حُقُوقُ المُعَاقِ في الإسلام . - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتدى وافعلوا الخير > فسحة ذوي الاحتياجات الخاصة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

حُقُوقُ المُعَاقِ في الإسلام .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-02-21, 20:57   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عَبِيرُ الإسلام
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية عَبِيرُ الإسلام
 

 

 
إحصائية العضو










B11 حُقُوقُ المُعَاقِ في الإسلام .


بسم الله الرّحمن الرّحيم


حُقُوقُ المُعَاقِ في الإسلام


لسماحة الشّيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشّيخ حفظه الله ووفّقه .




الخطبة الأولى

إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه، ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا؛ وسيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أنْ لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه صلَّى الله عليه، وعلى آلهِ وصحبِهِ، وسلَّمَ تسليماً كثيراً إلى يومِ الدين.

أمَّا بعد:

فيا أيُّها النَّاسَ، اتَّقوا اللهَ تعالى حَقَّ التقوى، عباد الله، الإبتلاء سُنَّة ربّانية ماضية على ما اقتضى حكمة الربّ وعدله: (وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)، (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) ، ومن هؤلاء الّذين ابتلوا بالمصائب المُعَاقُون ذَوُو الإحتياجات الخاصّة.

والإعاقة حقيقتها إصابة الإنسان من آفات أو نقص في بدنه، وفقد بعض حواسه، وعقله وسلوكه، وهذا المُبْتَلَى إذا صبر ورضي، وطمأن قلبه كان ذلك خيرا له، فإنّ البلاء من أوسع أبواب تكفير الخطايا والسّيّئات.

يقول صلى الله عليه وسلم: "مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ أَذًى مَرَضٍ فَمَا سِوَاهُ إِلاَّ تُحَطّ خطاياه كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا"، وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: "لاَ يَزَالُ الْبَلاَءُ بِالْمُؤْمِنِ فِي نفسه ومَالِهِ وَوَلَدِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وليس عليه خَطِيئَةٍ"، ويقول صلى الله عليه وسلم: "مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ وَلاَ هَمٍّ وَلاَ غَمٍّ وَلاَ حَزَنٍ وَلاَ أَذًى حَتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُهَا إِلاَّ كَفَّرَ اللَّهُ بها مِنْ خَطَايَاهُ".


أيُّها المسلم، وإن الإسلام اهتمّ بشؤون المُعَاقين كاهتمامه بسائر النّاس، لأنّ الحق العام هو مشترك فيما بين الجميع، ولهذا نوّه الله بذكره: (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، ويقول جلَّ وعلا: (لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ).

أتى عبدالله بن متكوم للنبي صلى الله عليه وسلم يسأله وعند النّبي أحد رجال الكفر والضّلال وقد مال إليه النّبي وجاء ليسلم لأنّ في إسلامه يسلم كثيرا من أتباعه، وكأنّه أعرض عن ابن مكتوم لا إعراضا عنه ولكن طمعا في إسلام ذلك الإنسان فعاتب الله نبيّه بقوله: (عَبَسَ وَتَوَلَّى* أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى*وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى*أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى*أَمَّا مَنْ اسْتَغْنَى*فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى*وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى*وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى* وَهُوَ يَخْشَى* فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى)، فكان النبي إذا لقيه يقول: "مَرْحَبًا بِمَن عاتبني به رَبِّي".


أيُّها المسلم، ومظهر عناية الإسلام بالمُعَاقِين في أمور:


-فأوّلا: أنّ هؤلاء المُعَاقين إنسان مثلنا في الإنسانية والبشرية يدخلون في عموم قوله: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا)، فهو إنسان مثلك فإعاقته لا تحط من قدر إنسانيته، ولا يجب التّكبّر والتّعالي عليه.


-أمر ثاني: أنّ الله جلَّ وعلا جعل الكريم عنده مَنِ اتَّقَاهُ وأطاعه، قال جلَّ وعلا: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، فأكرمنا أتقانا لله ليس من صحّة أبداننا ومظهرنا، وإنّما صلاح قلوبنا وأعمالنا، يقول صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأبدانكم؛ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ".

إن الرّحمة بالإسلام التي تطلب العون والإحسان، وجاءت بها شريعة الإسلام تضرب المثل الأعلى في المحافظة على حقوق الإنسان المُعَاق أولى بها من غيره، لأنّ الأمّة الإسلامية أمّة تراحم وتعاون وتعاطف لا يمكن أن يضيع بينهم مُعَاق يقصره شيء من الأمور والنّاس في غنى وفضل وراحة.


-ومن ذلك أيضا من مظهر الرّعاية في الإسلام للمُعاقين: أنّه أمر بمخالطتهم، ونهى عن التّقزّز عنهم، فإنّ في مخالطتهم أناسا لهم، وإظهاراً بشعور المحبّة والمودّة وإنّهم إخوانه في الدّين والإنسانية يستند إليهم، ويتقوّى بهم، وهذا شأن المسلمين في أحوالهم كلّها.


-ومن ذلك: أنّ الله أسقط عن المُعَاق شيئا من التّكاليف الشّرعية،

فالصّلاة الخمس يصلّيها الإنسان قائما فإن عجز عن القيام صلاّها قاعدا، فإن عجز عن القعود صلاّها على جنب، فإن عجز صلاّها مستلقيا على قدر طاقته، وكذلك صوم رمضان إذا كانت الإعاقة تمنعه من الصوم أطعم عن كل يوم مسكينا: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)، والحجّ إلى بيت الله الحرام إن قدر بَدَنِيًا فالحمد لله: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)، وإن عجز عن بدنه وأمكنه النّيابة بماله فعل وإلاّ سقط عنه، فإنّه: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا).




أيُّها المسلم، وعلى المُبْتَلَى الصّبر والثّبات، وسؤال الله العافية والرّضا بما قضى الله وقدّر: "عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ عجب إِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَلَيْسَ ذَاكَ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ"، يقول الله جل وعلا: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ).



أيُّها الإخوة، أيُّها المسلمون، وللمُعَاقِين في الإسلام حقوق عظيمة

فمن حقوقهم: أن تُهَيَّأْ الحياة الكريمة لهم، ليعيشوا مع إخوانهم السّالمين في راحة وطمأنينة.

-ومن ذلك تخفيف بعض المسؤوليات عنهم.

-ومن ذلك أيضا: تهيئة الجوّ العام لتعليمهم وتثقيفهم، وإيصال الخير لهم.

-ومن ذلك أيضا: رعايتهم الصّحيّة، بعلاجهم والإشراف على ذلك، ومساعدتهم في العلاج الصّحّي أو الأجهزة المطلوبة ووسائل النّقل، أو الإعانة في الزّواج ونحو ذلك، واستئجار المحل، وإن كانت الدولة وفّقها الله ممثّلة في الضّمان الإجتماعي قد أدّت واجبا كبيرا، ورتّبت لهؤلاء المُعَاقِين مكافئة على قدر حالهم، إلاّ أن المجتمع المسلم مطالب بالقيام بواجبه.


-أيُّها المسلم، ومن حقوقهم علينا: أن لا ننظر إليهم نظرة الإزدراء والإحتقار، وإنّما ننظر نظرة رحمة ومودّة وإحسان.

-ومن حقّهم علينا أيضا: أن لا نغتابهم، ونلمزهم لأجل عيبهم، فالله يقول: (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً).

-ومن حقّهم علينا: أن لا نسخر بهم ونستهزئ بهم فإنّ هذا أمر خطير، يقول الله جلَّ وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ).


أيُّها المسلم، يا مَن يتمتّع بالصّحّة والعافية ويتقلّب في نِعَمِ الله صباحا ومساءا في صحّة وغنى وعافية، أحمد الله على هذه النّعمة، واعلم أنّها فضل من الله عليك: (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ).

احذر، احذر الإزدراء، والإحتقار، والتّكبّر على هؤلاء، فإنّ الّذي أعطاك هذه النّعمة قادر أن يسلبها منك طرفة عين: (قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).


أيُّها المسلم، عامل هذا المُعَاق معاملة إسلامية حسنة، فَلاَ تَخْدَعَنَّهُ لكونه مُعَاقاً في بصره، أومُعَاقاً في سمعه، أومُعَاقاً في رأيه وفكره، فتستغل ذلك بغشّه وخداعه والتلبيس عليه، عامله بالحسنى، عامله معاملة إنسان قادر مفكّر بصير بالأمور، أمّا أن تستغل إعاقته البصرية أو السمعية أو الفكرية فتستغله بالغش والخداع والتلبيس عليه، والتّحايل على أكل ماله فإنّ هذا أمر محرّم لا يجوز لك؛ بل اتّقي الله في ذلك، ارحم هؤلاء رحمة تدلّ على إيمانك وإخلاصك.


إنّ أمّة الإسلام اعتنوا بالمُعَاقِين أيّما اعتناء سواء كانوا من المسلمين أو الذِّمِّيِّين، لم يفرّقوا بين أحد من ذلك لأنّ الإسلام دين رحمة، ودين إحسان، ودين عدل: (لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).

ولقد اعتنى الخلفاء الرّاشدون من بعدهم بهذه النّوعية فرتّبوا لهم مستحقّات، وأعانوهم، وحفظوا لهم حقوقهم، لأنّ دين الإسلام، دين الرّحمة، دين الكرامة والإنسانية.

إنّ مَنْ يدّعي أن الإسلام أهمل هذه الحقوق دعوة باطلة؛ بل الإسلام سبق كلّ المجتمعات في المحافظة على الحقوق الإنسانية والعناية بها، لأنّ نبيّنا نبيّ الرّحمة: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ).


إذا فعلينا أن ننظر إلى هذه الفئة نظرة احترام ورحمة وعطف وإحسان، والمساعدة في كلّ ما يهمّهم من علاج أو وسائل نقل، أو أجهزة يحتاجون إليها، أو إعانة في الزّواج، أو تسهيل تملك مسكن أو تأجيره إلى غير ذلك من الحاجات التي لابد منها، وإن أعطوا من الزّكاة فلا مانع إذا كانوا فقراء عاجزين فهم أولى من غيرهم.


أسأل الله لي ولكم العافية في الدنيا والآخرة، أقولٌ قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنَّه هو الغفورٌ الرّحيم.

الخطبة الثانية

الحمدُ لله، حمدًا كثيرًا، طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهد أنْ لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ، أما بعد:

فيا أيُّها النَّاس، اتَّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى، عباد الله، إن للمسلم واجبا بأن يؤمن أن الله حكيم عليم فيما يقضي ويقدّر، وأن كل قضاء قضاه الله، فعلى كمال حكمة الربّ وكمال علمه، وكمال عدله، وكمال رحمته: (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ)، هذا الإبتلاء للإنسان في نفسه أو ولده أو ماله إمّا لتكفير حسنات ورفع الدّرجات، وإمّا لحط الخطايا والسّيّئات: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ).

فعلى هذا المُعَاق أن يشعر بهذا الأمر وأن يشمّر فيه، ويجتهد في القيام بما يستطيع القيام به قال صلى الله عليه وسلم: "الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِى كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجِزْ ولاَ تَقُلْ لَوْ أَنِّى فَعَلْتُ لكَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ".


أيُّها المسلم، إن الإعاقة ليست إعاقة نسبية فقط؛ لكن الإعاقة الحقيقية إعاقة البصيرة إعاقة الروح والقلب، فالمُعَاقُون في أفكارهم، والمُعَاقُون في بصائرهم وعقولهم هم أشدّ ضررا من هذا المُعَاق في جسده، لأنّ هذا المُعَاق في جسده إذا اتّقى الله ونوى الخير كفّر الله به السّيّئات ورفع به الدّرجات؛ لكن المُعَاقون في أفكارهم وبصائرهم وعقولهم هؤلاء هم البلاء العظيم، نسأل الله السّلامة والعافية: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ).

(أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً)، وأهل النّار يقولون: (لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ) قال الله: (فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ السَّعِيرِ)، فإعاقة البصيرة والعَمَى عن الهُدَى، وإعاقة القلب عن التَّفَكُّر والتَّدَبُّر هي المصيبة والبَلِيَّة.


أيُّها المسلم، إذا نظرت إلى مُبْتَلَى فعرف عظيم نِعَم الله عليك، ترى مَن فقد بصره أو سمعه أو قدميه أو نحو ذلك، فَاحْمَدِ الله على نعمته عليك وقل: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلى بِهِ وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلاً".

أنظر إلى مِمَّن هو دونك في الصحة والعافية لتعرف عظيم نِعَم الله عليك، فاشكر الله على نعمته، وليكن نظرك لأهل البلاء نظر اعتبار ونظر اعتراف لله في الفضل في أحوالك كلّها، فإنّ الله يحبّ من عباده أن يشكروه ويثنوا عليه: "إِنَّ اللَّهَ يحب من عبده أَنْ يَأْكُلَ الأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا وْيَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا".

على المسلم يسأل الله العافية في الدنيا والآخرة، كان صلى الله عليه وسلم إذا التقى بالعدو قال: "أَيُّهَا النَّاسُ، لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا"، فالمسلم يسأل الله العافية؛ لكن إذا أبتلي رضي بقضاء الله واطمأن بذلك: (وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ*الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ*أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ).


أموال المُعَاقين ما يتم مكافئتهم من الضمان وغيره يجب حفظها ورعايتها، والإنفاق عليهم منها وعدم التّعدّي عليها، وتوفيرها لهم بأن حاجاتها أكثر من حاجة غيرهم، فعلى الجميع تقوى الله في الأحوال كلها.



واعلموا رحمكم الله أنّ أحسنَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ اللهِ على الجماعةِ، ومَن شذَّ شذَّ في النار.

واعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ به بنفسه فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا

اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائه الراشدين، أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين، وعن التَّابِعين، وتابِعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعنَّا معهم بعفوِك، وكرمِك، وجودِك وإحسانك يا أرحمَ الراحمين.


اللَّهمَّ آمِنَّا في أوطاننا وأصلح ولاة أمرنا ووفّقهم لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين، اللَّهمّ وفِّقْ إمامَنا إمامَ المسلمينَ عبدالله بنَ عبدِالعزيزِ لكل خير، سدده في أقواله وأعماله، وامنحه الصحة والسلامة والعافية، وأعنه على كل ما همه إنك على كل شيء قدير، اللَّهمَّ شد عضده بولي عهده الأمين سلمان بن عبدالعزيز، وسدده في أقواله وأعماله، وأعنه على مسئوليته إنك على كل شيء قدير.

(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)، (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).


عبادَ الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكُرْكم، واشكُروه على عُمومِ نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرَ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.



- خطبة الجمعة 12-08-1434هـ



https://mufti.af.org.sa/sites/default...12-8-1434k.mp3










 


رد مع اقتباس
قديم 2015-02-22, 14:21   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الثلوج الدافئة
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا بارك الله فيك









رد مع اقتباس
قديم 2015-02-22, 17:25   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
Ayad3
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا لك الأخت بهذا التذكير الذي يخص هاته الفئة المحرومة من نعمة الصحة فعلى الكل الاهتمام بهم وتقديم لهم يد المساعدة كلم سنحت الفرصة وفي ذلك أجر كبير فالاعاقة هي ابتلاء من عند الله والله يبتلي عبده ليكفر عن سيئاته و يزيد من حسناته خاصة اذا صبر على هذا الابتلاء










رد مع اقتباس
قديم 2015-02-22, 20:07   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
عَبِيرُ الإسلام
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية عَبِيرُ الإسلام
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي




بسم الله الرّحمن الرّحيم


والأجمل من هذا الذي قرأتموه حول الإهتمام بالمُعاق ، وإدماجه في المجتمع ، كون صاحب الخُطْبَة عالم ربّاني سعودي كفيف ، وأنتم أظنّكم تعرفونه وهو المفتي العام للسّعودية الذي يخطب أمام الحجّاج يوم عيد الأضحى ، عبدالعزيز بن عبدالله آل الشّيخ حفظه الله .

ضرير ، وعلّمه الله من البيان والفقه ما جعله عالمًا بشريعة الله واقفًا على حدوده ......مثله مثل الشيخ ابن باز رحمه الله فقد كان ضريرًا ولكن لم يمنعه هذا من أن يكون عالمًا يُقْتَدَى به في الأخلاق والعلم والعمل الصّالح .

حفظ الله الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشّيخ وسدّده ، ورحم الله الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمة واسعة .

فلايغتمّ ولايقنط من رحمة الله مَن ابتلاه ربّه بإعاقة ، فلربّما هي خيرٌ له " وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم "


بارك الله فيكم على المتابعة وأسأل الله أن يجعلنا ممّن يخفّفون عن إخواننا المعاقين وأن يجعلنا نرفع من معنوياتهم ، وأسأل الله أن يجعل منهم الأخيار من النّاس .

وصلّ اللّهمّ وسلّم على نبيّنا ورسولنا محمّد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين ، والحمدلله ربّ العالمين .











رد مع اقتباس
قديم 2015-02-22, 20:54   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
Ayad3
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

يجب على كل الناس أن يحمدوا الله على نعمة الصحة فهي كنز لا يفنى ولا يحس بها الا من فقدها فالصحة تاج فوق رؤوس الأصحاء لا يراها الا المرضى
يا أيها الانسان السليم المعافى قد يكون المعاق في حاجة لخدماتك فلا تبخل ولا تمر مرور الكرام لأنه يجب أن تعلم بأن ما تراه أنت بلاشيء مثلا السير أو المشي على أقدامك فالبنسبة للمعاق هو نعمة وكنز و أمل مفقود ربما للأبد فسارع في تقديم الخدمة لأخوك المعاق ولك فيه أجر عظيم عند الله فالله قادر على كل شيئ لكنه يمتحننا بهكذا وضعيات يمتحن المريض في الصبر و تحمل الألم بقوله تعالى في سورة البقرة يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ صدق الله العظيم










رد مع اقتباس
قديم 2015-02-23, 20:34   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
عَبِيرُ الإسلام
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية عَبِيرُ الإسلام
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


بسم الله الرّحمن الرّحيم


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ayad3 مشاهدة المشاركة
يجب على كل الناس أن يحمدوا الله على نعمة الصحة فهي كنز لا يفنى ولا يحس بها الا من فقدها فالصحة تاج فوق رؤوس الأصحاء لا يراها الا المرضى
يا أيها الانسان السليم المعافى قد يكون المعاق في حاجة لخدماتك فلا تبخل ولا تمر مرور الكرام لأنه يجب أن تعلم بأن ما تراه أنت بلاشيء مثلا السير أو المشي على أقدامك فالبنسبة للمعاق هو نعمة وكنز و أمل مفقود ربما للأبد فسارع في تقديم الخدمة لأخوك المعاق ولك فيه أجر عظيم عند الله فالله قادر على كل شيئ لكنه يمتحننا بهكذا وضعيات يمتحن المريض في الصبر و تحمل الألم بقوله تعالى في سورة البقرة يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ صدق الله العظيم

بارك الله فيكم وسدّد أقولكم ووفّقكم للهدى والخير.









رد مع اقتباس
قديم 2015-04-11, 03:02   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
MOUSTAAA
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2015-04-13, 11:14   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
karimadalila
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية karimadalila
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك









رد مع اقتباس
قديم 2015-04-13, 19:41   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
fata13
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرااا لكم










رد مع اقتباس
قديم 2015-04-15, 15:16   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
حضنية28
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية حضنية28
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز الموضوع المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم
شكرا على اثارة الموضوع
لكن اين نحن من هذا ؟؟؟؟؟










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
المُعَاقِ, الإسلام, حُقُوقُ


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 10:50

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc