ماذا حققت روسيا من تحرك مجموعة فاغنر؟

[سندباد علي بابا]

ماذا حققت روسيا من تحرك مجموعة فاغنر؟





الحقيقة أن تحرك مجموعة فاغنر فاجأ الكثيرين.


هناك ثلاث احتمالات لأحداث فاغنر هي:


أولاً، قد تكون الأسباب لطموحات "بريغوجين" الشخصية كما ادعت السلطات الروسية.


ثانياً، قد تكون ذريعة لتبرير اتحاذ سياسات حُكومية اتجاه المجموعة التي تعاظم نفوذها ودورها وباتت تشكل هاجساً للسلطات الروسية.


ثالثاً، قد تكون مسرحية لتحقيق استراتيجية معينة ما كانت لتتحقق إلا بافتعال أحداث فاغنر.


أحداث فاغنر نعمة:
1 – تم تجريدها من الأسلحة الثقيلة التي جعل منها جيشاً موازيا للجيوش الرسمية


2 – تم تحجيم طموح قادتها وتجديد الدماء في أعلى هرمها.


3 – اعطاء الصفة الرسمية والقانونية التي تشرعن وجودها.


4 – ضمها للجيش الروسي ووضعها تحت أمرته حتى لا تنفلت من عقالها بتوقيع عقود بينها وبين الجيش الروسي.


5 – كشف العناصر الروسية المعارضة اليمينية وغير اليمنية الروسية في صفوف مجموعة فاغنر الأمر الذي سمح للدولة الروسية من تصفية العناصر غير المؤدية للعملية العسكرية في أوكرانيا والمتأثرة بالخطاب الغربي.


6 – وقوع مخابرات غربية في الشرك الروسي بتورطها في تحرك فاغنر وبالتالي كشف أوراق العدو.


7 – ضمنت السلطة الروسية تأييداً شعبياً وشعبية واسعة ودعم قويين بعدم خروج الروس إلى شوارع المدن الروسية لتأييد المجموعة أو التظاهر ضد السلطات وقد توفرت لهم فرصة تمثلت في تحرك مجموعة فاغنر (كانت الأحداث بمثابة استفتاء شعبي حول العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا/ ومقياساً ديمقراطياً [ريختر الديمقراطية والشعبية] حول شعبية بوتين السلطة الروسية كسبت الرهان فيما حلف الناتو والغر ب خسر الرهان).


8 – تحرك فاغنر كشف عن وحدة الصف والمواقف لدى السلطات المدنية والعسكرية ووقوفها خلف القيادة الروسية المتمثلة في الرئيس بوتين.


9 – سمح تحرك قوات فاغنر بإعادة انتشارها ودفعها نحو حدود الحلف الأطلسي بتوطينها في الأراضي البيلاروسية لحماية بلاروسيا ولمرقبة تحركات حلف الناتو من جهة بولندا وللإقتراب أكثر فأكثر من العاصمة الأوكرانية كييف.


أهم ضحايا تحرك فاغنر:
1 – عناصر المعارضة الروسية المندسين في صفوف المجموعة.


2 – "ربما" قائد فاغنر "بريغوجين".


3 – المخابرات الغربية والأوكرانية التي حاولت تجنيد قادة المجموعة والتي تكون قد قدمت معلومات أو قامت باتصالات أو وفرت مساعدات لوجستية أو عن طريق الأقمار الصناعية فهي بذلك كشفت الدول والعناصر عن نفسها ومشاريعها ومخططاتها وإلى أي مدى يمكن أن تذهب فيه من أجل "إسقاط النظام" في موسكو وعلاقة ذلك بإشعال حرب أهلية داخلية بين رفقاء القضية والسلاح وإمكانية إطلاق ثورة ملونة ضد السلطات الروسية والتي تم إفشالها من جانب الحكومة الروسية والوطنيين في مجموعة فاغنر.


4 – أردوغان في اعتقادي هو أكبر ضحية لتحرك فاغنر، فقد سولت له نفسه وهو صاحب الطموح الكبير الذي لا يتوقف (بناء امبراطورية تركية من غرب الصين حتى حدود أوروبا وصولاً إلى المحيط الأطلسي في غرب إفريقيا) .. وقالت له: لماذا تحافظ على "صداقة" تُمليها المصلحة وهاهو أقرب إنسان لــ "بوتين" وطباخه "ينقلب" على بلاده وعلى من عينه وساعده في تكوين مجموعته المسلحة.


ظهر ذلك في الاستدارة التي كنا نتوقعها من إخونجي مثل أردوغان ما تعلق باستقباله لزيلينسكي، وإطلاق سراح قادة كتيبة آزوف بعكس ما كان يقتضيه الاتفاق بين الروس والأتراك وأن يتم إطلاق سراح هؤلاء بعد نهاية العملية العسكرية (الحرب في أوكرانيا)، وتسليم طائرات مسيرة للجيش الأوكراني لقصف المدن الروسية وقتل الروس وفتح مصانع في كييف لصناعة الطائرات المسيرة وأخيراً موافقة تركيا على انضمام السويد لحلف الناتو بتحويل موضوع انضمامها ليصدق عليه البرلمان التركي وكل ذلك مقابل وعد من "جو بايدن" بموفقته على اعطاء قرض من البنك الدولى لتركيا وتسريع موافقه الكونغرس على صفقة طائرات الأف – 16 وصيانة طائرات تركية وتوفير قطع غيار لها.


مستقبل فاغنر:
أولاً، "المنقلبون" سرحوا من المجموعة وغير المنقلبين تم تعاقد الجيش الروسي معهم.


ثانيا، تم تسريح قائد المجموعة فالخطأ إرتكبه بعض القادة وليس مجموعة فاغنر .

ثالثا، أدركت القيادة الروسية أهمية المجموعة المسلحة وهي قوة ضاربة لروسيا في أكثر من مكان في العالم تخدم مصالح روسيا القومية في إفريقية: السودان، إفريقيا الوسطى، مالي، بوركينافاسو.. وفي غرب أسيا: سوريا، وفي أوروبا الشرقية: بيلاروسيا.


إن قوات فاغنر أصبحت هاجساً يقض مضجع الأمريكان وأوروبا وحلف الناتو والأفريكوم، وأمريكا تقوم بكل شيء لطرد والقضاء عليها لأنها تعلم أنها أحد مكامن قوة روسيا.


حسناً فعلت روسيا بعدم حل المجموعة ولو فعلت ذلك كانت لتحقق حلم أمريكا وأوروبا في انهاء هذه المجموعة وكان ذلك سيكون انتكاسة قوية في سعيها لمساعدة إفريقية في تحقيق تحررها الثاني .. فبعد تحرير الأرض حان الوقت لإفريقيا أن يتحرر فيها الإنسان وأن يقضي على ما تبقى من هيمنة استعمارية اقتصادية وثقافية لأوروبا وفرنسا وأمريكا على هذه القارة.


بقلم: سندباد علي بابا