، ولمزهم وغمزهم، والله عز وجل قد توعّد الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بعذاب أليم.
وننبه الأحبة الكرام إلى خطورة الأمر، قال في حاشية ابن عابدين: ( إن من قال: " فضولي " لمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فهو مرتد ).
وفي " الدر المختار " قال في فصل الفضولي: ( هو من يشتغل بما لا يعنيه، فالقائل لمن يأمر بالمعروف: أنت فضولي، يخشى عليه الكفر ).
اللهم اجعلنا من الآمرين بالمعروف، الناهين عن المنكر، المقيمين لحدودك. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب. اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين









 


رد مع اقتباس
قديم 2011-03-13, 13:06   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
HABOBA-
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية HABOBA-
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي التوحيد معناه أقسامه فضائله

التوحيد: هو إفراد الله بالعبادة وحده لا شريك له، وهو دين الرسل كلهم عليهم الصلاة والسلام الذي لا يقبل الله من أحد ديناً سواه، ولا تصح الأعمال إلا به، إذ هو أصلها الذي تُبنى عليه، ومتى لم يوجد لم ينفع العمل، بل هو حابط إذ لا تصح العبادة إلا به.
أقسام التوحيد
ينقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام: توحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات، وتوحيد الألوهية.
1 - توحيد الربوبية:
وهو الإقرار بأن لا رب للعالمين إلا الله الذي خلقهم، ورزقهم وهذا النوع من التوحيد قد أقرّ به المشركون الأوائل، فهم يشهدون أن الله هو الخالق والمالك والمدبر والمحيي والمميت وحده لا شريك له، قال تعالى: وَلَئَن سَألتَهُم مّن خَلَقَ السَمَاوَاتِ وَالأرضَ وَسَخَرَ الشَّمسَ وَالقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللّهُ فَأنَّى يُؤفَكُونَ [العنكبوت:61].
ولكن إقرارهم هذا وشهادتهم تلك لم تدخلهم في الإسلام، ولم تنجهم من النار ولم تعصم دماءهم وأموالهم، لأنهم لم يحققوا توحيد الألوهية، بل أشركوا مع الله في عبادته بصرفهم شيئاً منها لغيره.
2 - توحيد الأسماء والصفات:
وهو الإيمان بأن لله تعالى ذاتاً لا تشبهها الذوات وصفات لا تشبهها الصفات وأن أسماءه دالة دلالة قطعية على ما له سبحانه من صفات الكمال المطلق كما قال تعالى: لَيسَ كَمثلهِ شَيء وَهو السّميعُ البَصير [الشورى:11].
وأيضاً إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه أو أثبته له رسوله إثباتاً يليق بجلاله من غير تشبيه، ولا تمثيل ولا تعطيل، ولا تحريف، ولا تأويل ولا تكييف، ولا نحاول لا بقلوبنا وتصوراتنا ولا بألستنا أن نكيف شيئاً من صفاته ولا أن نمثلها بصفات المخلوقين.
3 - توحيد الألوهية:
وهو توحيد العبادة أي إفراد الله سبحانه وتعالى بجميع أنواع العبادة التي أمر بها كالدعاء والخوف والرجاء والتوكل والرغبة والرهبة والخشوع والخشية، والإنابة، والإستعانة، والإستغاثة والذبح والنذر وغير ذلك من العبادات التي أمر الله بها كلها، والدليل قوله تعالى: وَأَنَّ المَسَاجِدَ للّهِ فَلاَ تَدعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً [الجن:18]، بحيث لا يصرف الإنسان شيئاً من هذه العبادات لغير الله سبحانه وتعالى لا لملك مقرب، ولا لنبي مرسل ولا لولي صالح، ولا لأي أحد من المخلوقين، لأن العباده لا تصح إلا لله، فمن صرف شيئاً منها لغير الله فقد أشرك بالله شركاً أكبر وحبط عمله.
وحاصله هو البراءة من عبادة كل ما سوى الله، والإقبال بالقلب والعبادة على الله، ولا يكفي في التوحيد دعواه والنطق بكلمة الشهادة من غير مفارقة لدين المشركين وما هم عليه من دعاء غير الله من الأموات ونحوهم والاستشفاع بهم إلى الله في كشف الضر وتحويله وطلب المدد والغوث منهم إلى غير ذلك من الأعمال الشركية التي تنافي التوحيد تماماً.
وتحقيق التوحيد: هو بمعرفته والاطلاع على حقيقته والقيام بها علماً وعملاً، وحقيقة ذلك هو انجذاب الروح أو القلب إلى الله محبة وخوفاً، وإنابة وتوكلاً ودعاءً وإخلاصاً وإجلالاً وهيبة وتعظيماً وعبادة، وبالجملة فلا يكون في قلب العبد شيء لغير الله، ولا إرادة لما حرم الله من الشركيات والبدع والمعاصي كبيرها وصغيرها، ولا كراهة لما أمر الله به وذلك هو حقيقة التوحيد وحقيقة لا إله إلا الله.
معنى لا إله إلا الله
أي لا معبود بحق في الأرض ولا في السماء إلا الله وحده لا شريك له، لأن المعبودات الباطلة كثيرة لكن المعبود الحق هو الله وحده لا شريك له، قال تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ البَاطِلُ وَأَنَّ اللّهَ هُوَ العَلِىُّ الكَبِيرُ [الحج:62]. وليس معناها لا خالق إلا الله كما قد يظنه بعض الجهلة، فإن كفار قريش الذين بُعث فيهم رسول الله كانوا يقرون بأن الخالق المدبر هو الله وحده لا شريك له، كما في قوله تعالى عنهم: أَجَعَلَ الأَلِهةَ إِلَهاً واحِداً إن هَذَا لَشَىءُ عُجَابٌ [ص:5]، ففهموا من هذه الكلمة أنها تُبطل عبادة أي أحد من دون الله وتحصر العبادة لله وحده وهم لا يريدون ذلك، فلذلك حاربهم رسول الله حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويقوموا بحقها وهو إفراد الله بالعبادة وحده لا شريك له.
وبهذا يبطل ما يعتقده عبّاد القبور اليوم وأشباههم من أن معنى لا إله إلا الله هو الإقرار بأن الله موجود أو أنه هو الخالق القادر على الاختراع وأشباه ذلك وأن من اعتقد ذلك فقد حقق التوحيد المطلق ولو فعل من عبادة غير الله ودعاء الأموات والتقرب إليهم بالنذور وبالطواف بقبورهم والتبرك بتربتهم.
ولقد عرف كفار قريش من قبل أن لا إله إلا الله تقتضي ترك عبادة ما سوى الله وإفراد الله بالعبادة، وأنهم لو قالوها واستمروا على عبادة الأصنام لتناقضوا مع أنفسهم وهم يأنفون من التناقض، وعبّاد القبور اليوم لا يأنفون من هذا التناقض الشنيع فهم يقولون لا إله إلا الله، ثم ينقضونها بدعاء الأموات من الأولياء والصالحين والتقرب إلى أضرحتهم بأنواع من العبادات، فتباً لمن كان أبو جهل وأبو لهب أعلم منه بمعنى لا إله إلا الله.
ولقد جاءت الأحاديث الكثيرة التي تبين أن معنى لا إله إلا الله هو البراءة من عبادة ما سوى الله من الشفعاء والأنداد، وإفراد الله بالعبادة، فهذا هو الهدى ودين الحق الذي أرسل الله به رسله وأنزل به كتبه، أما قول الإنسان لا إله إلا الله من غير معرفة لمعناها ولا عمل بمقتضاها، أو دعواه أنه من أهل التوحيد وهو لا يعرف التوحيد بل ربما يخلص لغير الله في عبادته من الدعاء والخوف والذبح والنذر والاستغاثة والتوكل وغير ذلك من أنواع العبادات فإن هذا مناقض للتوحيد بل يكون مشركاً والحالة هذه ! !
قال ابن رجب: ( فإن تحقق القلب بمعنى لا إله إلا الله وصدقه فيها وإخلاصه يقتضي أن يرسخ فيه تأله الله وحده إجلالاً وهيبة ومخافة ومحبة ورجاء وتعظيماً وتوكلاً ويمتلىء بذلك وينفي عنه تأله ما سواه من المخلوقين، ومتى كان كذلك لم تبق فيه محبة ولا إرادة ولا طلب لغير ما يريد الله ويحبه ويطلبه، وينفي بذلك من القلب جميع أهواء النفس وإرادتها ووسواس الشيطان ).
فمن أحب شيئاً أو أطاعه وأحب عليه وأبغض عليه فهو إلهه فمن كان لا يحب ولا يبغض إلا لله ولا يوالي ولا يعادي إلا لله فالله إلهه حقاً، ومن أحب لهواه وأبغض له ووالى عليه وعادى عليه فإلهه هواه كما قال تعالى: أَرَءَيتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ [الفرقان:43].
فضائل كلمة الإخلاص
لقد اجتمع لكلمة الإخلاص فضائل جمة، وثمرات عديدة، ولكن هذه الفضائل لا تنفع قائلها بمجرد النطق بها فقط، ولا تتحقق إلا لمن قالها مؤمناً بها عاملاً بمقتضاها، ومن أعظم فضائلها أن الله حرم على النار من قالها يبتغي بذلك وجه الله. كما في حديث عتبان أن رسول الله قال: { إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله } [متفق عليه]. وغير ذلك من الأحاديث التي تبين أن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله. لكن هذه الأحاديث جاءت مقيدة بالقيود الثقال.
وأكثر من يقولها يخشى عليه أن يفتن عنها عند الموت فيحال بينه وبينها بسبب ذنوب أصر عليها وتهاون بها، وأكثر من يقولها تقيداً أو عادة، ولم يخالط الإيمان بشاشة قلبه، وغالب من يفتن عند الموت وفي القبور أمثال هؤلاء كما في الحديث: { سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته } [رواه أحمد وأبو داود].
وحينئذ فلا منافاة بين الأحاديث فإنه إذا قالها بإخلاص ويقين تام لم يكن في هذه الحالة مصراً على ذنب أصلاً، فإن كمال إخلاصه ويقينه يوجب أن يكون الله أحب إليه من كل شيء فلا يبقى في قلبه إرادة لما حرم الله ولا كراهة لما أمر الله به، وهذا هو الذي يحرم على النار وإن كانت له ذنوب قبل ذلك، فإن هذا الإيمان وهذه التوبة وهذا الإخلاص، وهذه المحبة وهذا اليقين لا تترك له ذنباً إلا ويمحى كما يمحو نور الصبح ظلام الليل.
أركانها
للشهادة ركنان:
1ـ نفي في قوله ( لا إله )
2ـ إثبات في قوله ( إلاالله )
( فلا إله ) نفت الألوهية عن كل شيء ما سوى الله، ( وإلا الله ) أثبتت الألوهية لله وحده لا شريك له.
(2) ومنها: النور الذي يقذفه الله في قلب العبد ـ وهو نورُ الإيمان ـ فإنه يشرحُ الصدرَ وَيُوسعه، ويُفرحُ القلب. فإذا فُقدَ هذا النورُ من قلبِ العبد ضاق وحَرجَ، وصار في أضيق سجنٍ وأصعبه.
وقد روى الترمذي في [جامعه] عن النبي أنه قال: { إذا دخل النور القلب انفسح وانشرح }. قالوا: وما علامة ذلك يا رسول الله؟ قال: { الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل نزوله }، فيصيب العبد من انشراح صدره بحسب نصيبه من هذا النور، وكذلك النور الحسي والظلمة الحسية، هذه تشرح الصدر، وهذه تُضيقه.
(3) ومنها: العلمُ، فإنه يشرح الصدر ويوسعه حتى يكون أوسع من الدنيا، والجهل يورثه الضيق والحصر والحبس، فكلما اتسع علمُ العبد انشرح صدره واتسع وليس هذا لكل علم، بل للعلم الموروث عن الرسول وهو العلم النافع، فأهله أشرح الناس صدراً، وأوسعهم قلوباً، وأحسنهم أخلاقاً، وأطيبهم عيشاً.
(4) ومنها: الإنابة إلى الله سبحانه وتعالى ومحبته بكل القلب، والإقبال عليه، والتنعم بعبادته، فلا شيء أشرح لصدر العبد من ذلك، حتى إنه ليقول أحياناً إن كنتُ في الجنةِ في مثل هذه الحالة، فإني إذاً في عيش طيب. وللمحبة تأثيرٌ عجيب في إنشراح الصدر، وطيب النفس، ونعيم القلب، لا يعرفه إلا من له حِس به، وكلما كانت المحبة أقوى وأشد، كان الصدر أفسح وأشرح، ولا يضيق إلأ عند رؤية البطالين الفارغين من هذا الشأن، فرؤيتهم قَذى عينه، ومخالطتهم حُمى رمحه.
ومن أعظم أسباب ضيق الصدر الإعراضُ عن الله تعالى، وتعلقُ القلب بغيره، والغفلة عن ذكره ومحبة سواه، فإن من أَحبَّ شيئاً غير الله عُذّب به، وسُجن قلبه في محبة ذلك الغير، فما في الأرض أشقى منه، ولا أكسف بالاً، ولا أنكد عيشاً، ولا أتعب قلباً. فهما محبتان:
محبة هي جنة الدنيا، وسرور النفس، ولذة القلب، ونعيم الروح وغذاؤها ودواؤها، بل حياتها وقرة عينها، وهي محبة الله وحده بكل القلب، وانجذاب قوى الميل والإرادة والمحبة كلها إليه.
ومحبة هي عذاب الروح، وغمُّ النفس، وسجن القلب وضيق الصدر، وهي سبب الألم والنكد والعناء، وهي محبة ما سواه سبحانه.
(5) ومن أسباب شرح الصدر: دوام ذكره على كل حال، وفي كل موطن. فللذكر تأثير عجيب في انشراح الصدر ونعيم القلب، وللغفلة تأثير عجيب في ضيقه وحبسه وعذابه.
(6) ومنها: الإحسان إلى الخلق ونفعهم بما يمكنه من المال والجاه، والنفع بالبدن، وأنواع الإحسان. فإن الكريم المحسن أشرح الناس صدراً، وأطيبهم نفساً، وأنعمهم قلباً، والبخيل الذي ليس فيه إحسان أضيق الناس صدراً، وأنكدهم عيشاً، وأعظمهم همّاً وغمّاً، وقد ضرب رسول الله في الصحيح مثلاً للبخيل والمتصدق، كمثل رجلين عليهما جُنتان من حديد، كلما هَمَّ المتصدق بصدقة اتسعت عليه وانبسطت، حتى يَجُرّ ثيابه ويُعفى أثره، وكلما هَمّ البخيل بالصدقة لزمت كل حلقة مكانها، ولم تتسع عليه. فهذا مثلُ انشراح صدر المؤمن المتصدق وانفساح قلبه، ومثلُ ضيق صدر البخيل وانحصار قلبه.
(7) ومنها: الشجاعة، فإن الشجاع منشرح الصدر، واسع البطان، متسع القلب.
والجبان: أضيق الناس صدرا، وأحصرهم قلباً، لا فرحة له ولا سرور، ولا لذة له ولا نعيم إلا من جنس ما للحيوان البهيمي، وأما سرور الروح ولذتها ونعيمها وابتهاجها فمحرم على كل جبان، كما هو مُحرَّم على كل بخيل، وعلى كل معرض عن الله سبحانه، غافل عن ذكره، جاهل به وبأسمائه تعالى وصفاته ودينه، متعلق القلب بغيره وأنّ هذا النعيم والسرور يصير فى القبر رياضاً وجَنّة وذلك الضيق والحصر ينقلب فى القبر عذاباً وسجناً، فحال العبد فى القبر كحال القلب فى الصدر، نعيماً وعذاباً، وسجناً وانطلاقاً، ولا عبرة بانشراح صدر هذا لعارض، ولا بضيق صدر هذا لعارض، فإن العوارض تزول بزوال أسبابها، وإنما المُعوّل على الصفه التى قامت بالقلب توجب انشراحه وحبسه، فهى الميزان. والله المستعان.
(8) ومنها بل من أعظمها: إخراج دّغّلِ القلب وهو من الصفات المذمومة التي تُوجب ضيفه وعذابه، وتحول بينه وبين حصول البُزء، فإن الإنسان إذا أتى الأسباب التي تشرح صدره، ولم يُخرج تلك الأوصاف المذمومة من قلبه، لم يحظ من انشراح صدره بطائل، وغايته أن يكون له مادتان تعتوران على قلبه، وهو للمادة الغالبة عليه منهما.
(9) ومنها: ترك فضول النظر، والكلام، والاستماع، والمخالطة، والأكل، والنوم، فإن هذه الفضول تستحيل آلاماً وغموماً، وهموماً في القلب، تحصره، وتحبسه، وتضيقه، ويتعذب بها، بل غالب عذاب الدنيا والآخرة منها، فلا إله إلا الله، ما أضيق صدر من ضرب في كل آفة من هذه الآفات بسهم، وما أنكد عيشه، وما أسوأ حاله، وما أشد حصر قلبه! ولا إله إلا الله، ما أنعم عيش من ضرب في كل خصلة من تلك الخصال المحمودة بسهم، وكانت همته دائرة عليها، حائمة حولها! فلهذا نصيب وافر من قوله تعالى: إِنَّ الأَبّرارَ لَفِى نَعِيمٍ [الانفطار:13]، ولذلك نصيب وافر من قوله تعالى: وَإِنّّ الفُجَّارّ لَفىِ جَحِيمٍ [الانفطار:14]، وبينهما مراتب متفاوتة لا يُحصيها إلا الله تبارك وتعالى.
والمقصود: أن رسول الله كان الخلق في كل صفة يحصل بها انشراح الصدر، واتساع القلب، وقرة العين، وحياة الروح، فهو أكمل الخلق في هذا الشرح والحياة، وقرة العين مع ما خُصَّ به من الشرح الحسي.
وأكمل الخلق متابعة له؛ أكملهم انشراحاً ولذة وقرة عين، وعلى حسب متابعته ينال العبد من انشراح صدره وقرة عينه ولذة روحه ما ينال، فهو في ذروة الكمال من شرح الصدر، ورفع الذكر، ووضع الوِِزر، ولأتباعه من ذلك بحسب نصيبهم من اتباعه. والله المستعان.
وهكذا لأتباعه نصيب من حفظ الله لهم، وعصمته إياهُم، ودفاعه عنهم، وإعزازه لهم، ونصره لهم، بحسب نصيبهم من المتابعة، فمستقبل، ومستكثر، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه.
وصلى الله على رسوله محمد وعلى آله وصحبه وسلم.













رد مع اقتباس
قديم 2011-03-13, 13:08   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
HABOBA-
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية HABOBA-
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي تنبيهات هامة تتعلق بالعقيدة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .
الشرك بالله: هو أعظم المحرمات على الإطلاق لحديث أبي بكرة قال: قال رسول الله : { ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ( ثلاثاً ) }قالوا: قلنا: بلى يا رسول الله. قال: { الإشراك بالله... } [متفق عليه].
وكل ذنب يمكن أن يغفره الله إلا الشرك فلا بد له من توبة مخصوصة، قال الله تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ [النساء:116].
والشرك منه ما هو أكبر مخرج عن ملة الإسلام، صاحبه مخلد في النار إن مات على ذلك.
ومن مظاهر هذا الشرك المنتشرة في كثير من بلاد المسلمين:
عبادة القبور: واعتقاد أن الأولياء الموتى يقضون الحاجات ويفرجون الكربات، والإستعانة والإستغاثة بهم. والله سبحانه وتعالى يقول: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ [الإسراء:23]. وكذلك دعاء الموتى من الأنبياء والصالحين أو غيرهم للشفاعة أو للتخليص من الشدائد. والله يقول: أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ [النمل:62].
وبعضهم يتخذ ذكر إسم الشيخ أو الولي - مستغيثاً به - عادته وديدنه إن قام وإن قعد وإن عثر، وكلما وقع في ورطة أو مصيبة أو كربة، فهذا يقول: يا محمد، وهذا يقول: يا علي، وهذا يقول: يا حسين، وهذا يقول: يا بدوي، وهذا يقول: يا جيلاني، وهذا يقول، يا شاذلي، وهذا يقول: يا رفاعي، وهذا يدعو العيدروس، وهذا يدعو السيدة زينب، وذلك يدعو ابن علوان، والله يقول: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ [الأعراف:194].
وبعض عباد القبور يطوفون بها، ويستلمون أركانها، ويتمسحون بها، ويقبلون أعتابها، ويعصرون وجوههم في تربتها، ويسجدون لها إذا رأوها ويقفون أمامها خاشعين متذللين متضرعين سائلين مطالبهم وحاجاتهم من شفاء مريض أو حصول ولد أو تيسير حاجة، وربما نادى صاحب القبر: يا سيدي جئتك من بلد بعيد فلا تخيبني، والله عز وجل يقول: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ [الأحقاف:5].
وقال النبي : { من مات وهو يدعو من دون الله نداً دخل النار } [رواه البخاري].
وبعضهم يحلقون رؤوسهم عند القبور، وعند بعضهم كتب بعناوين مثل: مناسك حج المشاهد ويقصدون بالمشاهد القبور وأضرحة الأولياء، وبعضهم يعتقد أن الأولياء يتصرفون في الكون وأنهم يضرون وينفعون، والله عز وجل يقول: وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ [يونس:107].
ولا تجوز الصلاة في المسجد إذا كان فيه أو في ساحته أو قبلته قبر: فقد سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله، السؤال التالي: ما حكم الصلاة في المسجد إذا كان فيه قبر، أو بساحته أو في قبلته؟ فأجاب: إذا كان في المسجد قبر فالصلاة فيه غير صحيحة سواء كان خلف المصلين أو أمامهم أو عن أيمانهم أو عن شمائلهم. لقول النبي : { لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد } [متفق عليه]. ولقوله : { ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك } [رواه مسلم]. ولأن الصلاة عند القبر من وسائل الشرك والغلو في أهل القبور، فوجب منع ذلك عملاً بالحديثين المذكورين وما جاء في معناهما وسداً لذريعة الشرك.
ومن مظاهر الشرك:
الذبح لغير الله
والله يقول: فصل لربك وانحر [الكوثر:2] أي: انحر لله وعلى اسم الله، وقال النبي : { لعن الله من ذبح لغير الله } [رواه مسلم].
وقد يجتمع في الذبيحة محرمان وهما: الذبح لغير الله، والذبح على غير اسم الله، وكلاهما مانع للأكل منها. ومن ذبائح الجاهلية الشائعة في عصرنا ( ذبائح الجن ) وهي أنهم كانوا إذا اشتروا داراً أو بنوها أو حفروا بئراً ذبحوا عندها أو على عتبتها ذبيحة خوفاً من أذى الجن [تيسير العزير الحميد].
وكذلك من الشرك:
النذر لغير الله
كما يفعل الذين ينذرون الشموع والأنوار لأصحاب القبور. ومن أنواع الشرك المنتشرة: السحر والكهانة والعرافة:
أما السحر فإنه كفر ومن الكبائر السبع الموبقات، وهو يضر ولا ينفع، قال الله تعالى عن تعلمه: ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم [البقرة:102].
وقال: ولا يفلح الساحر حيث أتى [طه:69]. والذي يتعاطى السحر كافر عند كثير من العلماء، قال الله تعالى: وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا انما نحن فتنة فلا تكفر [البقرة:102].
ومن الناس من يرتكب محرماً بلجوئه إلى الساحر لفك السحر، والواجب اللجوء إلى الله والاستشفاء بكلامه كالمعوذات وغيرها.
وأما الكاهن والعراف فكلاهما كافر بالله العظيم إذا ادّعيا معرفة الغيب. ولا يعلم الغيب إلا الله، وكثير من هؤلاء يستغفل السذج لأخذ أموالهم، ويستعملون وسائل كثيرة من التخطيط في الرمل أو ضرب الودع أو قرآءة الكف والفنجان أو كرة الزجاج والمرايا وغير ذلك، وإذا صدقوا مرة كذبوا تسعاً وتسعين مرة، ولكن المغفلين لا يتذكرون إلا المرة التي صدق فيها هؤلاء الأفاكون، فيذهبون إليهم لمعرفة المستقبل والسعادة والشقاوة في زواج أو تجارة، والبحث عن المفقودات ونحو ذلك. وحكم الذي يذهب إليهم إن كان مصدقاً بما يقولون فهو كافر، والدليل قوله : { من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد } [رواه الإمام أحمد]، وهو في صحيح الجامع:5929. أما إن كان الذي يذهب إليهم غير مصدق بأنهم يعلمون الغيب ولكنه يذهب للتجربة ونحوها فإنه لا يكفر ولكن لا تقبل له صلاة أربعين يوماً. والدليل قوله : { من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة } [رواه مسلم]، هذا مع وجوب الصلاة والتوبة عليه.
ومن الشرك الأصغر اعتقاد النفع في أشياء لم يجعلها الخالق عز وجل كذلك. وقد يتحول إلى أكبر إن اعتقد أن هذه الأشياء تنفع أو تضر من دون الله.
كما يعتقد بعضهم في التمائم والعزائم الشركية وأنواع من الخرز أو الودع أو الحلق المعدنية بناء على إشارة الكاهن أو الساحر أو اعتقاد متوارث، فيعلقونها في رقابهم أو على أولادهم لدفع العين بزعمهم، أو يربطونها على أجسادهم، أو يعلقونها في سياراتهم وبيوتهم، أو يلبسون خواتم بأنواع من الفصوص يعتقدون فيها أموراً معينة من رفع البلاء أو دفعه.
وتعليق كل ما تقدم أو ربطه حرام لقوله : { من علق تميمة فقد أشرك } [رواه أحمد]، وهو في السلسلة الصحيحة:492. وفاعل ذلك إن اعتقد أن هذه الأشياء تنفع أو تضر من دون الله فهو مشرك شركاً أكبر، وإن اعتقد أنها سبب للنفع أو الضرر، والله لم يجعلها سبباً، فهو مشرك شركاً أصغر، وهذا يدخل في شرك الأسباب.
الحلف بغير الله تعالى
الله سبحانه وتعالى يقسم بما شاء من مخلوقاته. وأما المخلوق فلا يجوز له أن يقسم بغير الله. ومما يجري على ألسنة كثير من الناس الحلف بغير الله، والحلف نوع من التعظيم لا يليق إلا بالله.
عن ابن عمر مرفوعاً: { من حلف بغير الله فقد أشرك } [رواه أحمد]، وهو في صحيح الجامع:6204. وقال النبي : { من حلف بالأمانة فليس منا } [رواه أبو داود]، وهو في السلسلة الصحيحة:94، فلا يجوز الحلف بالكعبة ولا بالأمانة ولا بالشرف ولا بالعون ولا ببركة فلان ولا بحياة فلان ولا بجاه النبي ولا بجاه الولي ولا بالآباء والأمهات ولا برأس الأولاد، كل ذلك حرام، ومن وقع في شيء من هذا فكفارته أن يقول: لا إله إلا الله. كما جاء في الحديث الصحيح: { من حلف فقال في حلفه باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله } [رواه البخاري].
وعلى منوال هذا الباب أيضاً عدد من الألفاظ الشركية والمحرمة التي يتفوه بها بعض المسلمين: ومن أمثلتها: أعوذ بالله وبك - أنا متوكل على الله وعليك - هذا من الله ومنك - مالي إلا الله وأنت - الله لي في السموات وأنت لي في الأرض - لولا الله وفلان - والصواب الإتيان ب "ثم" في ذلك فيقول: أنا بالله ثم بك، وكذلك في سائر الألفاظ. وكذلك: أنا بريء من الإسلام - يا خيبة الدهر، وكل عبارة فيها سب الدهر مثل: هذا زمان سوء، وهذه ساعة نحس، والزمن غدار، ونحو ذلك، وذلك لأن سب الدهر يرجع على الله الذي خلق الدهر.
الإعتقاد في تأثير النجوم والكواكب في الحوادث وحياة الناس
ومن ذلك اللجوء إلى أبراج الحظ في الجرائد والمجلات فان اعتقد أن ما فيها من أثر النجوم والأفلاك فهو مشرك، وإن قرأها للتسلية فهو عاص آثم، لأنه لا يجوز التسلي بقرآءة الشرك، بالإضافة لما قد يلقس الشيطان في نفسه من الاعتقاد بها فتكون وسيلة للشرك.
ومن الشرك أو الكفر ترك الصلاة
ومما بلي به كثير من الناس في هذا الزمان وربما يؤدي بهم إلى الشرك والعياذ بالله، هو ترك الصلاة أو التهاون بها. فقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز عن حكم من يترك الصلاة بالكلية أو يتهاون بها؟
فأجاب سماحته: أما تركها بالكلية ولو في بعض الأوقات فكفر أكبر وإن لم يجحد وجوبها في أصح قولي العلماء، سواء كان التارك رجلاً أو امرأة لقول النبي : { بين الرجل وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة } [رواه مسلم] وقوله : { العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر } [أخرجه أحمد وأهل السنن الأربع باسناد صحيح].
يقول الشيخ ابن عثيمين، وإذا تبين أن تارك الصلاة كافر فإنه يترتب عليه أحكام المرتدين ومنها:
1 - لا يصح أن يُزوج فإن عُقد له وهو لا يصلي فالنكاح باطل.
2 - إذا ترك الصلاة بعد أن عُقد له فإن نكاحه ينفسخ ولا تحل له الزوجة.
3 - إذا ذبح لا تؤكل ذبيحته لأنها حرام.
4 - لا يدخل مكة.
5 - لو مات أحد من أقاربه فلا حق له في الميراث.
6 - إذا مات لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين، بل يدفن في الصحراء بثيابه.
7 - يحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأُبي ابن خلف، ولا يدخل الجنة، ولا يحل لأهله أن يدعوا له بالرحمة والمغفرة لأنه كافر.
أما التهاون في الصلاة فهو من المنكرات العظيمة ومن صفات المنافقين، قال تعالى: ان المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم واذا قاموا الى الصلاة قاموا كسالى يرآءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا [النساء:143]. وعلى الرجال خاصة أن يحافظوا عليها في الجماعة مع إخوانهم في بيوت الله وهي المساجد، لما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة عليه السلام أن النبي قال: { لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً فيؤم الناس ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم } وهذا يدل على أن الصلاة في الجماعة في حق الرجال من أهم الواجبات، وأن المتخلف عنها يستحق العقوبة الرادعة.
هذا ما تيسر جمعه في هذا الموضوع الهام، وننصح بالرجوع إلى الكتب التالية للإستزادة:
كتاب (التوحيد الذي هو حق الله على العبيد)، للشيخ محمد بن سليمان التميمي.
كتاب (التوحيد)، للشيخ صالح الفوزان.
كتاب (محرمات استهان بها الناس يجب الحذر منها)، للشيخ محمد صالح المنجد.











رد مع اقتباس
قديم 2011-03-13, 13:09   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
HABOBA-
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية HABOBA-
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي أقسام التوحيد

التوحيد موضوع عظيم هو أساس الملة وأساس جميع ما جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام من أولهم إلى آخرهم.
ولا ريب أن هذا المقام جدير بالعناية، وإنما ضل من ضل وهلك من هلك بسبب إعراضه عن هذا الأصل وجهله به وعمله بخلافه، وكان المشركون قد جهلوا هذا الأمر من توحيد العبادة الذي هو الأساس الذي بعثت به الرسل وأنزلت به الكتب وخلق من أجله الثقلان ( الجن، والإنس ) وظنوا أن ما هم عليه من الشرك دين صالح وقربة يتقربون بها إلى الله مع أنه أعظم الجرائم وأكبر الذنوب، وظنوا بجهلهم وإعراضهم وتقليدهم لآبائهم ومن قبلهم من الضالين أنه دين وقربة وحق، وأنكروا على الرسل وقاتلوهم على هذا الأساس الباطل كما قال سبحانه: اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ [الأعراف:30]، وقال جل وعلا: وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ [يونس:18]، وقال سبحانه: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ [الزمر:3]، وأول من وقع في هذا البلاء واعتقد هذا الشرك قوم نوح عليه الصلاة والسلام فإنهم أول الأمم الواقعة في الشرك، وقلدهم من بعدهم، وكان سبب ذلك الغلو في الصالحين وأنهم غلوا في ود وساع ويفوث ويعوق ونسر، وكان هؤلاء رجالاً صالحين فيهم، فماتوا في زمن متقارب؛ فأسفوا عليهم أسفاً عظيماً، وحزنوا عليهم حزناً شديداً، فزيّن لهم الشيطان الغلو فيهم وتصويرهم ونصب صورهم في مجالسهم، وقال لعلكم بهذا تسيرون على طريقتهم، وفي ذلك هلاكهم وهلاك من بعدهم، فلما طال عليهم الأمر عبدوهم. وقال جماعة من السلف: فلما هلك أولئك وجاء من بعدهم عبدت هذه الأصنام وأنزل الله فيهم جل وعلا قوله سبحانه: وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلَا سُوَاعاً وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً (23) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالاً (24) مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَاراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَاراً [نوح:23-25].
فالغلو في الصالحين من البشر وفي الملائكة والأنبياء والجن والأصنام هو أصل هذا البلاء، والله بيّن على أيدي الرسل أن الواجب عبادته وحده سبحانه وأنه الإله الحق وأنه لا يجوز اتخاذ الوسائط بينه وبين عباده، بل ويجب أن يعبد وحده مباشرة من دون واسطة، وأرسل الرسل وأنزل الكتب بذلك، وخلق الثقلين لذلك، قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ [البقرة:21]، وقال عز وجل: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23]، وقال سبحانه: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]، وقال عز وجل: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ [النحل:36].
وهذا المقام ـ أعني مقام التوحيد ـ دائماً وأبداً يحتاج إلى مزيد من العناية بتوجيه الناس إلى دين الله وتوحيده، وإخلاص العبادة له؛ لأن الشرك هو أعظم الذنوب وقد وقع فيه أكثر الناس قديماً وحديثاً، فالواجب بيانه للناس والتحذير منه في كل وقت وذلك بالدعوة إلى توحيد الله سبحانه والنهي عن الشرك وبيان أنواعه للناس حتى يحذروه، وقد قام خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بذلك أكمل قيام في مكة والمدينة ومع هذا فقد ملئت الدنيا من هذا الشرك بسبب علماء السوء ودعاة الضلالة وإعراض الأكثر عن دين الله وعدم تفقههم في الدين وعدم إقبالهم على الحق وحسن وظنهم بدعاة الباطل ودعاة الشرك إلا من رحم الله، كما قال سبحانه: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ [الأنعام:116]، فلهذا انتشر الشرك في الأمم بعد نوح في عاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم شعيب وقوم لوط ومن بعدهم من سائر الأمم وصاروا يقلد بعضهم بعضاً يقولون: بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ [الزخرف:22]. [يوسف:103]، وقال تعالى: [سبأ:20]، وقال عز وجل:
وإذا كان هذا البلاء قد عمّ وطمّ ولم يسلم منه إلا القليل، فالواجب على أهل العلم أن يقدموه على غيره ـ أعني بيان التوحيد وضده ـ وأن تكون عنايتهم به أكثر من كل أنواع العلم؛ لأنه الأساس فإذا فسد هذا الأساس وخرب بالشرك بطل غيره من الأعمال، كما قال سبحانه: وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [الأنعام:88]، وقال سبحانه: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ [الزمر:66،65] والصوم والحج وغير ذلك من العبادات لا تنفع.
وأقسام التوحيد ثلاث، بالاستقراء، والنظر والتأمل في الآيات والأحاديث وما كان عليه أهل الشرك اتضح أنها ثلاثة أقسام؛ اثنان أقرّ بهما المشركون، والثالث جحده المشركون وقام النزاع بينهم وبين الرسل في ذلك، والقتال والولاء والبراء منهم والعداوة والبغضاء.
ومن تأمل القرآن الكريم والسيرة النبوية وأحوال الرسل عليهم الصلاة والسلام وأحوال الأمم عرف ذلك، وقد زاد بعضهم قسماً رابعاً سماه ( توحيد المتابعة ) يعني وجوب اتباع الرسل والتمسك بالشريعة، فليس هناك متّبع آخر غير الرسول فهو الإمام الأعظم وهو المتّبع، فلا يجوز الخروج عن شريعته، بل يجب على جميع الثقلين الجن والإنس أن يخضعوا لشريعته، وأن يسيروا على منهاجه في التوحيد، وفي جميع الأوامر والناوهي، وهذا القسم الرابع معلوم، وهو داخل في قسم توحيد العبادة، لأن الرب سبحانه أمر عباده باتباع الكتاب والسنة، وهذا هو توحيد المتابعة، وقد أجمع العلماء على وجوب اتباع الرسول والسير على منهاجه، وأنه لا يسع أحد الخروج عن شريعة موسى؛ فإن الخضر نبي مستقل على الصحيح ليس تابعاً لموسى، وقد كان الأنبياء والرسل قبل محمد كثيرين كل له شريعة كما قال الله سبحانه: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً [المائدة:48].
أما هذه الأمة فليس لها إلا نبي واحد وهو محمد عليه الصلاة والسلام، فالواجب على هذه الأمة من حين بعث الله نبيها محمداً وإلى يومنا هذا إلى يوم القيامة اتباع هذا النبي وحده والسير على شريعته المعلومة من كتاب الله وسنة رسوله ، وليس لأحد الخروج عن ذلك، ليس لأحد أن يقول أنا أتبع التوراة أو الإنجيل، وفلاناً أو فلاناً. بل يجب على الجميع اتباع شريعة محمد ، ومن زعم أنه يجوز لأحد الخروج عنها فهو كافر ضال بإجماع المسلمين.
وقد علمنا مما سبق أن أقسام التوحيد ثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.
فتوحيد الربوبية وهو الإيمان بأفعال الرب سبحانه وانه فعال لما يريد، وأنه الخلاق والرزاق، وهذا القسم ما أنكره المشركون بل أقروا به، وهو يستلزم توحيد العبادة ويلزمهم بذلك، فمن كان بهذه الصفة من كونه هو الخلاق، الرزاق، المحيي، المميت ومدبر الأمور، ومصرف الأشياء وجب أن يُعبد وأن يُخضع له فإنه يقول سبحانه: قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ [يونس:31]، والمعنى ما دمتم تعلمون أن هذا الله أفلا تتقون الله في توحيده والإخلاص له، وترك الإشراك به، وهم مقرون بهذا أنه ربهم وخالقهم ورازقهم، ولكنهم اعتقدوا أن تقربهم إليه بعبادة الأوثان والأصنام أنه شيء يرضيه، كما قال الله سبحانه: وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِند الله [يونس:18]، هذا اعتقادهم الباطل فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ [الأعراف:30]، الشياطين زينت لهم السوء وزينت عبادة الأصنام، والملائكة والأنبياء، والأشجار والأحجار وغير ذلك، فاحتج الله عليهم بما أقروا به من توحيد الربوبية، والأسماء والصفات على ما أنكروه من توحيد العبادة؛ لأن الذي يخلق ويرزق ويدبر الأمر ويحيي ويميت هو المستحق لأن يعبد ويطاع سبحانه وتعالى وهكذا أسماؤه كلها دليل ظاهر على أنه هو المستحق للعبادة، فهو الرحمن الرحيم، الرزاق العليم المدبر للأمور، مالك الملك، العلم بكل شيء، والقادر على كل شيء، وهو الفعال لما يريد فمن كان بهذه المثابة وجب أن يعبد وحده دون ما سواه، وهذه الأسماء كلها دالةعلى معان عظيمة: الرحمن يدل على الرحمة، العزيز يدل على العزة، الرؤوف يدل على الرأفة، السميع يدل على أنه يسمع دعوات عباده وكلامهم، والبصير الذي يراهم ويشاهد أحوالهم، إلى غير ذلك، فهي أسماء عظيمة حسنى دالة على معان عظيمة كلها حق، وكلها ثابتة لله سبحانه على وجه يليق به سبحانه، لا شبيه له فيها ولا نظير، كما قال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، وقال سبحانه: وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ [الإخلاص:4].
والصحابة رضوان الله عليهم وأتباع الرسول عليه الصلاة والسلام كلهم مجمعون على إثبات الأسماء والصفات، وأنها حق ثابتة الله تعالى على وجه يليق به، بلا تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، وأن الاستواء، والنزول والسمع والبصر والكلام وسائر الصفات كلها حق، وهكذا سائر الأسماء حق، ولهذا قال تعالى: وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف:180] أي إسألوه بها فهو يُدعى ويسأل بأسمائه: يا رحمن يا رحيم، يا عزيز يا غفور، اغفر لي، ارحمني، فرج كربتي، إلى غير ذلك. كما أنه يدعى أيضاً بتوحيده والإيمان به، كما قال تعالى: رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا [آل عمران:193].
وكما جاء في الحديث: { اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت؛ الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد } [رواه الترمذي] فهو يسأل بتوحيده والإيمان به. واعتراف العبد بأنه ربه وإلهه ومعبوده الحق. وهكذا يسأل بالأعمال الصالحات، ويتوسل إليه بها فهذا كله من أسباب الإجابة كما سأله أصحاب الغار بأعمالهم الصالحة وهم قوم دخلوا غاراً للمبيت فيه والاتقاء من المطر، فأنزل الله عليهم صخرة سدت الغار عليهم، فلم يستطيعوا رفعها، فقالوا فيما بينهم: إنه لن يخلصكم من هذه الصخرة إلا الله بسؤالكم الله بأعمالكم الصالحة، فتوسل أحدهم ببره لوالديه، والآخر بعفته من الزنا، والثالث بأدائه الأمانة، ففرج الله عنهم الصخرة فخرجوا، كما صح بذلك الحديث عن النبي ، وهذا من آياته العظيمة، فهو يحب من عباده من يتوسل إليه بأسمائه وصفاته وأعمالهم الطيبة، أما التوسل بجاه فلان، أو بحق فلان، أو بذات فلان، فهذا بدعة.
ولهذا لما توفي النبي وكانوا يتوسلون بدعائه في حياته، فيقولون يا رسول الله ادع لنا، ويدعو لهم كما وقع في أيام الجدب وكان على المبنر، فطلبوا أن يدعو الله لهم، فدعا الله لهم واستجاب الله له، وفي بعض الأحيان كان يخرج إلى الصحراء فيصلي ركعتين ثم يخطب ويدعو. فلما توفي عدل عمر إلى عمه العباس، فقال: ( اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعمّ نبينا فاسقنا )، فقام العباس ودعا فأمّنوا على دعائه فسقاهم الله. ولو كان التوسل بالذات أو الجاه مشروعاً لما عدل عمر والصحابة رضي الله عنهم إلى العباس، ولتوسل الصحابة بذاته، لأن ذاته عظيمة عليه الصلاة والسلام حياً وميتاً.
والمقصود من هذا أن الرسول صان هذا التوحيد وحماه، وبيّن أن الواجب على الأمة إخلاص العبادة لله وحده، وأن يتوجهوا إليه جل وعلا بقلوبهم وأعمالهم في عبادتهم، وألا يعبدوا معه سواه لا نبياً ولا ملكاً ولا جنياً ولا شمساً ولا قمراً ولا غير ذلك.
والله سبحانه أوجب على عباده ذلك في كتابه الكريم، وعلّم الأمة ذلك أن يعبدوه وحده، ويتوجهوا إليه وحده، والرسول أكمل ذلك وبلّغ البلاغ المبين، وحمى حمى التوحيد، وحذّر من وسائل الشرك، فوجب على الأمة أن تخلص لله العبادة، فالعبادة حق لله وليس لأحد فيها نصيب، كما قال الله سبحانه: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ (2) أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ [الزمر:3،2]، وقال سبحانه: فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]، وقال سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء [البينة:5] والآيات في هذا المعنى كثيرة. [غافر:14]، وقال تعالى:
وقال النبي : { حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً } [رواه البخاري] متفق على صحته. وهذا أمر معلوم بالنصوص من الكتاب والسنة وبالضرورة، ولهذا يجب على علماء الحق أن يبذلوا وسعهم في تبيان هذا الحق بالكتب والرسائل ووسائل الإعلام، والخطب والمواعظ، وبسائر الوسائل الممكنة؛ لأنه أعظم حق وأعظم واجب؛ ولأنه أصل الدين وأساسه كما تقدم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.










