الصوفية والتصوف في الجزائر (الجزء الثالث) - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام > أرشيف القسم الاسلامي العام

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الصوفية والتصوف في الجزائر (الجزء الثالث)

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-11-04, 07:37   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
essarab
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي الصوفية والتصوف في الجزائر (الجزء الثالث)

إذن، فإن عودة التصوف اليوم مؤشر بعودة الاحتلال ولو بشكل من الأشكال إذ يحمل أفكارا تتقاطع مع مصالح الاستعمار الجديد، وما حضور سفراء أمريكا مجالس الصوفية والإشادة بمذهبهم خير دليل على ما نقول.
ذكرت مجلة ( يو إس نيوز ) الأمريكية في أحد أعدادها قائلة: " إن الصراع الحاصل بين الحركات الإسلامية المتمثل في الوهابية والسلفية من جهة والطرق الصوفية من جهة أخرى شجع الإدارة الأمريكية لتدعيم الصوفية بطريق غير مباشر ودعم كل من له علاقة بهم. وأول هذا الدعم التكتيكي تمثل في إعادة بناء الأضرحة المهدمة واستعادتها عبر العالم وترجمة مخطوطاتها، فضلا عن دفع الحكومات المعنية لنهضة الصوفية من جديد ".

لماذا تهتم الإدارة الأمريكية بتشييد أضرحة الأموات ؟ لأنها ببساطة درست سر الصوفية وعرفت أن عقيدتهم تقوم على وحدة الأديان وعبادة الأموات والتواصل مع أرواحهم ولا تقف في وجه الإحتلال الأجنبي . ولذلك فإن تشييد قبور الأولياء يصب في إطار كسب ود أتباع هذا التيار لضرب الأصولية المتشددة في البلاد الإسلامية وإشعال نار الفتن بينها وخلق صراعات مذهبية وطائفية ليس من ورائها طائل.

يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري: " ومما له دلالته أن العالم الغربي الذي يحارب الإسلام، يشجع الحركات الصوفية ومن أكثر الكتب انتشارا الآن في الغرب مؤلفات ابن عربي وأشعار جلال الدين الرومي، وقد أوصت لجنة الكونغرس الخاصة بالحريات الدينية بأن تقوم الدول العربية بتشجيع الحركات الصوفية. فالزهد في الدنيا والانصراف عنها وعن عالم السياسة يضعف ولا شك صلابة مقاومة الاستعمار الغربي). عن جريدة السفير الجزائرية.

لا شك أن دعم الأنظمة الغربية للطوائف الصوفية في العالم الإسلامي يشكل خطرا على مستقبل الأمة برمتها على أساس كونها تهدف إلى تنويم الشعوب المستهدفة وإدخالها في حالة الإغماء التام التي كانت سائدة في القرون الوسطى، حتى يصبح من السهولة بمكان العودة إلى هذه الأوطان دون مقاومة ولا معارضة.

وقد بينت الدراسات الغربية أن معظم الذين يعتنقون الإسلام اليوم من مجتمعاتهم يحملون أفكار وحدة الوجود ووحدة الأديان، وهم لا يعارضون ذلك نظرا للأبعاد الإستراتيجية التي يسعون لتحقيقها على المدى القريب والبعيد، فتعزيز صفوف التيار الصوفي ودعمه ماديا ومعنويا وتمكينه على جميع المستويات وإظهاره بمظهر التيار المتسامح الذي يمكن من خلاله احتواء التيارات الأخرى التي تصب كليا في مصلحة الغرب. لأن قوى الاستعمار استفادت من دروس الحروب القديمة وقد خسرت في جميعها بفضل الجهاد ومقاومة شعوبها، واليوم تتطلع إلى العودة ولكن عبر سلب العقول وتنويم النفوس وتزييف الحقائق والوقائع وبث روح الانهزامية والسلبية في النضال .

ويبدو أن الاستكبار الغربي قد راجع خطأ سياسة حروبه القديمة وهو يحاول أن لا يكرر هذه الأخطاء، سيما وأنه قد تعلم أن احتلال الأوطان لن يكون مجديا باستخدام الجيوش الجرارة وقهر شعوبها بالقوة، فذلك لا يزيدها إلا تمسكا بقضاياها وعقيدتها ودينها، وإنه لا يستطيع لا في الوقت الحاضر ولا في قابل الأيام والسنون إخضاع هذه الشعوب إلا بأساليب الحيل والاحتيال وتغيير الذهنيات والعقول ونشر الأفكار الزائفة والتلاعب بالحقائق وأولها سحق سلبيات العقيدة الوجدانية التي ترفض الأفكار الجديدة تمهيدا لبناء عالم يحكمه وحيد القرن. وهي اليوم تطبق إستراتيجية تعمل على صعيدين :

الصعيد الأول: تعزيز دور التصوف والإشادة برجاله ومساعدته ماديا وسياسيا على جميع المستويات.

الصعيد الثاني: استخدام تقنيات البرمجة اللغوية العصبية وغيرها في تنصير الناس من قبل مختصين أجانب عرب وغربيين .

وأحسب هذا الأمر من أهم القضايا الأساسية المحورية الموجودة على طاولة الدراسات الغربية التي يدور حولها النقاش، وأهمها ما هي الخطط التي يجب تطبيقها في الوقت الراهن ؟. ويبدو جليا أن مجمل الدراسات منصبة حاليا على التيار الصوفي وكيفية التعامل معه وفرضه على الساحة الإسلامية وتمكينه من أخذ الزعامة السياسية لاستخدامه كواجهة لمغالبة المناوئين للفكر الجديد ولغيره من الغرباء، لذلك فأن الدراسات منصبة اليوم حصرا على عقيدة ابن عربي الذي يعتبر الحياة الدنيوية خيالا لا فائدة منها وعدم جواز مقاومة الشر ومغالبة السلاطين والمحتلين.

يقول ( إريك جيوفروي ) مستشرق مسلم مختص في التصوف بجامعة ( لوكسمبورغ ): " ثم إننا يمكن أن نلحظ أن هناك مدا جديدا من الأجيال الجديدة للصوفية يعي الأبعاد الاجتماعية للصوفية". إسلام أون لاين

بناء على هذه المعطيات نكون قد بينا الأبعاد الحقيقة للتصوف الذي يسعى الغرب لفرضه على المجتمعات الإسلامية وأسباب استقطابه لشريحة كبيرة من الناس. لقد ادعى البعض أن الشعب الجزائري كان متصوفا قبل اندلاع الثورة التحريرية وبفضل المنهج الذي كان يتبعه هب هبة رجل واحد لمكافحة المستعمر، إلا أن هذا القول يبدو غير صحيح نظرا للمصادر التاريخية التي تحدثت عن الدور السلبي الذي لعبه أثناء الثورة التحريرية وما قبلها. فالشخصيات التي قادت النضال التحرري كانت جميعها تحمل قيم وجدانية نبيلة ومن أمثلة ذلك الأمير عبد القادر الذي كان يدرس القرآن في زاوية والده محي الدين، ولما سمع نداء الجهاد قام ملبيا ثم قاد الجهاد بنفسه ضد الاحتلال الفرنسي رغم ما قيل عنه. مما يدل أنه لم يكن من أقطاب الصوفية الذين ينكرون فكرة الجهاد، وقد نفى أحفاده أن يكون كتاب المواقف الذي يحتوي على شطحات صوفية كثيرة من تأليفه، وأنه لم يخن وطنه ولكنه لم يحسن قراءة دسائس الإخوة ومكائد الأعداء.

لا شك أن الأمير عبد القادر كان صوفيا من أسرة صوفية، كحال كل الكثير من الناس في تلك الفترة، إلا إنه لم يكن من أصحاب العقيدة الفاسدة، بل كان منضبطا بالفقه ومتمسكا بالشريعة، وكان من الذين حاربوا الغناء الصوفي ومجالس الجذب والحضرة والرقص، وكان والده محيي الدين الحسني عندما جاء إليه محمد بن الشريف البربري الدرقاوي وتكلم أمامه بكلام فيه شطح صوفي استتابه وأمر بتأديبه.

يقول الدكتور سعد الله في كتابه (الحركة الوكنية الجزائرية): أن الدليل على صلاح الأمير واستقامته على الشريعة أنه لم يتهم ولو واحدا من أفراد أسرته بالشعوذة والتصوف المنحرف: " ومن الأدلّة على انضباطهم وعدم انحرافهم كباقي المتصوفة، أنّ جميع الكتب التي ألّفت في فضح الزائغين من المتصوفة وعددت أسماء شيوخهم لم تذكر ولم تتعرض لذكر أحد من أسرة الأمير وكلهم كانوا من أهل العلم وفيهم متصوفة، ولكنّ أحدًا لم يصفهم بالمشعوذين أو المدجلين، ولم يسجل عليهم التاريخ أيّ تحالف مع الطغاة والمجرمين، وبالمقابل فإن المؤرخين عندما يذكرون الشيوخ الصادقين وأهل العلم العاملين، نجدهم يعدّون الحاج مصطفى جدّ الأمير عبد القادر وابنه السيد محيي الدين من علماء الوقت وصلحائه وممن ساهم في نشر العلم الصحيح... ومن الأدلة أيضًا، أن الناس فور وقوع الحادث الجلل واقتحام جيوش الفرنسيين لأرض الجزائر أسرعوا والتفوا حول السيد محيي الدين وأسرته وبايعوه لعلمهم بصدقه وتمسّكه بالشرع الحنيف واستقامته على أحكام الشريعة، بخلاف الكثير من شيوخ الطرق الذين أسرعوا وانضموا إلى فرنسة وتحالفوا معها على السيد محيي الدين وولده الأمير عبد القادر ... وهذا الأمير عبد القادر يعاني من جيوش المتصوفة المنحرفين ومن جيوش الخونة الخارجين أكثر مما عاناه من جيوش فرنسا!! وبسبب أولئك الطرقيين المنحرفين استطاعت فرنسة أن تبقى في الجزائر أكثر من 130 سنة! ولمّا قامت الثورة الجزائريّة كانت الطرق الصوفية أحد أهم العوائق في وجهها (إلاّ القليل ممن رحم الله) وهذا شيخ الطريق العليوية يأمر أتباعه باغتيال الشيخ المجاهد عبد الحميد بن باديس أكثر من مرّة ولكن الله أنجاه".

وكذا بالنسبة للعلامة الشيخ ابن باديس منشئ الحركة الإصلاحية، إذ تأكد من خلال دراسة مناقبه وأعماله الجليلة وأقواله وقصائده أنه كان شجرة باسقة بين الأشجار، وأنه كان رجلا عظيما لا مثيل له بين عظماء الرجال، وأنه جاء في فترة نكوص كالغيث الذي أحياء الأرض بعد مواتها، جاء بثورة وطنية لإصلاح الضمير وتحرير الوطن من الغاصبين ليست فيها مكانا للجهوية ولا لنزعة من النزعات، وحرك المياه الراكدة في الجزائر وبعث في النفوس الخاملة حيوية ونشاطا وأحيا الضمائر الميتة بعدما كانت الأمة كلها تعيش في ظلمات بعضها فوق بعض.

لم يكن ابن باديس شخصية متصوفة كما زعم البعض، وإنما نشأ في بيئة وجد فيها العقيدة الصحيحة قد امتزجت بالتصوف الدخيل، وقصيدته المشهورة تغني عن أي تعليق وتظهر الرجل على أنه كان مجاهدا كبيرا ومقاوما فذا، وهذه الخصال ليست من سمات رجل متصوف يحتمي من العدوان بقبور الموتى. يقول الشيخ ابن باديس في قصيدته:

شعـــب الجزائر مسلـــم وإلى العروبــــة ينتسب
من قال حـــــاد عن أصله أو قال مـــــات فقد كذب
أو رام إدمـــــاجـــــا لـه رام المـــــحال من الطلب
يا نشء أنت رجـــــاؤنـا وبك الصباح قد اقتـــرب
خــذ للحياة سلاحـــــها وخض الخطوب ولا تهب
وأرفــع منار العـــدل والإ حسـان واصدم من غصب
وأذق نفــوس الظالميــــن السم يمزج بالرهــــــــب
وأهزز نفوس الجــامـدين فربمــــــا حيي الخـشب

هذا المقطع من القصيدة الشعرية يثبت على وجه اليقين أن عبد الحميد بن باديس لم يكن صوفيا على الإطلاق وفي البيت الأخير يشير بشكل واضح إلى جماعة معروفة تقاعست عن الجهاد ومحاربة الاحتلال.

وأما القول بأن الزوايا في الجزائر كانت جميعها تحت سيطرة شيوخ التصوف، فهذا غير صحيح ومناف للحقائق والوقائع، لأن الكثير ممن درسوا في بعض الزوايا لا يحملون أفكارا مخالفة للدين الحنيف ولا يعرفون شيئا عن عقيدة ابن عربي رغم أنه كان كثيرهم يكتبون الحروز ويمارسون الكهانة. ولذلك فإن الزوايا تنقسم في بلادنا إلى ثلاثة أقسام:

قسم منها يتقيد ببرامج خاضعة للشؤون الدينية وتقوم بتحفيظ القرآن وتدريس العلوم القرآنية والفقهية بالإضافة إلى مواد تعليمية أخرى، ويتخرج منها أئمة يحفظون القرآن، ولهم تربية دينية صحيحة ولا يعرفون شيئا عن التصوف ولا يمارسون أي عمل شعوذي.

وقسم من الزوايا هي عبارة عن مزارات يقصدونها الناس للتبرك وقضاء الحاجات وطلب الشفاء من الأمراض، وشيوخها يستخدمون تسخير الجن لقضاء حوائج الناس، وقد وصل الكثير من المسئولين إلى مراكز عليا بفضل بركة (عفاريت) شيخ الزاوية الفلاني، بل أن بعضهم بقوا في مناصبهم عبارة عن مسامير لسنوات طوال لم يستطع أحد إزاحتهم، وأصبح الاستنجاد ببركة الشيوخ للحصول على عمل أو ترقية إلى منصب من المناصب ثقافة عامة يلجأ إليها المثقف وغيره، وعندما تبدأ الحملات الانتخابية، فأول ما يبدأه المترشح زيارة شيخ الزاوية لعلمه أنه باستطاعته أن يؤثر بطريقته الخاصة على عقول الناس.

وزوايا طرقية صوفية معروفة تمارس السحر والشعوذة وتؤمن بعقيدة وحدة الوجود والحلول وتستلهم عقيدتها من الديانات الوثنية كالهندوسية والبوذية.

وظاهرة الاستنجاد بشيوخ التصوف بغية الوصول إلى المناصب العليا ليست مقتصرة على بلد معين وإنما هي ظاهرة عامة موجودة في معظم دول العالم. فالسنغال تعتبر من أكثر بلدان العالم إيمانا ببركة الشيخ الصوفي، ولذلك فإن الرئيس لا يصل إلى منصب الرئاسة إلا بعد تزكية شيخ الصوفية له والرضاء عنه ومنحه صك الغفران. ... يتبع......









 


 

الكلمات الدلالية (Tags)
(الجزء, الثالث), الجزائر, الصوفية, والتصوف


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 17:34

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc