سياسةالحركة الاصلاحية

[محمد الطيب0005]

النشاط السياسي للحركة الاصلاحية في البلدية المختلطة اريس دائرة باتنة (1936-1939)
كان للحركة الإصلاحية في منطقة الأوراس نشاط سياسي هام، وتجلى ذلك في المنشور الذي وزع من طرف الشعبة بتسقيفين، بمناسبة التظاهرات التي وقعت بعيد الخريف 1937م وفي هذا الصدد رواية عن المجاهد الطهر خذري حيث ذكرلتلاميذ ثانوية الاخوة شطارة في فيديوا مطول مايلي:-ان حادثة سوق (ايزيارن) وهوسوق سنوي بوادي عبدي بالاوراس بجوار قرية تيسقيفين المجاورة لقرية مدرونة بلدية شير حاليا حيث ذكر بان عمر دردور وسعد حب الدين كانا في نشاط سياسي مع مجموعة من الناس فلاحظ الشيخ سعد حب الدين أن الدرك الفرنسي وصل إلى المنطقة فأعلم الشيخ عمر الذي صعد عبر الوادي إلى حيدوس أما الشيخ سعد حب الدين فصعد نحو قرية مدرونة لأنه كان يعلم في الزاوية هناك في الثلاثينات ,ويقول بان سعد نشيط جدا وشجاع ،وذكر بان حب الدين سعد انتقل من وادي عبدي في الأربعينات وحضر الاجتماعات التمهيدية للثورة كعنصر أساسي مع الشهيد مصطفى بن بولعيد.في جهة اولاد فاضل. ، والتدخل في عدة قضايا سياسية منها التوجيه والتأثير في انتخابات كبار الجماعة في كل دوار، وانتخابات الجمعيات الفلاحية بصورة غير مباشرة ، عن طريق اختبار المترشحين لهذه المجالس والجمعيات الفلاحية ،،ومن أهم الأعمال الهامة التي قامت بها الجمعيات أيضا، تكوين لجان لإصلاح ذات البين،هذا الأمر أدى إلى هجر المحاكم الفرنسية وتعطيلها
موقف السلطات الاستعمارية من الحركة الإصلاحية.
وقد أشرف ايضا على مكتب انتخابات لجمعيات فلاحية باثنية العابد، وانطلقت عملية الاقتراع في جو تسوده الحرية الكاملة. وفي منتصف النهار عندما كان الحاكم يريد تناول الغذاء طلب من القائمين على الصندوق الخروج من القاعة، فرفض الاخوان حب الدين سعد وبن فيفي على الخروج وسألهما: لماذا؟ هل يعود ذلك الى عدم الثقة، فرد عليه أحدهما بأن لنا كل الثقة في سيادتكم لكن لن نتخلى عن الصندوق حتى نهاية العملية الانتخابية. ولما شعر برفض امره واهانته قام من كرسيه وتقدم الى حب الدين ساعد وبصق في وجهه وكان رده عليه فان بصاقك ليس بسم افعى فيقتلني، ثم قام الاخوان فاخرجا الصندوق من المكتب ليتناول الحاكم الغذاء ثم تواصلت عملية الاقتراع وانتهت بنجاح القائمة الموالية للحركة الاصلاحية وانصرف الحاكم يجر اذيال الخيبة والخزي والعار "
وإثر موقف ابن عباس محمد بلحسين بعد هروبه من منعة إلى باتنة الذي صرح فيه عبر
صحيفة (lentente) لسان حال الحركة الساسية التي كان يديرها وينشطها ابن جلول محمد الصالح، التي نشرت له عدة مقالات سياسية وفكرية ودينية، شهر فيها بأعمال الحاكم ميسكاتيلى وفضح تصرفاته وانتهاكه لحرمات المساجد والزوايا وتطبيق القوانين المستمدة من القانون الأهلي، بالإضافة الى هذه المقالات الهامة ارسل شكاوى وبرقيات الى كل من رئاسة الجمهورية الفرنسية ورئاسة الحكومة ، والوالي العام بالجزائر للفت انظارهم من خلالها الى تصرفات هذا الحاكم بواسطة ( القومية ) وغيرهم من أجل تحقيق أغراضه الشخصية ، الأمر الذي ادى بالسلطات الفرنسية العليا الى ارسال وفد من رئاسة الجمهورية للتحقيق في عين المكان بمنعة . وبعد هذا التحقيق وقع نقل الحاكم من جوز اريس.
ولم يدخل ابن عباس منعة الا بعد رحيل الحاكم الذي اوصى بإلقاء القبض عليه بمجرد دخوله حوز أريس وبعد صدور قرار تحويل الحاكم ميسكتيلي وتعيين خلف له وهو الحاكم فيرى لوسيان الذي كان نائبا له شعرت الإدارة الفرنسية بمخاطر الحركة لما آل إليه المواطنون من توعية وإلهام الحس الوطني، بفضل عملية التثقيف والتوعية التي انبثقت من مراكز الحركة ،حيث طالب المواطنون بالحقوق والتشهير بالمظالم ورفض أوامر السلطة المحلية، وعدم شعورهم بالخوف والجرأة من خلال عدم دفع الإتاوات المفروضة عليهم، كما ترددت كلمة الاستقلال في الأوساط الشعبية( )، ومن اجل الحد من نشاط الحركة الإصلاحية وتغلغلها في الأوراس عمدت الإدارة الفرنسية بمحاصرة نشاط الحركة بكل الوسائل لكسر شوكتها ، ووضع حد لتغلغلها وهذا بتجنيد القواد وعملائهم حيث عملوا على تزوير التقارير وتأويل ما يرد في الخطب والمحاضرات، التي كانوا يلقونها في المساجد كذريعة لإلقاء القبض عليهم بتهمة تحريض السكان على العصيان، فمثلا الخطاب الذي ألقاه الشيخ عمر دردور في المسجد العتيق بأريس فداول حسب مبتغى الاستعمار
قامت الإدارة الفرنسية بتعيين الحاكم مسكيتلي ليون ( ) حاكما على حوز أريس، الذي أتصف بالتجبر والكراهية للعرب، واستعمل جميع أساليب الاضطهاد والقهر وزرع التفرقة بين الأعراش ، كما استعمل حراس الغابات لمضايقة الشعب، وفرض غرامات وإتوات عليهم وإحالتهم على المحاكم أحيانا ، كما استعمل القواد وبعض رؤساء الجمعيات المحلية في تقديم شهادات مزورة كتابيا أو لفظيا، حول رجال الحركة الإصلاحية لمعاقبتهم باستمرار.
كما طالب حاكم أريس الإمداد العسكري من قائد الجيش بباتنة ، وبعد تلبية طلبه بعث فرق عسكرية من باتنة قامت بحملة عبر وادي الطاقة، ثم وادي عبدي وعند وصولها قرية حيدوس صوبت مدافعها نحوها ، وتوجه قائد العملية إلى القرية ومعه حراسه ووقف أمام النادي مظهرا التجبر والتكبر ، مستفزا المواطنين أثناء الحوار معهم ويقول الشيخ عمر دردور في تسجيل خاص كنا في اجتماع في النادي الحيدوسي في الثلاثينات فاذا بحاكم اريس (ميسكاتيلي)ومعه جنود يقودهم رائد مرافقون له ،فلما اقترب الرائد ومرافقوه من الجنود من النادي قادمين إلينا اعترض الشيخ سعد حب الدين ووصل به الأمر الى التقرب من احدهم لضربه وهو برتبة رائد فقمت بتهدئة الوضع فلما انصرفوا قلت للشيخ سعد :إن هذه قنبلة ستؤدي الى غلق النادي الحيدوسي والنوادي الأخرى من طرفهم ....الخ ، ثم واصلت الفرق مسيرتها حتى بلغت قرية منعة، وقامت بمحاصرتها وبالأخص زاوية إبن عباس، وتوجه الضابط إلى الزاوية وتحدث مع رجال هذه الزاوية مظهرا لهم التهديد، واستعراض القوة لتخويفهم واستفزازهم من جل رد فعل من طرفهم ، كمبرر لقيام بضربهم غير أن السكان تفطنوا للمؤامرة، وتحلوا بالرزانة
ثم رجعت هذه الفرق بعد مناورات دامت يومين إلى مقرها بباتنة رغم كل وسائل الاضطهاد التي اتخذتها الإدارة الاستعمارية للحد من نشاط الحركة الإصلاحية إلا أن سكان الأوراس التفوا حول شيوخهم ولم تستطع الإدارة الاستعمارية أن توقف مسار الإصلاح في المنطقة بل استمر نشاط العلماء وبقيت مراكزهم إشعاعية تبث الروح الوطنية للناس