يحتج الأشعرية على صحة مذهبهم بكثرة عددهم
الجواب
هل المعدود هنا هم عامة من انتسب إلى الإسلام، أم العلواء فقط
أ- كثرة العدد إن أريد بها العوام، فالعوام لا يعرفون كلاما بلا حرف وصوت، ولا يعرفون قرآنا نفسيا، ولا يعرفرت موجودا بلا مكان، ولا يعرفون أن الماء لا يروي والخبز لا يشبع والأعمى في الصين يرى بقة في الأندلس، ولا يعرفون العرض والجوهر، ولا يعرفون أن الجسم لابد له من تركيب من أربعة جواهر، وقيل ثلاثة، وهذه أصول عقيدتكم، فكيف يكون العوام منكم وهم لا يعرفون شيئا من أصول دينكم؟
ب- وإن كانت كثرة العدد يُراد بها العلماء، فكل علماء طائفتكم مقلدة، وأقلهم شرا هو الذي ينفخ الكتب بالنقولات عن علمائنا ويصدِّرها باسمه (وهذا سأثبته في حلقة مستقلة) فوصف من هذه حاله بأنه عالم: مجازفة. إنما هو عالة على أهل السنة، فلا حجة به.
والآن نتحداهم
كتاب «تاريخ بغداد» للخطيب البغدادي، جمع فيه سيرة 7783 عالم إلى القرن الخامس
فالتحدي لن يكون أن يثبت لنا أن أكثر هؤلاء العلماء كانوا أشعرية ، ولا أقول نصفهم، ولا ربعهم! فعند ذلك أنا أعطيهم قيمة.
بل سأتحداهم أن يخرجوا لنا من كل مئة عالم ذكرهم الخطيب في تاريخ بغداد، خمسة أشعرية فقط. يعني أنا اللآن أعطيت الأشعرية كتابا فيه 7783 وأريد أن يخرجوا لي 38 أشعري، فإذا فعلوا ذلك فقد أفحموني في هذا التحدي، وإن عجزوا فاعلموا أن علماء أمة محمد ﷺ إلى المئة الخامسة ما كانوا يدينون بما يدين به الأشعرية. فكيف يصبح بدعتهم بعد ذلك دينًا للمسلمين.
ولا شك أن أعدادهم قد تتزايد مع الزمان، فقد قال ﷺ: «فَإِنَّ وَرَاءَكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ صَبْرٌ فِيهِنَّ كَقَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ أَجْرُ خَمْسِينَ يَعْمَلُ مِثْلَ عَمَلِهِ» قال الذهبي: «صحيح»
ومن أكبر فضائحهم أنهم عندما يحاولون تكثير أعداد علماءهم فإنهم ينسبون إلى نحلنهم من ليس منهم
فنسبوا ابن خزيمة إلى الأشعرية، مع أنهم يكفر من يعتقد معتقدهم
ونسبوا ابن تيمية إلى الأشعرية وكذبوا عليه قائلين أنه تاب من السنة وقال أنا أشعري، وقد بينت كذبهم في مقطع خاص.
ونسبوا ابن كثير إلى الأشعرية، مع أن بعض الصرحاء منهم رد عليهم وقال لهم هو مجسم.
ومن الفضائح أنهم ينسبون إليهم أناسا حتى أسماءهم غير معروفة، مثل البيقوني، لا أحد يعرف اسمه ولا متى عاش، فزعم الأشعرية أنه منهم. وهذا ليزيدوا به عددهم.
ولو افترضنا أن عدد هم زاد في زمان الفتن. فقد قال ابن قدامة: ومن العجبِ أن أهلَ البدعِ يستدلونَ على كَونِهم أهلَ الحقِّ بكَثرتِهم وكَثرَة أموالِهِم وجاهِهِم، وظُهورِهم، ويستدِلُّونَ على بُطلَان السُّنةِ بقِلَّةِ أهلِهَا وغربتِهم وضعفِهم، فيَجعَلونَ مَا جعلهُ النَّبِيُّ ﷺ دَلِيلَ الحقِّ وعلامةَ السُّنةِ؛ دَلِيلَ البَاطِلِ، فَإن النَّبِيَّ ﷺ أخبرنَا بِقِلَّةِ أهلِ الحقِّ فِي آخرِ الزَّمَانِ وغربتِهم، وظُهُورِ أهلِ البِدَعِ وكثرتِهم، ولَكنهُم سلكوا سَبِيلِ الأُمَمِ فِي استدلالِهِم على أنبِيَائهِم وأصحَابِ أنبِيَائهم([1]) بِكَثرَةِ أموالِهِم وأولَادِهم، وضعفِ أهل الحق فَقَالَ قوم نوح لَهُ: ﴿مَا نَرَىٰكَ إِلَّا بَشَرٗا مِّثۡلَنَا وَمَا نَرَىٰكَ ٱتَّبَعَكَ إِلَّا ٱلَّذِينَ هُمۡ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ ٱلرَّأۡيِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمۡ عَلَيۡنَا مِن فَضۡلِۭ بَلۡ نَظُنُّكُمۡ كَٰذِبِينَ٢٧﴾[هود:27]
وقَالَ قوم نَبينَا ﷺ ﴿وَقَالُواْ نَحۡنُ أَكۡثَرُ أَمۡوَٰلٗا وَأَوۡلَٰدٗا وَمَا نَحۡنُ بِمُعَذَّبِينَ٣٥﴾[سبأ:35]
وقال:
وقد كَانَ قَيصر ملكَ الرّوم وهُو كَافِرٌ أهدى مِنهُم، فَإنَّهُ حِين بلغه كتابُ النَّبِي ﷺ؛ سَألَ عَنهُ أبا سُفيَان، فَقَالَ: «يتبعهُ ضعفاء النَّاسِ أو أقوياؤهم» فَقَالَ: «بل ضُعَفَاؤُهُم» فَكَانَ هَذَا مِمَّا استدلَّ بِهِ على أنه رَسُولُ الله ﷺ، فَقَالَ: «إنَّهُم أتبَاع الرُّسُل فِي كل عصر وزمان»[[2]]
منهم النووي وابن حجر
وهذه من أقوى ما يحتجون به على ضعاف الدين والعلم، فيقولون لهم: إن ابن حجر والنووي منا نحن الأشعرية، وشيوخكم يمدحونهم، ويقولون عنهم أئمة، فلنتبع دين هؤلاء الأئمة.
والجواب على هذا:
إن هذين الرجلين، أحدهما برع باختصار الكتب، وجمع المسائل، والآخر برع في علم الحديث، وما صارت لهما قيمة بين الناس إلا بحشوهما كتبهما بالنقولات عن علمائنا، فلا يستشهد بهذا على صحة اعتقادهما، فلو أنهما اشتغلا بعلوم الاعتقاد على مذهب الأشعرية الباطل، لكان حالهما حاال الآمدي واللقاني، والسنوسي، وأمثالهم ممن لا ترفعون رؤوسكم بهم على الجهال.
هم حالهم في هذا كحال الملحد الذي يفقد الأمل من أدلة إلحاده فيستدل أن شخصا بارعا في الفيزياء تبنى رأيه.
منقول من موقع الشيخ محمد بن شمس الدين