رد مع اقتباس
قديم 2011-03-13, 13:11   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
HABOBA-
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية HABOBA-
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي كلمات في الشفاعة والطيرة والتبرك والتمائم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فهذه كلمات في الشفاعة، والطيرة والتبرك، والتمائم.
أولاً: كلمات في الشفاعة
تعريف الشفاعة: الشفاعة في اللغة من الشفع، وهو ضد الوتر، لأن المشفوع صار شفعاً بالشفع.
وتعريفها عرفاً وشرعاً هو:
1- سؤال الشافع الخيرَ لغيره.
2- أو: توسط الشافع لغيره بجلب نفع أو دفع ضر، أو رفعه.
3- أو: هي السؤال في التجاوز عن الذنوب والجرائم.
أقسام الناس في الشفاعة: الناس في الشفاعة على ثلاثة أقسام:
1- قسم غلا في إثباتها: وهم النصارى المشركون، وغلاة الصوفية، والقبوريون، حيث جعلوا شفاعة من يعظمونه عند الله يوم القيامة كشفاعته في الدنيا، حيث اعتقدوا أن هؤلاء المعظمين يشفعون استقلالاً.
2- قسم أنكر الشفاعة: كالمعتزلة والخوارج؛ حيث أنكروا شفاعة النبي وغيره لأهل الكبائر، وقصروا الشفاعة على التائبين من المؤمنين، لأن إثبات الشفاعة للفساق ينافي مبدأ الوعيد في مذهبهم الباطل، فهم يرون وجوب إنفاذ الوعيد لمن استحقه، ولا يرون الشفاعة له لا من النبي ولا من غيره.
3- قسم توسط: وهم أهل السنة والجماعة؛ فلم ينفوا كل شفاعة، ولم يثبتوا كل شفاعة.
بل أثبتوا من الشفاعة ما دلّ عليه الدليل من الكتاب والسنة، ونفوا منها ما نفاه الدليل؛ فالشفاعة المثبتة عندهم هي التي تطلب من الله عز وجل وهي التي تكون للموحدين بعد إذن الله للشافع ورضاه عن المشفوع له؛ فلا تطلب من غير الله، ولا تكون إلا بعد إذنه ورضاه.
فهذه الشفاعة يثبتها أهل السنة بأنواعها، بما في ذلك الشفاعة لأهل الكبائر.
أما الشفاعة المنفية عند أهل السنة فهي التي نفاها الشرع، وهي التي تطلب من غير الله استقلالاً، ولم تتوافر فيها شروط الشفاعة.
نوعا الشفاعة: من خلال ما مضى يتبين لنا أن الشفاعة نوعان:
1- مثبتة: وهي التي توافرت فيها شروط الشفاعة.
2- منفية: وهي التي لم تتوافر فيها تلك الشروط.
شروط الشفاعة: للشفاعة المثبتة شرطان: وهما:
1- إذن الله للشافع، قال تعالى: مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ [البقرة:255].
2- رضاه عن المشفوع له: قال الله تعالى: وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى [الأنبياء:28]. وبعضهم يزيد شرطين وهما:
3- قدرة الشافع على الشفاعة، كما قال تعالى في حق الشافع الذي يطلب منه: وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [الزخرف:86].
فعلم أن طلبها من الأموات طلب ممن لا يملكها.
4- إسلام المشفوع له، قال تعالى: مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ [غافر:18]. والمراد بالظالمين هنا: الكافرون ويستثنى منهم أبو طالب.
وهذان الشرطان - في الحقيقة - يدخلان في الشرطين الأولين؛ فلا يَقْدر على الشفاعة إلا من أذن له الله، ولا يُشفع إلا لمسلم.
أنواع الشفاعة المثبتة:
قال الله تعالى: لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً [الزمر:44]. فهذه الآية تدل على أن للشفاعة أنواعاً متعددة، وفيما يلي ذكر تلك الأنواع:
1- الشفاعة الكبرى التي يتأخر عنها أولو العزم من الرسل، حتى تنتهي إلى النبي فيقول: { أنا لها }، حتى تهرع الخلائق إلى الأنبياء، ليشفعوا لهم عند ربهم، ليريحهم من مقامهم في الموقف، ويقضي بينهم.
وهذه الشفاعة خاصة بالنبي .
2- شفاعة النبي لأهل الجنة بدخولها، وهذه - أيضاً - خاصة بالنبي .
3- شفاعة النبي لعمه أبي طالب بأن يخفف عنه من عذاب النار، وهذه خاصة بالنبي .
4- الشفاعة لقوم من العصاة من أمة محمد قد استوجبوا النار، فيشفع لهم النبي ألا يدخلوها. وهذه للنبي ولغيره من الملائكة، والمؤمنين.
5- الشفاعة للعصاة من أهل التوحيد الذين يدخلون النار بذنوبهم بأن يخرجوا منها. وهذه للنبي وغيره.
6- الشفاعة لقوم من أهل الجنة في زيادة ثوابهم، ورفع درجاتهم. وهذه للنبي وغيره.
7- شفاعة الأفراط لوالديهم المؤمنين.
8- شفاعة الشهداء لذويهم من المؤمنين.
9- شفاعة المؤمنين بعضهم لبعض.
ثانياً: كلمات في الطيرة
الطيرة والتطير بمعنى واحد، والطيرة: هي التشاؤم من الشيء المرئي، أو المسموع، أو المعلوم.
سميت بذلك إما من الطير؛ لأن العرب كانت تزجر الطير، أي ترسلها، وتتفاءل أو تتشاءم في أصواتها، وممراتها.
وإما من الطيران، وذلك لأن الإنسان إذا سمع أو رأى ما يكره ـ كأنه بسبب ذلك.
العيافة: هي زجر الطير، وتنفيرها، وإرسالها، والتفاؤل أو التشاؤم بأسمائها، وأصواتها، وممراتها، فعن العيافة يكون الفأل، أو الطيرة.
الفأل يقوي العزائم، ويحض على البُغية، ويفتح أبواب الخير.
والطيرة تكسر النية، وتصد عن الوجهة، وتفتح أبواب الشر، وهذا من الفروق بينهما.
جاء الإسلام ينفي الطيرة، وتحريمها، وبيان ضررها، وبيان أنها من صنيع أعداء الرسل.
جاء الإسلام بالوقاية والعلاج من الطيرة، وذلك بإحسان الظن بالله، وصدق التوكل عليه، وترك الالتفات إلى الطيرة.
حد الطيرة المنهي عنها أنها: ما أمضى الإنسان، أو ردّه.
الطيرة شرك بالربوبية؛ لما فيها من اعتقاد جلب النفع، ودفع الضر، وشرك بالألوهية؛ لما فيها من التعلق بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله.
الطيرة كانت معروفة عند العرب، وكانوا مختلفين في مذاهبها ومراتبها؛ لأنها كانت خواطر وحدوساً وتخمينات لا أصل لها.
كانت العرب تتطير بأشياء كثيرة؛ فكانت تتطير بالعطاس وبالغراب، وبالوانح، والبوارح، وبالصرد، وبالثور المكسور القرن، وببعض الأسماء، وذوي العاهات، وبعض الأيام، والشهور، وكذلك يقع التطير بالأرقام، والأحوال، والمعاني والأماكن.
من العرب من أنكر الطيرة بعقله، ونفى تأثيرها بنظره، وذمّ من اغترّ بها، واعتمد عليها، وتوهم تأثيرها. هناك وقائع تذكر، وتدل على وقوع الطيرة.
وتوجيه ذلك أنه لا ينكر موافقة القضاء لهذه الأسباب؛ لأن البلاء قد يكون موكلاً بالمنطق، ولأن الطيرة على من تطير، والله عز وجل نصب لها أسباباً تدفعها من التوكل عليه، وإحسان الظن به، وإعراض القلب عن غيره.
ثم إن أكثر ما يُتطيّر به لا يقع، ولكن الناس ينقلون ما صح وما وقع، ويعنون به، فيُرى كثيراً مع أن الكاذب أكثر من أن ينقل.
الطيرة تضر من أشفق منها، وخاف وأتبعها نفسها، وأكثر العناية بها، أما من لم يبال بها فلا تضره شيئاً، ولا سيما إذا قال عند رؤية ما يتطير به، أو سماعه: { اللهم لا طير إلا طيرك، ولا خير إلا خيرك، ولا إله غيرك، اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يذهب بالسيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك }.
المتطير إنسان ضيق الصدر، مغلق النفس، فاتر الهمة، ثقيل الظل، كسول، متبلد.
وهو جبان رعديد، يشتد فزعه من الحوادث التافهة الحقيرة، ويغضب أشد الغضب لأدنى تصرف لا يروقه. والمتطير يعيش في عالم الأحلام، والأوهام، والخيال، ويشعر دائماً بالخيبة، والخسارة، والخذلان.
المتفائل واسع النظرة، فسيح الصدر، عالي الهمة، موفور النشاط.
وهو - أيضاً - أقدر على الجد، وحسن الإنتاج، ومقابلة الصعاب من الرجل المتشائم، المنقبض الصدر. والمتفائل ليس سعيداً بنفسه وحسب، بل يسعد به من حوله.
والمتفائل جدير بتحمل المسؤولية، ومواجهة الشدائد، والإتيان بعظائم الأمور.
ثالثاً: كلمات في التبرك
التبرك هو طلب البركة من الزيادة في الخير والأجر، وكلّ ما يحتاجه العبد في دينه ودنياه، بسبب ذات مباركة، أو زمان مبارك، وتكون هذه البركة قد ثبتت ثبوتاً شرعياً، وثبتت الكيفية التي تنال بها عن النبي .
قواعد عامة في التبرك:
1- أن البركة كلها من الله، كما أن الرزق، والنصر، والعافية من الله؛ فلا تطلب إلا من الله، وطلبها كم غيره شرك.
2- أن ما ورد شرعاً أن فيه بركة من الأعيان، والأقوال، والأفعال إنما هو سبب للبركة، وليس مصدرها.
3- أن الذي يدل على وجود البركة من عدمها بسبب شيء أو في شيء إنما هو الدليل الشرعي فحسب.
نماذج للتبرك المشروع:
1- التبرك بذات النبي وآثاره.
2- التبرك بالأفعال والأقوال، والهيئات المشروعة: فإذا جاء المسلم بها ملتمساً الخير بسببها، متبعاً السنة بفعلها - حصل له من الخير والبركة بقدر نيته واجتهاده، ومن ذلك ذكر الله، وقراءة القرآن، والاجتماع على الذكر، والتقدم في ساحات الوغى جهاداً في سبيل الله، ومن ذلك الاجتماع على الطعام، والأكل من جوانب القصعة، ولعق الأصابع بعد الانتهاء من الطعام.
3- التبرك المشروع بالأمكنة، كالتبرك بالمساجد عموماً، وبالمسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى ومسجد قباء خصوصاً، فلهذه المساجد مزيّة على غيرها. والتبرك بالمساجد كالتبرك في غيرها لا بد فيه من الإخلاص والمتابعة، فمما تحصل به البركة في المساجد الاعتكاف، والصلاة، والذكر، وغير ذلك.
ومن الأمكنة المباركة أيضاً: مكة، والمدينة، والشام.
4- التبرك بالأزمنة: مثل رمضان، وليلة القدر، وثلث الليل الأخير، والجمعة، والاثنين والخميس، وعشر ذي الحجة.
5- التبرك بالمطعومات وما في حكمها: كالتبرك بزيت الزيتون، واللبن، والتمر، والحبة السوداء، والكمأة، وأكلة السَّحَر، وكالعسل، وماء زمزم، ويلحق بما سبق: الخيل، والغنم؛ ففي تربيتها بركة.
وكل ما مضى وردت به الأدلة الشرعية، والمقام لا يتسع لبسطها.
6- وبالجملة فأعظم سبب للبركات هو الإيمان والتقوى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ [الأعراف:96].
التبرك الممنوع:
هو ما لم يرد فيه نص، أو ما ورد النص في النهي عن التبرك فيه، كالتبرك بالطواف بالقبور، ودعاء الأموات والغائبين، وكالتبرك بالأشجار، والأحجار، والغيران، وغيرها، وكالتبرك بذوات العلماء والصالحين، فإن هذا لا يجوز، وإنما تلتمس البركة بأخذ العلم عنهم، وبالاستفادة من سمتهم وهديهم.
رابعاً: كلمات في التمائم
تعريفها: التمائم جمع تميمة، وهي ما يُعَلّق على الأعناق أو المراكب أو البيوت، أو غيرها، لجلب نفع، أو دفع ضر، أو رفعه، سواء كانت من القرآن، أو الخيوط، أو الخرز، أو الحصى، أو غيرها.
أسماؤها الأخرى: للتمائم أسماء أخرى منها:
1- الحروز. 2- الحجب. 3- التعاليق. 4- الودع.
تحريمها: التمائم محرمة بالكتاب والسنة، قال تعالى: وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ [الأنعام:17].
وقال : { من تعلق تميمة فلا أتمّ الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له } [رواه أحمد، والحاكم، وصححه ووافقه الذهبي].
أسباب تحريمها:
1- لما فيها من تعلق القلب بغير الله.
2- لأنها ليست سبباً شرعياً ولا قدرياً، واعتقاد أنها سبب تشريع مع الله، ومنازعة له في خلقه وأمره.
3- أنها تفتح على العبد باب الخرافة، وتقوده إلى الشرك.
4- أنها سبب للخذلان؛ لأن من تعلق شيئاً وُكل إليه.
هل التمائم من الشرك الأصغر أو من الأكبر؟
الجواب كما يلي:
1- إذا كانت التميمة صنماً، أو رقية شركية، أو صليباً - فهذا شرك أكبر بلا ريب.
2- إذا كانت من الخيوط، أو الخرز، أو نحوهما، واعتمد عليها العبد اعتماداً كلياً، وقام بقلبه أنها تؤثر بنفسها استقلالاً - فهذا أيضاً شرك أكبر.
3- إذا كان من الخيوط، أو الخرز، ونحوهما، واعتقد أنها مجرد سبب، ولم يعتمد عليها اعتماداً كلياً - فهذا شرك أصغر.
حكم المعلق إذا كان من القرآن أو الأدعية النبوية:
الصحيح أنه لا يجوز للأسباب التالية:
1- سداً للذرائع الموصلة للشرك.
2- لعموم النهي في التمائم.
3- لأنه قد يفضي إلى امتهان القرآن والأدعية النبوية، وذلك بالدخول بها في الخلاء، وبتعريضها للأوساخ.
4- لأنه ذريعة للدجالين؛ كي يكتبوا آية أو سورة أو بسملة، ثم يضعوا تحتها طلاسم شيطانية واستغاثات شركية.
5- لأنه قد يكون مدعاة لهجر القرآن، والدعاء؛ اكتفاءاً بما عُلِّق.
نماذج للتمائم الموجودة:
1- ما يُعّلق على الأطفال خشية العين.
2- ما تُعلّقه بعض النساء، أو تضعه في غرفتها، أو تحت وسادتها، لاتقاء العين، أو للحفظ من الأذى أو لجلب محبة الزوج، ونحو ذلك.
3- ما يعرف بدبلة الخطوبة، فزيادة على أنها مأخوذة من النصارى - فهي أيضاً - ذريعة للشرك؛ لأنه قد يعتقد أنها هي التي تجمع قلبي الزوجين.
4- ما يعلق على السيارات من رسوم، أو خرز، أو غير ذلك، لدفع العين.
5- ما يعرف بالدنبوشي عند لاعبي الكرة؛ حيث يضعون على سواعدهم لفة معيّنة، أو يعلقونها على الشباك، وربما كان المعلق مشتملاً على آيات قرآنية توضع تحت حذاء اللاعبين؛ زعماً منهم أن ذلك يجلب الفوز! كل ذلك من الأمور الشركية المحرمة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين













رد مع اقتباس
قديم 2011-03-13, 13:12   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
HABOBA-
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية HABOBA-
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء استعرضت ما ورد إليها من تساؤلات وما ينشر في وسائل الإعلام من آراء ومقالات بشأن الدعوة إلى ( وحدة الأديان ): دين الإسلام، ودين اليهود، ودين النصارى، وما تفرع عن ذلك من دعوة إلى بناء مسجد وكنيسة ومعبد في محيط واحد، في رحاب الجامعات والمطارات والساحات العامة، ودعوة إلى طباعة القرآن والإنجيل في غلاف واحد إلى غير ذلك من آثار هذه الدعوة، وما يُعقد لها من مؤتمرات وندوات وجمعيات في الشرق والغرب، وبعد التأمل والدراسة فإن اللجنة تقرر ما يلي:
أولاً: فإن من أصول الإعتقاد في الإسلام المعلومة من الدين بالضرورة، والتي أجمع عليها المسلمون، أنه لا يوجد على وجه الأرض دين حق سوى دين الإسلام، وأنه خاتمة الأديان، وناسخ لجميع ما قبله من الأديان والملل والشرائع، فلم يبق على وجه الأرض دين يُتعبد الله به سوى الإسلام، قال الله تعالى: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ هو ما جاء به دون ما سواه من الأديان. [آل عمران:85]. والإسلام بعد بعثة محمد
ثانياً: ومن أصول الإعتقاد في الإسلام أن كتاب الله تعالى ( القرآن الكريم ) هو آخر كتب الله نزولاً وعهداً برب العالمين، وأنه ناسخ لكل كتاب أُنزل من قبل من التوراة والإنجيل وغيرها، ومهيمن عليها، فلم يبق كتاب يتعبّد به سوى ( القرآن الكريم ) قال الله تعالى: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ [المائدة:48].
ثالثاً: يجب الإيمان بأن ( التوراة والإنجيل ) قد نُسخا بالقرآن الكريم، وأنه قد لحقهما التحريف والتبديل والزيادة والنقصان كما جاء بيان ذلك في آيات من كتاب الله الكريم، منها قول الله تعالى: فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ [المائدة:13]، وقوله جل وعلا: فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ [البقرة:79]، وقوله سبحانه: وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران:78].
ولهذا فما كان منها صحيحاً فهو منسوخ بالإسلام، وما سوى ذلك فهو محرّف أو مبدّل. وقد ثبت عن النبي أنه غضب حين رأى مع عمر بن الخطاب صحيفة فيها شيء من التوراة، وقال عليه الصلاة والسلام: { أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟! ألم آت بها بيضاء نقية؟ لو كان أخي موسى حياً ما وسعه إلا إتباعي } [رواه أحمد والدارمي وغيرهما].
رابعاً: ومن أصول الإعتقاد في الإسلام أن نبينا ورسولنا محمد هو خاتم الأنبياء والمرسلين كما قال الله تعالى: مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ، ولو كان أحد من أنبياء الله ورسله حياً لما وسعه إلا اتباعه - وأنه لا يسع أتباعهم إلا ذلك - كما قال الله تعالى: [الأحزاب:40]. فلم يبق رسول يجب اتباعه سوى محمد وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ [آل عمران:81]. ونبي الله عيسى عليه الصلاة والسلام إذا نزل في آخر الزمان يكون تابعاً لمحمد وحاكماً بشريعته. وقال الله تعالى: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ [الأعراف:157].
كما أن من أصول الإعتقاد في الإسلام أن بعثة محمد عامة للناس أجمعين قال الله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [سبأ:28]، وقال سبحانه: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً [الأعراف:158] وغيرها من الآيات.
خامساً: ومن أصول الإسلام أنه يجب اعتقاد كفر كل من لم يدخل في الإسلام من اليهود والنصارى وغيرهم وتسمته كافراً، وأنه عدو لله ورسوله والمؤمنين، وأنه من أهل النار كما قال تعالى: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ [البينة:1]. وقال جل وعلا: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ قال: [البينة:6]. وغيرها من الآيات. وثبت في صحيح مسلم أن النبي { والذي نفسي بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أُرسلت به إلا كان من أهل النار }.
ولهذا: فمن لم يُكفّر اليهود والنصارى فهو كافر، طرداً لقاعدة الشريعة: ( من لم يكفر الكافر فهو كافر ).
سادساً: وأما هذه الأصول الإعتقادية والحقائق الشرعية فإن الدعوة إلى ( وحدة الأديان ) والتقارب بينها وصهرها في قالب واحد دعوة خبيثة ماكرة، والغرض منها خلط الحق بالباطل، وهدم الإسلام وتقويض دعائمه، وجرّ أهله إلى ردة شاملة، ومصداق ذلك في قول الله سبحانه: وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ [البقرة:217]. وقوله جل وعلا: وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء [النساء:89].
سابعاً: وإن من آثار هذه الدعوة الآثمة إلغاء الفوارق بين الإسلام والكفر، والحق والباطل، والمعروف والمنكر، وكسر حاجز النفرة بين المسلمين والكافرين، فلا ولاء ولا براء، ولا جهاد ولا قتال لإعلاء كلمة الله في أرض الله، والله جل وتقدس يقول: قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة:29]. ويقول جل وعلا: وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [التوبة:36].
ثامناً: أن الدعوة إلى ( وحدة الأديان ) إن صدرت من مسلم فهي تعتبر ردة صريحة عن دين الإسلام؛ لأنها تصطدم مع أصول الإعتقاد، فترضى بالكفر بالله عز وجل، وتبطل صدق القرآن ونسخه لجميع ما قبله من الكتب، وتبطل نسخ الإسلام لجميع ما قبله من الشرائع والأديان، وبناء على ذلك فهي فكرة مرفوضة شرعاً، محرمة قطعاً بجميع أدلة التشريع في الإسلام من قرآن وسنة وإجماع.
تاسعاً: وتأسيساً على ما تقدم:
1 - فإنه لا يجوز لمسلم يؤمن بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً ورسولاً، الدعوة إلى هذه الفكرة الآثمة، والتشجييع عليها، وتسليكها بين المسلمين، فضلاً عن الاستجابة لها، والدخول في مؤتمراتها وندواتها والانتماء إلى محافلها.
2 - لا يجوز لمسلم طباعة التوراة والإنجيل منفردين، فكيف مع القرآن في غلاف واحد!! فمن فعله أو دعا إليه فهو في ضلال بعيد، لما في ذلك من الجمع بين الحق ( القرآن الكريم ) والمحرف أو الحق المنسوخ ( التوراة والإنجيل ).
3 - كما لا يجوز لمسلم الاستجابة لدعوة بناء ( مسجد وكنيسة ومعبد ) في مجمع واحد، لما في ذلك من الإعتراف بدين يُعبد الله به غير الإسلام، وإنكار ظهوره على الدين كله، ودعوة مادية إلى أن الأديان ثلاث، لأهل الأرض التدين بأي منها، وأنها على قدم التساوي، وأن الإسلام غير ناسخ لما قبله من الأديان، ولا شك أن إقرار ذلك أو اعتقاده أو الرضا به كفر وضلال؛ لأنه مخالفة صريحة للقرآن الكريم والسنة المطهرة وإجماع المسلمين، واعتراف بأن تحريفات اليهود والنصارى من عند الله، تعالى الله عن ذلك. كما أنه لا يجوز تسمية الكنائس ( بيوت الله ) وأن أهلها يعبدون الله فيها عبادة صحيحة مقبولة عند الله؛ لأنها عبادة غير دين الإسلام، والله تعالى يقول: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85] بل هي بيوت يُكفر فيها بالله، نعوذ بالله من الكفر وأهله. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى [22/162]: ( ليست، أي: البيع والكنائس، بيوت الله وإنما بيوت الله المساجد، بل هي بيوت يُكفر فيها بالله، وإن كان قد يذكر فيها، فالبيوت بمنزلة أهلها، وأهلها كفار، فهي بيوت عبادة الكفار ).
عاشراً: ومما يجب أن يعلم أن دعوة الكفار بعامة وأهل الكتاب بخاصة إلى الإسلام واجبة على المسلمين بالنصوص الصريحة من الكتاب والسنة، ولكن ذلك لا يكون إلا بطريق البيان والمجادلة بالتي هي أحسن، وعدم التنازل عن شيء من شرائع الإسلام، وذلك للوصول إلى قناعتهم بالإسلام ودخولهم فيه، أو إقامة الحجة عليهم ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيّ عن بيّنة، قال الله تعالى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [آل عمران:64] أما مجادلتهم واللقاء معهم ومحاورتهم لأجل النزول عند رغباتهم، وتحقيق أهدافهم، ونقض عُرى الإسلام ومعاقد الإيمان فهذا باطل يأباه الله ورسوله والمؤمنون، والله المستعان على ما يصفون، قال تعالى: وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ [المائدة:49].
وإن اللجنة إذ تقرر ذلك وتبينه للناس فإنها توصي المسلمين بعامة وأهل العلم بخاصة بتقوى الله تعالى ومراقبته، وحماية الإسلام، وصيانة عقيدة المسلمين من الضلال ودعاته، والكفر وأهله، وتحذرهم من هذه الدعوة الكفرية الضالة ( وحدة الأديان ) ومن الوقوع في حبائلها، ونعيذ بالله كل مسلم أن يكون سبباً في جلب هذه الضلالة إلى بلاد المسلمين وترويجها بينهم. نسأل الله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يعيذنا جميعاً من مضلات الفتن، وأن يجعلنا هداة مهتدين، حماة للإسلام على هدى ونور من ربنا حتى نلقاه وهو راض عنا.
وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين













رد مع اقتباس
قديم 2011-03-13, 13:12   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
أريج ماريا
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي


مشكورة أختي موفقة بإذن الله










رد مع اقتباس
قديم 2011-03-13, 13:13   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
HABOBA-
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية HABOBA-
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي فتوى حول ظاهرة الإرجاء

فتوى رقم (21436) وتاريخ 8/4/1421هـ
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد:
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من عدد من المستفتين المقيدة استفتاءاتهم بالأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (54121) وتاريخ 7/11/1420هـ. ورقم (1026) وتاريخ 17/2/1421هـ. ورقم (1016) وتاريخ 7/2/1421هـ. ورقم (1395) وتاريخ 8/3/1421هـ. ورقم (1650) وتاريخ 17/3/1421هـ. ورقم (1893) وتاريخ 25/3/1421هـ. ورقم (2106) وتاريخ 7/4/1421هـ.
وقد سأل المستفتون أسئلة كثيرة مضمونها: ( ظهرت في الآونة الأخيرة فكرة الإرجاء بشكل مخيف، وانبرى لترويجها عدد كثير من الكتاب، يعتمدون على نقولات مبتورة من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، مما سبب ارتباكاً عند كثير من الناس في مسمى الإيمان، حيث يحاول هؤلاء الذين ينشرون هذه الفكرة أن يُخرجوا العمل عن مسمى الإيمان، ويرون نجاة من ترك جميع الأعمال، وذلك مما يسهل على الناس الوقوع في المنكرات وأمورالشرك وأمور الردة، إذا علموا أن الإيمان متحقق لهم ولو لم يؤدوا الواجبات ويتجنبوا المحرمات ولو لم يعملوا بشرائع الدين بناءً على هذا المذهب.
ولا شك أن هذا المذهب له خطورته على المجتمعات الإسلامية، وأمور العقيدة والعبادة.
فالرجاء من سماحتكم بيان حقيقة هذا المذهب، وآثاره السيئة، وبيان الحق المبني على الكتاب والسنة، وتحقيق النقل عن شيخ الإسلام؛ حتى يكون المسلم على بصيرة من دينه.
وفقكم الله وسدد خطاكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ).
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجاب بما يلي:
هذه المقالة المذكورة هي مقالة المرجئة الذين يخرجون الأعمال عن مسمى الإيمان، ويقولون: الإيمان هو التصديق بالقلب والنطق باللسان فقط، وأما الأعمال فإنها عندهم شرط كمال فيه فقط، وليست منه، فمن صدق بقلبه ونطق بلسانه فهو مؤمن كامل الإيمان عندهم ولو فعل ما فعل من ترك الواجبات وفعل المحرمات، ويستحق دخول الجنة ولو لم يعمل خيراً قط، ولزم على ذلك الضلال لوازم باطلة منها حصر الكفر بكفر التكذيب والاستحلال القلبي.
ولا شك أن هذا قول باطل وضلال مبين مخالف للكتاب والسنة وما عليه أهل السنة والجماعة سلفاً وخلفاً، وأن هذا يفتح باباً لأهل الشر والفساد للإنحلال من الدين وعدم التقيد بالأوامر والنواهي والخوف والخشية من الله سبحانه، ويعطل جانب الجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويسوي بين الصالح والطالح، والمطيع والعاصي، والمستقيم على دين الله والفاسق المتحلل من أوامر الدين ونواهيه، مادام أن أعمالهم هذه لا تخل بالإيمان كما يقولون.
ولذلك اهتم أئمة الإسلام قديماً وحديثاً ببيان بطلان هذا المذهب والرد على أصحابه، وجعلوا لهذه المسألة باباً خاصاً في كتاب العقائد، بل ألفوا فيها مؤلفات مستقلة كما فعل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وغيره.
قال شيخ الإسلام رحمه الله في العقيدة الواسطية: ( ومن أصول أهل السنة والجماعة: أن الدين والإيمان قول وعمل، قول القلب واللسان وعمل القلب واللسان والجوارح، وأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ).
وقال في كتاب الإيمان: ( ومن هذا الباب أقوال السلف وأئمة السنة في تفسير الإيمان، فتارة يقولون: هو قول وعمل، وتارة يقولون: هو قول وعمل ونية، وتارة يقولون: قول وعمل ونية واتباع السنة، وتارة يقولون: قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح وكل هذا صحيح ).
وقال رحمه الله: ( والسلف اشتد نكيرهم على المرجئة لما أخرجوا العمل من الإيمان، ولا ريب أن قولهم بتساوي إيمان الناس من أفحش الخطأ، بل لا يتساوى الناس في التصديق ولا في الحب ولا في الخشية ولا في العلم، بل يتفاضلون من وجوه كثيرة ).
وقال رحمه الله: ( وقد عدلت المرجئة في هذا الأصل عن بيان الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين لهم بإحسان، واعتمدوا على رأيهم وعلى ما تأولوه بفهمهم للغة، وهذه طريقة أهل البدع ). انتهى.
ومن الأدلة على أن الأعمال داخلة في حقيقة الإيمان وعلى زيادته ونقصانه بها، قوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [الأنفال:2-4].
وقوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ [المؤمنون:1-9].
وقول الرسول : { الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان }.
قال شيخ الإسلام رحمه الله في كتاب الإيمان أيضاً: ( وأصل الإيمان في القلب، وهو قول القلب وعمله، وهو إقرار بالتصديق والحب والانقياد. وما كان في القلب فلا بد أن يظهر موجبه ومقتضاه على الجوارح، وإذا لم يعمل بموجبه ومقتضاه دل على عدمه أو ضعفه. ولهذا كانت الأعمال الظاهرة من موجب إيمان القلب ومقتضاه، وهي تصديق لما في القلب ودليل عليه وشاهد له، وهي شعبة من الإيمان المطلق وبعض له ).
وقال أيضاً: ( بل كل من تأمل ما تقوله الخوارج والمرجئة في معنى الإيمان علم بالاضطرار أن طاعة الله ورسوله من تمام الإيمان. وأنه لم يكن يجعل كل من أذنب كافراً. ويعلم أنه لو قدر أن قوماً قالوا للنبي : نحن نؤمن بما جئتنا به بقلوبنا من غير شك، ونقر بألسنتنا بالشهادتين، إلا أننا لا نطيعك في شيء مما أمرت به ونهيت عنه، فلا نصلي ولا نصوم ولا نحج، ولا نصدق الحديث، ولا نؤدي الأمانة، ولا نفي بالعهد، ولا نصل الرحم، ولا نفعل شيئاً من الخير الذي أمرت به. ونشرب الخمر، وننكح ذوات المحارم بالزنا الظاهر، ونقتل من قدرنا عليه من أصحابك وأمتك ونأخذ أموالهم، بل نقتلك أيضاً ونقاتلك مع أعدائك، هل كان يتوهم عاقل أن النبي يقول لهم: أنتم مؤمنون كاملو الإيمان، وأنتم أهل شفاعتي يوم القيامة، ويرجى لكم أن لا يدخل أحد منكم النار. بل كل مسلم يعلم بالاضطرار أنه يقول لهم: أنتم أكفر الناس بما جئت به، ويضرب رقابهم إن لم يتوبوا من ذلك ). انتهى.
وقال أيضاً: ( فلفظ الإيمان إذا أطلق في القرآن والسنة يراد به ما يراد بلفظ البر وبلفظ التقوى وبلقظ الدين كما تقدم. فإن النبي بين أن الإيمان بضع وسبعون شعبة أفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق. فكان كل ما يحبه الله يدخل في اسم الإيمان. وكذلك لفظ البر يدخل في جميع ذلك إذا أطلق، وكذلك لفظ التقوى، وكذلك لفظ الدين أو دين الإسلام. وكذلك روي أنهم سألوا عن الإيمان فأنزل الله هذه الآية: لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ [البقرة:177] الآية ) إلى أن قال: ( والمقصود هنا أنه لم يثبت المدح إلا على إيمان معه العمل، لا على إيمان خال من عمل ).
فهذا كلام شيخ الإسلام في الإيمان، ومن نقل عنه غير ذلك فهو كاذب عليه.
وأما ما جاء في الحديث أن قوماً يدخلون الجنة لم يعملوا خيراً قط، فليس هو عاماً لكل من ترك العمل وهو يقدر عليه. وإنما هو خاص بأولئك لعذر منعهم من العمل، أو لغير ذلك من المعاني التي تلائم النصوص المحكمة وما أجمع عليه السلف الصالح في هذا الباب.
هذا واللجنة الدائمة إذ تبين ذلك فإنها تنهى وتحذر من الجدال في أصول العقيدة لما يترتب على ذلك من المحاذير العظيمة، ونوصي بالرجوع في ذلك إلى كتب السلف الصالح وأئمة الدين المبنية على الكتاب والسنة وأقوال السلف، وتحذر من الرجوع إلى الكتب المخالفة لذلك، وإلى الكتب الحديثة الصادرة عن أناس متعالمين لم يأخذوا العلم عن أهله ومصادره الأصيلة. وقد اقتحموا القول في هذا الأصل العظيم من أصول الاعتقاد، وتبنوا مذهب المرجئة ونسبوه ظلماً إلى أهل السنة والجماعة، ولبسوا بذلك على الناس، وعززوه عدواناً بالنقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - وغيره من أئمة السلف بالنقول المبتورة، وبمتشابه القول وعدم رده إلى المحكم من كلامهم. وإنا ننصحهم أن يتقوا الله في أنفسهم، وأن يثوبوا إلى رشدهم ولا يصدعوا الصف بهذا المذهب الضال، واللجنة أيضاً تحذر المسلمين من الاغترار والوقوع في شراك المخالفين لما عليه جماعة المسلمين أهل السنة والجماعة.
وفق الله الجميع للعلم النافع، والعمل الصالح، والفقه في الدين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
[اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء] الرئيس/ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ. عضو/ عبدالله بن عبدالرحمن الغديان. عضو/ بكر بن عبدالله أبو زيد. عضو/ صالح بن فوزان الفوزان










رد مع اقتباس
قديم 2011-03-13, 13:15   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
HABOBA-
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية HABOBA-
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي الشرك الأكبر والشرك الأصغر

س: ما الفرق بين الشرك الأكبر والشرك الأصغر من حيث التعريف والأحكام؟
ج: الشرك الأكبر: أن يجعل الإنسان لله نداً إما في أسمائه وصفاته فيسميه بأسماء الله ويصفه بصفاته، قال الله تعالى: وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [الأعراف:180]، ومن الإلحاد في أسمائه تسمية غيره باسمه المختص به، أو وصفه بصفته كذلك.
وإما أن يجعل له نداً في العبادة بأن يضرع إلى غيره تعالى من شمس أو قمر أو نبي أو ملك أو ولي مثلاً بقربة من القرب صلاة، أو استغاثة به في شدة أو مكروه، أو استعانة به في جلب مصلحة أو دعاء ميت أو غائب لتفريج كربة، أو تحقيق مطلوب، أو نحو ذلك ممن هو من اختصاص الله سبحانه، فكل هذا وأمثاله عبادة لغير الله، واتخاذ لشريك مع الله، قال الله تعالى: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً [الكهف:110] وأمثالها من آيات توحيد العبادة كثير.
وإما أن يجعل لله نداً في التشريع: بأن يتخذ مشرعاً له سوى الله، أو شريكاً لله في التشريع يرتضي حكمه ويدين به في التحليل والتحريم؛ عبادةً وتقرباً وقضاءً وفصلاً في الخصومات، أو يستحله وإن لم يره ديناً، وفي هذا يقول تعالى في اليهود والنصارى: اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [التوبة:31]، وأمثال هذا من الآيات والأحاديث التي جاءت في الرضا بحكم سوى حكم الله، أو الإعراض عن التحاكم إلى حكم الله، والعدول عنه إلى التحاكم إلى قوانين وضعية، أو عادات قبلية، أو نحو ذلك، فهذه الأنواع الثلاثة من الشرك الأكبر الذي يرتد به فاعله أو معتقده عن ملة الإسلام، فلا يصلى عليه إذا مات، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يورث عنه ماله، بل يكون لبيت مال المسلمين، ولا تؤكل ذبيحته، ويحكم بوجوب قتله، ويتولى ذلك ولي أمر المسلمين، إلا أنه يستتاب قبل قتله، فإن تاب قُبلت توبته ولم يقتل وعومل معاملة المسلمين.
أما الشرك الأصغر: فكل ما نهى عنه الشرع مما هو ذريعة إلى الشرك الأكبر ووسيلة للوقوع فيه، وجاء في النصوص ما تسميته شركاً كالحلف بغير الله، فإنه مظنة للإنحدار إلى الشرك الأكبر؛ ولهذا نهى عنه النبي ، فقد ثبت عنه أنه قال: { ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، ومن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت } بل سماه مشركاً، روى ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي قال: { من حلف بغير الله فقد أشرك } [رواه أحمد والترمذي والحاكم بإسناد جيد]، لأن الحلف بغير الله فيه غلو في تعظيم غير الله، وقد ينتهي ذلك التعظيم بمن حلف بغير الله إلى الشرك الأكبر.
ومن أمثلة الشرك الأصغر أيضاً: ما يجري على ألسنة كثير من المسلمين من قولهم: ( ما شاء الله وشئت )، ( لولا الله وأنت )، ونحو ذلك، وقد نهى النبي عن ذلك، وأرشد من قاله إلى أن يقول: { ما شاء الله وحده - أو - ما شاء الله ثم شئت }؛ سداً لذريعة الشرك الأكبر من اعتقاد شريك لله في إرادة حدوث الكونيات ووقوعها، وفي معنى ذلك قولهم: ( توكلت على الله وعليك )، وقولهم: ( لولا صياح الديك أو البط لسرق المتاع )، ومن أمثلة ذلك: الرياء اليسير في أفعال العبادات وأقوالها، كأن يطيل في الصلاة أحياناً ليراه الناس، أو يرفع صوته بالقراءة أو الذكر أحياناً ليسمعه الناس فيحمدوه، روى الإمام أحمد بإسناد حسن عن محمود بن لبيد قال: قال رسول الله : { إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر: الرياء }، أما إذا كان لا يأتي بأصل العبادة إلا رياء ولو لا ذلك ما صلى ولا صام ولا ذكر الله ولا قرأ القرآن فهو مشرك شركاً أكبر، وهو من المنافقين الذين قال الله فيهم: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً (142) مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (143) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً (144) إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (145) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً [النساء:142-146]، وصدق فيهم قوله تعالى في الحديث القدسي: { أنا أغنى الأغنياء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه } [رواه مسلم في صحيحه].
والشرك الأصغر لا يخرج من ارتكس فيه من ملة الإسلام، ولكنه أكبر الكبائر بعد الشرك الأكبر؛ ولذا قال عبدالله بن مسعود: ( لأن أحلف بالله كاذباً أحب إلي أن أحلف بغيره صادقاً )، وعلى هذا فمن أحكامه: أن يعامل معاملة المسلمين فيرثه أهله، ويرثهم حسب ما ورد بيانه في الشرع، ويصلى عليه إذا مات ويدفن في مقابر المسلمين، وتؤكل ذبيحته إلى أمثال ذلك من أحكام الإسلام، ولا يخلد في النار إن أدخلها كسائر مرتكبي الكبائر عند أهل السنة والجماعة، خلافاً للخوارج والمعتزلة.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء]. س: هل هناك فرق بين المسلمين الذين عندهم نوع من الشرك، وبين المشركين الذين لم يعترفوا بالإسلام؟
ج: لا فرق بين من يرتكب في بدع شركية تخرج من ينتسب إلى الإسلام منه، وبين من لم يدخل في الإسلام مطلقاً في تحريم المناكحة، ومنع التوارث بينهم وبين المسلمين، ولكن بينهم تفاوتاً في درجة طغيانهم، فمثلاً الأول: يعتبر مرتداً عن الإسلام يستتاب فإن تاب وإلا قتل لردته، وماله لبيت المال لا لزوجه وأهله؛ لقول النبي : { من بدل دينه فاقتلوه } والثاني: يدعى إلى الإسلام فإن استجاب فبها، وإلا شرع جهاده وقتاله كسائر الكافرين، وماله فيء أو غنيمة للمسلمين إن أخذوه في جهاد، ولورثته من أهل دينه إن مات في غير جهاد، إلا أن يكون المشرك من أهل الكتاب والمجوس فإنهم يقرون بالجزية إذا التزموا بها عن يد وهم صاغرون وإلا قوتلوا عند القدرة على ذلك؛ لقوله سبحانه: قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة:29]، وثبت عنه أنه أخذ الجزية من مجوسي هجر.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصبحه وسلم.
[اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء]. س: ما أنواع الشرك القولية؟
ج: الشرك: هو صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله سبحانه وتعالى: كالذبح لغير الله، والنذر لغير الله، والدعاء لغير الله، والاستغاثة بغير الله، كما يفعل عباد القبور اليوم عند الأضرحة من مناداة الأموات، وطلب قضاء الحاجات، وتفريج الكربات من الموتى، والطواف بأضرحتهم، وذبح القرابين، عندها تقرباً إليهم، والنذر لهم وما أشبه ذلك، هذا هو الشرك الأكبر لأنه صرف للعبادة لغير الله سبحانه وتعالى، والله جل وعلا يقول: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً [الكهف:110] ويقول: إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً [النساء:31]، ويقول جل وعلا: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة:5] والآيات في هذا الموضوع كثيرة، والشرك أنواع:
النوع الأول: الشرك الأكبر الذي يخرج عن الملة، وهو الذي ذكرنا أن يصرف شيئاً من أنواع العبادة لغير الله كأن يذبح لغير الله، أو ينذر لغير الله، أو يدعو غير الله، كما قال الله تعالى: إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [المائدة:72]، وهذا لا يغرفه الله عز وجل إلا بالتوبة، كما قال تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً [النساء: 48].
النوع الثاني: شرك أصغر لا يخرج من الملة لكن خطره عظيم، وهو أيضاً على الصحيح لا يغفر إلا بالتوبة لقوله: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً [النساء:48]، وذلك يشمل الأكبر والأصغر، والشرك الأصغر مثل الحلف بغير الله، ومثل قوله: ما شاء الله وشئت، بأن تعطف مشيئة المخلوق على مشيئة الخالق بالواو، لأن (الواو) تقتضي التشريك.
الصواب أن تقول: ما شاء الله ثم شئت؛ لأن (ثم) تقتضي الترتيب، وكذا لولا الله وأنت، وما أشبه ذلك كله من الشرك في الألفاظ، وكذلك الرياء أيضاً وهو شرك خفي؛ لأنه من أعمال القلوب ولا ينطق به ولا يظهر على عمل الجوارح، ولا يظهر على اللسان إنما هو شيء في القلوب لا يعلمه إلا الله.
إذاً فالشرك على ثلاثة أنواع: شرك أكبر، وشرك أصغر، وشرك خفي، وهو الرياء وما في القلوب من المقصود - النيات - لغير الله سبحانه وتعالى.
والرياء معناه: أن يعمل عملاً ظاهره أنه لله لكنه يقصد به غير الله سبحانه وتعالى، كأن يقصد أن يمدحه الناس وأن يثني عليه الناس، أو يقصد به طمعاً من مطامع الدنيا، كما قال سبحانه وتعالى: مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ (15) أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [هود:16،15].
فالذي يحج أو يطلب العلم أو يعمل أعمالاً هي من أعمال العبادات لكنه يقصد بها طمعاً من مطامع الدنيا، فهذا إنما يريد بعمله الدنيا، وهذا محبط للعمل.
فالرياء محبط للعمل، وقصد الدنيا بالعمل يحبط العمل، قال النبي : { أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر } فسئل عنه فقال:{ الرياء } [رواه أحمد والبغوي والطبراني، كلهم من حديث محمود بن لبيد رضي الله عنه]، وقال عليه الصلاة والسلام: { الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النملة السوداء، على صفاة سوداء، في ظلمة الليل، وكفارته أن يقول: اللهم إنني أعوذ بك أن أشرك بك شيئاً وأنا أعلم، وأستغفرك من الذنب الذي لا أعلم } [رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد] فالواجب على المسلم أن يخلص لله في أفعاله وأقواله ونياته لله جميع ما يصدر عنه من قول أو عمل أو نية، ليكون عمله صالحاً مقبولاً عند الله عز وجل.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
[اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء].










رد مع اقتباس
قديم 2011-03-13, 13:16   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
HABOBA-
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية HABOBA-
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي الأصول الثلاثة وأدلتها

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد:
قال الإمام العلامة المجدد محمد بن عبدالوهاب عن الأصول الثلاثة وأدلتها فقال:
اعلم رحمك الله أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل:
الأولى: العلم، وهو معرفة الله، ومعرفة نبيه، ومعرفة دين الإسلام بالأدلة.
الثانية: العمل به.
الثالثة: الدعوة إليه.
الرابعة:الصبر على الأذى فيه.
والدليل قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم: وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:1-3].
قال الشافعي رحمه الله تعالى: ( لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم ).
وقال البخاري رحمه الله تعالى: ( باب العلم قبل القول والعمل، والدليل قوله تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ [محمد:19]. فبدأ بالعلم قبل القول والعمل ).
اعلم رحمك الله أنه يجب على كل مسلم ومسلمة، تعلم هذه الثلاث مسائل، والعمل بهن:
الأولى: أن الله خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملاً، بل أرسل إلينا رسولاً، فمن أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار.
والدليل قوله تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً [المزمل:16،15].
الثانية: أن الله لا يرضي أن يُشرك معه أحد في عبادته لا ملَك مقرب ولا نبي مرسل.
والدليل قوله تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً [الجن:18].
الثالثه: أن من أطاع الرسول ووحّد الله لا يجوز له موالاة من حاد الله ورسوله، ولو كان أقرب قريب.
والدليل قوله تعالى: لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [المجادلة:22].اعلم أرشدك الله لطاعته أن الحنيفية ملة إبراهيم، أن تعبد الله وحده مخلصاً له الدين، وبذلك أمر الله جميع الناس وخلقهم لها، كما قال تعالى: وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلّا لِيَعْبُدُوِن [الذاريات:56]، ومعنى ِيَعْبُدُوِن يوحدون، وأعظم ما أمر الله به: التوحيد وهو إفراد الله بالعبادة وأعظم ما نهى عنه: الشرك، وهو دعوة غيره معه.
والدليل قوله تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّه وَلاَ تُشرِكُوا بِهِ شَيئاً [النساء:36].
فإذا قيل لك: ما الأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان معرفتها؟
فقل: معرفة العبد ربه، ودينه، ونبيه محمد .
الأصل الأول: معرفة الرب:
فإذا قيل لك:من ربك؟ فقل: ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمه، وهو معبودي ليس لي معبود سواه.
والدليل قوله تعالى: الحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْن [الفاتحة:2] وكل من سوى الله عالم، وأن واحد من ذلك العالم.
فإذا قيل لك: بم عرفت ربك؟ فقل بآياته ومخلوقاته، ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر، ومن مخلوقاته السموات السبع، والأرضون السبع، ومن فيهن وما بينهما.
والدليل قوله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [فصلت:37]، وقوله تعالى: إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [الأعراف:54].
والرب هو: المعبود.
والدليل قوله تعالى: يَأيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا ربَّكُمُ الذَِّي خَلَقَكُم وَالذِّينَ مِن قَبلكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ(21) الّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرضَ فِرَاشًا وَالسَّمآءَ بِنآءً وَأنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَاَءً فَأخرَجَ بِهِ مِن الثَّمراتِ رِزقًا لّكُم فَلاَ تَجعَلُواْ لَلَّهِ أندَادًا وَأنتُم تَعَلُمونَ [البقرة:22،21].
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: ( الخالق لهذه الأشياء هو المستحق للعبادة ).
وأنواع العبادة التي أمر الله بها، مثل الإسلام، والإيمان، والإحسان، ومنه الدعاء، والخوف، والرجاء، والتوكل، والرغبة، والرهبة، والخشوع، والخشية، والإنابة، والاستعانة، والاستعاذة، والاستغاثة، والذبح، والنذر، وغير ذلك من أنواع العبادة التي أمر الله بها، كلها.
والدليل قوله تعالى: وَأنَّ المَسَاجِد لِلَّهِ فَلا تَدعُوا مَعَ اللَّهِ أحَداً [الجن:18].
فمن صرف منها شيئاً لغير الله فهو مشرك كافر.
والدليل قوله تعالى: وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117].
وفي الحديث: { الدعاء مخ العبادة }.
والدليل قوله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60].
ودليل الخوف قوله تعالى: فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [آل عمران:175].
ودليل الرجاء قوله تعالى: فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً [الكهف:110].
ودليل التوكل قوله تعالى: وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [المائدة:23]، وقوله: وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق:3].
ودليل الرغبة والرهبة والخشوع قوله تعالى: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء:90].
ودليل الخشية قوله تعالى: فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي [البقرة:150].
ودليل الاستعانة قوله تعالى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1].
ودليل الاستغاثة قوله تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ [الأنفال:9].
ودليل الذبح قوله تعالى: قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:163].
ومن السنة { لعن الله من ذبح لغير الله }.
ودليل النذر قوله تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً [الإنسان:7].
الأصل الثاني: معرفة دين الإسلام بالإدلة
وهو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله، وهو ثلاث مراتب: الإسلام، والإيمان، والإحسان، وكل مرتبة لها أركان.
المرتبة الأولى:
فأركان الإسلام خمسة: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام.
فدليل الشهادة قوله تعالى: شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [آل عمران:18].
ومعناها: لا معبود بحق إلا الله وحده (لا إله) نافياً ما يعبد من دون الله.
(إلا الله) مثبتاً العبادة لله وحده لا شريك له في عبادته، كما أنه ليس له شريك في ملكه.
وتفسيرها الذي يوضحها قوله تعالى: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الزخرف:26-28].
وقوله تعالى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [آل عمران:64].
ودليل شهادة أن محمداً رسول الله قوله تعالى: لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ [التوبة:128].
ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع.
ودليل الصلاة والزكاة وتفسير التوحيد قوله تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة:5].
ودليل الصيام قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ َ [البقرة:183].
ودليل الحج قوله تعالى: ولِلَّهِ عَلَى الناسِ حِجُّ البَيِت مِنَ استَطَاعَ إلَيهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإنَّ الَّلهَ غَني عِن العَالَمِينَ [آل عمران:97].
المرتبة الثانية:
الإيمان: وهو بضع وسبعون شعبة، فأعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان.
وأركانه ستة: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره شره.
والدليل على هذه الأركان الستة قوله تعالى: لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ [البقرة:177].
ودليل القدر قوله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر:49].
المرتبة الثالثة:
الإحسان: ركن واحد، وهو: ( أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ).
والدليل قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ [النحل:128]. وقوله تعالى: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [الشعراء:217 ـ220]. وقوله تعالى: وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ [يونس:61]. والدليل من السنة: حديث جبريل المشهور عن عمر بن الخطاب قال: ( بينا نحن جلوس عند النبي إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، فجلس إلى النبي فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقا ل: يا محمد أخبرني عن الإسلام. قال: { أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا }. قال: صدقت. فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال: أخبرني عن الإيمان. قال: { أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره } قال: أخبرني عن الإحسان. قال: { أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك } قال أخبرني عن الساعة. قال: { ما المسؤول عنها بأعلم من السائل }. قال: أخبرني عن أماراتها. قال: { أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان } قال: فمضى. فلبثنا ملياً. فقال: { يا عمر أتدرون من السائل } قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: { هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم }.
الأصل الثالث: معرفة نبيكم عليه الصلاة والسلام
وهو محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم. وهاشم من قريش، وقريش من العرب، والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم الخليل، عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام. وله من العمر ثلاث وستون سنة، منها أربعون قبل النبوة، وثلاث وعشرون نبياً رسولاً. نبىء بـ اقْرَأْ وأرسل بـ الْمُدَّثِّرُ . وبلده مكة، بعثه الله بالنذارة عن الشرك، ويدعو إلى التوحيد. والدليل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ [المدثر:1ـ7].
ومعنى قُمْ فَأَنذِرْ ينذر عن الشرك ويدعو إلى التوحيد وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ عظمه بالتوحيد وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ أي طهر أعمالك من الشرك وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ الرجز: الأصنام، وهجرها تركها وأهلها والبراءة منها وأهلها، أخذ على هذا عشر سنين يدعو إلى التوحيد، وبعد العشر عرج به إلى السماء، وفرضت عليه الصلوات الخمس، وصلى في مكة ثلاث سنين، وبعدها أمر بالهجرة إلى المدينة.
والهجرة فريضة على هذه الأمة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام، وهي باقية إلى أن تقوم الساعة: والدليل قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً (97) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (98) فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوّاً غَفُوراً النساء:97 ـ99]. وقوله تعالى: يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ [العنكبوت:56].
قال البغوي رحمه الله: ( سبب نزول هذه الآية في المسلمين الذين في مكة لم يهاجروا، ناداهم الله باسم الإيمان ).
والدليل على الهجرة من السنة قوله : { لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها }.
فلما استقر في المدينة، أمر ببقية شرائع الإسلام، مثل الزكاة، والصوم، والحج، والأذان، والجهاد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وغير ذلك من شرائع الإسلام. أخذ على هذا عشر سنين، وبعدها توفي، صلاة الله وسلام عليه، ودينه باقٍ.
وهذا دينه لا خير إلا دله الأمة عليه، ولا شر إلا حذرها منه، والخير الذي دلها عليه: التوحيد، وجميع ما يحبه الله ويرضاه. والشر الذي حذرها منه: الشرك وجميع ما يكره الله ويأباه، بعثه الله إلى الناس كافة، وافترض طاعته على جميع الثقلين: الجن والإنس.
والدليل قوله تعالى: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً [الأعراف:158]. وكمل الله به الدين.
والدليل قول تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً [المائدة:3].
والدليل على موته قوله تعالى: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ [الزمر:31،30].
والناس إذا ماتوا يبعثون، والدليل قوله تعالى: مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى [طه:55]. وقوله تعالى: وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتاً (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً [نوح:18،17]. وبعد البعث محاسبون ومجزيون بأعمالهم.
والدليل قول تعالى: وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى [النجم:31]. ومن كذب بالبعث كفر.
والدليل قوله تعالى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [التغابن:7]. وأرسل الله جميع الرسل مبشرين ومنذرين.
والدليل قوله تعالى: رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وهو خاتم النبيين. [النساء:165] وأولهم نوح عليه السلام، وآخرهم محمد
والدليل على أن أولهم نوح قوله تعالى: إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ [النساء:163].
وكل أمة بعث الله إليها رسولاً من نوح إلى محمد يأمرهم بعبادة الله وحده، وينهاهم عن عبادة الطاغوت.
والدليل قوله تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ [النحل:36]. وافترض الله على جميع العباد الكفر بالطاغوت، والإيمان بالله.
قال ابن القيم رحمه الله: ( معنى الطاغوت ما تجاوز به العبد حده من معبود، أو متبوع، أو مطاع ).
والطواغيت كثيرون، رؤوسهم خمسة: إبليس لعنه الله، ومن عبد وهو راض، ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه، ومن ادعى شيئاً من علم الغيب، ومن حكم بغير ما أنزل الله.
والدليل قوله تعالى: لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْد مِن الْغَي فَمَن يَكْفُرْ بالطَّاغُوت وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انَفِصَام لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:256]. وهذا هو معنى ( لا إله إلا الله ).
وفي الحديث: { رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله }.
والله أعلم... تمت الأصول الثلاثة.










رد مع اقتباس
قديم 2011-03-13, 13:18   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
HABOBA-
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية HABOBA-
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي 50 سؤالاً وجواباً في العقيدة

دلائل التوحيد
س1 - ما الأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان معرفتها؟
ج1: معرفة العبد ربه ودينه ونبيه محمد .
س2 - من ربك؟
ج2: ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمه وهو معبودي ليس لى معبود سواه والدليل قوله تعالى: الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:1] وكل ما سوى الله عالم وأنا واحد من ذلك العالم.
س3 - ما معني الرب؟
ج3: المالك المعبود المتصرف وهو المستحق للعبادة.
س4 - بم عرفت ربك؟
ج4: أعرفه بآياته ومخلوقات، ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر، ومن مخلوقاته السماوات السبع ومن فيهن والأرضون السبع ومن فيهن وما بينهما، والدليل قوله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [فصلت:37]، وقوله تعالى: إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [الأعراف:54].
س5 - ما دينك؟
ج5: ديني الإسلام، والإسلام هو الإستسلام والإنقياد لله وحده، والدليل عليه قوله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ [آل عمران:19]، ودليل آخر قوله تعالى: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85]، ودليل آخر قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً [المائدة:3].
س6 - علي أي شيء بُني هذا الدين؟
ج6: بُني على خمسة أركان، أولها شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم شهر رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا.
س7 - ما هو الإيمان؟
ج7: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر وتؤمن بالقدر خيره وشره والدليل قوله تعالى: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ [البقرة:85].
س8 - وما الإحسان؟
ج8: هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، والدليل عليه قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ [النحل:128].
س9 - من نبيك؟
ج9: نبيي محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، وهاشم من قريش، وقريش من كنانه، وكنانه من العرب، والعرب من ذرية إسماعيل بن ابراهيم، وإسماعيل من نسل إبراهيم، وإبراهيم من ذرية نوح، عليهم الصلاة والسلام.
س10 - وبأي شيء نُبئ؟ وبأي شيء أرسل؟
ج10: نبئ باقرأ، وأرسل بالمدثر.
س11 - وما هي معجزته؟
ج11: هذا القرآن الذي عجزت جميع الخلائق أن يأتوا بسورة من مثله، فلم يستطيعوا ذلك مع فصاحتهم وشدة حذاقتهم وعداوتهم له ولمن اتبعه، والدليل قوله تعالى: وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [البقرة:23]. وفي الآيه الأخرى: قوله تعالى: قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً [الإسراء:88].
س12 - ما الدليل على أنه رسول الله؟
ج12: قوله تعالى: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ [آل عمران:144].ودليل آخر قوله تعالى: مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً [الفتح:29].
س13 - ما هو دليل نبوة محمد؟
ج13: الدليل على النبوة قوله تعالى: مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ [الأحزاب:40]، وهذه الآيات تدل على أنه نبي وأنه خاتم الأنبياء.
س14 - ما الذي بعث الله به محمداً ؟
ج14: عبادة الله وحده لا شريك له، وأن لا يتخذون مع الله إلهاً آخر، ونهاهم عن عبادة المخلوقين من الملائكة والأنبياء والصالحين والحجر والشجر، كما قال الله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:25]، وقوله تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ [النحل:36]، وقوله تعالى: وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ [الزخرف:45]، وقوله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56].
فيعلم بذلك أن الله ما خلق الخلق إلا ليعبدوه ويوحدوه فأرسل الرسل إلى عباده يأمرونهم بذلك.
س15 - ما الفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية؟
ج15: توحيد الربوبيه: فعل الرب، مثل الخلق والرزق والإحياء والإماته وإنزال المطر وإنبات النباتات وتدبير الأمور.
وتوحيد الألوهية: فعل العبد، مثل الدعاء والخوف والرجاء والتوكل والإنابه والرغبه والرهبه والنذر والإستغاثه وغير ذلك من انواع العبادات.
س16 - ما هي أنواع العبادات التي لا تصلح إلا لله؟
ج16: من أنواعها: الدعاء، والإستغاثة، والإستعانه، وذبح القربان، والنذر، والخوف، والرجاء، والتوكل، والإنابه، والمحبه، والخشيه، والرغبه، والرهبه، والتأله، والركوع، والسجود، والخشوع، والتذلل، والتعظيم الذي هو من خصائص الألوهية.
س17: فما أجل أمر أمر الله به؟ وأعظم نهي نهى الله عنه؟
ج17: أجل أمر أمر الله به هو توحيده بالعبادة، وأعظم نهي نهى الله عنه هو الشرك به، وهو ان يدعو مع الله غيره أو يقصد بغير ذلك من أنواع العبادة، فمن صرف شيئا من انواع العبادة لغير الله فقد اتخذه ربا وإلها وأشرك مع الله غيره أو يقصده بغير ذلك من أنواع العبادات.
س18: ما المسائل الثلاث التي يجب تعلمها والعمل بها؟
ج18: الأولى: أن الله خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملا بل أرسل إلينا رسولا فمن أطاعه دخل الجنه ومن عصاه دخل النار.
الثانيه: أن الله لا يرضى أن يشرك معه في عبادته أحد لا ملك مقرب ولا نبي مرسل.
الثالثة: أن من اطاع الرسول ووحد الله لا يجوز له موالاة من حاد الله ورسوله ولو كان أقرب قريب.
س19: ما معني الله؟
ج19: معناه ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين.
س20: لأي شيء الله خلقك؟
ج20: لعبادته.
س21: ما هي عبادته؟
ج21: توحيده وطاعته.
س22: ما الدليل على ذلك؟
ج22: قوله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56].
س23 - ما هو أول ما فرض الله علينا؟
ج23: الكفر بالطاغوت والإيمان بالله، والدليل على ذلك قوله تعالى: لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقي لا انفصام لها والله سميع عليم [البقرة:256].
س24 - ما هي العروة الوثقي؟
ج24: لا إله إلا الله، ومعني لا إله: نفي، وإلا الله: إثبات.
س25 - ما هو النفي والإثبات هنا؟
ج25: نافٍ جميع ما يعبد من دون الله. ومثبت العبادة لله وحده لا شريك له.
س26 - ما الدليل على ذلك؟
ج26: قوله تعالى: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ [الزخرف:26] هذا دليل نفي، ودليل الإثبات: إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي [الزخرف:27].
س27 - كم الطواغيت؟
ج27: كثيرون ورؤوسهم خمسة: إبليس لعنه الله، ومن عُبد وهو راض، ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه، ومن ادعى شيئا من علم الغيب، ومن حكم بغير ما أنزل الله.
س28 - ما أفضل الأعمال بعد الشهادتين؟
ج28: أفضلها الصلوات الخمسة، ولها شروط وأركان وواجبات، فأعظم شروطها الإسلام، والعقل، والتمييز، ورفع الحدث، وإزالة النجاسه، وستر العورة، واستقبال القبلة، ودخول الوقت، والنية.
وأركانها أربعة عشر: القيام مع القدرة، وتكبيرة الإحرام، وقراءة الفاتحة، والركوع، والرفع منه، والسجود على السبعة الأعضاء، والإعتدال منه، والجلسة بين السجدتين، والطمأنينه في هذه الأركان، والترتيب، والتشهد الأخير، والجلوس له، والصلاة على النبي ، والتسليم.
وواجباتها ثمانية: جميع التكبيرات غير تكبيرة الإحرام، قول سبحان ربي العظيم في الركوع، سمع الله لمن حمده للإمام والمنفرد، ربنا ولك الحمد للإمام والمأموم والمنفرد، سبحان ربي الأعلى في السجود، رب اغفر لى بين السجدتين، والتشهد الأول، والجلوس له، وما عدا هذا فسنن ؛ أقوال وأفعال.
س29 - هل يبعث الله الخلق بعد الموت؟ ويحاسبهم على أعمالهم خيرها وشرها؟ ويدخل من أطاعه الجنه؟ ومن كفر به وأشرك به غيره فهو في النار؟
ج29: نعم، والدليل قوله تعالى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [التغابن:7]، وقوله: مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى [طه:55]. وفي القرآن من الأدلة على هذا ما لا يحصى.
س30 - ما حكم من ذبح لغير الله من هذه الاية؟
ج30: حكمة هو كافر مرتد لا تباح ذبيحته، لأنه يجتمع فيه مانعان:
الأول: أنها ذبيحة مرتد، وذبيحة المرتد لا تباح بالإجماع.
الثاني: أنها مما أهل لغير الله وقد حرم الله ذلك في قوله: قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ [الأنعام:145].
س31 - ما هي أنواع الشرك؟
ج31: أنواعة هي: طلب الحوائج من الموتى، والإستغاثة بهم والتوجه إليهم. وهذا أصل شرك العالم، لأن الميت قد انقطع عمله، وهو لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، فضلاً لمن استغاث به، وسأله أن يشفع له إلى الله، وهذا من جهله بالشافع والمشفوع عنده، فإن الله تعالى لا يشفع أحد عنده إلا بإذنه، والله لم يجعل سؤال غيره سبباً لإذنه، وإنما السبب لإذنه كمال التوحيد، فجاء هذا المشرك بسبب يمنع الإذن.
والشرك شركان: شرك ينقل عن المله وهو الشرك الأكبر، وشرك لا ينقل عن المله وهو الشرك الأصغر كشرك الرياء.
س32 - ما هي أنواع النفاق ومعناه؟
ج32: النفاق نفاقان: نفاق إعتقادي، ونفاق عملي.
النفاق الإعتقادي: مذكور في القران في غير موضع، أوجب لهم تعالى به الدرك الأسفل من النار.
النفاق العـملي: جاء في قوله : { أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق، حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر، وإذا اؤتمن خان}. وكقوله : { آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد اخلف، وإذا اؤتمن خان }.
قال بعض الأفاضل: وهذا النفاق قد يجتمع مع أصل الإسلام ولكن إذا استحكم وكمل فقد ينسلخ صاحبه من الإسلام بالكلية وإن صلّى وصام، وزعم أنه مسلم، فإن الإيمان ينهى عن هذه الخلال، فإذا كملت للعبد، ولم يكن له ما ينهاه عن شيء منها، فهذا لا يكون إلا منافقاً خالصاً.
س33 - ما المرتبة الثانية من مراتب دين الإسلام؟
ج33: هي الإيمان.
س34 - كم شعب الإيمان؟
ج34: هي بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول ( لا إله إلا الله ) وأدناها إماطة الأذي عن الطريق. والحياء شعبة من الإيمان.
س35 - كم أركان الإيمان؟
ج35: ستة: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره.
س36 - ما المرتبه الثالثة من مراتب دين الإسلام؟
ج36: هي الإحسان، وله ركن واحد. هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
س37 - هل الناس محاسبون ومجزيون بأعمالهم بعد البعث أم لا؟
ج37: نعم محاسبون ومجزيون بأعمالهم بدليل قوله تعالى: لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى [النجم:31].
س38 - ما حكم من كذّب بالبعث؟
ج38: حكمه أنه كافر بدليل قوله تعالى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [التغابن:7].
س39 - هل بقيت أمة لم يبعث الله لها رسولاً يأمرها بعبادة الله وحده واجتناب الطاغوت؟
ج39: لم تبق أمة إلا بعث إليها رسولاً بدليل قوله تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ [النحل:36].
س40 - ما هي أنواع التوحيد؟
ج40:1- توحيد الربوبية: هو الذي أقر به الكفار كما في قوله تعالى: قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ [يونس:31].
2- توحيد الألوهية: هو إخلاص العبادة لله وحده من جميع الخلق، لأن الإله في كلام العرب هو الذي يقصد للعبادة، وكانوا يقولون أن الله هو إله الآلهة لكن يجعلون معه آلهة أخرى مثل الصالحين والملائكة، وغيرهم يقولون أن الله يرضى هذا ويشفعون لنا عنده.
3- توحيد الصفات: فلا يستقيم توحيد الربوبية ولا توحيد الألوهية إلا بالإقرار بالصفات لكن الكفار أعقل ممن أنكر الصفات.
س41 - ما الذي يجب علي إذا أمرني الله بأمر؟
ج41: وجب عليك سبع مراتب:
الأولى: العلم به، الثانية: محبته، الثالثة: العزم على الفعل، الرابعة: العمل، الخامسة: كونه يقع على المشروع خالصاً صواباً، السادسة: التحذير من فعل ما يحبطه، السابعة: الثبات عليه.
س42 - إذا عرف الإنسان أن الله أمر بالتوحيد ونهى عن الشرك هل تنطبق هذه المراتب عليه؟
ج42: المرتبه الأولى: أكثر الناس علم أن التوحيد حق، والشرك باطل، ولكن أعرض عنه ولم يسأل ! وعرف أن الله حرم الربى وباع واشترى ولم يسأل ! وعرف تحريم أكل مال اليتيم وجواز الأكل بالمعروف، ويتولى مال اليتيم ولم يسأل !
المرتبه الثانيه: محبة ما أنزل الله وكفر من كرهه، فأكثر الناس لم يحب الرسول بل أبغضه وأبغض ما جاء به، ولو عرف أن الله أنزله.
المرتبه الثالثة: العزم على الفعل، وكثير من الناس عرف وأحب ولكن لم يعزم خوفاً من تغير دنياه.
المرتبه الرابعة: العمل وكثير من الناس إذا عزم أو عمل وتبين عليه من يعظمه من شيوخ أو غيرهم ترك العمل.
المرتبه الخامسه: أن كثيراً ممن عمل لا يقع خالصاً فإن وقع خالصاً لم يقع صواباً.
المرتبة السادسة: أن الصالحين يخافون من حبوط العمل لقوله تعالى: أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ [الحجرات:2] وهذا من أقل الأشياء في زماننا.
المرتبه السابعة: الثبات على الحق والخوف من سوء الخاتمة وهذا أيضاً من أعظم ما يخاف منه الصالحون.
س43 - ما معني الكفر وأنواعة؟
ج43: الكفر كفران:
1- كفر يخرج صاحبه عن المله وهو خمسة أنواع:
الأول: كفر التكذيب، قال تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ [الأنعام:21].
الثاني: كفر الإستكبار والإباء مع التصديق. قال تعالى: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ [البقرة:34].
الثالث: كفر الشك، وهو كفر الظن قال تعالى: وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً (35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنقَلَباً (36) قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً [الكهف:35-37].
الرابع: كفر الإعراض والدليل عليه قوله تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنذِرُوا مُعْرِضُونَ [الأحقاف:3].
الخامس: كفر النفاق ودليله قوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ [المنافقون:3].
2- كفر أصغر لا يخرج عن الملة، وهو كفر النعمة، والدليل عليه قوله تعالى: وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ [النحل:112] وقوله: إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ [إبراهيم:34].
س44 - ما هو الشرك وما أنواع الشرك؟
ج44: اعلم أن التوحيد ضد الشرك.
والشرك ثلاث أنواع: شرك أكبر، وشرك أصغر، وشرك خفي.
النوع الأول: الشرك الأكبر وهو أربعة أنواع:
الأول: شرك الدعوة، قال تعالى: فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ [العنكبوت:65].
الثاني: شرك النية، الإرادة والقصد، قال تعالى: مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ (15) أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [هود:16،15].
الثالث: شرك الطاعة، قال تعالى: اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [التوبة:31].
الرابع: شرك المحبه، قال تعالى وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ [البقرة:165].
النوع الثاني: شرك أصغر و هو الرياء، قال تعالى فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً [الكهف:110].
النوع الثالث: شرك خفي، و دليله قوله : { الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل على الصفاة السوداء في ظلمة الليل }.
س45 - ما الفرق بين القدر والقضاء؟
ج45: القدر في الأصل مصدر قدر، ثم استعمل في التقدير الذي هو التفصيل والتبيين، واستعمل أيضاً بعد الغلبة في تقدير الله للكائنات قبل حدوثها.
وأما القضاء: فقد استعمل في الحكم الكوني، بجريان الأقدار وما كتب في الكتب الأولى وقد يطلق هذا على القدر الذي هو التفصيل والتميز.
ويطلق القدر أيضاً على القضاء الذي هو الحكم الكوني بوقوع المقدرات.
ويطلق القضاء على الحكم الديني الشرعي، قال الله تعالى: ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ [النساء:65] ويطلق القضاء على الفراغ والتمام، كقوله تعالى: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ [طه:72]. [الجمعة:10] ويطلق على نفس الفعل، قال تعالى:
ويطلق على الإعلان والتقدم بالخبر، قال تعالى: وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا [الزخرف:77] ويطلق على وجود العذاب، قال تعالى: وَقُضِيَ الأَمْرُ [هود:44].
ويطلق على التمكن من الشيء وتمامه، كقوله: وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ [الزمر:75] ويطلق على الخلق كقوله تعالى: فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ [فصلت:12]. [طه:114] ويطللق على الفصل والحكم، كقوله تعالى:
ويطلق على الحتم، كقوله تعالى: وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً [مريم:21] ويطلق على الأمر الديني، كقوله تعالى: أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ [يوسف:40] ويطلق على بلوغ الحاجه، ومنه: قضيت وطري، ويطلق على إلزام الخصمين بالحكم، ويطلق بمعنى الأداء، كقوله تعالى: فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ [البقرة:200].
والقضاء في الكل: مصدر، واقتضى الأمر الوجوب، ودل عليه، والإقتضاء هو: العلم بكيفية نظم الصيغة، وقولهم: لا أقضي منه العجب، قال الأصمعي: يبقى ولا ينقضي.
س46 - هل القدر في الخير والشر على العموم جميعاً من الله أم لا؟
ج46: القدر في الخير والشر على العموم، فعن علي قال: كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتى الرسول صلى الله علية وسلم فقعد فقعدنا حوله، ومعه مخصرة، فنكس فجعل ينكت بمخصرته، ثم قال: { ما منكم من احد، ما من نفس منفوسه إلا وقد كتب الله مكانها في الجنة والنار، وإلا قد كتبت شقية أو سعيدة } قال: فقال رجل: أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل؟ فقال: { من كان من أهل االسعادة فسيصير إلى عمل أهل االسعادة، ومن كان من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة } ثم قرأ: فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [الليل:5-10].
وفي الحديث: { واعملوا فكل ميسر، أما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة، وأما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة } ثم قرأ فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [الليل:5-10].
س47 - ما معنى لا إله إلا الله؟
ج47: معناها لا معبود بحق إلا الله، والدليل قوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ أَلاَّ تَعْبُدُواْ فيه معنى لا إله، وقوله إِلاَّ إِيَّاهُ فيه معنى إلا الله. [الإسراء:23] فقوله
س48 - ما هو التوحيد الذي فرضه الله على عباده قبل الصلاة والصوم؟
ج48: هو توحيد العبادة، فلا تدعو إلا الله وحده لا شريك له، لا تدعوا النبي ولا غيره، كما قال تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً [الجن:18].
س49 - أيهما أفضل: الفقير الصابر أم الغني الشاكر؟ وما هو حد الصبر وحد الشكر؟
ج49: أما مسألة الغنى والفقر، فالصابر والشاكر كل منهما من أفضل المؤمنين، وأفضلهما أتقاهما كما قال تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13].
وأما حد الصبر وحد الشكر: المشهور بين العلماء أن الصبر عدم الجزع، والشكر أن تطيع الله بنعمته التي أعطاك.
س50 - ما الذي توصيني به؟
ج50: الذي أوصيك به وأحضك عليه: التفقه في التوحيد، ومطالعة كتب التوحيد فإنها تبين لك حقيقة التوحيد الذي بعث الله به رسوله، وحقيقة الشرك الذي حرمه الله ورسوله، وأخبر أنه لا يغفره، وأن الجنة على فاعله حرام، وأن من فعله حبط عمله.
والشأن كل الشأن في معرفة حقيقة التوحيد الذي بعث الله به رسوله، وبه يكون الرجل مسلماً مفارقاً للشرك وأهله.
اكتب لي كلاماً ينفعني الله به.
أول ما أوصيك به: الالتفات إلى ما جاء به محمد صلى الله علية وسلم من عند الله تبارك وتعالى، فإنه جاء من عند الله بكل ما يحتاج إليه الناس، فلم يترك شيئاً يقربهم إلى الله وإلى جنته إلا أمرهم به، ولا شيئاً يبعدهم من الله ويقربهم إلى عذابه إلا نهاهم وحذرهم عنه. فأقام الله الحجة على خلقه إلى يوم القيامة، فليس لأحد حجة على الله بعد بعثة محمد صلى الله علية وسلم.
قال الله عز وجل فيه وفي إخوانه من المرسلين: إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً (163) وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً (164) رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً [النساء:163-165].
فأعظم ما جاء به من عند الله وأول ما أمر الناس به توحيد الله بعبادته وحده لا شريك له، وإخلاص الدين له وحده كما قال عز وجل: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ [المدثر:1-3] ومعنى قوله: وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ أي: عظم ربك بالتوحيد وإخلاص العبادة له وحده لا شريك له. وهذا قبل الأمر بالصلاة والزكاة والصوم والحج وغيرهن من شعائر الإسلام.
ومعنى قُمْ فَأَنذِرْ أي: أنذر عن الشرك في عبادة الله وحده لا شريك له. وهذا قبل الإنذار عن الزنا والسرقة والربا وظلم الناس وغير ذلك من الذنوب الكبار.
وهذا الأصل هو أعظم أصول الدين وأفرضها، ولأجله خلق الله الخلق، كما قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56].
ولأجله أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، كما قال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ [النحل:36].
ولأجله تفرق الناس بين مسلم وكافر، فمن وافى الله يوم القيامة وهو موحد لا يشرك به شيئاً دخل الجنه، ومن وافاه بالشرك دخل النار، وإن كان من أعبد الناس. وهذا معنى قولك: ( لا إله إلا الله )، فإن الإله هو الذي يدعى ويرجى لجلب الخير ودفع الشر، ويخاف منه ويتوكل عليه.










رد مع اقتباس
قديم 2011-03-13, 13:19   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
HABOBA-
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية HABOBA-
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي العقيدة الصحيحة وما يضادها

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه.
فلما كانت العقيدة الصحيحة هي أصل دين الإسلام وأساس الملة رأيت أن تكون هي موضوع المحاضرة.
ومعلوم بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة أن الأعمال والأقوال إنما تصح وتقبل إذا صدرت عن عقيدة صحيحة فإن كانت العقيدة غير صحيحة بطل ما يتفرع عنها من أعمال وأقوال كما قال تعالى: وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [المائدة:5].
وقال تعالى: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر:65]، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وقد دل كتاب الله المبين وسنة رسوله الأمين عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم على أن العقيدة الصحيحة تتلخص في الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره. فهذه الأمور الستة هي أصول العقيدة الصحيحة التي نزل بها كتاب الله العزيز، وبعث الله بها رسوله محمداً .
ويتفرع عن هذه الأصول كل ما يجب الإيمان به من أمور الغيب، وجميع ما أخبر الله به ورسوله .
وأدلة هذه الأصول الستة في الكتاب والسنة كثيرة جداً، فمن ذلك قول الله سبحانه: لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ [البقرة:177].
وقوله سبحانه: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ الآية [البقرة:285].
وقوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً [النساء:136].
وقوله سبحانه: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الحج:70].
أما الأحاديث الصحيحة الدالة على هذه الأصول فكثيرة جداً.
منها الحديث الصحيح المشهور الذي رواه مسلم في صحيحه من حديث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أن جبريل عليه السلام سأل النبي صلى الله وعليه وسلم عن الإيمان، فقال له: { الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره } الحديث، وأخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة.
وهذه الأصول الستة: يتفرع عنها جميع ما يجب على المسلم اعتقاده في حق الله سبحانه وفي أمر المعاد وغير ذلك من أمور الغيب.
أولاً: الإيمان بالله
الإيمان بالله سبحانه: الإيمان بأنه الإله الحق المستحق للعبادة دون كل ما سواه لكونه خالق العباد والمحسن إليهم والقائم بأرزاقهم والعالم بسرهم وعلانيتهم، والقادر على إثابة مطيعهم وعقاب عاصيهم، ولهذه العبادة خلق الله الثقلين وأمرهم كما قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ، مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ ، إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [الذاريات:56-58].
وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ، الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:21-22]. وقد أرسل الله الرسل وأنزل الكتب لبيان هذا الحق والدعوة إليه، والتحذير مما يضاده كما قال سبحانه: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ [النحل:36].
وقال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:25].
وقال عز وجل: كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ، أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ [هود:1-2].
وحقيقة هذه العبادة: هي إفراد الله سبحانه بجميع ما تعبّد العباد به من دعاء وخوف ورجاء وصلاة وصوم وذبح ونذر وغير ذلك من أنواع العبادة على وجه الخضوع له والرغبة والرهبة مع كمال الحب له سبحانه والذل لعظمته.
وغالب القرآن الكريم نزل في هذا الأصل العظيم:
كقوله سبحانه: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ ، أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ [الزمر:2-3].
وقوله سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ [الإسراء:23].
وقوله عز وجل: فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [غافر:14].
وفي الصحيحين عن معاذ أن النبي قال: { حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً }.
ومن الإيمان بالله أيضاً: الإيمان بجميع ما أوجبه على عباده وفرضه عليهم من أركان الإسلام الخمسة الظاهرة وهي: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلاً، وغير ذلك من الفرائض التي جاء بها الشرع المطهر.
وأهم هذه الأركان وأعظمها: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.
فشهادة أن لا إله إلا الله تقتضي إخلاص العبادة لله وحده ونفيها عما سواه، وهذا هو معنـى لا إله إلا الله، فإن معناها لا معبـود بحـق إلا الله فكل ما عبد من دون الله من بشر أو ملك أو جني أو غيـر ذلك فكله معبود بالباطل، والمعبود بالحق هو الله وحده كما قال سبحانه: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ [الحج:62].
وقد سبق بيان أن الله سبحانه خلق الثقلين لهذا الأصل الأصيل وأمرهم به، وأرسل به رسله وأنزل به كتبه، فتأمل ذلك جيدا وتدبره كثيراً ليتضح لك ما وقع فيه أكثر المسلمين من الجهل العظيم بهذا الأصل الأصيل حتى عبدوا مع الله غيره، وصرفوا خالص حقه لسواه، فالله المستعان.
ومن الإيمان بالله سبحانه: الإيمان بأنه خالق العالم ومدبّر شئونهم والمتصرف فيهم بعلمه وقدرته كما يشاء سبحانه وأنه مالك الدنيا والآخرة ورب العالمين جميعاً لا خالق غيره، ولا رب سواه، وأنه أرسل الرسل وأنزل الكتب لإصلاح العباد ودعوتهم إلى ما فيه نجاتهم وصلاحهم في العاجل والآجل، وأنه سبحانه لا شريك له في جميع ذلك، كما قـال تعالى: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ [الزمر:62].
وقال تعالى: إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [الأعراف:54].
ومن الإيمان بالله أيضاً: الإيمان بأسمائه الحسنى وصفاته العليا الواردة في كتابه العزيز، والثابتة عن رسوله الأمين، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، بل يجب أن تُمرَ كما جاءت به بلا كيف مع الإيمان بما دلت عليه من المعاني العظيمة التي هي أوصاف الله عز وجل، يجب وصفه بها على الوجه اللائق به من غير أن يشابه خلقه في شيء من صفاته كما قال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].
وقال عز وجل: فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ [النحل:74]
وهذه هي عقيدة أهل السنة والجماعة من أصحاب رسول الله والتابعين لهم بإحسان، وهي التي نقلها الإمام أبو الحسن الأشعري رحمه الله في كتابه "المقالات عن أصحاب الحديث وأهل السنة" ونقلها غيره من أهل العلم والإيمان.
قال الأوزاعي رحمه الله: سئل الزهري ومكحول عن آيات الصفات فقالا: أمرُّوها كما جاءت.
وقال الوليد بن مسلم رحمه الله: سئل مالك، والأوزاعي، والليث بن سعد وسفيان الثوري رحمهم الله عن الأخبار الواردة في الصفات، فقالوا جميعاً أمرُّوها كما جاءت بلا كيف.
وقال الأوزاعي رحمه الله: كنا والتابعون متوافرون نقول: إن الله سبحانه على عرشه ونؤمن بما ورد في السنة من الصفات.
ولما سئل ربيعة بن أبي عبد الرحمن شيخ مالك رحمة الله عليهما عن الاستواء قال: "الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول، ومن الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ المبين وعلينا التصديق".
ولما سئل الإمام مالك رحمه الله عن ذلك قال: ( الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة ) ثم قال للسائل: ( ما أراك إلا رجل سوء! ) وأمر به فأخرج.
وروي هذا المعنى عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها.
وقال الإمام أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك رحمةُ الله عليه: ( نعرف ربنا سبحانه بأنه فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه ).
وكلام الأئمة في هذا الباب كثيراً جداً لا يمكن نقله في هـذه العجالة، ومن أراد الوقوف على كثير من ذلك فليراجع ما كتبه علماء السنة في هذا الباب مثل كتاب "السنة" لعبد الله ابن الإمام أحمد، وكتاب "التوحيد" للإمام الجليل محمد بن خزيمة، وكتاب "السنة" لأبي القاسم اللالكائي الطبري، وكتاب "السنة" لأبي بكر أبى عاصم، وجواب شيخ الإسلام ابن تيمية لأهل حماة، وهو جواب عظيم كثير الفائدة قد أوضح فيه رحمة الله عقيدة أهل السنة، ونقل فيه الكثير من كلامهم والأدلة الشرعية والعقلية على صحة ما قاله أهل السنة، وبطلان ما قاله خصومهم.
وهكذا رسالته الموسومة بـ: "التدمرية" فقد بسط فيها المقام وبين فيها عقيدة أهل السنة بأدلتها النقلية والعقلية والرد على المخالفين بما يظهر الحق ويدمغ الباطل لكل من نظر في ذلك من أهل العلم بقصد صالح ورغبة في معرفة الحق.
وكل من خالف أهل السنة فيما اعتقدوا في باب الأسماء والصفات فإنه يقع ولا بد في مخالفة الأدلة النقلية والعقلية مع التناقض الواضح في كل ما يثبته وينفيه.
أما أهل السنة والجماعة: فأثبتوا لله سبحانه ما أثبته لنفسه في كتابه الكريم أو أثبته له رسوله محمد في سنته الصحيحة إثباتاً بلا تمثيل ونزَّهوه سبحانه عن مشابهة خلقه تنزيهاً بريئاً من التعطيل، ففازوا بالسلامة من التناقض وعملوا بالأدلة كلها، وهذه سنة الله سبحانه فيمن تمسك بالحق الذي بعث به رسله وبذل وسعه في ذلك وأخلص لله في طلبه أن يوفقه للحق ويظهر حجته كمـا قال تعالى: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ [الأنبياء:18]. وقال تعالى: وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً [الفرقان:33].
وقد ذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره المشهور عند كلامه على قوله عزّ وجلّ: إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [الأعراف:54]، كلاماً حسناً في هذا الباب يحسن نقله هاهنا لعظم فائدته.
قال رحمه الله ما نصه: ( للناس في هذا المقام مقالات كثيرة جداً ليس هذا موضع بسطها وإنما نسلك في هذا المقام مذهب السلف الصالح: مالك والأوزاعي والثوري والليث بن سعد والشافعي وأحمد وإسحاق بن راهوية وغيرهم من أئمة المسلمين قديماً وحديثاً. وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل، والظاهر المتبادر إلى أذهان المشبهين منفي عن الله، فإن الله لا يشبهه شيء من خلقه، وليس كمثله شيء وهو السميع البصير، بل الأمر كما قال الأئمة منهم: نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري قال: من شبه الله بخلقه كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه. فمن أثبت لله تعالى ما وردت به الآيات الصريحة والأخبار الصحيحة على الوجه الذي يليق بجلال الله ونفي عن الله النقائص - فقد سلك سبيل الهدى ).
ثانيًا: الإيمان بالملائكة
يتضمن الإيمان بهم إجمالاً وتفصيلاً فيؤمن المسلم بأن لله ملائكة خلقهم لطاعته ووصفهم بأنهم عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ [الأنبياء:28].
وهم أصناف كثيرة، منهم الموكلون بحمل العرش، ومنهم خزنة الجنة والنار، ومنهم الموكلون بحفظ أعمال العباد.
ونؤمن على سبيل التفصيل بمن سمى الله ورسوله منهم: كجبريل وميكائيل، ومالك خازن النار، وإسرافيل الموكل بالنفخ في الصور، وقد جاء ذكره في أحاديث صحيحة، وقد ثبت في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أن النبي قال: { خُلقت الملائكة من نور، وخُلق الجان من مارج من نار، وخُلق آدم مما وصف لكم } [أخرجه مسلم في صحيحه].
ثالثًا: الإيمان بالكتب
يجب الإيمان إجمالاً بأن الله سبحانه قد أنزل كتباً على أنبيائه ورسله لبيان حقه والدعوة إليه، كما قال تعالى: لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ الآية [الحديد:25].
وقال تعالى: كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ الآية [البقرة:213].
ونؤمن على سبيل التفصيل بما سمى الله منها كالتوراة والإنجيل والزبور والقرآن.
والقرآن الكريم هو أفضلها وخاتمها، وهو المهيمن عليها والمصدق لها وهو الذي يجب على جميع الأمة اتباعه وتحكيمه مع ما صحت به السنة عن رسول الله لأن الله سبحانه بعث رسوله محمد رسولاً إلى جميع الثقلين، وأنزل عليه هذا القرآن ليحكم به بينهم وجعله شفاءً لما في الصدور وتبيانا لكل شيء وهدى ورحمة للمؤمنين كما قال تعالى: وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأنعام:155].
وقال سبحانه: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ [النحل:89].
وقال تعالى: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [الأعراف:158] والآيات في هذا المعنى كثيرة.
رابعًا: الإيمان بالرسل
يجب الإيمان بالرسل إجمالاً وتفصيلاً فنؤمن أن الله سبحانه أَرسل إلى عباده رسلاً منهم مبشرين ومنذرين ودعاة إلى الحق، فمن أجابهم فاز بالسعادة، ومن خالفهم باء بالخيبة والندامة، وخاتمهم وأفضلهم هو نبينا محمــد بن عبد الله ، كما قال الله سبحانه: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ [النحل:36].
وقال تعالى: رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ [النساء:165].
وقال تعالى: مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ [الأحزاب:40].
ومن سمى الله منهم أو ثبت عن رسول الله تسميته آمناً به على سبيل التفصيل والتعيين كنوح وهود وصالح وإبراهيم وغيرهم، عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
خامسًا: الإيمان باليوم الآخر
وأما الإيمان باليوم الآخر فيدخل فيه الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله مما يكون بعد الموت كفتنة القبر وعذابه ونعيمه، وما يكون يوم القيامة من الأهوال والشدائد والصراط والميزان والحساب والجزاء ونشر الصحف بين الناس فآخذ كتابه بيمينه وآخذ كتابه بشماله أو من وراء ظهره، ويدخل في ذلك أيضاً الإيمان بالحوض المورود لنبينا محمد ، والإيمان بالجنة والنار، ورؤية المؤمنين لربهم سبحانه وتكليمه إياهم، وغير ذلك مما جاء في القرآن الكريم والسنة الصحيحة عن رسول الله فيجب الإيمان بذلك كله وتصديقه على الوجه الذي بينه الله ورسوله .
سادسًا: الإيمان بالقدر
وأما الإيمان بالقدر فيتضمن الإيمان بأمور أربعة:
الأمر الأول: أن الله سبحانه قد علم ما كان وما يكون، وعلم أحوال عباده، وعلم أرزاقهم وآجالهم وأعمالهم وغير ذلك من شئونهم، لا يخفى عليه من ذلك شيء سبحانه وتعالى، كما قال سبحانه: إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [الأنفال:75].
وقال عزّ وجلّ: لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً [الطلاق:12].
والأمر الثاني: كتابته سبحانه لكل ما قدره وقضاه كما قال سبحانه: قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ [ق:4]، وقال تعالى: وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ [يس:12].
وقال تعالى: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الحج:70].
الأمر الثالث: الإيمان بمشيئته النافذة، فما شاء الله كان ومالم يشأ لم يكن كما قال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ [الحج:18].
وقال عز وجل: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:82].
وقال عز وجل: وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [التكوير:29].
الأمر الرابع: خلقه سبحانه لجميع الموجودات، لا خالق غيره ولا رب سواه، قال سبحانه: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ [الزمر:62].
وقال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ [فاطر:3].
فالإيمان بالقدر يشمل الإيمان بهذه الأمور الأربعة عند أهل السنة والجماعة خلافاً لمن أنكر بعض ذلك من أهل البدع.
ويدخل في الإيمان بالله اعتقاد أن الإيمان قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية وأنه لا يجوز تكفير أحد من المسلمين بشيء من المعاصي التي دون الشرك والكفر، كالزنا، والسرقة، وأكل الربا، وشرب المسكرات، وعقوق الوالدين، وغير ذلك من الكبائر ما لم يستحل ذلك لقول الله: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ [النساء:48]، وما ثبت في الأحاديث المتواترة عن رسول الله أن الله يُخرج من النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان.
ومن الإيمان بالله الحب في الله والبغض في الله والموالاة في الله والمعاداة في الله، فيحب المؤمن المؤمنين ويواليهم، ويبغض الكفار ويعاديهم.
وعلى رأس المؤمنين من هذه الأمة أصحاب رسول الله .
فأهل السنة والجماعة يحبونهم ويوالونهم ويعتقدون أنهم خير الناس بعد الأنبياء لقول النبي : { خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم } [متفق على صحته].
ويعتقدون أن أفضلهم أبو بكر الصديق ثم عمر الفاروق ثم عثمان ذو النورين ثم على المرتضى رضي الله عنهم أجمعين، وبعدهم بقية العشرة المبشرين بالجنة ثم بقية الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، ويمسكون عما شجر بين الصحابة ويعتقدون أنهم في ذلك مجتهدون، من أصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر، ويحبون أهل بيت رسول الله المؤمنين به ويتولونهم ويتولون أزواج رسول الله أمهات المؤمنين ويترضون عنهم جميعاً.
ويتبرؤون من طريقة الروافض الذين يبغضون أصحاب رسول الله ويسبونهم ويغلون في أهل البيت، ويرفعونهم فوق منزلتهم التي أنزلهم الله عز وجل إياها، كما يتبرؤون من طريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل.
وجميع ما ذكرناه في هذه الكلمة الموجزة في العقيدة الصحيحة التي بعث الله بها رسوله محمداً : { لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله سبحانه }. وهي عقيدة الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة التي قال فيها النبي
وقال، : { افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، فقال الصحابة: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي }، وهي العقيدة التي يجب التمسك بها والاستقامة عليها والحذر مما خالفها.
وأما المنحرفون عن هذه العقيدة والسائرون على ضدها فهم أصناف كثيرة؛ فمنهم عباد الأصنام والأوثان والملائكة والأولياء والجن والأشجار والأحجار وغيرها، فهؤلاء لم يستجيبوا لدعوة الرسل بل خالفوهم وعاندوهم كما فعلت قريش وأصناف العرب مع نبينا محمد، ، وكانوا يسألون معبوداتهم قضاء الحاجات وشفاء المرضى والنصر على الأعداء، ويذبحون لهم وينذرون لهم، فلما أنكر عليهم رسول الله، ، ذلك وأمرهم بإخلاص العبادة لله وحده استغربوا ذلك وأنكروه، وقالوا: أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ [ص:5]، فلم يزل يدعوهم إلى الله وينذرهم من الشرك ويشرح لهم حقيقة ما يدعو إليه حتى هدى الله منهم من هدى ثم دخلوا بعد ذلك في دين الله أفواجاً، فظهر دين الله على سائر الأديان بعد دعوة متواصلة واجتهاد طويل من رسول الله وأصحابه رضي الله عنهم والتابعين لهم بإحسان. ثم تغيرت الأحوال وغلب الجهل على أكثر الخلق حتى عاد الأكثرون إلى دين الجاهلية، بالغلو في الأنبياء والأولياء ودعائهم والاستغاثة بهم وغير ذلك من أنوع الشرك، ولم يعرفوا معنى لا إله إلا الله كما عرف معناها كفار العرب. فالله المستعان.
ولم يزل هذا الشرك يتفشى في الناس إلى عصرنا هذا بسبب غلبة الجهل وبعد العهد بعصر النبوة.
وشبهة هؤلاء المتأخرين شبهة الأولين وهى قولهم: هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ [يونس:18]، مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:30].
وقد أبطل الله هذه الشبهة وبين أن من عبد غيره كائناً من كان فقد أشرك به وكفر، كما قال تعالى: وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ [يونس: 18]، فرد الله عليهم سبحانه بقوله: قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [يونس:18].
فبيّن سبحانه في هذه الآيات أن عبادة غيره من الأنبياء والأولياء أو غيرهم هي الشرك الأكبر وإن سماها فاعلوها بغير ذلك.
وقال تعالى: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3]. فرد الله عليهم سبحانه بقوله: إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ [الزمر:3].
فأبان بذلك سبحانه أن عبادتهم لغيره بالدعاء والخوف والرجاء ونحو ذلك كفرٌ به سبحانه، وأكذبهم في قولهم أن آلهتهم تقربهم إليه زلفى.
ومن العقائد الكفرية المضادة للعقيدة الصحيحة والمخالفة لما جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام:
ما يعتقده الملاحدة في هذا العصر من أتباع ماركس ولينين وغيرهما من دعاة الإلحاد والكفر، سواء سموا ذلك اشتراكية أو شيوعية أو بعثية أو غير ذلك من الأسماء، فإن من أصول هؤلاء الملاحدة أنه لا إله، والحياة مادة، ومن أصولهم إنكار المعاد وإنكار الجنة والنار، والكفر بالأديان كلها. ومن نظر في كتبهم ودرس ما هم عليه علم ذلك يقيناً، ولا ريب أن هذه العقيدة مضادة لجميع الأديان السماوية ومفضية بأهلها إلى أسوأ العواقب في الدنيا والآخرة.
ومن العقائد المضادة للحق ما يعتقده بعض الباطنية وبعض المتصوفة من أن بعض من يسمونهم بالأولياء يشاركون الله في التدبير ويتصرفون في شؤون العالم، ويسمونهم بالأقطاب والأوتاد والأغواث وغير ذلك من الأسماء التي اخترعوها لآلهتهم، وهذا من أقبح الشرك في الربوبية وهو شر من شرك جاهلية العرب، لأن كفار العرب لم يشركوا في الربوبية وإنما أشركوا في العبادة، وكان شركهم في حال الرخاء، أما في حال الشدة فيخلصون لله العبادة كما قال سبحانه: فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ [العنكبوت:65]. أما الربوبية فكانوا معترفين بها لله وحده كما قال سبحانه: وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [الزخرف:87].
وقال تعالى: قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ [يونس:31]. والآيات في هذا المعنى كثيرة.
أما المشركون المتأخرون فزادوا على الأولين من جهتين:
إحداهما: شرك بعضهم في الربوبية.
والثانية: شركهم في الرخاء والشدة كما يعلم ذلك من خالطهم وسبر أحوالهم ورأى ما يفعلون عند قبر الحسين والبدوي وغيرهما في مصر، وعند قبر العيدروس في عدن، والهادي في اليمن، وابن عربي في الشام، والشيخ عبد القادر الجيلاني في العراق، وغيرها من القبور المشهورة التي غلت فيها العامة وصرفوا لها الكثير من حق الله عز وجل، وقل من ينكر عليهم ذلك ويبين لهم حقيقة التوحيد الذي بعث الله به نبيه محمداً ومن قبله من الرسل عليهم الصلاة والسلام، فإنا لله وإنا إليه راجعون!!
ونسأل الله سبحانه أن يردهم إلى رشدهم وأن يكثر بينهم دعاة الهدى وأن يوفق قادة المسلمين وعلماءهم لمحاربة هذا الشرك والقضاء عليه، إنه سميع قريب.
ومن العقائد المضادة للعقيدة الصحيحة في باب الأسماء والصفات عقائد أهل البدع من الجهمية والمعتزلة ومن سلك سبيلهم في نفي صفات الله عز وجل وتعطيله سبحانه من صفات الكمال ووصفه عز وجل بصفة المعدومات والجمادات والمستحيلات، تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً.
ويدخل في ذلك من نفي بعض الصفات وأثبت بعضها كالأشاعرة فإنه يلزمهم فيما أثبتوه من الصفات نظير ما فروا منه في الصفات التي نفوها وتأولوا أدلتها فخالفوا بذلك الأدلة السمعية والعقلية، وتناقضوا في ذلك تناقضاً بيناً.
أما أهل السنة والجماعة فقد أثبتوا لله سبحانه ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله محمد من الأسماء والصفات على وجه الكمال، ونزهوه عن مشابهة خلقه تنزيهاً بريئاً من شائبة التعطيل، فعملوا بالأدلة كلها ولم يحرفوا ولم يعطلوا، وسلموا من التناقض الذي وقع فيه غيرهم - كما سبق بيان ذلك وهذا هو سبيل النجاة والسعادة في الدنيا والآخرة، وهو الصراط المستقيم الذي سلكه سلف هذه الأمة وأئمتها، ولن يصلح آخرهم إلا ما صلح به أولهم وهو اتباع الكتاب والسنة، وترك ما خالفهما.










رد مع اقتباس
قديم 2011-03-13, 13:21   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
HABOBA-
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية HABOBA-
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي الواجبات المتحتمات المعرفة على كل مسلم ومسلمة

وهي: معرفة العبد ربه ودينه ونبيه محمداً :
فإن قيل لك: من ربك؟ فقل: ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمته، وهو معبودي، ليس لي معبود سواه.
وإذا قيل لك: ما دينك؟ فقل: ديني الإسلام، وهو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد وبالطاعة والبراء من الشرك وأهله.
وإذا قيل لك: من نبيك؟ فقل: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، وهاشم من قريش، وقريش من العرب، والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم.
أصل الدين وقاعدته أمران:
الأول: الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له، والتحريض على ذلك، والموالاة فيه، وتكفير من تركه.
الثاني: الإنذار عن الشرك في عبادة الله، والتغليظ في ذلك، والمعاداة فيه، وتكفير من فعله.
شروط لا إله إلا الله:
الأول: العلم بمعناها نفياً وإثباتاً.
الثاني: اليقين، وهو: كمال العلم بها، المنافي للشك والريب.
الثالث: الإخلاص المنافي للكذب.
الرابع: الصدق المنافي للكذب.
الخامس: المحبة لهذه الكلمة، ولما دلت عليه، والسرور بذلك.
السادس: الانقياد لحقوقها، وهي: الأعمال الواجبة، إخلاصاً لله، وطلباً لمرضاته.
السابع: القبول المنافي للرد.
أدلة هذه الشروط من كتاب الله تعالى ومن سنة رسول الله :
دليل العلم:
قوله تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [محمد:19]. وقوله: إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ بقلوبهم مانطقوا به بألسنتهم. [الزخرف:86]. أي بـ " لا إله إلا الله "
ومن السنة: الحديث الثابت في الصحيح عن عثمان قال: { قال رسول الله : من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة }.
ودليل اليقين:
قوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [الحجرات:15]. فاشترط في صدق إيمانهم بالله ورسوله كونهم لم يرتابوا -أي لم يشكوا - فأما المرتاب فهو من المنافقين.
ومن السنة: الحديث الثابت في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: { قال رسول الله : أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة }. وفي رواية: { لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيحجب عن الجنة }. وعن أبي هريرة أيضاً من حديث طويل: { من لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها من قلبه فبشره بالجنة }.
ودليل الإخلاص:
قوله تعالى: أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ [الزمر:3]. وقوله سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء [البينة:5].
ومن السنة: الحديث الثابت في الصحيح عن أبي هريرة عن النبي : { أسعد الناس بشفاعتي من قال لاإله إلا الله خالصاً من قلبه (أو من نفسه) } وفي الصحيح عن عتبان بن مالك عن النبي : { إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله عز وجل }. وللنسائي في "اليوم والليلة" من حديث رجلين من الصحابة عن النبي : { من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، مخلصاً بها من قلبه، يصدق بها لسانه إلا فتق الله السماء فتقاً، حتى ينظر إلى قائلها من أهل الأرض، وحق لعبد نظر إليه الله أن يعطيه سؤله }.
ودليل الصدق:
قوله تعالى: الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ [العنكبوت:1-3]. وقوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [البقرة:8-10].
ومن السنة: ما ثبت في الصحيحين عن معاذ بن جبل عن النبي : { ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، صادقاً من قلبه، إلا حرمه الله على النار }.
ودليل المحبة:
قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ [البقرة:165]. وقوله: [المائدة:54].
ومن السنة: ما ثبت في الصحيح عن أنس رضي الله عنه، قال: { قال رسول الله : ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره ان يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار }.
ودليل الانقياد:
ما دل عليه قوله تعالى: وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ [النساء:125]. وقوله: وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى [لقمان:22]. أي بـ " لا إله إلا الله "، وقوله تعالى: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً [النساء:65]. [الزمر:54]. وقوله:
ومن السنة: قوله : { لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به } وهذا هو تمام الانقياد وغايته.

قوله تعالى: وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ (23) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ (24) فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ [الزخرف:23-25]. وقوله تعالى: إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ [الصاقات:36،35].
ومن السنة: ما ثبت في الصحيح عن ابي موسى عن النبي : { مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً، فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله به الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، واصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك الماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلّم، ومثل من لم يرفع بذلك راساً ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به }.
نواقض الإسلام:
اعلم أن نواقض الإسلام عشرة:
الأول: الشرك في عبادة الله تعالى، قال الله تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ [النساء:48]. وقال: إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [المائدة:72]. ومنه الذبح لغير الله، كمن يذبح للجن أو للقبر.
الثاني: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسالهم الشفاعة ويتوكل عليهم، كفر إجماعاً.
الثالث: من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم.
الرابع: من اعتقد أن غير هدي النبي أكمل من هديه، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه - كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكمه - فهو كافر.
الخامس: من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول ولو عمل به، كفر.
السادس: من استهزأ بشيء من دين الرسول أو ثوابه أو عقابه، والدليل قوله تعالى: وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة:66،65].
السابع: السحر، ومنه الصرف والعطف، فمن فعله او رضي به كفر، والدليل قوله تعلى: وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ [البقرة:102].
الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة:51].
التاسع: من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد ، كما وسع الخضرالخروج عن شريعة موسى عليه السلام، فهو كافر.
العاشر: الإعراض عن دين الله تعالى، لا يتعلمه ولا يعمل به، والدليل قوله تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ [السجدة:22].
ولا فرق في جميع هذه بين الهازل والجاد والخائف إلا المكره، وكلها من أعظم ما يكون خطراً وأكثر ما يكون وقوعاً، فينبغي للمسلم أن يحذرها ويخاف منها على نفسه، نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه.
التوحيد ثلاثة أنواع:
الأول: توحيد الربوبية:
وهو الذي اقر به الكفار على زمن رسول الله ، وقاتلهم رسول الله ، ولم يدخلهم في الإسلام، واستحل دماءهم وأموالهم، وهو توحيد الله بفعله تعالى، والدليل قوله تعالى: قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ [يونس:31]. والآيات على هذا كثيرة جداً.
الثاني: توحيد الألوهية:
وهو الذي وقع فيه النزاع من قديم الدهر وحديثه، وهو توحيد الله بأفعال العباد، كالدعاء والنذر والنحر والرجاء والخوف والتوكل والرغبة والرهبة والإنابة، وكل نوع من هذه الأنواع عليه دليل من القرآن.
الثالث: توحيد الذات والأسماء والصفات:
قال الله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [الأعراف:180]. وقوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]. [الصمد:1-4]. وقوله تعالى:
ضد التوحيد الشرك:
وهو ثلاثة انواع: شرك اكبر، وشرك اصغر، وشرك خفي.
النوع الأول من انواع الشرك:
الشرك الأكبر، لا يغفره الله ولا يقبل معه عملاً صالحاً، قال الله عز وجل: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً [النساء:116]. وقال سبحانه: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [المائدة:72]. وقال تعالى: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الزمر:65]. وقال سبحانه: وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [الأنعام:88]. [الفرقان:23]. وقال سبحانه:
والشرك الأكبر أربعة أنواع:
الأول: شرك الدعوة: والدليل قوله تعالى: فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ [العنكبوت:65].
الثاني: شرك النية والإرادة والقصد: والدليل قوله تعالى: مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ (15) أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [هود:16،15].
الثالث: شرك الطاعة: والدليل قوله تعالى: اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [التوبة:31]. وتفسيرها الذي لا إشكال فيه:طاعة العلماء والعباد في المعصية، لا دعاؤهم إياهم، كما فسرها النبي لعدي بن حاتم لما سأله، فقال: ( لسنا نعبدهم !) فذكر له أن عبادتهم طاعتهم في المعصية.
الرابع: شرك المحبة: والدليل قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ [البقرة:165].
النوع الثاني من أنواع الشرك:
شرك أصغر: وهو الرياء، والدليل قوله تعالى: فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ [الكهف:110].
النوع الثالث من أنواع الشرك:
شرك خفي: والدليل قوله : { الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النملة السوداء على صفاة سوداء في ظلمة الليل }، وكفارته قوله : { اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئاً وأنا أعلم، وأستغفرك من الذنب الذي لا أعلم }.
الكفر كفران:
النوع الأول: كفر يخرج من الملة:
وهو خمسة أنواع:
-النوع الاول: كفر التكذيب: والدليل قوله تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ [العنكبوت:68].
-النوع الثاني: كفر الإباء والاستكبار مع التصديق: والدليل قوله تعالى: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ [البقرة:34].
-النوع الثالث: كفر الشك: وهو كفر الظن، والدليل قوله تعالى: وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً (35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنقَلَباً (36) قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً (37) لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً [الكهف:35-38].
-النوع الرابع: كفر الإعراض: والدليل قوله تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنذِرُوا مُعْرِضُونَ [الأحقاف:3].
-النوع الخامس: كفر النفاق: والذليل قوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ [المنافقون:3].
النوع الثاني من نوعي الكفر: وهو كفر اصغر لا يخرج من الملة، وهو كفر النعمة:
والدليل قوله تعالى: وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ [النحل:112].
أنواع النفاق:
النفاق نوعان: اعتقادي وعملي:
النفاق الاعتقادي:
ستة انواع، صاحبها من أهل الدرك الأسفل من النار:
الأول: تكذيب الرسول .
الثاني: تكذيب بعض ما جاء به الرسول .
الثالث: بغض الرسول .
الرابع: بغض بعض ما جاء به الرسول .
الخامس: المسرة بأنخفاض دين الرسول .
السادس: الكراهية بانتصار دين الرسول .
النفاق العملي:
خمسة أنواع: والدليل قوله : { آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان }. وفي رواية: { إذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر }.
معنى الطاغوت ورؤوس أنواعه:
اعلم رحمك الله تعالى أنّ أول ما فرض الله على ابن آدم الكفر بالطاغوت والإيمان بالله، والدليل قوله تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ [النحل:36].
فأمّا صفة الكفر بالطاغوت أن تعتقد بطلان عبادة غير الله وتتركها وتبغضها وتكفِّر أهلها وتعاديهم.
وأمّا معنى الإيمان بالله أن تعتقد أنّ الله هو الإله المعبود وحده دون سواه. وتخلص جميع أنواع العبادة كلها لله. وتنفيها عن كل معبود سواه،وتحب أهل الإخلاص وتواليهم. وتبغض أهل الشرك وتعاديهم. وهذه ملّة إبراهيم التي سفه نفسه مَن رغب عنها. وهذه هي الأسوة التي أخبر الله بها في قوله تعالى: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ [الممتحنة:4].
والطاغوت عام في كل ما عُبد من دون الله ورضي بالعبادة من معبود أو متبوع أو مطاع في غير طاعة الله ورسوله فهو طاغوت.
والطواغيت كثيرة ورؤوسهم خمسة:
الأول: الشيطان الداعي إلى عبادة غير الله، والدليل قوله تعالى: أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ [يس:60].
الثاني: الحاكم الجائر المغير لأحكام الله، والدليل قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً [النساء:60].
الثالث: الذي يحكم بغير ما أنزل الله، والدليل قوله تعالى: وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44].
الرابع: الذي يدّعي علم الغيب من دون الله، والدليل قوله تعالى: عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً [الجن:27،26]، وقوله تعالى: وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ [الأنعام:59].
الخامس: الذي يعبد من دون الله وهو راض بالعبادة، والدليل قوله تعالى: وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ [الأنبياء:29].
واعلم أن الإنسان ما يصير مؤمنا بالله إلا بالكفر بالطاغوت، والدليل قوله تعالى: فَمَن يَكْفُرْ بالطَّاغُوت وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انَفِصَام لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:256]، الرشد: دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والغي: دين أبي جهل، والعروة الوثقى: شهادة أن لا إله إلا الله، وهي متضمنة للنفي والإثبات، تنفي جميع أنواع العبادة عن غير الله، وتثبت جميع أنواع العبادة كلها لله وحده لا شريك له.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.










رد مع اقتباس
قديم 2011-03-13, 13:22   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
HABOBA-
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية HABOBA-
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي القواعد الأربعة

اعلم أرشدك الله لطاعته: أن الحنيفية ملة إبراهيم أن تعبد الله وحده مخلصاً له الدين، كما قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]، فإذا عرفت أن الله خلقك لعبادته فاعلم أن العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد، كما أن الصلاة لا تسمى صلاة إلا مع الطهارة، فإذا دخل الشرك في العبادة فسدت، كالحدث إذا دخل في الطهارة، فإذا عرفت أن الشرك اذا خالط العبادة أفسدها وأحبط العمل وصار صاحبه من الخالدين في النار، عرفت أن أهم ما عليك: معرفة ذلك، لعل الله أن يخلصك من هذه الشبكة وهي الشرك بالله الذي قال الله تعالى فيه: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ [النساء:48]، وذلك بمعرفة أربعة قواعد ذكرها الله تعالى في كتابه:
القاعدة الأولى
أن تعلم أن الكافرين الذين قاتلهم رسول الله ، مقرون بأن الله تعالى هو الخالق الرازق المدبر، وأن ذلك لم يدخلهم في الإسلام، والدليل قوله تعالى: قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ [يونس:31].
القاعدة الثانية
أنهم يقولون: ما دعوناهم وتوجهنا إليهم إلا لطلب القربى والشفاعة. فدليل القربة قوله تعالى: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ [الزمر:3]. ودليل الشفاعة، قوله تعالى: وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ [يونس:18].
والشفاعة شفاعتان: شفاعة منفية، وشفاعة مثبتة:
فالشفاعة المنفية: ما كانت تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، والدليل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ [البقرة:254].
والشفاعة المثبتة: هي التي تطلب من الله، والشافع مكرم بالشفاعة، والمشفوع له من رضي الله قوله وعمله - بعد الإذن - كما قال تعالى: مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ [البقرة:255].
القاعدة الثالثة
أن النبي ظهر في اناس متفرقين في عباداتهم، منهم من يعبد الملائكة، ومنم من يعبد الأنبياء والصالحين، ومنهم من يعبد الاشجار والأحجار، ومنهم من يعبد الشمس والقمر، وقاتلهم رسول الله ، ولم يفرق بينهم، والدليل قوله تعالى: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [فصلت:37]. ودليل الملائكة: قوله تعالى: وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً [آل عمران:80]. ودليل الأنبياء: قوله تعالى: وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ [المائدة:116]. ودليل الصالحين: قوله تعالى: أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى [النجم:20،19]، وحديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه، قال: { خرجنا مع النبي إلى حنين - ونحن حدثاء عهد بكفر - وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها ذات انواط، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله، أجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات انواط } [الأنفال:39]. ودليل الشمس والقمر: قوله تعالى: [الإسراء:57]. ودليل الاشجار والأحجار: قوله تعالى: الحديث.
القاعدة الرابعة
أن مشركي زماننا أغلظ شركاً من الأولين، لأن الأولين يشركون في الرخاء، ويخلصون في الشدة، ومشركي زماننا شركهم دائماً في الرخاء والشدة، والدليل: قوله تعالى: فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ [العنكبوت:65].
تمت وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.










رد مع اقتباس
قديم 2011-03-13, 13:24   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
HABOBA-
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية HABOBA-
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي أخطاء في العقيدة

من عبد العزيز بن عبدالله بن باز إلى من يراه من المسلمين وفقهم الله لما فيه رضاه وزادهم من العلم والإيمان آمين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بلغني أن كثيرا من الناس يقع في أخطاء كثيرة في العقيدة، وأشياء يظنونها سنة وهي بدعة، ومن ذلك إنكار علو الله واستوائه على عرشه. ومعلوم أن الله سبحانه بين لك في كتابه الكريم حيث قال سبحانه وتعالى: إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [الأعراف:54] الآية، ذكر ذلك في سبع آيات من كتابه العظيم منها هذه الآية، ولما سئل مالك رحمه الله عن ذلك قال: ( الاستواء معلوم والكيف مجهول، والإيمان به واجب )، وهكذا قال غيره من أئمة السلف.
ومعنى الاستواء معلوم، يعني: من جهة اللغة العربية: وهو العلو والارتفاع، وقال سبحانه: فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ [غافر:12]، وقال سبحانه: وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ [فاطر:10]، في آيات كثيرة كلها تدل على: علوه وفوقيته، وأنه سبحانه فوق العرش فوق جميع الخلق، وهذا قول أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي وغيرهم. [البقرة:255]، وقال عز وجل:
فالواجب اعتقاد ذلك، والتواصي به، وتحذير الناس من خلافه.
ومن ذلك اتخاذ المساجد على القبور والصلاة عندها وجعل القباب عليها، وهذا كله من وسائل الشرك، وقد لعن النبي اليهود والنصارى على ذلك، وحذر منه فقال: { لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد } [متفق على صحته]، وقال : { ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك }{ نهى رسول الله أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه }. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. [أخرّجه مسلم في صحيحه من حديث جندب]، وخرج مسلم في صحيحه أيضا عن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما قال:
فالواجب على المسلمين الحذر من ذلك، والتواصي بتركه، لتحذير النبي من ذلك، لأن ذلك من وسائل الشرك بأصحاب القبور ودعائهم والاستغاثة بهم وطلبهم النصر.. إلى غير ذلك من أنواع الشرك.
ومعلوم أن الشرك هو من أعظم الذنوب وأكبرها وأخطرها، فالواجب: الحذر منه، ومن وسائله وذرائعه، وقد حذر الله عباده من ذلك في آيات كثيرات: منها قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ [النساء:48]، ومنها قوله سبحانه: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الزمر:65]، ومنها قوله عز وجل: وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [الأنعام:88]، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
ومن أنواع الشرك الأكبر دعاء الأموات والغائبين والجن والأصنام والأشجار والنجوم، والاستغاثة بهم، وسؤالهم شفاء المرضى والنصر على الأعداء. وهذا هو دين المشركين الأولين من كفار قريش وغيرهم، كما قال سبحانه وتعالى عنهم: وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ [يونس:18] الآية، وقال سبحانه: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ، أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ [الزمر:3-2]، والآيات في هذا المعنى كثيرة وهي تدل على أن المشركين الأولين يعلمون أن الله هو الخالق الرازق النافع الضار، وإنما عبدوا آلهتهم، ليشفعوا لهم عند الله، ويقربوهم لديه زلفى، فكفرهم سبحانه بذلك، وحكم بكفرهم وشركهم، وأمر نبيه بقتالهم حتى تكون العبادة لله وحده، كما قال سبحانه: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ [الأنفال:39] الآية.
وقد كتب العلماء في ذلك كتبا كثيرة، وأوضحوا فيها حقيقة الإسلام الذي بعث الله به رسله وأنزل به كتبه، وبينوا فيها دين الجاهلية وعقائدهم وأعمالهم المخالفة لشرع الله، كعبد الله بن الإمام أحمد، والإمام الكبير: محمد بن خزيمة في (كتاب التوحيد) ومحمد بن وضاح، وغيرهم من الأئمة. ومن أحسن ما كتب في ذلك ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتبه الكثيرة، ومن أخصرها كتابه (القاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة) ومن ذلك ما كتبه الشيخ: عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله في كتابه (فتح المجيد شرح التوحيد).
ومن الأعمال المنكرة الشركية: الحلف بغير الله، كالحلف بالنبي ، أو بغيره من الناس، والحلف بالأمانة، وكل ذلك من المنكرات ومن المحرمات الشركية، لقول النبي : { من حلف بشيء دون الله فقد أشرك } [خرّجه الإمام أحمد رحمه الله عن عمر بن الخطاب بإسناد صحيح]، وأخرج أبو داود والترمذي بإسناد صحيح عن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله أنه قال: { من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك }، وثبت عنه أنه قال: { من حلف بالأمانة فليس منا }، والأحاديث في ذلك كثيرة.
والحلف بغير الله من الشرك الأصغر عند أهل العلم، فالواجب: الحذر منه، وهو وسيلة إلى الشرك الأكبر، وهكذا قول: ما شاء الله وشاء فلان، ولولا الله وفلان، وهذا من الله ومن فلان، والواجب أن يقال: ما شاء الله، ثم شاء فلان، أو لولا الله ثم فلان، أو هذا من الله، ثم من فلان ؛ لما ثبت عنه أنه قال: { لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله، ثم شاء فلان }.
ومن المحرمات الشركية التي قد وقع فيها كثير من الناس: تعليق التمائم والحروز من العظام أو الودع أو غير ذلك، وتسمى: التمائم، وقد قال : { من تعلق تميمة فلا أتم الله له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له، ومن تعلق تميمة فقد أشرك }، وقال : { إن الرقى والتمائم والتولة شرك }، وهذه الأحاديث تعم الحروز والتمائم من القران وغيره ؛ لأن الرسول لم يستثن شيئاً، ولأن تعليق التمائم من القران وسيلة إلى تعليق غيرها، فوجب منع الجميع سدا لذرائع الشرك، وتحقيقاً للتوحيد، وعملاً بعموم الأحاديث، إلا الرقى فإن الرسول استثنى منها ما ليس فيه شرك، فقال : { لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا }، وقد رقى بعض أصحابه، فالرقى لا بأس بها، فهي من الأسباب الشرعية إذا كانت من القران الكريم، أو مما صحت به السنة، أو من الكلمات الواضحة التي ليس بها شرك ولا لفظ منكر.
ومن المنكرات المبتدعة: الاحتفال بالموالد سواء كان ذلك بمولد النبي أو غيره ؛ لأن الرسول لم يفعله، ولا خلفاؤه الراشدين، ولا بقية الصحابة رضي الله عنهم، ولا أتباعهم بإحسان في القرون الثلاثة المفضلة، وإنما حدث في القرن الرابع وما بعده ؛ بسبب الفاطميين وغيرهم من الشيعة، ثم فعله بعض أهل السنة ؛ جهلا بالأحكام الشرعية، وتقليدا لمن فعله من أهل البدع، فالواجب الحذر من ذلك لكونه من البدع المنكرة الداخلة في قوله : { إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة }، وقوله : { من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد }: { من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد } [خرّجه مسلم في صحيحه]، وقوله في خطبه: { أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة } [خرّجه مسلم في صحيحه]، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما. والأحاديث في هذا الباب كثيرة. [متفق على صحته من حديث عائشة رضي الله عنها]، وقوله
ولأن الاحتفال بالمولد من وسائل الغلو والشرك، فالواجب الحذر منها، والتحذير منها، والتواصي بالاستقامة على السنة وترك من خالفها.
والله المسؤول أن يوفقنا وإياكم وسائر المسلمين لما فيه رضاه وأن يمنحنا جميعا الفقه في دينه والثبات عليه، وأن يعيذنا وجميع المسلمين من مضلات الفتن ونزغات الشيطان، إنه ولي ذلك والقادر عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الله, العقدية, تعلم, رحمك

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 20:27

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc