شروح الأحاديث - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

شروح الأحاديث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-06-27, 04:25   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



ثالثا :

يستفاد من أدب هذا الحديث:

الحث على تقوى الله على قدر الاستطاعة ، كما قال تعالى: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/ 16، وذكر الله في كل حين وحال ، على قدر الاستطاعة والتمكن ، والمبادرة بالتوبة وعدم التسويف فيها ، فما كان من ذنب أسر به العبد فإنه يتوب إلى الله فيما بينه وبينه ، ويكثر من الندم والاستغفار والعمل الصالح .

وأما ما جهر به فإنه يتوب منه علانية ، ويعلن التوبة أمام الناس ، حتى لا يسيؤوا به الظن بما أسلف ، ولئلا يقتدي به أحد في ذنبه الذي فعله فيكون عليه من وزره، وليظهر في الناس أثر التوبة ، ويكون ذلك دافعا لغيره إلى المبادرة بها وعدم التسويف فيها، وعدم الإصرار على الذنب.

قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) البقرة/ 159، 160

قال القرطبي رحمه الله :

" وَلَا يَكْفِي فِي التَّوْبَةِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا قَوْلُ الْقَائِلِ: قَدْ تُبْتُ، حَتَّى يَظْهَرَ مِنْهُ فِي الثَّانِي خِلَافُ الْأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَ مُرْتَدًّا رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ مُظْهِرًا شَرَائِعَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَعَاصِي ظَهَرَ مِنْهُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ، وَجَانَبَ أَهْلَ الْفَسَادِ وَالْأَحْوَالَ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْأَوْثَانِ جَانَبَهُمْ وَخَالَطَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَهَكَذَا يَظْهَرُ عَكْسَ مَا كَانَ عَلَيْهِ "

انتهى ، من "تفسير القرطبي" (2/ 187)

ويشرع لمن أذنب ثم تاب أن يتوضأ ويصلي صلاة التوبة .

ينظر السؤال رقم : (98030).

ومن أذنب في السر فتاب فيما بينه وبين ربه ، سواء في بيته أو في المسجد أو في أي مكان ، وأصلح بعد التوبة واستقام : تاب الله عليه .

وروى مسلم (654) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : " وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ، إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً، وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً، وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً ".

والله تعالى أعلم.

على المسلم أن يبادر بالتوبة إلى الله مما فعله من الذنوب: السر بالسر ، والعلانية بالعلانية .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-06-27, 04:26   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


صلاة التوبة

السؤال

كيف تصلى صلاة التوبة ؟

وكم ركعة هي ؟

وهل يمكن أن أصليها بعد صلاة العصر ؟


الجواب


الحمد لله

فإنّ من رحمة الله تعالى بهذه الأمة أن فتح لها باب التوبة ، فلا تنقطع حتى تبلغ الروح الحلقوم أو تطلع الشمس من مغربها .

ومن رحمته تعالى بهذه الأمة كذلك أن شرع لهم عبادة من أفضل العبادات ، يتوسل بها العبد المذنب إلى ربه ، رجاء قبول توبته ، وهي "صلاة التوبة" وهذه بعض المسائل المتعلقة بهذه الصلاة .

1- مشروعية صلاة التوبة

أجمع أهل العلم على مشروعية صلاة التوبة ، روى أبو داود (1521) عن أبي بَكْرٍ الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ : "وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ") . صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وروى أحمد (26998)

عن أَبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًا (شك أحد الرواة) يُحْسِنُ فِيهِمَا الذِّكْرَ وَالْخُشُوعَ ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، غَفَرَ لَهُ ) قال محققو المسند : إسناده حسن . وذكره الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (3398) .

2- سبب صلاة التوبة

سبب صلاة التوبة هو وقوع المسلمِ في معصية سواء كانت كبيرة أو صغيرة ، فيجب عليه أن يتوب منها فوراً ، ويندب له أن يصلي هاتين الركعتين، فيعمل عند توبته عملاً صالحاً من أجل القربات وأفضلها ، وهو هذه الصلاة ، فيتوسل بها إلى الله تعالى رجاء أن تقبل توبته ، وأن يغفر ذنبه .

3- وقـت صلاة التوبة

يستحب أداء هذه الصلاة عند عزم المسلم على التوبة من الذنب الذي اقترفه ، سواء كانت هذه التوبة بعد فعله للمعصية مباشرة ، أو متأخرة عنه ، فالواجب على المذنب المبادرة إلى التوبة ، لكن إن سوّف وأخّرها قبلت ، لأن التوبة تقبل ما لم يحدث أحد الموانع الآتية :

1- إذا بلغت الروح الحلقوم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ ) حسنه الألباني في صحيح الترمذي (3537) .

2- إذا طلعت الشمس من مغربها ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ) رواه مسلم (2703) .

وهذه الصلاة تشرع في جميع الأوقات بما في ذلك أوقات النهي ( مثل : بعد صلاة العصر ) لأنها من الصلوات التي لها سبب ، فتشرع عند وجود سببها .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

"ذوات الأسباب كلها تفوت إذا أخرت عن وقت النهي، مثل سجود التلاوة، وتحية المسجد، وصلاة الكسوف، ومثل الصلاة عقب الطهارة، كما في حديث بلال، وكذلك صلاة الاستخارة، إذا كان الذي يستخير له يفوت إذا أخرت الصلاة، وكذلك صلاة التوبة، فإذا أذنب فالتوبة واجبة على الفور، وهو مندوب إلى أن يصلي ركعتين، ثم يتوب، كما في حديث أبي بكر الصديق"

انتهى من "مجموع الفتاوى" (23/215) .

4- صفة صلاة التوبة

صلاة التوبة ركعتان، كما في حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه .

ويشرع للتائب أن يصليها منفرداً ، لأنها من النوافل التي لا تشرع لها صلاة الجماعة ، ويندب له بعدها أن يستغفر الله تعالى ، لحديث أبي بكر رضي الله عنه .

ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يستحب تخصيص هاتين الركعتين بقراءة معينة ، فيقرأ المصلي فيهما ما شاء .

ويستحب للتائب مع هذه الصلاة أن يجتهد في عمل الصالحات ، لقول الله تعالى : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ) طـه/82 .

ومن أفضل الأعمال الصالحة التي يفعلها التائب : الصدقة ، فإن الصدقة من أعظم الأسباب التي تكفر الذنب ، قال الله تعالى: (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ) .

وثبت عن كعب بن مالك رضي الله عنه أنه قال لما تاب الله عليه: يا رسول الله إنّ من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله، قال رسول الله: ( أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك )، قال: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر . متفق عليه .

والخلاصة :

1- ثبوت هذه الصلاة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

2- أنها تشرع عند توبة المسلم من أي ذنب، سواء كان من الكبائر أم من الصغائر، وسواء كانت هذه التوبة بعد اقتراف المعصية مباشرة، أم بعد مضي زمن.

3- أن هذه الصلاة تؤدى في جميع الأوقات، بما في ذلك أوقات النهي.

4- أنه يستحب للتائب مع هذه الصلاة فعل بعض القربات، كالصدقة وغيرها .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-27, 04:33   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

الجواب على استشكال في سياق حديث الشفاعة العظمى

السؤال


: أريد أن أسأل عن حديث الشفاعة العظمى، وسؤالي هو: إن مطلع الحديث كان في يوم المحشر، والناس يذهبون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستشفعوه في بدئ الحساب ، فيقول له الله : اخرج من النار من كانت صفته كذا

ومعلوم أن إخراج الموحدين من النار يكون بعد الحساب وليس في يوم المحشر، من ناحية أخرى ، الناس طلبوا منه الشفاعة ببدء الحساب ، بينما هو لم يدع بذلك بل قال : أمتي، وليس في النص ذكر أن الله أمر ببدء الحساب، ثالثا: ظاهر الحديث أن كل الناس طلبوا ذلك منه، بينما هو لما دعى قال: يا رب أمتي، ولم يدع للباقي ، آمل التوضيح .


الجواب :

الحمد لله

الحديث المقصود هو ما رواه مَعْبَدُ بْنُ هِلاَلٍ العَنَزِيُّ، قَالَ: " اجْتَمَعْنَا ، نَاسٌ مِنْ أَهْلِ البَصْرَةِ ، فَذَهَبْنَا إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَذَهَبْنَا مَعَنَا بِثَابِتٍ البُنَانِيِّ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ لَنَا عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ، فَإِذَا هُوَ فِي قَصْرِهِ ، فَوَافَقْنَاهُ يُصَلِّي الضُّحَى

فَاسْتَأْذَنَّا، فَأَذِنَ لَنَا وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى فِرَاشِهِ، فَقُلْنَا لِثَابِتٍ: لاَ تَسْأَلْهُ عَنْ شَيْءٍ أَوَّلَ مِنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ، فَقَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ هَؤُلاَءِ إِخْوَانُكَ مِنْ أَهْلِ البَصْرَةِ جَاءُوكَ يَسْأَلُونَكَ عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ،

فَقَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ مَاجَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ، فَيَأْتُونَ آدَمَ، فَيَقُولُونَ: اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِإِبْرَاهِيمَ فَإِنَّهُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ، فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُوسَى فَإِنَّهُ كَلِيمُ اللَّهِ

فَيَأْتُونَ مُوسَى، فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِعِيسَى فَإِنَّهُ رُوحُ اللَّهِ ، وَكَلِمَتُهُ، فَيَأْتُونَ عِيسَى ، فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَأْتُونِي، فَأَقُولُ: أَنَا لَهَا، فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي، فَيُؤْذَنُ لِي، وَيُلْهِمُنِي مَحَامِدَ أَحْمَدُهُ بِهَا لاَ تَحْضُرُنِي الآنَ

فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ المَحَامِدِ ، وَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ ، وَسَلْ تُعْطَ ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيَقُولُ: انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ مِنْ إِيمَانٍ ، فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ... )

رواه البخاري (7510) ، ومسلم (193).

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهَلْ تَدْرُونَ بِمَ ذَاكَ؟ يَجْمَعُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي، وَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنَ الْغَمِّ وَالْكَرْبِ مَا لَا يُطِيقُونَ، وَمَا لَا يَحْتَمِلُونَ، فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: أَلَا تَرَوْنَ مَا أَنْتُمْ فِيهِ؟ أَلَا تَرَوْنَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ؟ أَلَا تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ؟ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: ائْتُوا آدَمَ .

.. فَيَأْتُونِّي فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ! أَنْتَ رَسُولُ اللهِ، وَخَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ، وَغَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ، وَمَا تَأَخَّرَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلَا تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَأَنْطَلِقُ، فَآتِي تَحْتَ الْعَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي، ثُمَّ يَفْتَحُ اللهُ عَلَيَّ وَيُلْهِمُنِي مِنْ مَحَامِدِهِ، وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ

شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ لِأَحَدٍ قَبْلِي، ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ! ارْفَعْ رَأْسَكَ، سَلْ تُعْطَهْ، اشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ! أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ! أَدْخِلْ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِ مِنَ الْبَاب الْأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ ... )

رواه مسلم (194).

وهذا الحديث قد استشكله أهل العلم.

قال ابن أبي العز الحنفي رحمه الله تعالى:

" والعجب كل العجب، من إيراد الأئمة لهذا الحديث من أكثر طرقه، لا يذكرون أمر الشفاعة الأولى، في مأتى الرب سبحانه وتعالى لفصل القضاء، كما ورد هذا في حديث الصور، فإنه المقصود في هذا المقام، ومقتضى سياق أول الحديث، فإن الناس إنما يستشفعون إلى آدم فمن بعده من الأنبياء

في أن يفصل بين الناس ، ويستريحوا من مقامهم، كما دلت عليه سياقاته من سائر طرقه، فإذا وصلوا إلى الجزاء ، إنما يذكرون الشفاعة في عصاة الأمة ، وإخراجهم من النار "

انتهى من "شرح الطحاوية" (ص 231).

وجاء في "عمدة القاري" للعيني (25 / 166):

" وأول هذا الحديث ليس متصلا بآخره، وإنما أتى فيه بأول الأمر وآخره ، وفيما بينهما ليذهب كل أمة من كان يعبد، وحديث: يؤتى بجهنم، وحديث ذكر الموازين والصراط وتناثر الصحف ، والخصام بين يدي الرب جل جلاله، وأكثر أمور يوم القيامة هي فيما بين أول هذا الحديث وآخره " انتهى.

وقد تتابع أهل العلم على معالجة هذا الإشكال؛ والذي يتلخص من ذلك:

أن الرواة قد يختصرون الحديث لمناسبة ما، وهذا تصرف مشهور عند السلف رضوان الله عليهم أجمعين.

ففي هذا الحديث اختصار ، واقتصار على ذكر الشفاعة المتعلقة بهذه الأمة، إما:

لأن الشفاعة في تعجيل الحساب مفهوم حصولها من سياق الحديث، فانتقل إلى ذكر نوع الشفاعة التي تحتاج إلى بيان.

قال القرطبي رحمه الله تعالى:

" وقوله : ( فأقول يا ربِّ أمتي أمتي، فيقال. يا محمدُ، أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليه )، هذا يدل على أنه شُفِّع فيما طلبه من تعجيل حساب أهل الموقفِ، فإنه لما أُمِر بإدخال من لا حساب عليه من أمته، فقد شُرِع في حساب من عليه حِساب من أمته وغيرهم "

انتهى من"المفهم" (1 / 437).

وإمّا أن يكون قد اقتصروا على الشفاعة لعصاة هذه الأمة ، لأنها كانت محل الخلاف بين أهل السنة والمبتدعة.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

" إنما يذكرون الشفاعة في عصاة الأمة وإخراجهم من النار، وكأن مقصود السلف في الاقتصار على هذا المقدار من الحديث : هو الرد على الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة، الذين ينكرون خروج أحد من النار بعد دخولها، فيذكرون هذا القدر من الحديث ، الذي فيه النص الصريح في الرد عليهم فيما ذهبوا إليه من البدعة المخالفة للأحاديث "

انتهى من "البداية والنهاية" (19 / 420).

ومما يدل على وقوع هذا الاختصار أنه قد جاءت أحاديث أخر تبيّن ذلك وتوضحه:

ومن ذلك ما جاء في حديث حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ، حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ القِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ )

وَقَالَ: ( إِنَّ الشَّمْسَ تَدْنُو يَوْمَ القِيَامَةِ، حَتَّى يَبْلُغَ العَرَقُ نِصْفَ الأُذُنِ، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ اسْتَغَاثُوا بِآدَمَ، ثُمَّ بِمُوسَى، ثُمَّ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) .

وَزَادَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ: ( فَيَشْفَعُ لِيُقْضَى بَيْنَ الخَلْقِ، فَيَمْشِي حَتَّى يَأْخُذَ بِحَلْقَةِ البَابِ، فَيَوْمَئِذٍ يَبْعَثُهُ اللَّهُ مَقَامًا مَحْمُودًا، يَحْمَدُهُ أَهْلُ الجَمْعِ كُلُّهُمْ )

رواه البخاري (1474 ، 1475).

وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى:

" وجاء في حديث أنس ، وحديث أبى هريرة : ابتداء النبي صلى الله عليه وسلّم بعد سجوده وحمده والإذن له في الشفاعة بقوله: ( أمتي، أمتي ) .

وجاء في حديث حذيفة بعد هذا ، وذكر الحديث نفسه فقال: ( فيأتون محمداً فيقوم، ويؤذن له، وتُرسل الأمانةُ والرحم، فيقومان جَنْبَتي الصراط ، يميناً وشمالاً، فيمُر أولهم كالبرق ) . وساق الحديث .

وبهذا يتصل الحديث؛ لأن هذه هي الشفاعة التي لجأ الناس إليه فيها، وهى الإراحةُ من الموقف ، والفصل بين العباد .

ثم بعد ذلك حلت الشفاعة في أمته ، وفى المذنبين، وحلت شفاعةُ الأنبياء وغيرهم ، والملائكة ، كما جاء في الأحاديث الأخر، وجاء فى الأحاديث المتقدمة فى الرؤية، وحشرِ الناس، واتّباع كل أمة ما كانت تعبُد، ثم تمييز المؤمنين من المنافقين ، ثم حلول الشفاعة

ووضع الصراط . فيحتمل : أن الأمر باتباع الأُمم ما كانت تعبُد هو أول الفصل ، والإراحَة من هول الموقف أول المقام المحمود . وأن الشفاعة التي ذكر حلولها هي الشفاعة في المذنبين على الصراط ، وهو ظاهر الأحاديث، واْنها لمحمد نبينا وغيره كما نص فى الأحاديث ، ثم ذكر بعدها الشفاعة فيمن دخل النار .

وبهذا تجتمع متون الأحاديث، وتترتب معانيها، ولا تتنافر ولا تختلف، إن شاء الله تعالى "

انتهى من "اكمال المعلم" (1 / 578).

والله أعلم.


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-30, 14:58   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



يخلق الله خلقا يتنعم بما يفضل من الجنة

السؤال :

وجدت هذا الحديث أنّ الله يخلق خلقاً آخر، فما هو هذا الخلق الجديد ؟

فقد ذكر أنس أن رسول الله قال : ( يبقى من الجنة ما شاء الله أن يبقى ، ثم ينشئ الله تعالى لها خلقا مما يشاء) ؟


الجواب :


الحمد لله

هذا الحديث متفق على صحته.

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ( لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ يُلْقَى فِيهَا وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ، فَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ وَتَقُولُ: قَطْ قَطْ، بِعِزَّتِكَ وَكَرَمِكَ، وَلَا يَزَالُ فِي الْجَنَّةِ فَضْلٌ حَتَّى يُنْشِئَ اللهُ لَهَا خَلْقًا، فَيُسْكِنَهُمْ فَضْلَ الْجَنَّةِ ) .

رواه البخاري (7384) ومسلم (2848) واللفظ له.

ولم يبين الله عز وجل لنا في كتابه ، ولا ذكر رسوله صلى الله عليه وسلم لنا في سنته : حقيقة هذا الخلق ، وما هو ؟

ولا يترتب على معرفة ذلك : فضيلة في علم أو عمل ، ولا في الجهل به ضياع فريضة ... ولا نافلة ...

وأدب الله لنا ، في ذلك ونحوه : ألا نتكلف ما لا علم لنا به ، ولا وضع لنا السبيل إليه .

قال الله تعالى : (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) ص/86

وروى البخاري (7293) عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ: «نُهِينَا عَنِ التَّكَلُّفِ» .

وعَنْ أَبي ثَعلَبَةَ الخُشَنيِّ - رضي الله عنه -، عَن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قالَ: ( إنَّ الله فَرَضَ فرائِضَ، فَلا تُضَيِّعُوها، وحَدَّ حُدُوداً فلا تَعْتَدوها، وحَرَّمَ أَشْياءَ، فلا تَنتهكوها، وسَكَتَ عنْ أشياءَ رَحْمةً لكُم غَيْرَ نِسيانٍ، فلا تَبحَثوا عَنْها ) .

قال النووي : حديثٌ حسنٌ، رواه الدَّارقطنيُّ وغيرُهُ.

قال الإمام أبو بكر بن السَّمعاني رحمه الله :

" هذا الحديثُ أصلٌ كبيرٌ من أصولِ الدِّين .

قال: وحُكي عن بعضهم أنّه قال: ليس في أحاديث رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حديثٌ واحدٌ أجمع بانفراده لأصولِ العلم وفروعه من حديث أبي ثعلبة .

قال: وحُكي عن أبي واثلة المزني أنَّه قال: جَمَعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الدِّين في أربعِ كلماتٍ، ثم ذكر حديثَ أبي ثعلبة.

قال ابنُ السَّمعاني: فمن عمِلَ بهذا الحديث، فقد حاز الثَّواب، وأمِنَ العقابَ؛ لأنَّ من أدَّى الفرائضَ، واجتنب المحارم، ووقف عندَ الحدودِ، وترك البحث عمَّا غاب عنه، فقد استوفى أقسامَ الفضل، وأوفى حقوق الدِّين؛ لأنَّ الشرائع لا تخرُج عَنْ هذه الأنواع المذكورة في هذا الحديث.

انتهى." من "جامع العلوم والحكم" (2/819) .


والخلاصة :

أن حقيقة هذا الخلق هي من أمور الغيب التي لم يبينها الله لنا ، ولذلك لم نجد من أهل العلم من تكلف البحث فيه ، وحسبنا هذا أدبا أن نقف عند هذا الحد ، ولتكن همتنا في تعلم ما شرعه الله لنا ، والجد في الأخذ به .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-30, 15:05   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

عدة استفسارات حول الأمر النبوي بتخمير الآنية خشية الوباء

السؤال

: لدي عدة أسئلة حول حديث: (غطوا اﻹناء وأوكئوا السقاء فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء، ﻻ يمر بإناء ليس عليه غطاء أو سقاء ليس عليه وكاء إﻻ نزل فيه من ذلك الوباء)

1-هل إذا نسيت تغطيته وكان فيه طعاما أو شرابا أسكبه، وإذا خفت منه بسبب الحديث فهل يحل لي سكبه؟

2-هل الحديث على اﻷماكن المكشوفة أو تشمل البيوت يعني هل يعتبر سقف البيت غطاء، أو إغلاق الدوﻻب، أو إغلاق الفرن هل هو كاف؟

3-هل اﻹناء الفارغ يشمله الحكم ويجب غسله إن ترك مشكوفا ، أم ما فيه طعام أو شراب فقط؟

4-أثناء تناول الطعام تكون اﻵنية مكشوفة فما الضابط في هذا مأجورين؟

وفقكم الله وبارك فيكم


الجواب

الحمد لله

أولا:

قد صحّ الأمر بتغطية الآنية في الليل، حماية لها من وباء قد يحل بها.

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ( غَطُّوا الْإِنَاءَ، وَأَوْكُوا السِّقَاءَ، فَإِنَّ فِي السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا وَبَاءٌ، لَا يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ، أَوْ سِقَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ وِكَاءٌ، إِلَّا نَزَلَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ )

رواه مسلم (2014) .

قال أبو العباس القرطبي ، رحمه الله ، في "المفهم شرح صحيح مسلم" :

" قوله : ( غطُّوا الإناء ، وأوكُوا السقاء ) ؛ جميع أوامر هذا الباب من باب الإرشاد إلى المصلحة الدنيوية ، كقوله تعالى : { وأشهدوا إذا تبايعتم }. وليس الأمر الذي قُصِد به الإيجاب ، وغايته أن يكون من باب الندب ، بل قد جعله كثير من الأصوليين قسمًا منفردًا بنفسه عن الوجوب والندب ." انتهى.

وقال النووي رحمه الله :

" وذكر العلماءُ للأمرِ بالتَّغطيةِ فوائد، منها الفائدتان اللتان وردتا في هذه الأحاديث، وهما: صيانته مِن الشَّيطان؛ فإن الشَّيطان لا يكشف غطاءً، ولا يحلُّ سقاء، وصيانتُه من الوباء الذي ينزل في ليلةٍ من السَّنة. والفائدة الثالثة: صيانته من النجاسة والمقذرات.

والرابعة: صيانته من الحشرات والهوام، فربما وقع شيءٌ منها فيه، فشربَه وهو غافل، أو في الليل؛ فيتضرر به. والله أعلم."

انتهى، من "شرح مسلم" (13/265) .

ثانيا:

إذا نسي المسلم الإناء بدون غطاء، فإنه يستعمل ما فيه من طعام أو شراب ولا يرميه، وهذا ما يشير إليه حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: ( كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَسْقَى، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَلَا نَسْقِيكَ نَبِيذًا؟
فَقَالَ: بَلَى.

قَالَ: فَخَرَجَ الرَّجُلُ يَسْعَى، فَجَاءَ بِقَدَحٍ فِيهِ نَبِيذٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَّا خَمَّرْتَهُ وَلَوْ تَعْرُضُ عَلَيْهِ عُودًا!

قَالَ: فَشَرِبَ ) رواه مسلم (2011).

وقال أبو العبّاس القرطبي رحمه الله تعالى:

" وشربه صلى الله عليه وسلم من الإناء الذي لم يُخَمَّر دليل على أن ما بات غير مخمَّر، ولا مُغطَّى أنه لا يحرم شربه، ولا يكره "

انتهى، من "المفهم" (5 / 284).

ولأن السنة لم تأمر إلا بتغطية الأواني.

قال أبو داود رحمه الله تعالى :

" قلت لأحمد: الماء المكشوف يتوضأ منه؟

قال: إنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يغطى -يعني: الإناء- لم يقل: لا يتوضأ به "

انتهى، من " مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود السجستاني" (ص 9).

فالذي ينبغي للمسلم أن يتوكل على الله تعالى ، ويتناول ما في الإناء، ولا يرميه لأجل الشك . وينبغي أيضا أن يواظب على أدعية الصباح والمساء فهي حصن له من كل ما يضر في الدين والدنيا؛ ومن ذلك:

عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ: بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ، وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ )

رواه الترمذي (3388) وقال: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ"، ورواه أبو داود (5088).

ثالثا:

الأمر ( غَطُّوا الْإِنَاءَ )، الإناء هنا قد جاء مفسرا في روايات أخرى بأن المقصود منه ما فيه من الطعام والشراب.
عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( أَطْفِئُوا المَصَابِيحَ إِذَا رَقَدْتُمْ، وَغَلِّقُوا الأَبْوَابَ، وَأَوْكُوا الأَسْقِيَةَ، وَخَمِّرُوا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ - وَأَحْسِبُهُ قَالَ - وَلَوْ بِعُودٍ تَعْرُضُهُ عَلَيْهِ )

رواه البخاري (5624).

لكن ورد في لفظ لمسلم: ( لَا يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ، أَوْ سِقَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ وِكَاءٌ، إِلَّا نَزَلَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ ) ؛ وهذا قد يشمل – بظاهره - : الإناء الفارغ ، أيضا .

قال ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى:

" يظهر أن المرادَ من تخمير الإناء : أن فيه شيئاً .

ويشهد له : روايةُ همَّام وعطاء، عن جابر في حديث ذكره: ( خمِّروا الطعامَ والشرابَ )، قال همَّام: وأحسَبُه: ( ولو بعود )، أخرجه البخاري.

ويليق بالظاهرية أن لا يخصوه بذلك، إذ ليس في لفظ هذا الحديث تخصيصٌ بإناءٍ فيه شيء. وليس هذا، ولا بدَّ، من مُشَنَّعات الظاهرية، فإنه سيأتي التعليلُ بنزول وَباءٍ في ليلة في السنة، وأنه لا يمر بإناءٍ ليس عليه غطاءٌ، أو سقاءٍ ليس عليه وكاءٌ، إلا نزل فيه من ذلك الوَباء .

فإذا كان هذا هو العلة فلا يختص ذلك بإناء فيه شيء، فقد يكون نزولُ الوباء في الإناء الفارغ مُضِرًّا عند استعمال شيء يكون بعد ذلك فيه ..."

انتهى، من "شرح الإلمام" (2 / 581).

وقد رود حديث جابر عند مسلم أيضا (2012)

بلفظ : (جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ غَيْرَ أَنَّهُ، قَالَ: «وَأَكْفِئُوا الْإِنَاءَ، أَوْ خَمِّرُوا الْإِنَاءَ» .

قال الباجي رحمه الله : " وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَكْفِئُوا الْإِنَاءَ مَعْنَاهُ اقْلِبُوهُ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ خَمِّرُوا الْإِنَاءَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ شَكًّا مِنْ الرَّاوِي .

وَالْأَظْهَرُ : أَنَّهُ لَفْظُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَنَّ مَعْنَاهُ أَكْفِئُوهُ إنْ كَانَ فَارِغًا، أَوْ خَمِّرُوهُ إنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ فَإِنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ الشَّيْطَانَ أَنْ يَتَنَاوَلَ شَيْئًا مِمَّا فِي الْمَمْلُوءِ أَوْ يَتْبَعَ شَيْئًا مِمَّا فِي الْفَارِغِ مِنْ بَقِيَّةٍ، أَوْ رَائِحَةٍ."

انتهى، من "المنتقى شرح الموطأ" (7/241) .

وعلى كل حال : فالأحوط في الإناء الفارغ أن يغطى ، ولا مشقة في ذلك .

ولو ترك مكشوفا ، من غير غطاء ، فغسله أحسن ، إن أمكن .

وإذا لم يفعل شيئا من ذلك ، فقد سبق أنه لا يحرم الانتفاع بما يوضع فيه بعد ذلك من طعام أو شراب ، بل ولا يكره أيضا .

