اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
هل كلما زاد نعيم الدنيا قل نعيم الآخرة ؟
لا حرج على المسلم في أن يتنعم بالمباحات والطيبات
إذا أدى شكرها
ولم يسرف فيها
فإن الله تعالى أباح الطيبات للمسلمين في حياتهم الدنيا ، ومن بها عليهم في دار القرار يوم القيامة
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) البقرة/ 172
وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ ) المائدة/ 87، 88 .
وقال تعالى : ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) الأعراف/32 .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (لَا بَأْسَ بِالْغِنَى لِمَنْ اتَّقَى اللهَ ، وَالصِّحَّةُ لِمَنْ اتَّقَى اللهَ خَيْرٌ مِنَ الْغِنَى ، وَطِيبُ النَّفْسِ مِنَ النِّعَمِ) رواه أحمد (23158) ، وصححه الألباني في " الصحيحة " (174) .
والمحمود في الغنى : أن يؤدي الغني حق الله وحق الناس عليه ، ويتقي الله تعالى في ماله ، فلا يسرف فيه ولا يبذر ، ولكن ينفق بمقدار ، ويكثر من النفقة في سبيل الله .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ أَيُّمَا أَفْضَلُ: الْفَقِيرُ الصَّابِرُ أَوْ الْغَنِيُّ الشَّاكِرُ؟ وَالصَّحِيحُ: أَنَّ أَفْضَلَهُمَا أَتْقَاهُمَا؛ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي التَّقْوَى ، اسْتَوَيَا فِي الدَّرَجَةِ "
انتهى من " مجموع الفتاوى " (11/ 21) .
والقول بأنه كلما زاد نعيم الدنيا قل نعيم الآخرة قول غير صحيح ، فنعيم الآخرة يزداد بالتقوى والعمل الصالح
قل المال أو كثر ، وكم من المتقين الأبرار من كان في حياته الدنيا موسرا ، ولكنه كان يؤدى حق الله تعالى وحق الناس في ماله .
وقد روى البخاري (1560) عن حذيفة قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( تَلَقَّتِ الْمَلَائِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، فَقَالُوا: أَعَمِلْتَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا،
قَالُوا: تَذَكَّرْ، قَالَ: كُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ ، فَآمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا الْمُعْسِرَ، وَيَتَجَوَّزُوا عَنِ الْمُوسِرِ، قَالَ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: تَجَوَّزُوا عَنْهُ ) .
فالتنعم بمتع الحياة الدنيا المباحة جائز لا حرج فيه ، وإنما المذموم المبالغة في التنعم التي تؤدي إلى نسيان أمر الآخرة ، وما نهى الله عنه من البطر في الدنيا والتبذير والإسراف وتضييع حقوق الله وحقوق عباده .
وأما ما رواه أحمد (22105) عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ : " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ بِهِ إِلَى الْيَمَنِ قَالَ: ( إِيَّاكَ وَالتَّنَعُّمَ ؛ فَإِنَّ عِبَادَ اللهِ لَيْسُوا بِالْمُتَنَعِّمِينَ ) وصححه الألباني في " الصحيحة " (353) .
قال المناوي رحمه الله :
"هذا محمول على المبالغة في التنعم ، والمداومة على قصده " .
انتهى من " فيض القدير " (3/ 119) .
وقال القاري رحمه الله :
"وَهُوَ الْمُبَالَغَةُ فِي تَحْصِيلِ قَضَاءِ الشَّهْوَةِ ، عَلَى وَجْهِ التَّكَلُّفِ فِي الْبُغْيَةِ بِتَكْثِيرِ النِّعْمَةِ ، وَالْحِرْصِ عَلَى النَّهْمَةِ
"انتهى من " مرقاة المفاتيح " (8/ 3295) .