جامعة الجزائر 03
كلية علوم الإعلام و الاتصال
قسم الاتصال
محاضرات في مقياس اقتصاديات وسائل الإعلام
السنة الثانية (ل.م.د)
السنة الجامعية:2015-2016
الأستاذة : الدكتورة بوزيفي وهيبة
المحاضرة الرابعة : اقتصاديات الإعلام المرئي و المسموع
خطة الدرس:
1- الصناعة التلفزيونية و الإذاعية
2- الخصائص الاقتصادية للإعلام المرئي و المسموع و أسواقه
3- مراحل الإنتاج الصناعي في المؤسسة التلفزيونية و الإذاعية
4- تكاليف الانتاج ( تكاليف دراسة السوق، البرمجة ، شراء البرامج ، تكاليف البث...)
5- مصادر تمويل المؤسسات التلفزيونية و الاذاعية ( الاشهار و دوره في تمويل التلفزيون و الإذاعة )
1- الصناعة التلفزيونية و الإذاعية :
لقد أصبح كل من التلفزيون و الإذاعة صناعة عندما سمح التطور التكنولوجي بإيجاد وسيلة ( أداة ) لقياس المكالمات و المشاهدة الشخصية و وضع أثمان لها بناء عليها و تحميل التكلفة للمستعمل ( المشاهد أو المستمع) ، و عليه لم يكن بالإمكان تحولهما إلى صناعة إلا عندما ظهرت جهة لها مصلحة في بث الرسالة ( النظام السياسي أو المعلن ) . علما أن صناعة وسائل الإعلام المرئية المسموعة هي امتدادا لنظرية الصناعات الثقافية .
و يبلغ رأسمال صناعة الإذاعة و التلفزيون بأكثر من 50 مليار دولار تحقق عائدا ماديا يفوق 15 مليار دولار ، و تمثل هذه الصناعة قطاعا حيويا ، حيث توجد في الولايات المتحدة 1000 محطة تلفزيونية و 9000 محطة إذاعية ، يبلغ عدد جمهورها ( المستهلكين) مئات الملايين من الأشخاص.
أما في العالم العربي فتشير الإحصاءات الصادرة عن اتحاد إذاعات الدول العربية لعام 2011 عن وجود 1069 قناة تلفزيونية منها 109 قناة عمومية و 960 قناة خاصة ، بينما لم يكن عددها سنة 2010 سوى 733 قناة و قد و صل هذا العدد عند إعداد التقرير السنوي للاتحاد لعامي 2012-2013 إلى 1320 قناة ، و في عام 2009 كان يبلغ عدد القنوات العربية بين العامة و الخاصة 696 قناة .
يجدر بالذكر أن هناك جملة من العوامل أدت إلى ضعف صناعة الإعلام المرئي المسموع في بعض الدول و خاصة العالم الثالث بما فيها الدول العربية نذكر منها مايلي :
1- تزايد نشاط قنوات التلفزيون الأجنبية في الفضاء الإعلامي الوطني .
2- هروب المشاهدين إلى القنوات الأجنبية ( تشير الاحصائيات أن 35 % من المشاهدين يواظبون على مشاهدة القنوات الوطنية ) أي السوق الأولية سوق المشاهدين.
3- زيادة حصة المعلنين الأجانب أو حصة الإعلانات للشركات الأجنبية و فروعها السوق الثانوية ( سوق المعلنين) .
4- زيادة الاعتماد على البرامج الأجنبية و ارتفاع نسبتها في الشبكة البرامجية الخاصة بالقنوات الوطنية ( سوق البرامج).
5- ارتفاع حصة أجهزة استقبال القنوات الأجنبية المستوردة ( سوق الأجهزة).
6- هجرة الصحفيين و الخبرات الوطنية ( سوق العمل ).
و قد ترتب عن هذه الاختلالات في أسواق التلفزيون المختلفة ضعف الأسواق الوطنية في ظل توسع الأسواق الدولية بمفعول عوامل خارجية ذات تأثير أكبر على نشاط وسائل الاعلام المرئية و المسموعة من تأثير العوامل الداخلية المرتبطة بالأسواق الوطنية ، سواء تعلق الأمر بالسوق الأولية ( سوق المشاهدين ) أو بالسوق الثانوية ( سوق المعلنين ) أو بسوق البرامج أو بسوق الأجهزة أو بسوق الكفاءات – كما أشرنا سابقا – و بالتالي انهيار مصداقية التلفزيون الوطني و انكماش دوره إلى نوع من القناة المحلية ذات التأثير المحدود و زيادة برامج الألعاب و التسلية و الترفيه لجلب المزيد من المشاهدين.
على صعيد آخر سمح التطور الكبير في تقنية البث من النمط الهرتزي إلى السلكي و عبر الأقمار الصناعية بإحداث تطور عظيم على مستوى النظام الاقتصادي للتلفزيون ، و يمكن ابراز مظاهر هذا التطور فيما يلي :
• تطور العلاقة بين المشاهد من جهة و القناة أو المحطة من جهة أخرى ، فأصبحت علاقة مباشرة دون تدخل الاشهار ، أي سمح هذا التطور للقنوات التلفزيونية بامتلاك سوق نهائية مستقلة عن سوق الاشهار.
• تكاثر العرض : الانتقال من وضع كان فيه عدد المحطات قليلا و البرامج محدودة إلى وضع يتميز بوفرة القنوات العامة و المتخصصة .
• تطبيق التقنيات التسويقية في مجال التلفزيون بظهور قنوات متخصصة تلبي حاجات المشاهدين مباشرة حسب تطلعاتهم و ميولهم ، و هذا ما سمح في الحقيقة للمحطات و القنوات التلفزيونية بانتهاج سياسات تسويقية ملائمة تقوم على تكييف عرض برامجها ، مع حاجات المشاهدين للحفاظ عليهم في ظل المنافسة الشرسة التي فتحها تطور التكنولوجيا و انفتاح السوق الدولية.
• ظهور تشكيلة من القنوات العمومية التي يدفع فيها المشاهد الإتاوة عن امتلاك الجهاز ( لا المشاهدة) و القنوات التجارية المحضة التي يعلن فيها المعلن ثمن المشاهدة للمعلنين الدين يريدون أن يوصل إليهم رسالته الاشهارية أو يشترك فيها المشاهد ثمن البث أو الاشتراك أي الدفع المسبق لثمن البرامج ، سواء كان ذلك عبر القنوات الخطية أو بفضل تقنية التشفير ( cryptage ).
• تعدد أشكال الدفع ، حيث انتقل التلفزيون عبر ثلاث حالات : نظام الاحتكار العمومي مع تمويل عمومي صرف ، نظام مختلط مع تمويل قائم على الاتاوة و الاشهار ، و نظام الدفع المباشر عن طريق الاشتراك أو الدفع عند المشاهدة (Pay –per view ) ، و هو ما يعتبر تأثيرا مباشرا للتكنولوجيا على النظام الاقتصادي ، و هكذا وجد المشاهد نفسه أمام حرية اختيار طرق الدفع و اختيار أنواع البرامج و القنوات.
2- الخصائص الاقتصادية للإعلام المرئي و المسموع :
يتميز الإعلام المرئي و السمعي عن الإعلام المكتوب في العديد من الخصائص نوجزها فيمايلي :
- المنتوج الصحفي المرئي و السمعي هو تدفق مستمر ، في حين أن المنتوج الصحفي المكتوب هو محتوى إعلامي و حامل ورقي .
- إن منتوج الصحافة المكتوبة هو منتوج ملموس يباع للقارئ ، بينما فإن منتوج المحطات الإذاعية و التلفزيونية غير ملموس يتم سماعه أو مشاهدته .
- المنتجات المرئية المسموعة كالبرامج مثلا هي ليست مجرد منتجات غير مادية ، و لكنها منتجات عمومية أيضا بمعى قابلة للاستهلاك من طرف عدد غير محدود من المستعملين ، شرط أن يكون هؤلاء في مجال استقبال التلفزيون و يتمتعون بتجهيزات الاستقبال الخاصة .
- النشاط الأساسي للمؤسسة الصحفية هو النشر ، أما النشاط الأساسي للمحطة التلفزيونية و الإذاعية فهو البرمجة .
- تتميز الإذاعة و التلفزيون بأنهما وسيلتان إعلاميتان توفر تجهيزات استقبال المتلقي لكي يتمكن من متابعة البرامج على خلاف الصحافة المكتوبة التي تتطلب توفر مستوى تعليمي لدى القارئ.
- أما من حيث الجمهور فيتم تكييف توجه الصحيفة مع الخصائص الثقافية و الاجتماعية و الفكرية للقراء ، و يتم تكييف شبكات برامج المحطات و القنوات مع جدول أعمال المشاهد من خلال الشبكة البرامجية ( التلفزيون العام ( الجامع ) : الأسرة النموذجية ، و التلفزيون المتخصص : جهور متخصص ).
- ان توزيع الصحافة المكتوبة يكون لمناطق محددة ، بينما بث برامج المحطات الإذاعية و التلفزيونية يكون بواسطة الموجات الهيرتزية ، و الأقمار الصناعية و الأسلاك ، حيث اختيار الإرسال ( أو البث ) يتم حسب المساحة الجغرافية التي نريد تغطيتها و حسب الساعة التي نريد أن تمس فيها الحصص للجمهور.
- في الصحافة المكتوبة يقتني المواطن مباشرة الجريدة ، بينما في المحطات الإذاعية و التلفزيونية على المشاهد أو المستمع أن يدفع مقابل استقباله لهذه البرامج .
- إن الإذاعة و التلفزيون هما " خدمات ايصال – الراديو – تؤدي حصص موجهة إلى أن يستقبلها الجمهور مباشرة " ، فنجد نفس شروط الاستقبال و الاستعمال لنفس الركيزة ( support) أي الموجات الهيرتزية .
أما على مستوى الصناعة ككل فإن يمكن تحديد الفرق بين صناعة الصحافة و الصناعة التلفزيونية و الإذاعية فيمايلي :
• تتضمن صناعة الصحافة عدة صناعات فرعية و المتمثلة في الطباعة و التوزيع ، أما صناعة الإذاعة و التلفزيون فتتضمن صناعات الإنتاج و البث و الاتصالات.
• الفرق كذلك بين الصناعتين يكمن كذلك في المنتوج الذي يتم بيعه للجمهور ، حيث أن الصحيفة تبيع منتوجا قابلا للنقل و الحيازة و الاستعمال ، أما المحطة التجارية الهرتزية فتنتج (المشاهدة ) أي الجمهور و تبيعه للمعلن ، أما قنوات الخدمة العمومية فتقدم لجمهورها خدمة عمومية تمولها الميزانية العامة ، في حين القنوات المشفرة خدمة يتم دفع ثمنها مسبقا عن طريق الاشتراك.
• و بالنسبة للجمهور فهو زبون بالنسبة للمحطة التجارية ( يدفع تكاليف المشاهدة الزبون الذي يشتري السلع المعلن عنها في المحطة ) ، و هو مستفيد من خدمة عمومية في القناة العمومية ( يمولها دافع الضريبة ) ، و هو مستعمل خدمة ( مثل مستعمل الهاتف و غيره ) في القنوات المدفوعة ( المشفرة ) .
• و فيما يتعلق بسلسلة الأنشطة الوظيفية فنجدها متشابهة مع تلك الموجودة في الصناعة الصحفية و المتمثلة في : الوكالة – منتجو البرامج – البرمجة-البث – المشاهدة –الاشهار-سبر الآراء ،و في الصحافة يوجد ذات الأنشطة الوظيفية و هي : الوكالة – النشر-التوزيع-الاستهلاك-الاشهار-سبر الآراء.
• في الصناعة الصحفية تكلفة التحرير منخفضة و لكن تكاليف الطباعة و التوزيع مرتفعة ، أما في الصناعة التلفزيونية و الإذاعية فإن تكاليف انتاج البرامج الوطنية ( الداخلية ) و شراء البرامج المستوردة ( الخارجية ) باهضة و ذلك من أجل تغطية التدفق ، لكن تكاليف البث ضعيفة نسبيا .
• نفقات المحطات الإذاعية و التلفزيونية لا تتغير بزيادة أو نقصان عدد المشاهدين و هذا عكس الصحافة المكتوبة ، و منه زيادة حجم المشاهدة لا يؤثر على نفقات البرامج التلفزيونية و الاذاعية و لكنها تؤثر على الاشهار ، في حين زيادة سحب جريدة ما يؤثر على نفقات الطباعة و يؤثر على الاشهار كذلك .
• ان نفقات المحطات الإذاعية و التلفزيونية و المتمثلة في نفقات الانتاج و البث هي نفقات غير متغيرة مثلها مثل الصحافة المكتوبة.
• صناعة الراديو و التلفزيون أكثر تعقيدا من صناعة الصحافة ، فهي وثيقة الارتباط بسوق انتاج الحصص من جهة و بسوق الاستهلاك المرتبط بقطاع انتاج الأجهزة من جهة أخرى.
• فهي هيكلة مزدوجة تنتج تجهيزات الارسال ، الحصص و التي تصنع أجهزة ( و هي مواد استهلاكية نصف دائمة غير نهائية ) و بالتالي فالخدمة المؤدىة لا تعتبر كاملة إلا عندما تتوفر البرامج و الأجهزة معا.
• الهيكل الصناعي للراديو و التلفزيون هو قريب من المواد الاستهلاكية النصف دائمة ( semi durable ) ، فهي تضاف إلى الاستهلاك لكنها ليست ضرورية " مباشرة "
• إن نمو صناعة الراديو و التلفزيون ليس مرتبط فقط بمشكل إنتاج لوحده بل بمشاكل المربوطة به أو الموازية له و المتمثلة في التجهيزات ، البرامج و أجهزة الاستقبال.
• يعتبر منطق البث ( التدفق ) ( flow logic ) عرض المنتجات التلفزيونية و الاذاعية بواسطة البث الجماهيري المنطق الذي يحكم نشاط التلفزيون و الاذاعة ، فبدلا من إعادة نسخ النموذج الأصلي لعمل معين ، عدة مرات ، أو توزيعه يتم بثه في وقت واحد إلى عدد كبير من المستهلكين ، و بصيغة أخرى يتم عرض نفس البرنامج بواسطة البث على جمهور واسع ، لا على شكل نسخ فردية قابلة للامتلاك ، و يتم استهلاكه في نفس الوقت الذي يبث فيه.
• صناعة التدفق في الإذاعة و التلفزيون ، فهناك تدفق مستمر من البرامج يقوم على اللقاء اليومي ووفاء الجمهور ، و كذا استهلاك فوري جماهيري واسع لهذه البرامج.
• إن النموذج الأصلي في صناعة البث يتم مباشرة على مجموع المشاهدين ضمن شبكة برامجية في شكل تدفق مستمر غير قابل للحيازة الشخصية أو لإعادة الاستعمال في أوقات أخرى.
• إن المحطات الإذاعية خاصة التلفزيونية تتطلب امكانيات مادية كبيرة لرسم شريط اشهاري و هذا عكس الصحافة المكتوبة ، فمثلا لرسم شريط اشهاري في محطة تلفزيونية يتطلب مخرج ، كامرتين ، ممثل ، و النفقة الحقيقية مكلفة أكثر من 5 أضعاف موجهة للأشخاص الذين ينتجون هذا الشريط الذي يستمر حوالي 30 ثانية.
3- أسواق وسائل الاعلام المرئية و المسموعة :
يباع المنتج الإعلامي المرئي و السمعي عدة مرات عبر مراحل تصنيعه ، في عدة أسواق مختلفة و هي : سوق المشاهدين و المستمعين ، سوق المعلنين ، سوق الأجهزة أو التجهيزات ، سوق المنتجات التلفزيونية و الإذاعية ( الحصص و البرامج ) و سوق المالية .
أ- سوق المشاهدين و المستمعين : إن الطلب على أي وسيلة إعلامية هو الشرط الأولي لظهور هذه الوسيلة و تطورها ، و تمثل هذه السوق الهدف الرئيسي للمؤسسة التلفزيونية و الإذاعية سواء تعلق الأمر بالبث الهرتزي أو السلكي أو عبر الأقمار الصناعية ، و سواء تعلق الأمر بتلفزيون الخدمة العمومية أو التلفزيون التجاري أو تعلق الأمر بالإشهار أو بالإتاوة أو الاشتراك أو الدفع بالمشاهدة ، فإن المشاهدة هي السوق الأولية التي يتجه إليها المنتوج المرئي و المسموع ، و لابد من تحديد احتياجات الجمهور من خلال دراسة ماذا يريد الجمهور ، و ما هي احتياجاته وماذا تريد الوسيلة الإعلامية قوله لهذا الجمهور. و من أهم خصائص هذه السوق هي :
• التشتت الكبير : فعدد المشاهدين يتزايد باستمرار ، لكنه في نفس الوقت يتوزع على قنوات و محطات متعددة و على أنواع عديدة من البرامج .
• التوجه نحو المحتوى الشخصي للمشاهدة بدلا من المحتوى الجماعي الذي كان يتم في نطاق الأسرة .
• إن خصوصية سوق المشاهدين يمكن أن تتجلى بأشكال مختلفة حسب طبيعة العلاقة بين المؤسسة المبرمجة و المشاهدين و ما إذا كانت العلاقة مباشرة أو غير مباشرة ، فمثلا في حالة البث الهرتزي تكون العلاقة التجارية غير مباشرة مع المشاهدين إذ تقدم القناة العمومية أو المحطة التجارية " خدمة " مجانية للجمهور ، الغرض منها هو زيادة الاقبال على البرامج التي تبثها تلك القناة أو المحطات ، و الهدف من زيادة الاقبال على برامج القناة أو المحطة هو الرفع من قيمة المساحات الاشهارية في سوق الاعلانات و كذا رفع نصيب القناة من عائدات الإتاوة ( في حالة القنوات العمومية ).
ب- سوق المعلنين : تبيع وسائل الإعلام المرئية و المسموعة مساحات من وقت البث للمعلنين المعنيين بالجمهور حسب مواصفاتهم المختلفة من أجل الترويج لبضائعهم المختلفة أو لبناء صور لمؤسساتهم . و يسمح التوسع في السوق الأولية ( أي زيادة الاقبال على المشاهدة ) برفع حصة القناة أو المحطة من السوق الثانوية ( سوق الاشهار و سوق التمويل العمومي : الاتاوة و الإعانة) .
إن القناة الإذاعية أو التلفزيونية التجارية تسعى لتحقيق الربح لذلك تسعى القنوات إلى اجتذاب جمهور مثير للاهتمام المعلنين إما بواسطة العدد القنوات العامة ( الجامعة) أو بفضل التخصص ( القنوات الموضوعية) ، و تفاوض المعلن عن سعر الومضة الإشهارية حسب أهمية وقت بثها ، هذا المنطق التجاري الطاغي على وسائل الاعلام ، أخضع جميع الوسائل الإعلامية لسيرورته بما في ذلك القنوات العمومية.
و من مميزات هذه السوق الثانوية و التي يمثلها الإشهار بأنها :
• سوق تتميز بالتوجه نحو التمركز
• سوق المعلنين مبنية على السوق الأولية و مرتبطة بها ، فتلبية الطلب الأولي هو شرط للحصول على حصة من السوق الثانوية.
ت- سوق البرامج : تعتبر القنوات الإذاعية و التلفزيونية في الأصل قنوات مبرمجة للإنتاج ، و عليه يحاول المبرمج إعداد شبكة برامج متجانسة ملائمة للاحتياجات فئة أو فئات معينة من الجمهور وفقا لخصائصها الاجتماعية و الثقافية ، و سلوكها الاقتصادي.
و يلجأ المبرمج إلى المفاضلة بين إنتاج الحصص و البرامج أو شرائها من السوق ، و قد تلجأ القنوات إلى الانتاج المشترك مع مؤسسات الانتاج السينمائي ز الموسيقى أو الصحافي ، كما يمكن أن تبيع منتجات و برامج في أسواق البرامج المختلفة ، و هناك أسواق دولية للبرامج الإذاعية و التلفزيونية معرفية.
ث- سوق الأجهزة ( جهاز التلفزيون ، المذياع ، الهوائيات ...الخ ) : تتميز الإذاعة و التلفزيون بأنهما وسيلتان إعلاميتان توفر تجهيزات استقبال المتلقي لكي يتمكن من متابعة البرامج ، و تؤثر سوق الأجهزة تأثيرا حاسما على انتشار وسائل الإعلام ، و لذلك تلجأ الدول إلى اعتماد سياسات معينة تتعلق بتوسيع هذه التجهيزات بالموازاة مع سياسات الإعلام المرئي المسموع ، مثل دعم الأسعار أو ضمان البيع بالتقسيط أو تشجيع الاقتناء بالوسائل المختلفة ، و قد تتدخل شركات الانتاج الإلكتروني في مجالات البرامج أو البث أو الألعاب و الأنشطة المختلفة من أجل زيادة مبيعات الأجهزة.
و تعتبر سوق أجهزة التلفزيون و الإذاعة أحد الأسواق المهمة في العالم المعاصر ، و يعتبر مستوى تجهيز السكان أحد المؤشرات المهمة على مدى تطور سوق المشاهدين. و في البلدان المتقدمة نجد أن تجهيز السكان لا يتوقف عند جهاز واحد في المسكن بل يمكن أن يصل إلى جهاز في كل غرفة .
و أطلق الباحث فني عاشور على كل من سوق التجهيزات و سوق البرامج التلفزيونية و الإذاعية ( المنتوج الخيالي ) بسوق المستهلكين النهائيين ، و التي تشهد نموا مطردا يبدأ في غالب الأمر بشراء الجهاز ( التلفزيون مثلا أو محرك أشرطة ) يتبعه استهلاك المنتجات الاستهلاكية ( البرامج التلفزيونية ، الأشرطة) .
ج- سوق المالية : إن ارتفاع تكلفة الانتاج في وسائل الاعلام المرئية و المسموعة ، و خاصة انتاج النموذج الأصلي ، يتطلب البحث عن تمويل مسبق للإنتاج ، أي القيام بتركيب مالي للمشروع مع كل انتاج جديد ، إذ قلما يكون المنتج قد حقق عوائد مالية كافية ، فيستعين بالموزع عادة ، و لكن اللجوء إلى البنوك ضروري ، أما إذا كان نشاط وسائل الاعلام أكثر مردودية فيزداد اهتمام البنوك بها و تتحول في هذه الحالة إلى شريك نشيط ، شريطة أن تتظافر عدة عوامل أخرى منها توفر طلب اجتماعي على هذه الوسائل التقنية .
ح- سوق العمل : و يتشكل من الطاقم البشري الذي يساهم في الصناعة التلفزيونية و الاعلامية مثل : الصحافيين ، المنشطين ، المبرمجين ...الخ .
يجدر بالذكر أن هذين السوقين أي (سوق المالية و سوق العمل) تؤثران جدا على نشاط وسائل الاعلام لسببين :
- أهمية الشركات المالكة للقنوات ، فهي مؤسسات صناعية كبرى تتمتع بمكان في الأسواق المالية ، و تتأثر بحركتها.
- ازدياد أهمية الخبرة و التكوين ، و النجومية في نشاط القنوات الإذاعية و التلفزيونية و انفتاح سوق العمل على نطاق دولي ، مما أدى إلى تدويل ( عولمة ) التكوين و التأهيل ، و التشغيل ، فأصبحت تنقل الخبرات و الكفاءات من قناة إلى أخرى أو من بلد إلى آخر و من منطقة إلى أخرى في سوق عالمية لا حدود لها.