رابعا:

كون إناء الطعام والشراب في بيت مغلق؛ فإن ذلك لا يكفي كما أشارت إلى ذلك السنة، فإن من شأن الآنية ، وما فيها من الطعام والشراب : أن يكون في بيت له سقف وباب ، ولا يكون في الشارع ، أو المكان العراء .

وقد جاء الأمر بتغطية الآنية مع غلق الباب في نص واحد ، مما يدل على أن غلق الباب وحده لا يكفي.

عَنْ جَابِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ( غَطُّوا الْإِنَاءَ، وَأَوْكُوا السِّقَاءَ، وَأَغْلِقُوا الْبَابَ، وَأَطْفِئُوا السِّرَاجَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَحُلُّ سِقَاءً، وَلَا يَفْتَحُ بَابًا، وَلَا يَكْشِفُ إِنَاءً، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا أَنْ يَعْرُضَ عَلَى إِنَائِهِ عُودًا، وَيَذْكُرَ اسْمَ اللهِ، فَلْيَفْعَلْ، فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ بَيْتَهُمْ )

رواه مسلم (2012).

وأما حفظ الطعام والشراب في الدواليب المخصصة لهما أو في الثلاجات، فهذا في عرف الناس يحفظ الطعام من أن يلحقه أذى، ونرجو أن يكون ذلك كافيا في إصابة الأدب النبوي في ذلك .

ولو احتاط المرء ، فوضع على الإناء غطاءه الخاص ، ولو كان في الثلاجة أو الدولاب ، فهو أحسن وأسلم ، على كل حال .

خامسا:

لا تخمّر الآنية أثناء الأكل والشرب؛ لأن ذلك غير ممكن عادة ، ولم تأت به السنة أصلا ، ولا يعمل الناس بمثل ذلك ؛ فهو إلى التنطع والتكلف أقرب منه إلى إصابة السنة .

قال ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى:

" كل واحد من الاحترازين؛ أعني: الديني والدنيوي : المحمودُ منه : مقدار معلوم، متى جاوزه الإنسانُ : خرج في حيّز الذم .

فالاحتراز في الطهارات : يُحْمد منه الورع .

والإفراط في ذلك يخرج إلى حد الوسوسة والغلوّ في الدين .

وكذلك الاحتراز عن المؤذيات الدنيوية : يُخرِج إفراطُه إلى ضعف التّوكّل ، وشدة الإغراق في التعلُّق بالأسباب، وهو مذموم، و( قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ).

والفرق بين الموضعين دقيق عسِرُ العلم، وله طريق ونظر طويل يتعلق بباب التوكل "

انتهى، من "شرح الإلمام" (2 / 585 - 586).

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-30, 15:10   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يسأل عن قول (سبحان الله عدد خلقه ورضا نفسه) وعن معنى "نفسه" ؟

السؤال :

فيما يتعلّق بالتسبيح بهذه الكلمات ( سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته).

1) أريد فهم الكلمة( نفسه) التي استخدمت فيه، معناها الحقيقيّ.

2) وأيضاً إذا كان في أيّ ادعيةٍ أخرى نفس الكلمة استخدم الله الذي هو (الحي القيّوم) وأيضاً إذا كان الله استخدم هذه الكلمة لنفسه. ارتباكي هو ( نفس) والتي عادةً ما تشير إلى النفس. ولا سيما الجنّ والإنس وهذا هو السبب في أنّ الله قال في القرآن( كل نفسٍ ذائقة الموت).

3) بالتالي هل هو صحيحٌ أن نقول هذا التسبيح؟


الجواب :


الحمد لله

لفظة " النفْس " ثابتة لله تعالى في كتابه الكريم وفي سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة ، ولذا فلا يسع المسلم إلا إثباتها .

ومعنى النفس في الآيات والأحاديث = ذاته تعالى المقدَّسة ، وليست صفة من صفات الله تعالى كالسمع والبصر .

قال تعالى ( وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ ) آل عمران/ 28 .

وقال تعالى - إخباراً عن عيسى عليه السلام أنه قال : ( تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ) المائدة/ 116 .

وعَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا يرويه عَنْ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ : ( يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا ) .

وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عند أم المؤمنين جويرية رضي الله عنها بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ، وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى، وَهِيَ جَالِسَةٌ، فَقَالَ: (مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟) قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ)

رواه مسلم (2726) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

" ونفسه هي ذاته المقدَّسة "

انتهى من " مجموع الفتاوى " (14/196) .

والمراد بالنفس: ذاته سبحانه المقدسة ، الموصوفة بالصفات الثابتة له ؛ وليس المراد بالنفس ذاتاً مجردة عن الصفات ، ولا أنها صفة مستقلة قائمة بالذات .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ :" فهذه المواضع المراد فيها بلفظ (النفس) عند جمهور العلماء : الله نفسه التي هي ذاته المتصفة بصفاته ، ليس المراد بها ذاتاً منفكة عن الصفات ، ولا المراد بها صفة للذات .

وطائفة من الناس يجعلونها من باب الصفات ، كما يظن طائفة أنها الذات المجردة عن الصفات؛ وكلا القولين خطأ"

انتهى من "مجموع الفتاوى" (9/292) .

وما دام أن الحديث ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيجب على المسلم قبوله ، مسلّما ؛ وينبغي عليه : الحرص على الإتيان بهذا الذكر العظيم ، لينال فضيلته وبركته .

ولا يشكل على ذلك قوله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) ، فهي تعني أن كل نفس ستموت إلا الحي القيوم ذو الحياة الكاملة المطلقة سبحانه وتعالى الذي قال عن نفسه : (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ) فهو الباقي وغيره فانٍ ؛ قال الله تعالى : (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) الرحمن /26-27

وروى مسلم في صحيحه (2717) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَقُولُ: «اللهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْ تُضِلَّنِي، أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ يَمُوتُونَ» .

وهذا واضح غاية الوضوح والحمد لله ، فاصرفي قلبك وخاطرك وفكرك عن تلك الوساوس ، وتعوذي بالله من الشيطان الرجيم ، وأقبلي على ذكر ربك ، وتلاوة كتابه العزيز .

والله أعلم .

لفظة " النفْس " ثابتة لله تعالى في كتابه الكريم وفي سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة ، ولذا فلا يسع المسلم إلا إثباتها .

ومعنى النفس في الآيات والأحاديث = ذاته تعالى المقدَّسة ، وليست صفة من صفات الله تعالى كالسمع والبصر
.
​وما دام أن الحديث ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيجب على المسلم قبوله ، مسلّما ؛ وينبغي عليه : الحرص على الإتيان بهذا الذكر العظيم ، لينال فضيلته وبركته .









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-30, 15:15   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل نثبت لله تعالى صفة " النَّفْس " ؟ وما معناها ؟

السؤال:

يقول الله تعالى ( ويحذركم الله نفسه ) ويقول ( واصطنعتك لنفسي ) .

السؤال : هل لله تعالى - عما يصفون - " نفس " ؟

أنا أعلم أن الله ( ليس كمثله شيء ) وأعتقد أنه وإن كان له نفس فهي ليست كالنفس البشرية قطعاً ، ولكن كيف يستقيم أن يكون لله تعالى نفس وهو القائل ( كل نفس ذائقة الموت ) ؟

مع عميق اعتقادي بأن الله حي لا يموت ولا تأخذه سنة ولا نوم . أرجو الإيضاح ، جزاكم الله كل خير .


الجواب
:

الحمد لله

الواجب على المسلم في باب الأسماء والصفات أن يثبتَ ما أثبته الله تعالى لنفسه وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم ، والمسلم يعتقد اعتقاداً جازماً أنه تعالى ( ليس كمثله شيء ) فما يثبته المسلم لربه تعالى من الصفات لا يماثل صفات المخلوقات .

ولفظة " النفْس " ثابتة لله تعالى في كتابه الكريم وفي سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة ، ولذا فلا يسع المسلم إلا إثباتها :

1. قال تعالى ( وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ ) آل عمران/ 28 .

2. وقال تعالى - إخباراً عن عيسى عليه السلام أنه قال ( تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ) المائدة/ 116 .

3. وقال تعالى ( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) الأنعام/ 54 .

4. وعَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا يرويه عَنْ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ : ( يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا ) .

رواه مسلم ( 2577 ) .

5. وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم : ( يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِى نَفْسِي ) .

رواه البخاري ( 7405 ) ومسلم ( 2675 ) .

و" النَّفس " في الآيات والأحاديث السابقة ليست ذاتاً منفكة عن الصفات ، وليست صفة من صفات الله تعالى كالسمع والبصر ، بل معناها في تلك الآيات والأحاديث : ذاته تعالى المقدَّسة ، وهي لفظة أولى بالاستعمال من لفظة " الذات " ، خلافاً لمن عدَّ " النفس " من صفات الله تعالى المتصفة بها ذاته ، من السلف ، الإمام ابن خزيمة وغيره .

مع مراعاة أن من اعتبرها صفة مستقلة ، قد نصَّ على أنها ليست كنفس المخلوقين وأنه تعالى ليس كمثله شيء ، كما هي قاعدة أهل السنة في باب الأسماء والصفات .

لكنَّ الأظهر في ذلك أن" النفس " هي ذات الله تعالى المقدَّسة ، كما قررناه .

1. قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : " ونفسه هي ذاته المقدَّسة " .

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 14 / 196 ، 197 ) .

2. وقال – رحمه الله -

: " ويراد بنفس الشيء : ذاته وعينه ، كما يقال " رأيتُ زيداً نفسَه وعينَه " ، وقد قال تعالى ( تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ) وَقَالَ ( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) وَقَالَ تَعَالَى ( وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ) وفي الحديث الصحيح أنه قَالَ لِأُمِّ الْمُؤْمِنِينَ : ( لَقَدْ قُلْت بَعْدَك أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ لَوْ وُزِنَّ بِمَا قلتيه لَوَزَنَتْهُنَّ سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ زِنَةَ عَرْشِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ رِضَا نَفْسِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ )

وفي الحديث الصحيح الإلهي عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي إنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْته فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْته فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ ) فهذه المواضع المراد فيها بلفظ النفس عند جمهور العلماء " اللَّهُ نَفْسُهُ " التي هي ذاته المتصفة بصفاته

ليس المراد بها ذاتاً منفكة عن الصفات ، ولا المراد بها صفة للذات ، وطائفة من الناس يجعلونها من باب الصفات ، كما يظن طائفة أنها الذات المجردة عن الصفات ، وكلا القولين خطأ " .

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 9 / 292 ، 293 ) .

3. وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله –

في فوائد حديث أبي ذر القدسي ( يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي ) - : " 7. إطلاق النفس على الذات لقوله ( عَلَى نَفْسِيْ ) والمراد بنفسه : ذاته عزّ وجل ، كما قال تعالى ( وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ) آل عمران/ 28 ، وليس النفس صفة كسائر الصفات كالسمع والعلم والقدرة ، فالنفس يعني : الذات ، فقوله ( وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ) يعني

: ذاته ، وقوله هنا ( عَلَى نَفْسِي ) يعني : على ذاتي ، وكلمة " النفس " أصوب من كلمة " ذات " لكن شاع بين الناس إطلاق " الذات " دون إطلاق " النفس " ، ولكن الأصل العربي : " النفس " "

انتهى من " شرح الأربعين النووية " ( ص 228 ) – الشاملة - .

ونرجو بذلك أن يكون زال الإشكال الذي علق بذهنك – أخي السائل – ونسأل الله تعالى أن يبصرنا وإياك بالحق وأن يرزقنا اتباعه .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-30, 15:24   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم السفر إلى البادية لأجل الإقامة الدائمة فيها

السؤال

: أود معرفة حكم الهجرة من المدينة إلى البادية بغرض الإستقرار الدائم بدون عذر شرعي ؛ لأني سمعت أن الهجرة بدون عذر للبادية من الحضر في ديار الإسلام من الكبائر.


الجواب :

الحمد لله

أولا:

السفر إلى البادية للإقامة فيها بشكل دائم، هو تصرف مذموم شرعا.

فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( مَنْ سَكَنَ البَادِيَةَ جَفَا)

رواه الترمذي (2256) وقال: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ "

ورواه أبو داود (2859 )

والنسائي (4309)

وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" (2256).

قال الملا علي القاري رحمه الله تعالى:

" ( مَنْ سَكَنَ البَادِيَةَ جَفَا )؛ أي جهل، قال تعالى: ( الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ ).

وقال القاضي: جفا الرجل إذا غلظ قلبه وقسا، ولم يرق لبر وصلة رحم، وهو الغالب على سكان البوادي لبعدهم عن أهل العلم وقلة اختلاطهم بالناس "

انتهى، من "مرقاة المفاتيح" (7 / 279).

وهذا الحديث يدل على كراهة الإقامة بالبادية وملازمتها.

قال أبو بكر الأثرم رحمه الله تعالى:

" وأما الكراهة فإنها لمن لزم البادية ، وترك الأمصار والجماعات "

انتهى، من "ناسخ الحديث ومنسوخه" (ص 266).

وعلة هذا أمران:

الأمر الأول: ما أشار إليه الحديث؛ وهو أن البداوة تولد في صاحبها الجفاء، وتبعده عن أسباب كمال الدين، من العلم النافع والصحبة الصالحة المذكرة بالخير، ونحو هذا من السبل المعينة على تحصيل الإيمان وتقويته والتي تتوفر في حواضر المسلمين وتخلو منها البادية.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" وإنما وجه النهي عن مشابهة الأعراب والأعاجم ، مع ما ذكرناه من الفضل فيهم، وعدم العبرة بالنسب والمكان = مبني على أصل؛ وذلك: أن الله سبحانه وتعالى جعل سكنى القرى يقتضي من كمال الإنسان في العلم والدين، ورقة القلوب، ما لا يقتضيه سكنى البادية ... "

انتهى، من "اقتضاء الصراط المستقيم" (1 / 415).

الأمر الثاني: هو أن التبدي يؤدي إلى تخلف المسلم عن كثير من الجماعات والجمع، فيكون فاعل هذا عرضة لتسلط الشيطان عليه.

عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمُرِيِّ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو الدَّرْدَاءِ: أَيْنَ مَسْكَنُكَ؟ قُلْتُ: فِي قَرْيَةٍ دُوَيْنَ حِمْصَ، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلَاةُ إِلَّا قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ، فَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ؛ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ ) قَالَ السَّائِبُ – أحد رواة هذا الحديث-: يَعْنِي بِالْجَمَاعَةِ : الْجَمَاعَةَ فِي الصَّلَاةِ.

رواه أبو داود (547)، والنسائي (847)

وحسنه الألباني في "صحيح سنن أبي داود" (547).

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ : ( أَلاَ هَلْ عَسَى أَحَدُكُمْ أَنْ يَتَّخِذَ الصُّبَّةَ مِنَ الْغَنَمِ عَلَى رَأْسِ مِيلٍ أَوْ مِيلَيْنِ ، فَيَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْكَلأُ ، فَيَرْتَفِعَ ، ثُمَّ تَجِيءُ الْجُمُعَةُ فَلاَ يَجِيءُ وَلاَ يَشْهَدُهَا ، وَتَجِيءُ الْجُمُعَةُ فَلاَ يَشْهَدُهَا ، وَتَجِيءُ الْجُمُعَةُ فَلاَ يَشْهَدُهَا ، حَتَّى يُطْبَعَ عَلَى قَلْبِه ) .

رواه ابن ماجة (1127) ، وحسنه الألباني .

قال ابن رجب رحمه الله تعالى:

" وقد نص أحمد على كراهة المقام بقرية لا يقام فيها الجمعة ، وإن أقيمت فيها الجماعة.

وقد يُحمل ذلك على من كان بمصر جامع يجمع فيه، ثم تركه وأقام بمكان لا جمعة فيه. وفي كلامه إيماء إليه أيضا.

وقد يُحمل كلامه على كراهة التنزيه دون التحريم.

فأما المقام بقرية لا جمعة فيها ولا جماعة : فمكروه "

انتهى، من "فتح الباري" (1 / 115).

فالحاصل؛ أن هجر المدن والسكن بالبداية هو أمر منهي عنه، وقد يصل إلى التحريم، إن كان يغلب على الظن أنه سيؤدي إلى ضرر في دين الشخص ، أو تفويت واجب شرعي عليه ، أو ضياع شيء من مصالح دنياه التي أمره الشرع بالحفاظ عليها.

ثانيا:

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: ( اجْتَنِبُوا الْكَبَائِرَ السَّبْعَ.

فَسَكَتَ النَّاسُ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا تَسْأَلُونِي عَنْهُنَّ؟ الشِّرْكُ بِاللهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ، وَأَكَلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَأَكَلُ الرِّبَا، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَةِ، وَالتَّعَرُّبُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ ) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (5636)، وقوّاه الألباني بمجموع طرقه وشواهده في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (5 / 293).

والمقصود بـ " التَّعَرُّبُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ "، هو أن يهاجر المسلم هجرة شرعية إلى حاضرة من حواضر المسلمين يقام فيها شرع الله تعالى، ثم ينقض هجرته هذه ويرجع إلى البداوة.

وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى:

" أجمعت الأمة على تحريم ترك المهاجر هجرته ورجوعه إلى وطنه ، وأن ارتداد المهاجر -أعرابيا- من الكبائر "

انتهى، من "إكمال المعلم" (6 / 273).

والأقرب أن الذي ورد الوعيد فيه واعتباره من الكبائر : هو رجوع أحد ممن هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هجرته ، وأن ذلك كان محرما عليهم ، إلا من أذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك .

قال ابن الأثير رحمه الله تعالى:

" ( التعرب بعد الهجرة ): هو أن يعود إلى البادية ويقيم مع الأعراب بعد أن كان مهاجرا.

وكان من رجع بعد الهجرة إلى موضعه ، من غير عذر : يعدونه كالمرتد "

انتهى، من "النهاية في غريب الحديث" (3 / 202).

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" – التعرب- أي السكنى مع الأعراب ، وهو أن ينتقل المهاجر من البلد التي هاجر منها ، فيسكن البدو ، فيرجع بعد هجرته أعرابيا .

وكان إذ ذاك محرما إلا إن أذن له الشارع في ذلك "

انتهى، من "فتح الباري" (13 / 41).

فالحاصل؛ أن هذا الحديث في حق المهاجر إلى الله تعالى، فإنه يحرم عليه أن يترك البلد الذي هاجر إليه ويسكن البادية .

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-30, 15:37   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

كيف نجمع بين حديث :" أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن إحدى عشرة " ، مع كونه يتعبد لربه ؟

السؤال :


يشكك بعض الملاحدة والنصارى والشيعة في هذا الحديث وللأسف بعض المسلمين ، يدعون ويفترون على أشرف الخلق . مضمون الشبهة يطعن بعض منكري السنة في صحة الأحاديث الواردة في منح الأنبیاء قوة خاصة في الجماع

من ذلك حديث أنس بن مالك قال: " كان النبي صلى الله علیه وسلم يدور على نسائه في الساعة الواحدة من اللیل والنهار، وهن إحدى عشرة " قال: قلت لأنس: أوكان يطیقه ؟

قال: كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثین "، ويزعمون أن هذا الحديث يعارض القرآن الكريم الذي يبین أنه صلى الله علیه وسلم كان يقضي لیله في القیام والعبادة ، ويقضي نهاره في الجهاد ونشر الدعوة

ومن ذلك قوله تعالى: (إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي اللیل ونصفه وثلثه) .

أرجو تفسير الحديث بشكل دقيق ، وهل من تشكيك فيه ؟


الجواب

الحمد لله


أولا :

جاء النبي صلى الله عليه وسلم بالحنيفية السمحة ، حيث لا غلو ، ولا انفصال للحياة عن الشريعة ، بل جعل من العبادة السعي على المعاش ، وكفاية الرجل زوجته ، ونهى عن التبتل والرهبانية .

وذلك كما في الحديث الذي رواه مسلم في "صحيحه" (1006)

من حديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ:" أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ ) .

وفي الحديث الذي أخرجه البخاري في "صحيحه" (5073)

ومسلم في "صحيحه" (1402)

من حديث سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، قَالَ : ( رَدَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لَاخْتَصَيْنَا ) .

ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أتقى الناس لرب العالمين ، وأشدهم له خشية ، وجاء ذلك في عدة أحاديث ، منها :

ما أخرجه مسلم في "صحيحه" (1108)

من حديث عمر بن أبي سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( أَمَا وَاللهِ، إِنِّي لَأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ ، وَأَخْشَاكُمْ لَهُ ) .

وتواترت الأحاديث على شدة اجتهاده في العبادة والطاعة ، حتى تورمت قدماه من القيام صلى الله عليه وسلم .

وهذا أمر معروف مشهور ، ومن الروايات في ذلك :

الحديث الذي أخرجه البخاري في "صحيحه" (1130)

من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه ، قال: ( إِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَقُومُ لِيُصَلِّيَ حَتَّى تَرِمُ قَدَمَاهُ - أَوْ سَاقَاهُ - فَيُقَالُ لَهُ فَيَقُولُ: أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا ) .

وإن الناظر إلى حياة النبي صلى الله عليه وسلم يرى الوسطية في الأمور كلها ، يقوم بحق ربه من العبودية والتنسك ، ويقوم بحق أمته من الدعوة والتعليم ، ويقوم بحق أهله من حسن العشرة بالمعروف ، ويجاهد في سبيل الله بنفسه صلى الله عليه وسلم .

وكان ينكر أشد الإنكار على أصحابه الذين ربما شددوا على أنفسهم في العبادة ، وربما هجروا نساءهم .

فقد روى الإمام أحمد في "مسنده" (25893)

وصححه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (4/387)

من حديث عروة ، قال :( دَخَلَتْ امْرَأَةُ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ أَحْسِبُ اسْمَهَا خَوْلَةَ بِنْتَ حَكِيمٍ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ بَاذَّةُ الْهَيْئَةِ فَسَأَلتهَا مَا شَأْنُكِ؟ فَقَالَتْ: زَوْجِي يَقُومُ اللَّيْلَ ، وَيَصُومُ النَّهَارَ ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ عَائِشَةُ ذَلِكَ لَهُ ، فَلَقِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُثْمَانَ فَقَالَ: يَا عُثْمَانُ إِنَّ الرَّهْبَانِيَّةَ لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْنَا ، أَفَمَا لَكَ فِيَّ أُسْوَةٌ ، فَوَاللهِ إِنِّي أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ ، وَأَحْفَظُكُمْ لِحُدُودِهِ ) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-30, 15:38   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


ثانيا :

وأما ما ورد في السؤال : فإنه لا يتعارض مع هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تحقيق مقام العبودية الخاصة، ولا يتعارض مع كونه صلى الله عليه وسلم خير من عبد الله وصلى وصام وقام ، وذلك بيانه كما يلي :

أولا : الحديث الذي أشار إليه السائل الكريم ، حديث صحيح

أخرجه البخاري في "صحيحه" (268) .

ثانيا : في الحديث دلالة على أن وقوع ذلك الأمر من النبي صلى الله عليه وسلم كان في ساعة واحدة من الليل أو من النهار ، وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم قد أوتي قوة ثلاثين من الرجال في هذا الباب ، فأين الخلل إذا ؟!

وقد ذهب القاضي أبو بكر بن العربي أن هذه الساعة كانت له صلى الله عليه وسلم بعد العصر ، بعيدا عن القسم بين نسائه .

قال ابن العربي في "عارضة الأحوذي" (1/230)

:" وكان الله سبحانه قد خصه في النكاح بأشياء يأتي بيانها إن شاء الله ، لم يعطها لغيره ، منها تسع زوجات في ملك ، ثم أعطاه ساعة لا يكون لأزواجه فيها حق ، مقتطعة له من زمانه ، يدخل فيها علي جميع أزواجه فيطؤهن أو بعضهن ، ثم يدخل عند التي الدور لها ، ففي كتاب مسلم عن ابن عباس أن تلك الساعة كانت بعد العصر ، فلو اشتغل عنها لكانت بعد المغرب أو غيره ، فلذلك قال في الحديث :" في الساعة الواحدة من ليل أو نهار ". انتهى

والساعة هي الجزء من الزمان ، وليست الساعة الزمنية المعروفة اليوم .

قال ابن حجر في "فتح الباري" (1/377)

:" قَوْلُهُ " فِي السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ " الْمُرَادُ بِهَا قَدْرٌ مِنَ الزَّمَانِ ، لَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ الْهَيْئَةِ ". انتهى

ثم إن ذلك لم يكن خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم فحسب ، بل هذا سليمان عليه السلام ، وهو مشهور بجهاده العظيم في سبيل الله ، كان له النساء الكثير ، ولم يشغلنه عن جهاده في سبيل الله تعالى ، بل في كتب أهل الكتاب التي بين أيديهم الآن : أنه كان لسليمان عليه السلام : ألف امرأة ، وليس مائة فقط ، وفي الحديث الصحيح السابق أنه طاف على مائة امرأة ، منهن ، في ليلة واحدة .

فإذا كان هذا حال نبي الله سليمان عليه السلام ، فنبينا محمد صلى الله عليه وسلم أكمل وأحسن بلا ريب .

وقد ثبت في البخاري (5242)

ومسلم (1654)

من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ بِمِائَةِ امْرَأَةٍ ، تَلِدُ كُلُّ امْرَأَةٍ غُلاَمًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَقَالَ لَهُ المَلَكُ: قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّه ُ، فَلَمْ يَقُلْ وَنَسِيَ ، فَأَطَافَ بِهِنَّ ، وَلَمْ تَلِدْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ نِصْفَ إِنْسَانٍ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ ، وَكَانَ أَرْجَى لِحَاجَتِهِ ) .

قال ابن حجر في "فتح الباري" (6/462)

في شرحه لحديث " لأطوفن الليلة على مائة امرأة " :" وَفِيهِ مَا خُصَّ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ مِنَ الْقُوَّةِ عَلَى الْجِمَاعِ الدَّالِّ ذَلِكَ عَلَى صِحَّةِ الْبِنْيَةِ وَقُوَّةِ الْفُحُولِيَّةِ وَكَمَالِ الرُّجُولِيَّةِ ، مَعَ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الِاشْتِغَالِ بِالْعِبَادَةِ وَالْعُلُومِ ، وَقَدْ وَقَعَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ أَبْلَغُ الْمُعْجِزَةِ ، لِأَنَّهُ مَعَ اشْتِغَالِهِ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ وَعُلُومِهِ وَمُعَالَجَةِ الْخَلْقِ ، كَانَ مُتَقَلِّلًا مِنَ الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ الْمُقْتَضِيَةِ لِضَعْفِ الْبَدَنِ عَلَى كَثْرَةِ الْجِمَاعِ ، وَمَعَ ذَلِكَ فَكَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي لَيْلَة بِغسْل وَاحِد وَهن إحدى عَشْرَةَ امْرَأَةً ". انتهى .

ثالثا :

أن الحديث الذي ذكره السائل ، وهو حديث أنس ، قد ذهب كثير من أهل العلم أنه لا يدل على العادة المستمرة للنبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك لعدة أمور :

الأمر الأول : أنه قد ورد في السنة الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان من عادته أن يقسم لزوجاته فيبيت عند كل واحدة منهن ليلة ، إلا أنه يدور عليهن جميعا كل يوم ليسأل عليهن ، ويؤنسهن ، إلا أنه لا يجامع أي واحدة منهن إلا في ليلتها .

وقد دل على ذلك الحديث الذي أخرجه أحمد في "مسنده" ( 24765)

و أبو داود في "سننه" (2135) من حديث عائشة رضي الله عنها ، قالت كان رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلم لا يُفضِّلُ بعضنا على بعضٍ في القَسمِ ، من مُكثه عِندنا ، وكان قلَّ يومٌ إلا وهو يَطُوفُ علينا جميعاً ، فيدنو مِنْ كُلِّ امرأة ، مِن غير مَسِيسٍ ، حتى يَبْلُغَ إلى التي هو يَوْمُها فيبيتُ عندها ) .

والحديث صحيح ، صححه الشيخ الألباني في "صحيح أبي داود" (1852) .

وموضع الشاهد في الحديث قولها :" فيدنو من كل امرأة من غير مسيس "، أي من غير جماع.

الأمر الثاني : أن حديث أنس الذي أورده السائل ، وإن كان عبر عنه في هذه الرواية بلفظ " كان " ، والتي تدل على الاستمرار ، إلا أن كثيرا من أهل العلم حملوا ذلك على أنه كان في أوقات مخصوصة ، بل حمله بعضهم على أنه حدث مرة واحدة ، جمعا بين الأدلة .

