يتعرض، هذه الأيام، العديد من الرياضيين وخاصة نجوم كرة القدم الذين أبدوا مساندتهم للقضية الفلسطينية عبر حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، إلى ضغوط كبيرة وإجراءات ظالمة من أنديتهم، وحتى من شخصيات عامة وسياسية، مطالبين بتسليط عقوبات جائرة في حقّهم، قد تصل حد فسخ عقودهم وطردهم.. وهو ما جعل 30 رياضيًّا في الدوري الإنجليزي لكرة القدم والكريكت والريغبي يجتمعون لمناقشة الجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد الأطفال والنساء والمدنيين الفلسطينيين، وهددوا حتى بالانسحاب في حالة استمرار التحيّز السافر لإسرائيل وعدم احترام شهداء فلسطين.
الصُّورُ والمشاهد التي تصلنا يوميا من غزة عن المذابح المرتكَبة بحقّ الأطفال والنساء جعلت العديد من الرياضيين يخرجون عن صمتهم ويندّدون بها بصوت عال، ومن بينهم صاحب الكرة الذهبية كريم بن زيمة، الذي تعرّض إلى تهديد مباشر من بعض النواب الفرنسيين بسحب جنسيته الفرنسية، وخاصة وزير الداخلية الفرنسي دارميان، وذلك بعد تغريدة قال فيها: “كل صلواتنا من أجل سكان غزة الذين يقعون مرة أخرى ضحايا لهذا القصف الظالم الذي لا يستثني النساء ولا الأطفال”.. لكنه لم يبق مكتوف الأيدي وقرر مقاضاة كل من أساء إليه، وحتى النجمة التونسية أنس جابر تواجه عقوبة حرمانها من المشاركة في المسابقات دولية من دون وجه حقّ، وذلك بعد شكوى الاتحاد الإسرائيلي للتنس بسبب الدعم الذي قدّمته للفلسطينيين.
الدولي الجزائري يوسف عطّال تعرّض لحرب شرسة من طرف ناديه نيس الفرنسي الذي قرّر إيقافه بعد نشره مقطع فيديو تضامنا مع الشعب الفلسطيني، قبل أن يتم فتح تحقيق قضائي أولي ضد اللاعب بتهمة “الدفاع عن الإرهاب ومعاداة السامية؟”، وهو ما قد يجبره على مغادرة البطولة الفرنسية مستقبلا، خاصة وأن عقده ينتهي منتصف سنة 2024، ويهرب من الجحيم الذي يعيشه في البطولة الفرنسية، ويحذو حذو العديد من اللاعبين على غرار زميله في المنتخب بن سبعيني الذي رأى ناديه الألماني أنه لا جدوى من معاقبته رغم مساندته المطلقة للقضية الفلسطينية.
ما حدث للدولي الجزائري يوسف عطال يحدث أيضا للاعب المغربي أنور غازي الذي حرمه فريق ماينز الألماني من التدرُّب والمشاركة في المباريات، عقب نشر منشور داعم للفلسطينيين.. ويواصل نجم نادي مونبيليي الفرنسي الأردني موسى التعمري دعمه لفلسطين عبر مختلف حساباته في منصات التواصل الاجتماعي، رغم أن هذا التضامن قد يشكل خطرا على مسيرته ومستقبله.. غير أن الجميع ثمّن ما قام به “الخضر” في اللقاء الودي أمام الرأس الأخضر، حين دخلوا ملعب قسنطينة بالوشاح الفلسطيني، وهو دليلٌ قاطع على أن القضية الفلسطينية في قلوب كل الجزائريين، والجميع يحفظ عن ظهر قلب مقولة الرئيس هواري بومدين رحمة الله عليه: “الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”، وخروج كل الجزائريين الخميس الماضي في كل ربوع الوطن دليلٌ آخر على أن القضية الفلسطينية هي قضية كل الجزائريين.. حتى النصر بحول الله.
التضامن الذي يبديه الرياضيون في شتى بقاع العالم مع “طوفان الأقصى” الذي شنته المقاومة الفلسطينية على الاحتلال الإسرائيلي، ما هو إلا بداية لحرب طويلة لن تكون نهايتها إلا باستعادة الأراضي المسلوبة وبناء دولة فلسطينية عاصمتها القدس الذي يتمنى كل المسلمين زيارتها والصلاة فيها، باعتبارها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.