لكل من يبحث عن مرجع سأساعده - الصفحة 165 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > منتدى العلوم الإجتماعية و الانسانية > قسم البحوث العلمية والمذكرات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

لكل من يبحث عن مرجع سأساعده

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-12-11, 13:38   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة jalfa22 مشاهدة المشاركة
ارجوكم اريد نمودج عن اسئلة التي تطرح الاجتياز مسابقة مشرف تربية على اساس الشهادة ?
أسئلة مسابقات التوظيف الكتابية و الشفهية الخاصة بمساعدي التربية




مادة : تحرير نص
قال الاستاد مصطفى الشهابي :
" كان للعالم العربي ابن خلدون الفضل الكبير في وضع أسس علم الاجتماع و أصول الاقتصاد السياسي ، حيث سبق علماء الغرب في هدا المصمار " .
المطلوب :
حرر نصا لا يتجاوز 30 سطرا ، تتحدث فيه عن فضل العرب على الحضارة الاوروبية ، داكرا فيه ميادين العلم التي خاضها العرب ، مع دكر امثلة .

مادة : التاريخ و الجغرافيا

اولا : - التاريخ :
جاء في بيان أول نوفمبر 1954 :
" ... ان الوقت قد حان لاخراج الحركة الوطنية من المأزق الدي أوقعها فيه الصراع الاشخاص و التأثيرات لدفعها الى الحركة الحقيقية الثورية ......."
كتاب التاريخ المعاصر للسنة الثالثة ثانوي
المطلوب :
- انطلاقا من العبارة و اعتمادا على مكتسباتك :
1 - بين المقصود ب " المأزق الدي وقعت فيه الحركة الوطنية " ؟ ( 2 نقاط )
2 - حدد الظروف الاقليمية لاندلاع الثورة التحريرية ؟ ( 6 نقاط )
المنهجية : ( 2 نقاط )

ثانيا : - جغرافيا :
تمتلك الجزائر امكانيات فلاحية هائلة تمكنها من النهوض بالقطاع الفلاحي و تحقيق الاكتفاء الداتي .

- المطلوب :
- انطلاقا من العبارة و اعتمادا على مكتسباتك :
1 - حدد الامكانيات الفلاحية للجزائر ؟ ( 03,5 نقطة )
2 - ابرز الواقع الفلاحي و انعكاساته ؟ ( 04,5 نقطة )
المنهجية : ( 02 نقاط )

موضوع في اللغة العربية: نص واسئلة حول النص وشرح بعض الكلمات وبعض التصريفات للأفعال
موضوع دراسة نص:

أسئلة مسابقات التوظيف الكتابية الشفهية tomohna.com_13425292




اضغط هنا لمشاهدة الصورة بحجمها الطبيعي 887x1609px.

أسئلة مسابقات التوظيف الكتابية الشفهية tomohna.com_13425293


موضوع تحرير نص :


أسئلة مسابقات التوظيف الكتابية الشفهية tomohna.com_13425293


موضوع في التاريخ والجغرافيا



اضغط هنا لمشاهدة الصورة بحجمها الطبيعي 887x1227px.

أسئلة مسابقات التوظيف الكتابية الشفهية tomohna.com_13425294


أقدم لكم الان طبيعة الاسئلة الشفهية والتي نذكر اهمها :

- ماهي مهام مساعد التربية
-مما يتلقى مساعدوا التربية الاوامر في الطور الثانوي
- عندما يسقط التلميذ في المدرسة ماذا يفعل المساعد التربوي
- مما يتكون ملف التلميذ المدرسي
-03غيابات للتلميذ ماذا تعني خلال الشهر
- في اي سنة انهيت الدراسة الثانوية
https://www.tomohna.net/vb/showthread.php?t=16650








 


رد مع اقتباس
قديم 2015-12-11, 13:43   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة jalfa22 مشاهدة المشاركة
ارجوكم اريد نمودج عن اسئلة التي تطرح الاجتياز مسابقة مشرف تربية على اساس الشهادة ?
مهام المشرف الاداري
حقوق وواجبات التلاميذ
اسئلة عن التحرير الاداري


بعد التحية العطرة
كل اسئلة اللجنة تعتمد و ترتكز على ثلاث نقاط اساسية و هي:
- اللجنة في حد ذاتها و طريقة تعاملها مع المترشح للمنصب
- تعتمد الاسئلة على ما تم تناوله خلال مسارك الدراسي
- تكون الاسئلة في اطار الخبرة المهنية و هذا بطبيعة الحال اذا توفرت
و في الاخير تمنياتي بالنجاح للجميــــــــــــــــــــــــــــع


https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=1893678









رد مع اقتباس
قديم 2015-11-26, 19:06   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
jalfa22
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

هل بطارية السيارة تسجل في الجرد العام او الجرد الدائم?










رد مع اقتباس
قديم 2015-11-26, 19:57   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
halouma92
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية halouma92
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرااااااااااااااا










رد مع اقتباس
قديم 2015-12-03, 16:18   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
mohieddine_
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا يا استاذ










رد مع اقتباس
قديم 2015-12-04, 22:44   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
faycel34
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي مرجع في التسيير الاداري

ابحث عن مرجع في التسيير المدرسي للمفتش محمد الصالح حثروبي










رد مع اقتباس
قديم 2015-12-11, 13:51   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة faycel34 مشاهدة المشاركة
ابحث عن مرجع في التسيير المدرسي للمفتش محمد الصالح حثروبي

انماط القيادة في الادارة المدرسية

1 القيادة المتسلطة :
- الاسبداد بالرأي والتعصب الأعمى
- استخدام أساليب الفرض والإرغام والترهيب
- الإلتزام بحرفية الإجراءات والقوانين
- التدخل في تفصيلات العمل ووجباته ، وعدم ترك الفرصة للإبداع والمبادرة
- التعسف والذاتية في تقويم أداءات العاملين

- 2 القيادة الفوضوية :
- إعطاء الحرية المطلقة للعاملين دون توجيه ولا متابعة
- عدم تطبيق النصوص والقوانين المنظمة للعمل
- عدم القدرة على التصرف في المواقف والمشكلات الطارئة

- 3 القيادة الدبلوماسية :
- إظهار علاقات حسنة مع المعلمين
- التفاخر بحسن العلاقات مع الجميع - ولو على حساب النتائج والأعمال -
- استعمال وسائل الإغراء والوعود البراقة
- تمييع موضوعات النقاش ، وعدم الخروج بالقرار المناسب ، حفاظا على العلاقات الودية
- ايجابية تقويم أداءات المعلمين لكسب ودهم
- الإهتمام بالناحية الشكلية والجمالية دون النظر الى المضمون والنتائج


- 4 القيادة الديمقراطية
- حرية الاختيار والإقناع والإقتناع ، والسماح لكل فرد بالتعبير عن ذاته
- اتخاذ القرار النهائي بالأغلبية دون تسلط او إرغام
- تنسيق الجهود بين المعلمين بصورة تجعل من المؤسسة أسرة متعاونة ومتفاهمة
- تحديد المسؤوليات بشكل يمنع الَتضارب والتداخل في الاختصاصات
- العدالة في توزيع المهام وعدم التحيّز في تقويم ا أداءات المعلمين
- المشاركة الواسعة من قبل المعلمين في ضبط الأنشطة والمشاريع المختلفة
-
[/b
المرجع : كتاب المرجع في الادارة المدرسية للسيد مفتش التربية والتعليم الاساسي محمد الصالح بن المولدي حثروبي


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

==============
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://idara.ahlamontada.com

انماط القيادة في الادارة المدرسية
استعرض الموضوع السابق استعرض الموضوع التالي الرجوع الى أعلى الصفحة
صفحة 1 من اصل 1
https://idara.ahlamontada.com/t1278-topic









رد مع اقتباس
قديم 2015-12-11, 13:54   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة faycel34 مشاهدة المشاركة
ابحث عن مرجع في التسيير المدرسي للمفتش محمد الصالح حثروبي
https://www.4shared.com/file/v8SoGfFn/_____.html









رد مع اقتباس
قديم 2015-12-05, 20:15   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
mohad3814
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم أريد مساعدة من فضلك في مذكرة
السياسة العقابية في ظل التشريع الجزائري تنظيمها وآليات تنفيذها










رد مع اقتباس
قديم 2015-12-11, 14:00   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohad3814 مشاهدة المشاركة
السلام عليكم أريد مساعدة من فضلك في مذكرة
السياسة العقابية في ظل التشريع الجزائري تنظيمها وآليات تنفيذها
https://www.droit-dz.com/forum/showthread.php?t=9913









رد مع اقتباس
قديم 2015-12-11, 14:01   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohad3814 مشاهدة المشاركة
السلام عليكم أريد مساعدة من فضلك في مذكرة
السياسة العقابية في ظل التشريع الجزائري تنظيمها وآليات تنفيذها
دكرة تطور الـسـياسة العقـابية في الجـزائر ج1 الأحد ديسمبر 02, 2012 8:19 pm
إن الدور الكبـير و الفعال الذي تقـوم بـه الإدارة العـقابية أو مـا يـعرف بـإدارة الـسجون بـصـفة عامة و المؤسسـات العقابية بـصفة خـاصة في مـجال مـحاربة الجريمة و ذلك من خـلال دورهـا الأمـني الـبارز والمتمـثل في عزل الأشـخاص المـتسـببين بفعـل سلوكـياتهم المنـحرفة في المسـاس باستقرار المجتمع و أمن الأفـراد يـزداد أهـمـيـة يوما بعد يوم ، وهـو مـا يجعل هـذا الـقطاع يحظى بمـزيد من الاهتمام و الاعتناء من أجـل خـلق سـياسـة عـقابية تتـمـاشى و النظرة الحديثـة لهـذا القطـاع وهـذا بالنـظر إلى الاتفاقيات و المـعاهـدات المبرمة في هـذا المـجال.
و الـجزائـر و مـنـذ الاستقلال و مـن خلال مـا انـتهـجـتـه مـن سـياسـة في هـذا الـقطـاع نجدهـا حريـصة كل الـحرص على النـهـوض بالسـياسـة الـعقابية الجزائـرية مـحاولة في ذلك الأخـذ بأسـاليب جديـدة و فعالة مـقـتدية بذلك بما جـاءت بـه الاتفاقيات الدولية و الإعلان العالمي لـحقوق الإنـسان و قـواعد الحد الأدنى لمعاملة المـساجين و مـا هـو مـكرس في الدول الأخرى التي قـطعت شوطا لا بأس به في هـذا المـجال‘ و لعل الأمـر 72/02 المؤرخ في 10فـيفري 1972 و المتضمن قـانون السجون و إعـادة تربـية المساجين جـاء كإعلان رسـمـي يسـتشـف مـن خلاله اعتماد الإدارة العقـابية الجزائرية للأفـكـار و المبادئ الإنـسـانية العالمية الحديثة في مجال مـعاملة المسـاجين و إصلاحهم، و الذي جـعل مـن مـبـدأ إصـلاح السـجون بـصـفة عـامة والمـسجون بـصفة خـاصة وظـيفة أسـاسـية بـوضـع إدارة الـسجون كـجـهاز إداري فـعال لـتجسـيد هـذا المـبدأ على أرض الواقع.
كما أن الـجـزائر و إصـرارا منها على تـحسين ظـروف السجن و احترام حـقوق الإنـسان في السجون بالإضـافة إلى إدراج رؤية عـصـرية لمـسألة إعادة تربية المـساجيــن و إدمـاجهـم في المجـتمع لجأت مـؤخرا إلى تـعديل الأمـر 72/02 بالقانون رقم 05/04 المؤرخ في 06 فيفري 2005 المتضمن قـانون تنظيم السجون و إعادة الإدمـاج الاجتماعي للمحبوسين و الذي من خـلاله كـرست فعالية الأجـهزة و الهيئات بغرض تفعيل دورها في إدمــاج و إصلاح المحبوسين إضـافة إلى خـلق هـيئـات أخرى كل هـذا بـغية تـفعيل سـياسة تـنـظيم السجون و إعـادة الإدمـاج الاجتماعي للمحبوسين مـحاولة مـرة أخرى جـعل سـياسـة الإصلاح و الإدمـاج في مـصـف الـسياسـات الأولية حتى تـجعلـها تتمـاشى و المعاهدات الدولية المـصادق عليها من طرف الجزائر و أكـثر استجابة للمعايير و التوصـيات الرامية إلى تـعزيز حماية حقوق الإنـسان ، و بـهـذا يـكون قـانون تنـظيم السجون و إعادة الإدمـاج الاجتماعي للمحبوسين عـصـارة تـطور الـسياسة العقابية في الجزائر ، و مـن هـذا المنـطلق و بـدافـع نابع من وجوب تجاوز الحـــــدود التي تقوقع فيها النظام العقابـــي الجزائري سنحاول دراسة مـــوضوع تطور السياسة العقابية في الجزائـــر، و سنـحاول من خلال هـاتـه الدراسة إبراز الآلـيات التي كانت مبنيـة عليها السياسة العقابية الجزائرية و كذا الآلـيات المستحدثـة من خلال إستحداث القانون الجديد ، كما سـنحاول تبيان مدى نـجاح السياسة

العقابية في تحقيق وظيـفة إصلاح المـسجون و إعادة إدمـاجه من جـديد داخل المجتمع و هي الوظـيفة الرئيسية التي جاء مـن أجلـها القانون05/04 المتضمن تنظيم السجون و إعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين و من ثم فإن الهدف الأساسي من هذا الموضوع هو دراسة الأجهزة التي تقوم عليها السياسة العقابية الجزائرية و تبيان و تحليل وسائل إدماج المحبوس إجتماعيا بالإضـافة إلى دراسة الأنـظمة العقابية المجـسدة بـغرض مسـاعدة المحبوس على التأقلـم و إيـجاد أنواع من حقوق الإنسان داخل المؤسسات العقابية.
ـ أمـا عن الإشكالية التي إنـطلقنا منـها لمعالجة هـذا الموضـوع هي:
• مـا هي الأسـس و المبادئ التي تقوم عليها السياسة العقابية الجزائرية، و ما مدى تأثير الاتجاهات الفكـرية و الفلـسفية التي توصل إليها الفكر الإنساني المعاصر في بناء هذه السياسة ؟.
• ما هي الأجهزة المستحدثة في الأمر 72/02 و القانون 05/04 و التي تهدف إلى إرساء و تجسيد السياسة العقابية الجزائرية ؟
• ما هي آليات إعادة التربية و إعادة الإدماج التي تضمنتـها السياسة العقابية الجزائرية؟
• ما هي أهم التدابير المنظمة لأنسنة شروط الحبس ومعاملة المساجين؟
ـ أمـا فيما يتعلق بالمنهج العلمي الموظف في هذه الدراسة فإننا نـرى طـبيعة الموضـوع الذي نتناوله يفرض إستعمال المنهج الوصفي التحليلي ، من خلال دراسة و وصـف الأجهزة العقابية و تحليلها و تبيان مـدى فعاليتها في تحقيق وظيفة الإدماج، بالإضافة إلى تحليل و دراسة وسائل إعادة التربية و الإدماج ومختلف الأنظمة العقابية ، مع الاستعانة بالمنهج التاريخي من خلال تعرضنا إلى مصادر السياسة العقابية بعد رحيل المستعمر الفرنسي من الجزائر.
و للإجابة على الإشكاليـات المطروحة و لبلورة موضوع بحثنا عمدنا إلى وضع خطة لبحثنا أين تطرقنا فيها إلى مايلي:













الـخـــــطــــــة

الفصـل الأول: أسـس و مبادئ السـياسة العقابية في الجزائر.
I. المـبحث الأول: المـدارس الفكرية التي تطرقت إلى علم العقاب .
 المـطلب الأول: المدرسة الكلاسيكية.
 المـطلب الثـاني: المدرسة الوضــعيــة.
 المـطلب الثالث: مـدرسة الدفـاع الاجتماعي.
 المطلب الرابع نظرة الإسلام للعقاب.
II. المـبحث الثاني: قـواعد الحد الأدنى لمـعاملة المـسجونين.
 المـطلب الأول: الرعاية الصحية و الاجتماعية.
 المـطلب الثاني: التعليم و التكوين.
 المـطلب الثالث: المحافظة على أمن و كرامة المسجون.
III. المبحث الثالث: الاتفاقيات العالمية المتعلقة بحقوق الإنسان المصادق عليها
من طرف الجزائر.
 المـطلب الأول: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
 المـطلب الثاني: اتفاقية مناهضة التعذيب.
 المـطلب الثالث: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية.
الفصـل الثاني: السـياسة العقابية خلال المرحلة 1972-2005.
I. المـبحث الأول: تـنـظيم المؤسسة العقابية و الأجهزة المستحدثة لإعادة التربية.
 المـطلب الأول: تنظــيم المؤسسـة العقابية و الأنظمة الخاصة بالمساجين في ظل الأمر 72/02.
 المـطلب الثـاني: الأجهزة المستحدثة لإعادة التربية.
II. المـبحث الثاني: أســالــيب إعـادة الـتربيــة.
 المـطلب الأول : التعـليــم و التـكـوين.
 المـطلب الثـاني: الـرعـاية الـصحية و الاجتماعية.
 المـطلب الثـالث: العمــل التربــوي.
III. المـبحث الثـالــث:الأنـظـمة العقـابية المعـتمدة في السياسة العقابية الجزائرية.
 المـطلب الأول : نـظـام الـحرية النصـفيــة.
 المـطلب الثـاني: نـظــام الو رشات الـخارجية.
 المـطلب الثـالث: نـظـام الـبيئة الـمـفتوح.
 المـطلب الــرابع: نــظــام الإفــراج الـمـشـروط.




الفصـل الثالث: السـياسـة العقابية في ظـل القـانون 05/04.
I. المـبحث الأول: تنظيم المؤسـسة الـعقابية و أجهزة إعادة الإدمــاج الاجتماعي.
 المـطلب الأول : تنـظيم المؤسـسة العقـابية و أنظمة الإحتباس في ظل القانون 05/04.
 المـطلب الثـاني : أجهزة إعادة الإدماج الاجتماعي.

II. IIالمـبحث الثاني: أســالــيب إعـادة الإدماج الإجتماعي.
 المـطلب الأول : التـعلــيم و التكــوين.
 المـطلب الثــاني: الـرعـاية الـنـفسيــة و الـصحية و الاجتماعية.
 المـطلب الثـالث: العمــل التربــوي.
III. المـبحث الثالث: الأنـظمـة الـعقـابية.
 المـطلب الأول : نـظـام الـحرية النـصـفية.
 المـطلب الثـاني : نـظــام الو رشات الـخارجية.
 المـطلب الثـالث: نـظـام الـبيئة الـمـفتوحة.
IV. المـبحث الرابع : تكييف العقوبات السـالبة للـحرية.
 المـطلب الأول : إجـازة الـخروج
 المـطلب الثـاني : التوقيت المؤقـت للعقــوبة .
 المـطلب الثالث : الإفراج المـشــروط .
V. المـبحث الخامس : ترقية حقوق الإنسان في السجون.
 المـطلب الأول : إتـصال المسجون بالعالم الخارجي.
 المـطلب الثـاني : منح مساعدة إجتماعية و مالية للمحبوسين.
 المـطلب الثالث: حق المسجون في الزيارات.


IV. خـاتــمــة.















الفـصــل الأول: أسـس و مبادئ الـسـياسة العقـابية في الجـزائر
إن أي سياسـة عقابيـة لأي دولة لابد لها من أصول و أسس علمية و أفكار عقابية و مبادئ عالمية ، و من هنا و في إطار رسـم الجـزائر لـسياسة عـقابيـة قوية تتماشى مع المعايير الدوليـة كان لزاما عليـها الاستعانة بأفكار المدارس الفـكريح بالإضـافة إلى المبادئ العالمية دون أن تهمل الإتفاقيات العالمية في هذا المجال و التي صادقت على أغلبها.
المبحث الأول : المدارس الفكرية التى تطرقت إلى علم العقاب
إن العقاب في أصله إيذاء يلحق بالجاني جزرا له و تحذيرا لمن يريدون أن يسلكوا سبيله في الإعتداء على الغير،ولقد تطور العقاب من حيث أغراضه و أساليب تحقيق أهدافه في الردع العام و الخاص ليصل إلى فكرة الإصلاح و العلاج و التقويم و التأهيل و عليه سوف نحاول فيما يلي التطرق إلى مختلف المدارس التي تبنت هذه الأفكار.
 المطلب الأول: الـمدرسة الكلاسيكية (التقليدية)
تعتبر المدرسة التقليدية أول مدرسة تطرقت إلى مبدأ العقاب و التعامل مع فئة المجرمين و قد ظهرت في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، و من أهم رواد و أقطاب هذه المدرسة نجد المفكر الإيطالى سيزار بيكاريا César Beccaria ( 1738-1794) والفيلسوف الانجليزي جرمي بنتام jermy benttan(1832-1748) والألماني انسلم فيورتاخ (1883-1775) و كانت هذه المدرسة تبني تعاملها مع المنحرفين على مبدأ حرية الإنسان وإرادته الواعية على إرتكاب الأفعال المشينة ، كما أن العـقوبة عندها تبنى على فكرة العـدالة الاجتماعية لكنها عدالة نسبـية تتماشى مع الزمان والمكان أين تركز على فكرة المنفعة الاجتماعية ، و على هذا بنى بيكاريا فكرة التوازن العقــابي الذي يرى أنه لابد أن يكون للعقاب دور لمواجهة أفعال سابقة ودور لمنع وقوع أفعال جديدة ، وقد كانت نظرية العقد الاجتماعي لمؤسسها جون جاك روسو الأساس الفكري الذي انطلق منه بيكار يا في بناء فكرة العقاب ألتي مفــادها أن الأفراد انضموا إلى الجماعة عن طريق عقد تم بينهم و بموجبـه تنازلوا عن حقوقهم لفائدة الدولة مـقابل تكفل هذه الأخيرة بتحقيق الأمن و توفير السلام ،و من بين مـا تـنازل عنه الأفراد هو تلقي العقاب مقابل حماية الدولة لذواتهم وأموالهم،و من هنا يـؤسس بـيكـاريا التبرير الأخلاقي والقانوني للعـقـوبة و يـأتي العقاب كرد فـعل للعمل الإجرامي الـذي يعتبر خـرقـا للـعقـد الاجتماعي، و بـعد أن أنـتقـد أنـصار هـذه المـدرسة وضـع العقـوبات الـسائدة في عهـدهـم و الـتي كـانت مبنية على الـقـساوة واستبداد الـقـضاة في حكمهـم ،اقترحت المدرسة وضـع قـاعدة شـرعـية الجرائم و العـقـوبات و تـحديد الـجرائـم و تـبـيان عـقابـها مـن طرف السـلطة التشـريعية الـتي يـجب أن تـكون مستـقـلة عن السلطة القضائية أيـن يـصبح دور الـقـضاة يـنـحصر في تطبيق الـقوانين الموضوعة من طرف السـلطة التشريعية.
كـمـا أن إحـاطـة الجمهور بالأفعال الـتي يـجرمـهـا الـقانون تـكون بمـثابة الإنـذار الذي يساعد على عـدول الأفـراد و ابتعادهم عـن اقتراف الـجرائــم.
أمـا بنتـام نـجـده أكثر تـشـددا فـهـو يـطالب أن يـكـون ألـم العقــوبة المسلـطة على المـجـرم نسبة للذة التي كـان يسعى إلى تـحـقيقـها مـن خلال ارتكاب الجريمة ، فـهـو يـفضل عـقوبة سـلـب الحـرية لأنـها تـمـثل أقـصى عـقـاب و في اعتقاده أن حـرمـان الجاني فـترة طـويلة مـن الزمـن لحـريته كـفيل بـزجـره و ردعـــه.
أمـا فويرتاخ يـرى في تـحـقيق الـعقـوبة بواعث مـعاكـسة للـرغبة في الإجـرام تكمن في خلق الإكـراه الـنـفسي الذي يـصـرف الأفـراد عـن الإجـرام و بالتـالي فـإن مـلخـص أفـكار النظرية الكلاسيكية هـي إقـرارهـا بـحرية الإنـسـان و مـسـؤوليته عـنـد إرتـكاب الجـريمة و على أسـاسـها يكون إقرار الـعقاب الـذي يـتناسب مـع درجة الـخـطأ المرتكب كـمـا أقـرت شـرعية الجـرائـم و العـقوبات.
 المطلب الثاني: المدرسة الـوضــعيــة
والـتي نـشأت في أواخر الـقرن 19 عـلى يـد الـعالم الـنـفسـاني سيزار لومبروزو CESAR LOMBROZO في كـتابـه "الإنـسـان الـمـجرم" بالإضـافة إلى أونـريكو فيريENRICO FERI والـقاضي رفائيل قارو فالو RAFAIEL GARROFALO وعلى عكس المدرسة التقليدية فالمـدرسةالوضـعية تـجـرد الإنـسان مـن الحريـة و الإرادة في الفعل وتنفي عنـه المسؤولية في ارتكاب الجـرائــم و تـضـع هـذا الأســاس مـنـطـقا لـفكـرهـا الـعـقابي.
فـقـد إنـتهـجت هـذه المـدرســـــة في مـواجهـة الجريمــة أسـلوب البـحث الـواقـعي و التـجريبي الـقائم على المـلاحـظة و التجربة باستخدام المبادئ و الـنـتائـج الـتي تـوصـلت إلـيهـا عـلوم الاجتماع و النفس و الطب.
و يـرجع لومبروزو سبب الإجـرام إلى شـخـصية الإنـسـان المجرم الـذي يـختلف عن الإنـســــــــان السوي مـن حـيث تـكوينه الـعضـــوي و النفـسي و هـذا النقص الفـطري يـؤدي إلى إرتـكاب الجريمة1.
و أتى فـيري و طـور نـظـرية لومبروزو و أضـاف إلى عـوامـــل الإجـرام الـفطرية و الوراثية و هي عوامــل داخلية و عـوامل أخرى خـارجية تتعـلق بالـوسط المـادي و خـاصة الـبيئة الإجتماعية الـتي يعيش فيها المنحرف و منها الفقر والتشرد ، البطالة ، المرض و السكر و غيرها.
ـ و امـا قارو فـالو يـغلب العوامل الداخلية على الخارجية ، فالمـجـرم في نـظـره يـكون مـنسـاقا ومـدفوعا لا مـحالة نـحو إقـتراف الفعل الإجرامي متى تـوافرت هـذه الـعوامل و لمواجهة الإجـرام تـطرقت المدرسة الوضـعية لإعـتمـاد تـطبيق الـتدابير الجنائية لتحل مـحل الـعقوبة بـحيث تكون مـوجهة أسـاسـا للمـسـتـقـبل قـصـد مـنـع العود الإجرامي و جعل الـقانون هـنا يسلك مـهمة الطبيب، فهو يحافظ على صـحة الجـسم الإجتمــاعي بـتطـبيق تـدابير عـلاجية على المجرم الذي يمثل المريض الإجتماعي.ولقد قسمـوا التدابير الجـنـائية إلى تـدابير أمـنـية و وقـائـية.
• فـامـا الأمـنـية تتـصـف بـطابـعها الإسـتئـصالي و تـكون عن طـريق إعـدامه أو سـجنه مدى الحياة أو وضـعه في مـسـتشفى الأمـراض العقـلية أو مـنـعه مـن الإقـامة في مـكان مـعين.
• أمـا الوقـائية فـهي عبارة عن إجراءات مـتخذة لمـنـع وقـوع الجـريمة بـواسطـة العمل على الحد أو التقليل
من العوامل البيئية و الاجتماعية و الــثقافية المـســاعدة على الإجرام.
وقد طـــور فيري هـذه الـتدابير و سـمـاها بـدائـل العقوبة ( LA SUBSTITUS DE PEINE) و يـضعها في مـرتبة هـامة و أسـاسية في الدفـاع الاجتماعي.
و خلاصـة أفكار هذه المـدرسة هـي إعتماد رد الـفعل الاجتماعي ضـد الجريــمة على أسـس علمية وبالخصـوص على دراسة شخصـية المجرم ، و العوامل الدافـعة إلى إرٍتـكاب الجريمة وسـبل الـوقـاية مـنـها و تـعتـبر المـجرم مـسـيـر نحو إرتـكـاب الجريـمة و ليس مخير والمسؤولية الجـنـائية لا تـتحدد على أسـاس حرية و إرادة الـجاني في إرتـكاب الجريمة و إنما على أسـاس خـطورة شخصية الـجاني الإجرامية و العقاب يـبنـى على أسـاس الـدفاع الإجتمـاعي ضـد الجـريمة لا على أسـاس مـبـدأ العدالة و المنـفعة و الإنـتقـام و يقترحون في ذلك التدابير الأمـنية و الوقـائية و العلاج عندهــــــــــم يـتمـثل في قلع جذور و عوامل الإجـرام من شخصية المجرم بإعتباره جرثـومة إجتماعية
 المطلب الثالث: مدرسة الـدفـاع الإجتـمـاعي
يـرجـع تـاريخـها إلى بعد الحرب العالمية الثـانية و يـمثـل هذه المدرسة كل من الفقيه الإيـطالي فيليبو قراماتيكا Filipo Gramatica مـؤسس مدرسة الدفاع الإجتماعي والذي جمع أفكاره حول الدفاع الإجتماعي في مؤلفه الصادر سنة 1960 بعنوان " مبادئ الدفاع الاجتماعي " و المستشار الفرنسي مارك أنسل March Ancel صـاحب كـتاب " الـدفاع الإجتماعي الجديد" .
و قـد أعاد قراماتيكا إستعمال مـصطلح حركة الدفاع الإجتماعي الذي استعمل من طـرف الوضعيـين و إعطـاه مـفهومـا مستقلا وفق المبادئ الإنـسـانية.و ارجع مسؤولية وقـوع الجرائم على عاتـق الدولة بإعتبار ان المجـرم وقـع ضـحية اضطرابات و ظروف اجتماعية لم يـشارك في صـنعها و هـو بـهـذا يجـرده من الحرية و المسؤولية عن أفعاله و من هـنا من الطبيعي أن تـرجع إلى الدولة مسؤولية وواجب تجاهل تأهيل و إصلاح من صـدر عنه السلوك الإجرامي و ذلك باتخاذ تـدابير الدفـاع الاجتماعي التي تتلاءم مع شخصية من وقـع في الجريمة.
و قـد طالب قراماتيكا بإلغاء كلمة العقوبة و استبدالها بكلمة الدفاع الاجتماعي و إلغاء القانون الجنائي و إستبداله بقانون الدفاع الاجتماعي و تبديل قانون العقوبات بتدابير الدفاع الاجتماعي التي تنطلق مـنـها في تـجسيد مبدأ التأهيل الاجتماعي للمنحرف فهـو يتعامل مع المـجرم بـنـوع من الإنـسانية و فعالية تضمن إحترام كرامة المحكوم عليه و الإبتعاد عن كل أشكال الإهـانة النفسية و الجسـدية و المعنوية. و إقتراح تـدابير تقوم على تفريد العقوبة بما يتلاءم و شخصـية المحكوم عليه و تكون في نـظام عـقوبة سـلب الحرية غير محددة فالقـاضي يـصدر عقـوبة سـالبة للـحرية تـكون محصورة بين الحد الأقصى و الحــد الأدنى و إدارة السجون هي التي تتابع سلوك السجين و تحدد تاريخ الإفراج بمجرد بلوغ عملية الإصلاح هدفـها.
و قد أعاد مـارك أنسـل سنة 1954 طرح مدرسة الدفاع الإجتماعي مع الإبـقاء على نفس المبدأ الذي أنـطلق مـنـه قراماتيكا و هو ضـرورة تحقيق حماية المجتمع عن طريق إعادة تأهيل المنحرف،و تفادى أنسل بعض الإنتقادات الموجهة لقراماتيكا و الخاصة بإلغاء قانون العقوبات و حذف بعض المصطلحات كالجريمة و المجـرم و المسوؤلية الجنـائية و غيرهـا من المفاهيم التي مـا تـزال التشريعات الجـنـائية المـعاصرة تأخذ بـها و تـسلم بوجودهـا ، كـمـا أن أنسل يعطي لحركة الدفاع الإجتماعي بعدا إنسـانيا إذ أنه يـدعو إلى الإنتـقال من العقوبة إلى التدابير وذلك بتركيــــزالإهتمام على شخصية المنحرف وإحترام كـرامتـه. و هي لا تهمل الوظيـفة الـهامة لـتدابير الأمـن، و لـكن تـضيف لـها و للعقوبات و خاصة عقوبـة سلب الحرية هـدفا نبيلا و شريفا و هو إصلاح المنحرف.
و على خلاف قراماتيكا يـرجع أنسل سبب حـدوث الفعـــــل الإجرامي إلى مـسؤولية الفرد و حرية الإختيـــــار مـضـيفا إلـيها العناصر النفسية و العضوية و الإجتماعية التي تدخل في تكوين شـخصية المجرم فكل هـذه العوامل يجب إستغلالـها في عملية الإصـلاح.
و قـد نـادى أنسل بـنـظام إصلاحي مـوحد يشمل توحيد العقوبات و التدابير التي تكون نـظاما واحد للتدابير الإجتماعية ووضعها في متناول القاضي الذي يستعين في عمله بدراسة الشخصية الإجرامية بالإعتماد على تقارير الأطباء و علماء النفس و الإجتماع و علماء الإجرام و غيرهم ، هـذا كلـه لأجل إخـتيار الطريقة الناجحة التي تتلاءم مع إصلاح شخصية المجرم ،و مـا يميـز مدرسة الدفاع الإجتماعي الجديد هـو إقتراحها لبرنامج إصلاحي مـلمـوس يكرس عملية الإصلاح مـيدانيـا و يجعل الشخص الإجتماعي المتمثل في المجرم شـخـصا إجتماعيا يحبذ العيش في الوسط الإجتماعي مـحتـرما القوانين و ساعيا لتلبية حاجياته الضرورية بالإعتماد على نـفسه.
و نـشير هـنـا أن مـدرسة الدفاع الإجتماعي بـقيادة مـارك أنسل نـجحت في الوصول إلى حل وسط بين أفـكار المدرسة الكلاسيكية و المدرسة الوضعية ، فالكلاسكيون يرون حتمية وضع قانون عقوبات لمحاربة الجريمة ، و الوضـعيون يؤكـدون على إفلاس قانون العقوبات و يـقترحون الوقاية الطبية و الإجتماعية ( Prévention Médico-Sociale) كـبديل لـه ، و الحل التوفيقي الذي خلصت إليه مدرسة الدفاع الإجتماعي الجديد هـو ضمان حماية المجتمع و الفرد في نـفس الوقت بتطبيق العقوبة التي تكون على شـكل قرار قـضائي مصـحوب بعلاج يتماشى مع الحالة الشخصية للمنحرف.
و يتمثل الإصـلاح في تمكين المحكوم عليه في التكوين المهني و إعادة تربيتـه أخلاقـيا و مـعالجته طـبيا ، كمـا أن عملية الإدمـاج الاجتماعي لا تهمل بعض وســائل الحماية الاجتماعية و الفردية و إستقلال مبدأ الشعور بالمسؤولية و جعله محرك العملية الإصلاحية .
و خلاصة فكر مدرسة الدفاع الإجتماعي هي أنـها تعالج مشكلة العقاب من خلال إشـكالية إصلاح المذنب و تكييفه مع المجتمــــع و تركز نشاطهـا على إعادة إدمـاجه قـصـد العــودة إلى الحياة الطبيعية للمجتمع في إطار ما يحفظ كرامـــة و إنسانية الشخص المنحرف.
 المطلب الرابع : نظـــرة الإســـلام للعقــــاب
لا خلاف بين المسلمين جميعا حول العقاب لا في مشروعيته و لا في أنواعه و هذا بخلاف الأمر اليوم في القوانين الحديثة التي إختلفت في العقاب إختلافا كبيرا بين داع إلى إلغاءه حتى دعا بعضهم إلى تغيير تسمية قانون العقوبات و مدافع عن بقائه، كما اختلفوا في أنواع العقوبات السالبة للحرية و البدائل المطروحة. أما العقاب في الإسلام فهو من المبادئ التي لا يمكن حتى مجرد التفكير في إلغاءها و يمتاز العقاب في الإسلام عنه في القوانين الوضعية الحديثة بعدة مميزات كل منها له دوره الفعال في مكافحة الجريمة و هذه المميزات يمكن أن نجملها في النقاط التالية :
_ الجمع بين العدل و الرحمة : حيث أن الإسلام أبقى على حق الفرد و كيانه مستقلا عن الدولة و العدل يقتضي أن من أجرم يعاقب و في هذا رحمة عامة بالمجتمع كله كما أبقى هامشا للرحمة الخاصة و لكنها في إطار العدل و ذلك حين خير المجني عليه أو وليه بعقاب المجرم أو التصالح معه أو العفو عنه لقوله سبحانه و تعالى :"فمن عفي له من أخيه شيء فإتباع بالمعروف و أداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم و رحمة "
_المساواة بين الناس في العقاب : لا تفرق العقوبات في الشريعة الإسلامية بين حاكم و محكوم و لا بين شريف و وضيع إذ أن كل الناس أمام العقاب سواء لا فرق بين رئيس دولة و أضعف إنسان فيها والدليل على ذلك حكم عمر على عمرو بن العاص والي مصر و إبنه الذي ضرب إبن القبطي فلا نجد مثل هذه المساواة في القوانين العقابية الحديثة بل تميز بعض المسؤولين تحت ما يسمى بالحصانة سواء كانت دبلوماسية أو برلمانية .
_العقاب في الإسلام يحقق الردع ويجبر خاطر المجني عليه: أما الردع يقصد به توقيع العقوبة على مجرم معين يصرفه عن العودة إلى هذه الجريمة و هذا هو الردع الخاص و يصرف غيره عن فعل مثلها و هذا هو الردع العام لقوله سبحانه وتعالى :" و ليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين "
و أما الجبر فيقصد به عمل شيء ما يرضي المجني عليه أو أولياءه و يواسيهم جراء ما وقع عليهم ،و له أهمية أوسع و أبلغ من أهمية الردع إذ يمنع و بشكل منظم تحت إشراف الدولة من الانتقام .
و المتأمل في العقوبات التي جاء بها الإسلام يلاحظ لأول وهلة فعاليتها في مكافحة الجريمة بسبب تحقيقها للردع و الجزر و الجبر عن طريق القصاص و الجلد والقطع و الرجم و التعزير و الدية بالإضافة إلى الكفارة و هي عقوبة تختلف عن سابقاتها و تتمثل في الصيام أو العتق و تنفيذها موكول إلى الجاني نفسه فلا يمكن للقاضي أن يلزمه بها لإرتباطها بإيمان الجاني لكي يمحو الإثم الذي إقترفه و فيها ربط واضح للفرد بالإيمان بالله و تذكير به بعد النسيان أو الإهمال الذي أصابه أثناء إرتكابه الجريمة .
المبحث الثاني: مجموعـة قواعـــد الحد الأدنى لمعاملة المسجونيـــن من طرف
هيئـــة الأمم المتحـــدة في 30أوت 1955.

إن المعاملة السيئة و الغير إنسانية التي كانت تميز السجن و المسجونين أدت إلى وضع و إرساء قواعد دنيا للمحافظة على كرامة و إنسانية المسجون في إطار تنفيذه لعقوبته في السجن و لمـا كـانت المنـظمة الدولية للإصـلاح الجـنائي ( PRI ) مفوضة لتحقيق الإصلاح العقابي عن طريق تطويـر و تطبيق حقوق الإنـسان فيمـا يتعلق بتنفــيذ القانـــون و ظروف و معايير السـجــن بدأت بتفعيل مشروع القواعد الدنـيا لمـعاملة السجـنـاء Merking Standards Works ، و هـــي عـبارة عن قواعد نموذجية دنـيا لمعاملــة المسجونين التي أصـدرتهـا الأمم المتحــــدة في مؤتمرها الأول لمكافحة الجريمة و معاملة المجرمين المنعقد في جنيف 30/08/1955 و أقرها المجلس الإقتصادي و الإجتماعي بقراريه رقم 663ج بتاريخ 31/07/1957 و رقم 2076 المؤرخ في 13/05/1977 و التي تتضمن بعض القوانين التي لها طبيعة أسـاسية و مـطلقة و تتكون من مبادئ أسـاسية و هي معدة في حد ذاتها لتطبق في كل مكان و زمان و قـد أيـدت صكوك الأمم المتحدة لحقوق الإنـسان التي تـلـتهـا هـذه الـقواعد1.
و كان الغرض من هـذه القواعد هو عرض مـا أجمع على قـبولـه بـوجه عام كـمـبادئ و أساليب عملية صـالحة في معالجة المسجونين و إدارة المؤسسات مستهدية في ذلك بالآراء المقبولة عامة في عصرنا هـذا ، و هـذا مـا تـضمنـته المادة الأولى من مجموعة هذه القواعد ، و قد تضمنت بالإضافة إلى هذا مجموعة من مبادئ و التي تتلـخص في المجالات الآتية:
 المـطلب الأول : فيما يخص الرعاية الصحية و الاجتماعية.
لقد راعت قواعد الحد الأدنى لمعاملة المساجين الظروف الصحية والإجتماعية للمسجون و هذا يظهر من خلال ما نـصت عليه القاعدة 15 التي ألزمت المسجون بمراعاة النظافة الشخصية وألزمت إدارة المؤسسة بتمكينه من المياه و أدوات النظـافة اللازمة للمحافظة على صـحته و للظـهور بالمظهر اللائق ،و جاءت القاعدة 17 من مجموعة هذه القواعد تحت عنوان الملابس و الأفرشة و التي أوجبت أن تكون نظيفة و بحالة جيدة ، و أن تغسل الملابس الداخلية دوريا و بإنتظام و بالقدر الكافي للمحافظة على الصحة ، حتى أنها تطرقت إلى غذاء المسجون و أوجبت تزويد المسجون بطـعام ذي قيمة غذائية كافية للمحافظة على الصحة و القوة و أن يكون من نوع جيـد مع حسـن الإعداد و التقـديم و تزويد المسجون بالماء الصالح للشـرٍب كلما احتاج إلـيه ، كمـا أشـارت هـذه القواعد إلى الرياضة البدنية باعتبارها عامل مهم للمحافظة على صحة المسجون و إلى تمكين المسجون الذي لا يعمل في الخلاء بساعة واحدة يوميا يقضـيها في الرياضة البدنية في الهواء الطلق ، و حتى المسجونين الصغار ، و تقريب الخدمات الطبية بتوفير طبيب واحد على الأقل في كل مؤسسة عقابية و طبيب نفسي و تزويد قاعة العلاج بالأدوات و المستحضرات الطبية اللازمة و تخصيص أماكن خاصة بالنســاء لرعايتهن و علاجهن قبل الوضع و بعده و اتخاذ الإجراءات اللازمة لإجراء عملية الوضع في مستشفى مدني، و إذا ولد الطفل في السجن فيجب ألا يذكر في شهادة ميلاده، و على الطبيب أن يوقع الكشف على كل مسجون عقب قبوله بالسجن و بعد قبوله كلما دعت الضرورة.
أما فيما يخص الرعاية الاجتماعية للمسجون فقد نظمتها قواعد الحد الأدنى لمعاملة المساجين تحت عنوان الاتصال بالعالم الخارجي ، و هذا ما جاءت به القاعدة رقم 37 إذ نصت على انه يجب التصريح للمسجونين بالاتصال بأسـرهم و أصـدقائهم ذوي السمعة الطيبة عن طريق المراسلة أو الزيارات في فترات منتظمة تحت الرقابة الضرورية ، كما راعت هذه القواعد حالة المسجونين الأجانب و أوجبت السماح لهم بتسهيلات مقبولة للاتصال بالممثلين الدبلوماسيين و القنصليين للدولة التابعين لها،و ألا يمنع أي مسجون من حق الاتصال بممثل معتمد لأي دين من الأديان ، كما نصت في القاعدة 49 على وجوب أن يتوافر السجن على الباحثين الاجتماعيين و أن تكون خدماتهم مستديمة و أن تقلل الفوارق الاجتماعية في السجن و أن يعامل المسجون معاملة تؤكـد انه ما زال جزء من المجتمع و ليس منبوذا منه و لا معزولا عنه و هذا ما جاءت به القاعدة 61.و على أن يوجه اهتمام خاص نحو المحافظة على صلات المسجون بأسرته و تحسين هذه الصلات وفق ما تقتضيه مصلحة الطرفين.
 المـطلب الثاني: التعلــيم و العمـــل
لم تهمـل قـواعد الحد الأدنى لمعاملة المـساجين دور التعليم و العمل لدى المسجون ، إذ جاءت القاعدة 77 تـلزم توفير وسـائل التـدريس لتعليم جميع المسجونين القادرين على الاستفادة منه بما في ذلك التعليم الديني و يجب أن يكون التعليم إجباريا بالنسبة للأميين و صغار السن من المسجونين، كما أكدت هذه القواعد على أن يكون تعليم المسجونين متنـاسقا و متكـامـلا مع نـظام التعليم العام للدولة حتى يتمكن المسجونين من متابعة تعليمهم بعد الإفراج عنهم دون عناء و هذا ما أكدت عليه المادة 78 بنصها على وجوب توفير النشاط الترويحي و الثقافي و في جميع المؤسسات للمحافظة على صحة المسجونين العقلية و البدنية و على وجوب توفير مكتبة لدى كل مؤسـسة 1.
كما أن قـواعد الحد الأدنى لمعاملة المساجين تطرقت إلى عمـل المساجين و أوجبت أن لا يكون طابع العمل في السجون تعذيبي و إيلامي من جهة، و من جهة أخرى ألزمت كل المساجين المحكوم عليهم بالعمل مع مراعاة استعدادهم الجسماني و العقلي وفق ما يقرره الطبيب ،كما حرصت هاته القواعد على أن يكون العمل كاف ومفيد في طبيعته بحيث يساعد المسجونين على العمل بعد الإفراج عليهم و يحافظ على مقدرتهم في كسب رزقهم بطريقة شريفة، كما أشارت إلى تمكين المسجونين من إختيار العمل الذي يرغبون فيه في الحدود التي تتفق مع إحتياجات إدارة المؤسسة و النظام فيها .
و قد أشــارت هـذه القواعد على أن تقوم مصلحة السجون بنفسـها بإدارة مـصـانعـها و مزارعها إدارة مباشرة و هذا على سبيل التفضــيــل.
و لـم تهمل هـذه القواعد صـحة الـعامـل إذ ألزمت اتخاذ كل الوسـائل اللازمـة لحماية صحة العمال و تعويضهم عن إصـابات العمل و أن تكون سـاعات العمل محددة بـقانون أو لائـحة إدارية و أن يكون هـناك يوم راحة، و أن يكون هناك مقابل لعمل المسجون، و أن تتاح له الفرصة لاقتناء حاجاته الشخصية 1.
 المـطلب الثالث: المحافظة على امن و كرامة المسجون.
لـقد جـاءت قـواعد الحد الأدنى لمعاملة المساجين تنص على امن المسجون من كل خطر قد يـحدق بـه وقد جسـدت هـذه العناية في القاعدة 45 مـنها و التي جاءت تحت عنوان نقل المسجون أين أوجبت عند نقله التقليل من تعرضـهـم لنظر الجمهور بقدر الإمكـان كمـا أوجبت اتخاذ كل الاحتياطات اللازمة لحمايتـه من الإهانة و فضول الجمهور و أي صـورة من صـور التشـهير.
و نـصت كذلك على عـدم نـقل المسجون بوسـائل نـقل تكـون التهوية و الإضـاءة فيهما غير كافية أو أي وسيلة تعرضـهم لـمـتاعب جسمـانية لا مـبرر لـها ، كمـا تطرقت هـذه القواعد إلـى عـدم جـواز استعمال القوة في التعامل مع المسجونين إلا في الحالات المرخص بـها قـانونا كمحاولة الهرب من السجن مثلا، كمـا أشـارت إلى وجوب المحافظة على كـرامة المسجون داخل السجن بغرض الرفع من شعوره و عدم الحط من نفسيته ليكون أكثر استجابة لبرامج الإصلاح المقدمة لـه و لكي تنمي فيه الرغبة إلى الانضمام إلى المجتمع من جديد.
و من خلال عرضـنـا لقواعد الحد الأدنى لمـعاملة المساجين نجد أهم القواعد التي تم عرضـها قد اخذ بـها المشرع الجزائري سـواء في الأمر 72/02 أو القانون05/04 و هـذا يـظهر جليا من خلال تفحص قانون السجون الذي نجده قد اعتمد عليها بشكل كبير.
المبحث الثالث: الإتفـاقيات العالمـية المتعلقـة بحـقوق الإنـسـان عامة و المساجين على الخصوص

لقد حافظت القواعد و القوانين الدولية على الــحقوق الأســاسيــة للفرد عامة و على حقوق المساجين خاصة،و قـد وقـعت و صادقت مـعـظم الدول في المناطق المختـلفة في العالم بما فيها الجزائر على الاتفاقيات الدولية الخاصة و المعاهدات و العهود التي تؤكـد هـذه الحقوق و من أهم هذه الحقوق:
 المـطلب الأول: الإعـلان العالمي لحقوق الإنـســان
إن حـقـوق الإنـسان في السجون قد أستخلصت من حقوق الإنـسان العالمية عامة ، فالمادة التاسعة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسـان تحظر بحزم الحبس التعسفي، لذلك تقرر المبدأ القانوني الذي يحكم حفظ و كمـال النـظام في السجن، و هذا لا يمتد فقط إلى مضمـون هـذه القواعد المطـبقة بل إلى كل الإجراءات التي تطبــق من خلالـها ، كما أن المادة الثامنة منه جاءت تنص على ضرورة وجود نوع من إعادة النظر في العقوبات التأديبية التي تتخذ في السجون إذ تنص على أنه " لكل شخص الحق في أن يلجأ إلى المحاكم الوطنية لإنصافه عن أعمال فيها اعتداء على الحقوق الأساسية التي يمنحها له القانون " ، و ليس مسموحا لضباط السجن تبرير المعاملة القاسية للمسجونين باللجوء إلى القانون أو الدفع بالانصياع لأوامر الرؤساء.
كمـا أن معايير حـقـوق الإنسـان تؤكــد على مبدأ التناسب بحيث لا تكون العقوبة في أي واقعة غير متناسبة مع الانتهاك الذي ارتكب،و الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لم يهمل تنظيم حق المسجون في الصحة ، إذ يعتبر الصحة الجسمانية و العقلية للمسجونين حق مكفول لهم نصت عليه المادة 25 منه ،كما الزم أفراد طاقم السجن أن يوفروا لكل شخص الحق في مستوى معيشي كافي للمحافظة على الصحة و الرفاهية له و لأسرته ...." و أن المسجون هو الأخر مسؤول على المحافظة على صحته .
كما جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يلزم أفراد طاقم السجن أن يذكروا المسجونين بذلك و يشجعونهم على ممارسة هذه المسؤولية و على سبيل المثال ممارسة التمارين الرياضية و النظافة و حلاقة الذقن و تنظيف الأسنان
و إذا لم يقبل المسجونون هذه المسؤولية فانه لا يجب عقابهم على ذلك . بل يجب إخبارهم عن الصحة و المخاطر الصحية و هـذا ما تحتويه الفقرة 7 و 8 من 29من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1
 المـطلب الثاني: مـناهضـة التعذيــب و غيـــره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسيـــــة
أو اللاإنـسانيــة أو المهينـــــــة.( 1984 ).
لـقد نـصت الدسـاتير الوطنية لجميع بلدان العالم الثالث على حظر التعذيب و المعاملة أو العقوبة القاسية غير الإنـسانية و الإطاحة بالكرامة سواء مباشرة أو ضمنا ، و لتدعيم القبول العالمي لهذا المبدأ تلـزم اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب الدول و الحكومات بالتحقيق في هذه الأعمال و المعاقبة عليها و تعويض ضحايا التعذيب و العقوبة أو المعاملة القاسية و غير الإنـسانية .
و قـد صـادقت الجزائر على هذه الاتفاقية في 16/05/1989 و قد عرفت هذه الاتفاقية التعذيب في المادة 1 فقرة 1 بأنه كل "عمل ينتج عنه ألم أو عـذاب شديد جسديا كان أم عقليا يلحق عمدا بشخص بغرض الحصول من هذا الشخص أو شخص ثالث على معلومات أو على اعتراف" .
إن هـذا المبدأ الهام يحكم العقاب في السجون إذ لا يجوز تعذيب المسجونين أو إخضاعهم لأي شكل من أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية غير الإنسانية أو الإطاحة بالكرامة و قد اعتبرت هيئة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن العـزل الانفرادي الذي يزيد عن شهـر واحد يعد طويل الأجل و يعد انتهاكا لحقوق السجين في المعاملة الكريمة2.
و تعتبر اتفاقية مناهضة التعذيب أحسن مثال يمكن أن يضرب في تقرير حق المسجون في الكرامة الإنسانية و الذي هو أمر ضروري لمساعدته على إعادة تأهيله و إصلاحه اجتماعيا و نفسيا. فلا تمييز بين الإنسان المجرم و الإنسان غير المجرم في الكرامة الإنسانية1.

 المـطلب الثالث: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية.
لقد جاء هذا العهد يقر لجميع أعضاء الأسرة البشرية من كرامة أصيلة و حقوق متساوية و ثابتة ، يشكل وفقا للمبادئ المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة أسـاس الحرية و العدل و السلام في العالم.
و قد تطرق هذا العهد في المادة 8 فقرة 3 إلى أنه يمنع تنفيذ عقوبة الأشغال الشاقة المحكوم بها من قبل المحكمة المختصة، و أن الموقوف أو المعتقل بتهمة جزائية يجب أن يقدم سريعا إلى أحد القضاة أو أحد الموظفين المخولين قانونا مباشرة وظائف قـضائية و يكون من حقه أن يحاكم خلال مهلة معقولة ، أو أن يفرج عنه، و لا يجوز أن يكون احتجاز الأشخاص الذين ينتظرون المحاكمة هو القاعدة العامة و لكن من الجائز تعليق الإفراج عنهم على ضمانات لكفالة حـضورهم المحاكمة في أية مرحلة من مراحل الإجراءات القضائية و لكفالة تنفيذ الحكم عند الاقتضاء.
كما أشار العهد الدولي إلى فصل المتهمين الأحداث عن البالغين و يحاولون بالسرعة الممكنة إلى القضاء للفصل في قضاياهم وهذا في المادة 10 فقرة 02 ، أما الفقرة 03 جاءت تنص على وجوب مراعاة نظام السجون معاملة المسجونين معاملة يكون هدفها الأسـاسي إصلاحهم و إعادة تأهيلهم الاجتماعي و يفصل المذنبون الأحداث عن البالغين و يعاملون معاملة تتفق مع سنهم و مركزهم القانوني2.
و من خلال عرض أهم المعاهدات و الاتفاقيات المصادق عليها من طرف الجزائر ، نجد أن هـاته الاتفاقيات جاءت متطرقة إلى ما يجب أن يعامل معاملة خالية من التعذيب و المعاملات القاسية و اللاإنسانية تهدف إلى إصلاح المسجون و إعادة إدماجه اجتماعيا.
هذا بالإضافة إلى الاتفاقية الدولية الرامية إلى القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري و التي تؤكد في محتواها على كرامة البشر و المساواة بينهم من جهة ، و من جهة أخرى على النتائج الضارة للتمييز العنصري بالنسبة للانسجام بين الأشخاص الذين يعيشون جنبا لجنب في دولة واحدة مدرجة في ذلك المسجون باعتباره شخص من المجتمع سوف يعود إلى العيش مع الجماعة بعد خروجه من المؤسسة العقابية، فكلما كان هناك شعور بالمساواة و نبذ التمييز كلما ساعد المسجون على اندماجه في المجتمع من جديد لكي يصبح عضوا فعالا فيه3.

الفصـل الثاني: السياسـة العقابيــة الجزائريـــة خلال مرحلـة 1972- 2005.
تمهيد : و قـبل التطرق إلى معالم السياسة العقابية الجزائرية خلال مرحلة 1972- 2005 ، سنلقي نظـرة على معالم السـياسة العقابية خلال فترة 1962- 1972 باعتبار أن دراسة تطور السياسة العقابية لأي دولة يكون بدراسة القوانين المعتمدة من طرف تلك الدولة لتجسيد هذه السياسة، و نظرا لانعدام قانون ينظم قطاع السجون في الجزائر خلال هذه الفترة لما أحاطت بها من ظروف كانت تعيشها الدولة الجزائرية آنذاك ،أين شهدت فراغ في كل القطاعات بعد مغادرة المستعمر الفرنسي ، لهذا سنحاول بدراستنا لهذه الفترة إبراز أهم معالم السياسة العقابية آنذاك و كيف كانت تسير السجون ، و ما ميز هذه الفترة من نشـاطات بغرض إعادة الإدماج ، و هذا من خلال التطرق إلى النقاط الآتية:
أولا : أهم معالم السياسة العقابية بعد الاستقلال: لقد اعتمدت فرنـسـا بعد وقف إطلاق النار في 19 مارس 1962 على التنظيم المؤقت للسلطات، و هذا في انتظار ما ستسفر عنه نتائج استفتاء تقرير المصير و في هذا الوقت قامت فرنسا بتشكيل هيئة تنفيذية مؤقتة مزدوجة السلطات ( Un Exécutif Provisoir Doublé ) و هذا برآسة محافظ سـامي و الذي بقي يحتفظ بسلطات الجمهورية الفرنسية في الجزائر في مجال الدفاع و الأمن و مخطط النظام العام1.
و قد استمر هذا الوضع الى غاية 03 جويلية 1962 ،حيث تم نقل السلطات من فرنسا إلى الهيئة التنفيذية المؤقتة برئاسة عبد الرحمان فارس و تعيين ساتور قدور مدير للعدالة ضمن هيكل مندوبية الشؤون الإدارية التي كان يترأسها عبد الرحمان شنقوف، و في 13 جويلية 1962، اصدر رئيس الهيئة التنفيذية المؤقتة تعليمة تتضمن مواصلة العمل بالتشريع الموروث عن الاستعمار المطبق على كامل التراب الجزائري باستثناء ما يتنافى و السيادة الوطنية و هذا يعني إبقاء تبعية إدارة السجون لوزارة العدل 2، ثم تم إنشاء وزارة العدل في عهد الجزائر المستقلة في شهر أكتوبر من سنة 1962 وذلك بتعيين المحامي عمار بن تومي على رأس الوزارة ،وكانت المهمة الأساسية الموكلة له آنذاك هي تحريك عجلة العدالة و تنشيط سير الهيئات القضائية ، و الذي عين حتى نهاية سنة 1963 472 قاضيا لسد الفراغ ، وفي ظل النقص الذي كان آنذاك لجأ إلى تعين الكتاب العاملين بالمحاكم و أمنـاء الضبـط و بعض مساعدي القضاة.
ثــانـيا: وضعية السجون بعد الاستقلال: ما كان يميز السجون بعد الاستقلال هو اختفاء المعتقلات و مراكز الحجز الإداري، و هذا بسبب زوال مبررات وجودها لكونها كانت وليدة حرب التحرير الوطني . كما عرفت هذه المرحلة رحيل كلي للموظفين الفرنسيين و الأوربيين و لم يبق سوى عون فرنسي واحد يعمل بالمصالح الإدارية للسجن ولقد أبقت السجون في نفوس و ذاكرة الجزائريين صورة المعاناة و أحلك أيام الاستعمار لما كانت 3 تستعمل في تعذيب و إعدام المجاهدين، هـذا ما أدى بالرئيس أحمد بن بلة في 09 أفريل 1965 إلى إصدار قرار بغلق مؤسسة برباروس ( باب جديد ) و تحويلها إلى متحف وطني للثورة بالإضافة إلى غلق 57 مؤسسة عقابية أخرى ، و هـذا القرار المتخذ من طرف الرئيس جاء مستجيبا لاعتبارات نفسية و تاريخية بحتة.
كما أن الرحيل الكلي للموظفين الفرنسيين و الأوربيين أدى بوزارة العدل إلى العمل قصد سد الفراغ و قد اعتمدت توظيف محاربي جيش التحرير الوطني و المساجين السياسيين مستغلة في ذلك خبراتهم، الأمر الذي يجعلهم أكثر دراية بشؤون الاحتباس و طرق سيره ،لكن رغم هذا لم يحظ قطاع السجون بالاهتمام اللازم من طرف وزارة العدل ، و هذا راجع إلى الظروف الصعبة التي كانت تعيشها الدولة آنذاك في تسيير شؤونـها بالإضافة إلى مراعاة مبدأ الأولويات في الإصلاح و تقديم الأهم عن المهم،و قد ظـهر أول تنظيم هيكلي لإدارة السجون في 19 أفريل 1963 تحت تسمية مديرية إدارة السجون و الذي كان يتكون من أربع مكاتب هي1:
1. مكتب النشاط الاجتماعي و الرعاية اللاحقة.
2. المكتب التقني لاستغلال البنايات و الصفقات.
3. مكتب تطبيق العقوبات .
4. مكتب الموظفين ، المحاسبة و الصفقات.
و قد عرف التنظيم الهيكلي لإدارة السجون تطورا ملحوظا،و هـذا بقيام الرئيس هواري بومدين بتنظيم هيكلي ثاني للإدارة المركزية لوزارة العدل و هذا بتاريخ 17 نوفمبر 1965 حيث تغيرت بموجبه تسمية مديرية إدارة السجون إلى مديرية إعادة التهذيب و إعادة التأهيل الاجتماعي و التي كانت تتكون من مديريتين فرعيتين همـا:
1. المديرية الفرعية لتطبيق الأحكام الجزائية.
2. المديرية الفرعية للأحداث الجـانحين.
ثـالــثا : تنظيم و تسيير السجون الجزائرية في ظل اعتماد القوانين الموروثة عن الاستعمار.: أما تنظيم سير المؤسـسـات العقابية و نـظام الاحتباس و نـظام الحراسة و كذا طرق إدارة المصالح الإدارية للسجن، و مسك السجلات كانت منقولة بصورة مطابقة عن نظام سير السجون الموروث عن المستعمر الفرنسي إلى جانب تغيير طفيف في شـدة الاحتباس و ذلك لكون السجون الجزائرية أصبح يشرف علي تسييرها موظفون جزائريون.
بالإضافة إلى الاحتفاظ بنفس التصنيف السابق الموروث عن المستعمر الفرنسي والمتمثلة في ثلاثة تصنيفات و هي: 1. السجون المركزية ( Prisons Centrales )
2. السجون ( Maisons d'Arrêts )
3. ملاحق السجون ( Prisons Annexes )
كمـا أن إعتماد القوانين الموروثة عن المستعمر الفرنسي، أوجد الدولة الجزائرية في حالة عجز عن إنشاء برنامج رسمي لمحاربة الجنوحية و العود الإجرامي و كل هذا نتيجة لما ورثـته من هياكل عقابية مبنية وفق نموذج معماري يتماشى و سياسة المستعمر في تعميق و تشديد الأمن و إرهاب الجزائريين، فأصبحت هذه السجون لا تتماشى و مجال الإصلاح و الإدماج الإجتماعي لنصل في الأخير للقول أن الجزائر باعتمادها للسياسة الاستعمارية في تسيير السجون لم يجد نفعا و لم يلق تطورا في هذا المجال.
رابــعا: أهم النشاطات الموجهة لإعادة إدماج المحبوسين في هذه الفترة:إن تبني بعض النشاطات بغرض إعادة إدماج المحبوسين خلال هذه الفترة أقتصر على بعض المؤسسات الكبرى، حيث كانت هذه النشاطات قليلة أين كانت تدخل في مجال التكوين المهني للمساجين ،و تشغيلهم في إطار العمل التربوي، و من بين هاته النشاطات:
- النشاط الفلاحي و البستنة في السجن المركزي بالبرواقية.
- ورشة صـناعة مواد البناء بالسجن المركزي بتازولت.
- ورشـة الخياطة و صناعة الأحذية بسجن الحراش1.
و فيما يخص المكتبات، فهاته الأخيرة كان يقتصــر وجودها على المؤسـسات العقابية الكبرى و التي كانت تمول عن طريق الهبات و المساعدات إلا أنـها كانت تفتقر للتسيير العقلاني من حيث اختيار الكتب التي يتماشى مضمونها مع مبدأ الإصلاح.
لقد كانت تنظر السلطة السياسية إلى السجون على أنها المكان المناسب لاحتواء و إدماج قدماء المحاربين في ميدان الشغل بعد إنتهاء الحرب باعتبار أن أغلبهم كان يفتقد لأي مستوى تعليمي، و هذا ما كان يعكس النظرة الرسمية للسجون في تلك الفترة بكونها مراكز للحراسة و مراقبة المساجين من دون إعطــاء أي اعتبار للجانب الإصلا

https://droit.moontada.com/t381-topic









رد مع اقتباس
قديم 2016-01-25, 22:25   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohad3814 مشاهدة المشاركة
السلام عليكم أريد مساعدة من فضلك في مذكرة
السياسة العقابية في ظل التشريع الجزائري تنظيمها وآليات تنفيذها
https://www.tassilialgerie.com/vb/showthread.php?t=9062









رد مع اقتباس
قديم 2016-01-25, 22:29   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohad3814 مشاهدة المشاركة
السلام عليكم أريد مساعدة من فضلك في مذكرة
السياسة العقابية في ظل التشريع الجزائري تنظيمها وآليات تنفيذها
دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة
مــقــدمــة:
تعد العقوبة هي الجزاء الذي يتبع تجريم سلوك معين يمنع الأفراد من إتيانه، وهي بذلك جزء هام من نظام قانوني متكامل ينطلق من الرغبة الجماعية في إضفاء الحماية للأفراد بمنع سلوكات معينة وترتيب جزاءات للأفراد الذين يخالفون هذا المنع، هذه العقوبة التي تختلف باختلاف نوع الجريمة التي ارتكبت، وقد كانت العقوبة في العصور القديمة تقتصر فقط على العقوبات البدنية تأتي في مقدمتها عقوبة الإعدام، أو الشنق، او بتر أحد الأعضاء، إلا انه وبتطور المجتمعات ظهرت إلى الوجود العقوبات السالبة للحرية والعقوبات المالية كالغرامة والمصادرة وغيرها من العقوبات الأخرى، وكان الهدف من تطبيق العقوبة السالبة للحرية هو تحقيق الإيلام او بالأحرى الإنتقام من المجرم، إلاّ أنه تم استبعاد فكرة الإنتقام و التي تعد وليدة للسلوك الإنساني البدائي الجاهل متمثلة في عدة صور كالرمي في النهر أو الشنق او الضرب حتى الموت، حيث اتسمت بالطابع الوحشي، ثم تطورت العقوبة لتصبح وسيلة لتهذيب المجرم وإصلاحه و تأهيله، ومن أجل التنفيذ العقابي للعقوبات السالبة للحرية بمفهومها الجديد، يجب توافر عدة متطلبات، وهي من المتطلبات الضرورية لتحقيق تلك الغاية، ومن اهم هذه الضروريات وجوب توافر أماكن للتنفيذ بمعنى تأهيل السجون باعتبارها أماكن لتنفيذ العقوبات السالبة للحرية، وقد تطور مفهوم السجن ووظيفته حيث مر بعدة مراحل، فكانت وظيفته عند الرومان تقتصر على أنه مكان يأوي المجرمين قبل و بعد المحاكمة لتأدية العقوبة فقط،، أما بالنسبة لمعاملة المحبوسين فكانت متفاوتة بتفاوت القدرات المالية لهم،وبالتالي لم يكن هناك نظام موحد لمعاملة المحبوسين.
أما عند الفراعنة فكانت السجون عندهم تتميز بزنزانتها المظلمة تحت الأرض أو في حفر خاصة أو أقفاص يصعب الخروج منها، وفي العصور الوسطى خضع تسيير السجون لإدارة ذوي النفوذ وكان كلما إرتفع عدد المساجين كلما ساءت معاملتهم، وفي هذه المرحلة كثرت الجرائم الأخلاقية وانتشرت الأمراض داخل السجون مما دفع بالكنيسة إلى التدخل معتبرة أن المجرم مخطئ وليس منبوذ من المجتمع بل عليه أن يسترد مكانته في المجتمع عن طريق التوبة، ويقتضي من أجل ذلك إعداد مكان صالح يخصص للمحبوس ليطلب فيه التوبة، وهنا ظهرت فكرة السجن الإنفرادي حيث يستعين في ذلك المحبوس بمساعدة دينية يقدمها له رجل دين، وذلك بهدف إصلاحه وتهذيبه.
في أوائل القرن السابع عشر زاد الإهتمام بأمر السجون فظهرت السجون الحديثة في إنجلترا وهولندا، حيث كانت تنظم السجون في إنجلترا أنواعا متعددة من الأعمال يكلف المحبوسين بالقيام بها مقابل إعطائهم أجور عن ذلك العمل بالإضافة إلى اهتمامها بالتكوين المهني، وفي سنة 1595 أنشأ في أمستردام سجن حديث للرجال وآخر خاص بالنساء سنة 1597، وآخر خاص بالأحداث في إيطاليا وفي هذه المرحلة عرفت السجون حركة اهتمام واسعة ساعدت على تبني سياسة الإصلاح في العديد من الدول و المجتمعات للقضاء على مظاهر التعسف والقسوة والفساد داخل السجون.



دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة
ومع نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر شهدت السجون ثورة عارمة في كلّ أنحاء العالم بغية تحسين ظروف السجن و العناية بالمساجين، و بالتالي بدأ التفكير في شخصية المحبوس
و أساليب حمايته من جهة و عمله داخل السجن من جهة أخرى، و من ثمة تم التخلي عن فكرة أن المحبوس هو إنسان من الدرجة الثانية.
وعليه اتجهت معظم النظم العقابية إلى الإهتمام بطرق وأساليب المعاملة العقابية لاسيما فيما يتعلق بالتربية والتأهيل بالإستناد على علم النفس والإجتماع، من أجل ضمان فعالية طرق العلاج داخل السجون.
وقد تغير مصطلح السجن بتغير الأهداف والصلاحيات المنوطة به، فاصبح مؤسسة عقابية باعتبارها مدرسة للتأهيل والإصلاح الاجتماعي بدل إنزال العقاب دون جدوى.
وفي القرن العشرين انتقل علماء العقاب والباحثون من بحث فكرة تعدد أنواع السجون ونظمها إلى تعدد أساليب المعاملة العقابية، أي البحث في فلسفة الإصلاح وهذا ما تطرق إليه المفكر اديمونرو اوليفيرا بقوله :" إن اصلاح السجون يستدعي توجه جديد يقضي أن يقوم على قاعدة، في الوقت الذي يعاقب فيه المخطئ على خطيئته يتم تربيته من اجل ان يكون مواطنا صالحا ".
وبصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 والعهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والاجتماعية ولاسيما المادة 10 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية التي نصت على ضرورة معاملة الأشخاص المحرومين من حريتهم في إطار الكرامة الإنسانية بمعنى الحث على أنسنة السجون، وهذا ما جاءت به قواعد الحد الأدنى لمعاملة المساجين في 30/08/1955 وهي القواعد التي صادق عليها المجلس الإقتصادي والإجتماعي للأمم المتحدة في الدورة المنعقدة في جونيف بتاريخ : 31/07/1957 .
وفي سنة 1988 تم وضع مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الاشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الإحتجاز أو السجن، أما في سنة 1990 وبالتحديد في : 14/12/1990 وضعت المبادئ الأساسية لمعاملة السجناء، وهي مجموع المبادئ والقواعد التي استند إليها المشرع الجزائري في سنّه لقانون تنظيم السجون وإعادة تربية المساجين بموجب الأمر رقم 72/02 الصادر في 10/02/1972.
لكن ونظرا للتطورات التي عرفتها المنظومة التشريعية في إطار إصلاح العدالة، و باعتبار قطاع السجون إحدى أهم المرافق التي تعتمد عليها الدولة في حماية المجتمع من الظاهرة الإجرامية، لذلك فقد تبنى المشرع منهجا جديدا يتمثل في تحقيق إعادة إدماج المحبوس و إصلاحه وتحضيره إلى مرحلة ما بعد الإفراج عنه.
لذلك صدر قانون 05/04 في 06 فيفري 2005 ليتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين، حيث جاء بسياسة عقابية جديدة تتضمن العديد من الضمانات والحقوق التي يتمتع بها المحبوس داخل المؤسسة العقابية.
بالإضافة إلى تدعيم الدور الفعال الذي تقوم به المؤسسات العقابية، باعتبارها الأداة أو الجهاز الذي تتجسد بواسطته الأهداف الجديدة للسياسة العقابية .
هذه المؤسسات العقابية التي نص على تنظيمها وسيرها بالفصل الأول من هذا القانون، حيث يندرج منه الباب الثالث تحت عنوان المؤسسات العقابية وأوضاع المحبوسين، فعرف لنا المؤسسة العقابية بموجب نص المادة 25 منه على أنها: " مكان للحبس تنفذ فيه وفقا للقانون العقوبات السالبة للحرية والأوامر الصادرة عن الجهات القضائية والإكراه البدني عند الإقتضاء".
دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

وتأخذ المؤسسة العقابية شكلين إما شكل البيئة المغلقة أوشكل البيئة المفتوحة، وهي الأشكال التي سوف نأتي إلى تفصيلها في الفصل الثاني عند التطرق إلى دور المؤسسة العقابية في إعادة إدماج المحبوس.
كما نص المشرع الجزائري في المادة 28 من قانون تنظيم السجون على تصنيف مؤسسات البيئة المغلقة إلى مؤسسات ومراكز متخصصة كما يلي:

أولا: الــمــؤسـسات :
1- مؤسسة الوقاية: وهي المؤسسة التي نجدها بدائرة اختصاص كل محكمة و تخصص لاستقبال المحبوسين مؤقتا، و المحكوم عليهم نهائيا بعقوبة سالبة للحرية لمدة تساوي أو تقل عن سنتين، كما تخصص لاستقبال المحبوسين الذين بقي لانقضاء مدة عقوبتهم سنتان أو أقل، والمحبوسين لإكراه بدني.
2- مؤسسة إعادة التربية: وهي التي نجدها بدائرة اختصاص كل مجلس قضائي، وتخصص لاستقبال المحبوسين مؤقتا، والمحكوم عليهم نهائيا بعقوبة سالبة للحرية تساوي أو تقل عن خمس سنوات، ومن بقي منهم لانقضاء عقوبته خمس سنوات أو أقل وكذلك المحبوسين لإكراه بدني.
3- مؤسسة إعادة التأهيل : وهي مخصصة لحبس المحكوم عليهم نهائيا بعقوبة الحبس لمدة تفوق خمس سنوات وبعقوبة السجن، وكذلك المحكوم عليهم معتادي الإجرام والخطرين، مهما تكن مدة العقوبة المحكوم بها عليهم وكذلك المحكوم عليهم بالإعدام.
ثانيا: المراكز المتخصصة : وتنقسم إلى قسمين:
1- مراكز متخصصة للنساء:وهي مخصصة لاستقبال النساء المحبوسات مؤقتا، والمحكوم عليهن نهائيا بعقوبة سالبة للحرية مهما تكن مدتها، وكذلك المحبوسات لإكراه بدني.
2- مراكز متخصصة للأحداث: وهي متخصصة لاستقبال الأحداث الذين تقل أعمارهم عن ثماني عشر 18 سنة المحبوسين مؤقتا، والمحكوم عليهم نهائيا بعقوبة سالبة للحرية مهما كانت مدتها.
ونظرا لأهمية الموضوع لاسيما في إطار التوجهات الجديدة للمشرع في تحقيق إعادة الإدماج الاجتماعي كهدف إصلاحي للمحبوس الذي عرف إهتماما واسعا بداية بتدعيم حقوقه داخل المؤسسة العقابية، وتحسين ظروف احتباسه وتطوير أنظمة الإحتباس.
بالإضافة إلى تدعيم النشاطات التربوية التي يستفيد منها المحبوس أثناء الفترة التي يتواجد فيها بالمؤسسة إلى حين إنقضاء مدة العقوبة، بغرض تأهيله إلى مرحلة ما بعد الإفراج عنه، كما تجدر الإشارة إلى أن المشرع جاء بميكانيزمات جديدة هدفها إعادة الادماج الإجتماعي للمحبوسين، وعليه سوف نجيب في هذا البحث على أهم الإشكاليات و هي:
- ما هي أبعاد وقواعد السياسة العقابية الجديدة ؟
- وما هي أهم التعديلات التي جاء بها قانون تنظيم السجون 05/04 ؟
- وفي ماذا تتجسد ميكانيزمات إعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين ؟
- هل تعتبر المؤسسة العقابية فعلا أداة لتحقيق الأهداف المسطرة ضمن التعديلات الجديدة ؟

دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

- هل للمؤسسة العقابية دور في إعادة إدماج المحبوس في المجتمع ؟
كل هذه الإشكاليات سوف نتطرق للإجابة عليها وفقا للخطة التالية :

الخطة المتبعة :

مـقـدمـــة
الفصل الأول: السياسة العقابية الجديدة في ضوء قانون تنظيم السجون05/04.
المبحث الأول: سياسة إعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين.
المطلب الأول : قواعد إعادة التربية والإدماج الإجتماعي للمحبوسين.
المطلب الثاني: أنظمة إعادة الإدماج.
المطلب الثالث : أهمية إعادة التربية والإدماج الإجتماعي
المبحث الثاني : ميكانيزمات إعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين
المطلب الأول : لجنة تطبيق العقوبات.
المطلب الثاني : لجنة تكييف العقوبات.
المطلب الثالث : اللجنة الوزارية المشتركة.
الفصل الثاني : دور المؤسسة العقابية كأداة لتحقيق الأهداف المسطرة ضمن السياسة العقابية الجديدة.
المبحث الأول : دور المؤسسة العقابية في إعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين.
المطلب الأول : دور البيئة المغلقة في إعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين.
المطلب الثاني : دور البيئة المفتوحة في إعادة الإدماج.
المطلب الثالث : دور الورشات الخارجية في مدى إعادة الإدماج.
المبحث الثاني : دور المؤسسة العقابية في إصلاح المحبوسين
المطلب الأول : النشاطات التربوية بالمؤسسة العقابية.
المطلب الثاني : تدعيم حقوق المحبوسين و طرق كفالتها.


دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

الفصل الأول : السياسة العقابية الجديدة في ضوء قانون تنظيم السجون 05/04
إن أسلوب تطبيق الجزاء الجنائي في المؤسسات العقابية يمثل نظاما قائما بذاته له فلسفة خاصة وشروط مقننة وأسس محددة وأهداف مرجوة، وهذا ما يؤكد أن نظام العقاب هو منظومة بحجم المنظومات الأخرى التي تحتاج بدورها إلى الكثير من العناية وتتطلب الإصلاح.
ولعل تاريخ الفكر الجنائي شهد الكثير من الإنجازات التي ساهم بها مفكرون وباحثون و مشرعون في مجال تطوير أساليب رد الفعل الإجتماعي اتجاه المحكوم عليهم، وطريقة إعادة تربيتهم وإعادة إدماجهم اجتماعيا، وكما نعلم أن الجزائر أعلنت دائما تمسكها بالحريات الفردية ومبدأ المساواة في العقوبات التي تخضع في تطبيقها والمحافظة عليها للسلطة القضائية، وهي ترى أن تنفيذ العقوبة يهدف أساسا إلى إصلاح المحكوم عليهم وإعادة إدماجهم الإجتماعي مستوحية ذلك من توصيات منظمة الأمم المتحدة الخاصة بالقواعد المطبقة في معاملة المساجين.
ومن هنا بات لزاما على الدولة رسم سياسة عقابية جديدة واضحة المعالم للتكفل الأمثل بالمحبوسين متبنية في ذلك مبدأ الإصلاح والإدماج الاجتماعي للمحبوسين على أسس علمية حديثة وفق ما تصبوا أن ترتقي إليه البشرية، لذلك فإن الأحكام الجديدة الواردة في قانون تنظيم السجون وإعادة الادماج الاجتماعي للمحبوسين 05/04 هي تجسيدا لسياسة الإصلاح، فما هي أهم القواعد والأنظمة المنتهجة وفقا للتعديلات الجديدة ؟
وما هي الآليات المسخرة لتنفيذها ؟
تلك هي الأسئلة التي سنجيب عليها من خلال المبحث الأول وكذلك المبحث الثاني كما يلي:

المبحث الأول: سياسة إعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين
بالرجوع إلى نص المادة الأولى من قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين نجدها تنص على أنه:
" يهدف هذا القانون إلى تكريس مبادئ وقواعد لإرساء سياسة عقابية قائمة على فكرة الدفاع الإجتماعي التي تجعل من تطبيق العقوبة وسيلة لحماية المجتمع بواسطة إعادة التربية
والإدماج الإجتماعي للمحبوسين".
نستخلص أن المشرع وضع سياسة عقابية جديدة، لها أسس وتقوم على قواعد وفق أنظمة جديدة، نظرا لما لها من أهمية في إعادة الإدماج الاجتماعي الفعلي للمحبوسين، وفيما يلي سوف نتطرق إلى هذه القواعد وتبيان أهم أنظمة إعادة الإدماج، وتقييم ما مدى أهميتها.

المطلب الأول: قواعد إعادة التربية و الإدماج الاجتماعي
لقد اعتمد المشرع الجزائري اتجاها وسطيا في سن قانون العقوبات وكان ما بين الاتجاه الشخصي الذي يعتمد على مبدأ المسؤولية الأخلاقية وبين الاتجاه الموضوعي الذي يرتكز على المسؤولية الإجتماعية، وذلك فيما يتعلق بتقرير المسؤولية الجنائية وتحديد الجرائم
وتوقيع الجزاء وتبيان وظيفته والاهتمام بشخص الجاني.

دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

أما عن السياسة العقابية الحديثة فقد تمسك بوضوح وبصفة صريحة بمبادئ الدفاع الاجتماعي(1).
حيث اعتمد على أهم أساليبها وأحدثها ضمن قانون تنظيم السجون وإعادة تربية المساجين، بالأمر 72/02 الصادر في 10 فيفري 1972.
إذ جعل تنفيذ الأحكام الجزائية وسيلة للدفاع الإجتماعي،والعلاج العقابي وتشخيص المعاملة العقابية هي الأسس التي يرتكز عليها نظام تنفيذ العقوبات، لذلك يكون قد رسم لتنفيذ الجزاءات الجنائية هدفا أساسيا يتمثل في تحقيق إعادة التأهيل الإجتماعي للمحكوم عليه.
وبالتالي فإن إعادة التأهيل الإجتماعي للمحبوس كان هو هدف المشرع سابقا.
أما حاليا وبناء على التوجهات الجديدة لبرنامج إصلاح السجون الذي احتل حيزا كبيرا في برنامج إصلاح العدالة فقد عرف تطورا ملحوظا في الأسس الجديدة لإعادة التربية والإدماج الاجتماعي والتي تتجلى أساسا فيما يلي:

الفرع الأول: في مجال إعادة تكييف المنظومة التشريعية و التنظيمية:
لعل القاعدة الأولى التي تقوم عليها السياسة العقابية الجديدة هي تلك المتعلقة بصدور قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين في 06/02/2005 والذي كان مجرد مشروع قانون، فإنه أصبح ساري المفعول والذي نص على أهم الأسس وتتمثل في:
- توسيع صلاحيات إدارة السجون للتحكم اكثر في أمن المؤسسات وعصرنة تسييرها. (2)
- رد الإعتبار لوظيفة قاضي تطبيق العقوبات وتوسيع صلاحياته في البت في عدة مواضيع.
- دعم التدابير المنظمة لأنسنة شروط الحبس ومعاملة المحبوسين.
- ترقية آليات إعادة التربية وإعادة الإدماج وذلك عن طريق إدخال المرونة في الإجراءات الخاصة بالاستفادة من أنظمة إعادة التربية، وإحداث مصالح خارجية تابعة لإدارة السجون تتولى متابعة المفرج عنهم ومساعدتهم في إعادة الإدماج.
- تفتح المؤسسات العقابية على المجتمع المدني والجمعيات و هيئات البحث العلمي والجمعيات الخيرية (3).





(1) أ- طاشور عبد الحفيظ، دور قاضي تطبيق الأحكام القضائية الجزائية، ديوان المطبوعات الجامعية، بن عكنون، الجزائر، 2001، ص 87.
(2) عن المداخلة التي ألقاها السيد مختار فليون المدير العام لإدارة السجون و إعادة الإدماج، في إطار الندوة الوطنية حول إصلاح العدالة المنعقدة يومي 28 و29 مارس 2005 بقصر الأمم، نادي الصنوبر، الجزائر.
(3) حيث تم إبرام اتفاقية مع الجمعية الجزائرية لمحو الأمية "إقرأ" بتاريخ 19/02/2001.
و اتفاقية مع الكشافة الإسلامية بتاريخ 09/07/2003.
و بتاريخ 02/10/2003 تم إبرام اتفاقية مع جمعية " أمل " لمساعدة المساجين.


دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

الفرع الــثـاني: تحسين وأنسنة ظروف الحبس:
وفي هذا المجال تمّ:
- فتح 8 مؤسسات عقابية جديدة لتخفيض الضغط على بعض المؤسسات بطاقة استعاب تقدر بـ 4400 مكان احتباس.
- رفع كلفة الوجبة الغذائية للمحبوس.
- تجهيز المؤسسات بأفرشة وأغطية غير قابلة للإشتعال لتفادي الحرائق داخل المؤسسات العقابية.
- دعم المؤسسات بسيارات إسعاف و حافلات مهيأة لنقل المحبوسين.
- اقتناء تجهيزات طبية ورفع الاعتمادات المخصصة لاقتناء الأدوية .
- تعزيز صلاحيات مدراء وضباط إدارة السجون من أجل اتخاذ التدابير الملائمة (1).
- تشجيع زيارات المنظمات غيرا لحكومية ووسائل الإعلام للإطلاع على أوضاع المؤسسات العقابية.
وفي هذا الإطار تم تنظيم سلسلة من 19 زيارة من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر على مستوى عدد معتبر من المؤسسات العقابية (2).
بالإضافة إلى ذلك فإن إدارة المؤسسات العقابية هي الأخرى عرفت اهتماما و تطورا ملحوظا لاسيما من خلال اعتماد تكنولوجيات الإتصال والإعلام في أعمالها وذلك بغرض تثمين تسيير الجمهور العقابي، وتحقيق النجاعة والفعالية في تسيير مصالحها الإدارية والمالية، بما يسهم في تجسيد مهامها الرئيسية المتمثلة في تحقيق هدف إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين ضمن إستراتيجية مكافحة الجريمة وتقليص حالات العود.
وفي إطار سياسة إعادة الإدماج تم تعبئة التعاون الدولي، بإبرام عدة إتفاقيات دولية مع هيئات مختلفة حيث تمت الإستفادة من خدمات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي ساهم في إنجاز مؤسسة نموذجية لإعادة إدماج المحكوم عليهم على مستوى مدينة بسكرة، التي تعد مكسبا لقطاع السجون في الجزائر، بالإضافة إلى الدعم الذي قدمته اللجنة الأوروبية في مجال تنظيم دورات تكوينية لفائدة موظفي السجون واقتناء تجهيزات تربوية لفائدة المحبوسين (3).
كما تم اعتماد نظام الزيارة المقربة للأحداث والنساء، وتخصيص ظروف احتباس أكثر ملائمة للنساء الحوامل والمرضعات من حيث التغذية، الرعاية الصحية، بالإضافة إلى إعادة تكييف الأحكام المتعلقة بمعاملة الأحداث المحبوسين.


(1) . بالرجوع إلى نص المادة 171 من قانون تنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، فقد خولت لمديري ضباط إدارة السجون صلاحيات ضباط الشرطة القضائية أثناء ممارستهم لمهامهم عند وقوع جرائم ترتكب داخل المؤسسة العقابية أو خارجها.
(2)- نشرة القضاة، العدد 61، الجزء الأول، نشرة قانونية تصدرها مديرية الدراسات القانونية و الوثائق، وزارة العدل، ص 37.
(3)- مقطع من الكلمة التي ألقاها السيد وزير العدل حافظ الأختام بمناسبة افتتاح الملتقى الدولي حول عصرنة قطاع السجون، الذي انعقد بالتنسيق مع برنامج الأمم المتحدة للتنمية يومي 19 و 20 جانفي 2004 بالجزائر.
دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

المطلب الثاني: أنظمة إعادة الإدماج
جاء قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين بأحكام جديدة تهدف إلى إعادة إدماج المحبوس في المجتمع، ولعل أهم هذه الأنظمة هي نظام الإفراج المشروط، ونظام الحرية النصفية وكذا إجازة الخروج وهو ما سنتطرق إليه بالتفصيل في عدة فروع.

الفرع الأول: نظام الإفراج المشروط
هو ذلك النظام الذي يسمح من خلاله بإطلاق سراح المحكوم عليه الموقوف قبل انتهاء مدة العقوبة المحكوم بها عليه مقابل الموافقة على شروط،وقد ظهر هذا النظام قديما حيث عرف في الإمبراطورية النمساوية، ثم انتشر ليشمل معظم التشريعات في العالم.
حيث قام الدكتور"غابريال ميرابو" في نهاية القرن 18 بدراسة حول نظام الإفراج المشروط و تقدم بها إلى الجمعية الوطنية الفرنسية سنة 1847، طبق أول مرة في فرنسا في 15/08/1885، و قد سبقتها إنجلترا في تطبيقه سن 1803 لينتقل بعد ذلك إلى البرتغال و ألمانيا(1).
و أخذ به المشرع الجزائري من خلال قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج للمحبوسين في الفصل الثالث من الباب السادس في المواد من 134 إلى 150، وبالتالي فهو يعد منحة اجازها المشرع، وجعلها مكافأة يجازى بها المحبوس الذي تتوفر فيه شروط شكلية وأخرى موضوعية.
أولا: الشروط الشكلية
فتتمثل في وجوب تقديم طلب من المحبوس شخصيا أو ممثله القانوني، أو في شكل اقتراح من قاضي تطبيق العقوبات أو مدير المؤسسة العقابية وهو ما نصت عليه المادة 137 من قانون تنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، ليقوم بعد ذلك قاضي تطبيق العقوبات بإحالة الطلب والاقتراح على لجنة تطبيق العقوبات للبت فيه (2) .
أما المادة 139 تنص على تلك الضمانة التي منحها المشرع للحدث المحبوس إذا قدم طلب الإفراج المشروط وهي المتمثلة في وجوب عضوية قاضي الأحداث عند تشكيل لجنة تطبيق العقوبات.







(1)- د. علي عبد القادر القهوجي، علم الإجرام و علم العقاب، الدار الجامعية بالإسكندرية و بيروت العربية، 1995، ص 340.
(2)- ارجع نص المادة 138 من القانون 05/04 المؤرخ في 27 ذي الحجة عام 1425 الموافق ل 6 فيفري 2005 المتضمن قانون تنظيم السجون و إعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين.

دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

وذلك بصفته رئيس لجنة إعادة التربية وكذا مدير مركز إعادة تربية وإدماج الأحداث،
وشترطت المادة 140 من قانون تنظيم السجون على أن يتكون ملف الإفراج المشروط وجوبا على تقرير مسبب لمدير المؤسسة أو مدير المركز(1).
حسب الحالة حول السيرة والسلوك والمعطيات الجدية لضمان استقامته.
ويصدر قاضي تطبيق العقوبات إذا كان باقي العقوبة يساوي أو يقل عن 24 شهرا(2).
كما يمكن لوزير العدل أن يصدر مقرر الإفراج المشروط إذا كان باقي العقوبة أكثر من سنتين طبقا لنص المادة 142 من قانون تنظيم السجون بالقانون 05/04.
ثانيا : الشروط المـوضوعية
ونصت عليها المادة 134 وهي تتعلق في مجملها بصفة المستفيد، ومدة العقوبة التي قضاها والمحكوم بها عليه وهي :
- أن يكون محكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية.
- حسن السيرة و السلوك مع إظهار ضمانات إصلاح حقيقية.
- المحبوس المبتدئ تحدد فترة الإختبار بنصف العقوبة.
- المحبوس المعتاد تحدد فترة الإختبار بثلثي العقوبة المحكوم بها عليه على أن لا تقل عن سنة واحدة.
- وتكون فترة الإختبار للمحبوس المحكوم عليه بعقوبة السجن المؤبد بـ 15 سنة.
- ويمكن أن يستفيد من نظام الإفراج المشروط دون شرط فترة الإختبار، وذلك لأسباب صحية إذا كان المحبوس مصابا بمرض خطير أو إعاقة دائمة تتنافى مع بقائه في المؤسسة العقابية طبقا لنص المادة 148 قانون تنظيم السجون.
و لعل من أهم أهداف نظام الإفراج المشروط وفق التعديلات الجديدة في قانون تنظيم السجون هو إطلاق سراح المحكوم عليه الذي استوفت فيه الشروط السالفة الذكر، وذلك بإعفائه من قضاء العقوبة المتبقية له، والغاية من ذلك هي مساعدة المحبوس على إعادة إدماجه إجتماعيا.









(1) - يقصد بالمركز هنا هو مركز إعادة التربية و إدماج الأحداث.
(2)- وما هذا إلا توسيعا لسلطات قاصي تطبيق العقوبات، الذي لم تكن له صلاحية النظر في هذه الطلبات، بل كانت سلطة اتخاذ قرار الإفراج المشروط تقتصر فقط على وزير العدل دون سواه و ذلك في ظل قانون تنظيم السجون لسنة 1972.


دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

الفرع الثاني : نظام الحرية النصفية

حسب نص المادة 104 فإن نظام الحرية النصفية يقصد به وضع المحبوس المحكوم عليه نهائيا خارج المؤسسة العقابية خلال النهار منفردا دون حراسة أو رقابة الإدارة ليعود إليها مساء كل يوم.
وتتجلى الغاية من الإستفادة من نظام الحرية النصفية للمحبوس في تمكينه من تأدية عمل أو مزاولة دروس في التعليم العام أو التقني أو متابعة دراسات عليا أو تكوين مهني، حسب ما نصت عليه المادة 105 من نفس القانون.
ويستفيد من هذا النظام:
- كل محبوس المحكوم عليه المبتدئ الذي بقي على انقضاء عقوبته 24 شهرا.
- المحكوم عليه الذي سبق الحكم عليه بعقوبة سالبة للحرية وقضى نصف العقوبة وبقي على انقضائها مدة لا تزيد عن 24 شهرا.
حيث يوضع المحبوس في نظام الحرية النصفية بموجب مقرر يصدره قاضي تطبيق العقوبات بعد استشارة لجنة تطبيق العقوبات مع إشعار المصالح المختصة بوزارة العدل (1).
ويلتزم المحبوس المستفيد من نظام الحرية النصفية بمجموعة من الالتزامات أهمها:
إمضاء تعهد كتابي وفقا لنص المادة 107 يلتزم بموجبه باحترام الشروط المنصوص عليها في مقرر الإستفادة، خاصة فيما يتعلق بسلوكاته خارج المؤسسة وحضوره الحقيقي في أماكن العمل أو الدراسة أو التكوين ومواظبته واجتهاده، وكذا تحديد أوقات الدخول والخروج بالإضافة إلى التزامه بالرجوع إلى المؤسسة في كل مساء طبقا لنص المادة 104 من قانون تنظيم السجون، وقد يؤذن في هذا الإطار المحبوس المستفيد من نظام الحرية النصفية بحمل مبالغ من المال تدفع له بكتابة ضبط المحاسبة لأداء مصاريف النقل مثلا أو عند العودة
وإعادة الباقي منها عند اللزوم (2).
ويمكن القول أن نظام الحرية النصفية يعتبر من بين أهم الأنظمة وأفضلها لكونه يساهم في عملية ادماج المحبوسين خصوصا إذا طبق هذا الأخير في مجال المهين والتكوين المهنيين، وبالأخص المحبوسين الذين لهم مستوى دراسي معين ومتعادي الإجرام، الأمر الذي يسمح لهم باكتساب مهن وحرف تساهم على إبعادهم على عالم الإجرام، بشرط أن تتناسب هذه المهن والحرف مع مؤهلاتهم وإمكانياتهم المادية ومتطلبات سوق العمل.
كما نجد لهذا النظام فائدة عملية قصوى تتجلى في التغير التدريجي لنمط حياة المحبوس نهارا خارج المؤسسة مع الشغل أو الدراسة أو التكوين والمبيت ليلا داخلها.


(1)- ارجع إلى نص المادة 106 من قانون تنظيم السجون
(2)-مقرر قانون تنظيم السجون، يتضمن المحاضرات التي ألقيت على طلبة المدرسة الوطنية لإدارة السجون بسور الغزلان، سنة 2006/2007.



دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

الفرع الثالث: نظام إجازة الخروج

ويقصد بهذا النظام منح مكافأة للمحبوس حسن السيرة والسلوك أقصاها 10 أيام دون حراسة حيث تنص المادة 129 على أنه: " يجوز للقاضي تطبيق العقوبات، بعد أخذ رأي لجنة تطبيق العقوبات مكافأة المحبوس حسن السيرة والسلوك المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية تساوي 3 سنوات أو تقل عنها بمنحه إجازة الخروج من دون حراسة لمدة أقصاها 10 أيام،
و يمكن أن يتضمن مقرر منح إجازة الخروج شروط خاصة، تحدد بموجب قرار من وزير العدل حافظ الأختام ".
و ما يمكننا قوله في هذا الصدد أن نظام إجازة الخروج جاء به قانون 05/04 لأول مرة ولم يكن منصوص عليه من قبل في قانون تنظيم السجون الصادر في سنة 1972.
و يمكننا ان نعبر هذا النظام بمثابة عطلة تمنح للمحبوس مدتها 10 أيام دون أي حراسة، يغادر بمناسبتها المحبوس المؤسسة العقابية للإتجاه إلى مكان محدود ومعلوم يقيد في مقرر إجازة الخروج(1).
و يشترط في المستفيد من هذا النظام أن يكون:
- محكوم عليه نهائيا وحسن السيرة والسلوك
- محكوم عليه بعقوبة تساوي أو تقل عن 3 سنوات
و تمنح الإجازة بموجب مقرر صادر عن قاضي تطبيق العقوبات بعد أخذ رأي لجنة تطبيق العقوبات،مع الملاحظة أنه يمكن الطعن في هذا المقررولا إلغاؤه إلا في حالة إخطار وزير العدل لجنة تكييف العقوبات التي تفصل في هذا الإخطار في مدة لا تتجاوز 30 يوما.
وعليه نخلص إلى القول أن أنظمة إعادة الإدماج السالفة الذكر ليست مجرد حبر على ورق جاء بها المشرع الجزائري، وإنما هي سياسة انتهجها المشرع وتم تنفيذها على ارض الواقع والتي أعطت نتائج إيجابية في الوسط العقابي، لا سيما وأن حصيلة نشاط تطبيق مختلف هذه الأنظمة من سنة 2005 إلى غاية سنة 2006 أثبتت أنه تم تسجيل إستفادة:
- 4557 مستفيد من نظام الإفراج المشروط
- 891 مستفيد من نظام الحرية النصفية
- 4016 مستفيد من نظام إجازة الخروج
- وبلغ عدد المفرج عنهم المدمجين في إطار الأنشطة ذات المنفعة العامة 510 مستفيد.




(1) محاضرة بعنوان " نظام السجون في الجزائر " ألقيت من المدير الفرعي لمديرية البحث وإعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوس، للأستاذ بن عيسى علي، على طلبة مدرسة الشرطة بعنابة، جوان 2007.

دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

المطلب الثالث: أهمية إعادة التربية و الإدماج الإجتماعي

تكتسي السياسة العقابية المنتهجة في ظل قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين أهمية قصوى، وذلك بالنظر إليها من عدة زوايا فبالنسبة للهيكلة البشرية للمؤسسة العقابية فإنه يجدر بالقائمين عليها القيام بمهامهم على أكمل وجه من أجل تحقيق إعادة الإدماج هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فإن المشرع وفقا للتعديلات الجديدة فقد وسع من صلاحيات قاضي تطبيق العقوبات حيث خول له الإشراف على العديد من أنظمة إعادة الإدماج مقارنة مع مهامه قبل التعديل (1).
كما تتجلى أهمية إعادة التربية والإدماج الاجتماعي بالنسبة للمحبوسين أنفسهم باعتبارهم محل تنفيذ هذه السياسة، وبذلك فالمحبوس يعد طرفا أصليا في العملية العلاجية، حيث ينتظر من ورائها الخروج من دائرة الجريمة، والإنضمام إلى دائرة الإصلاح من أجل الحصول على مكانة داخل المجتمع دون أن ينبذ او يهمش بعد الإفراج عنه، وذلك بتشبعه بالقيم الاجتماعية.
بالإضافة إلى ذلك فإن سياسة إعادة الإدماج تعد وسيلة فعالة لمكافحة ظاهرة العود إلى الجريمة في نفس الوقت وسيلة يحتمي بها المجتمع ضد المجرمين، وفي هذا السياق فإن إصلاح قطاع السجون يهدف إلى جعل المؤسسات العقابية فضاءات للتربية والتأهيل
والإصلاح تؤدي وظيفة تحضير المحبوس لإعادة إدماجه في المجتمع بعد قضاء العقوبة السالبة لحرية و العمل على أن لا تكون مدرسة لتعليم الإجرام والإنحراف، وهي ضاهرة التي لاحظناها لدى بعض المحبوسين، وذلك نظرا لإحتكاك المحبوس مع المجرمين المحترفين، لاسيما ما يقع من تجاوزات وأفعال لا أخلاقية كالشذوذ الجنسي لبعض المحبوسين.
وعليه فإن العقوبة في ظل التعديلات الجديدة هي وسيلة لحماية المجتمع عن طريق إعادة التربية والإدماج وليست مجرد إنتقام من المجرم المحبوس، والغاية في ذلك هي تفادي عودة المحبوس المفرج عنه وحمايته من العودة إلى ارتكاب جريمة أخرى وانتكاسه في عالم الإجرام، حتى لا يكون العود والانتكاس عائق أو حاجز يتسبب في فشل سياسة الإدماج (2).




(1)- كان يسمى قاضي تطبيق العقوبات وفقا لقانون تنظيم السجون لسنة 1972 قاضي تطبيق الأحكام الجزائية، الذي كانت سلطاته تقتصر على مراقبة عملية إعادة التأهيل الإجتماعي مع إمكانية تقديم بعض الإقتراحات حولها، لتضيق سلطته في إتخاذ القرار نظرا لعدة اعتبارات.
(2)- محاضرات حول ظاهرة العود بعنوان هل العود فشل لإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين؟ ،ألقيت من طرف الأستاذ أحمد غاي، خلال المنتدى الوطني الأول حول دور المجتمع المدني في إعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين، بفندق الرياض، الجزائر، يومي 12 و 13 نوفمبر 2005.

دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

لا سيما وأن انتكاس المحبوس والعودة مرة أخرى إلى عالم الجريمة يدل على أنه ذو خطورة إجرامية في لم تفلح برامج الإصلاح والتربية في إصلاحه، وقد يدل على أن درجة الخطورة في نفسه بلغت الحد الذي أصبح فيه غير قابل للإصلاح.
بل ينبغي معاملته معاملة خاصة بإخضاعه لتدابير خاصة بإيداعه في مراكز متخصصة إصلاحية أو علاجية، وقد يعود سبب انتكاس المحبوس وعودته إلى الأجرام إلى عدم ملائمة البرامج الإصلاحية والتأهيلية التي كانت منتهجة من قبل، لذلك نجد المشرع ولهذه الأسباب ولغيرها لجأ إلى سياسة عقابية جديدة تهدف أساسا إلى إعادة إدماج المحبوس في مجتمعه لذلك تم تفعيل آليات تطبيق هذه السياسة، من خلال منح صلاحيات واسعة لعدة لجان سوف نأتي إلى تفصيلها في المبحث الثاني.

المبحث الــثـاني: ميكانيزمات اعادة الإدماج الإجتماعي للمحـبـوسيـن

إن السياسة العقابية الجديدة التي تبناها المشرع الجزائري بموجب قانون تنظيم السجون 05/04 وبهدف تحقيق الأهداف المسطرة بإعادة إدماج المحبوسين إجتماعيا للقضاء على الظاهرة الإجرامية أو على الأقل مكافحتها، لذلك ومن أجل تفعيل هذه السياسة التي تعتمد على مساهمة عدة هيئات وجهات، جاء القانون بالنص على آليات تتمثل في:
- لجنة تطبيق العقوبات
- لجنة تكييف العقوبات
- اللجنة الوزارية المشتركة
- لجنة إعادة التربية
- المصالح الخارجية لإدارة السجون المكلفة بإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين.
و فيما يلي سوف نأتي إلى تفصيل صلاحيات هذه اللجان كما يلي:

المطلب الأول: لجنة تطبيق العقوبات
تعد لجنة تطبيق العقوبات إحدى الآليات الفعالة المحدثة بالقانون 05/04، نظرا للدور الفعال الذي تلعبه في تطبيق سياسة إعادة الإدماج، ونظرا لأهميتها سوف نتطرق إلى التعريف بها و تشكيلتها وكذلك التطرق إلى صلاحياتها المنوطة بها.

الفرع الأول: تعريف لجنة تطبيق العقوبات
بالرجوع إلى قانون تنظيم السجون 05/04 نجد المشرع أورد لجنة تطبيق العقوبات في الفصل الثالث من الباب الثاني تحت عنوان مؤسسات الدفاع الاجتماعي، وبذلك تكون هذه اللجنة إحدى مؤسسات الدفاع الإجتماعي، وفقا للتعديلات الجديدة حيث تنص المادة 24 من هذا القانون على أنه: " تحدث لدى كل مؤسسة وقاية وكل مؤسسة إعادة التربية، وكل مؤسسة إعادة التأهيل، وفي المراكز المخصصة للنساء، لجنة تطبيق العقوبات".


دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

هذه اللجنة التي يرأسها قاضي تطبيق العقوبات، أوجب المشرع إنشاؤها على مستوى كل مؤسسة عقابية مهما كان نوعها وذلك نظرا للصلاحيات التي خولت لها، وفي سبيل تجسيد هذه اللجنة على أرض الواقع تم إصدار مرسوم تنفيذي رقم 05/180في 17 ماي 2005 ليحدد تشكيلها وكيفيات سيرها، حيث تتشكل هذه اللجنة من: (1).
- قاضي تطبيق العقوبات رئيسا
- مدير المؤسسة العقابية أو المركز المتخصص للنساء حسب الحالة
- المسؤول المكلف بإعادة التربية
- رئيس الإحتباس
- مسؤول كتابة الضبط القضائية بالمؤسسة العقابية
- طبيب المؤسسة العقابية
- الأخصائي في علم النفس بالمؤسسة العقابية
- مرب من المؤسسة العقابية
- مساعدة اجتماعية من المؤسسة العقابية
و يعين الطبيب والأخصائي النفساني والمربي والمساعدة الاجتماعية بموجب مقرر من المدير العام لإدارة السجون لمدة 3 سنوات قابلة للتجديد.
وتتوسع اللجنة إلى عضوية قاضي الأحداث عندما يتعلق الأمر بالبت في طلبات الإفراج المشروط للمحبوس من الأحداث، وذلك بصفته رئيس لجنة إعادة تربية الأحداث وكذا بصفته مدير مركز إعادة تربية و إدماج الأحداث.
كما يعين النائب العام لدى المجلس القضائي كاتب ضبط يتولى تسيير أمانة اللجنة تحت سلطة قاضي تطبيق العقوبات، حيث يتولى حضور اجتماعات اللجنة ويقوم بتحرير محاضرها وتسجيل مقرراتها وتبليغها، بالإضافة إلى تسجيل البريد والملفات، وتلقي الطعون وطلبات المحبوسين.
و تنفيذا للصلاحيات التي خولها لها المشرع فإنها تجتمع مرة كل شهر، كما يمكنها أن تجتمع كلما دعت الضرورة إلى ذلك بناء على استدعاء من رئيسها أو بطلب من مدير المؤسسة العقابية.
وبذلك تتخذ اللجنة مقرراتها بأغلبية الأصوات، وفي حالة تعادل الأصوات يرجح صوت الرئيس.
وبعد تعريفنا للّجنة سوف نتطرق إلى المهام الموكلة لها في إطار الدور الإصلاحي المخول لها بموجب قانون 05/04 فيما يلي:



(1)- ارجع إلى نص المادة 2 من المرسوم التنفيذي 05/180، المحدد لتشكيلة لجنة تطبيق العقوبات و كيفيات سيرها الصادر في 17 ماي 2005،الجريدة الرسمية لسنة 2005، العدد 35.



دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

الفرع الــثــاني: صلاحيات لجنة تطبيق العقوبات

بالرجوع إلى الفقرة الثانية من نص المادة 24 من قانون تنظيم السجون، نجد المشرع ينص على الصلاحيات المخولة للجنة تطبيق العقوبات، حيث تختص بترتيب وتوزيع المحبوسين حسب وضعيتهم الجزائية وخطورة الجريمة المحبوسين من أجلها، وجنسهم
وسنهم و شخصيتهم، ودرجة استعدادهم للإصلاح، وتكمن أهمية هذا الترتيب والتوزيع في اعتبارها الوسيلة المثلى لتحديد فئات المحبوسين حسب معايير علمية وتوزيعهم على أنواع المؤسسات العقابية من أجل تنفيذ برامج إعادة الإدماج التي تختلف باختلاف الفئة المخصصة لها، كما يعتبر التصنيف أداة لتفريد تنفيذ العقوبة الذي يقتضي الملائمة بين الشخصية
والمعاملة العقابية، وبذلك يهدف إلى رسم برنامج للمعاملة سيتمد من عناصر هذه الشخصية إنطلاقا من المعطيات التي كشف عنها الفحص النفسي والطبي الذي يجرى على المحبوس(1).
كما يسهل هذا التصنيف على المؤسسة العقابية تحقيق الأهداف المسطرة الرامية إلى إعادة إدماج المحبوس وإصلاحه وبالتالي تحضيره إلى ما بعد الإفراج.
حيث يتم فصل المحبوسين مؤقتا عن المحبوسين المحكوم عليهم، وفصل النساء عن الرجال بوضعهم في جناح خاص بهن، وكذلك فصل البالغين عن الأحداث، والعائدين عن المبتدئين، وفي هذا الصدد فإنه يتم هذا التصنيف عمليا وفقا لعدة معايير مع مراعاة الطاقة الإستعابية للمحبوسين لكل مؤسسة.
كما تختص لجنة تطبيق العقوبات بمتابعة تطبيق العقوبات السالبة للحرية و البديلة عند الإقتضاء(2).
كما تختص اللجنة بدراسة طلبات إجازات الخروج التي سبق التطرق إليها وكذا طلبات الإفراج المشروط أو الإفراج المشروط لأسباب صحية، بالإضافة إلى طلبات التوقيف المؤقت لتطبيق العقوبة، وهي تلك الطلبات التي تقدم إلى قاضي تطبيق العقوبات من أجل توقيف العقوبة السالبة للحرية لمدة لا تتجاوز 3 أشهر، إذا كان باقي العقوبة المحكوم بها على المحبوس تقل عن سنة واحدة أو يساويها وإذا ما توافرت إحدى الحالات التالية:








(1)- محاضرات الأستاذ: سالم الكسواني بعنوان تصنيف السجناء في قانون تنظيم السجون و إعادة التربية الجزائري، ملقاة على طلبة كلية الحقوق، الأردن، 1993.
(2)- انظر نص المادة 23 من قانون تنظيم السجون.
دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

- إذا توفى أحد أفراد عائلة المحبوس
- إذا أصيب أحد أفراد عائلة المحبوس بمرض خطير وأثبت المحبوس أنه المتكفل الوحيد بالعائلة.
- إذا كان زوجه محبوسا أيضا وكان من شأن بقائه في الحبس إلحاق ضرر بالأولاد القصر، أو بأفراد العائلة الاخرين المرضى منهم أو العجزة
- إذا كان المحبوس خاضعا لعلاج طبي خاص
وما يجب الإشارة إليه في هذا الصدد أن التوقيف المؤقت لتطبيق العقوبة ما هو إلا حكم من بين الأحكام الجديدة التي جاءت بها السياسة العقابية الجديدة في قانون 05/04 الغاية منه تحقيق إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين (1).
وتختص اللجنة بدراسة طلبات الحرية النصفية التي سبق وأن تطرقنا إليها أعلاه، بالإضافة إلى دراسة طلبات الوضع في الوسط المفتوح والورشات الخارجية، والتي سوف نأتي بتفصيلها ودراستها من خلال التطرق إلى دور المؤسسة العقابية كأداة لتحقيق الأهداف المسطرة ضمن السياسة الجديدة وذلك في الفصل الثاني.
ولعل من أهم الصلاحيات التي تتولاها لجنة تطبيق العقوبات هي متابعة تطبيق برامج إعادة التربية من جهة، والسعي إلى تفعيل آلياتها من جهة أخرى.

المطـلب الـثـاني: لجنة تكييف العقوبات
ونتناول في هذا المطلب تعريف اللجنة وتبيان أهم الصلاحيات المخولة لها.

الـفـرع الأول: تعريف لجنة تكييف العقوبات
وهي لجنة تتواجد على مستوى وزارة العدل يتولى رئاستها قاضي من المحكمة العليا، حيث تنص المادة 143 من القانون 05/04 على أنه :" تحدث لدى وزير العدل حافظ الأختام لجنة تكييف العقوبات تتولى عدة مهام ".
حيث صدر المرسوم التنفيذي رقم 05/181 المؤرخ 17/05/2005 ليحدد تشكيلتها وتنظيمها وسيرها وتتشكل هذه اللجنة من:
- قاضي من قضاة المحكمة العليا رئيسا
- ممثل عن المديرية المكلفة بإدارة السجون برتبة نائب مدير على الأقل
- ممثل عن المديرية المكلفة بالشؤون الجزائية
- مدير مؤسسة عقابية
- طبيب يمارس بإحدى المؤسسات العقابية
- عضوين يختارهما وزير العدل من بين الكفاءات و الشخصيات التي لها معرفة بالمهام المسندة إلى اللجنة.


(1)- انظر المواد 130، 131، 132، من قانون تنظيم السجون.

دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

ويعين أعضاء اللجنة بقرار من وزير العدل لمدة 3 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.
ويكون مقر اللجنة بالمديرية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، أما عن اجتماعها فإن اللجنة تجتمع مرة كل شهر كما يمكنها أن تجتمع بناءاعلى استدعاء من رئيسها كلما دعت الضرورة إلى ذلك، وتزود اللجنة بأمانة يتولى تسييرها موظف يعينه المدير العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، تتولى هذه الأمانة القيام بتحضير اجتماعات اللجنة واستدعاء أعضائها وتحرير محاضر اجتماعاتها، مع تسجيل مقررات اللجنة وتبليغها، كما تتلقى الأمانة البريد وملفات الطعون المرفوعة ضد مقررات لجنة تطبيق العقوبات.
بالإضافة إلى تلقيها لطلبات الإفراج المشروط التي يؤول الإختصاص فيها إلى وزير العدل.
وبعد تعريفنا باللجنة وتبيان تشكيلتها وطرق اجتماعها، سوف نتطرق إلى المهام الموكلة لها بموجب نص المادة 143 من قانون تنظيم السجون.
وما تجدر الإشارة إليه أن مقررات اللجنة تعد نهائية و غير قابلة لأي طعن(1).

الفرع الـثـاني: صلاحيات لجنة تكييف العقوبات
طبقا لنص المادة 143 من قانون تنظيم السجون:
- تتولى لجنة تكييف العقوبات البت في الطعن المقدم لها من المحبوس أو النائب العام، المتعلق بمقرر التوقيف المؤقت لتطبيق العقوبة، وكذلك الطعن في مقرر رفض التوقيف المؤقت لتطبيق العقوبة طبقا لنص المادة 133 من نفس القانون.
- كما تتولى اللجنة البت في الطعون المتعلقة بمقرارات الإفراج المشروط، والتي يقدمها النائب العام بعد تبليغه عن طريق كتابة ضبط المؤسسة بصدور مقرر الإفراج المشروط،
و له أجل 8 أيام من تاريخ التبليغ، بأن يطعن في هذا المقرر(2).
و تبت لجنة تكييف العقوبات وجوبا في الطعن المرفوع أمامها من النائب العام خلال مهلة 45 يوما ابتداءا من تاريخ الطعن ويعد عدم البت خلالها رفضا للطعن.
- وتفصل اللجنة في الطعون المذكورة في المادة 161 من قانون تنظيم السجون والتي تنص على أنه:" إذا وصل إلى علم وزير العدل أن مقرر قاضي تطبيق العقوبات المتعلق بإجازة الخروج أو بالتوقيف المؤقت لتطبيق العقوبات أو بالإفراج المشروط يؤثر سلبا على الأمن أو النظام العام، فله أن يعرض الأمر على لجنة تكييف العقوبات في أجل أقصاه 30 يوما، و في حالة إلغاء المقرر يعاد المحكوم عليه المستفيد إلى نفس المؤسسة العقابية لقضاء باقي عقوبته.





(1)- ارجع نص المادة 16 من المرسوم 05/181 المؤرخ في 8 ربيع الثاني عام 1426 الموافق لـ 17 ماي 2005، يحدد تشكيلة لجنة تكييف العقوبات و تنظيمها وسيرها، الجريدة الرسمية لسنة 2005، العدد 35.
(2)-انظر نص المادة 141 من قانون تنظيم السجون
دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

كما تختص لجنة تكييف العقوبات في دراسة طلبات الإفراج المشروط التي يعود اختصاص البت فيها لوزير العدل، حيث تقوم بإبداء رأيها فيها بعد دراستها، وقبل إصداره مقررات بشأنها(1).
كما يمكن للجنة أيضا أن تبدي رأيها في الملفات التي يعرضها عليها وزير العدل طبقا لنص المادة 159 من القانون 05/04 وهي تلك المتعلقة بإعفاء المحبوس من بعض أو من كل الشروط الواجب توافرها للإستفادة من أحد أنظمة إعادة التربية والإدماج الاجتماعي، المنصوص عليها في قانون تنظيم السجون، كطلب الإعفاء من شرط فترة الإختبار التي اشترطها القانون في الإستفادة من نظام الإفراج المشروط.
ما يمكن قوله في هذا الصدد فإن لجنة تكييف العقوبات تعتبر بمثابة درجة ثانية أو درجة مراقبة بالنسبة للمقررات التي يصدرها قاضي تطبيق العقوبات، ومن خلال الصلاحيات المخولة لهذه اللجنة فإننا نستشف التوجه الجديد للمشرع الجزائري في ضمان تحقيق سياسة إعادة الإدماج وبذلك تعد آلية فعالة في تنفيذ برنامج إعادة التربية وإدماج المحبوس اجتماعيا.

المـطـلب الثالـث: اللجنة الوزارية المشتركة
ونظرا لأهمية هذه اللجنة سوف نتطرق إلى التعريف بها، ثم تبيان أهم الصلاحيات المنوط بها كما يلي:

الفــرع الأول: تـعـريف اللجنة الوزارية المشتركة:
بصدور قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين 05/04 فإن الباب الثاني منه جاء تحت عنوان مؤسسات الدفاع الاجتماعي، ليندرج منه الفصل الأول تحت عنوان اللجنة الوزارية المشتركة لتنسيق نشاطات إعادة تربية المحبوسين وإدماجهم اجتماعيا، حيث نصت المادة 21على أنه :" تحدث لجنة وزارية مشتركة لتنسيق نشاطات إعادة تربية المحبوسين وإعادة إدماجهم الاجتماعي، هدفها مكافحة الجنوح وتنظيم الدفاع الاجتماعي"، ليصدر في نفس السنة المرسوم التنفيذي رقم 05/429 في 8 نوفمبر 2005 يحدد تنظيم اللجنة الوزارية المشتركة لتنسيق نشاطات إعادة تربية المحبوسين وإعادة إدماجهم الاجتماعي ومهامها وسيرها، ليتم فيما بعد تنصيب هذه اللجنة من طرف السيد وزير العدل حافظ الأختام بتاريخ 30/01/2006.







(1)- ارجع إلى نص المادة10من مرسوم التنفيذي 05/181

دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

يرأس هذه اللجنة وزير العدل حافظ الأختام أو ممثله وتتشكل من ممثلي القطاعات الوزارية الآتية:
- وزارة الدفاع الوطني
- وزارة الداخلية والجماعات المحلية
- وزارة المالية
- وزارة المساهمات وترقية الاستثمارات
- وزارة الشؤون الدينية والأوقاف
- وزارة التهيئة العمرانية والبيئة
- وزارة التربية الوطنية
- وزارة الفلاحة والتنمية الريفية
- وزارة الأشغال العمومية
- وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات
- وزارة الإتصال
- وزارة الثقافة
- وزارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعات التقليدية
- وزارة التعليم العالي والبحث العلمي
- وزارة التكوين والتعليم المهنيين
- وزارة السكن والعمران
- وزارة العمل والضمان الاجتماعي
- وزارة التشغيل والتضامن الوطني
- وزارة الشباب والرياضة
- وزارة السياحة
- الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالأسرة وقضايا المرأة (1).
يمكن للجنة الوزارية أن تستعين في أعمالها بممثلي الجمعيات والهيئات المحددة على سبيل الحصر في نص المادة 2 من المرسوم 05/429 وهي:
- اللجنة الوطنية الإستشارية لترقية حقوق الإنسان و حمايتها
- الهلال الأحمر الجزائري
- الجمعيات الوطنية الفاعلة في مجال الإدماج الاجتماعي للمحبوسين.





(1)- انظر المادة 2 من المرسوم التنفيذي 05/429 المؤرخ في 6 شوال عام 1426 الموافق لـ 8 نوفمبر 2005،يحدد تنظيم اللجنة الوزارية المشتركة لتنسيق نشاطات إعادة تربية المحبوسين وإعادة إدماجهم الإجتماعي ومهامها وسيرها، الجريدة الرسمية لسنة 2005، العدد74.
دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

كما يمكنها أن تستعين بخبراء أو مستشارين لتوضيح المواضيع التي تدخل في إطار مهمتها، ويعين أعضاء اللجنة بقرار من وزير العدل لمدة 4 سنوات بناءا على اقتراح من السلطات التي ينتمون إليها، ومن أجل ممارسة صلاحياتها المخولة لها فإنها تجتمع في دورة عادية مرة كل ستة أشهر، ويمكنها أن تجتمع في دورة غير عادية بمبادرة من رئيسها أو يطلب من ثلثي أعضائها، كما يمكن أن تعقد اجتماعات مصغرة تخص ممثلي القطاعات الوزارية المعنية.

الـفـرع الـثـانـي: صــلاحيـات اللجنة الوزارية المشتركة
نص قانون تنظيم السجون على إحداث اللجنة الوزارية المشتركة و حدد هدفها الذي أنشئت من أجله هو مكافحة الجنوح وتنظيم الدفاع الاجتماعي، ولعل التشكيلة الوزارية لهذه اللجنة تدل على أهميتها كونها تضم أهم القطاعات الوزارية في الدولة حيث يتم التنسيق بينها من أجل تحقيق هدف الإدماج الاجتماعيي للمحبوسين، لذلك وفي إطار الوقاية من الجنوح
ومكافحته تكلف اللجنة بتنسيق برنامج إعادة التربية وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وتنشيطها ومتابعتها.
حيث نصت المادة 4 من المرسوم التنفيذي 05/429 على الصلاحيات والمهام المنوطة بهذه اللجنة التي تتمثل في:
- تقوم بتنسيق نشاط القطاعات الوزارية والهيئات الأخرى التي تساهم في إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين.
- إقتراح أي تدبير من شأنه تحسين مناهج إعادة تربية المحبوسين وإعادة إدماجهم إجتماعيا.
- تشارك في إعداد برامج الرعاية اللاحقة للمحبوسين بعد الإفراج عنهم.
- التقييم الدوري للأعمال المباشرة في مجال التشغيل في الورشات الخارجية والحرية النصفية.
- تقييم وضعية مؤسسات البيئة المفتوحة ونظام الإفراج المشروط وتقدم كل إقتراح في هذا المجال.
- إقتراح كل عمل والتشجيع عليه في مجال البحث العلمي بهدف محاربة الجريمة.
- اقتراح كل النشاطات الثقافية والأعمال الإعلامية الرامية إلى الوقاية من الجنوح
ومكافحته.
- إتخاذ كل التدابير التي من شأنها تحسين ظروف الحبس في المؤسسات العقابية.








دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

بالإضافة إلى اللجان الثلاثة السالفة الذكر فإن المشرع وفي إطار ضمان حماية
ومعاملة خاصة بالأحداث فإنه أحدث لجنة إعادة التربية هذه الأخيرة التي تعد بدورها إحدى الآليات أو الميكانيزمات التي تعتمد عليها السياسة العقابية الجديدة، في تحقيق هدف إعادة إدماج المحبوسين لاسيما بالنسبة لفئة الأحداث، وبهدف تأطير نشاطات إعادة تربية الأحداث وإعادة إدماجهم اجتماعيا تم إحداث لدى كل مركز لإعادة التربية وإدماج الأحداث
والمؤسسات العقابية المهيأة بجناح لإستقبال الأحداث، هذه اللجنة التي يرأسها قاضي الأحداث(1).
حيث تتشكل هذه اللجنة من:
- مدير مركز إعادة التربية وإدماج الأحداث أو مدير المؤسسة العقابية.
- الــطــبيب
- المختص في علم النفس
- المـربي
- ممثل الوالي
- رئيس المجلس الشعبي البلدي أو ممثله.
يمكن أن تستعين لجنة إعادة التربية بأي شخص من شأنه أن يفيدها في أداء مهامها.
و يعين رئيس اللجنة بقرار من وزير العدل لمدة 3 سنوات قابلة للتجديد بناءا على إقتراح من رئيس المجلس القضائي المختص.
تختص لجنة إعادة التربية طبقا لنص المادة 128من قانون تنظيم السجون بما يلي:
- إعداد برامج التعليم وفقا للبرامج الوطنية المعتمدة.
- إعداد البرامج السنوية لمحو الأمية والتكوين المهني.
- دراسة واقتراح كل التدبير الرامية إلى تكييف وتفريد العقوبة المنصوص عليها في قانون تنظيم السجون
- تقييم مدى تنفيذ برنامج إعادة التربية وإعادة الإدماج الاجتماعي.
كما تجدر الإشارة إلى أن قانون تنظيم السجون نص على إنشاء مصالح خارجية تابعة لإدارة السجون تكلف بالتعاون مع المصالح المختصة للدولة والجماعات المحلية بتطبيق برنامج إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين(2).
وتطبيقا لنص المادة 113 من قانون تنظيم السجون صدر المرسوم التنفيذي رقم 07/67 في 19 فيفري 2007 ليحدد كيفيات تنظيم وسير المصالح الخارجية لإدارة السجون المكلفة بإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، حيث تنشأ هذه المصلحة بدائرة اختصاص كل مجلس قضائي ويمكن عند الاقتضاء إحداث فروع لها بموجب قرار من وزير العدل.



https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=518468









رد مع اقتباس
قديم 2016-01-25, 22:31   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohad3814 مشاهدة المشاركة
السلام عليكم أريد مساعدة من فضلك في مذكرة
السياسة العقابية في ظل التشريع الجزائري تنظيمها وآليات تنفيذها
مدكرة تطور الـسـياسة العقـابية في الجـزائر ج1 الأحد ديسمبر 02, 2012 8:19 pm
إن الدور الكبـير و الفعال الذي تقـوم بـه الإدارة العـقابية أو مـا يـعرف بـإدارة الـسجون بـصـفة عامة و المؤسسـات العقابية بـصفة خـاصة في مـجال مـحاربة الجريمة و ذلك من خـلال دورهـا الأمـني الـبارز والمتمـثل في عزل الأشـخاص المـتسـببين بفعـل سلوكـياتهم المنـحرفة في المسـاس باستقرار المجتمع و أمن الأفـراد يـزداد أهـمـيـة يوما بعد يوم ، وهـو مـا يجعل هـذا الـقطاع يحظى بمـزيد من الاهتمام و الاعتناء من أجـل خـلق سـياسـة عـقابية تتـمـاشى و النظرة الحديثـة لهـذا القطـاع وهـذا بالنـظر إلى الاتفاقيات و المـعاهـدات المبرمة في هـذا المـجال.
و الـجزائـر و مـنـذ الاستقلال و مـن خلال مـا انـتهـجـتـه مـن سـياسـة في هـذا الـقطـاع نجدهـا حريـصة كل الـحرص على النـهـوض بالسـياسـة الـعقابية الجزائـرية مـحاولة في ذلك الأخـذ بأسـاليب جديـدة و فعالة مـقـتدية بذلك بما جـاءت بـه الاتفاقيات الدولية و الإعلان العالمي لـحقوق الإنـسان و قـواعد الحد الأدنى لمعاملة المـساجين و مـا هـو مـكرس في الدول الأخرى التي قـطعت شوطا لا بأس به في هـذا المـجال‘ و لعل الأمـر 72/02 المؤرخ في 10فـيفري 1972 و المتضمن قـانون السجون و إعـادة تربـية المساجين جـاء كإعلان رسـمـي يسـتشـف مـن خلاله اعتماد الإدارة العقـابية الجزائرية للأفـكـار و المبادئ الإنـسـانية العالمية الحديثة في مجال مـعاملة المسـاجين و إصلاحهم، و الذي جـعل مـن مـبـدأ إصـلاح السـجون بـصـفة عـامة والمـسجون بـصفة خـاصة وظـيفة أسـاسـية بـوضـع إدارة الـسجون كـجـهاز إداري فـعال لـتجسـيد هـذا المـبدأ على أرض الواقع.
كما أن الـجـزائر و إصـرارا منها على تـحسين ظـروف السجن و احترام حـقوق الإنـسان في السجون بالإضـافة إلى إدراج رؤية عـصـرية لمـسألة إعادة تربية المـساجيــن و إدمـاجهـم في المجـتمع لجأت مـؤخرا إلى تـعديل الأمـر 72/02 بالقانون رقم 05/04 المؤرخ في 06 فيفري 2005 المتضمن قـانون تنظيم السجون و إعادة الإدمـاج الاجتماعي للمحبوسين و الذي من خـلاله كـرست فعالية الأجـهزة و الهيئات بغرض تفعيل دورها في إدمــاج و إصلاح المحبوسين إضـافة إلى خـلق هـيئـات أخرى كل هـذا بـغية تـفعيل سـياسة تـنـظيم السجون و إعـادة الإدمـاج الاجتماعي للمحبوسين مـحاولة مـرة أخرى جـعل سـياسـة الإصلاح و الإدمـاج في مـصـف الـسياسـات الأولية حتى تـجعلـها تتمـاشى و المعاهدات الدولية المـصادق عليها من طرف الجزائر و أكـثر استجابة للمعايير و التوصـيات الرامية إلى تـعزيز حماية حقوق الإنـسان ، و بـهـذا يـكون قـانون تنـظيم السجون و إعادة الإدمـاج الاجتماعي للمحبوسين عـصـارة تـطور الـسياسة العقابية في الجزائر ، و مـن هـذا المنـطلق و بـدافـع نابع من وجوب تجاوز الحـــــدود التي تقوقع فيها النظام العقابـــي الجزائري سنحاول دراسة مـــوضوع تطور السياسة العقابية في الجزائـــر، و سنـحاول من خلال هـاتـه الدراسة إبراز الآلـيات التي كانت مبنيـة عليها السياسة العقابية الجزائرية و كذا الآلـيات المستحدثـة من خلال إستحداث القانون الجديد ، كما سـنحاول تبيان مدى نـجاح السياسة

العقابية في تحقيق وظيـفة إصلاح المـسجون و إعادة إدمـاجه من جـديد داخل المجتمع و هي الوظـيفة الرئيسية التي جاء مـن أجلـها القانون05/04 المتضمن تنظيم السجون و إعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين و من ثم فإن الهدف الأساسي من هذا الموضوع هو دراسة الأجهزة التي تقوم عليها السياسة العقابية الجزائرية و تبيان و تحليل وسائل إدماج المحبوس إجتماعيا بالإضـافة إلى دراسة الأنـظمة العقابية المجـسدة بـغرض مسـاعدة المحبوس على التأقلـم و إيـجاد أنواع من حقوق الإنسان داخل المؤسسات العقابية.
ـ أمـا عن الإشكالية التي إنـطلقنا منـها لمعالجة هـذا الموضـوع هي:
• مـا هي الأسـس و المبادئ التي تقوم عليها السياسة العقابية الجزائرية، و ما مدى تأثير الاتجاهات الفكـرية و الفلـسفية التي توصل إليها الفكر الإنساني المعاصر في بناء هذه السياسة ؟.
• ما هي الأجهزة المستحدثة في الأمر 72/02 و القانون 05/04 و التي تهدف إلى إرساء و تجسيد السياسة العقابية الجزائرية ؟
• ما هي آليات إعادة التربية و إعادة الإدماج التي تضمنتـها السياسة العقابية الجزائرية؟
• ما هي أهم التدابير المنظمة لأنسنة شروط الحبس ومعاملة المساجين؟
ـ أمـا فيما يتعلق بالمنهج العلمي الموظف في هذه الدراسة فإننا نـرى طـبيعة الموضـوع الذي نتناوله يفرض إستعمال المنهج الوصفي التحليلي ، من خلال دراسة و وصـف الأجهزة العقابية و تحليلها و تبيان مـدى فعاليتها في تحقيق وظيفة الإدماج، بالإضافة إلى تحليل و دراسة وسائل إعادة التربية و الإدماج ومختلف الأنظمة العقابية ، مع الاستعانة بالمنهج التاريخي من خلال تعرضنا إلى مصادر السياسة العقابية بعد رحيل المستعمر الفرنسي من الجزائر.
و للإجابة على الإشكاليـات المطروحة و لبلورة موضوع بحثنا عمدنا إلى وضع خطة لبحثنا أين تطرقنا فيها إلى مايلي:













الـخـــــطــــــة

الفصـل الأول: أسـس و مبادئ السـياسة العقابية في الجزائر.
I. المـبحث الأول: المـدارس الفكرية التي تطرقت إلى علم العقاب .
 المـطلب الأول: المدرسة الكلاسيكية.
 المـطلب الثـاني: المدرسة الوضــعيــة.
 المـطلب الثالث: مـدرسة الدفـاع الاجتماعي.
 المطلب الرابع نظرة الإسلام للعقاب.
II. المـبحث الثاني: قـواعد الحد الأدنى لمـعاملة المـسجونين.
 المـطلب الأول: الرعاية الصحية و الاجتماعية.
 المـطلب الثاني: التعليم و التكوين.
 المـطلب الثالث: المحافظة على أمن و كرامة المسجون.
III. المبحث الثالث: الاتفاقيات العالمية المتعلقة بحقوق الإنسان المصادق عليها
من طرف الجزائر.
 المـطلب الأول: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
 المـطلب الثاني: اتفاقية مناهضة التعذيب.
 المـطلب الثالث: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية.
الفصـل الثاني: السـياسة العقابية خلال المرحلة 1972-2005.
I. المـبحث الأول: تـنـظيم المؤسسة العقابية و الأجهزة المستحدثة لإعادة التربية.
 المـطلب الأول: تنظــيم المؤسسـة العقابية و الأنظمة الخاصة بالمساجين في ظل الأمر 72/02.
 المـطلب الثـاني: الأجهزة المستحدثة لإعادة التربية.
II. المـبحث الثاني: أســالــيب إعـادة الـتربيــة.
 المـطلب الأول : التعـليــم و التـكـوين.
 المـطلب الثـاني: الـرعـاية الـصحية و الاجتماعية.
 المـطلب الثـالث: العمــل التربــوي.
III. المـبحث الثـالــث:الأنـظـمة العقـابية المعـتمدة في السياسة العقابية الجزائرية.
 المـطلب الأول : نـظـام الـحرية النصـفيــة.
 المـطلب الثـاني: نـظــام الو رشات الـخارجية.
 المـطلب الثـالث: نـظـام الـبيئة الـمـفتوح.
 المـطلب الــرابع: نــظــام الإفــراج الـمـشـروط.




الفصـل الثالث: السـياسـة العقابية في ظـل القـانون 05/04.
I. المـبحث الأول: تنظيم المؤسـسة الـعقابية و أجهزة إعادة الإدمــاج الاجتماعي.
 المـطلب الأول : تنـظيم المؤسـسة العقـابية و أنظمة الإحتباس في ظل القانون 05/04.
 المـطلب الثـاني : أجهزة إعادة الإدماج الاجتماعي.

II. IIالمـبحث الثاني: أســالــيب إعـادة الإدماج الإجتماعي.
 المـطلب الأول : التـعلــيم و التكــوين.
 المـطلب الثــاني: الـرعـاية الـنـفسيــة و الـصحية و الاجتماعية.
 المـطلب الثـالث: العمــل التربــوي.
III. المـبحث الثالث: الأنـظمـة الـعقـابية.
 المـطلب الأول : نـظـام الـحرية النـصـفية.
 المـطلب الثـاني : نـظــام الو رشات الـخارجية.
 المـطلب الثـالث: نـظـام الـبيئة الـمـفتوحة.
IV. المـبحث الرابع : تكييف العقوبات السـالبة للـحرية.
 المـطلب الأول : إجـازة الـخروج
 المـطلب الثـاني : التوقيت المؤقـت للعقــوبة .
 المـطلب الثالث : الإفراج المـشــروط .
V. المـبحث الخامس : ترقية حقوق الإنسان في السجون.
 المـطلب الأول : إتـصال المسجون بالعالم الخارجي.
 المـطلب الثـاني : منح مساعدة إجتماعية و مالية للمحبوسين.
 المـطلب الثالث: حق المسجون في الزيارات.


IV. خـاتــمــة.















الفـصــل الأول: أسـس و مبادئ الـسـياسة العقـابية في الجـزائر
إن أي سياسـة عقابيـة لأي دولة لابد لها من أصول و أسس علمية و أفكار عقابية و مبادئ عالمية ، و من هنا و في إطار رسـم الجـزائر لـسياسة عـقابيـة قوية تتماشى مع المعايير الدوليـة كان لزاما عليـها الاستعانة بأفكار المدارس الفـكريح بالإضـافة إلى المبادئ العالمية دون أن تهمل الإتفاقيات العالمية في هذا المجال و التي صادقت على أغلبها.
المبحث الأول : المدارس الفكرية التى تطرقت إلى علم العقاب
إن العقاب في أصله إيذاء يلحق بالجاني جزرا له و تحذيرا لمن يريدون أن يسلكوا سبيله في الإعتداء على الغير،ولقد تطور العقاب من حيث أغراضه و أساليب تحقيق أهدافه في الردع العام و الخاص ليصل إلى فكرة الإصلاح و العلاج و التقويم و التأهيل و عليه سوف نحاول فيما يلي التطرق إلى مختلف المدارس التي تبنت هذه الأفكار.
 المطلب الأول: الـمدرسة الكلاسيكية (التقليدية)
تعتبر المدرسة التقليدية أول مدرسة تطرقت إلى مبدأ العقاب و التعامل مع فئة المجرمين و قد ظهرت في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، و من أهم رواد و أقطاب هذه المدرسة نجد المفكر الإيطالى سيزار بيكاريا César Beccaria ( 1738-1794) والفيلسوف الانجليزي جرمي بنتام jermy benttan(1832-1748) والألماني انسلم فيورتاخ (1883-1775) و كانت هذه المدرسة تبني تعاملها مع المنحرفين على مبدأ حرية الإنسان وإرادته الواعية على إرتكاب الأفعال المشينة ، كما أن العـقوبة عندها تبنى على فكرة العـدالة الاجتماعية لكنها عدالة نسبـية تتماشى مع الزمان والمكان أين تركز على فكرة المنفعة الاجتماعية ، و على هذا بنى بيكاريا فكرة التوازن العقــابي الذي يرى أنه لابد أن يكون للعقاب دور لمواجهة أفعال سابقة ودور لمنع وقوع أفعال جديدة ، وقد كانت نظرية العقد الاجتماعي لمؤسسها جون جاك روسو الأساس الفكري الذي انطلق منه بيكار يا في بناء فكرة العقاب ألتي مفــادها أن الأفراد انضموا إلى الجماعة عن طريق عقد تم بينهم و بموجبـه تنازلوا عن حقوقهم لفائدة الدولة مـقابل تكفل هذه الأخيرة بتحقيق الأمن و توفير السلام ،و من بين مـا تـنازل عنه الأفراد هو تلقي العقاب مقابل حماية الدولة لذواتهم وأموالهم،و من هنا يـؤسس بـيكـاريا التبرير الأخلاقي والقانوني للعـقـوبة و يـأتي العقاب كرد فـعل للعمل الإجرامي الـذي يعتبر خـرقـا للـعقـد الاجتماعي، و بـعد أن أنـتقـد أنـصار هـذه المـدرسة وضـع العقـوبات الـسائدة في عهـدهـم و الـتي كـانت مبنية على الـقـساوة واستبداد الـقـضاة في حكمهـم ،اقترحت المدرسة وضـع قـاعدة شـرعـية الجرائم و العـقـوبات و تـحديد الـجرائـم و تـبـيان عـقابـها مـن طرف السـلطة التشـريعية الـتي يـجب أن تـكون مستـقـلة عن السلطة القضائية أيـن يـصبح دور الـقـضاة يـنـحصر في تطبيق الـقوانين الموضوعة من طرف السـلطة التشريعية.
كـمـا أن إحـاطـة الجمهور بالأفعال الـتي يـجرمـهـا الـقانون تـكون بمـثابة الإنـذار الذي يساعد على عـدول الأفـراد و ابتعادهم عـن اقتراف الـجرائــم.
أمـا بنتـام نـجـده أكثر تـشـددا فـهـو يـطالب أن يـكـون ألـم العقــوبة المسلـطة على المـجـرم نسبة للذة التي كـان يسعى إلى تـحـقيقـها مـن خلال ارتكاب الجريمة ، فـهـو يـفضل عـقوبة سـلـب الحـرية لأنـها تـمـثل أقـصى عـقـاب و في اعتقاده أن حـرمـان الجاني فـترة طـويلة مـن الزمـن لحـريته كـفيل بـزجـره و ردعـــه.
أمـا فويرتاخ يـرى في تـحـقيق الـعقـوبة بواعث مـعاكـسة للـرغبة في الإجـرام تكمن في خلق الإكـراه الـنـفسي الذي يـصـرف الأفـراد عـن الإجـرام و بالتـالي فـإن مـلخـص أفـكار النظرية الكلاسيكية هـي إقـرارهـا بـحرية الإنـسـان و مـسـؤوليته عـنـد إرتـكاب الجـريمة و على أسـاسـها يكون إقرار الـعقاب الـذي يـتناسب مـع درجة الـخـطأ المرتكب كـمـا أقـرت شـرعية الجـرائـم و العـقوبات.
 المطلب الثاني: المدرسة الـوضــعيــة
والـتي نـشأت في أواخر الـقرن 19 عـلى يـد الـعالم الـنـفسـاني سيزار لومبروزو CESAR LOMBROZO في كـتابـه "الإنـسـان الـمـجرم" بالإضـافة إلى أونـريكو فيريENRICO FERI والـقاضي رفائيل قارو فالو RAFAIEL GARROFALO وعلى عكس المدرسة التقليدية فالمـدرسةالوضـعية تـجـرد الإنـسان مـن الحريـة و الإرادة في الفعل وتنفي عنـه المسؤولية في ارتكاب الجـرائــم و تـضـع هـذا الأســاس مـنـطـقا لـفكـرهـا الـعـقابي.
فـقـد إنـتهـجت هـذه المـدرســـــة في مـواجهـة الجريمــة أسـلوب البـحث الـواقـعي و التـجريبي الـقائم على المـلاحـظة و التجربة باستخدام المبادئ و الـنـتائـج الـتي تـوصـلت إلـيهـا عـلوم الاجتماع و النفس و الطب.
و يـرجع لومبروزو سبب الإجـرام إلى شـخـصية الإنـسـان المجرم الـذي يـختلف عن الإنـســــــــان السوي مـن حـيث تـكوينه الـعضـــوي و النفـسي و هـذا النقص الفـطري يـؤدي إلى إرتـكاب الجريمة1.
و أتى فـيري و طـور نـظـرية لومبروزو و أضـاف إلى عـوامـــل الإجـرام الـفطرية و الوراثية و هي عوامــل داخلية و عـوامل أخرى خـارجية تتعـلق بالـوسط المـادي و خـاصة الـبيئة الإجتماعية الـتي يعيش فيها المنحرف و منها الفقر والتشرد ، البطالة ، المرض و السكر و غيرها.
ـ و امـا قارو فـالو يـغلب العوامل الداخلية على الخارجية ، فالمـجـرم في نـظـره يـكون مـنسـاقا ومـدفوعا لا مـحالة نـحو إقـتراف الفعل الإجرامي متى تـوافرت هـذه الـعوامل و لمواجهة الإجـرام تـطرقت المدرسة الوضـعية لإعـتمـاد تـطبيق الـتدابير الجنائية لتحل مـحل الـعقوبة بـحيث تكون مـوجهة أسـاسـا للمـسـتـقـبل قـصـد مـنـع العود الإجرامي و جعل الـقانون هـنا يسلك مـهمة الطبيب، فهو يحافظ على صـحة الجـسم الإجتمــاعي بـتطـبيق تـدابير عـلاجية على المجرم الذي يمثل المريض الإجتماعي.ولقد قسمـوا التدابير الجـنـائية إلى تـدابير أمـنـية و وقـائـية.
• فـامـا الأمـنـية تتـصـف بـطابـعها الإسـتئـصالي و تـكون عن طـريق إعـدامه أو سـجنه مدى الحياة أو وضـعه في مـسـتشفى الأمـراض العقـلية أو مـنـعه مـن الإقـامة في مـكان مـعين.
• أمـا الوقـائية فـهي عبارة عن إجراءات مـتخذة لمـنـع وقـوع الجـريمة بـواسطـة العمل على الحد أو التقليل
من العوامل البيئية و الاجتماعية و الــثقافية المـســاعدة على الإجرام.
وقد طـــور فيري هـذه الـتدابير و سـمـاها بـدائـل العقوبة ( LA SUBSTITUS DE PEINE) و يـضعها في مـرتبة هـامة و أسـاسية في الدفـاع الاجتماعي.
و خلاصـة أفكار هذه المـدرسة هـي إعتماد رد الـفعل الاجتماعي ضـد الجريــمة على أسـس علمية وبالخصـوص على دراسة شخصـية المجرم ، و العوامل الدافـعة إلى إرٍتـكاب الجريمة وسـبل الـوقـاية مـنـها و تـعتـبر المـجرم مـسـيـر نحو إرتـكـاب الجريـمة و ليس مخير والمسؤولية الجـنـائية لا تـتحدد على أسـاس حرية و إرادة الـجاني في إرتـكاب الجريمة و إنما على أسـاس خـطورة شخصية الـجاني الإجرامية و العقاب يـبنـى على أسـاس الـدفاع الإجتمـاعي ضـد الجـريمة لا على أسـاس مـبـدأ العدالة و المنـفعة و الإنـتقـام و يقترحون في ذلك التدابير الأمـنية و الوقـائية و العلاج عندهــــــــــم يـتمـثل في قلع جذور و عوامل الإجـرام من شخصية المجرم بإعتباره جرثـومة إجتماعية
 المطلب الثالث: مدرسة الـدفـاع الإجتـمـاعي
يـرجـع تـاريخـها إلى بعد الحرب العالمية الثـانية و يـمثـل هذه المدرسة كل من الفقيه الإيـطالي فيليبو قراماتيكا Filipo Gramatica مـؤسس مدرسة الدفاع الإجتماعي والذي جمع أفكاره حول الدفاع الإجتماعي في مؤلفه الصادر سنة 1960 بعنوان " مبادئ الدفاع الاجتماعي " و المستشار الفرنسي مارك أنسل March Ancel صـاحب كـتاب " الـدفاع الإجتماعي الجديد" .
و قـد أعاد قراماتيكا إستعمال مـصطلح حركة الدفاع الإجتماعي الذي استعمل من طـرف الوضعيـين و إعطـاه مـفهومـا مستقلا وفق المبادئ الإنـسـانية.و ارجع مسؤولية وقـوع الجرائم على عاتـق الدولة بإعتبار ان المجـرم وقـع ضـحية اضطرابات و ظروف اجتماعية لم يـشارك في صـنعها و هـو بـهـذا يجـرده من الحرية و المسؤولية عن أفعاله و من هـنا من الطبيعي أن تـرجع إلى الدولة مسؤولية وواجب تجاهل تأهيل و إصلاح من صـدر عنه السلوك الإجرامي و ذلك باتخاذ تـدابير الدفـاع الاجتماعي التي تتلاءم مع شخصية من وقـع في الجريمة.
و قـد طالب قراماتيكا بإلغاء كلمة العقوبة و استبدالها بكلمة الدفاع الاجتماعي و إلغاء القانون الجنائي و إستبداله بقانون الدفاع الاجتماعي و تبديل قانون العقوبات بتدابير الدفاع الاجتماعي التي تنطلق مـنـها في تـجسيد مبدأ التأهيل الاجتماعي للمنحرف فهـو يتعامل مع المـجرم بـنـوع من الإنـسانية و فعالية تضمن إحترام كرامة المحكوم عليه و الإبتعاد عن كل أشكال الإهـانة النفسية و الجسـدية و المعنوية. و إقتراح تـدابير تقوم على تفريد العقوبة بما يتلاءم و شخصـية المحكوم عليه و تكون في نـظام عـقوبة سـلب الحرية غير محددة فالقـاضي يـصدر عقـوبة سـالبة للـحرية تـكون محصورة بين الحد الأقصى و الحــد الأدنى و إدارة السجون هي التي تتابع سلوك السجين و تحدد تاريخ الإفراج بمجرد بلوغ عملية الإصلاح هدفـها.
و قد أعاد مـارك أنسـل سنة 1954 طرح مدرسة الدفاع الإجتماعي مع الإبـقاء على نفس المبدأ الذي أنـطلق مـنـه قراماتيكا و هو ضـرورة تحقيق حماية المجتمع عن طريق إعادة تأهيل المنحرف،و تفادى أنسل بعض الإنتقادات الموجهة لقراماتيكا و الخاصة بإلغاء قانون العقوبات و حذف بعض المصطلحات كالجريمة و المجـرم و المسوؤلية الجنـائية و غيرهـا من المفاهيم التي مـا تـزال التشريعات الجـنـائية المـعاصرة تأخذ بـها و تـسلم بوجودهـا ، كـمـا أن أنسل يعطي لحركة الدفاع الإجتماعي بعدا إنسـانيا إذ أنه يـدعو إلى الإنتـقال من العقوبة إلى التدابير وذلك بتركيــــزالإهتمام على شخصية المنحرف وإحترام كـرامتـه. و هي لا تهمل الوظيـفة الـهامة لـتدابير الأمـن، و لـكن تـضيف لـها و للعقوبات و خاصة عقوبـة سلب الحرية هـدفا نبيلا و شريفا و هو إصلاح المنحرف.
و على خلاف قراماتيكا يـرجع أنسل سبب حـدوث الفعـــــل الإجرامي إلى مـسؤولية الفرد و حرية الإختيـــــار مـضـيفا إلـيها العناصر النفسية و العضوية و الإجتماعية التي تدخل في تكوين شـخصية المجرم فكل هـذه العوامل يجب إستغلالـها في عملية الإصـلاح.
و قـد نـادى أنسل بـنـظام إصلاحي مـوحد يشمل توحيد العقوبات و التدابير التي تكون نـظاما واحد للتدابير الإجتماعية ووضعها في متناول القاضي الذي يستعين في عمله بدراسة الشخصية الإجرامية بالإعتماد على تقارير الأطباء و علماء النفس و الإجتماع و علماء الإجرام و غيرهم ، هـذا كلـه لأجل إخـتيار الطريقة الناجحة التي تتلاءم مع إصلاح شخصية المجرم ،و مـا يميـز مدرسة الدفاع الإجتماعي الجديد هـو إقتراحها لبرنامج إصلاحي مـلمـوس يكرس عملية الإصلاح مـيدانيـا و يجعل الشخص الإجتماعي المتمثل في المجرم شـخـصا إجتماعيا يحبذ العيش في الوسط الإجتماعي مـحتـرما القوانين و ساعيا لتلبية حاجياته الضرورية بالإعتماد على نـفسه.
و نـشير هـنـا أن مـدرسة الدفاع الإجتماعي بـقيادة مـارك أنسل نـجحت في الوصول إلى حل وسط بين أفـكار المدرسة الكلاسيكية و المدرسة الوضعية ، فالكلاسكيون يرون حتمية وضع قانون عقوبات لمحاربة الجريمة ، و الوضـعيون يؤكـدون على إفلاس قانون العقوبات و يـقترحون الوقاية الطبية و الإجتماعية ( Prévention Médico-Sociale) كـبديل لـه ، و الحل التوفيقي الذي خلصت إليه مدرسة الدفاع الإجتماعي الجديد هـو ضمان حماية المجتمع و الفرد في نـفس الوقت بتطبيق العقوبة التي تكون على شـكل قرار قـضائي مصـحوب بعلاج يتماشى مع الحالة الشخصية للمنحرف.
و يتمثل الإصـلاح في تمكين المحكوم عليه في التكوين المهني و إعادة تربيتـه أخلاقـيا و مـعالجته طـبيا ، كمـا أن عملية الإدمـاج الاجتماعي لا تهمل بعض وســائل الحماية الاجتماعية و الفردية و إستقلال مبدأ الشعور بالمسؤولية و جعله محرك العملية الإصلاحية .
و خلاصة فكر مدرسة الدفاع الإجتماعي هي أنـها تعالج مشكلة العقاب من خلال إشـكالية إصلاح المذنب و تكييفه مع المجتمــــع و تركز نشاطهـا على إعادة إدمـاجه قـصـد العــودة إلى الحياة الطبيعية للمجتمع في إطار ما يحفظ كرامـــة و إنسانية الشخص المنحرف.
 المطلب الرابع : نظـــرة الإســـلام للعقــــاب
لا خلاف بين المسلمين جميعا حول العقاب لا في مشروعيته و لا في أنواعه و هذا بخلاف الأمر اليوم في القوانين الحديثة التي إختلفت في العقاب إختلافا كبيرا بين داع إلى إلغاءه حتى دعا بعضهم إلى تغيير تسمية قانون العقوبات و مدافع عن بقائه، كما اختلفوا في أنواع العقوبات السالبة للحرية و البدائل المطروحة. أما العقاب في الإسلام فهو من المبادئ التي لا يمكن حتى مجرد التفكير في إلغاءها و يمتاز العقاب في الإسلام عنه في القوانين الوضعية الحديثة بعدة مميزات كل منها له دوره الفعال في مكافحة الجريمة و هذه المميزات يمكن أن نجملها في النقاط التالية :
_ الجمع بين العدل و الرحمة : حيث أن الإسلام أبقى على حق الفرد و كيانه مستقلا عن الدولة و العدل يقتضي أن من أجرم يعاقب و في هذا رحمة عامة بالمجتمع كله كما أبقى هامشا للرحمة الخاصة و لكنها في إطار العدل و ذلك حين خير المجني عليه أو وليه بعقاب المجرم أو التصالح معه أو العفو عنه لقوله سبحانه و تعالى :"فمن عفي له من أخيه شيء فإتباع بالمعروف و أداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم و رحمة "
_المساواة بين الناس في العقاب : لا تفرق العقوبات في الشريعة الإسلامية بين حاكم و محكوم و لا بين شريف و وضيع إذ أن كل الناس أمام العقاب سواء لا فرق بين رئيس دولة و أضعف إنسان فيها والدليل على ذلك حكم عمر على عمرو بن العاص والي مصر و إبنه الذي ضرب إبن القبطي فلا نجد مثل هذه المساواة في القوانين العقابية الحديثة بل تميز بعض المسؤولين تحت ما يسمى بالحصانة سواء كانت دبلوماسية أو برلمانية .
_العقاب في الإسلام يحقق الردع ويجبر خاطر المجني عليه: أما الردع يقصد به توقيع العقوبة على مجرم معين يصرفه عن العودة إلى هذه الجريمة و هذا هو الردع الخاص و يصرف غيره عن فعل مثلها و هذا هو الردع العام لقوله سبحانه وتعالى :" و ليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين "
و أما الجبر فيقصد به عمل شيء ما يرضي المجني عليه أو أولياءه و يواسيهم جراء ما وقع عليهم ،و له أهمية أوسع و أبلغ من أهمية الردع إذ يمنع و بشكل منظم تحت إشراف الدولة من الانتقام .
و المتأمل في العقوبات التي جاء بها الإسلام يلاحظ لأول وهلة فعاليتها في مكافحة الجريمة بسبب تحقيقها للردع و الجزر و الجبر عن طريق القصاص و الجلد والقطع و الرجم و التعزير و الدية بالإضافة إلى الكفارة و هي عقوبة تختلف عن سابقاتها و تتمثل في الصيام أو العتق و تنفيذها موكول إلى الجاني نفسه فلا يمكن للقاضي أن يلزمه بها لإرتباطها بإيمان الجاني لكي يمحو الإثم الذي إقترفه و فيها ربط واضح للفرد بالإيمان بالله و تذكير به بعد النسيان أو الإهمال الذي أصابه أثناء إرتكابه الجريمة .
المبحث الثاني: مجموعـة قواعـــد الحد الأدنى لمعاملة المسجونيـــن من طرف
هيئـــة الأمم المتحـــدة في 30أوت 1955.

إن المعاملة السيئة و الغير إنسانية التي كانت تميز السجن و المسجونين أدت إلى وضع و إرساء قواعد دنيا للمحافظة على كرامة و إنسانية المسجون في إطار تنفيذه لعقوبته في السجن و لمـا كـانت المنـظمة الدولية للإصـلاح الجـنائي ( PRI ) مفوضة لتحقيق الإصلاح العقابي عن طريق تطويـر و تطبيق حقوق الإنـسان فيمـا يتعلق بتنفــيذ القانـــون و ظروف و معايير السـجــن بدأت بتفعيل مشروع القواعد الدنـيا لمـعاملة السجـنـاء Merking Standards Works ، و هـــي عـبارة عن قواعد نموذجية دنـيا لمعاملــة المسجونين التي أصـدرتهـا الأمم المتحــــدة في مؤتمرها الأول لمكافحة الجريمة و معاملة المجرمين المنعقد في جنيف 30/08/1955 و أقرها المجلس الإقتصادي و الإجتماعي بقراريه رقم 663ج بتاريخ 31/07/1957 و رقم 2076 المؤرخ في 13/05/1977 و التي تتضمن بعض القوانين التي لها طبيعة أسـاسية و مـطلقة و تتكون من مبادئ أسـاسية و هي معدة في حد ذاتها لتطبق في كل مكان و زمان و قـد أيـدت صكوك الأمم المتحدة لحقوق الإنـسان التي تـلـتهـا هـذه الـقواعد1.
و كان الغرض من هـذه القواعد هو عرض مـا أجمع على قـبولـه بـوجه عام كـمـبادئ و أساليب عملية صـالحة في معالجة المسجونين و إدارة المؤسسات مستهدية في ذلك بالآراء المقبولة عامة في عصرنا هـذا ، و هـذا مـا تـضمنـته المادة الأولى من مجموعة هذه القواعد ، و قد تضمنت بالإضافة إلى هذا مجموعة من مبادئ و التي تتلـخص في المجالات الآتية:
 المـطلب الأول : فيما يخص الرعاية الصحية و الاجتماعية.
لقد راعت قواعد الحد الأدنى لمعاملة المساجين الظروف الصحية والإجتماعية للمسجون و هذا يظهر من خلال ما نـصت عليه القاعدة 15 التي ألزمت المسجون بمراعاة النظافة الشخصية وألزمت إدارة المؤسسة بتمكينه من المياه و أدوات النظـافة اللازمة للمحافظة على صـحته و للظـهور بالمظهر اللائق ،و جاءت القاعدة 17 من مجموعة هذه القواعد تحت عنوان الملابس و الأفرشة و التي أوجبت أن تكون نظيفة و بحالة جيدة ، و أن تغسل الملابس الداخلية دوريا و بإنتظام و بالقدر الكافي للمحافظة على الصحة ، حتى أنها تطرقت إلى غذاء المسجون و أوجبت تزويد المسجون بطـعام ذي قيمة غذائية كافية للمحافظة على الصحة و القوة و أن يكون من نوع جيـد مع حسـن الإعداد و التقـديم و تزويد المسجون بالماء الصالح للشـرٍب كلما احتاج إلـيه ، كمـا أشـارت هـذه القواعد إلى الرياضة البدنية باعتبارها عامل مهم للمحافظة على صحة المسجون و إلى تمكين المسجون الذي لا يعمل في الخلاء بساعة واحدة يوميا يقضـيها في الرياضة البدنية في الهواء الطلق ، و حتى المسجونين الصغار ، و تقريب الخدمات الطبية بتوفير طبيب واحد على الأقل في كل مؤسسة عقابية و طبيب نفسي و تزويد قاعة العلاج بالأدوات و المستحضرات الطبية اللازمة و تخصيص أماكن خاصة بالنســاء لرعايتهن و علاجهن قبل الوضع و بعده و اتخاذ الإجراءات اللازمة لإجراء عملية الوضع في مستشفى مدني، و إذا ولد الطفل في السجن فيجب ألا يذكر في شهادة ميلاده، و على الطبيب أن يوقع الكشف على كل مسجون عقب قبوله بالسجن و بعد قبوله كلما دعت الضرورة.
أما فيما يخص الرعاية الاجتماعية للمسجون فقد نظمتها قواعد الحد الأدنى لمعاملة المساجين تحت عنوان الاتصال بالعالم الخارجي ، و هذا ما جاءت به القاعدة رقم 37 إذ نصت على انه يجب التصريح للمسجونين بالاتصال بأسـرهم و أصـدقائهم ذوي السمعة الطيبة عن طريق المراسلة أو الزيارات في فترات منتظمة تحت الرقابة الضرورية ، كما راعت هذه القواعد حالة المسجونين الأجانب و أوجبت السماح لهم بتسهيلات مقبولة للاتصال بالممثلين الدبلوماسيين و القنصليين للدولة التابعين لها،و ألا يمنع أي مسجون من حق الاتصال بممثل معتمد لأي دين من الأديان ، كما نصت في القاعدة 49 على وجوب أن يتوافر السجن على الباحثين الاجتماعيين و أن تكون خدماتهم مستديمة و أن تقلل الفوارق الاجتماعية في السجن و أن يعامل المسجون معاملة تؤكـد انه ما زال جزء من المجتمع و ليس منبوذا منه و لا معزولا عنه و هذا ما جاءت به القاعدة 61.و على أن يوجه اهتمام خاص نحو المحافظة على صلات المسجون بأسرته و تحسين هذه الصلات وفق ما تقتضيه مصلحة الطرفين.
 المـطلب الثاني: التعلــيم و العمـــل
لم تهمـل قـواعد الحد الأدنى لمعاملة المـساجين دور التعليم و العمل لدى المسجون ، إذ جاءت القاعدة 77 تـلزم توفير وسـائل التـدريس لتعليم جميع المسجونين القادرين على الاستفادة منه بما في ذلك التعليم الديني و يجب أن يكون التعليم إجباريا بالنسبة للأميين و صغار السن من المسجونين، كما أكدت هذه القواعد على أن يكون تعليم المسجونين متنـاسقا و متكـامـلا مع نـظام التعليم العام للدولة حتى يتمكن المسجونين من متابعة تعليمهم بعد الإفراج عنهم دون عناء و هذا ما أكدت عليه المادة 78 بنصها على وجوب توفير النشاط الترويحي و الثقافي و في جميع المؤسسات للمحافظة على صحة المسجونين العقلية و البدنية و على وجوب توفير مكتبة لدى كل مؤسـسة 1.
كما أن قـواعد الحد الأدنى لمعاملة المساجين تطرقت إلى عمـل المساجين و أوجبت أن لا يكون طابع العمل في السجون تعذيبي و إيلامي من جهة، و من جهة أخرى ألزمت كل المساجين المحكوم عليهم بالعمل مع مراعاة استعدادهم الجسماني و العقلي وفق ما يقرره الطبيب ،كما حرصت هاته القواعد على أن يكون العمل كاف ومفيد في طبيعته بحيث يساعد المسجونين على العمل بعد الإفراج عليهم و يحافظ على مقدرتهم في كسب رزقهم بطريقة شريفة، كما أشارت إلى تمكين المسجونين من إختيار العمل الذي يرغبون فيه في الحدود التي تتفق مع إحتياجات إدارة المؤسسة و النظام فيها .
و قد أشــارت هـذه القواعد على أن تقوم مصلحة السجون بنفسـها بإدارة مـصـانعـها و مزارعها إدارة مباشرة و هذا على سبيل التفضــيــل.
و لـم تهمل هـذه القواعد صـحة الـعامـل إذ ألزمت اتخاذ كل الوسـائل اللازمـة لحماية صحة العمال و تعويضهم عن إصـابات العمل و أن تكون سـاعات العمل محددة بـقانون أو لائـحة إدارية و أن يكون هـناك يوم راحة، و أن يكون هناك مقابل لعمل المسجون، و أن تتاح له الفرصة لاقتناء حاجاته الشخصية 1.
 المـطلب الثالث: المحافظة على امن و كرامة المسجون.
لـقد جـاءت قـواعد الحد الأدنى لمعاملة المساجين تنص على امن المسجون من كل خطر قد يـحدق بـه وقد جسـدت هـذه العناية في القاعدة 45 مـنها و التي جاءت تحت عنوان نقل المسجون أين أوجبت عند نقله التقليل من تعرضـهـم لنظر الجمهور بقدر الإمكـان كمـا أوجبت اتخاذ كل الاحتياطات اللازمة لحمايتـه من الإهانة و فضول الجمهور و أي صـورة من صـور التشـهير.
و نـصت كذلك على عـدم نـقل المسجون بوسـائل نـقل تكـون التهوية و الإضـاءة فيهما غير كافية أو أي وسيلة تعرضـهم لـمـتاعب جسمـانية لا مـبرر لـها ، كمـا تطرقت هـذه القواعد إلـى عـدم جـواز استعمال القوة في التعامل مع المسجونين إلا في الحالات المرخص بـها قـانونا كمحاولة الهرب من السجن مثلا، كمـا أشـارت إلى وجوب المحافظة على كـرامة المسجون داخل السجن بغرض الرفع من شعوره و عدم الحط من نفسيته ليكون أكثر استجابة لبرامج الإصلاح المقدمة لـه و لكي تنمي فيه الرغبة إلى الانضمام إلى المجتمع من جديد.
و من خلال عرضـنـا لقواعد الحد الأدنى لمـعاملة المساجين نجد أهم القواعد التي تم عرضـها قد اخذ بـها المشرع الجزائري سـواء في الأمر 72/02 أو القانون05/04 و هـذا يـظهر جليا من خلال تفحص قانون السجون الذي نجده قد اعتمد عليها بشكل كبير.
المبحث الثالث: الإتفـاقيات العالمـية المتعلقـة بحـقوق الإنـسـان عامة و المساجين على الخصوص

لقد حافظت القواعد و القوانين الدولية على الــحقوق الأســاسيــة للفرد عامة و على حقوق المساجين خاصة،و قـد وقـعت و صادقت مـعـظم الدول في المناطق المختـلفة في العالم بما فيها الجزائر على الاتفاقيات الدولية الخاصة و المعاهدات و العهود التي تؤكـد هـذه الحقوق و من أهم هذه الحقوق:
 المـطلب الأول: الإعـلان العالمي لحقوق الإنـســان
إن حـقـوق الإنـسان في السجون قد أستخلصت من حقوق الإنـسان العالمية عامة ، فالمادة التاسعة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسـان تحظر بحزم الحبس التعسفي، لذلك تقرر المبدأ القانوني الذي يحكم حفظ و كمـال النـظام في السجن، و هذا لا يمتد فقط إلى مضمـون هـذه القواعد المطـبقة بل إلى كل الإجراءات التي تطبــق من خلالـها ، كما أن المادة الثامنة منه جاءت تنص على ضرورة وجود نوع من إعادة النظر في العقوبات التأديبية التي تتخذ في السجون إذ تنص على أنه " لكل شخص الحق في أن يلجأ إلى المحاكم الوطنية لإنصافه عن أعمال فيها اعتداء على الحقوق الأساسية التي يمنحها له القانون " ، و ليس مسموحا لضباط السجن تبرير المعاملة القاسية للمسجونين باللجوء إلى القانون أو الدفع بالانصياع لأوامر الرؤساء.
كمـا أن معايير حـقـوق الإنسـان تؤكــد على مبدأ التناسب بحيث لا تكون العقوبة في أي واقعة غير متناسبة مع الانتهاك الذي ارتكب،و الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لم يهمل تنظيم حق المسجون في الصحة ، إذ يعتبر الصحة الجسمانية و العقلية للمسجونين حق مكفول لهم نصت عليه المادة 25 منه ،كما الزم أفراد طاقم السجن أن يوفروا لكل شخص الحق في مستوى معيشي كافي للمحافظة على الصحة و الرفاهية له و لأسرته ...." و أن المسجون هو الأخر مسؤول على المحافظة على صحته .
كما جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يلزم أفراد طاقم السجن أن يذكروا المسجونين بذلك و يشجعونهم على ممارسة هذه المسؤولية و على سبيل المثال ممارسة التمارين الرياضية و النظافة و حلاقة الذقن و تنظيف الأسنان
و إذا لم يقبل المسجونون هذه المسؤولية فانه لا يجب عقابهم على ذلك . بل يجب إخبارهم عن الصحة و المخاطر الصحية و هـذا ما تحتويه الفقرة 7 و 8 من 29من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1
 المـطلب الثاني: مـناهضـة التعذيــب و غيـــره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسيـــــة
أو اللاإنـسانيــة أو المهينـــــــة.( 1984 ).
لـقد نـصت الدسـاتير الوطنية لجميع بلدان العالم الثالث على حظر التعذيب و المعاملة أو العقوبة القاسية غير الإنـسانية و الإطاحة بالكرامة سواء مباشرة أو ضمنا ، و لتدعيم القبول العالمي لهذا المبدأ تلـزم اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب الدول و الحكومات بالتحقيق في هذه الأعمال و المعاقبة عليها و تعويض ضحايا التعذيب و العقوبة أو المعاملة القاسية و غير الإنـسانية .
و قـد صـادقت الجزائر على هذه الاتفاقية في 16/05/1989 و قد عرفت هذه الاتفاقية التعذيب في المادة 1 فقرة 1 بأنه كل "عمل ينتج عنه ألم أو عـذاب شديد جسديا كان أم عقليا يلحق عمدا بشخص بغرض الحصول من هذا الشخص أو شخص ثالث على معلومات أو على اعتراف" .
إن هـذا المبدأ الهام يحكم العقاب في السجون إذ لا يجوز تعذيب المسجونين أو إخضاعهم لأي شكل من أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية غير الإنسانية أو الإطاحة بالكرامة و قد اعتبرت هيئة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن العـزل الانفرادي الذي يزيد عن شهـر واحد يعد طويل الأجل و يعد انتهاكا لحقوق السجين في المعاملة الكريمة2.
و تعتبر اتفاقية مناهضة التعذيب أحسن مثال يمكن أن يضرب في تقرير حق المسجون في الكرامة الإنسانية و الذي هو أمر ضروري لمساعدته على إعادة تأهيله و إصلاحه اجتماعيا و نفسيا. فلا تمييز بين الإنسان المجرم و الإنسان غير المجرم في الكرامة الإنسانية1.

 المـطلب الثالث: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية.
لقد جاء هذا العهد يقر لجميع أعضاء الأسرة البشرية من كرامة أصيلة و حقوق متساوية و ثابتة ، يشكل وفقا للمبادئ المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة أسـاس الحرية و العدل و السلام في العالم.
و قد تطرق هذا العهد في المادة 8 فقرة 3 إلى أنه يمنع تنفيذ عقوبة الأشغال الشاقة المحكوم بها من قبل المحكمة المختصة، و أن الموقوف أو المعتقل بتهمة جزائية يجب أن يقدم سريعا إلى أحد القضاة أو أحد الموظفين المخولين قانونا مباشرة وظائف قـضائية و يكون من حقه أن يحاكم خلال مهلة معقولة ، أو أن يفرج عنه، و لا يجوز أن يكون احتجاز الأشخاص الذين ينتظرون المحاكمة هو القاعدة العامة و لكن من الجائز تعليق الإفراج عنهم على ضمانات لكفالة حـضورهم المحاكمة في أية مرحلة من مراحل الإجراءات القضائية و لكفالة تنفيذ الحكم عند الاقتضاء.
كما أشار العهد الدولي إلى فصل المتهمين الأحداث عن البالغين و يحاولون بالسرعة الممكنة إلى القضاء للفصل في قضاياهم وهذا في المادة 10 فقرة 02 ، أما الفقرة 03 جاءت تنص على وجوب مراعاة نظام السجون معاملة المسجونين معاملة يكون هدفها الأسـاسي إصلاحهم و إعادة تأهيلهم الاجتماعي و يفصل المذنبون الأحداث عن البالغين و يعاملون معاملة تتفق مع سنهم و مركزهم القانوني2.
و من خلال عرض أهم المعاهدات و الاتفاقيات المصادق عليها من طرف الجزائر ، نجد أن هـاته الاتفاقيات جاءت متطرقة إلى ما يجب أن يعامل معاملة خالية من التعذيب و المعاملات القاسية و اللاإنسانية تهدف إلى إصلاح المسجون و إعادة إدماجه اجتماعيا.
هذا بالإضافة إلى الاتفاقية الدولية الرامية إلى القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري و التي تؤكد في محتواها على كرامة البشر و المساواة بينهم من جهة ، و من جهة أخرى على النتائج الضارة للتمييز العنصري بالنسبة للانسجام بين الأشخاص الذين يعيشون جنبا لجنب في دولة واحدة مدرجة في ذلك المسجون باعتباره شخص من المجتمع سوف يعود إلى العيش مع الجماعة بعد خروجه من المؤسسة العقابية، فكلما كان هناك شعور بالمساواة و نبذ التمييز كلما ساعد المسجون على اندماجه في المجتمع من جديد لكي يصبح عضوا فعالا فيه3.

الفصـل الثاني: السياسـة العقابيــة الجزائريـــة خلال مرحلـة 1972- 2005.
تمهيد : و قـبل التطرق إلى معالم السياسة العقابية الجزائرية خلال مرحلة 1972- 2005 ، سنلقي نظـرة على معالم السـياسة العقابية خلال فترة 1962- 1972 باعتبار أن دراسة تطور السياسة العقابية لأي دولة يكون بدراسة القوانين المعتمدة من طرف تلك الدولة لتجسيد هذه السياسة، و نظرا لانعدام قانون ينظم قطاع السجون في الجزائر خلال هذه الفترة لما أحاطت بها من ظروف كانت تعيشها الدولة الجزائرية آنذاك ،أين شهدت فراغ في كل القطاعات بعد مغادرة المستعمر الفرنسي ، لهذا سنحاول بدراستنا لهذه الفترة إبراز أهم معالم السياسة العقابية آنذاك و كيف كانت تسير السجون ، و ما ميز هذه الفترة من نشـاطات بغرض إعادة الإدماج ، و هذا من خلال التطرق إلى النقاط الآتية:
أولا : أهم معالم السياسة العقابية بعد الاستقلال: لقد اعتمدت فرنـسـا بعد وقف إطلاق النار في 19 مارس 1962 على التنظيم المؤقت للسلطات، و هذا في انتظار ما ستسفر عنه نتائج استفتاء تقرير المصير و في هذا الوقت قامت فرنسا بتشكيل هيئة تنفيذية مؤقتة مزدوجة السلطات ( Un Exécutif Provisoir Doublé ) و هذا برآسة محافظ سـامي و الذي بقي يحتفظ بسلطات الجمهورية الفرنسية في الجزائر في مجال الدفاع و الأمن و مخطط النظام العام1.
و قد استمر هذا الوضع الى غاية 03 جويلية 1962 ،حيث تم نقل السلطات من فرنسا إلى الهيئة التنفيذية المؤقتة برئاسة عبد الرحمان فارس و تعيين ساتور قدور مدير للعدالة ضمن هيكل مندوبية الشؤون الإدارية التي كان يترأسها عبد الرحمان شنقوف، و في 13 جويلية 1962، اصدر رئيس الهيئة التنفيذية المؤقتة تعليمة تتضمن مواصلة العمل بالتشريع الموروث عن الاستعمار المطبق على كامل التراب الجزائري باستثناء ما يتنافى و السيادة الوطنية و هذا يعني إبقاء تبعية إدارة السجون لوزارة العدل 2، ثم تم إنشاء وزارة العدل في عهد الجزائر المستقلة في شهر أكتوبر من سنة 1962 وذلك بتعيين المحامي عمار بن تومي على رأس الوزارة ،وكانت المهمة الأساسية الموكلة له آنذاك هي تحريك عجلة العدالة و تنشيط سير الهيئات القضائية ، و الذي عين حتى نهاية سنة 1963 472 قاضيا لسد الفراغ ، وفي ظل النقص الذي كان آنذاك لجأ إلى تعين الكتاب العاملين بالمحاكم و أمنـاء الضبـط و بعض مساعدي القضاة.
ثــانـيا: وضعية السجون بعد الاستقلال: ما كان يميز السجون بعد الاستقلال هو اختفاء المعتقلات و مراكز الحجز الإداري، و هذا بسبب زوال مبررات وجودها لكونها كانت وليدة حرب التحرير الوطني . كما عرفت هذه المرحلة رحيل كلي للموظفين الفرنسيين و الأوربيين و لم يبق سوى عون فرنسي واحد يعمل بالمصالح الإدارية للسجن ولقد أبقت السجون في نفوس و ذاكرة الجزائريين صورة المعاناة و أحلك أيام الاستعمار لما كانت 3 تستعمل في تعذيب و إعدام المجاهدين، هـذا ما أدى بالرئيس أحمد بن بلة في 09 أفريل 1965 إلى إصدار قرار بغلق مؤسسة برباروس ( باب جديد ) و تحويلها إلى متحف وطني للثورة بالإضافة إلى غلق 57 مؤسسة عقابية أخرى ، و هـذا القرار المتخذ من طرف الرئيس جاء مستجيبا لاعتبارات نفسية و تاريخية بحتة.
كما أن الرحيل الكلي للموظفين الفرنسيين و الأوربيين أدى بوزارة العدل إلى العمل قصد سد الفراغ و قد اعتمدت توظيف محاربي جيش التحرير الوطني و المساجين السياسيين مستغلة في ذلك خبراتهم، الأمر الذي يجعلهم أكثر دراية بشؤون الاحتباس و طرق سيره ،لكن رغم هذا لم يحظ قطاع السجون بالاهتمام اللازم من طرف وزارة العدل ، و هذا راجع إلى الظروف الصعبة التي كانت تعيشها الدولة آنذاك في تسيير شؤونـها بالإضافة إلى مراعاة مبدأ الأولويات في الإصلاح و تقديم الأهم عن المهم،و قد ظـهر أول تنظيم هيكلي لإدارة السجون في 19 أفريل 1963 تحت تسمية مديرية إدارة السجون و الذي كان يتكون من أربع مكاتب هي1:
1. مكتب النشاط الاجتماعي و الرعاية اللاحقة.
2. المكتب التقني لاستغلال البنايات و الصفقات.
3. مكتب تطبيق العقوبات .
4. مكتب الموظفين ، المحاسبة و الصفقات.
و قد عرف التنظيم الهيكلي لإدارة السجون تطورا ملحوظا،و هـذا بقيام الرئيس هواري بومدين بتنظيم هيكلي ثاني للإدارة المركزية لوزارة العدل و هذا بتاريخ 17 نوفمبر 1965 حيث تغيرت بموجبه تسمية مديرية إدارة السجون إلى مديرية إعادة التهذيب و إعادة التأهيل الاجتماعي و التي كانت تتكون من مديريتين فرعيتين همـا:
1. المديرية الفرعية لتطبيق الأحكام الجزائية.
2. المديرية الفرعية للأحداث الجـانحين.
ثـالــثا : تنظيم و تسيير السجون الجزائرية في ظل اعتماد القوانين الموروثة عن الاستعمار.: أما تنظيم سير المؤسـسـات العقابية و نـظام الاحتباس و نـظام الحراسة و كذا طرق إدارة المصالح الإدارية للسجن، و مسك السجلات كانت منقولة بصورة مطابقة عن نظام سير السجون الموروث عن المستعمر الفرنسي إلى جانب تغيير طفيف في شـدة الاحتباس و ذلك لكون السجون الجزائرية أصبح يشرف علي تسييرها موظفون جزائريون.
بالإضافة إلى الاحتفاظ بنفس التصنيف السابق الموروث عن المستعمر الفرنسي والمتمثلة في ثلاثة تصنيفات و هي: 1. السجون المركزية ( Prisons Centrales )
2. السجون ( Maisons d'Arrêts )
3. ملاحق السجون ( Prisons Annexes )
كمـا أن إعتماد القوانين الموروثة عن المستعمر الفرنسي، أوجد الدولة الجزائرية في حالة عجز عن إنشاء برنامج رسمي لمحاربة الجنوحية و العود الإجرامي و كل هذا نتيجة لما ورثـته من هياكل عقابية مبنية وفق نموذج معماري يتماشى و سياسة المستعمر في تعميق و تشديد الأمن و إرهاب الجزائريين، فأصبحت هذه السجون لا تتماشى و مجال الإصلاح و الإدماج الإجتماعي لنصل في الأخير للقول أن الجزائر باعتمادها للسياسة الاستعمارية في تسيير السجون لم يجد نفعا و لم يلق تطورا في هذا المجال.
رابــعا: أهم النشاطات الموجهة لإعادة إدماج المحبوسين في هذه الفترة:إن تبني بعض النشاطات بغرض إعادة إدماج المحبوسين خلال هذه الفترة أقتصر على بعض المؤسسات الكبرى، حيث كانت هذه النشاطات قليلة أين كانت تدخل في مجال التكوين المهني للمساجين ،و تشغيلهم في إطار العمل التربوي، و من بين هاته النشاطات:
- النشاط الفلاحي و البستنة في السجن المركزي بالبرواقية.
- ورشة صـناعة مواد البناء بالسجن المركزي بتازولت.
- ورشـة الخياطة و صناعة الأحذية بسجن الحراش1.
و فيما يخص المكتبات، فهاته الأخيرة كان يقتصــر وجودها على المؤسـسات العقابية الكبرى و التي كانت تمول عن طريق الهبات و المساعدات إلا أنـها كانت تفتقر للتسيير العقلاني من حيث اختيار الكتب التي يتماشى مضمونها مع مبدأ الإصلاح.
لقد كانت تنظر السلطة السياسية إلى السجون على أنها المكان المناسب لاحتواء و إدماج قدماء المحاربين في ميدان الشغل بعد إنتهاء الحرب باعتبار أن أغلبهم كان يفتقد لأي مستوى تعليمي، و هذا ما كان يعكس النظرة الرسمية للسجون في تلك الفترة بكونها مراكز للحراسة و مراقبة المساجين من دون إعطــاء أي اعتبار للجانب الإصلا

https://droit.moontada.com/t381-topic









رد مع اقتباس
قديم 2016-01-25, 22:42   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohad3814 مشاهدة المشاركة
السلام عليكم أريد مساعدة من فضلك في مذكرة
السياسة العقابية في ظل التشريع الجزائري تنظيمها وآليات تنفيذها
https://www.google.dz/url?sa=t&rct=j...12454388,d.bGQ









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مرجع, يبدة, ساساعده


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 07:44

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc