فهرس الحديث والأحاديث الضعيفة و الموضوعة - الصفحة 6 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

فهرس الحديث والأحاديث الضعيفة و الموضوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-07-23, 17:45   رقم المشاركة : 76
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثانيا :

- إحباط العمل الصالح : هو أن يزول ثوابه وتذهب منفعته .

قال العراقي رحمه الله تعالى :

" معنى إحباط الطاعة محو أثرها المترتب عليها ، وهو الثواب "

انتهى من " طرح التثريب " (3 / 238 – 239) .

- أما فساد العمل ؛ فالمقصود به في غالب استعمال أهل العلم ؛ هو أن يؤدي الشخص العبادة على وجه غير مشروع حيث يبقى مطالبا بإعادتها إن كانت واجبة .

جاء في " الموسوعة الفقهية الكويتية " (32/ 117) :

" عرف جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة الفساد بأنه : مخالفة الفعل الشرع بحيث لا تترتب عليه الآثار ، ولا يسقط القضاء في العبادات .

وعرف الحنفية الفاسد بأنه ما شرع بأصله دون وصفه " انتهى .

والفساد بهذا المفهوم لا علاقة لسوء الخلق به ؛ لأن حسن الخلق ليس شرطا لصحة العبادات .

وقد يستعمل الفساد كما في الأثر الضعيف السابق ، ويقصد به إحباط العمل وذهاب نفعه .

قال المناوي رحمه الله تعالى :

" ( سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل) أي أنه يعود عليه بالإحباط ؛ كالمتصدق إذا أتبع صدقته بالمن والأذى "

انتهى من " التيسير بشرح الجامع الصغير " (2 / 61) .

فالفساد بهذا المفهوم هو نفسه إحباط العمل .

ثالثا :

سوء الخلق هو ذنب من الذنوب ؛ ومن أصول أهل السنة أنه لا يحبط العمل كله إلا الكفر .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" ولا تحبط الأعمال بغير الكفر ؛ لأن من مات على الإيمان فإنه لابد من أن يدخل الجنة ويخرج من النار إن دخلها ، ولو حبط عمله كله لم يدخل الجنة قط ، ولأن الأعمال إنما يحبطها ما ينافيها ، ولا ينافي الأعمال مطلقا إلا الكفر ، وهذا معروف من أصول أهل السنة "

انتهى من " الصارم المسلول " (2 / 114) .

وسوء الخلق وإن كان ليس كالكفر في إحباط الأعمال الصالحة ، إلا أن له تأثيرًا عليها ؛ ومن صور ذلك :

الصورة الأولى : سوء الخلق يؤثر على العمل الصالح الذي يقترن به .

فالمتصدق إذا تصدق على وجه الكبر والفخر أو يمنّ بصدقته ويؤذي بها الفقير ، فإنه بهذا الخلق السيئ يذهب أجر صدقته .

قال الله تعالى :
( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى ) البقرة /264 .

قال ابن كثير رحمه الله تعالى :

" فأخبر أن الصدقة تبطل بما يتبعها من المن والأذى ، فما يفي ثواب الصدقة بخطيئة المن والأذى "

انتهى من " تفسير ابن كثير " (1 / 694) .

ومثل الصائم الذي يقرن صومه بأخلاق سيئة ، فإنه يفوت على نفسه الأجر.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ )

رواه البخاري (1903)

وابن ماجه (1689) بلفظ : ( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ ، وَالْجَهْلَ ، وَالْعَمَلَ بِهِ ، فَلَا حَاجَةَ لِلَّهِ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ )
..
قال ابن حجر رحمه الله تعالى :

" والمراد بقول الزور الكذب ، والجهل السفه ، والعمل به أي بمقتضاه ...

قال ابن المنير في الحاشية : بل هو كناية عن عدم القبول

كما يقول المغضب لمن رد عليه شيئا طلبه منه فلم يقم به : لا حاجة لي بكذا ، فالمراد رد الصوم المتلبس بالزور وقبول الصوم السالم منه ...

وقال ابن العربي : مقتضى هذا الحديث أن من فعل ما ذكر : لا يثاب على صيامه

ومعناه أن ثواب الصيام لا يقوم في الموازنة بإثم الزور وما ذكر معه "

انتهى من " فتح الباري " (4 / 117).

وهكذا القول في جميع الطاعات إذا اقترن بها سوء الخلق ، لأن سوء الخلق مناقض لتقوى الله تعالى ، والتقوى هي المطلب الأول في الطاعات .

قال الله تعالى – عن الأضاحي و الهدي - :

( لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ) الحج /37 .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى :

" ( وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ) ففي هذا حث وترغيب على الإخلاص في النحر ، وأن يكون القصد وجه الله وحده ، لا فخرا ولا رياء ، ولا سمعة ، ولا مجرد عادة ، وهكذا سائر العبادات

إن لم يقترن بها الإخلاص وتقوى الله ، كانت كالقشور الذي لا لب فيه ، والجسد الذي لا روح فيه "

انتهى من " تفسير السعدي " (ص 539) .

الصورة الثانية :

من المعلوم أن شطرا كبيرا من سوء الخلق متعلق بمعاملة الناس ، كالغيبة والنميمة والبهتان والاحتقار وجميع أنواع الظلم .

ومظالم العباد سيكون فيها القصاص يوم القيامة .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ( أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ ؟ )

قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ ، فَقَالَ : ( إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي ، يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ ، وَصِيَامٍ ، وَزَكَاةٍ ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا ، وَقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا ، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا ، وَضَرَبَ هَذَا

فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ ) رواه مسلم (2581) .

فهذه الأخلاق السيئة أذهبت طاعات هذا الإنسان عند حاجته إليها .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في تقرير هذا الأصل :

" الذي ينفي من الإحباط على أصول أهل السنة : هو حبوط جميع الأعمال ؛ فإنه لا يحبط جميعها إلا بالكفر .

وأما الفسق : فلا يحبط جميعها؛ سواء فسر بالكبيرة، أو برجحان السيئات؛ لأنه لا بد أن يثاب على إيمانه فلم يحبط.
وأما حبوط بعضها وبطلانه ، إما بما يفسده بعد فراغه ، وإما لسيئات يقوم عقابها بثوابه :

فهذا حق ، دل عليه الكتاب والسنة . كقوله : (لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى) البقرة/264 ؛ فأخبر أن المن والأذى يبطل الصدقة، كما أن الرياء المقترن بها يبطلها .

وإن كان كل منهما : لا يبطل الإيمان؛ بل يبطله ورود الكفر عليه ، أو اقتران النفاق به.

وقوله في الحديث الصحيح: «إن الذي تفوته صلاة العصر فقط حبط عمله» وقول.. : «الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب» .

وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من كانت عنده لأخيه مظلمة في عرض أو مال فليأته فليستحل منه ، قبل أن يأتي يوم ليس فيه درهم ولا دينار، وإنما فيه الحسنات والسيئات» .

وقوله: «ما تعدون المفلس فيكم» ؟ قالوا: المفلس من ليس له درهم ولا دينار، قال: «ليس ذلك بالمفلس ، وإنما المفلس الذي يأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال

فيأتي وقد ضرب هذا وشتم هذا وأخذ مال هذا . فيعطى هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ؛ فإذا لم يبق له حسنة : أخذ من سيئاتهم ، فطرحت عليه ثم طرح في النار» "

انتهى من "المستدرك على مجموع الفتاوى" (1/127) .

فالحاصل

أن الأثر ( سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل ) لا يصح من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن سوء الخلق قد يفسد ويحبط ثواب الأعمال الصالحة ؛ كما لو اقترن بها

أو كان على شكل مظالم تجاه الخلق تسبب له خفة كفة حسناته وثقل كفة سيئاته .

والله أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-07-23, 17:54   رقم المشاركة : 77
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السيئات قد تُحبِطُ الحسنات

السؤال:

ما هي الأعمال السيئة التي يفعلها العبد فتحبط أعماله الصالحة وتردها ، وتُمحَى بسببها من صحيفة الأعمال ؟

الجواب :


الحمد لله

أولا :

من الأصول المقررة عند أهل السنة والجماعة أن الأعمال لا تُقبل مع الكفر ، ولا يبطلها كلَّها غيرُ الكفر .

دل عليه قوله تعالى : ( قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ ، وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ ) التوبة/53-54

قال ابن تيمية رحمه الله :

" ولا يحبط الأعمال غير الكفر ؛ لأن من مات على الإيمان فإنه لا بد أن يدخل الجنة ، ويخرج من النار إن دخلها ، ولو حبط عمله كله لم يدخل الجنة قط ، ولأن الأعمال إنما يحبطها ما ينافيها ، ولا ينافي الأعمال مطلقًا إلا الكفر ، وهذا معروف من أصول السنة "

انتهى . "الصارم المسلول" (ص/55)

وقد خالف أهل البدعة من الخوارج والمعتزلة والمرجئة ، فغلا الخوارج والمعتزلة وقالوا : إن الكبائر تمحو وتبطل جميع الحسنات والطاعات ، وعاكستهم المرجئة فقالوا : إن حسنة الإيمان تمحو جميع السيئات .

ثانيا :

لما تبين أنه لا يمكن أن يحبط الحسنات كلها إلا ما يناقض الإيمان مناقضة تامة وهو الكفر ، فهل يمكن أن يحبط شيء من المعاصي بعض الحسنات ويمحوها ؟

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى "مجموع الفتاوى" (10/638) :

" فإذا كانت السيئاتُ لا تحبط جميع الحسناتِ ، فهل تحبط بقدرها ، وهل يحبط بعض الحسنات بذنب دون الكفر ؟

فيه قولان للمنتسبين الى السنة ، منهم من ينكره ، ومنهم من يثبته " انتهى .

القول الأول :

أن السيئات لا تبطل الحسنات ، بل الحسنات هي التي تمحو السيئات ، وذلك بفضل الله سبحانه وكرمه وإحسانه .

يقول القرطبي رحمه الله تعالى "الجامع لأحكام القرآن" (3/295) :

" والعقيدة أن السيئاتِ لا تبطل الحسناتِ ولا تحبطها " انتهى .

القول الثاني :

أن المعاصي والبدع تحبط أجر ما يقابلها من الحسنات على سبيل الجزاء ، نسبه شيخ الإسلام ابن تيمية لأكثر أهل السنة .

انظر "مجموع الفتاوى" (10/322)

وهو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم

وقال في مدارج السالكين (1/278) :

" وقد نص أحمد على هذا في رواية فقال : ينبغي للعبد أن يتزوج إذا خاف على نفسه ، فيستدين ويتزوج ؛ لا يقع في محظور فيحبط عمله " انتهى .

قال الإمام البخاري رحمه الله في كتاب الإيمان من صحيحه :

بَاب خَوْفِ الْمُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ ؛ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ : مَا عَرَضْتُ قَوْلِي عَلَى عَمَلِي إِلَّا خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مُكَذِّبًا ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ : أَدْرَكْتُ ثَلَاثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ ، مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يَقُولُ إِنَّهُ عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ

وَيُذْكَرُ عَنْ الْحَسَنِ مَا خَافَهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا أَمِنَهُ إِلَّا مُنَافِقٌ ، وَمَا يُحْذَرُ مِنْ الْإِصْرَارِ عَلَى النِّفَاقِ وَالْعِصْيَانِ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : ( وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) .

وترجم الإمام مسلم ـ أيضا ـ بَاب مَخَافَةِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ .

قال الإمام ابن رجب رحمه الله :

وتبويب البخاري لهذا الباب يناسب أن يذكر فيه حبوط الأعمال الصالحة ببعض الذنوب ، كما قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ ) الحجرات2.

قال الإمام أحمد حدثنا الحسن بن موسى قال : ثنا حماد بن سلمة عن حبيب بن الشهيد ، عن الحسن قال : ما يرى هؤلاء أن أعمالا تحبط أعمالا

والله عز وجل يقول { لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ } إلى قوله { أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ } .

ومما يدل على هذا - أيضا - قول الله عز وجل { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى } الآية [ البقرة : 264 ]، وقال { أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَاب } الآية [ البقرة : 266] .

وفي صحيح البخاري " أن عمر سأل الناس عنها فقالوا : الله أعلم فقال ابن عباس : ضربت مثلا لعمل ، قال عمر : لأي عمل ؟ قال ابن عباس : لعمل ، قال عمر : لرجل غني يعمل بطاعة الله ، ثم يبعث الله إليه الشيطان فيعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله .

وقال عطاء الخراساني : هو الرجل يختم له بشرك أو عمل كبيرة فيحبط عمله كله .

وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من ترك صلاة العصر حبط عمله " [

رواه البخاري (553)] .

وفي " الصحيح " - أيضا - أن رجلا قال : والله لا يغفر الله لفلان فقال الله : " من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان ، قد غفرت لفلان وأحبطت عملك " [

مسلم (2621)] .

وقالت عائشة رضي الله عنها : أبلغي زيدا أنه أحبط جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب . [

رواه الدارقطني (3/52) والبيهقي (5/330) ] .

وهذا يدل على أن بعض السيئات تحبط بعض الحسنات ، ثم تعود بالتوبة منها . وخرج ابن أبي حاتم في " تفسيره " من رواية أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية

قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون أنه لا يضر مع الإخلاص ذنب كما لا ينفع مع الشرك عمل صالح ، فأنزل الله عز وجل { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُم } [ محمد : 33 ]

فخافوا الكبائر بعد أن تحبط الأعمال .

وبإسناده ، عن الحسن في قوله { وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُم } قال : بالمعاصي . وعن معمر ، عن الزهري في قوله تعالى { وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُم } قال الكبائر .

وبإسناده ، عن قتادة في هذه الآية قال : من استطاع منكم أن لا يبطل عملا صالحا بعمل سيء فليفعل ولا قوة إلا بالله ؛ فإن الخير ينسخ الشر ، وإن الشر ينسخ الخير ، وإن ملاك الأعمال: خواتيمها ...

قال ابن رجب رحمه الله :

والآثار عن السلف في حبوط الأعمال بالكبيرة كثيرة جدا يطول استقصاؤها . حتى قال حذيفة قذف المحصنة يهدم عمل مائة سنة . ..

وعن عطاء قال : إن الرجل ليتكلم في غضبه بكلمة يهدم بها عمل ستين سنة أو سبعين سنة . وقال الإمام أحمد في رواية الفضل بن زياد ، عنه : ما يؤمن أحدكم أن ينظر النظرة فيحبط عمله .

وأما من زعم أن القول بإحباط الحسنات بالسيئات قول الخوارج والمعتزلة خاصة ، فقد أبطل فيما قال ولم يقف على أقوال السلف الصالح في ذلك . نعم المعتزلة والخوارج أبطلوا بالكبيرة الإيمان وخلدوا بها في النار .

وهذا هو القول الباطل الذي تفردوا به في ذلك . [

شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري (206-210) باختصار ] .

قال ابن القيم رحمه الله :

" ومحبطات الأعمال ومفسداتها أكثر من أن تحصر وليس الشأن في العمل إنما الشأن في حفظ العمل مما يفسده ويحبطه " [

الوابل الصيب (18) ] .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-23, 17:56   رقم المشاركة : 78
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حديث احرموا أنفسكم طيب الطعام حديث مكذوب

السؤال:

ما صحة هذا الحديث و ما معناه : عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( احرموا أنفسكم طيب الطعام ، فإنما قوي الشيطان أن يجري في العروق منها)؟

الجواب :


الحمد لله


هذا الحديث يروى عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (احْرِمُوا أَنْفُسَكُمْ طَيِّبَ الطَّعَامِ ؛ فَإِنَّمَا قُوَى الشَّيْطَانِ أَنْ يَجْرِيَ فِي الْعُرُوقِ بِهِ) .

يعني أنه : بسبب طيب الطعام تمكن الشيطان من عروق الإنسان والوسواس.

وهذا الحديث : يرويه أبو الحسن علي بن عمر القزويني، فيقول:

أنبأنا أبو جعفر عمر بن محمد الزيات، حدثنا عبد الله بن محمد بن ناجية، حدثنا أزهر بن جميل، حدثنا بَزِيع أبو الخليل الخصاف، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة به مرفوعا.

هكذا أخرجه القزويني (ت442هـ) في "الأمالي" (مخطوط في الظاهرية، مجموع 22/7-8)

وبحسب نقل الشيخ الألباني رحمه الله في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (رقم1879).

ومن طريق القزويني : أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات" (3/30) .

فهو حديث موضوع ، مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم .

والمتهم به هو : بزيع بن حسان، أبو الخليل الخصاف.

قال ابن أبي حاتم: "روى عن هشام بن عروة حديثا ، شبه الموضوع .

روى عنه عبد الرحمن بن المبارك ، سمعت أبي يقول ذلك. وهو يقول: ذاهب الحديث".

انتهى من "الجرح والتعديل" (2/421) .

وقال ابن حبان: "يأتي عن الثقات بأشياء موضوعة، كأنه المتعمد لها" .

انتهى من "المجروحين" (1/199) .

وقال ابن عدي – بعد أن ساق مجموعة من أحاديثه-: "وهذه الأحاديث عن هشام بن عروة بهذا الإسناد، مع أحاديث أخرى :

يروى ذلك كله بزيع ، أبو الخليل هذا، عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة ؛ مناكير كلها، لا يتابعه عليها أحد، وهو قليل الحديث"

انتهى من "الكامل في ضعفاء الرجال" (2/ 242) .

وقال الدارقطني: "متروك"

انتهى من "الضعفاء والمتروكون" (1/260) .

وقال أبو نعيم:

"روى عَن هِشَام بن عُرْوَة، وَمُحَمّد بن وَاسع، أَحَادِيث مَوْضُوعَة" .

انتهى من "الضعفاء" (ص66) .

وقال الذهبي:

"وهو متروك، اتهمه ابن حبان، وغيره، أتى بعجائب لا تحتمل" .

انتهى من "تاريخ الإسلام" (4/ 1079) .

ولذلك قال ابن الجوزي رحمه الله – في حكمه على هذا الحديث -:

"هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم" .

انتهى من "الموضوعات" (3/ 183)

"تلبيس إبليس" (ص: 184) .

وأورده السيوطي في "اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة" (2/209)

وابن عراق في "تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة" (2/240)

والفتني في "تذكرة الموضوعات" (ص151)

والشوكاني في "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" (ص183)

والألباني في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (رقم1879) وقال: موضوع.

وقد عقد الإمام ابن الجوزي رحمه الله فصلا في كتابه العظيم "تلبيس إبليس" (ص185- بعنوان "ذكر تلبيس إبليس على الصوفية في مطاعمهم ومشاربهم"

عالج فيه هذه الظاهرة التي نخرت في المجتمع الإسلامي، وفي بنية العقلية المتدينة، وربطت التدين والنسك والعبادة ببعض أعمال الرهبنة التي تمثل الإعراض عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، الذي كان يأكل ما تيسر له من الطعام، سواء كان من أطايبه أم دون ذلك.

ونحن نسوق هنا أهم ما أورده في هذا الفصل، لنبين خطر مثل هذه الأحاديث الموضوعة ، فإنها تؤدي إلى انحرافات سلوكية مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه .

قال ابن الجوزي رحمه الله:

"قد بالغ إبليس في تلبيسه على قدماء الصوفية ، فأمرهم بتقليل المطعم وخشونته، ومنعهم شرب الماء البارد، فلما بلغ إلى المتأخرين استراح من التعب واشتغل بالتعجب من كثرة أكلهم ورفاهية عيشهم.

فكان في القوم من يبقى الأيام لا يأكل إلى أن تضعف قوته، وفيهم من يتناول كل يوم الشيء اليسير الذي لا يقيم البدن...

وقد كان فيهم قوم لا يأكلون اللحم حتى قال بعضهم : أكل درهم من اللحم يقسي القلب أربعين صباحا.

وكان فيهم من يمتنع من الطيبات كلها، ويحتج بما أخبرنا به علي بن عبد الواحد الدينوري نا أبو الحسن القزويني نا أبو حفص بن الزيات ثنا ابن ماجه ثنا أزهر بن جميل ثنا بزيغ عن هشام عن أبيه عن عائشة

قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (احرموا أنفسكم طيب الطعام فإنما قوي الشيطان أن يجري في العروق بها) وفيهم من كان يمتنع من شرب الماء الصافي، وفيهم من يمتنع من شرب الماء البارد فيشرب الحار...

وقد حكى أبو حامد عن سهل أنه كان يرى أن صلاة الجائع الذي قد أضعفه الجوع قاعدا أفضل من صلاته قائما إذا قواه الأكل.

وهذا خطأ، بل إذا تقوى على القيام كان أكله عبادة؛ لأنه يعين على العبادة، وإذا تجوع إلى أن يصلي قاعدا ، فقد تسبب إلى ترك الفرائض، فلم يجز له، ولو كان التناول ميتة ، ما جاز هذا، فكيف وهو حلال.

ثم أي قربة في هذا الجوع المعطل أدوات العبادة!

وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يأكل القثاء بالرطب، وكان يحب الحلوى والعسل.
وأما كونهم لا يأكلون اللحم :

فهذا مذهب البراهمة الذين لا يرون ذبح الحيوان، والله عز وجل أعلم بمصالح الأبدان، فأباح اللحم لتقويتها، فأكل اللحم يقوي القوة، وتركه يضعفها، ويسيء الخلق، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم

يأكل اللحم، ويحب الذارع من الشاة، ودخل يوما فقدم إليه طعام من طعام البيت، فقال ألم أر لكم برمة تفور؟
كان الحسن البصري يشتري كل يوم لحما .

وعلى هذا : كان السلف ؛ إلا أن يكون فيهم فقير، فيبعد عهده باللحم لأجل الفقر.

وإنما تجتنب فضول الشهوات ، لئلا يكون سببا لكثرة الأكل ، وجلب النوم .

ولئلا تتعود ، فيقل الصبر عنها ، فيحتاج الإنسان إلى تضييع العمر في كسبها، وربما تناولها من غير وجهها، وهذا طريق السلف في ترك فضول الشهوات.

والحديث الذي احتجوا به (احرموا أنفسكم طيب الطعام) : حديث موضوع، عملته يدا بزيغ الراوي.

واعلم أن المذموم من الأكل إنما هو فرط الشبع، وأحسن الآداب في المطعم : أدب الشارع صلى الله عليه وسلم : (ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه، حسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا بد

فثلث طعام ، وثلث شراب ، وثلث لنفسه).

[بسنده] سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل قال له عقبة بن مكرم: هؤلاء الذين يأكلون قليلا ويقللون من مطعمهم؟
فقال: ما يعجبني. سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: فعل قوم هذا فقطعهم عن الفرض... "
.
انتهى باختصار من "تلبيس إبليس" (ص185-196) .

والخلاصة أن الحديث موضوع، ومعناه منكر، ومن يبني عليه منهجا في السلوك والعمل فقد رغب عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-23, 18:33   رقم المشاركة : 79
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لم يثبت حديث مرفوع في تحديد أول من تكلم بالعربية

السؤال:


انتشرت عدة أحاديث عن أصل العرب، واللغة العربية، في المنتديات، ومواقع التواصل الاجتماعي. البعض يقول إنها صحيحة. والبعض يكذبها، أو يكذب بعضها، أو يضعف. سؤالي: هل وردت هذه الأحاديث صحيحة.

وهل وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيغتها أم عن غيره.

وهي: 1. عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أول من فتق لسانه بالعربية المبينة إسماعيل، وهو ابن الأربعة عشر عاما) يقال: صححه الألباني.

2. عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سأل الرسول وقيل له: من أول من تكلم بالعربية. قال الرسول: أول من فتق لسانه بالعربية المبينة هو إسماعيل، وهو ابن الأربعة عشرة عاما. وقيل للرسول: وما كلام الناس قبل ذلك. قال الرسول: العبرانية) يقال: حديث صحيح من الألباني، ومتفق عليه

. 3. عن العباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أول من نطق بالعربية إسماعيل وهو ابن الأربعة عشرة عاما) يقال: صححه البخاري

. 4. عن عمر بن خطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أوصيكم بالأعراب خيرا؛ فإنهم أصل العرب، وجند الإسلام) يقال: صححه البخاري.

5. عن عبد الله بن العباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أول من نطق بالعربية ونسي لسان أبيه إسماعيل، وهو ابن الأربعة عشرة عاما

بعد أن ألهمه الله اللسان العربي المبين الهام) يقال: صححه الألباني، وأخرجه ابن ماجة.


الجواب :


الحمد لله


أولًا :

لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم تحديد أول من تكلم بالعربية، ولم ترد بذلك الأسانيد التي تقوم لها قائمة، وما روي في هذا الباب مدخول معلول بما يقدح في أصله وأساسه، وهو الحديث الذي يروى بلفظ: (أول من تكلم بالعربية، ونسي لسان أبيه، إسماعيل بن إبراهيم صلوات الله عليهما)

ويروى أيضا بلفظ: (أوَّلُ مَنْ فُتِقَ لِسانُهُ بالعَرَبِيَّةِ المُبَيِّنةِ إسْماعِيلُ، وهُوَ ابنُ أرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً)

يروى هذا الحديث من طريق (محمد بن سلام الجمحي، وأبو عبيدة معمر بن المثنى)، عن مسمع بن عبد الملك، عن محمد بن علي بن الحسين، عن آبائه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

رواه محمد بن سلّام الجمحي (ت232هـ)

في "طبقات فحول الشعراء" (1/ 9)

قال: أخبرني مسمع بن عبد الملك، أنه سمع محمد بن علي يقول ... قال أبو عبد الله بن سلام - لا أدري أرفعه أم لا، وأظنه قد رفعه -.

ورواه سعيد بن يحيى الأموي في كتابه "المغازي" قال: حدثني علي بن المغيرة [هو الأثرم]، حدثنا أبو عبيدة [هو معمر بن المثنى]، حدثنا مسمع بن مالك [هكذا، ولم يقل مسمع بن عبد الملك]

عن محمد بن علي بن الحسين، عن آبائه، عن النبي صلى الله عليه وسلم. فقال له يونس: صدقت يا أبا سيار هكذا أبو جري حدثني. نقلناه عن كتاب "البداية والنهاية" (1/221) للحافظ ابن كثير.

ورواه الشيرازي في "الألقاب" قال: أخبرنا أحمد بن سعيد الميداني، أنبأنا محمد بن أحمد بن إسحاق الماسي، ثنا محمد بن جابر، ثنا أبو يوسف يعقوب بن السكيت، قال حدثني الأثرم

عن أبي عبيدة، حدثنا مسمع بن عبد الملك، عن محمد بن على بن الحسين، عن آبائه، عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم. نقلناه عن "المزهر" للسيوطي (1/31) حيث لم يطبع كتاب الشيرازي بعد.

وهذا إسناد لا تثبت بمثله الأحاديث، ولا تحل به الرواية، بسبب ما اجتمع فيه من جهالة الحال ، وجهالة العين، والإبهام، وبيان ذلك:

مسمع بن عبد الملك مجهول، ليس له ترجمة في كتب الرجال والحديث، وغاية ما وجدناه ترجمة لمسمع بن مالك، وليس ابن عبد الملك، وذلك في "تاريخ دمشق" (58/155-158)

ونحن نستبعد أن يكون هو المقصود؛ لأدلة عديدة، ومع ذلك فليس له في هذه الترجمة توثيق في الحديث من أحد، بل فيها نقل عن ميمون أبي السمط، مولى مسمع بن مالك

أنه قال: كان مسمع بن مالك مع الحجاج في جميع مشاهده لا يفارقه، يوم رستق آباذ، ويوم ابن الأشعث، ويوم الزاوية، ويوم دير الجماجم. وهذه مذمة قادحة في عدالته .

ولم يبين في السند من هم آباء محمد بن علي بن الحسين، إن كان يبلغ بهم السماع من النبي صلى الله عليه وسلم، أم في الحديث إرسال.

وتردد محمد بن سلام الجمحي في رفع الخبر ووقفه، وهو أعلى من وقفنا عليه من المصنفين في رواية هذا الخبر، ومع ذلك وقع في الشك والتردد. وقد قال فيه أبو خيثمة رحمه الله: "لا يكتب عن محمد بن سلام الحديث، رجل يرمى بالقدر، إنما يكتب عنه الشعر، فأما الحديث فلا"

انتهى من "تاريخ بغداد" (3/276)

وكذلك أبو عبيدة، معمر بن المثنى، لا يبلغ به التوثيق في الأحاديث المرفوعة أن يقبل منه هذا التفرد الغريب، بل قال فيه الإمام الذهبي رحمه الله: "

كان هذا المرء من بحور العلم، ومع ذلك فلم يكن بالماهر بكتاب الله، ولا العارف بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا البصير بالفقه واختلاف أئمة الاجتهاد"

انتهى من "سير أعلام النبلاء" (9/447)

وأما قول الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" (6/ 403):

"وروى الزبير بن بكار في النسب من حديث علي بإسناد حسن قال: أول من فتق الله لسانه بالعربية المبينة إسماعيل" انتهى.

فلم نقف عليه في كتب الزبير بن بكار المطبوعة ، ولم يتبين لنا إن كان يقصد الحديث مرفوعا أو موقوفا من كلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه. والغالب أنه يريد الموقوف؛

فقد سبق هذا الكلام قوله: "وقد وقع ذلك من حديث ابن عباس عند الحاكم في المستدرك بلفظ: أول من نطق بالعربية إسماعيل"

. وحديث ابن عباس مروي في "المستدرك" (2/602)

موقوفا من كلامه، وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم. ومع ذلك لم يصح أيضا عن ابن عباس.

قال الحاكم رحمه الله:

أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب، ثنا أبو يحيى بن أبي مسرة، ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، حدثني عبد العزيز بن عمران، حدثني إسماعيل بن إبراهيم بن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن عكرمة

عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: أول من نطق بالعربية ووضع الكتاب على لفظه ومنطقه، ثم جعل كتابا واحدا مثل بسم الله الرحمن الرحيم الموصول حتى فرق بينه ولده : إسماعيل بن إبراهيم صلوات الله عليهما.

هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

علق عليه الإمام الذهبي بقوله: عبد العزيز بن عمران واه.

يريد الإمام الذهبي تضعيف حديثه جدا، فقد اتفقت كلمة النقاد على ترك حديثه ونكارته

فقال البخاري: منكر الحديث،

ا يكتب حديثه. وقال النسائي: متروك الحديث.

وقال ابن حبان: يروي المناكير عن المشاهير.

وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث

منكر الحديث جدا.

ينظر "تهذيب التهذيب" (6/351) .

والخلاصة :

أن هذا الخبر ضعيف ، لا تصح نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم. ويبقى النظر في تاريخ اللغة العربية ونشأتها وأصلها مبحثا مهما يرجع فيه إلى مطولات اللغة وتاريخ الألسن.

ثانيا :

ثبت أن قبيلة جرهم كانت تتكلم العربية قبل إسماعيل عليه السلام ، بل منهم تعلم إسماعيل عليه السلام العربية .
روى البخاري (3364) عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم

في قصة إسماعيل وهاجر عليهما السلام - قال: ( ... فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُحِبُّ الإِنْسَ، فَنَزَلُوا - بعنب جرهم - وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ فَنَزَلُوا مَعَهُمْ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ، وَشَبَّ الغُلاَمُ وَتَعَلَّمَ العَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ )

فإن صح الأثر أن إسماعيل عليه السلام أول من نطق بالعربية ، فالواجب حمله على معنى لا يتعارض مع ذلك .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" رَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي النَّسَبِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ قَالَ: " أَوَّلُ مَنْ فَتَقَ اللَّهُ لِسَانَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ الْمُبِينَةِ إِسْمَاعِيلُ " .
وَأَوَّلِيَّتُهُ فِي ذَلِكَ بِحَسَبِ الزِّيَادَةِ فِي الْبَيَانِ ؛ لَا الْأَوَّلِيَّةُ الْمُطْلَقَةُ، فَيَكُونُ بَعْدَ تَعَلُّمِهِ أَصْلَ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ جُرْهُمٍ ، أَلْهَمَهُ اللَّهُ الْعَرَبِيَّةَ الْفَصِيحَةَ الْمُبِينَةَ فَنَطَقَ بِهَا " انتهى .

فتح الباري (6/ 403)

وقال العيني رحمه الله :

" الْمَعْنى: أول من تكلم بِالْعَرَبِيَّةِ من أَوْلَاد إِبْرَاهِيم إِسْمَاعِيل، عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام، لِأَن إِبْرَاهِيم وَأَهله كلهم لم يَكُونُوا يَتَكَلَّمُونَ بِالْعَرَبِيَّةِ، فالأولية أَمر نسبي، فبالنسبة إِلَيْهِم : هُوَ أول من تكلم بِالْعَرَبِيَّةِ ، لَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى جرهم " انتهى .

عمدة القاري (15/ 258) .

ثالثا :

أما حديث : " أوصيكم بالأعراب خيرا؛ فإنهم أصل العرب وجند الاسلام " : فليس بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا رواه البخاري مرفوعا

إنما رواه البخاري في صحيحه (3700) عن عمر رضي الله عنه قال : " أُوصِي الخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي، بِالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ ... وَأُوصِيهِ بِالأَعْرَابِ خَيْرًا، فَإِنَّهُمْ أَصْلُ العَرَبِ، وَمَادَّةُ الإِسْلاَمِ " .

فهذا حديث موقوف على عمر رضي الله عنه من قوله ، ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم .

والواجب على المسلم ألا يروي حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بعد التأكد من صحته

بتصحيح أهل العلم بالحديث له ، وأن يحذر كل الحذر من هذه الأحاديث التي تذكر في المنتديات ومواقع التواصل

فإن كثيرا منها باطل

لا يجوز لأحد أن ينسب شيئا منها للنبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن ذلك من الكذب عليه

وهو من الكبائر .

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-23, 18:40   رقم المشاركة : 80
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قصة إسلام زيد بن سعنة هل هي صحيحة ؟

السؤال:

بينما كان الرسول عليه الصلاة والسلام جالسا بيت أصحابه ، إذ برجل من أحبار اليهود يسمى زيد بن سعنة ـ وهو من علماء اليهود ـ دخل على الرسول عليه الصلاة والسلام ، واخترق صفوف أصحابه حتى أتى النبي عليه الصلاة والسلام ، وجذبه من مجامع ثوبه ، وشده شدا عنيفا. وقال له بغلظة : أوفِ ما عليك من الدين يا محمد ، إنكم يا بني هاشم قوم مطل

أي: تماطلون في أداء الديون

. وكان الرسول عليه الصلاة والسلام قد استدان من هذا اليهودي بعض الدراهم ، ولكن لم يحن موعد أداء الدين بعد ، فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وهز سيفه ، وقال: ائذن لي بضرب عنقه يا رسول الله ، فقال الرسول عليه الصلاة والسلام لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: (مره بحسن الطلب ، ومرني بحسن الأداء)

فقال اليهودي: والذي بعثك بالحق يا محمد ما جئت لأطلب منك دينا إنما جئت لأختبر أخلاقك ، فأنا أعلم أن موعد الدين لم يحن بعد ، ولكني قرأت جميع أوصافك في التوراة فرأيتها كلها متحققة فيك إلا صفة واحدة لم أجربها معك ،

وهي أنك حليم عند الغضب ، وأن شدة الجهالة لا تزيدك إلا حلما ، ولقد رأيتها اليوم فيك ، فأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وأما الدين الذي عندك فقد جعلته صدقة على فقراء المسلمين ، وقد حسن إسلام هذا اليهودي ، واستشهد في غزوة تبوك. فما صحة هذه القصة ؟


الجواب :

الحمد لله

هذه القصة المذكورة ، هي جزء من حديث طويل ، حول قصة إسلام زَيْدِ بْنِ سَعْنَة .

وقد رواه ابن حبان في صحيحه (1 / 521)

والطبراني في " المعجم الكبير " (5 / 222)

والحاكم في " المستدرك " (3 / 604)

وغيرهم بأسانيدهم ، عن محمد بن المتوكل وهو ابن أبي السري

قال : حدثنا الوليد بن مسلم قال : حدثنا محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام ، عن أبيه ، عن جده قال: قال عبد الله بن سَلام : ... ( وذكر القصة ) .

وهذا إسناد ضعيف :

محمد بن المتوكل وهو ابن أبي السري : هذا الراوي قال عنه أهل العلم : إنه مع صدقه عنده أوهام كثيرة .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :

" محمد ابن المتوكل ابن عبد الرحمن الهاشمي ، مولاهم ، العسقلاني ، المعروف بابن أبي السَّرِي ، صدوق عارف له أوهام كثيرة "

انتهى من " تقريب التهذيب " (ص 504) .

لكن وهمه في هذه الراوية مستبعد لأن هناك من الرواة من وافقه في روايته هذه عن الوليد بن مسلم .

فقد رواه أيضا عبد الوهاب بن نجدة الحوطي عن الوليد بن مسلم

كما أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (5 / 222) وغيره .

وعبد الوهاب بن نجدة الحوطي ثقة في روايته .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :

" عبد الوهاب ابن نَجْدة الحَوْطي أبو محمد ثقة "

انتهى من " تقريب التهذيب " (ص 368) .

- الوليد بن مسلم : وهذا الراوي مع الثقة بحديثه إلا أنه كان مدلّسا .

وحديث المدلس لا يقبل حتى يصرّح بالسماع من شيخه ؛ كأن يقول حدثنا أو أخبرنا أو سمعته يقول ونحو هذا من الألفاظ التي تدل على سماعه من شيخه .

قال الذهبي رحمه الله تعالى :

" الوليد بن مسلم الحافظ أبو العباس ، عالم أهل الشام ، قال ابن المديني : ما رأيت من الشاميين مثله ... قلت : كان مدلسا فيتقى من حديثه ما قال فيه ( عن )

" انتهى من " الكاشف " (2 / 355) .

وهو في روايته هذه قال " حدثنا محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن أبيه " فتقبل روايته ،

كما ثبت من رواية الثقة عبد الوهاب ابن نجدة الحوطي عند ابن أبي عاصم في " الآحاد والمثاني " (4 / 110) .

لكن الوليد بن مسلم ليس مشهورا بالتدليس فقط ، وإنما أيضا بتدليس التسوية .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :

" الوليد بن مسلم القرشي مولاهم ، أبو العباس الدمشقي ، ثقة لكنه كثير التدليس والتسوية "

انتهى من " تقريب التهذيب " (ص 584) .

وتدليس التسوية هو أن يسقط الراوي شيخ شيخه من الإسناد إذا كان راويا ضعيفا .

قال ابن رجب رحمه الله تعالى :

" وأما من روى عن ضعيف فأسقطه من الإسناد بالكلية فهو نوع تدليس .

ومنه ما يسمى التسوية ، وهو أن يروي عن شيخ له ثقة ، عن رجل ضعيف ، عن ثقة ، فيسقط الضعيف من الوسط .
وكان الوليد بن مسلم ، وسنيد بن داود وغيرهما يفعلون ذلك "

انتهى من" شرح علل الترمذي " (2 / 825) .

والمدلس تدليس التسوية لا تقبل روايته حتى يكون هناك تصريح بسماع شيخه من شيخ شيخه ولا يكفي تصريحه بالسماع من شيخه فقط .

قال ابن الملقّن رحمه الله تعالى :

" الوليد لا ينفعه تصريحه بالتحديث ، فإنه اشتهر بتدليس التسوية ، وهو أن لا يدلس شيخ نفسه ولكن شيخ شيخه "

انتهى من " المقنع " (1 / 218) .

والوليد بن مسلم في حديثه هذا لم يصرح بالتحديث بين شيخه محمد بن حمزة بن يوسف وشيخ شيخه حمزة بن يوسف .
لكن أهل العلم في نقدهم لهذا الحديث لم يتطرقوا لهذا ، ولعل سبب ذلك أن الغالب أن الابن يسمع من أبيه مباشرة ؛ ومن النادر أن يروي الابن عن أبيه بواسطة شخص آخر ، والنادر لا حكم له .

- محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام : هذا الراوي صدوق في روايته .

قال الذهبي رحمه الله تعالى :

" محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام ، قال أبو حاتم : لا بأس به "

انتهى من " الكاشف " (2 / 166) .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :

" محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام ، صدوق "

انتهى من " تقريب التهذيب " (ص 475) .

- حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام : مجهول الحال .

قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى بعد أن ذكر هذا الحديث وقال عنه : منكر قال :

" وعلته حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام ، فإنه ليس بالمعروف ، ولذلك بيّض له الذهبي في " الكاشف "

وقال الحافظ :

" مقبول ". يعني عند المتابعة ، وإلا فليّن الحديث كما نص عليه في مقدمة " التقريب " .

وكأنه لجهالته لم يورده البخاري في " التاريخ " ولا ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل "

انتهى من " سلسلة الأحاديث الضعيفة " (3 / 516) .

ومعنى : "بيض له ... " أنه ذكره في كتابه "الكاشف في معرفة من له رواية من الكتب الستة (2/320) رقم (1244) ولم يذكر فيه توثيقا ولا تضعيفا .

وقال الذهبي رحمه الله تعالى :

" وخبر إسلام - زيد بن سعنة - رواه الوليد بن مسلم ، عن محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام ، عن أبيه ، عن جده عبد الله ، قال: لما أراد الله هدى زيد بن سعنة

قال : ما من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفتها في وجه محمد حين نظرت إليه ، إلا شيئين لم أخبرهما منه: يسبق حلمه جهله ، ولا يزيده شدة الجهل إلا حلما .

وذكر الحديث بطوله . وهو في الطوالات للطبراني ، وآخره : فقال زيد: أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله . وآمن به وبايعه ، وشهد معه مشاهد ، وتوفي في غزوة تبوك مقبلا غير مدبر .

والحديث غريب ، من الأفراد "

انتهى من " سير اعلام النبلاء " (1 / 444) .

وقال في تعقبه للحاكم في المستدرك لما قال :

" هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه وهو من غرر الحديث " .

فقال الذهبي :

" ما أنكره وأركّه ، لا سيما قوله ( مقبلا غير مدبر ) فإنه لم يكن في غزوة تبوك قتال "

انتهى من" مستدرك الحاكم " (3 / 605) .

فالحاصل ؛ أن هذا الحديث ضعيف لأن مداره على حمزة بن يوسف

وهو مجهول الحال ، ولم يتابع عليه . مع ما في متنه من النكارة .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-23, 18:49   رقم المشاركة : 81
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

حول صحة بعض ما ورد في عقوبة من زنى بامرأة متزوجة

السؤال :

ما حكم ما ورد في المقال التالي المنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي. الزنا بامرأة متزوجة أرجو قراءتها كامله : ( يالله رحمتك ورد في كتاب الكبائر : أن من زنى بامرأة كانت متزوجة كان عليها وعليه في القبر نصف عذاب هذه الأمة فإذا كان يوم القيام

يحكم الله سبحانه وتعالى زوجها في حسناته هذا إن كان بغير علمه فإن علم وسكت حرم الله تعالى عليه الجنة ؛ لأن الله تعالى كتب على باب الجنة “أنت حرام على الديوث”

وهو الذي يعلم بالفاحشة في أهله ويسكت ولا يغار . وورد أيضاً أن - من وضع يده على امرأة لا تحل له بشهوة، جاء يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه - وإن قبلها قرضت شفتاه في النار

وإن زنى بها نطقت فخذه وشهدت عليه يوم القيامة وقالت: أنا للحرام ركبت ! فينظر الله تعالى إليه بعين الغضب، فيقع لحم وجهه فيكابر ويقول: ما فعلت .. فيشهد عليه لسانه

فيقول: أنا بما لا يحل نطقت وتقول يداه: أنا للحرام تناولت وتقول عيناه: أنا للحرام نظرت وتقول رجلاه: أنا للحرام مشيت ويقول فرجه: أنا فعلت ويقول الحافظ من الملائكة: وأنا سمعت

ويقول الآخر: وأنا كتبت ويقول الله تعالى: وأنا اطلعت وسترت ثم يقول الله سبحانه وتعالى: يا ملائكتي خذوه ومن عذابي أذيقوه فقد اشتد غضبي على من قل حياؤه مني.


الجواب :


الحمد لله


هذا الذي أورده السائل ليس بحديث

بل كلام مركب مؤلف يشبه كلام الوعاظ والقصاص

وقد جاء ذكره في كتاب "الزواجر عن اقتراف الكبائر" للهيتمي (3/73)

وورد كذلك في طبعة مشهورة متداولة غير صحيحة لكتاب "الكبائر" للذهبي (ص50) ، والطبعة المحققة لكتاب الكبائر للذهبي ليس فيها ذكر ما جاء في السؤال .

وعلى كل فهذا الكلام احتوى على عدة مقاطع ، منها ما له شواهد ومنها ما لا أصل له ، وإليك بيان ذلك :

الجملة الأولى : وهي قوله : " من زنى بامرأة كانت متزوجة كان عليها وعليه في القبر نصف عذاب هذه الأمة فإذا كان يوم القيامة ".

وهذا لا أصل له بهذا اللفظ

وإنما ذكره السيوطي في "الحاوي في الفتاوى" (2/44) بلفظ :

" عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « أَيُّمَا امْرَأَةٍ خَانَتْ زَوْجَهَا فِي الْفِرَاشِ فَعَلَيْهَا نِصْفُ عَذَابِ هَذِهِ الْأُمَّةِ » ..

ولم يذكر له إسنادا ولم يعزه لأحد ، وذكره عبد الملك بن حبيب في "أدب النساء" (ص289)

بلا إسناد أيضا وزاد فيه :" وكتب عليها من الوزر مثل رمل عالجٍ " .

وهناك حديث قريب منه في المعنى

وهو ما أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (13991

) من طريق ابن جريج عن شريك بن أبي نمر عن الحكم بن ثوبان أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « الَّذِي يُوَرِّثُ الْمَالَ غَيْرَ أَهْلِهِ عَلَيْهَا نِصْفُ عَذَابِ الْأُمَّةِ ».

والحديث ضعيف ومرسل

وضعفه الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (7077) .

ومعنى الحديث كما قال المناوي في "فيض القدير" (2/381)

:" يعني المرأة إذا زنت، وأتت بولد ونسبته إلى حليلها ، ليلحق به ويثبت بينهما التوارث وغيره من الأحكام : عليها عذاب عظيم ".

وقد وردت عدة أحاديث صحيحة في التشديد والوعيد فيمن زنت فأدخلت على قوم ولدا ليس منهم

. منها ما أخرجه أبو داود في سننه (2263)

والنسائي في سننه (3481)

من حديث أبي هريرة: أنه سَمِعَ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول حين نزلت آيةُ المُلاعنة: " أيما امرأة أدخلَتْ على قوم مَنْ ليس منهم ، فليستْ مِن الله في شيء ، ولن يُدْخلَها اللهُ جنتَه ".

والحديث صححه الدارقطني في "العلل" (10/375)

وابن الملقن في "البدر المنير" (8/184) .

ومن المعلوم من دين الإسلام بالضرورة : أن الزنا من كبائر الذنوب ، وأفحش القاذورات ؛ ثم إنه يعظم إثمه وشناعته : إن كان بامرأة متزوجة ، ويزداد قبحا وشناعة ، فوق ذلك : إن كان بزوجة الجار

. وقد أخرج البخاري في صحيحه (4477)

ومسلم في صحيحه (86)

من حديث عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: « أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ ». قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: « وَأَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ ». قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: « أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ ».

وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم توعد من أفسد امرأة على زوجها بالبراءة منه ، وغلظ عليه ، لما في فعله من القبح والشناعة ؛ فقال في الحديث الذي أخرجه أحمد في المسند (9157)

وأبو داود في سننه (2175) عن أبي هُريرة ، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: " ليس مِنَّا مَنْ خبَّب امرأةً على زوجها ".

وصححه الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" (1890) .

فكيف بمن انتهك عرض مسلم فأفسد فراشه وحياته ؟!

قال ابن القيم في "الداء والدواء" (1/262)

:" وأعظم أنواع الزنى: أن يزني بحليلة جاره، فإنّ مفسدة الزنى تتضاعف بتضاعف ما انتهكه من الحقّ ، فالزنى بالمرأة التي لها زوج أعظمُ إثمًا وعقوبة من التي لا زوج لها

إذ فيه انتهاكُ حرمة الزوج ، وإفسادُ فراشه ، وتعليقُ نسبٍ عليه لم يكن منه ، وغير ذلك من أنواع أذاه ، فهو أعظم إثمًا وجرمًا من الزنى بغير ذات البعل ". انتهى

الجملة الثانية : وهي قوله :" فإذا كان يوم القيامة يحكم الله سبحانه وتعالى زوجها في حسناته ".

وهذه العقوبة وردت بإسناد صحيح ،

ولكن فيمن زنى بامرأة أحد من المجاهدين أو أحد من أهله

والحديث أخرجه مسلم في صحيحه (1897)

والنسائي في سننه (3190) عَنْ بُرَيْدَةَ الأسلمي ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « حُرْمَةُ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ كَحُرْمَةِ أُمَّهَاتِهِمْ ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْقَاعِدِينَ، يَخْلُفُ رَجُلًا مِنَ الْمُجَاهِدِينَ فِي أَهْلِهِ فَيَخُونُهُ فِيهِمْ ، إِلَّا وُقِفَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيَأْخُذُ مِنْ عَمَلِهِ مَا شَاءَ، فَمَا ظَنُّكُمْ؟» .

وفي لفظ النسائي (3191) : (حُرْمَةُ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ فِي الْحُرْمَةِ كَأُمَّهَاتِهِمْ وَمَا مِنْ رَجُلٍ مِنْ الْقَاعِدِينَ يَخْلُفُ رَجُلًا مِنْ الْمُجَاهِدِينَ فِي أَهْلِهِ إِلَّا نُصِبَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ يَا فُلَانُ هَذَا فُلَانٌ فَخُذْ مِنْ حَسَنَاتِهِ مَا شِئْتَ ثُمَّ الْتَفَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ مَا ظَنُّكُمْ تُرَوْنَ يَدَعُ لَهُ مِنْ حَسَنَاتِهِ شَيْئًا ) .

وهذه العقوبة الخاصة ، إنما وردت في هذا الحديث ، في نوع خاص من الزنا ، فلا تعمم إلا بدليل .

قال الرحيباني في "مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى" (6/173)

:" الزِّنَا يَتَفَاوَتُ إثْمُهُ وَيَعْظُمُ جُرْمُهُ بِحَسَبِ مَوَارِدِهِ .. فَإِنْ كَانَ الْجَارُ غَائِبًا فِي طَاعَةِ اللَّهِ ، كَالْعِبَادَةِ وَطَلَبِ الْعِلْمِ وَالْجِهَادِ : تَضَاعَفَ الْإِثْمُ ، حَتَّى إنَّ الزَّانِيَ بِامْرَأَةِ الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوقَفُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَيُقَالُ: خُذْ عَلَى حَسَنَاتِهِ مَا شِئْتَ...

قَدْ حَكَمَ فِي أَنَّهُ يَأْخُذُ مَا شَاءَ عَلَى شِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى حَسَنَةٍ وَاحِدَةٍ، حَيْثُ لَا يَتْرُكُ الْأَبُ لِابْنِهِ ، وَلَا الصِّدِّيقُ لِصِدِّيقِهِ حَقًّا يَجِبُ لَهُ عَلَيْهِ ". انتهى

الجملة الثالثة : وهي قوله :" لأن الله تعالى كتب على باب الجنة " أنت حرام على الديوث ".

فهذا ليس له أصل بهذا اللفظ ، إلا أن عقوبة الديوث بعدم دخوله الجنة ثابتة من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" ثَلَاثٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ، وَلَا يَنْظُرُ اللهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْعَاقُّ بِوَالِدَيْهِ ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ - الْمُتَشَبِّهَةُ بِالرِّجَالِ - ، وَالدَّيُّوثُ ".

زاد في رواية:" وَالدَّيُّوثُ الَّذِي يُقِرُّ فِي أَهْلِهِ الْخَبَثَ ".

أخرجه أحمد في المسند (6180)

والنسائي في سننه (2562)

وحسنه ابن كثير في "مسند الفاروق" (2/185)

وجود إسناده الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (674) .

الجملة الرابعة : وهي قوله :" من وضع يده على امرأة لا تحل له بشهوة ، جاء يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه ، وإن قبلها قرضت شفتاه في النار ".

وهذا ليس له أصل أيضا .

وإن كان حرمة مس المرأة قد ورد فيه عدة أحاديث

أصرحها ما رواه الطبراني في المعجم الكبير (20/211)

والروياني في مسنده (1283) من حديث مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ رضي الله عنه قال :

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « لَأَنْ يُطْعَنَ فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لَا تَحِلُّ لَهُ ». انتهى

والحديث صحح إسناده ابن حجر الهيتمي في "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (2/4)

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (4/326) :

" ورجاله رجال الصحيح"

وجود إسناده الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (226) .

الجملة الخامسة : وهي قوله :" وإن زنى بها نطقت فخذه وشهدت عليه يوم القيامة وقالت: أنا للحرام ركبت .. إلى آخر الكلام الوارد في السؤال ".

وهذا أيضا بهذا السياق لا أصل له، ولم يروه أحد، لكنه من كلام القصاص، والحكايا التي تنتشر!!

مع أن شهادة الأعضاء على الإنسان يوم القيامة بما عمل : أمر ثابت بالقرآن والسنة الصحيحة

فقد قال الله تعالى : ( وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ * وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ * فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ ) .فصلت/19-24 .

وثبت في "صحيح مسلم" (2968)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟

قَالَ: « هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ فِي الظَّهِيرَةِ ، لَيْسَتْ فِي سَحَابَةٍ؟» قَالُوا: لَا، قَالَ: « فَهَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، لَيْسَ فِي سَحَابَةٍ؟» قَالُوا: لَا، قَالَ: " فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ ، إِلَّا كَمَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا .

قَالَ: فَيَلْقَى الْعَبْدَ ، فَيَقُولُ: أَيْ فُلْ أَلَمْ أُكْرِمْكَ ، وَأُسَوِّدْكَ ، وَأُزَوِّجْكَ ، وَأُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالْإِبِلَ ، وَأَذَرْكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ ؟ فَيَقُولُ: بَلَى ، قَالَ: فَيَقُولُ: أَفَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلَاقِيَّ؟ فَيَقُولُ: لَا ، فَيَقُولُ: فَإِنِّي أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي .

ثُمَّ يَلْقَى الثَّانِيَ فَيَقُولُ: أَيْ فُلْ أَلَمْ أُكْرِمْكَ ، وَأُسَوِّدْكَ ، وَأُزَوِّجْكَ ، وَأُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالْإِبِلَ ، وَأَذَرْكَ تَرْأَسُ ، وَتَرْبَعُ ، فَيَقُولُ: بَلَى، أَيْ رَبِّ فَيَقُولُ: أَفَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلَاقِيَّ؟ فَيَقُولُ: لَا ، فَيَقُولُ: فَإِنِّي أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي .

ثُمَّ يَلْقَى الثَّالِثَ ، فَيَقُولُ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ آمَنْتُ بِكَ ، وَبِكِتَابِكَ ، وَبِرُسُلِكَ ، وَصَلَّيْتُ ، وَصُمْتُ ، وَتَصَدَّقْتُ

وَيُثْنِي بِخَيْرٍ مَا اسْتَطَاعَ ، فَيَقُولُ: هَاهُنَا إِذًا ، قَالَ: ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: الْآنَ نَبْعَثُ شَاهِدَنَا عَلَيْكَ ، وَيَتَفَكَّرُ فِي نَفْسِهِ: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْهَدُ عَلَيَّ؟ فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ ، وَيُقَالُ لِفَخِذِهِ وَلَحْمِهِ وَعِظَامِهِ: انْطِقِي ، فَتَنْطِقُ فَخِذُهُ وَلَحْمُهُ وَعِظَامُهُ بِعَمَلِهِ ، وَذَلِكَ لِيُعْذِرَ مِنْ نَفْسِهِ ، وَذَلِكَ الْمُنَافِقُ وَذَلِكَ الَّذِي يَسْخَطُ اللهُ عَلَيْهِ ".

وختاما

: فننصح إخواننا بالتثبت قبل نسبة شيء للنبي صلى الله عليه وسلم

ولله الحمد لسنا بحاجة إلى ما لم يثبت وما ليس له أصل

ففي كلام ربنا سبحانه وفيما ثبت من حديث نبينا صلى الله عليه وسلم كفاية وغنى

والحمد لله رب العالمين .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-29, 04:55   رقم المشاركة : 82
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




الأحاديث الواردة في زواج النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة من مريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم ، وكلثوم أخت موسى عليه السلام

السؤال :

نسمع في بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سيتزوج في الحياة الآخرة السيدة مريم أم عيسى عليه السلام ، وآسية زوجة فرعون ، وكلثوم أخت النبي موسى عليه السلام

. ما هو الثابت من هذا في الأحاديث ، وما هو غير الثابت ؟


الجواب :

الحمد لله

جاء في بعض الأحاديث المروية ما يدل على أن النبي محمدا صلى الله عليه وسلم سيتزوج في الجنة كلا من السيدة مريم البتول أم عيسى عليه السلام ، وآسية بنت مزاحم زوجة فرعون ، وكلثوم أخت موسى عليه السلام .

ونحن نورد هنا ما ورد من ذلك ، مع مناقشتها من حيث القبول أو الرد :

الدليل الأول :

ما جاء في تفسير قوله تعالى : ( عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا ) التحريم/5

فقد روي عن بريدة رضي الله عنه في تفسير هذه الآية قوله :

( وعد الله نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية أن يزوجه

فالثيب : آسية امرأة فرعون

وبالأبكار : مريم بنت عمران )

رواه الطبراني في "المعجم الكبير"

– نقلا عن تفسير ابن كثير (8/166)

وإلا فلم أقف عليه في المطبوع بين أيدينا من المعجم الكبير -

قال : حدثنا أبو بكر بن صدقة ، حدثنا محمد بن محمد بن مرزوق ، حدثنا عبد الله بن أمية ، حدثنا عبد القدوس ، عن صالح بن حَيَّان ، عن ابن بُرَيدة ، عن أبيه به .

وهذا إسناد ضعيف .

صالح بن حيان : جاء في ترجمته في "تهذيب التهذيب" (4/386)

قول ابن معين فيه : ليس بذاك

وقال أبو حاتم: ليس بالقوي ، شيخ

وقال النسائي : ليس بثقة .

وقال ابن حبان : يروى عن الثقات أشياء لا تشبه حديث الأثبات ، لا يعجبنى الاحتجاج به إذا انفرد .

كما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال :

( دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم بمارية القبطية سريته ببيت حفصة بنت عمر ، فوجدتها معه...- فذكر حديثا طويلا ، جاء في آخره - :

فوعده من الثيبات آسية بنت مزاحم امرأة فرعون وأخت نوح ، ومن الأبكار مريم بنت عمران ، وأخت موسى عليهم السلام )

رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (3/13) قال :

حدثنا إبراهيم ، قال حدثنا هشام بن إبراهيم أبو الوليد المخزومي إمام مسجد صنعاء ، قال أخبرنا موسى بن جعفر بن أبي كثير مولى الأنصار ، عن عمه ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة به .

ثم قال : " لا يروى هذا الحديث عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد ، تفرد به هشام بن إبراهيم " انتهى .

وهذا إسناد منكر .

موسى بن جعفر جاء في ترجمته في "لسان الميزان" (6/113)

قول الذهبي : " لا يعرف وخبره ساقط " انتهى.

ثم قال الحافظ ابن حجر

: " ولفظ العقيلي لما ذكره : مجهول بالنقل ، لا يتابع على حديثه ، ولا يصح.

وأظن أن الذهبي حكم عليه بالبطلان لِما في آخره من الخطأ ، وأما قصة مارية فلها طرق كثيرة تشعر بأن لها أصلا "

انتهى. وضعفه السيوطي في "الدر المنثور" (8/216)









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-29, 04:55   رقم المشاركة : 83
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الدليل الثاني :

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :

( جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بموت خديجة فقال : إن الله يقرئها السلام ، ويبشرها ببيت في الجنة من قَصَب ، بعيد من اللهب ، لا نَصَب فيه ولا صَخَب ، من لؤلؤة جوفاء ، بين بيت مريم بنت عمران ، وبيت آسية بنت مزاحم )
رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (70/117)

قال : أخبرنا أبو المظفر بن القشيري وأبو القاسم زاهر بن طاهر ، قالا أنا محمد بن عبد الرحمن ، أنا أبو سعيد محمد بن بشر بن العباس التميمي ، أنا أبو الوليد محمد بن إدريس الشامي السرخسي ، نا سويد بن سعيد ، نا محمد بن صالح بن عمر ، عن الضحاك ومجاهد، عن ابن عمر به .

وهذا إسناد منكر أيضا ، فيه عدة علل :

1- محمد بن صالح بن عمر، قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (3/581): مجهول.

2- سويد بن سعيد الحدثاني: ترجمته في "تهذيب التهذيب" (4/275)

وفيها تضعيف كثير من أهل العلم له، وأنه كان يقبل التلقين.

3- أبو سعيد محمد بن بشر بن العباس (378هـ) :

ترجم له الذهبي في "تاريخ الإسلام" (26/633)

وقال: شيخ صالح مسند.

الدليل الثالث :

عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على خديجة وهي في الموت فقال :

( يا خديجة ! إذا لقيت ضرائرك فأقرئيهن مني السلام . فقالت : يا رسول الله ، وهل تزوجت قبلي ؟ قال : لا ، ولكن الله زوجني مريم بنت عمران ، وآسية امرأة فرعون ، وكلثم أخت موسى )

رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (70/118)

قال : أخبرنا أبو غالب محمد بن عمرو بن محمد الشيرازي بأصبهان ، أنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الوهاب المقرئ ، نا القاضي أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد البردي إملاء

أنا أبو بكر هلال بن محمد بن محمد بالبصرة ، نا محمد ابن زكريا الغلابي ، نا العباس بن بكار ، نا أبو بكر الهذلي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس به .
وهذا إسناد منكر أيضا .

أبو بكر الهذلي : ترجمته في "تهذيب التهذيب" (12/46)

وفيها اتفاق المحدثين على تضعيفه جدا ، وأنه أخباري متروك الحديث .

وقال ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (8/166) :

ضعيف أيضا .

الدليل الرابع :

عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( أُعْلِمتُ أن الله زوجني في الجنة مريم بنت عمران ، وكلثم أخت موسى ، وآسية امرأة فرعون . فقلت : هنيئًا لك يا رسول الله )

رواه أبو يعلى – ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (70/118)

والطبراني في "المعجم الكبير" (8/258)

والعقيلي في "الضعفاء الكبير" (4/459)

وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" (4/113)

وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (رقم/1460)

وابن عدي في "الكامل" (7/180) جميعهم من طريق :

عبد النور بن عبد الله ، حدثنا يونس بن شعيب ، عن أبي أمامة به .

وهذا إسناد موضوع .

عبد النور كذاب

قال العقيلي : " كان غالياً في الرفض ، ويضع الحديث خبيثاً "

وقال الذهبي : " كذاب " انتهى.

ويونس بن شعيب : قال فيه البخاري : "منكر الحديث"

وقال العقيلي : "حديثه غير محفوظ"

وقال ابن حبان في "المجروحين" (3/139) :

"لست أعرف له من أبي أمامة سماعا ، على مناكير ما يرويه في قلتها ، كأنه كان المتعمد لذلك ، لا يجوز الاحتجاج به بحال"

. وانظر "لسان الميزان" (6/332)

قال الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (7053) :

" وهذا إسناد موضوع " انتهى.

الدليل الخامس :

عن عائشة رضي الله عنها قالت :

( دخل علي رسول الله مسرورا ، فقال : يا عائشة ! إن الله عز وجل زوجني مريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم في الجنة .

قالت : قلت : بالرفاء والبنين يا رسول الله )

رواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (2/683-684/604-

عجالة الراغب المتمني) والديلمي في "مسند الفردوس" (8620) ، قال ابن السني :

أخبرنا أحمد بن إبراهيم المديني بعمان ، حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا حفص بن غياث ، عن الأعمش ، عن أبي إسحاق ، عن عبد خير ، عن مسروق ، عن عائشة رضي الله عنها به. قال أبو بكر بن السني : كذا كتبته من كتابه .

وهذا إسناد ضعيف ؛ فيه تدليس أبي إسحاق السبيعي ، وهو من أهل المرتبة الثالثة من المدلسين في تصنيف الحافظ ابن حجر ، فلا يقبل حديثه إلا إذا صرح بالتحديث ، كما لم نقف على ترجمة لشيخ ابن السني : أحمد بن إبراهيم المديني .
الدليل السادس :

عن سعد بن جنادة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

( إن الله عز وجل قد زوجني في الجنة مريم بنت عمران ، وامرأة فرعون ، وأخت موسى )

رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (6/52)

ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (70/118)

قال الطبراني : حدثنا عبدالله بن ناجية ، ثنا محمد بن سعد العوفي ، ثنا أبي ، ثنا عمي ، ثنا يونس بن نفيع ، عن سعد بن جنادة به .

وهذا إسناد ضعيف جدا .

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/218) :

" رواه الطبراني ، وفيه من لم أعرفهم " انتهى.

وقال الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (7053) :

" فيه من يعرف بالضعف... محمد بن سعد - هو: ابن محمد بن الحسن بن عطية -: قاضي بغداد ، وفيه لين ، وأبوه سعد مثل يونس بن نفيع ؛ لم أجد لهما ترجمة . وعمه هو : الحسين بن الحسن بن عطية ؛ قال الذهبي في " المغني " : " ضعفوه ". انتهى.

الدليل السابع :

عن ابن أبي رواد ، قال :

( دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على خديجة وهي في مرضها الذي توفيت فيه ، فقال لها : بالكره مني ما أرى منك يا خديجة ، وقد يجعل الله في الكره خيرا كثيرا

أما علمت أن الله قد زوجني معك في الجنة مريم بنت عمران ، وكلثم أخت موسى ، وآسية امرأة فرعون ؟ قالت : وقد فعل الله بك ذلك يا رسول الله ؟ قال : نعم . قالت : بالرفاء والبنين )

رواه الطبراني (22/451)

ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (70/119)

وأبو نعيم الأصبهاني في "معجم الصحابة" (رقم/6738)

ورواه ابن الجوزي في "المنتظم في التاريخ" (1/267/

ترجمة خديجة) من طريق ثنا الزبير بن بكار ، حدثني محمد بن حسن ، عن يعلى بن المغيرة ، عن بن أبي رواد به .
وهذا سند منقطع معضل .

فإن ابن أبي رواد هو عبد العزيز بن عبد المجيد بن أبي رواد من كبار أتباع التابعين ، توفي سنة (159هـ)

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/218) :

" منقطع الإسناد ، وفيه محمد بن الحسن بن زبالة وهو ضعيف " انتهى.

والخلاصة أن الأحاديث الواردة في هذا الباب كلها ضعيفة منكرة ، لا يصح منها شيء ، ولا تجوز نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، كما لا يجوز الخوض بما جاء فيها ، فذلك من الغيب الذي لم يطلعنا الله عليه ، ويجب أن نكل أمره إلى الله عز وجل .

يقول ابن كثير في "البداية والنهاية" (2/75)

بعد أن ساق مجموعة من أحاديث الباب :

" وكل من هذه الأحاديث في أسانيدها نظر " انتهى.

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-29, 05:00   رقم المشاركة : 84
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

صحة حديث إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا

السؤال :


ما صحة هذا الحديث : عن عائشة رضي الله عنها قالت : " فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة ، فخرجت ، فإذا هو بالبقيع ، فقال : ( أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله )

قلت : يا رسول الله ، إني ظننت أنك أتيت بعض نسائك ، فقال : ( إن الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب ) ؟


الجواب :


الحمد لله

الحديث بهذا اللفظ رواه أحمد (26018)

والترمذي (736)

وابن ماجه (1389)

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ ، فَخَرَجْتُ ، فَإِذَا هُوَ بِالْبَقِيعِ رَافِعٌ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ ، فَقَالَ لِي : ( أَكُنْتِ تَخَافِينَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ ؟ ) ، قَالَتْ : قُلْتُ : ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَتَيْتَ بَعْضَ نِسَائِكَ ، فَقَالَ: ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَغْفِرُ لِأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعَرِ غَنَمِ كَلْبٍ).

والحديث ضعفه البخاري ، والترمذي ، والألباني ، ومحققو المسند ، ط الرسالة .

قال الترمذي: " حديث عائشة لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث الحجاج، وسمعت محمدا [يعني البخاري] يضعف هذا الحديث ، وقال: يحيى بن أبي كثير لم يسمع من عروة، والحجاج بن أرطاه لم يسمع من يحيى بن أبي كثير" انتهى.

وقال محققو المسند : "إسناده ضعيف لضعف حجاج بن أرطاة ولانقطاعه" انتهى.

وقال في "تحفة الأحوذي" (3/365): " ( أن يحيف ) أي يجور ويظلم .

( الله عليك ورسوله ) ... يعني: ظننت أني ظلمتك بأن جعلت من نوبتك لغيرك؟

وذلك مناف لمن تصدى لمنصب الرسالة.

( قلت: يا رسول الله ظننت أنك أتيت بعض نسائك ) أي زوجاتك لبعض مهماتك

فأردت تحقيقها، وحملني على هذا الغيرة الحاصلة للنساء التي تخرجهن عن دائرة العقل ، وحائزة التدبر للعاقبة ، من المعاتبة أو المعاقبة.

والحاصل : أني ما ظننت أن يحيف الله ورسوله علي أو على غيري، بل ظننت أنك بأمر من الله أو باجتهاد منك ، خرجت من عندي لبعض نسائك

لأن عادتك أن تصلي النوافل في بيتك... ( فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب ): أي قبيلة بني كلب. وخصّهم لأنهم أكثر غنما من سائر العرب" انتهى.

وأصل الحديث صحيح ، دون الزيادة المتعلقة بليلة النصف من شعبان

فقد رواه مسلم (974) والنسائي (2037) عن عَائِشَةُ قالت:

" أَلَا أُحَدِّثُكُمْ عَنِّي وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟

قُلْنَا : بَلَى .

قَالَتْ : لَمَّا كَانَتْ لَيْلَتِي الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا عِنْدِي ، انْقَلَبَ فَوَضَعَ رِدَاءَهُ وَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عِنْدَ رِجْلَيْهِ ، وَبَسَطَ طَرَفَ إِزَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ فَاضْطَجَعَ ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا رَيْثَمَا ظَنَّ أَنْ قَدْ رَقَدْتُ

فَأَخَذَ رِدَاءَهُ رُوَيْدًا ، وَانْتَعَلَ رُوَيْدًا ، وَفَتَحَ الْبَابَ فَخَرَجَ ، ثُمَّ أَجَافَهُ رُوَيْدًا ، فَجَعَلْتُ دِرْعِي فِي رَأْسِي ، وَاخْتَمَرْتُ وَتَقَنَّعْتُ إِزَارِي ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ عَلَى إِثْرِهِ ، حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ ، فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، ثُمَّ انْحَرَفَ فَانْحَرَفْتُ ، فَأَسْرَعَ فَأَسْرَعْتُ ، فَهَرْوَلَ فَهَرْوَلْتُ ، فَأَحْضَرَ فَأَحْضَرْتُ ، فَسَبَقْتُهُ فَدَخَلْتُ .

فَلَيْسَ إِلَّا أَنْ اضْطَجَعْتُ فَدَخَلَ ، فَقَالَ : ( مَا لَكِ يَا عَائِشُ حَشْيَا رَابِيَةً ؟ )

قَالَتْ : قُلْتُ : لَا شَيْءَ .

قَالَ : ( لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) .

قَالَتْ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، فَأَخْبَرْتُهُ .

قَالَ : ( فَأَنْتِ السَّوَادُ الَّذِي رَأَيْتُ أَمَامِي ؟ )

قُلْتُ : نَعَمْ .

فَلَهَدَنِي فِي صَدْرِي لَهْدَةً أَوْجَعَتْنِي

ثُمَّ قَالَ : ( أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ ؟

قَالَتْ مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ . نَعَمْ .

قَالَ : ( فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي حِينَ رَأَيْتِ ، فَنَادَانِي ، فَأَخْفَاهُ مِنْكِ ، فَأَجَبْتُهُ ، فَأَخْفَيْتُهُ مِنْكِ ، وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ وَضَعْتِ ثِيَابَكِ ، وَظَنَنْتُ أَنْ قَدْ رَقَدْتِ ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَكِ ، وَخَشِيتُ أَنْ تَسْتَوْحِشِي، فَقَالَ : إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَ أَهْلَ الْبَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ ).

قَالَتْ : قُلْتُ كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟

قَالَ: قُولِي : ( السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ ، وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ) ".

قال النووي ـ رحمه الله ـ في "شرح مسلم" (7/43):

" قولها: (فأحضر فأحضرت) الإحضار: العَدْو... (حشيا) : بفتح الحاء المهملة ، وإسكان الشين المعجمة ، مقصور ؛ معناه : وقد وقع عليك الحَشا، وهو الربو والتهيج الذي يعرض للمسرع في مشيه والمحتد في كلام

، من ارتفاع النفَس وتواتره. يقال: امرأة حشياء وحشية، ورجل حشيان وحشٍ. قيل: أصله من أصاب الربو حشاه. وقوله: (رابية) أي مرتفعة البطن...

قولها ( فلهدني ) هو بفتح الهاء والدال المهملة ، وروى فلهزني بالزاي ، وهما متقاربان .

قال أهل اللغة : لهَده ولهّده بتخفيف الهاء وتشديدها ، أي : دفعه . ويقال لهزه ، إذا ضربه بجُمع كفه في صدره ، ويقرب منهما : لكزه ووكزه .

قوله ( قالت مهما يكتم الناس يعلمه الله . نعم ) هكذا هو في الأصول ، وهو صحيح ، وكأنها لما قالت مهما يكتم الناس يعلمه الله . صدقت نفسها ، فقالت نعم" انتهى.

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-29, 05:11   رقم المشاركة : 85
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لم تثبت زيادة كلمة (كريم) في دعاء ليلة القدر

السؤال :


نقلا عن "صحيح الترمذي" للشيخ الألباني رحمه الله: 3513- حدثنا قتيبة، حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي، عن كهمس بن الحسن، عن عبدالله بن بريدة، عن عائشة، قالت: قلت: يا رسول الله! أرأيت إن علمت أيُّ ليلة القدر ما أقول فيها؟

قال: (قولي: اللهم إنك عفو كريم تحب العفو، فاعف عني) حكم عليه الشيخ رحمه الله بقوله: صحيح: (ابن ماجه 3850)

ذكر الشيخ رحمه الله في "السلسلة الصحيحة" أن زيادة (كريم) زيادة من أحد النساخ. هل فاتت زيادة "كريم" الشيخ في "صحيح الترمذي". أم أنها صحيحة عنده. وإن كانت لا تثبت عنده. لماذا لم ينبه أنها زيادة في "صحيح الترمذي"؟


الجواب :

الحمد لله

الشيخ الألباني رحمه الله يجتهد رأيه في التحقيق والنقد، فيعرض له السهو والخطأ كغيره من العلماء والمحققين

ولا يضيره ذلك شيئا، بل هو مأجور عليه بإذن الله أجرا واحدا

وذلك من سعة كرم الله تعالى ولطفه بالعلماء والفقهاء

أن أثابهم على خطئهم أجرا واحدا، كما أثابهم على صوابهم أجرين.

المهم أن يسلك الباحثون وطلبة العلم المنهج القويم في البحث والتحرير

ولا يحجزهم التقليد ولا مكانة العالم عن مراجعة الأدلة وتحرير المباحث

فالعلم موضوعي حيادي، لا يقوم به سوى البحث الحقيقي، ولا يقف عند حدود أسماء معينة من العلماء الأجلاء، مهما علا كعبهم، وارتفعت قاماتهم في العلم.

ولهذا نقول: لقد فات الشيخ الألباني رحمه الله أن ينبه على خطأ زيادة (كريم) في حديث الدعاء ليلة القدر

حيث ورد الحديث من طرق عديدة، وخرجه أصحاب الجوامع والسنن والمسانيد، ولم يذكر أحد منهم فيه زيادة اسم (كريم)، وإنما اقتصر الجميع على الدعاء المشهور: (اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني).

ولكن هذا السهو وقع في كتاب "صحيح الترمذي" (رقم/3513) فقط .

وأما في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" - التي يتفق الباحثون على أن الجهد المبذول فيها أدق وأعمق من سلسلته الأخرى : "صحيح السنن" ، و"ضعيفها" - فقد نبه الشيخ رحمه الله فيها على خطأ هذه الزيادة. فقال:

"وقع في سنن الترمذي بعد قوله: (عفو) زيادة: (كريم)! ولا أصل لها في شيء من المصادر المتقدمة، ولا في غيرها ممن نقل عنها، فالظاهر أنها مدرجة من بعض الناسخين أو الطابعين؛ فإنها لم ترِد في الطبعة الهندية من "سنن الترمذي" التي عليها شرح "تحفة الأحوذي" للمباركفوري ( 4 / 264 )، ولا في غيرها.

وإن مما يؤكد ذلك: أن النسائي في بعض رواياته أخرجه من الطريق التي أخرجها الترمذي، كلاهما عن شيخهما قتيبة بن سعيد بإسناده، دون الزيادة.

وكذلك وقعت هذه الزيادة في رسالة أخينا الفاضل علي الحلبي: "مهذب عمل اليوم والليلة لابن السني" ([رقم] 202)، وليست عند ابن السني؛ لأنه رواه عن شيخه النسائي

- كما تقدم - عن قتيبة، ثم عزاه للترمذي وغيره! ولقد كان اللائق بفن التخريج أن توضع الزيادة بين معكوفتين كما هو المعروف اليوم [ ]، وينبَّه أنها من أفراد الترمذي، وأما التحقيق: فيقتضي عدم ذكرها مطلقاً؛ إلا لبيان أنه لا أصل لها، فاقتضى التنبيه"

نتهى من "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (13/ 140)

ومن هنا عد بعض الباحثين حكم الألباني هنا في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" تراجعا صريحا عن تصحيحه هذه الزيادة في "صحيح الترمذي" .

وعلى كل حال ؛ فسواء سمي تراجعا، أم تقريرا مستقلا عن التقرير الأول، المهم فيه أنه لامس الصواب، وتفادى الخطأ.

والغالب أن هذه الزيادة قد تسللت إلى ألسنة بعض الناس من بعض نسخ كتب الحديث، وليس من روايات الحديث نفسه، بمعنى أن العلماء الذين نقلوا زيادة (كريم) إنما فعلوا ذلك لأنهم وقفوا على نسخ خطية فيها زيادة كلمة (كريم)

كما قال المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة لمسند الإمام أحمد (42/ 236): "في (ق): (عفوٌّ كريم)" انتهى.

و (ق) رمز لنسخة خطية رجعوا إليها، انظر مقدمتهم (1/104)

وكذلك في طبعة المكنز (11/611

، رقم 26021) قال المحققون: "في (ق): عفو كريم. والمثبت من بقية النسخ".

ومن هنا تناقل هذه الزيادة كثير من العلماء في كتبهم،

كابن الأثير في "جامع الأصول" (4/324)،

العمراني في "البيان في المذهب الشافعي" (3/568)

والخازن في "لباب التأويل في معاني التنزيل" (4/ 452)

وابن القيم في "بدائع الفوائد" (2/ 143)

والخطيب الشربيني في "الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع" (1/ 247)

والأمير الصنعاني في "التحبير لإيضاح معاني التيسير" (4/ 268)

والطحطاوي في " حاشية على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح" (ص: 401) .

كلهم ينقل زيادة (كريم) هكذا دون إسناد، وبعضهم يعزوها لسنن الترمذي، هذا على افتراض دقة النسخ الخطية لهذه المراجع أيضا.

ولكننا اليوم لا نشك بأنها زيادة ليست من صلب الحديث ولا من متنه

لأن العشرات من الكتب المسندة المروية جاء فيها النص بدون هذه الزيادة. ورجعنا إلى الطبعات المحققة على نسخ خطية عدة من سنن الترمذي، فلم نجد فيها أي إشارة إلى هذه الزيادة

مثل الطبعة التي بتحقيق بشار عواد (5/490)

والطبعة الأخرى بتحقيق شعيب الأرنؤوط (6/119).

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-29, 05:22   رقم المشاركة : 86
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

و في موضوع الحديث و علومه سوف ندرس

الموقف من اختلاف ألفاظ الحديث الواردة المتقاربة والمتغايرة وذِكر أمثلة منهما


...........

مقامات ثلاثة تحكم علاقة الحديث الضعيف بالسير والمغازي


السؤال:

هناك أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ترد روايات ألفاظها مختلفة ولا أعلم ما الأصح بينها : الحديث الأول : ( اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي وَتَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْرًا لِي ) . * قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مُتَمَنِّيًا لِلْمَوْتِ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي ) . . . . . . . . . . . . . . . . .

الحديث الثاني : عَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها ، قَالَت : قلتُ يَا رَسُول الله ، أرأيتَ إنْ علمتُ أيَّ لَيْلَة الْقدر مَا أَقُول فِيهَا ؟ قَالَ : ( قولي اللَّهُمَّ إِنَّك عَفْوٌّ تحب الْعَفْو فَاعْفُ عني ) . * ( اللَّهُمَّ إِنَّك عَفْوٌّ كَرِيمٌ تحب الْعَفْو فَاعْفُ عَنِّي ) صحيح الترمذي . . . . . . . . . . . . . . . . .

الحديث الثالث : عند الاستيقاظ من النوم ليلا ًوالدعاء بالمأثور في ذلك وهو قوله : ( لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي أَوْ دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلَاتُهُ ) . هناك روايات أخرى له . .
. . . . . . . . . . . . . .

الحديث الرابع : عن عائشة : أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه في شيء يخفيه من عائشة ، وعائشة تصلي فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( عَلَيْكِ بِالْكَوَامِلِ

- أَوْ : كَلِمَةً أُخْرَى - فَلَمَّا انْصَرَفَتْ عَائِشَةُ سَأَلَتْهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهَا : ( قُولِي اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ وَأَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ وَأَسْأَلُكَ مِنْ الْخَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَسْتَعِيذُكَ مِمَّا اسْتَعَاذَكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَسْأَلُكَ مَا قَضَيْتَ لِي مِنْ أَمْرٍ أَنْ تَجْعَلَ عَاقِبَتَهُ رَشَدًا ) .

* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها : ( عَلَيْكِ بِالْجَوَامِعِ الْكَوَامِلِ ، قُولِي اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ وَأَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ وَأَسْأَلُكَ مِنْ الْخَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَسْتَعِيذُكَ مِمَّا اسْتَعَاذَكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَسْأَلُكَ مَا قَضَيْتَ لِي مِنْ أَمْرٍ أَنْ تَجْعَلَ عَاقِبَتَهُ رَشَدًا بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ) . . . . . . . . . . . . . . . . .

* عَنْ أبي مُوسَى الأشعري رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ ( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي كُلِّهِ وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطَايَايَ وَعَمْدِي وَجَهْلِي وَهَزْلِي وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) صحيح مسلم . * ( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي هَزْلِي وَجِدِّي وَخَطَايَاي وَعَمْدِي وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي ) البخاري مع " الفتح " . . . . . . . . . . . . . . . . .

* عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : كُنَّا نَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ ( رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) سنن أبي داود ، والترمذي ، وصححه الألباني . * رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ

إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الغَفُورُ ) صحيح الترمذي وصحيح ابن ماجه . *** فما هي الرواية الأصح من بين الروايات لهذه الأحاديث لأني أريد العمل بها ؟ . وجزاكم الله خيراً .


الجواب :

الحمد لله

أولاً:

تختلف ألفاظ الروايات في الأمر الواحد ، ويكون بين تلك الروايات مغايرة في الألفاظ أحياناً ، ومن أشهر تلك الأسباب التي ينبغي معرفتها : تعدد الرواة النقَلة لألفاظ ذلك الحديث الواحد المتكرر .

وأما الاختلاف الحاصل في ألفاظ رواياتهم فهو لا يخرج عن حالين :

أ. أن يكون اختلافاً يسيراً في حروف يسيرة ، وسبب ذلك الاختلاف في الألفاظ المنقولة يكون تبعاً لحفظهم ، ولضبطهم .

وفي هذه الحال يتساهل في العمل بأية رواية من تلك الروايات ، إلا أن البحث عن أصح الروايات ، وأضبط الرواة ، والعمل برواية من يروي باللفظ لا بالمعنى : هو الذي ينبغي على العامل عند الترجيح بين تلك الروايات .

ب. أن تكون الألفاظ متغايرة فيما ينقلونه بعضهم عن بعض ، وسبب ذلك أن يكون ذلك الأمر ، أو تلك العبادة لها ألفاظ متعددة في أدعيتها ، وأذكارها ، كألفاظ الأذان

والإقامة ، وأدعية الاستفتاح ، وأذكار النوم ، فالحديث في كل ذلك واحد ، ولكنه لما كان متكرراً تعددت الألفاظ فيه ، ونتج من ذلك تعدد الروايات والنقل فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم .

قال الشيخ محمد بن إسماعيل الصنعاني – رحمه الله - :

فهذا القسم أمره هيِّن ، وإشكاله سهل ؛ لأنه قد علم أنه صلى الله عليه وآله وسلم في الأفعال المتكررة مثل أذكار الصلاة - التي ذكرنا - كان يعلمهم ، فمن روى رواية وصحت أو حسنت طرقها كتشهد ابن عباس –

مثلاً - ، وتشهد ابن مسعود : فهما حديثان صحيحان اختلفت ألفاظهما والكل مرفوع ، فمثل هذا ومثل ألفاظ الأذان وغير ذلك محمول على تعداد التعليم منه صلى الله عليه وآله

وعلِم كل ما رآه صلى الله عليه وآله وسلم توسعة على العباد ، فهم مخيرون بأي رواية عملوا أجروا واقتدوا وامتثلوا ، فمن ربَّع في التكبير ورجَّع : فليس عليه نكير ، ومن ترك التربيع : فكذلك

إذ الكل مروي بأحاديث معمول بها دالة على التخيير للعباد ، وكذلك ألفاظ التشهد والتوحيد من أتى بأيها ممن روى بطرق معمول بها : فهو بالخيار في ذلك .

انتهى من " رسالة في اختلاف ألفاظ الحديث النبوي " .

وهي رسالة علمية قيمة ، قليلة الصفحات ، عظيمة النفع .

ثانياً:

لاختلاف الألفاظ في العبادة والشعيرة الواحدة حِكَمٌ متعددة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

العبادات التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم على أنواع يشرع فعلها على جميع تلك الأنواع لا يكره منها شيء ، وذلك مثل أنواع التشهدات ، وأنواع الاستفتاح ، ومثل الوتر أول الليل وآخره

ومثل الجهر بالقراءة في قيام الليل والمخافتة ، وأنواع القراءات التي أنزل القرآن عليها ، والتكبير في العيد ، ومثل الترجيع في الأذان وتركه ، ومثل إفراد الإقامة وتثنيتها .

" مجموع الفتاوى " ( 22 / 335 ) .

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :

والعلماءُ رحمهم الله اختلفوا في العبادات الواردة على وجوهٍ متنوِّعة ، هل الأفضل الاقتصار على واحدة منها ، أو الأفضل فِعْلُ جميعها في أوقات شتَّى

أو الأفضل أنْ يجمعَ بين ما يمكن جَمْعُه ؟ والصَّحيح : القول الثاني الوسط ، وهو أن العبادات الواردة على وجوهٍ متنوِّعة تُفعل مرَّة على وجهٍ ، ومرَّة على الوجه الآخر ، فهنا الرَّفْعُ وَرَدَ إلى حَذوِ منكبيه

ووَرَدَ إلى فُرُوع أُذنيه ؛ وكُلٌّ سُنَّة ، والأفضل : أن تَفعلَ هذا مرَّة ، وهذا مرَّة ؛ ليتحقَّقَ فِعْلُ السُّنَّةِ على الوجهين ، ولبقاء السُّنَّةِ حيَّة ؛ لأنك لو أخذت بوجهٍ وتركت الآخر : مات الوجهُ الآخر

فلا يُمكن أن تبقى السُّنَّةُ حيَّة إلا إذا كُنَّا نعمل بهذا مرَّة ، وبهذا مرَّة ، ولأن الإِنسان إذا عَمِلَ بهذا مرَّة وبهذا مرَّة : صار قلبُه حاضراً عند أداء السُّنَّة ، بخلاف ما إذا اعتاد الشيء دائماً فإنه يكون فاعلاً له كفعل الآلة عادة

وهذا شيء مشاهَد ، ولهذا مَن لزم الاستفتاح بقوله : " سبحانك اللهمَّ وبحمدك " دائماً : تجده مِن أول ما يُكبِّر يشرع بـ " سبحانك اللهم وبحمدك " مِن غير شعور ؛ لأنه اعتاد ذلك ، لكن لو كان يقول هذا مرَّة

والثاني مرَّة صار منتبهاً ، ففي فِعْلِ العباداتِ الواردة على وجوهٍ متنوِّعة فوائد :

1 . اتِّباعُ السُّنَّة .

2. إحياءُ السُّنَّة .

3. حضورُ القلب .

وربما يكون هناك فائدة رابعة : إذا كانت إحدى الصِّفات أقصرَ مِن الأخرى - كما في الذِّكرِ بعد الصَّلاةِ - فإن الإِنسان أحياناً يحبُّ أن يُسرع في الانصراف ؛ فيقتصر على " سبحان الله " عشر مرات

و " الحمد لله " عشر مرات ، و " الله أكبر " عشر مرات ، فيكون هنا فاعلاً للسُّنَّة قاضياً لحاجته ، ولا حَرَجَ على الإِنسان أن يفعل ذلك مع قصد الحاجة

كما قال تعالى في الحُجَّاج : ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ ) البقرة/ 198 .

" الشرح الممتع على زاد المستقنع " ( 3 / 8 ) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-29, 05:23   رقم المشاركة : 87
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثالثاً:

أما اختلاف الرواة في روايتهم للحدث الواحد غير المتكرر ، وللقصة الواحدة غير المتعددة : فهنا لا يمكن لطالب العلم والعامل إلا أن يرجح بين الروايات ، فيأخذ أقواها ، ويعمل بأصحها إسناداً ، إذا كان المعنى يختلف باختلاف تلك الروايات

قال الشيخ محمد بن إسماعيل الصنعاني – رحمه الله – بعد أن فصَّل في السبب الأول - :

الثاني من الوجوه : أن تتحد القصة وتختلف الألفاظ فيها :

وهذا هو المشكل ، وذلك واقع كثيراً ، كقضية بيع جمَل جابر وشرائه صلى الله عليه وسلم له منه ، فإنه اختلف لفظه في القيمة ، وفي اشتراطه ركوبه إلى المدينة

وكاختلافهم في ركوعات صلاة الكسوف مع أنه لم يصلها إلا مرة واحدة ، بخلاف صلاة الخوف فإنه صلاها مراراً على وجوه مختلفة فهي من القسم الأول ، وكاختلافهم في حجه

وكل منهم روى أنه حج صلى الله عليه وآله وسلم حجّاً مفرداً ، وآخرون رووا أنه تمتع ، وآخرون أنه قارن ، وهي في واقعة واحدة ، وحجة واحدة ، ونحو هذه الصور ،

وهو كثير : فهذا لا بد فيه من النظر في الروايات وطرقها ، والصحيح منها والراجح من المرجوح ، وهو شيء عسير إلا على من سهله الله .

انتهى من " رسالة في اختلاف ألفاظ الحديث النبوي " .

رابعاً:

أما بخصوص الأحاديث التي ذكرها الأخ السائل :

1. فاللفظ الأول في الحديث الأول : رواه النسائي ( 1305 )

وصححه الألباني في " صحيح النسائي " من حديث عمَّار بن ياسر رضي الله عنه .

واللفظ الثاني : رواه البخاري ( 5990 ) ومسلم ( 2680 ) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه .

وكلا الحديثين مختلفان في المخرج ، وليس أحدهما بأولى بالعمل من الآخر ، بل يُعمل بكليهما ، لكن لا يقال هذا الدعاء إلا عند وقوع الضرر وخشية الفتنة على الدين .

قال أبو الحسن المباركفوري – رحمه الله - :

قوله ( أحيني ) إلى قوله ( خيرًا لي ) ثابت في الصحيحين من حديث أنس بلفظ ( اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي ) وهو يدل على جواز الدعاء بهذا ، لكن عند نزول الضرر ، كما وقع التقييد بذلك في حديث أنس المذكور .

" مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح " ( 8 / 278 ) .

2. واللفظ الأول في الحديث الثاني : رواه الترمذيّ ( 3513 )

وصححه ، والنَّسائيّ في " الكبرى " ( 6 / 218 )

وابن ماجه ( 3850 )

وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

وأما اللفظ الثاني وهو ( اللَّهُمَّ إِنَّك عَفْوٌّ كَرِيمٌ تحب الْعَفْو فَاعْفُ عَنِّي ) : فإن الزيادة الواردة في الحديث وهي " كريم " : زيادة لا أصل لها ، ونسبتها للترمذي خطأ – وهي موجودة في كثير من نسخ سنن الترمذي - ، ولم يروها الترمذي – في الواقع - ولا غيره .

قال الشيخ الألباني – رحمه الله - :

وقع في "سنن الترمذي " بعد قوله : ( عفو ) زيادة : " كريم " ! ولا أصل لها في شيء من المصادر المتقدمة ، ولا في غيرها ممن نقل عنها ، فالظاهر أنها مدرجة من بعض الناسخين

أو الطابعين ؛ فإنها لم ترِد في الطبعة الهندية من " سنن الترمذي " التي عليها شرح " تحفة الأحوذي " للمباركفوري ( 4 / 264 ) ، ولا في غيرها ، وإن مما يؤكد ذلك : أن النسائي في بعض رواياته أخرجه من الطريق التي أخرجها الترمذي ، كلاهما عن شيخهما " قتيبة بن سعيد " بإسناده دون الزيادة .

وكذلك وقعت هذه الزيادة في رسالة أخينا الفاضل علي الحلبي : " مهذب عمل اليوم والليلة لابن السني " ( 95 / 202 ) ، وليست عند ابن السني ؛ لأنه رواه عن شيخه النسائي - كما تقدم - عن قتيبة ،

ثم عزاه للترمذي ، وغيره ! ولقد كان اللائق بفن التخريج أن توضع الزيادة بين معكوفتين كما هو المعروف اليوم [ ] ، وينبَّه أنها من أفراد الترمذي ، وأما التحقيق : فيقتضي عدم ذكرها مطلقاً ؛ إلا لبيان أنه لا أصل لها ، فاقتضى التنبيه .

" السلسلة الصحيحة " ( 13 / 140 ) .

فالرواية الثانية فيها كلام ، فعليك بالأولى ؛ فإنها أصح .

3. وأما الحديث الثالث : فقد رواه البخاري ( 1103 )

من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه .

وقولك " هناك روايات أخرى له " : فالجواب عليه : أن الحديث ليس فيه روايات مختلفة ، ولو وُجد : فعليك برواية الإمام البخاري ، وتكفيك .

4. وأما اللفظ الأول في الحديث الرابع : فقد رواه الحاكم ( 1 / 702 )

وباختلاف يسير في أوله – فقط - رواه أحمد ( 42 / 67 ) وصححه محققوه .

ورواه ابن ماجه ( 3846 ) بنحو تلك الألفاظ ، وصححه الألباني في " صحيح ابن ماجه " .

وأما اللفظ الثاني : فهو الحديث السابق نفسه لكن من غير زيادة ( بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ) ، وقد نسبها الحافظ العراقي في " تخريج إحياء علوم الدين " لابن ماجه ، والحاكم ، وليس فيهما تلك الجملة .

ولم نجد سبباً يجعلنا نقول بصحة هذه الزيادة ، فيُكتفى بالرواية السابقة دونها .

5. وأما اللفظ الأول في الحديث الخامس : فليس هو في " مسلم " وحده

بل هو في الصحيحين : البخاري ( 6035 ) ومسلم ( 2719 ) .

وأما اللفظ الثاني : فرواه البخاري ( 6036 ) وهو ذات الحديث السابق لكنه أخصر منه .

وقد علَّق الحافظ ابن حجر رحمه الله على لفظة ( خَطَاياي ) فقال :

قوله ( اغفر لي خطاياي وعمدي ) وقع في رواية " الكشميهني " في طريق إسرائيل ( خطئي ) ، وكذا أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " بالسند الذي في الصحيح ، وهو المناسب لذكر العمد ، ولكن جمهور الرواة على الأول .

والخطايا جمع خطيئة ، وعطف العمد عليها من عطف الخاص على العام ؛ فإن الخطيئة أعم من أن تكون عن خطأ وعن عمد ، أو هو من عطف أحد العامين على الآخر .

" فتح الباري " ( 11 / 198 ) .

فلا تعارض بين الروايتين ، وليس ثمة صحيح وأصح ، فاذكر ربك تعالى بأي الصيغتين شئت ، ولا يخفى أن الرواية الأولى أوسع .

6. وأما اللفظ الأول في الحديث السادس : فرواه أبو داود ( 1516 )

وابن ماجه ( 3814

) والنسائي في " الكبرى " ( 6 / 119 )

ولم يروه الترمذي بهذا اللفظ .

وأما اللفظ الثاني : رواه الترمذي ( 3434 )

والنسائي في " الكبرى " ( 6 / 119 ) .

وكلا الروايتين صحيحة ، وليس مخرجهما واحداً ، وهو من اختلاف التنوع ، وبأي الصيغتين استغفرت ربَّك تعالى أُجرت إن شاء الله .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-29, 05:26   رقم المشاركة : 88
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

خبر وافد الجن الذين نسوا سورة من القرآن

السؤال

: سمعت قصة أن واحدا من أهل الجن على شكل أفعى ، اقترب من الرسول (صلى الله عليه وسلم) ذات مرة ، وهو يرتاح تحت شجرة ، فهمس في أذنه وهمس له النبي أيضا. ولمّا سأله الصحابة الكرام عن هذه الحادثة، أجاب الرسول: "بل كان من أهل الجن، نسي بعض الأيات" أو شيء من هذا القبيل.

بحثت عن هذا الحديث لليومين كاملين ولكن من دون جدوى ، حتى اكتفيت بسبب الإحباط وقررت أن أطلب منكم المساعدة. فما صحة هذا الحديث؟ جزاكم الله خيرا.


الجواب :

الحمد لله

هذه القصة : قطعة من خبر طويل ؛ وممن رواه أبو القاسم السهمي الجرجاني في "تاريخ جرجان" (ص 526) ، قال رحمه الله تعالى :

أَبُو حَاتِمٍ الْمُقْرِئُّ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مُحَمَّدِ الإِسْتَرَابَاذِيُّ وَعُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو عَمْرٍو قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَدِيٍّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ اللَّيْثِ الإِسْتَرَابَاذِيُّ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الصّلْتِ ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ ، حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ:

( رَأَيْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثَةَ أَشْيَاءَ لَوْ لَمْ يَأْتِ الْقُرْآنُ لآمَنْتُ بِهِ ... – والثانية - وَبَيْنَا نَسِيرُ إِذْ أَقْبَلَتْ حَيَّةٌ سَوْدَاءُ ثُعْبَانٌ ، فَوَضَعَتْ رَأْسَهَا فِي أُذُنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَوَضَعَ النبي صلى اللَّه عليه وسلم فَمَهُ عَلَى أُذُنِهَا ، فَنَاجَاهَا ، ثُمَّ كَأَنَّمَا الأَرْضُ قَدِ ابْتَلَعَتْهَا.

فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! لَقَدْ أَشْفَقْنَا عَلَيْكَ .

قَالَ: هَذَا وَافِدُ الْجِنِّ ، نَسَوْا سُورَةً ، فَأَرْسَلُوا إِلَيَّ ، فَفَتَحْتُ عَلَيْهِم الْقُرْآنَ ... ) .

ورواه الخطيب البغدادي في "رواة مالك" بنفس الإسناد ، كما نقله عنه السيوطي في كتابه "الزيادات على الموضوعات" (1 / 219) ؛ فقال :

" الخطيب في (رواة مالك): أنبأنا القاضي أبو العلاء محمَّد بن علي الواسطي ، حدثنا أبو زرعة محمَّد بن يوسف بن محمَّد بن الجنيد بن عبد العزيز الجرجاني ، حدثنا أبو نعيم عبد الملك بن محمَّد بن عدي الجرجاني ، حدثنا عبد الله بن الليث الإستراباذي ، حدثنا إسحاق بن الصلت ، حدثنا مالك بن أنس

حدثنا أبو الزبير المكي ، حدثنا جابر بن عبد الله الأنصاري قال: رأيتُ مِن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أشياء لو لم يأتِ بالقرآن لآمنتُ به: - ثم ذكره - . " انتهى .

وهذا خبر منكر .

قال الذهبي رحمه الله تعالى :

" إسحاق بن الصلت . أتى عن مالك بخبر منكر جدا.

والإسناد إليه مظلم ، ذكره الخطيب في كتاب من روى عن مالك " انتهى .

"ميزان الاعتدال" (1 / 192) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-29, 05:39   رقم المشاركة : 89
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لم يصح حديث في أن طلحة رضي الله عنه أراد الزواج من عائشة رضي الله عنها

السؤال
:

وقفت على بعض كتب الشيعة والتي وجدتها قبيحة بشكل كبير حيث جاء فيها أن طلحة رضي الله عنه أراد الزواج من عائشة رضي الله عنها، وأريد أن أعرف لماذا أراد أن يتزوجها؟ وهل انتهى الأمر بعد نزول الآية من سورة الأحزاب أم أثير الموضوع مرة أخرى؟

وماذا كانت ردة فعل عائشة رضي الله عنها تجاه ذلك؟

أرجو مساعدتي في هذا ألأمر فأنا منزعج منذ 3 أسابيع بسبب ما قرأته في كتب الشيعة.


الجواب :

الحمد لله


فإن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هم أفضل هذه الأمة ، وأبرها قلوبا ، وأعظمها علما ، وقد أثنى عليهم رب العالمين في محكم التنزيل

فقال سبحانه : ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) . الفتح/29 .

ومحبة الصحابة دين وإيمان وإحسان ، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان .

هذا وقد دأب الطاعنون في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كالروافض وغيرهم ، على اختلاق الأكاذيب ، للنيل من مكانة الصحابة رضوان الله عليهم عموما

ومن أم المؤمنين عائشة الصديقة الطاهرة المبرأة من فوق سبع سموات ، زوج نبينا صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها وأرضاها ، خصوصا .

ومن ذلك ما أورده السائل الكريم في سؤاله حول ما اختلقه الكذابون ، من أن طلحة بن عبيد الله، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة : أراد أن يتزوج عائشة رضي الله عنها ، وهذا باطل مكذوب ، وإلى السائل الكريم بيان ذلك :

روي هذا الباطل من ثلاثة طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما ، ولا يصح طريق منها بل جميعها تالف ، وروي كذلك عن بعض التابعين وليس فيها حجة ، وإليك بيان ذلك :

أما ما روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما :

الطريق الأول : فأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"

كما في "تخريج أحاديث الكشاف" لابن حجر (3/128)

والبيهقي في "السنن الكبرى" (7/96)

من طريق محمد بن حميد الرازي قال : ثنا مِهْرَانُ بْنُ أَبِي عُمَرَ، ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

: لَوْ قَدْ مَاتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَتَزَوَّجْتُ عَائِشَةَ ، أَوْ أُمَّ سَلَمَةَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ، وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمًا}.

تنبيه : السند عند ابن أبي حاتم ( علي بن الحسين عن محمد بن أبي حماد عن مهران بن أبي عمر به) ، ومحمد بن أبي حماد هو محمد بن حميد الرازي كما قال الخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" (2/410) وليس شخصا آخر متابعا له .

أما الإسناد فهو واه تالف ، وفيه علتان :

الأولى : وهي مهران بن أبي عمر ، حيث وثقه غير واحد

وقال فيه النسائي :"ليس بالقوي "

غير أنه مضطرب في حديثه عن سفيان خاصة ،

قال ابن معين :" كان عنده غلط كثير في حديث سفيان ".

"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (8/301)

والإسناد الذي معنا من حديثه عن سفيان .

العلة الثانية : محمد بن حميد الرازي ، حيث إنه واه ومتهم

وقد اختلفت أقوال النقاد فيه على ثلاثة أقوال :

القول الأول : أنه كذاب . وممن قال بذلك أبو زرعة الرازي

ومحمد بن مسلم بن وارة ، وإسحاق الكوسج ، وصالح بن محمد الحافظ ، وابن خراش

.انظر "تاريخ بغداد" (3/60)

والحافظ العراقي كما في تخريجه على الإحياء" (1/488)

والسيوطي كما في "اللآلئ المصنوعة" (1/12)."

القول الثاني : أنه ضعيف جدا وليس بكذاب ، وقال بذلك جمع :

قال البخاري :"فيه نظر ".انتهى "التاريخ الكبير" (1/69)

وقال النسائي ليس بثقة

كما في "الأباطيل والمناكير" (2/190)

وقال يعقوب بن شيبة : كثير المناكير كما في "تاريخ بغداد" (3/60)

وقال الذهبي :"منكر الحديث "

. انتهى "السير" (11/503)

وقال ابن رجب :" محمد بن حميد، كثير المناكير، وقد اتهم بالكذب، فلا يلتفت إلى تفرده بما يخالف الثقات".انتهى

"فتح الباري" (5/70)

وقال ابن حبان في "المجروحين" (2/303) :

" كَانَ مِمَّن ينْفَرد عَن الثِّقَات بالأشياء المقلوبات وَلَا سِيمَا إِذا حدث عَن شُيُوخ بَلَده ".انتهى

وقال ابن حجر في "التقريب" (5834) :"ضعيف ".

القول الثالث : يقوون أمره . ومن هؤلاء الإمام أحمد حيث قال

:" لا يزال بالري علم ما دام محمد بن حميد حيا". انتهى

"تاريخ بغداد" (3/60)

وابن معين حيث قال فيه :" ثقة ليس به بأس ". انتهى

كما "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (7/232).

والراجح في ذلك - والله أعلم - أنه واه وليس بكذاب

بل كان يركب الأسانيد على المتون ، كما نقل الذهبي عن أبي أحمد العسال

قال: سَمِعْتُ فَضْلَكَ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ حُمَيْدٍ، وَهُوَ يُرَكِّبُ الأَسَانِيْدَ عَلَى المُتُوْنِ

. قال الذهبي : آفَتُه هَذَا الفِعْلُ، وَإِلاَّ فَمَا أَعْتَقِدُ فِيْهِ أَنَّهُ يَضَعُ مَتْناً. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِم: فُلاَنٌ سَرَقَ الحَدِيْثَ ". انتهى

"السير" (11/504) ،

ثم إن كثيرا ممن قوى أمره كالبخاري وأحمد وابن معين كان توثيقهم له في بادئ أمره

ثم طرأ عليه ما أوجب ضعفه

حتى اتهم بالكذب

ولذا قد رجعوا عن توثيقهم له

فهذا ابن معين قد روجع فيه حيث قال أبو حاتم :" سألني يحيى بن معين عن ابن حميد

من قبل أن يظهر منه ما ظهر ، فقال : أي شيء تنقمون عليه؟ فقلت : يكون في كتابه الشيء

فنقول ليس هذا هكذا إنما هو كذا وكذا ؛ فيأخذ القلم فيغيره على ما نقول

قال : بئس هذه الخصلة ، قدم علينا بغداد فأخذنا منه كتاب يعقوب القمي ، ففرقنا الأوراق بيننا ، ومعنا أحمد بن حنبل فسمعناه ، ولم نر إلا خيرا ". انتهى

"الجرح والتعديل" (7/232) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-29, 05:41   رقم المشاركة : 90
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وأما الإمام أحمد فكان بعد أن بلغه قول أبي زرعة وابن وارة فيه أنه يكذب ، كان إذا سئل عنه ينفض يديه

. كما في "المجروحين" لابن حبان (2/304) .

وأما البخاري فهذا الترمذي يقول عن البخاري ورأيه في محمد بن حميد :" وحين رأيته كان حسن الرأي في محمد بن حميد الرازي، ثم ضعّفه بعد".

انتهى "سنن الترمذي" (1677) .

وقال ابن القطان في "الوهم والإيهام" (4/412):

" ومحمد بن حميد كذلك وثقه قوم ، ولكنه اعتراه بعد ما ضعف به ، وربما اتهم ، وكان أبو زرعة ومحمد بن مسلم بن وارة ، كتبا عنه ، ثم تركا الرواية عنه". انتهى

ثم إن علماء كل بلد أدرى بأهله كما قال حماد بن زيد :" بلديَّ الرجل أعرف بالرجل".

قال الخطيب البغدادي معلقا على قول حماد :" لما كان عندهم زيادة علم بخبره على ما علمه الغريب من ظاهر عدالته جعل حماد الحكم لما علموه من جرحه دون ما أخبر به الغريب من عدالته". انتهى

"الكفاية للخطيب" (1/106)

ومعلوم أن محمد بن حميد من الري ، وأدرى الناس به أهل بلده الذين اتهموه وتركوه ، ولذا لما قيل لابن خزيمة وهو من الري :" لو حَدَّثَ الأستاذ عن محمد بْن حميد، فإنّ أحمد بْن حنبل قد أحسن الثّناء عليه ؟

قال: إنّه لم يعرفه، ولو عرفه كما عرفناه لَمَا أثنى عليه أصلا ".

انتهى "سير أعلام النبلاء" (11/504) .

ولما قيل لأبي زرعة الرازي :" إن أحمد بن حنبل قال: إن أحاديث ابن حميد ، عن جرير صحاح ، وأحاديثه عن شيوخه لا يدري. قال أبو زرعة: " نحن أعلم من أبي عبد الله رحمه الله . يعني في إمساكه عن الرواية عنه".

انتهى "الضعفاء لأبي زرعة" (2/583)

بل قال أبو نُعيم بنُ عديٍّ: "سمعت أبا حاتمٍ الرازيّ في منزله، وعنده ابنُ خراشٍ، وجماعةٌ من مشايخ أهل الريِّ وحُفَّاظهم ، فذكروا ابن حميدٍ ، فأجمعوا على أنه ضعيف الحديث جدًّا ، وأنه يحدثُ بما لم يسمعه ، وأنه يأخذُ أحاديث أهل البصرة والكوفة، فيحدث بها عن الرازيين".

انتهى "تاريخ بغداد" (3/60) .

الطريق الثاني عن ابن عباس :

أخرجه ابن بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة" (2/711)

من طريق مُحَمَّد بْن مَرْوَانَ عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : فَلَمَّا ضُرِبَ عَلَيْهِنَّ الْحِجَابُ قَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ - وَهُوَ طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - : أَنُنْهَى أَنْ نَدْخُلَ عَلَى بنَاتِ عَمِّنَا وَنُكَلِّمَهُنَّ إِلا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ، أَمَا وَاللَّهِ لَوْ قَدْ مَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَتَزَوَّجَنَّ عَائِشَةَ ؛ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيما}. انتهى .

وإسناده موضوع ، فيه كذابان :

الأول : محمد بن السائب الكلبي ، قال الثوري :" قَالَ الكلبي كل شيء أحدث، عَن أبي صالح فهو كذب ". انتهى "الكامل لابن عدي" (7/276) ، وقال أبو حاتم :" الناس مجتمعون على ترك حديثه لا يشتغل به ، هو ذاهب الحديث".

انتهى "الجرح والتعديل" (7/271) .

ثم هو ضال زائغ حيث يقول ابن حبان :" وَكَانَ الْكَلْبِيّ سبئياً ، من أَصْحَاب عَبْد اللَّهِ بْن سبأ من أُولَئِكَ الَّذين يَقُولُونَ إِن عليا لم يمت ، وَإنَّهُ رَاجع إِلَى الدُّنْيَا قبل قيام السَّاعَة فيملؤها عدلا كَمَا ملئت جورا ، وَإِن رَأَوْا سَحَابَة قَالُوا أَمِير الْمُؤمنِينَ فِيهَا".

انتهى "المجروحين" (2/253).

الثاني : محمد بن مروان السدي الصغير ، كذاب متروك ، قال فيه جرير بن عبد الحميد: كذاب. وقال يحيى بْن مَعِين: ليس ثقة. وَقَال مُحَمَّد بْن عَبد اللَّهِ بن نمير : ليس بشيءٍ.

وَقَال صَالِح بْن مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ الحافظ: كان ضعيفا، وكان يضع الحديث

وَقَال أَبُو حاتم : ذاهب الحديث، متروك الحديث، لا يكتب حديثه البتة.

وقَال البُخارِيُّ : لا يكتب حديثه البتة .

وَقَال النَّسَائي : متروك الحديث.

وَقَال في موضع آخر: ليس بثقة، ولا يكتب حديثه .

انظر "الجرح والتعديل" (8/86)

و"تهذيب الكمال" (26/393) ،

وقال ابن حبان :" كَانَ مِمَّن يروي الموضوعات عَن الْأَثْبَات ، لَا يحل كِتَابَة حَدِيثه إِلَّا عَلَى جِهَة الِاعْتِبَار وَلَا الِاحْتِجَاج بِهِ بِحَال من الْأَحْوَال".

انتهى "المجروحين" (2/286).

الطريق الثالث عن ابن عباس : عزاه السيوطي إلى جويبر بن سعيد في تفسيره فقال في "لباب المنقول" (ص163)

:" وأخرج جويبر عن ابن عباس أن رجلا أتي بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، فكلمها ، وهو ابن عمها . فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تقومن هذا المقام بعد يومك هذا

فقال يا رسول الله أنها ابنة عمي ، والله ما قلت لها منكرا ، ولا قالت لي . قال النبي صلى الله عليه وسلم قد عرفت ذلك؛ إنه ليس أحد أغير من الله ، وإنه ليس أحد أغير مني . فمضى ، ثم قال : يمنعني من كلام ابنة عمي ؟ لأتزوجنها من بعده .

فأنزل الله هذه الآية .

قال ابن عباس : فأعتق ذلك الرجل رقبة ، وحمل على عشرة أبعرة في سبيل الله ، وحج ماشيا ؛ توبة من كلمته".انتهى

هكذا عزاه السيوطي إلى تفسير جويبر بن سعيد ، ولم يذكر له إسنادا .

وعلى أية حال ، فيكفي أن راويه جويبر بن سعيد ، فهو متروك الحديث ، ضعفه علي بن المديني جداً

وقال ابن معين : ليس بشيء ".

انظر "تاريخ بغداد" (8/180)

وتركه النسائي كما في "الضعفاء والمتروكين" (104)

وكذا الدارقطني كما في "الضعفاء والمتروكين" (147).

أما من ذكر عنهم من التابعين ومن بعدهم

منهم :

أبو أمامة أسعد بن سهل بن حنيف ، وقد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه إجماعا .

وحديثه أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (8/201)

قال : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مُوسَى بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَا فِي قَوْلِهِ: {إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ} الأحزاب/54

قَالَ: «أَنْ تَكَلَّمُوا بِهِ فَتَقُولُوا نَتَزَوَّجُ فُلَانَةَ لِبَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم ، أَوْ تُخْفُوا ذَلِكَ فِي أَنْفُسِكُمْ ، فَلَا تَنْطِقُوا بِهِ يَعْلَمْهُ اللَّهُ» .

وهذا مع كونه ليس بحجة إلا أنه أيضا لا يصح إسناده ، إذ إنه من طريق الواقدي محمد بن عمر شيخ ابن سعد ، وهو متروك تركه البخاري ومسلم وكذبه أحمد وغيره .

انظر "تهذيب الكمال" (26/188).

ومنهم أيضا أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم : وهو من طبقة صغار التابعين

وقد رواه عنه ابن سعد في "الطبقات" (8/201)

قال : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي قَوْلِهِ: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا}الأحزاب/53 ، قَالَ: " نَزَلَتْ فِي طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ لِأَنَّهُ قَالَ: إِذَا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ تَزَوَّجْتُ عَائِشَةَ". انتهى .

وهو كسابقه أيضا ليس بحجة إذ أنه قول لتابعي ، ومع ذلك لا يصح أيضا لأجل الواقدي كما تقدم .

ومنهم عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو من صغار التابعين

وقد رواه عنه الطبري في "تفسيره" (19/170)

فقال : حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا}الأحزاب/53

قَالَ: " رُبَّمَا بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الرَّجُلَ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوِفِّيَ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ مِنْ بَعْدِهِ، قَالَ: فَكَانَ ذَلِكَ يُؤْذِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَ الْقُرْآنُ: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ} الْآيَةُ ". انتهى .

وهذا لا حجة فيه أيضا لأنه من أتباع التابعين

ثم هو ضعيف في الحديث كذلك

ضعفه أحمد وعلي بن المديني وأبو زرعة والنسائي والدارقطني

وقال ابن معين ليس بشيء .

انظر "تهذيب الكمال" (17/117) .

ومنهم قتادة :

وقد رواه عنه عبد الرزاق في "تفسيره" (2372

) عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: لَوْ قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَتَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ يَعْنِي عَائِشَةَ: " فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا}الأحزاب/53.

وهذا منقطع ، إذ إن قتادة جل روايته عن كبار التابعين ، وغاية ما هنالك أن يكون هذا قوله ، وحينئذ لا حجة فيه .

وهنا فائدة وهي أن جمعا من أهل العلم نفوا أن يكون القائل هو طلحة بن عبيد الله أحد العشرة المبشرين بالجنة ؛ وإنما هو طلحة بن عبيد اللَّه بن مسافع بن عياض .

وممن ذكر ذلك ابن الأثير في "أسد الغابة" (3/88)

حيث قال في ترجمته :" سمي طلحة الخير أيضًا، كما سمي طلحة بْن عبيد اللَّه، الذي من العشرة، وأشكل عَلَى الناس، وقيل: إنه الذي نزل في أمره: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا}

وذلك أَنَّهُ قال: لئن مات رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأتزوجن عائشة، فغلط لذلك جماعة من أهل التفسير، فظنوا أَنَّهُ طلحة بْن عبيد اللَّه الذي من العشرة، لما رأوه طلحه بْن عبيد اللَّه التيمي القرشي، وهو صحابي.

أخرجه أَبُو موسى، ونقل هذا القول عن ابن شاهين". انتهى .

وكذا قال السيوطي في "الحاوي في الفتاوي" (2/116) :

" وَقَدْ كُنْتُ فِي وَقْفَةٍ شَدِيدَةٍ مِنْ صِحَّةِ هَذَا الْخَبَرِ ; لِأَنَّ طلحة أَحَدُ الْعَشَرَةِ أَجَلُّ مَقَامًا مِنْ أَنْ يَصْدُرَ مِنْهُ ذَلِكَ، حَتَّى رَأَيْتُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ رَجُلٌ آخَرُ شَارَكَهُ فِي اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَنَسَبِهِ ; فَإِنَّ طلحة الْمَشْهُورَ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْعَشَرَةِ - طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم التيمي - وطلحة صَاحِبُ الْقِصَّةِ - طلحة بن عبيد الله بن مسافع بن عياض بن صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم التيمي -

قَالَ أبو موسى فِي الذَّيْلِ عَنِ ابن شاهين فِي تَرْجَمَتِهِ: هُوَ الَّذِي نَزَلَ فِيهِ: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ} الأحزاب/53 الْآيَةَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: لَئِنْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ لَأَتَزَوَّجَنَّ عائشة، وَقَالَ: إِنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْمُفَسِّرِينَ غَلِطُوا، وَظَنُّوا أَنَّهُ طلحة أَحَدُ الْعَشَرَةِ". انتهى

والصحيح : أنه لا يصح ذلك ، لا في طلحة بن عبيد الله ، ولا في غيره من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم .

وهذا إن ثبت أنه قيل ؛ فلعله من أحد المنافقين الذين آذوا رسول الله عليه وسلم

وهذا ما رجحه القرطبي في "المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم" (4/150)

قال :" وقوله : { وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدًا } ؛ أي : ما ينبغي ، ولا يحل ، ولا يجوز شيء من ذلك بوجهٍ من الوجوه . ويقال : إن هذه الآية نزلت لَمَّا قال بعضهم - وقد تكلَّم مع زوجة من زوجات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ - : لأتزوجنَّ بها بَعْدَه ؛ فأنزل الله الآية.

وقد حكي هذا القول عن بعض فضلاء الصحابة . وحاشاهم عن مثله . وإنما الكذب في نقله . وإنما يليق مثل هذا القول بالمنافقين الْجُهَّال ". انتهى .

والحاصل : أن هذا الذي ذكر من قول طلحة ، وعزمه على الزواج بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : لم يصح ، بل روي من طرق عامتها تالف ، موضوع .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سلسله علوم الحديث


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 12:00

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc