من صعيد مصر، ومن بيت أحد الناسكين الأقباط ذوي الشأن، جاءت مارية القبطية رضي الله عنها، لم تكن تدري أن الله قد مهّد لها قدرا مغايرًا لبنات جنسها وملتها؛ فكانت إحدى هدايا المقوقس عظيم القبط وحاكم مصر لرسول الله الخاتم، وكان قلبها مهيأً لدين الفطرة، ووقعت عليها محبة النبي وعنايته، وشهدت معه النعمة الكبرى والمحنة أيضًا بوفاة وليدهما الصغير إبراهيم، ورحلت بعده بسنوات قليلة معتكفة في بيتها بعد أن صارت بركة كبرى على بر مصر ووصل حقيقي بمنبع الإسلام .
لم يختلف الرواة على فضل السيدة مارية رضي الله عنها ومكانتها العظيمة، حتى غارت منها بعض أمهات المؤمنين أحيانا! وإن تراوحت أقوال العلماء في مسألة هل حظت بلقب أم المؤمنين، أسوة بزوجاته الإحدى عشرة؛ خاصة وأنه ضرب عليها الحجاب مثلهن وأنجبت للنبي ولدًا فكان عتقًا لها.
إسلام مارية وزواجها الرسول
لما بلغ الركب المدينة سنة سبع من الهجرة، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عاد للتو من "الحديبية" بعد أن عقد الهدنة مع قريش.. وتلقى النبي بترحاب كتاب المقوقس وهدية مصر.
وذكر بعض الرواة أن مارية وأختها أسلمتا قبل قدومها على النبي، فيما أقام العبد الخصي على دينه حتى أسلم بالمدينة في عهد رسول الله.
كان رسول الله معجبًا بمارية، وكانت بيضاء جميلة، فاكتفى بها ووهب أختها لشاعره حسان بن ثابت، وقد أنزل النبي مارية في عالية [بستان كانت تسكنه السيدة مارية] يقال لها اليوم "مشربة أم إبراهيم" ، وكان رسول الله يختلف إليها هناك، وضرب عليها الحجاب، وكان نكاحها بملك اليمين [الطبقات الكبرى لابن سعد 8/212]
ورجح رواة آخرون بأن تكون مارية قد أسلمت بعد قدومها على النبي وبدعوة مباشرة منه، ولما اتخذها لنفسه بملك اليمين حولها إلى مال له من أموال بني النضير [ما أفاء الله به على نبيه من غنيمة بني النضير]، تسكن فيه صيفًا، وكان يأتيها هناك، وكانت حسنة الدين. [البداية والنهاية لابن كثير 8/229]
للمزيد عن السيدة مارية
https://www.withprophet.com/ar/مارية...خر-أبناء-النبي
زوجات الرسول