قال ابن عبد البر في "الاستذكار" (1/300)

:" وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ طَافَ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ ، وَهَذَا مَعْنَاهُ فِي حِينِ قُدُومِهِ مِنْ سَفَرٍ أَوْ نَحْوِهِ ، فِي وَقْتٍ لَيْسَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ يَوْمٌ مُعَيَّنٌ مَعْلُومٌ ، فَجَمَعهنَ حِينَئِذٍ ، ثُمَّ دَارَ بِالْقِسْمِ عَلَيْهِنَّ بَعْدُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لِأَنَّهُنَّ كُنَّ حَرَائِرَ ، وَسُنَّتُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيهِنَّ الْعَدْلُ فِي الْقَسْمِ بَيْنَهُنَّ ، وَأَلَّا يَمَسَّ الْوَاحِدَةَ فِي يَوْمِ الْأُخْرَى ، وَهَذَا قول جماعة الفقهاء ". انتهى

وقال المناوي في "فيض القدير" (5/228)

في أثناء شرحه لحديث أنس: " ثم قضية "كان" [يعني : مقتضى هذا اللفظ] ، المشعرة باللزوم والاستمرار : أن ذلك كان يقع غالبا ، إن لم يكن دائما .

لكن في الخبر المتفق عليه : ما يشعر بأن ذلك إنما كان يقع منه عند إرادته الإحرام ، ولفظه عن عائشة :" كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيطوف على نسائه ، فيصبح محرما ينضح طيبا ". انتهى .

وكذا نقله الكشميري في "العرف الشذي" (1/159)

عن القاضي أبي بكر بن العربي المالكي ، فقال :" قال القاضي أبو بكر بن العربي المالكي: إن هذه واقعة حجة الوداع قبل الإحرام ، وكان غرضه قضاء حاجتهن ، وإن عبرها الراوي بطريق الاستمرار ولفظ العادة ". انتهى

وأكد الصنعاني ذلك في "التنوير شرح الجامع الصغير" (8/592)

فقال :" واعلم أن ظاهر " كان يطوف " : أنه كان يداوم على ذلك ، وفي الحديث المتفق عليه ما يؤخذ منه بأن ذلك إنما كان يقع منه عند إرادة الإحرام ، ولفظه عن عائشة " كنت أطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيطوف على نسائه ثم يصبح محرما ينضح طيبا " . انتهى

ومما يؤكد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجتمع عنده هذا العدد من زوجاته إلا في آخر حياته صلى الله عليه وسلم .

والحاصل :

أنه لا يزال الرجل يمدح بقوته ، وعفته ، وصيانته ، فكيف إذا انضم مع ذلك تعبده وتنسكه ، وقيامه كذلك بحق أزواجه أحسن القيام وأتمه ، وهذا الذي كان لنبينا صلى الله عليه وسلم أوفر الحظ والنصيب ، ولذا كان أكمل الخلق ، وسيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-30, 15:43   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حديث " الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار " هل يجبر بذلك النقص في الفرائض ؟

السؤال

: ما هو شرح حديث : ( القائم علي الأرملة والمسكين كالقائم الليل الصائم النهار ) ؟

وهل تعوض من نقصي بالصوم والصلاة يوم القيامة؟ وكيف أستفيد من هذا الأجر ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

الحديث الذي أشار إليه السائل الكريم حديث صحيح متفق عليه .

أخرجه البخاري في "صحيحه" (5353) ، ومسلم في "صحيحه" (2982) ، من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ ، كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، أَوِ القَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ ).

ومعنى الحديث أن من سعى على الأرملة ، وهي من فقدت زوجها، أو من لا زوج لها ، فعمل لها ، وكذلك من سعى على حاجة المسكين ، وهو من لا يجد كفايته ، فإن أجره كأجر المجاهد في سبيل الله ، وكأجر الصائم القائم .

قال النووي في "شرح مسلم" (18/112) :" الْمُرَادُ بِالسَّاعِي : الْكَاسِبُ لهما ، العامل لمؤنتهما ، والأرملة من لا زوج لَهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ تَزَوَّجَتْ أَمْ لَا ، وَقِيلَ هي التي فارقت زوجها . قال بن قُتَيْبَةَ : سُمِّيَتْ أَرْمَلَةً لِمَا يَحْصُلُ لَهَا مِنَ الْإِرْمَالِ ، وَهُوَ الْفَقْرُ وَذَهَابُ الزَّادِ بِفَقْدِ الزَّوْجِ ، يُقَالُ أَرْمَلَ الرَّجُلُ إِذَا فَنِيَ زَادُهُ ". انتهى

وقال ابن هبيرة في "الإفصاح عن معاني الصحاح" (6/267) :" والمراد أن الله تعالى يجمع له ثواب الصائم والقائم والمجاهد في دفعة ؛ وذلك أنه قام للأرملة مقام زوجها الذي سلبها إياه القدر ، وأرضاها عن ربها ، وقام على ذلك المسكين الذي عجز عن قيامه بنفسه ؛ فأنفق هذا فضل قوته ، وتصدق بجَلَدِه ؛ فكان نفعه إذا [ يكافئ ] الصوم والقيام والجهاد ". انتهى

ثانيا :

أما ما ذكره السائل في كون هذا العمل يعوض النقص من الصلاة والصيام يوم القيامة فجوابه كما يلي :

أولا : في أحكام الدنيا هناك فرق بين الجزاء ، والإجزاء ، فإذا جاء نص في الشرع على أن طاعة ما ، تعادل فعل طاعة أخرى سواء مثلها أو مضاعفة فهذا يتعلق بالجزاء أي الثواب ، وليس الإجزاء أي إسقاط الفرض ، وهذا بالإجماع .

قال النووي في "شرح صحيح مسلم" (9/165) عند شرحه لحديث صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ ، إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ) قال:" قَالَ الْعُلَمَاءُ : وَهَذَا فِيمَا يَرْجِعُ إلى الثواب ، فَثَوَابُ صَلَاةٍ فِيهِ يَزِيدُ عَلَى ثَوَابِ أَلْفٍ فِيمَا سِوَاهُ ، وَلَا يَتَعَدَّى ذَلِكَ إِلَى الْإِجْزَاءِ عَنِ الْفَوَائِتِ ، حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَلَاتَانِ فَصَلَّى فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ صَلَاةً لَمْ تُجْزِئْهُ عَنْهُمَا ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ". انتهى

وقال ابن حجر في "فتح الباري" (3/68) ثُمَّ إِنَّ التَّضْعِيفَ الْمَذْكُورَ يَرْجِعُ إِلَى الثَّوَابِ ، وَلَا يَتَعَدَّى إِلَى الْإِجْزَاءِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ ، فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَلَاتَانِ فَصَلَّى فِي أَحَدِ الْمَسْجِدَيْنِ صَلَاةً لَمْ تُجْزِهِ إِلَّا عَنْ وَاحِدَةٍ ". انتهى

وبناء على ذلك فإن السعي على الأرملة والمسكين يعادل الصيام والقيام في الجزاء والثواب ، وليس في الإجزاء .

ومعنى ذلك : أنه مهما سعى على الأرملة أو المسكين : لم يغنه ذلك عن صيام الفريضة ؛ سواء كان صيام رمضان ، أو صيام كفارة ، أو نحو ذلك ؛ لأن هذا لا ( يجزئ ) منه : إلا أن تصومه .

وأما إذا كان مرادا به : أنه من فتح عليه في باب السعي على الأرملة والمسكين ، ولم يفتح عليه في كثير صيام ، أو صلاة ، من النوافل ؛ فنعم ، يرجى له ذلك ، وأن يدرك بهذا الباب من الخير ، الذي فتح له فيه ، ما فاته من ثواب نوافل الصلاة والصيام والجهاد ، ونحو ذلك من الفضائل .

قال ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (9/218) :" من عجز عن الجهاد في سبيل الله وعن قيام الليل وصيام النهار ، فليعمل بهذا الحديث ، وليسع على الأرامل والمساكين ليحشر يوم القيامة في جملة المجاهدين في سبيل الله دون أن يخطو في ذلك خطوة ، أو ينفق درهمًا ، أو يلقى عدوًا يرتاع بلقائه

أو ليحشر في زمرة الصائمين والقائمين وينال درجتهم وهو طاعم نهاره نائم ليله أيام حياته ، فينبغي لكل مؤمن أن يحرص على هذه التجارة التي لا تبور ، ويسعى على أرملة أو مسكين لوجه الله تعالى فيربح في تجارته درجات المجاهدين والصائمين والقائمين من غير تعب ولا نصب ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ". انتهى

مع أنه ينبغي للعبد : أن يحرص على أن يجاهد نفسه ، وأن يضرب في كل غنيمة بسهم ، وألا يحرم نفسه أبواب الخير والنوافل ، ما أمكنه ذلك .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-30, 15:48   رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

معنى حديث: (عجب الله من قوم يدخلون الجنة فى السلاسل)

السؤال:

جاء في القرآن الكريم أنه (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) ، ولكنني قرأت في السنة ما يدل على خلاف ذلك

فالحديث الأول : هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: (خير الناس للناس يأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام)

والحديث الثاني : هو عندما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأحدهم : (ألا تريحني من ذي الخلصة ) ،فقام الرجل فوضع السيف على رقبة رجل آخر حتى أسلم"؟

أرجو شرح المسألة ؟

وهل الآية منسوخة ؟


الجواب :


الحمد لله

قوله تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) آية محكمة غير منسوخة ، فلا يكره أحد على الدخول في الإسلام، وإن كان الجهاد يقتضي إكراه أناسٍ على الخضوع لنظام الإسلام وشريعته، لكن تكون لهم الحرية في البقاء على دينهم، مع دفع الجزية.

ثانيا:

الحديث الأول، هو ما رواه البخاري في صحيحه (3010) باب الأسارى فى السلاسل، عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : (عَجِبَ اللَّهُ مِنْ قَوْمٍ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ فِي السَّلاَسِلِ).

وقد اختلف في معناه: قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (6/145) : " المراد بكون السلاسل في أعناقهم : مقيد بحالة الدنيا ؛ فلا مانع من حمله على حقيقته . والتقدير : يدخلون الجنة ، وكانوا قبل أن يسلموا في السلاسل .

وسيأتي في تفسير آل عمران من وجه آخر عن أبي هريرة في قوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس ) قال : ( خير الناس للناس ، يأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام.

قال ابن الجوزي: معناه : أنهم أُسروا وقيدوا ، فلما عرفوا صحة الإسلام ، دخلوا طوعا ، فدخلوا الجنة ، فكان الإكراه على الأسر والتقييد هو السبب الأول ، وكأنه أَطلق على الإكراه : التسلسل ، لما كان هو السبب في دخول الجنة ، أقام المسبب مقام السبب. ..

وقال غيره: يحتمل أن يكون المراد المسلمين المأسورين عند أهل الكفر ، يموتون على ذلك ، أو يقتلون ، فيحشرون كذلك، وعبر عن الحشر بدخول الجنة لثبوت دخولهم عقبه، والله أعلم". انتهى.

فعلى الاحتمالين ليس في الحديث معارضة للآية؛ إذْ لم يُكره أحد على الدخول في الإسلام.

وأما الحديث الثاني، وهو حديث جرير بن عبد الله البجلي، فقد رواه البخاري أيضاً (4357) عن جرير قال : " قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَلاَ تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الخَلَصَةِ ) فَقُلْتُ: بَلَى، فَانْطَلَقْتُ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةِ فَارِسٍ مِنْ أَحْمَسَ، وَكَانُوا أَصْحَابَ خَيْلٍ، وَكُنْتُ لاَ أَثْبُتُ عَلَى الخَيْلِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَضَرَبَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِي حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ يَدِهِ فِي صَدْرِي

وَقَالَ: ( اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا ) قَالَ: فَمَا وَقَعْتُ عَنْ فَرَسٍ بَعْدُ، قَالَ: وَكَانَ ذُو الخَلَصَةِ بَيْتًا بِاليَمَنِ لِخَثْعَمَ، وَبَجِيلَةَ، فِيهِ نُصُبٌ تُعْبَدُ، يُقَالُ لَهُ الكَعْبَةُ، قَالَ: فَأَتَاهَا فَحَرَّقَهَا بِالنَّارِ وَكَسَرَهَا، قَالَ: وَلَمَّا قَدِمَ جَرِيرٌ اليَمَنَ، كَانَ بِهَا رَجُلٌ يَسْتَقْسِمُ بِالأَزْلاَمِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَا هُنَا، فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْكَ ضَرَبَ عُنُقَكَ

قَالَ: فَبَيْنَمَا هُوَ يَضْرِبُ بِهَا إِذْ وَقَفَ عَلَيْهِ جَرِيرٌ، فَقَالَ: لَتَكْسِرَنَّهَا وَلَتَشْهَدَنَّ: أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَوْ لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ؟ قَالَ: فَكَسَرَهَا وَشَهِدَ، ثُمَّ بَعَثَ جَرِيرٌ رَجُلًا مِنْ أَحْمَسَ يُكْنَى أَبَا أَرْطَاةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَشِّرُهُ بِذَلِكَ

فَلَمَّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، مَا جِئْتُ حَتَّى تَرَكْتُهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ، قَالَ: فَبَرَّكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ" .

وهذه واقعة عين ، لا يعارض بها النص المحكم؛ إذ يحتمل أن يكون هذا الرجل قد ارتد ، أو نقض عهده، فلم يكن يقبل منه إلا الإسلام ، أو القتل .

أو كان الرجل وثنيا غير كتابي ، ويقويه استقسامه بالأزلام ، ولعل جريراً رضي الله عنه كان يرى عدم أخذ الجزية من الوثنيين .

وقضايا الأعيان محتملة مظنونة ، لا يعارض بها المحكمات .

والثابت أن أهل اليمن لم يكرهوا على الدخول في الإسلام، بل منهم من أسلم طوعا، ومنهم من دفع الجزية، كما في حديث معاذ بن جبل قال: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا أَوْ عِدْلَهُ مَعَافِرَ) رواه أحمد (22066) ، والنسائي (24529) ، وأبو داود (1576) ، والترمذي (623) وصححه الألباني .
والمعافر ثياب في اليمن معروفة.

قال ابن القيم :

"بعث معاذا رضى الله عنه إلى اليمن، فعقد لمن لم يسلم من يهودها الذمة، وضرب عليهم الجزية"

انتهى من "زاد المعاد" (3/51).

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-30, 15:55   رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

لاستكمال اجابه السؤال السابق اجابه السؤال الاتي

شبهة من نصراني يزعم أن هناك آيات في القرآن فيها تناقض مع آية ( لا إكره في الدين )


السؤال:

طرح عليّ أحد المسيحيين هذا السؤال فأريد إجابة له حتى أرسله إليه : يقول القرآن في سورة " البقرة " ( لا إكراه في الدين ) ، ثم نجد في غير ما موضع آخر أنه يحث إتباعه المسلمين على قتل المشركين ( اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) ، وغيرها من الآيات المتعددة التي تحث على قتل المخالفين في الدين ؛ أليس هذا تناقضا ؟!!


الجواب :

الحمد لله

ليس هناك ـ بحمد الله ـ تعارض بين نفي الإكراه في الدين ، والأمر بقتال المشركين ؛ فليس الأمر بقتال المشركين لأجل إكراههم على الدخول في الدين ، وإلا لكان أكره اليهود والنصارى وغيرهم على الدخول في دين الإسلام ، حينما تغلب عليهم ، وخضعوا لسلطانه ، ومن المعلوم لكل من عرف شيئا عن تاريخ الإسلام أن هذا لم يحدث ؛ فقد ظل اليهود

والنصارى يعيشون تحت سلطان الدولة الإسلامية ، ويتمتعون بحريتهم الدينية فيها .

وإنما المراد بالقتال أمران :

الأول : قتال من يريد مهاجمة المسلمين في بلدانهم ، وبسط نفوذ الكفر وأهله على بلاد المسلمين ، وهذا جهاد الدفع عن ديار الإسلام . وهذا موجود في كل دولة عرفها التاريخ ، أيا كان ملتها ، وإلا لما كانت دولة أصلا ، ولا سلطان .

والثاني : قتال من صد الناس عن دين الله ، ومنع المسلمين من الدعوة إلى دين ربهم ، ونشر نوره ليراه من طلب الهداية من البشر ، أو منع غير المسلمين من التعرف على هذا الدين ، أو الدخول فيه إذا رغبوه . وهذا جهاد الطلب ، وكلاهما جهاد مشروع .

قال ابن العربي المالكي – رحمه الله -

: " قوله تعالى ( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ) عامٌّ في كل مشرك ، لكنَّ السنَّة خصَّت منه من تقدم ذكره قبل هذا من امرأة ، وصبي ، وراهب ، وحُشوة [ وهم رذال الناس ، وتبعهم ، ومن لا شأن له فيهم ] ، حسبما تقدم بيانه ، وبقي تحت اللفظ : مَن كان محارباً أو مستعدّاً للحرابة والإذاية ، وتبيَّن أن المراد بالآية : اقتلوا المشركين الذين يحاربونكم " .

انتهى من " أحكام القرآن " ( 4 / 177 ) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله

- : " وقول النبي صلى الله عليه وسلم ( أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ الله وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وُيُؤتُوا الزَّكَاة ) مراده : قتال المحاربين الذين أذن الله في قتالهم ، لم يُرد قتال المعاهَدين الذين أمر الله بوفاء عهدهم " .

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 19 / 20 ) .

وقال – رحمه الله – أيضاً

- : " القتال هو لمن يقاتلنا إذا أردنا إظهار دين الله ، كما قال الله تعالى ( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) البقرة/ 190 " .

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 28 / 354 ) .

ويدل لذلك أيضا ما ثبت عن بُرَيْدَةَ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ ..

. وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ ... فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمْ الْجِزْيَةَ فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ ... ) .

رواه مسلم ( 1731 ) .

قال ابن القيم – رحمه الله - في فوائد حديث بريدة -

: " ومنها : أن الجزية تُؤخذ من كل كافر ، هذا ظاهر هذا الحديث ، ولم يستثن منه كافراً من كافر ، ولا يقال هذا مخصوص بأهل الكتاب خاصة ؛ فإن اللفظ يأبى اختصاصهم بأهل الكتاب ، وأيضاً : فسرايا رسول الله وجيوشه أكثر ما كانت تقاتل عبدة الأوثان من العرب ، ولا يقال إن القرآن يدل على اختصاصها بأهل الكتاب ؛ فإن الله سبحانه أمر بقتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتال المشركين حتى يعطوا الجزية

فيؤخذ من أهل الكتاب بالقرآن ، ومن عموم الكفار بالسنَّة ، وقد أخذها رسول الله من المجوس وهم عبَّاد النار لا فرق بينهم وبين عبدة الأوثان " .

انتهى من " أحكام أهل الذمة " ( 1 / 89 ) .

ومن الواضح أن من ثبت إقراره على دينه ، وأخذ الجزية منه ، فإنه ليس مأمورا بقتاله ، أو إكراهه على أن أن يدخل في الدين .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-01, 10:36   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
charrakadel
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

ماشاء الله










رد مع اقتباس
قديم 2018-07-05, 03:37   رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة charrakadel مشاهدة المشاركة
ماشاء الله

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

بارك الله فيك









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سلسلة الحديث وعلومه

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 22:58

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc