أسماء الله الحسنى وصفاته - الصفحة 8 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام > أرشيف القسم الاسلامي العام

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

أسماء الله الحسنى وصفاته

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2020-03-12, 17:12   رقم المشاركة : 106
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18


ثالثا :

من الأخطاء الشهيرة التي يقع فيها الناس كثيرا ، المثبت منهم

والنافي : أنه إذا اعتقد إثبات صفة ، ظن أن كل نص ورد فيه " لفظ " هذه الصفة ، يلزم تفسيره بمعنى هذه الصفة ، والاستدلال به على إثباتها .

وعكس ذلك النافي : إذا رأى في قول قائل من أهل العلم ، تفسير نص ، بما لا يدل على إثبات الصفة بهذا النص

ظن منه أن هناك تلازما بين ذلك ، وبين نفي الصفة ، واستدل بذلك التفسير على أن القائل المعين من السلف : ينفي هذه الصفة المعينة ، أو ربما انتقل من ذلك إلى دعواه : أن يتأول باب الصفات بعامة .

وكلا الأمرين خطأ واضح في الاستدلال ؛ فإنه لا يلزم من بطلان الدليل ، بطلان المدلول ، ولا يلزم من تأويل النص المعين ، تأويل الباب كله ، بل ولا نفي الصفة المعينة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

وَأَمَّا قُرْبُهُ بِنَفْسِهِ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ " قُرْبًا لَازِمًا فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ؛ وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ شَيْءٌ: فَهَذَا فِيهِ لِلنَّاسِ قَوْلَانِ. فَمَنْ يَقُولُ هُوَ بِذَاتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ يَقُولُ بِهَذَا .

وَمَنْ لَا يَقُولُ بِهَذَا : لَهُمْ أَيْضًا فِيهِ قَوْلَانِ :

أَحَدُهُمَا إثْبَاتُ هَذَا الْقُرْبِ ، وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ وَالصُّوفِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ ، يَقُولُونَ: هُوَ فَوْقَ الْعَرْشِ ، وَيُثْبِتُونَ هَذَا الْقُرْبَ.

وَقَوْمٌ يُثْبِتُونَ هَذَا الْقُرْبَ؛ دُونَ كَوْنِهِ عَلَى الْعَرْشِ.

وَإِذَا كَانَ قُرْبُ عِبَادِهِ مِنْهُ نَفْسَهُ ، وَقُرْبُهُ مِنْهُمْ : لَيْسَ مُمْتَنِعًا عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ مِنْ السَّلَفِ وَأَتْبَاعِهِمْ، مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفُقَهَاءِ وَالصُّوفِيَّةِ وَأَهْلِ الْكَلَامِ : لَمْ يَجِبْ أَنْ يُتَأَوَّلَ كُلُّ نَصٍّ فِيهِ ذِكْرُ قُرْبِهِ ، مِنْ جِهَةِ امْتِنَاعِ الْقُرْبِ عَلَيْهِ .

وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الْقُرْبِ عَلَيْهِ : أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَوْضِعٍ ذُكِرَ فِيهِ قُرْبُهُ ، يُرَادُ بِهِ قُرْبُهُ بِنَفْسِهِ ؛ بَلْ يَبْقَى هَذَا مِنْ الْأُمُورِ الْجَائِزَةِ ، وَيُنْظَرُ فِي النَّصِّ الْوَارِدِ ؛ فَإِنْ دَلَّ عَلَى هَذَا ، حُمِلَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ دَلَّ عَلَى هَذَا حُمِلَ عَلَيْهِ .

وَهَذَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي لَفْظِ الْإِتْيَانِ وَالْمَجِيءِ ؛ وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ قَدْ دَلَّ عِنْدَهُمْ عَلَى أَنَّهُ هُوَ يَأْتِي

فَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَأْتِي بِعَذَابِهِ

كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ وقَوْله تَعَالَى فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا .

فَتَدَبَّرْ هَذَا ؛ فَإِنَّهُ كَثِيرًا مَا يَغْلَطُ النَّاسُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ

إذَا تَنَازَعَ الْنُّفَاةِ وَالْمُثْبِتَةُ فِي صِفَةٍ وَدَلَالَةٍ نُصَّ عَلَيْهَا ؛ يُرِيدُ الْمُرِيدُ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ اللَّفْظَ - حَيْثُ وَرَدَ - دَالًّا عَلَى الصِّفَةِ ، وَظَاهِرًا فِيهَا ، ثُمَّ يَقُولُ النَّافِي

: وَهُنَاكَ لَمْ تَدُلَّ عَلَى الصِّفَةِ ، فَلَا تَدُلُّ هُنَا. وَقَدْ يَقُولُ بَعْضُ الْمُثْبِتَةِ: دَلَّتْ هُنَا عَلَى الصِّفَةِ ، فَتَكُونُ دَالَّةً هُنَاكَ .

بَلْ لَمَّا رَأَوْا بَعْضَ النُّصُوصِ تَدُلُّ عَلَى الصِّفَةِ

جَعَلُوا كُلَّ آيَةٍ فِيهَا مَا يَتَوَهَّمُونَ أَنَّهُ يُضَافُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى - إضَافَةَ صِفَةٍ - مِنْ آيَاتِ الصِّفَاتِ

كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ؛ وَهَذَا يَقَعُ فِيهِ طَوَائِفُ مِنْ الْمُثْبِتَةِ والْنُّفَاةِ ، وَهَذَا مِنْ أَكْبَرِ الْغَلَطِ .

فَإِنَّ الدَّلَالَةَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ بِحَسَبِ سِيَاقِهِ ، وَمَا يُحَفُّ بِهِ مِنْ الْقَرَائِنِ اللَّفْظِيَّةِ وَالْحَالِيَّةِ .

وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي أَمْرِ الْمَخْلُوقِينَ : يُرَادُ بِأَلْفَاظِ الصِّفَاتِ مِنْهُمْ ، فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ : غَيْرُ الصِّفَاتِ.

وَأَنَا أَذْكُرُ لِهَذَا مِثَالَيْنِ نَافِعَيْنِ :

أَحَدُهُمَا : صِفَةُ الْوَجْهِ ؛ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ إثْبَاتُ هَذِهِ الصِّفَةِ مَذْهَبَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْمُتَكَلِّمَةِ الصفاتية، مِنْ الْكُلَّابِيَة وَالْأَشْعَرِيَّةِ والكَرَّامِيَة ، وَكَانَ نَفْيُهَا مَذْهَبَ الْجَهْمِيَّة ، مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ

وَمَذْهَبَ بَعْضِ الصفاتية مِنْ الْأَشْعَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ =

صَارَ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ : كُلَّمَا قَرَأَ آيَةً فِيهَا ذِكْرُ الْوَجْهِ ، جَعَلَهَا مِنْ مَوَارِدِ النِّزَاعِ

فَالْمُثْبِتُ يَجْعَلُهَا مِنْ الصِّفَاتِ الَّتِي لَا تُتَأَوَّلُ بِالصَّرْفِ ، وَالنَّافِي يَرَى أَنَّهُ إذَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ صِفَةً ، فَكَذَلِكَ غَيْرُهَا.

مِثَالُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى : وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ

أَدْخَلَهَا فِي آيَاتِ الصِّفَاتِ طَوَائِفُ مِنْ الْمُثْبِتَةِ والْنُّفَاةِ حَتَّى عَدَّهَا " أُولَئِكَ " كَابْنِ خُزَيْمَة مِمَّا يُقَرِّرُ إثْبَاتَ الصِّفَةِ وَجَعَلَ " النَّافِيَةَ " تَفْسِيرَهَا بِغَيْرِ الصِّفَةِ حُجَّةً لَهُمْ فِي مَوَارِدِ النِّزَاعِ.

وَلِهَذَا لَمَّا اجْتَمَعْنَا فِي الْمَجْلِسِ الْمَعْقُودِ ، وَكُنْت قَدْ قُلْت: أَمْهَلْت كُلَّ مَنْ خَالَفَنِي ثَلَاثَ سِنِينَ إنْ جَاءَ بِحَرْفِ وَاحِدٍ عَنْ السَّلَفِ يُخَالِفُ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرْته ، كَانَتْ لَهُ الْحُجَّةُ ، وَفَعَلْت وَفَعَلْت

. وَجَعَلَ الْمُعَارِضُونَ يُفَتِّشُونَ الْكُتُبَ ، فَظَفِرُوا بِمَا ذَكَرَهُ البيهقي فِي كِتَابِ " الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ "

فِي قَوْله تَعَالَى وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالشَّافِعِيِّ

: أَنَّ الْمُرَادَ قِبْلَةُ اللَّهِ فَقَالَ أَحَدُ كُبَرَائِهِمْ - فِي الْمَجْلِسِ الثَّانِي - قَدْ أَحْضَرْت نَقْلًا عَنْ السَّلَفِ بِالتَّأْوِيلِ ؟

فَوَقَعَ فِي قَلْبِي مَا أَعَدَّ ، فَقُلْت: لَعَلَّك قَدْ ذَكَرْت مَا رُوِيَ فِي قَوْله تَعَالَى وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْت: الْمُرَادُ بِهَا : قِبْلَةُ اللَّهِ !!

فَقَالَ: قَدْ تَأَوَّلَهَا مُجَاهِدٌ وَالشَّافِعِيُّ ، وَهُمَا مِنْ السَّلَفِ ...

قُلْت هَذِهِ الْآيَةُ : لَيْسَتْ مِنْ آيَاتِ الصِّفَاتِ أَصْلًا ، وَلَا تَنْدَرِجُ فِي عُمُومِ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: لَا تُؤَوَّلُ آيَاتُ الصِّفَاتِ.

قَالَ: أَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الْوَجْهِ ؟

فَلَمَّا قُلْت: الْمُرَادُ بِهَا قِبْلَةُ اللَّهِ ، قَالَ: أَلَيْسَتْ هَذِهِ مِنْ آيَاتِ الصِّفَاتِ؟

قُلْت: لَا ؛ لَيْسَتْ مِنْ مَوَارِدِ النِّزَاعِ ، فَإِنِّي إنَّمَا أُسَلِّمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَجْهِ - هُنَا - الْقِبْلَةُ ، فَإِنَّ " الْوَجْهَ "

: هُوَ الْجِهَةُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ ، يُقَالُ: قَصَدْت هَذَا الْوَجْهَ ، وَسَافَرْت إلَى هَذَا " الْوَجْهِ "

أَيْ: إلَى هَذِهِ الْجِهَةِ ؛ وَهَذَا كَثِيرٌ مَشْهُورٌ .

فَالْوَجْهُ : هُوَ الْجِهَةُ. وَهُوَ الْوِجْهة .

كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى : وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا ، أَيْ مُتَوَلِّيهَا

فَقَوْلُهُ تَعَالَى: وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا كَقَوْلِهِ: فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ، كِلْتَا الْآيَتَيْنِ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبَتَانِ

وَكِلَاهُمَا فِي شَأْنِ الْقِبْلَةِ ، وَالْوَجْهِ ، وَالْوجِهَةِ : هُوَ الَّذِي ذُكِرَ فِي الْآيَتَيْنِ: أَنَّا نُوَلِّيهِ: نَسْتَقْبِلُهُ.

قُلْت: وَالسِّيَاقُ يَدُلُّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَالَ: فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا وَأَيْنَ مِنْ الظُّرُوفِ ، وَتُوَلُّوا أَيْ تَسْتَقْبِلُوا. فَالْمَعْنَى: أَيُّ مَوْضِعٍ اسْتَقْبَلْتُمُوهُ

فَهُنَالِكَ وَجْهُ اللَّهِ . فَقَدْ جَعَلَ وَجْهَ اللَّهِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَسْتَقْبِلُهُ ، هَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ، وَهِيَ الْجِهَاتُ كُلُّهَا ، كَمَا فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ .

فَأَخْبَرَ أَنَّ الْجِهَاتِ لَهُ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ : إضَافَةُ تَخْصِيصٍ وَتَشْرِيفٍ؛ كَأَنَّهُ قَالَ : جِهَةُ اللَّهِ ، وَقِبْلَةُ اللَّهِ ...

وَالْغَرَضُ أَنَّهُ إذَا قِيلَ: " فَثَمَّ قِبْلَةُ اللَّهِ " : لَمْ يَكُنْ هَذَا مِنْ التَّأْوِيلِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ؛ الَّذِي يُنْكِرُهُ مُنْكِرُو تَأْوِيلِ آيَاتِ الصِّفَاتِ؛ وَلَا هُوَ مِمَّا يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَيْهِمْ الْمُثْبِتَةُ ؛ فَإِنَّ هَذَا الْمَعْنَى صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ ، وَالْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَيْهِ .

وَإِنْ كَانَتْ دَالَّةً عَلَى ثُبُوتِ صِفَةٍ ، فَذَاكَ شَيْءٌ آخَرُ .."

انتهى، من "مجموع الفتاوى" (6/15-17)
.
والله أعلم .








 


قديم 2020-03-12, 17:21   رقم المشاركة : 107
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

الجمع بين كون الله تعالى مستوياً على العرش وأنه قِبَل وجه المصلي .

السؤال

أعلم أن الله تبارك وتعالى على العرش فوق خلقه

، لكنني قرأت في مكان ما على الانترنت أن الله قِبل وجه المصلي .

فما شرح ذلك ؟

وهل هذا هو السبب في حرمة المرور بين يدي المصلي ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

روى البخاري (406) ، ومسلم (547)

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى بُصَاقًا فِي جِدَارِ الْقِبْلَةِ ، فَحَكَّهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ

فَقَالَ : ( إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَبْصُقُ قِبَلَ وَجْهِهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى ) " .

فهو سبحانه وتعالى مستوٍ على عرشه حقيقة ، وهو قِبل وجه المصلي حقيقة ، على وجه يليق بجلاله .

قال ابن القيم رحمه الله :

" .. فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ ، فَأَيْنَمَا وَلَّى الْمُصَلِّي فَهِيَ قِبْلَةُ اللَّهِ ، وَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ وَجْهَ رَبِّهِ ; لِأَنَّهُ وَاسِعٌ ، وَالْعَبْدُ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ رَبَّهُ تَعَالَى

وَاللَّهُ مُقْبِلٌ عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ بِوَجْهِهِ ، كَمَا تَوَاتَرَتْ بِذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...

. فَإِنَّهُ قَدْ دَلَّ الْعَقْلُ وَالْفِطْرَةُ وَجَمِيعُ كُتُبِ اللَّهِ السَّمَاوِيَّةِ : عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَالٍ عَلَى خَلْقِهِ فَوْقَ جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ ، وَهُوَ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ ، وَعَرْشُهُ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ كُلِّهَا

فَهُوَ سُبْحَانَهُ مُحِيطٌ بِالْعَوَالِمِ كُلِّهَا ، فَأَيْنَمَا وَلَّى الْعَبْدُ فَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَقْبِلُهُ ، بَلْ هَذَا شَأْنُ مَخْلُوقِهِ الْمُحِيطِ بِمَا دُونَهُ

فَإِنَّ كُلَّ خَطٍّ يَخْرُجُ مِنَ الْمَرْكَزِ إِلَى الْمُحِيطِ ، فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ وَجْهَ الْمُحِيطِ وَيُوَاجِهُهُ

وَالْمَرْكَزُ يَسْتَقْبِلُ وَجْهَ الْمُحِيطِ ، وَإِذَا كَانَ عَالِي الْمَخْلُوقَاتِ الْمُحِيطُ ، يَسْتَقْبِلُ سَافِلَهَا الْمُحَاطُ بِهِ بِوَجْهِهِ

مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ وَالْجَوَانِبِ ؛ فَكَيْفَ بِشَأْنِ مَنْ هُوَ بكل شَيْءٍ مُحِيطٍ ، وَهُوَ مُحِيطٌ وَلَا يُحَاطُ بِهِ ، كَيْفَ يُمْتَنَعُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْعَبْدُ وَجْهَهُ تَعَالَى حَيْثُ كَانَ ، وَأَيْنَ كَانَ ؟! "

انتهى من " مختصر الصواعق المرسلة " (1/417) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" يمكن الجمع بين ما ثبت من علو الله بذاته ، وكونه قِبَل المصلي من وجوه :

الأول: أن النصوص جمعت بينهما ، والنصوص لا تأتي بالمحال .

الثاني: أنه لا منافاة بين معنى العلو والمقابلة ، فقد يكون الشيء عالياً وهو مقابل

لأن المقابلة لا تستلزم المحاذاة ، ألا ترى أن الرجل ينظر إلى الشمس حال بزوغها فيقول : إنها قبل وجهي ,

مع أنها في السماء ، ولا يعد ذلك تناقضاً في اللفظ ولا في المعنى ، فإذا جاز هذا في حق المخلوق ، ففي حق الخالق أولى .

الثالث : أنه لو فُرض أن بين معنى العلو والمقابلة تناقضاً وتعارضاً في حق المخلوق

فإن ذلك لا يلزم في حق الخالق ، لأن الله تعالى ليس كمثله شيء في جميع صفاته ،

فلا يقتضي كونه قِبل وجه المصلي ، أن يكون في المكان أو الحائط الذي يصلي إليه ، لوجوب علوه بذاته ، ولأنه لا يحيط به شيء من المخلوقات ، بل هو بكل شيء محيط " .

انتهى من " مجموع فتاوى ورسائل العثيمين " (4/ 51) .

وقال الشيخ ابن عثيمين :

" أما كونه لا يبصق قِبَلَ وجهِهِ ، فلأن الله سبحانه وتعالى قِبَلَ وجهِهِ ، ما من إنسان يستقبل بيتَ الله ليُصلِّي

إلا استقبله الله بوجهه ، في أيِّ مكان ؛ لأن الله تعالى بكلِّ شيء محيط

كما قال تعالى : ( وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) البقرة/115

وليس من الأدب أن تبصُق بين يديك ، والله تعالى قِبَلَ وجهك "

انتهى من " الشرح الممتع " (3/ 269) .

ثانياً :

روى البخاري (509) ، ومسلم (505) عن أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ قَالَ :

سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ ، فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَلْيَدْفَعْهُ ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ ) .

وروى أبو داود (695)

عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ رضي الله عنه عن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى سُتْرَةٍ فَلْيَدْنُ مِنْهَا لَا يَقْطَعِ الشَّيْطَانُ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ )

وصححه الألباني

فتبين بذلك أن المنع من المرور بين يدي المصلي لا علاقة له بما ذكر من كون الرحمن قِبل وجه المصلي

وإنما مقصوده : منع مرور الشيطان بين يدي المصلي ، وأن يجمع المصلي قلبه على صلاته فلا ينصرف إلى شيء سوى صلاته .

قال في " عون المعبود " (2/275) :

" أي : لا يفوت عليه حضورها بالوسوسة والتمكن منها ، واستفيد منه أن السترة تمنع استيلاء الشيطان على المصلي ، وتمكنه من قلبه بالوسوسة

إما كُلًّا ، أو بعضاً ، بحسب صدق المصلي وإقباله في صلاته على الله تعالى ، وأنَّ عَدَمها يمكن الشيطان من إزلاله عما هو بصدده من الخشوع والخضوع " انتهى .

وقال النووي رحمه الله :

" قال الْعُلَمَاءُ : وَالْحِكْمَةُ فِي السُّتْرَةِ كَفُّ الْبَصَرِ عَمَّا وَرَاءَهُ ، وَمَنْعُ مَنْ يُجْتَازُ بِقُرْبِهِ " .

انتهى من " شرح مسلم " (4/216) .

وقال الكمال ابن الهمام رحمه الله
:
" الْمَقْصُودُ جَمْعُ الْخَاطِرِ بِرَبْطِ الْخَيَالِ بِهِ كَيْ لَا يَنْتَشِرَ "

انتهى من " فتح القدير" (1/ 408) .

والله تعالى أعلم .


اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر علي امل اللقاء بكم
قريبا باذن الله ان قدر لنا البقاء و اللقاء









قديم 2020-03-14, 18:09   رقم المشاركة : 108
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يا صفوة الطيبين
جعلكم ربي من المكرمين
ونظر إليكم نظرة رضا يوم الدين

.

حكم قول القائل :

" الله يعرف حدود قدرته " .


السؤال

أنا مريض بالوسواس القهري , وكانت تأتيني وساوس كثيرة في الدين ، والحمد لله كنت أعرض عنها

ولا أتكلم بها ، وأريد تفسير مسألة لم تغادر بالي

لأنني قلتها عندما كنت أتحدث مع شخص

ولم أقدر أن أقولها الآن

لأنني أحس بأن فيها شيئا

وهي : الله يعرف حدود قدرته .


الجواب

الحمد لله

أولا :

إن الله سبحانه وتعالى بكل شيء عليم ، وعلى كل شيء قدير

لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ، له سبحانه مطلق القدرة ، وكمال الإرادة

(بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) البقرة / 117.

قال تعالى :

( إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) البقرة/ 20 ، وقال عز وجل : ( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) البقرة/ 106
.
قال القرطبي رحمه الله :

" فالله عز وجل قَادِرٌ مُقْتَدِرٌ قَدِيرٌ عَلَى كُلِّ مُمْكِنٍ يَقْبَلُ الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ " .

انتهى من "تفسير القرطبي" (1/ 224)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" قَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَالنَّاسُ فِي هَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ : " طَائِفَةٌ "

تَقُولُ هَذَا عَامٌّ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُمْتَنِعُ لِذَاتِهِ ، مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ ، وَكَذَلِكَ يَدْخُلُ فِي الْمَقْدُورِ كَمَا قَالَ ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ حَزْمٍ. وَ" طَائِفَةٌ " تَقُولُ: هَذَا عَامٌّ مَخْصُوصٌ يَخُصُّ مِنْهُ الْمُمْتَنِعَ لِذَاتِهِ

؛ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْمَقْدُورِ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ عَطِيَّةَ وَغَيْرُهُ ، وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ خَطَأٌ.

وَالصَّوَابُ هُوَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ الَّذِي عَلَيْهِ عَامَّةُ النُّظَّارِ، وَهُوَ أَنَّ الْمُمْتَنِعَ لِذَاتِهِ لَيْسَ شَيْئًا أَلْبَتَّةَ ، فَلَمْ يَدْخُلْ فِي قَوْلِهِ: (وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) "

انتهى ملخصا من "مجموع الفتاوى" (8/ 8-9) .

وليس لقدرة الله تعالى حد تقف عنده ، فله سبحانه القدرة المطلقة

قال الراغب الأصفهاني رحمه الله :

" محال أن يوصف غير الله بالقدرة المطلقة معنى وإن أطلق عليه لفظا، بل حقّه أن يقال: قَادِرٌ على كذا

ومتى قيل: هو قادر، فعلى سبيل معنى التّقييد، ولهذا لا أحد غير الله يوصف بالقدرة من وجه ، إلّا ويصحّ أن يوصف بالعجز من وجه، والله تعالى هو الذي ينتفي عنه العجز من كلّ وجه. والقَدِيرُ:

هو الفاعل لما يشاء على قَدْرِ ما تقتضي الحكمة ، لا زائدا عليه ولا ناقصا عنه، ولذلك لا يصحّ أن يوصف به إلا الله تعالى، قال: (إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) "

انتهى من "المفردات" (ص 657-658) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" إثبات القدرة المطلقة لله ، تتضمن أنه خالق كل شيء بقدرته " .

انتهى من "شرح العقيدة الأصفهانية" (ص 14) .

ثانيا :

أسماء الله تعالى وصفاته توقيفية ، لا مجال فيها لرأي ولا اجتهاد ، وقد وصف الله نفسه بالعلم ، فنصفه بالعلم ، ولا حرج أن نخبر عنه بالدراية

أو بالمعرفة كما في السؤال ، لكن لا يوصف الله تعالى بأنه : داري ، أو عارف ؛ فإن باب الإخبار أوسع ، والأمر فيه أسهل من باب الوصف والتسمية .

وقد روى أحمد (21438)

عَنْ أَبِي ذَرٍّ : " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى شَاتَيْنِ تَنْتَطِحَانِ

فَقَالَ: (يَا أَبَا ذَرٍّ هَلْ تَدْرِي فِيمَ تَنْتَطِحَانِ؟ )

قَالَ: لَا ، قَالَ: "( لَكِنَّ اللهَ يَدْرِي، وَسَيَقْضِي بَيْنَهُمَا )

وحسنه محققو المسند .

وروى ابن أبي شيبة (19356)

عَنْ مُدْرِكِ بْنِ عَوْفٍ الْأَحْمَسِيِّ ، قَالَ: " كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ إِذْ جَاءَهُ رَسُولُ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ فَسَأَلَهُ عُمَرُ عَنِ النَّاسِ فَقَالَ: أُصِيبَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ آخَرُونَ لَا أَعْرِفُهُمْ فَقَالَ عُمَرُ: لَكِنَّ اللَّهَ يَعْرِفُهُمْ " .

وصححه الألباني في "الصحيحة" (6/ 788) .

قال الشيخ صالح آل الشيخ :

" ودراية الله جل وعلا بـ ( فيم ينتطح الكبشان أو العنزان ) يعني : علمه سبحانه وتعالى بذلك .

ومعلوم أن باب الإخبار أوسع من باب الوصف ، فإن لفظ أو صفة ( الدراية ) لا يوصف الله جل وعلا بها، لكن يطلق على الله جل وعلا من جهة الإخبار أنه سبحانه وتعالى يدري بهذا الشيء ، لأنها من فروع العلم .

فهناك صفات لها جنس ، فالعلم جنس تحته صفات

فجنس ما هو ثابت ، يجوز إطلاقه على الله جل وعلا من جهة الخبر " .

انتهى من "كتب صالح آل الشيخ" (36 /7) .









قديم 2020-03-14, 18:19   رقم المشاركة : 109
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

هل يشرع بيان تفاصيل مسائل الأسماء والصفات ؟

وما حكم العامي إذا جهل شيئا من ذلك ؟


السؤال


هل العلم بمسائل الأسماء والصفات من الواجبات المطلوبة من المسلم ؟

أليس من الأولى أن نصرف أوقاتنا في أمور أكثر أهمية ونفعا ؟ أنا أتفهم أن معرفة مثل هذه الجزئيات قد يكون أمراً مهماً بالنسبة للعلماء والمشايخ

فما شأن العامّة بها ؟!

كثير من الإخوة يتناقشون هذه الأيام حول مسألة الموقع الفعلي الحسي لله تعالى

. ولو أن المسلم مات دون معرفة المكان الفعلي الحسي لله تعالى هل يُقال : إنه آثم ؟!


الجواب


الحمد لله

أولا :

سبق بيان أهمية العلم بباب أسماء الله وصفاته ، وأن ذلك أشرف العلوم ، وأجلها قدرا

وهي من أعظم أبواب الدخول على الله جل جلاله ، والتوسل إليه ، والتقرب منه سبحانه وتعالى

وقد قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الأعراف /180 .

وفي صحيح البخاري (7392) ، ومسلم (2677)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: )إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا ، مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا ، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ)

ثانيا :

وأما ما ذكرته من نقاش الإخوة في مسائل العلو ونحوه ، فليعلم أن الناس في هذا الباب ونحوه : طرفان ، ووسط .
أما الطرف الأول :

فطرف من يتكلف التنقير عن دقائق هذه الأبواب ، ثم لا يقف عند هذا الحد ، حتى يظن أن نشر مثل هذه التدقيقات على العامة : هو من أصول الاعتقاد ، ومن واجبات الدين ، ومهمات الدعوة .

وأما الطرف الثاني :

فطرف من يزهد في هذا الباب كله ، ويميل عنه كل الميل ، أو لا يعتني بتقرير وجه الحق فيه ، ورد البدعة والخطأ الذي شاع في الناس ، ويرى السكوت عن ذلك ، والاشتغال عنه

إما بأمور علمية أخرى ، أو عملية ، أو سياسية ، أو نحو ذلك من توجهات الناس ، وميولهم ، يرى أن ذلك كله أوجب ، أو هو الواجب ، دون تعليم الناس أمور اعتقادهم ، وفتح باب المعرفة في أسماء الله وصفاته .

وأما الوسط :

فيعمل على تقرير الباب ، من حيث الأصل ، ثم يتفاوت الناس بعد ذلك ، بحسب هممهم

ومقامهم من العلم والإيمان ، وما أعطوا من العلم والعقل ، والآلة التي تؤهله للفهم عن الله ورسوله في مثل هذا الباب ، وإدراك ما يتحدث الناس فيه ، ويتنازعون حوله .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَلْزَمَ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُنَّةَ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ وَالسَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مَنَّ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَاَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانِ.

وَمَا تَنَازَعَتْ فِيهِ الْأُمَّةُ ، وَتَفَرَّقَتْ فِيهِ : إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَفْصِلَ النِّزَاعَ بِالْعِلْمِ وَالْعَدْلِ

وَإِلَّا اسْتَمْسَكَ بِالْجُمَلِ الثَّابِتَةِ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ ، وَأَعْرَضَ عَنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دَيْنَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا

فَإِنَّ مَوَاضِعَ التَّفَرُّقِ وَالِاخْتِلَافِ عَامَّتُهَا تَصْدُرُ عَنْ اتِّبَاعِ الظَّنِّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ ، وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمْ الْهُدَى .
..
وَالْوَاجِبُ أَمْرُ الْعَامَّةِ بِالْجُمَلِ الثَّابِتَةِ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ ، وَمَنْعُهُمْ مِنْ الْخَوْضِ فِي التَّفْصِيلِ الَّذِي يُوقِعُ بَيْنَهُمْ الْفُرْقَةَ وَالِاخْتِلَافَ ؛ فَإِنَّ الْفُرْقَةَ وَالِاخْتِلَافَ مِنْ أَعْظَمِ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (12/237) .

ثالثا :

المسائل التي لم يبلغ العبد فيها علمها مفصلا ، أو لم تمكنه آلته من النظر فيها : لا يحل له أن يتكلم فيها بغير علم

كما لا يحل له أن يعرض عما بلغه تفصيل علمه من كتاب الله وسنة رسوله ، صلى الله عليه وسلم

كما لا يحل له أن يسكت عن بيان الحق فيما تنازع الناس فيه ، وبلغه علمه من الخبر الصادق .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" لَا رَيْبَ أَنَّ مَنْ لَقِيَ اللَّهَ بِالْإِيمَانٍ بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ مُجْمَلًا ، مُقِرًّا بِمَا بَلَّغَهُ مِنْ تَفْصِيلِ الْجُمْلَةِ

غَيْرَ جَاحِدٍ لِشَيْءٍ مِنْ تَفَاصِيلِهَا : أَنَّهُ يَكُونُ بِذَلِكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ؛ إذْ الْإِيمَانُ بِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ تَفْصِيلِ مَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ وَأَمَرَ بِهِ غَيْرَ مَقْدُورٍ لِلْعِبَادِ ، إذْ لَا يُوجَدُ أَحَدٌ إلَّا وَقَدْ خَفِيَ عَلَيْهِ بَعْضُ مَا قَالَهُ الرَّسُولُ .

وَلِهَذَا يَسَعُ الْإِنْسَانَ فِي مَقَالَاتٍ كَثِيرَةٍ ألَا يُقِرُّ فِيهَا بِأَحَدِ النَّقِيضَيْنِ ، لَا يَنْفِيهَا وَلَا يُثْبِتُهَا ، إذَا لَمْ يَبْلُغْهُ أَنَّ الرَّسُولَ نَفَاهَا أَوْ أَثْبَتَهَا .

وَيَسَعُ الْإِنْسَانَ السُّكُوتُ عَنْ النَّقِيضَيْنِ فِي أَقْوَالٍ كَثِيرَةٍ ، إذَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ بِوُجُوبِ قَوْلِ أَحَدِهِمَا .

أَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ هُوَ الَّذِي قَالَهُ الرَّسُولُ دُونَ الْآخَرِ

فَهُنَا يَكُونُ السُّكُوتُ عَنْ ذَلِكَ وَكِتْمَانُهُ

: مِنْ بَابِ كِتْمَانِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ ، وَمِنْ بَابِ كِتْمَانِ شَهَادَةِ الْعَبْدِ مِنْ اللَّهِ ، وَفِي كِتْمَانِ الْعِلْمِ النَّبَوِيِّ مِنْ الذَّمِّ وَاللَّعْنَةِ لِكَاتِمِهِ مَا يَضِيقُ عَنْهُ هَذَا الْمَوْضِعَ .

وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ مُتَضَمِّنًا لِنَقِيضِ مَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْآخَرُ لَا يَتَضَمَّنُ مُنَاقَضَةَ الرَّسُولِ ، لَمْ يَجُزْ السُّكُوتُ عَنْهُمَا جَمِيعًا ، بَلْ يَجِبُ نَفْيُ الْقَوْلِ الْمُتَضَمِّنِ لِمُنَاقَضَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

وَلِهَذَا أَنْكَرَ الْأَئِمَّةُ عَلَى الْوَاقِفَةِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ حِينَ تَنَازَعَ النَّاسُ ، فَقَالَ قَوْمٌ بِمُوجَبِ السُّنَّةِ

وَقَالَ قَوْمٌ بِخِلَافِ السُّنَّةِ ، وَتَوَقَّفَ قَوْمٌ فَأَنْكَرُوا عَلَى الْوَاقِفَةِ ، كَالْوَاقِفَةِ الَّذِينَ قَالُوا لَا نَقُولُ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ وَلَا نَقُولُ إنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ .

هَذَا مَعَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْوَاقِفَةِ يَكُونُ فِي الْبَاطِنِ مُضْمِرًا لِلْقَوْلِ الْمُخَالِفِ لِلسُّنَّةِ ، وَلَكِنْ يُظْهِرُ الْوَقْفَ نِفَاقًا وَمُصَانَعَةً ؛ فَمِثْلُ هَذَا مَوْجُودٌ !! " .

انتهى من "التسعينية" (1/210-212) .









قديم 2020-03-14, 18:20   رقم المشاركة : 110
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


رابعا :

لا يلزم أن يكون كل من جهل شيئا في هذا الباب ، أو أخطأ فيه : أن يكون آثما

كما لا يلزم من كون الشخص معذورا ، أو مأجورا ، أن يكون غيره كذلك

بل هذا يتفاوت بحسب حال الشخص ، وما بلغه من نور النبوة ، وهدي الرسالة .

يقول شيخ الإسلام رحمه الله :

" الْمَسَائِلَ الْخَبَرِيَّةَ الْعِلْمِيَّةَ قَدْ تَكُونُ وَاجِبَةَ الِاعْتِقَادِ

وَقَدْ تَجِبُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ ، وَعَلَى قَوْمٍ دُونَ قَوْمٍ؛ وَقَدْ تَكُونُ مُسْتَحَبَّةً غَيْرَ وَاجِبَةٍ ، وَقَدْ تُسْتَحَبُّ لِطَائِفَةِ أَوْ فِي حَالٍ كَالْأَعْمَالِ سَوَاءً ، وَقَدْ تَكُونُ مَعْرِفَتُهَا مُضِرَّةً لِبَعْضِ النَّاسِ

فَلَا يَجُوزُ تَعْرِيفُهُ بِهَا كَمَا قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -:

" حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ وَدَعُوا مَا يُنْكِرُونَ؛ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ " وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَا مِنْ رَجُلٍ يُحَدِّثُ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ إلَّا كَانَ فِتْنَةً لِبَعْضِهِمْ ". وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِمَنْ سَأَلَهُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ

. الْآيَةَ فَقَالَ: مَا يُؤَمِّنُك أَنِّي لَوْ أَخْبَرْتُك بِتَفْسِيرِهَا لَكَفَرْت؟

وَكُفْرُك تَكْذِيبُك بِهَا. وَقَالَ لِمَنْ سَأَلَهُ عَنْ قَوْله تَعَالَى تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ

هُوَ يَوْمٌ أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ؛ اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ عَنْ السَّلَفِ.

فَإِذَا كَانَ الْعِلْمُ " بِهَذِهِ الْمَسَائِلِ " قَدْ يَكُونُ نَافِعًا ، وَقَدْ يَكُونُ ضَارًّا لِبَعْضِ النَّاسِ

تَبَيَّنَ لَك أَنَّ الْقَوْلَ قَدْ يُنْكَرُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ ، وَمَعَ شَخْصٍ دُونَ شَخْصٍ؛ وَإِنَّ الْعَالِمَ قَدْ يَقُولُ الْقَوْلَيْنِ الصوابين كُلَّ قَوْلٍ مَعَ قَوْمٍ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي يَنْفَعُهُمْ ؛ مَعَ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ صَحِيحَانِ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا

لَكِنْ قَدْ يَكُونُ قَوْلُهُمَا جَمِيعًا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الطَّائِفَتَيْنِ ؛ فَلَا يَجْمَعُهُمَا إلَّا لِمَنْ لَا يَضُرُّهُ الْجَمْعُ .

وَإِذَا كَانَتْ قَدْ تَكُونُ قَطْعِيَّةً

وَقَدْ تَكُونُ اجْتِهَادِيَّةً: سَوَّغَ اجْتِهَادِيَّتَهَا مَا سَوَّغَ فِي الْمَسَائِلِ الْعَمَلِيَّةِ وَكَثِيرٌ مِنْ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ أَوْ أَكْثَرُهُ مِنْ هَذَا الْبَابِ

فَإِنَّ الِاخْتِلَافَ فِي كَثِيرٍ مِنْ التَّفْسِيرِ هُوَ مِنْ بَابِ الْمَسَائِلِ الْعِلْمِيَّةِ الْخَبَرِيَّةِ لَا مِنْ بَابِ الْعَمَلِيَّةِ ؛ لَكِنْ قَدْ تَقَعُ الْأَهْوَاءُ فِي الْمَسَائِلِ الْكِبَارِ

كَمَا قَدْ تَقَعُ فِي مَسَائِلِ الْعَمَلِ ، وَقَدْ يُنْكِرُ أَحَدُ الْقَائِلِينَ عَلَى الْقَائِلِ الْآخَرِ قَوْلَهُ إنْكَارًا يَجْعَلُهُ كَافِرًا أَوْ مُبْتَدِعًا فَاسِقًا يَسْتَحِقُّ الْهَجْرَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ ذَلِكَ وَهُوَ أَيْضًا اجْتِهَادٌ.

وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ التَّغْلِيظُ صَحِيحًا فِي بَعْضِ الْأَشْخَاصِ أَوْ بَعْضِ الْأَحْوَالِ لِظُهُورِ السُّنَّةِ الَّتِي يَكْفُرُ مَنْ خَالَفَهَا؛

وَلِمَا فِي الْقَوْلِ الْآخَرِ مِنْ الْمَفْسَدَةِ الَّذِي يُبَدَّعُ قَائِلُهُ؛ فَهَذِهِ أُمُورٌ يَنْبَغِي أَنْ يَعْرِفَهَا الْعَاقِلُ؛ فَإِنَّ الْقَوْلَ الصِّدْقَ إذَا قِيلَ: فَإِنَّ صِفَتَهُ الثُّبُوتِيَّةَ اللَّازِمَةَ أَنْ يَكُونَ مُطَابِقًا لِلْمُخْبِرِ.

أَمَّا كَوْنُهُ عِنْدَ الْمُسْتَمِعِ مَعْلُومًا أَوْ مَظْنُونًا أَوْ مَجْهُولًا أَوْ قَطْعِيًّا أَوْ ظَنِّيًّا أَوْ يَجِبُ قَبُولُهُ أَوْ يَحْرُمُ أَوْ يَكْفُرُ جَاحِدُهُ أَوْ لَا يَكْفُرُ؛ فَهَذِهِ أَحْكَامٌ عَمَلِيَّةٌ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ.

فَإِذَا رَأَيْت إمَامًا قَدْ غَلَّظَ عَلَى قَائِلِ مَقَالَتِهِ أَوْ كَفَّرَهُ فِيهَا فَلَا يُعْتَبَرُ هَذَا حُكْمًا

عَامًّا فِي كُلِّ مَنْ قَالَهَا إلَّا إذَا حَصَلَ فِيهِ الشَّرْطُ الَّذِي يَسْتَحِقُّ بِهِ التَّغْلِيظَ عَلَيْهِ وَالتَّكْفِيرَ لَهُ؛ فَإِنَّ مَنْ جَحَدَ شَيْئًا مِنْ الشَّرَائِعِ الظَّاهِرَةِ وَكَانَ حَدِيثَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَاشِئًا بِبَلَدِ جَهْلٍ لَا يَكْفُرُ حَتَّى تَبْلُغَهُ الْحُجَّةُ النَّبَوِيَّةُ.

وَكَذَلِكَ الْعَكْسُ إذَا رَأَيْت الْمَقَالَةَ الْمُخْطِئَةَ قَدْ صَدَرَتْ مِنْ إمَامٍ قَدِيمٍ فَاغْتُفِرَتْ؛ لِعَدَمِ بُلُوغِ الْحُجَّةِ لَهُ

فَلَا يُغْتَفَرُ لِمَنْ بَلَغَتْهُ الْحُجَّةُ مَا اُغْتُفِرَ لِلْأَوَّلِ فَلِهَذَا يُبَدَّعُ مَنْ بَلَغَتْهُ أَحَادِيثُ عَذَابِ الْقَبْرِ وَنَحْوِهَا إذَا أَنْكَرَ ذَلِكَ وَلَا تُبَدَّعُ عَائِشَةُ وَنَحْوُهَا مِمَّنْ لَمْ يَعْرِفْ بِأَنَّ الْمَوْتَى يَسْمَعُونَ فِي قُبُورِهِمْ

فَهَذَا أَصْلٌ عَظِيمٌ فَتَدَبَّرْهُ فَإِنَّهُ نَافِعٌ. وَهُوَ أَنْ يَنْظُرَ فِي " شَيْئَيْنِ :

فِي الْمَقَالَةِ " هَلْ هِيَ حَقٌّ؟ أَمْ بَاطِلٌ؟ أَمْ تَقْبَلُ التَّقْسِيمَ فَتَكُونُ حَقًّا بِاعْتِبَارِ بَاطِلًا بِاعْتِبَارِ؟ وَهُوَ كَثِيرٌ وَغَالِبٌ؟ .

ثُمَّ النَّظَرُ الثَّانِي فِي حُكْمِهِ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا أَوْ تَفْصِيلًا ، وَاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ فِيهِ

فَمَنْ سَلَكَ هَذَا الْمَسْلَكَ أَصَابَ الْحَقَّ قَوْلًا وَعَمَلًا ، وَعَرَفَ إبْطَالَ الْقَوْلِ وَإِحْقَاقَهُ وَحَمْدَهُ ، فَهَذَا هَذَا ، وَاَللَّهُ يَهْدِينَا وَيُرْشِدُنَا إنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ "
.
انتهى من " مجموع الفتاوى " (6/59-61) .

وقال أيضا :

" وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ خَالَفَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا الِاعْتِقَادِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَالِكًا فَإِنَّ الْمُنَازِعَ قَدْ يَكُونُ مُجْتَهِدًا مُخْطِئًا

يَغْفِرُ اللَّهُ خَطَأَهُ وَقَدْ لَا يَكُونُ بَلَغَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ الْعِلْمِ مَا تَقُومُ بِهِ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ وَقَدْ يَكُونُ لَهُ مِنْ الْحَسَنَاتِ مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ سَيِّئَاتِهِ

وَإِذَا كَانَتْ أَلْفَاظُ الْوَعِيدِ الْمُتَنَاوَلَةُ لَهُ لَا يَجِبُ أَنْ يَدْخُلَ فِيهَا الْمُتَأَوِّلُ وَالْقَانِتُ وَذُو الْحَسَنَاتِ الْمَاحِيَةِ وَالْمَغْفُورُ لَهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ:

فَهَذَا أَوْلَى، بَلْ مُوجِبُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ ذَلِكَ نَجَا فِي هَذَا الِاعْتِقَادِ وَمَنْ اعْتَقَدَ ضِدَّهُ فَقَدْ يَكُونُ نَاجِيًا وَقَدْ لَا يَكُونُ نَاجِيًا كَمَا يُقَالُ مَنْ صَمَتَ نَجَا "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (3/179) .

خامسا :

وأما أن العبد سيسأل عن ذلك ، أو لا يسأل ، فقد تبين شيء من جواب ذلك من مسألة التأثيم وعدمه .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

في جواب له عما يجب على المكلف اعتقاده :

" أَمَّا قَوْلُهُ: مَا الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ اعْتِقَادُهُ فَهَذَا فِيهِ إجْمَالٌ وَتَفْصِيلٌ. أَمَّا الْإِجْمَالُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ أَنْ يُؤْمِنَ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَيُقِرَّ بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ:

مِنْ أَمْرِ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَمَا أَمَرَ بِهِ الرَّسُولُ وَنَهَى ، بِحَيْثُ يُقِرُّ بِجَمِيعِ مَا أَخْبَرَ بِهِ ، وَمَا أَمَرَ بِهِ ؛ فَلَا بُدَّ مِنْ تَصْدِيقِهِ فِيمَا أَخْبَرَ؛ وَالِانْقِيَادِ لَهُ فِيمَا أَمَرَ.

وَأَمَّا التَّفْصِيلُ : فَعَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يُقِرَّ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ ؛ مِنْ أَنَّ الرَّسُولَ أَخْبَرَ بِهِ ، وَأَمَرَ بِهِ .

وَأَمَّا مَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ وَلَمْ يَبْلُغْهُ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِهِ ؛ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْعِلْمُ بِذَلِكَ ؛ فَهُوَ لَا يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِ الْإِقْرَارِ بِهِ مُفَصَّلًا ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي إقْرَارِهِ بِالْمُجْمَلِ الْعَامِّ .

ثُمَّ إنْ قَالَ خِلَافَ ذَلِكَ مُتَأَوِّلًا : كَانَ مُخْطِئًا يُغْفَرُ لَهُ خَطَؤُهُ

إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ تَفْرِيطٌ وَلَا عُدْوَانٌ ؛ وَلِهَذَا يَجِبُ عَلَى الْعُلَمَاءِ مِنْ الِاعْتِقَادِ مَا لَا يَجِبُ عَلَى آحَادِ الْعَامَّةِ، وَيَجِبُ عَلَى مَنْ نَشَأَ بِدَارِ عِلْمٍ وَإِيمَانٍ مِنْ ذَلِكَ ، مَا لَا يَجِبُ عَلَى مَنْ نَشَأَ بِدَارِ جَهْلٍ ...

وَأَمَّا قَوْلُهُ: مَا الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ عِلْمُهُ ؟

فَهَذَا أَيْضًا يَتَنَوَّعُ ؛ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يَعْلَمَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ ، فَيَعْلَمَ مَا أمرَ بِالْإِيمَانِ بِهِ

وَمَا أمرَ بِعِلْمِهِ ؛ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ لَهُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ لَوَجَبَ عَلَيْهِ تَعَلُّمُ عِلْمِ الزَّكَاةِ ، وَلَوْ كَانَ لَهُ مَا يَحُجُّ بِهِ لَوَجَبَ عَلَيْهِ تَعَلُّمُ عِلْمِ الْحَجِّ ، وَكَذَلِكَ أَمْثَالُ ذَلِكَ.

وَيَجِبُ عَلَى عُمُومِ الْأُمَّةِ عِلْمُ جَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ ، بِحَيْثُ لَا يَضِيعُ مِنْ الْعِلْمِ الَّذِي بَلَّغَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ شَيْءٌ

وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ ؛ لَكِنَّ الْقَدْرَ الزَّائِدَ عَلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُعَيَّنُ : فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ ؛ إذَا قَامَتْ بِهِ طَائِفَةٌ ، سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ ..."

انتهى من "مجموع الفتاوى" (3/327-329) .

والله أعلم .









قديم 2020-03-14, 18:32   رقم المشاركة : 111
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

هل أسماء الله الحسنى مكتوبة على الشمس ؟

السؤال

لقد قرأت مؤخراً أنّ أربعة من أسماء الله الحسنى مكتوبة على الشمس حيث تمدها بالوقود وأحد هذه الأسماء " السميع " ولكنني لم أجد المرجع الذي أخذت منه هذه المعلومة

فما صحتها ؟


الجواب

الحمد لله


مثل هذه الأمور الغيبية لا يمكن تصديقها إلا إذا جاءت بخبر صحيح ثابت ، ولا سبيل لمعرفة ذلك إلا بالقرآن الكريم أو السنة النبوية .

وهذه آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية التي تحدثت عن أسماء الله الحسنى وتحدثت أيضا عن الشمس ليس فيها أن بعض أسماء الله الحسنى مكتوبة على الشمس

وأنها هي التي تمدها بالوقود ، وهذه كتب العلماء التي ألفوها عن أسماء الله الحسنى ، لا نعلم أن أحدا منهم ذكر شيئا من هذا ولا أشار إليه .

وهذا يكفي لإثبات أن هذا لا أصل له في الشريعة .

وإنما يتجرأ بعض الناس عل الكذب فيخترعون هذه الأخبار الغريبة ، ويتقبلها العامة لما يظنون أن فيها تعظيما لله تعالى .

وبناء على هذا

فلا يجوز لأحد نشر مثل هذا الكلام ولا نقله

إلا إذا نشره ليبين للناس أنه لا أصل له في الشريعة .

والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد









قديم 2020-03-14, 18:39   رقم المشاركة : 112
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

لو أعطى الله كل سائل من خلقه مسألته

ما نقص ذلك مما عند الله شيئا


السؤال

قرأت في الحديث القدسي :

( ما نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ )

فهل هذا من باب المجاز للإشارة بأن ما عند الله عز وجل لا ينفد أو ينقص للدلالة على عظمته وقوته ؟

حيث أخبرني أحدهم بأنه قد يكون هذا مما تستعمله العرب للدلالة على معنى عدم نقص الشيء

فهل يفهم الحديث على أنه من باب المجاز أم لا ؟


الجواب

الحمد لله

روى مسلم (2577)

عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِيمَا رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى

أَنَّهُ قَالَ : ( يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ ) .

فقوله تعالى : ( مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ )

المقصود منه تحقيق عدم النقص وتأكيده ، فكما أن المخيط إذا أدخل البحر ثم أخرج منه لم ينقص من ماء البحر شيئا ، فكذلك : لو أعطى الله كل واحد من الجن والإنس مسألته لم ينقص ذلك مما عنده شيئا .

وهذا أسلوب من أساليب تأكيد الكلام في اللغة العربية ، وهو تأكيد الكلام بما يشبه النفي ،

فإن السامع إذا سمع : لا ينقص إلا كذا ... يظن لأول وهلة أنه ينقص ، ولكنه عندما يستمع باقي الكلام يدرك أن المقصود به تأكيد عدم النقص .

قال النووي رحمه الله :

" مَعْنَاهُ : لَا يُنْقِصُ شَيْئًا أَصْلًا ، كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ : ( لَا يَغِيضُهَا نَفَقَة ٌ) أَي : لَا يَنْقُصُهَا نَفَقَةٌ ؛ لِأَنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ لَا يَدْخُلُهُ نَقْصٌ ... فَضَرَبَ الْمَثَلَ بِالْمِخْيَطِ فِي الْبَحْرِ ، لِأَنَّهُ غَايَةُ مَا يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فِي الْقِلَّةِ

وَالْمَقْصُودُ التَّقْرِيبُ إِلَى الْإِفْهَامِ بِمَا شَاهَدُوهُ ، فَإِنَّ الْبَحْرَ مِنْ أَعْظَمِ الْمَرْئِيَّاتِ عَيَانًا وَأَكْبَرِهَا ، وَالْإِبْرَةُ مِنْ أَصْغَرِ الْمَوْجُودَاتِ ، مَعَ أَنَّهَا صَقِيلَةٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مَاءٌ "

انتهى من " شرح النووي على مسلم " (16/133) .

وقال ابن رجب رحمه الله :

" وَقَوْلُهُ : " ( لَمْ يَنْقُصْ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ ) تَحْقِيقٌ ؛ لِأَنَّ مَا عِنْدَهُ لَا يَنْقُصُ الْبَتَّةَ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ ) النحل/ 96

فَإِنَّ الْبَحْرَ إِذَا غُمِسَ فِيهِ إِبْرَةٌ ، ثُمَّ أُخْرِجَتْ لَمْ يَنْقُصْ مِنَ الْبَحْرِ بِذَلِكَ شَيْءٌ ، وَكَذَلِكَ لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ شَرِبَ مِنْهُ عُصْفُورٌ مَثَلًا ، فَإِنَّهُ لَا يَنْقُصُ الْبَحْرَ الْبَتَّةَ

وَلِهَذَا ضَرَبَ الْخَضِرُ لِمُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ هَذَا الْمَثَلَ فِي نِسْبَةِ عِلْمِهِمَا إِلَى عِلْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ

فقال له : ( مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللهِ إِلَّا مِثْلَ مَا نَقَصَ هَذَا الْعُصْفُورُ مِنَ الْبَحْرِ )

وَهَذَا لِأَنَّ الْبَحْرَ لَا يَزَالُ تَمُدُّهُ مِيَاهُ الدُّنْيَا وَأَنْهَارُهَا الْجَارِيَةُ ، فَمَهْمَا أُخِذَ مِنْهُ لَمْ يَنْقُصْهُ شَيْءٌ ، لِأَنَّهُ يَمُدُّهُ مَا هُوَ أَزْيَدُ مِمَّا أُخِذَ مِنْهُ "

انتهى من " جامع العلوم والحكم " (2/49) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" ولننظر إلى المخيط غمس في البحر ، فإذا نزعته لا ينقص البحر شيئا أبدا

ومثل هذه الصيغة يؤتى بها للمبالغة في عدم النقص

لأن عدم نقص البحر في مثل هذه الصورة أمر معلوم

فمستحيل أن البحر ينقص بهذا ، فمستحيل أيضا أن الله عز وجل ينقص ملكه إذا قام كل إنسان من الإنس والجن

فقاموا فسألوا الله تعالى ، فأعطى كل إنسان مسألته ، ما نقص ذلك من ملكه شيئا "

انتهى من " مجموع فتاوى ابن عثيمين " (8/ 250) .

وقال رحمه الله – أيضا - :

" قول الله عز وجل في الحديث القدسي : ( يا عبادي : لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم

قاموا في صعيد واحد ، فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا غمس في البحر ) .

هل ينقص ؟ لا ، لكن هذا من باب تأكيد الشيء بما يشبه النفي

( ما نقص إلا .... )

تتوقع أنه سيأتي شيء بيِّن أنه ناقص ، قال : إلا كما ينقص المخيط إذا غمس في البحر " انتهى .

إذن فمعنى الحديث :

تأكيد أن ما عند الله تعالى لا ينقص أبدا

ولا يقال إن هذا مجاز

بل هذا هو ظاهر اللفظ وما يدل عليه .

والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد


اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر علي امل اللقاء بكم
قريبا باذن الله ان قدر لنا البقاء و اللقاء









قديم 2020-03-15, 00:03   رقم المشاركة : 113
معلومات العضو
قرميط مجيد
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية قرميط مجيد
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك أخي الفاضل عبد الرحمن*










قديم 2020-03-16, 14:59   رقم المشاركة : 114
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قرميط مجيد مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك أخي الفاضل عبد الرحمن*

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك الطيب مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيكِِ
و جزاكِِ الله عنا كل خير









قديم 2020-03-16, 15:08   رقم المشاركة : 115
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يا صفوة الطيبين
جعلكم ربي من المكرمين
ونظر إليكم نظرة رضا يوم الدين

.

يسأل عن معنى حديث :

( لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ، حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ ..)


السؤال

صديقي ، وهو مسلم أيضا ، وهو بريطاني باكستاني ، يدعى بأنه سمع عالما يقتبس مباشرة من القرآن أن هيئة الله - سبحانه وتعالى - مذكورة في قصة تحكي عن كيف أن الله سيطأ برجله على أهل النار

وقد اختلفت معه قائلا له بأنه يحرم ربط الله بأي شكل حسي أو روحي خاص بالبشر أو الحيوانات أو أي جانب آخر من جوانب الحياة خلقه الله

فرد بالقول بأنه يعتقد بأن لله رجلا ، كما ذكر في القرآن ، وبأنها مستخدمة في وصف عذاب النار ، فاقترحت بأنه يمكن ألا يكون معنى حرفي لله أو هيئته - والله أعلم -

ويمكن أن يكون مجرد مصطلح مجازي تم استخدامه لوصف عذاب جهنم وغضب الله على أهلها

فأجاب صديقي بأني آثم بقولي هذا ، وبأن كل ما ذكر في القرآن من قصص وتعاليم يجب أن يؤخذ حرفياً ، وليس هناك شيء مجازي ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

يجب الإيمان بأسماء الله وصفاته الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة ، من غير تشبيه ، ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل .

والتشبيه : أن يقول لله يد كأيدينا ، أو سمع كأسماعنا ، أو علم كعلمنا .

والتعطيل : أن ينفي الصفة ، أو يؤولها ، ويدعي أنها على سبيل المجاز وليست حقيقة ، كمن يقول: اليد بمعنى القدرة ، والاستواء على العرش : بمعنى الاستيلاء .

وقد اشتهر هذا التعطيل ، أو التأويل المجازي في باب الصفات ، عن بعض الفرق المبتدعة ، كالجهمية والمعتزلة ومن تبعهم .

والتكييف في باب الصفات : أن يقول : إن كيفية صفة الله كذا ، وكذا .

وهذا هو معنى " الهيئة " التي ذكرها السائل ، فنحن لا نقضي على شيء من صفات الله بأن كيفيتها كذا وكذا ، أو هيئتها كذا وكذا ، بل علم الكيفية والهيئة مرفوع ، لم يبين لنا ، ولم يدركه العباد بعقولهم

؛ كما قال الإمام مالك رحمه الله في صفة " الاستواء " :

" مَالك الإِمَام الاسْتوَاء مَعْلُوم يَعْنِي فِي اللُّغَة والكيف مَجْهُول وَالسُّؤَال عَنهُ بِدعَة "

. انتهى من "العلو" للذهبي (167) .

وينظر جواب السؤال القادم

ثانيا :

من صفات الله الثابتة : الرِّجل والقَدم .

ودليل ذلك : ما روى البخاري (6661)، ومسلم (2848) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ، حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ ، فَتَقُولُ قَطْ قَطْ وَعِزَّتِكَ ، وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ ).

وروى البخاري (4850)، ومسلم (2847) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَحَاجَّتْ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ ، فَقَالَتْ النَّارُ : أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ ، وَقَالَتْ الْجَنَّةُ : مَا لِي لَا يَدْخُلُنِي إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ ؟

قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْجَنَّةِ : أَنْتِ رَحْمَتِي ، أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي ، وَقَالَ لِلنَّارِ : إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابِي ، أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِلْؤُهَا

فَأَمَّا النَّارُ فَلَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ رِجْلَهُ ، فَتَقُولُ : قَطْ قَطْ ، فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ ، وَلَا يَظْلِمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا ) .

فهذا يدل على إثبات صفة " القدم" ، أو " الرجل "، لله تعالى ، على الوجه اللائق بكماله وجماله وجلاله .

وقال ابن عباس رضي الله عنهما :

" الكرسي موضع القدمين ، والعرش لا يقدر أحد قدره " رواه ابن خزيمة في "التوحيد" (1/ 248 رقم : 154) ، وابن أبي شيبة في "العرش" (61)

والدارمي في "الرد على المريسي" ، وعبد الله ابن الإمام أحمد في "السنة"

والحاكم في "المستدرك" (2/ 282) ، وصححه على شرط الشيخين ، ووافقه الذهبي

وصححه الألباني في "مختصر العلو" ص 102

وأحمد شاكر في "عمدة التفسير" (2/ 163).

وقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه

" الكرسي موضع القدمين، وله أطيطٌ كأطيطِ الرَّحْل "

رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في "السنة" ، وابن أبي شيبة في "العرش" (60) ، وابن جرير ، والبيهقي

وغيرهم ، وصحح إسناده ابن حجر في الفتح (8/ 47

) والألباني في "مختصر العلو" ص 123-124

ومن كلام علماء السلف ، وأئمة السنة في إثبات القدمين :

قال الإمام ابن خزيمة رحمه الله في "كتاب التوحيد" (2/ 202) :

" باب ذكر إثبات الرِّجل لله عز وجل ، وإن رغمت أنوف المعطلة الجهمية ، الذين يكفرون بصفات خالقنا عز وجل التي أثبتها لنفسه في محكم تنزيله وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ".

وقال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله :

" هذه الأحاديث التي يقول فيها : ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غِيَره ، وأن جهنم لا تمتلئ حتى يضع ربك قدمه فيها ، والكرسي موضع القدمين

وهذه الأحاديث في الرواية هي عندنا حق ، حملها الثقات بعضهم عن بعض

غير أنا إذا سئلنا عن تفسيرها : لا نفسرها ، وما أدركنا أحدا يفسرها "

رواه البيهقي في "الأسماء والصفات" ( 2/ 198)

وابن عبد البر في "التمهيد" (7/ 149).

وينظر جواب السؤالين الثاني و الثالث القادمين

ثالثا :

تأول المعطلة القدم والرجل بأن المراد : أنه يضع طائفة من عباده ، أو من يقدّمهم إلى النار ، أو قدم إبليس لقوله : حتى يضع الجبار.. الخ .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "شرح الواسطية" ( 2/ 452) :

" وخالف الأشاعرة وأهل التحريف أهل السنة ، فقالوا : " يضع عليها رجله " يعني : طائفة من عباده مستحقين للدخول ؛

والرِّجل تأتي بمعنى الطائفة ، كما في حديث أيوب عليه الصلاة والسلام : ( أرسل الله إليه رِجل جراد ) ، يعني طائفة من جراد .

وهذا غير صحيح ؛ لأن اللفظ " عليها " يمنع ذلك .

وأيضا : لا يمكن أن يضيف الله عز وجل أهل النار إلى نفسه ؛ لأن إضافة الشيء إلى الله تكريم وتشريف .

قالوا في القدم : قدم بمعنى مقدّم ، أي يضع الله تعالى عليها مقدَّمه ، أي من يقدمهم إلى النار .

فنقول : أهل النار لا يقدمهم الباري عز وجل ، ولكنهم ( يُدعّون إلى نار جهنم دعا ) ويلقون فيها إلقاء ... " انتهى .

والحاصل :

أنه يجب الإيمان بما ورد في النصوص من أسماء الله وصفاته ، كما آمن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعون لهم بإحسان ، من غير تشبيه ولا تكييف ، ومن غير تأويل ولا تعطيل .

ولو كانت هذه الصفات على سبيل المجاز : لبين صلى الله عليه وسلم ذلك ؛ لأنه المبيِّن عن ربه سبحانه تعالى ، وقد بيّن لأمته ما تحتاج إليه في أمر دينها

وتركها على المحجة البيضاء ، فلو كانت هذه الصفات تفيد نقصا ، أو يحرم إجراؤها على ظاهرها ، أو يجب تأويلها ، لما تكلم بها صلى الله عليه وسلم ، أو لقرن كلامه بما يبين أنها على غير حقيقتها .

وينظر جواب السؤال الرابع القادم

والله أعلم .









قديم 2020-03-16, 15:14   رقم المشاركة : 116
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

موقف المؤمن تجاه أسماء الله وصفاته من حيث المعنى والكيفية .

السؤال

من المعلوم أن أهل السنة و الجماعة يثبتون صفات الرب سبحانه من غير تكييف ولا تمثيل ولا تشبيه ولا تعطيل

. وهم عندما يثبتون يؤولون الكيفية ويعرفون المعنى مستشهدين بمقولة الإمام مالك المشهورة " الاستواء معلوم والكيف مجهول" .

والذي أشكل علي أننا إن قلنا مثل هذا في كل الصفات فقد يقال لنا: فما معنى ضحك الله ؟

أو ما معنى وجه الله ؟

أو ما معنى رحمة الله ؟

أو ما معنى ساق الله ؟

إلى غير ذلك من الصفات ألا يلزمنا أن نعرف معناها اللائق بالله حتى لا نكون مفوضة ؟

والمشكلة أن العرب إذا فسروا معناها فإنما يفسرونها بمقتضيات ما يرونه من المخلوقات أفيدونا فلقد احترنا في هذا ، وقد أشكل به علينا بعض المبتدعة من الأشاعرة .


الجواب


الحمد لله

أولا :

أهل السنة والجماعة لا يؤولون الكيفية ، وإنما يفوضون علمها إلى الله ، فيؤمنون بصفات الرب تعالى ، ويؤمنون بمعانيها ، ويفوضون كيفيتها إليه سبحانه .

قال ابن الماجشون وأحمد بن حنبل وغيرهما من السلف :

" إنا لا نعلم كيفية ما أخبر الله به عن نفسه ، وإن علمنا تفسيره ومعناه "

انتهى من "درء تعارض العقل والنقل" (1 /115) .

وقال أبو الطيب والد أبي حفص بن شاهين رحمه الله :

" حضرت عند أبي جعفر الترمذي فسأله سائل عن حديث نزول الرب ، فالنزول كيف هو ؟ يبقى فوقه علو ؟ فقال : النزول معقول والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة " .

قال الذهبي :

" صدق فقيه بغداد وعالمها في زمانه ؛ إذ السؤال عن النزول ما هو عيّ ، لأنه إنما يكون السؤال عن كلمة غريبة في اللغة ، وإلا فالنزول والكلام والسمع والبصر والعلم والاستواء عبارات جلية واضحة للسامع

فإذا اتصف بها من ليس كمثله شيء ، فالصفة تابعة للموصوف ، وكيفية ذلك مجهولة عند البشر"

انتهى من "العلو للعلي الغفار" (ص 213-214).

وقال أبو بكر الإسماعيلي :

" استوى على العرش بلا كيف ؛ فإنه انتهى إلى أنه استوى على العرش ، ولم يذكر كيف كان استواؤه "

انتهى من "معارج القبول" (1 /198) .

فعقيدة أهل السنة والجماعة في صفات الرب تعالى أنهم يثبتونها ، ويثبتون معانيها التي تدلُّ عليها على حقيقتها ووضعها اللغوي

ويفوضون العلم بالكيفيات والماهيات ، مع اعتقاد أنها لا يُفهم منها تشبيه الرب أو شيء من صفاته بالمخلوقين ؛ إذ إنه سبحانه ليس كمثله شيء ، لا في ذاته ولا في صفاته .

ثانيا :

قول الأخ السائل إننا إذا قلنا بذلك فقد يقال لنا : فما معنى ضحك الله ؟ أو ما معنى وجه الله ؟

فنقول : معنى ضحك الله إثبات صفة الضحك لله تعالى حقيقة لا مجازا ، على الوجه الذي يليق به سبحانه ، دون تمثيل أو تكييف ، فنثبت الصفة ونثبت المعنى ونفوض الكيفية كما تقدم . وهكذا في كل صفة .

قال الشيخ ابن جبرين رحمه الله :

" فنحن نثبت الصفة ، وننفي عنها التشبيه ، فالتشبيه يختص بالمخلوقين ، ونقول : إن الله تعالى أثبتها لنفسه ، ونحن نثبتها دون أن نبالغ في التمثيل

أو نقول عنها ما ليس بحق ، ومعلوم أن صفة المخلوق تناسبه ؛ فالضحك للمخلوق هو قهقهةٌ وصوت يكون عن شيء يعجبه أو يفرحه أو يسره

ولكن الرب يضحك كما يشاء ، بصفة لا نعلم كيفيتها"

انتهى من "فتاوى الشيخ ابن جبرين" (63 /96) .

ثالثا :

قول السائل : ألا يلزمنا أن نعرف معناها اللائق بالله حتى لا نكون مفوضة ؟

تقدم في إجابة السؤال رقم (138920) معنى التفويض في أسماء الله وصفاته

وخلاصة ما ذكر أن التفويض يكون على معنيين

: الأول : إثبات اللفظ ومعناه الذي يدل عليه ، ثم تفويض علم كيفيته إلى الله . وهذا المعنى صحيح ، وهو مذهب أهل السنة .

الثاني : إثبات اللفظ من غير معرفة معناه . وهذا المعنى باطل .

وفرق بين معرفة المعنى وإثبات حقيقة الصفة ، وبين معرفة كيفيتها .

قال علماء اللجنة :

" الواجب إثبات ما أثبته الله لنفسه من اليدين والقدمين والأصابع وغيرها من الصفات الواردة في الكتاب والسنة على الوجه اللائق بالله سبحانه

من غير تحريف ولا تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل ، وهي حقيقة لا مجاز "

انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (2 /376) .

فعلينا أن نفرق بين المعنى الذي يجب علينا أن نؤمن به ونثبته ، وبين الكيفية التي لا يمكن أن نعرفها ؛ لأن ربنا عز وجل ليس كمثله شيء .

قال شيخ الإسلام رحمه الله :

" وَقَدْ أَطْلَقَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِمَّنْ حَكَى إجْمَاعَ السَّلَفِ ، مِنْهُمْ الخطابي ، مَذْهَبَ السَّلَفِ : أَنَّهَا تَجْرِي عَلَى ظَاهِرِهَا مَعَ نَفْيِ الْكَيْفِيَّةِ وَالتَّشْبِيهِ عَنْهَا ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي " الصِّفَاتِ

" فَرْعٌ عَلَى الْكَلَامِ فِي " الذَّاتِ " يُحْتَذَى حَذْوُهُ وَيُتَّبَعُ فِيهِ مِثَالُهُ ؛ فَإِذَا كَانَ إثْبَاتُ الذَّاتِ إثْبَاتَ وُجُودٍ لَا إثْبَاتَ كَيْفِيَّةٍ ؛ فَكَذَلِكَ إثْبَاتُ الصِّفَاتِ إثْبَاتُ وُجُودٍ لَا إثْبَاتُ كَيْفِيَّةٍ

فَنَقُولُ إنَّ لَهُ يَدًا وَسَمْعًا وَلَا نَقُولُ إنَّ مَعْنَى الْيَدِ الْقُدْرَةُ وَمَعْنَى السَّمْعِ الْعِلْمُ .

.. وهَذِهِ الصِّفَاتِ إنَّمَا هِيَ صِفَاتُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَمَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ نِسْبَتُهَا إلَى ذَاتِهِ الْمُقَدَّسَةِ ، كَنِسْبَةِ صِفَاتِ كُلِّ شَيْءٍ إلَى ذَاتِهِ ، فَيُعْلَمُ أَنَّ الْعِلْمَ صِفَةٌ ذَاتِيَّةٌ لِلْمَوْصُوفِ ، وَلَهَا خَصَائِصُ

وَكَذَلِكَ الْوَجْهُ ... وَكَذَلِكَ " فِعْلُهُ " نَعْلَمُ أَنَّ الْخَلْقَ هُوَ إبْدَاعُ الْكَائِنَاتِ مِنْ الْعَدَمِ ، وَإِنْ كُنَّا لَا نُكَيِّفُ ذَلِكَ الْفِعْلَ وَلَا يُشْبِهُ أَفْعَالَنَا ، إذْ نَحْنُ لَا نَفْعَلُ إلَّا لِحَاجَةِ إلَى الْفِعْلِ ، وَاَللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ .

وَكَذَلِكَ " الذَّاتُ " تُعْلَمُ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُمَاثِلُ الذَّوَاتَ الْمَخْلُوقَةَ وَلَا يَعْلَمُ مَا هُوَ إلَّا هُوَ وَلَا يُدْرِكُ لَهَا كَيْفِيَّةً فَهَذَا هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ إطْلَاقِ هَذِهِ الصِّفَاتِ وَهُوَ الَّذِي يَجِبُ أَنْ تُحْمَلَ عَلَيْهِ .

فَالْمُؤْمِنُ يَعْلَمُ أَحْكَامَ هَذِهِ الصِّفَاتِ وَآثَارَهَا ، وَهُوَ الَّذِي أُرِيدَ مِنْهُ ، فَيعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا

وَأَنَّ الْأَرْضَ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ، وَأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَنْظُرُونَ إلَى وَجْهِ خَالِقِهِمْ فِي الْجَنَّةِ وَيَتَلَذَّذُونَ بِذَلِكَ لَذَّةً يَنْغَمِرُ فِي جَانِبِهَا جَمِيعُ اللَّذَّاتِ وَنَحْوَ ذَلِكَ .

كَمَا يعْلَمُ أَنَّ لَهُ رَبًّا وَخَالِقًا وَمَعْبُودًا وَلَا يَعْلَمُ كُنْهَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ؛ بَلْ غَايَةُ عِلْمِ الْخَلْقِ هَكَذَا : يَعْلَمُونَ الشَّيْءَ مِنْ بَعْضِ الْجِهَاتِ وَلَا يُحِيطُونَ بِكُنْهِهِ وَعِلْمُهُمْ بِنُفُوسِهِمْ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (6 /355-358) .

رابعا :

قول السائل " المشكلة أن العرب إذا فسروا معناها فإنما يفسرونها بمقتضيات ما يرونه من المخلوقات "

فنقول : العرب إذا فسروا معنى صفات المخلوقين ، فسروها بما يرون ويعلمون ويدركون منها

فكيف يمكن التعرض لكيفية صفات الرب وهو سبحانه ليس كمثله شيء ، ولا تدركه الأبصار ، ولا يحيطون به علما ؟!

ولا ينجو من شبه المبتدعة إلا من اتبع طريق السلف ، وسلك مسلكهم ، واقتفى آثارهم .

والله تعالى أعلم .









قديم 2020-03-16, 15:20   رقم المشاركة : 117
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

إثبات القدمين لله تعالى

السؤال

أنا طالب علم ويرد علي إشكال، هل نثبت لله قدمين ، كما جاءت في صيغة التثنية في الحديث الموقوف على ابن عباس (الكرسي موضع القدمين)

أم نثبت لله قدماً واحداً كما جاء في الحديث : (.. حتى يضع رب العزة فيها رجله.. وفي رواية : عليها قدمه) ؟

وإن كان لله قدمان ، فهل يضع الله عز وجل على جهنم كلتا قدميه ، للعلم بأن في قول النبي صلى الله عليه وسلم : (قدمه) إضافة ، وكما نعلم فإن المفرد المضاف يعم ؟

علمونا جزاكم الله خيراً ..


الجواب

الحمد لله

من الصفات الثابتة لله عز وجل : الرِّجل أو القَدم

ودليل ذلك : ما روى البخاري (6661) ومسلم (2848)

أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ فَتَقُولُ قَطْ قَطْ وَعِزَّتِكَ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ ) .

وروى البخاري (4850) ومسلم (2847)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَحَاجَّتْ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَقَالَتْ النَّارُ أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ

وَقَالَتْ الْجَنَّةُ مَا لِي لَا يَدْخُلُنِي إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْجَنَّةِ أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي وَقَالَ لِلنَّارِ إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي

وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِلْؤُهَا فَأَمَّا النَّارُ فَلَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ رِجْلَهُ فَتَقُولُ قَطْ قَطْ فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ وَلَا يَظْلِمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا ).

ولفظ مسلم : ( فَأَمَّا النَّارُ فَلَا تَمْتَلِئُ فَيَضَعُ قَدَمَهُ عَلَيْهَا ).

فهذا يدل على إثبات القدم أو الرجل لله تعالى .

وقال ابن عباس رضي الله عنه :

" الكرسي موضع القدمين ، والعرش لا يقدر أحد قدره "

رواه ابن خزيمة في "التوحيد" (1/ 248 رقم : 154) ، وابن أبي شيبة في "العرش" (61)

والدارمي في "الرد على المريسي" ، وعبد الله ابن الإمام أحمد في "السنة"

والحاكم في "المستدرك" (2/ 282) ، وصححه على شرط الشيخين

ووافقه الذهبي ، وصححه الألباني في "مختصر العلو" ص 102 ، وأحمد شاكر في "عمدة التفسير" (2/ 163).

وقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه : " الكرسي موضع القدمين

وله أطيطٌ كأطيطِ الرَّحْل " رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في "السنة"

وابن أبي شيبة في "العرش" (60) ، وابن جرير ، والبيهقي، وغيرهم ، وصحح إسناده ابن حجر في الفتح (8/ 47) والألباني في "مختصر العلو" ص 123-124

وهذان الأثران يدلان على إثبات القدمين لله تعالى ، وعلى هذا درج أهل السنة .

قال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله

: " هذه الأحاديث التي يقول فيها : ضحك ربنا من قنوط عباده وقرْب غِيَره ، وأن جهنم لا تمتلئ حتى يضع ربك قدمه فيها ، والكرسي موضع القدمين

وهذه الأحاديث في الرواية هي عندنا حق ، حملها الثقات بعضهم عن بعض ، غير أنا إذا سئلنا عن تفسيرها لا نفسرها وما أدركنا أحدا يفسرها "

رواه البيهقي في "الأسماء والصفات" ( 2/ 198)، وابن عبد البر في "التمهيد" (7/ 149).

وفي "فتاوى اللجنة الدائمة" (2/ 376) :

" الواجب إثبات ما أثبته الله لنفسه من اليدين والقدمين والأصابع وغيرها من الصفات الواردة في الكتاب والسنة على الوجه اللائق بالله سبحانه

من غير تحريف ولا تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل

لقول الله سبحانه : ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ )

وقوله سبحانه : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) وهي حقيقة لا مجاز . وأما التنطع في إثبات ما لم يرد به الكتاب والسنة فالواجب تركه .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى .

وقال الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله

: " وفي هذا الحديث إثبات الرِّجل والقدم له -سبحانه وتعالى-، وأهل السنة يثبتون لله ما جاء في هذا الحديث على حقيقته، كما يثبتون سائر الصفات، كما يثبتون اليدين والعينين له -سبحانه وتعالى-

ويقولون: إن له تعالى قدمين، كما جاء في الأثر المشهور عن ابن عباس في تفسير الكرسي: أنه موضع القدمين، أي: قدمي الرب -سبحانه وتعالى-.

القول في القدمين واليدين، القول في ذلك واحد، لا مجال للتفريق "

انتهى من "شرح الواسطية" ص 172

والثابت هو أن الله تعالى يضع على النار رجله أو قدمه ، فنؤمن بهذا ، ونقف عنده ، ولا نتجاوزه

ولا نقول : يضع قدميه بحجة أن المفرد المضاف يعم ، كما لا نقول: كتب التوراة بيديه ، بل نقتصر على الوارد ؛ لأن الصفات مبناها على التوقيف .

والله أعلم .









قديم 2020-03-16, 15:23   رقم المشاركة : 118
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

معنى (لا يمل الله حتى تملوا)

السؤال


ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم

: لا يمل الله حتى تملوا ؟؟

وهل فيه إثبات صفة الملل لله عز وجل ؟؟


الجواب

الحمد لله

روى البخاري (43) ومسلم (785)

واللفظ له عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدِي امْرَأَةٌ

فَقَالَ : مَنْ هَذِهِ؟ فَقُلْتُ : امْرَأَةٌ لَا تَنَامُ ، تُصَلِّي . قَالَ : (عَلَيْكُمْ مِنْ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَوَاللَّهِ لَا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا) وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ .

وظاهر الحديث يدل على إثبات الملل لله عز وجل على الوجه الذي يليق به سبحانه .

قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله :

" (فإن الله لا يمل حتى تملوا) من نصوص الصفات ، وهذا على وجه يليق بالباري لا نقص فيه ، كنصوص الاستهزاءِ والخداع فيما يتبادر "

انتهى من فتاوى الشيخ (1/ 179) .

وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء عن هذا الحديث فأجابوا :

فأجابوا :

"الواجب هو إمرار هذا الحديث كما جاء ، مع الإيمان بالصفة ، وأنها حق على الوجه الذي يليق بالله

من غير مشابهة لخلقه ولا تكييف ، كالمكر والخداع والكيد الواردة في كتاب الله عز وجل ، وكلها صفات حق تليق بالله سبحانه وتعالى على حد قوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) .

وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الله بن غديان... الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ... الشيخ صالح الفوزان .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (2/402) .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

هل نثبت صفة الملل لله عز وجل ؟

فأجاب بقوله : "جاء في الحديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قوله : (فإن الله لا يمل حتى تملوا) فمن العلماء من قال إن هذا دليل على إثبات الملل لله

لكن ملل الله ليس كملل المخلوق ، إذ إن ملل المخلوق نقص ، لأنه يدل على سأمه وضجره من هذا الشيء

، أما ملل الله فهو كمال وليس فيه نقص ، ويجري هذا كسائر الصفات التي نثبتها لله على وجه الكمال وإن كانت في حق المخلوق ليست كمالا .

ومن العلماء من يقول : إن قوله : (لا يمل حتى تملوا) يراد به بيان أنه مهما عملت من عمل فإن الله يجازيك عليه ، فاعمل ما بدا لك فإن الله لا يمل من ثوابك حتى تمل من العمل ، وعلى هذا فيكون المراد بالملل لازم الملل .

ومنهم من قال : إن هذا الحديث لا يدل على صفة الملل لله إطلاقا لأن قول القائل : لا أقوم حتى تقوم ، لا يستلزم قيام الثاني وهذا أيضا (لا يمل حتى تملوا) لا يستلزم ثبوت الملل لله عز وجل .

وعلى كل حال يجب علينا أن نعتقد أن الله تعالى منزه عن كل صفة نقص من الملل وغيره ، وإذا ثبت أن هذا الحديث دليل على الملل فالمراد به ملل ليس كملل المخلوق "

انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (1/174).

والله أعلم .









قديم 2020-03-16, 15:26   رقم المشاركة : 119
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

معنى الإلحاد في أسماء الله وأنواعه

السؤال

ما معنى الإلحاد في أسماء الله تعالى؟

الجواب

الحمد لله

"الإلحاد في اللغة : هو المَيْل

ومنه قول الله تعالى : (لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) النحل/103

ومنه : اللَّحْد في القبر ، فإنه سُمِّيَ لحدًا لميله إلى جانب منه ، ولا يُعرف الإلحاد إلا بمعرفة الاستقامة

لأنه كما قيل : بضدها تتبين الأشياء . فالاستقامة في باب أسماء الله وصفاته أن نجري هذه الأسماء والصفات على حقيقتها اللائقة بالله عز وجل ، من غير تحريف

ولا تعطيل ، ولا تكييف ، ولا تمثيل ، على القاعدة التي يمشي عليها أهل السنة والجماعة في هذا الباب

فإذا عرفنا الاستقامة في هذا الباب فإن خلاف الاستقامة هو الإلحاد ، وقد ذكر أهل العلم للإلحاد في أسماء الله تعالى أنواعاً يجمعها أن نقول : هو الميل بها عما يجب اعتقاده فيها . وهو على أنواع :

النوع الأول : إنكار شيء من الأسماء ، أو مما دلت عليه من الصفات ، ومثاله :- من ينكر أن اسم الرحمن من أسماء الله تعالى كما فعل أهل الجاهلية .

أو يثبت الأسماء ، ولكن ينكر ما تضمنته من الصفات ، كما يقول بعض المبتدعة : إن الله تعالى رحيم بلا رحمة ، وسميع بلا سمع .

النوع الثاني : أن يسمى الله سبحانه وتعالى بما لم يسم نفسه .

ووجه كونه إلحاداً : أن أسماء الله سبحانه وتعالى توقيفية ، فلا يحل لأحد أن يسمي الله تعالى باسم لم يسم به نفسه ؛ لأن هذا من القول على الله بلا عِلْم

ومن العدوان في حق الله عز وجل ، وذلك كما فعل بعض الفلاسفة فسموا الإله بالعلة الفاعلة ، وكما فعل النصارى فسموا الله تعالى باسم الأب ونحو ذلك .

النوع الثالث : أن يعتقد أن هذه الأسماء دالة على أوصاف المخلوقين فيجعلها دالة على التمثيل.

ووجه كونه إلحاداً : أن من اعتقد أن أسماء الله سبحانه وتعالى دالة على تمثيل الله بخلقه .

فقد أخرجها عن مدلولها ومال بها عن الاستقامة ، وجعل كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم دالاً على الكفر ، لأن تمثيل الله بخلقه كفر

لكونه تكذيباً لقوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) الشورى/11

ولقوله : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً) مريم/65 .

قال نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري رحمها الله : "من شبه الله بخلقه فقد كفر ، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر ، وليس فيما وصف الله به نفسه تشبيه" .

النوع الرابع : أنه يشتق من أسماء الله تعالى أسماء الأصنام ، كاشتقاق اللات من الإله ، والعُزَّى من العزيز ، ومَنَاة من المّنَّان" انتهى .

فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله .

"فتاوى العقيدة" (صـ 44) .









قديم 2020-03-16, 15:32   رقم المشاركة : 120
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

مغفرة الله للقاتل التائب خاصة بحق الله

أما حق المقتول فلا بد من أدائه

السؤال

يغفر الله سبحانه وتعالى لأي عبد من عباده متى ما أراد ذلك .

فهل من الممكن أن يغفر الله لمن يقتل نفساً بغير حق ؟

وهل يعتبر هذا عدلاً للضحية وعائلته إن غفر الله للقاتل ؟

وما معيار العدل عند الله عز وجل ؟


الجواب

الحمد لله


لا يمكن في حال من الأحوال أن يضيع حق المقتول عند الله تعالى ، فلا تستشكل مطلقا ما ورد في سؤالك ، وذلك لأدلة كثيرة :

أولا :

القصاص يوم القيامة هو عدل الله المطلق ، وأول ما يقتص بين العباد هو ذنب القتل ، سواء تاب القاتل أم لم يتب ، والأدلة في ذلك مطلقة لم تفرق بين التائب وغيره .

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ بِالدِّمَاءِ )

رواه البخاري (6533) ، ومسلم (1678) .

وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ : ( يَجِيءُ المَقْتُولُ بِالقَاتِلِ يَوْمَ القِيَامَةِ ، نَاصِيَتُهُ وَرَأْسُهُ بِيَدِهِ ، وَأَوْدَاجُهُ تَشْخَبُ دَمًا ، يَقُولُ : يَا رَبِّ

قَتَلَنِي هَذَا ، حَتَّى يُدْنِيَهُ مِنَ العَرْشِ )

رواه الترمذي في " السنن " (3029)

وقال : حديث حسن ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي "

وهذا القصاص يمكن أن يكون على شكل عقوبة خاصة يعذبه الله بها ، أو على شكل حسنات عظيمة يرضى بها المقتول ، أو بما يقتضيه عدل الله المطلق ، يوم توضع الموازين القسط عنده سبحانه .

ثانيا :

اتفق العلماء على أن من شروط التوبة : أداء الحقوق لأصحابها ، فإذا لم تؤدَّ في الدنيا فلا بد من أدائها عند الله عز وجل بالحسنات أو السيئات .

كل ما تقرؤه من النصوص الشرعية ، ومن أقوال العلماء ، تقرر أن توبة القاتل تقبل

وأن ذنب القتل يغفر لمن تاب وحسنت توبته ، كلها المقصود بها مغفرة حق الله تعالى فحسب ، أما حق المقتول فمحفوظ لا يضيع ، وسيقتصه يوم القيامة لا محالة .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ

: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ

فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ )

رواه البخاري (2449) .

فإذا تاب القاتل توبة نصوحا عند الله ، وتعذر عليه رد المظلمة للمقتول يوم القيامة

فإن الله عز وجل لا يضيع من أجر المقتول ولا من حقه شيئا ؛ بل إما أن يحمل من سيئات على قاتله

إن لم يكن للقاتل حسنات تكافئ مظلمة قتله ، وإما أن يعطيه من فضله وكرمه ، ما يرضى به عن مظلمته ، ولا يبقى له عنده بذلك شيء .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" القاتل إذا كثرت حسناته : أُخذ منه بعضُها ما يرضى به المقتول ، أو يعوضه الله من عنده إذا تاب القاتل توبةً نصوحاً "

انتهى من " مجموع الفتاوى " (34/138) .

ويقول الحافظ ابن كثير رحمه الله :

" أما مطالبة المقتول القاتل يوم القيامة ، فإنه حق من حقوق الآدميين ، وهي لا تسقط بالتوبة ، ولا فرق بين المقتول والمسروق منه ، والمغصوب منه ، والمقذوف

وسائر حقوق الآدميين ، فإن الإجماع منعقد على أنها لا تسقط بالتوبة ، ولا بد من أدائها إليهم في صحة التوبة ، فإن تعذر ذلك ، فلا بد من الطلابة يوم القيامة .

لكن لا يلزم من وقوع الطلابة وقوع المجازاة ، وقد يكون للقاتل أعمال صالحة تصرف إلى المقتول أو بعضها

ثم يفضل له أجر يدخل به الجنة ، أو يعوض الله المقتول من فضله بما يشاء ، من قصور الجنة ونعيمها ، ورفع درجته فيها ونحو ذلك ، والله أعلم " .

انتهى من " تفسير القرآن العظيم " (2/381) .

وينظر للفائدة : "الآداب الشرعية" لابن مفلح (1/59) .

وبهذا نرجو أن يكون قد اتضح للسائل الكريم كمال عدل الله سبحانه

وأنه كما أخبر عن نفسه عز وجل : ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ) الأنبياء/47

وقال تعالى أيضا : ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) الزلزلة/ 7، 8 .

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ )

رواه مسلم (2582) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وَأَمَّا " الْعَدْلُ الَّذِي وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ " فَهُوَ أَنْ لَا يَظْلِمَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ، وَأَنَّهُ: مَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (7/ 493) .

والخلاصة :

أن حق المقتول لا يسقط بحال من الأحوال ، فعدل الله مطلق لا يتخلف ، وإذا غفر الله ذنب القاتل لتوبته فالمغفرة خاصة بحق الله ، أما حق المقتول

فلا بد له من أن يستوفيه يوم القيامة ، من قاتله ، أو مما يرضيه من فضل الله ، إن لم يمكن الاستيفاء من القاتل .

والله أعلم .









 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 18:42

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc