سلسلة تصحيح المفاهيم- 01 - العين - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الرقية الشرعية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

سلسلة تصحيح المفاهيم- 01 - العين

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-01-18, 12:42   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
moncefmer
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي سلسلة تصحيح المفاهيم- 01 - العين

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سأنقل بإذن الله عز وجل سلسلة من بحوث علم الطب الروحي، البحوث خاصة بالمعالجين ليستفيدوا من تجارب وخبرات من سبقهم واعلموا إخوتي أنه بعد التوكل على الله جل جلاله يعد العلم أقوى سلاح يواجه به المعالج كيد سحرة الإنس والجن، فالسحر علم تتناقله السحرة ويتم تطويره أول بأول كذلك العلاج الشرعي، فهو العلم المضاد للسحر، لذلك أدعو إخوتي لمتابعة هذه السلسة وأرحب بأي استفسار أو نقاش علمي بخصوص ما سأنقله بإذن الله.

كذلك لا مانع للمرضى أن يطالعوا البحوث بل أحثهم على ذلك فالشياطين تروج للخرافة وتحرف المفاهيم ثم تتسلط على المريض بالوساوس واعلموا إخوتي أخواتي أن قوة السحر تكمن في خفاءه فإذا عرف المريض آلية عمل الشيطان ستخف وطأة الأسحار عليه وتعمل في حدود ضيقة لا تزيد عن الأذى العضوي. وأسأل المولى عز وجل أن يشفيكم ومرضى المسلمين ويحرر أسرانا في المشارق والمغارب وأن يصلح أحوالنا ويرفع عنا البلاء هو اللطيف الخبير.

سأبدأ بإذن الله عز وجل ب [ العين ] لأنها موضوع كثر اللغط فيه ولأهمية معرفة المعالج كيفية عمل الشيطان المعيان (البومة) وطريقة إضعافه واعلموا إخوتي أن كل حالة مس أو سحر لابد من وجود جيش من البوم له دور مهم في المنظومة السحرية وعلى المعالج أن يتعامل معها في أول الجلسة وإلا كانت سببا في فشلها وسيأتي تفصيل ذلك إن شاء الله، لمناقشة الكاتب برجاء التفضل على منتدى آخر الزمان.








 


قديم 2019-01-18, 12:43   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
moncefmer
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم


مفاهيم حول الإصابة بالعين

الكاتب: بهاء الدين شلبي.

لم يثبت شرعا ولم يتفق عقلا أن العين تخرج منها سموم أو أشعة تتصل بالمعيون وتؤذيه، وهذا تفسير خرافي لتأثير العين في المعيون لا سند له من الدين أو العقل، ولكن ذكر الحافظ ابن حجر: (وقد نقل عن بعض من كان معيانًا أنه قال: إذا رأيت شيئًا يعجبني وجدت حرارة تخرج من عيني)، وإحساس العائن بحرارة تخرج من عينيه لا يعني مطلقا أن العين هي مصدر هذه الطاقة، وما يعنينا من العين وظيفتها المنوطة بها، ألا وهي النظر، وهذا من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (استرقوا لها فإن بها النظرة)، فذكر النظرة إشارة لوظيفة العين.


والعين لا يمكن أن تكون مصدر الطاقة الحرارية التي يشعر بها العائن، لعدم احتوائها على أي مصدر للطاقة، اللهم إلا ما يتشعب خلالها من شرايين تتدفق فيها الدماء لتغذيتها، فدرجة حرارتها لن تتجاوز بحال درجة حرارة الجسد، إذًا فمصدر هذه الطاقة الحرارية يعد خارجي ودخيل على جسم العائن، والمصدر الحقيقي لهذه الطاقة الحرارية هو الشيطان الذي يحضر مع العائن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (العين حق، ويحضر بها الشيطان..)، فالشيطان خلق من نار، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ)، لذلك كان ماء غسل العائن والوضوء يطفئ نارية الشيطان، ويذهب تأثيرها في المعيون.فحمل بعض المعاصرين ما ذكره الحافظ ابن حجر على أنه خروج أشعة من عين العائن تصيب المعيون، وهذا خيال ترسخ مما روجت له الأفلام السينمائية وصدقه الناس، فالعين لا يخرج منها ضوء أو إشعاعات، لكن العكس هو الصحيح، فقد ثبت علميًا أن العين لكي ترى لا بد من سقوط الضوء على الأشياء ومن ثم انعكاس الضوء على شبكية العين فترى العين الأشياء من حولها، ثم تنقل إشارات إلى المخ، والمخ يترجم الإشارات إلى صور حسية فيبصر الإنسان ويعي ما يراه، لذلك لا نستطيع رؤية الأشياء في الظلام، وهناك بعض الحيوانات والطيور والحشرات حباها الله بخاصية (الرؤية الحرارية)، فتستطيع تمييز الحرارة الصادرة عن الأشياء ومن ثم ترجمة الحرارة إلى صور مرئية مجسمة أمامها، وهذه الخاصية يفتقدها الإنسان، ولكن أمكنه بواسطة الأجهزة الحديثة محاكاة قدرة الحيوانات، وبهذا يتم الإبصار بطريقتين (الرؤية الضوئية) و(الرؤية الحرارية)، إذًا فالعين مجرد آلة حسية نرى بها الأشياء، ونبصر من خلال المخ، فهي مضغة مكونة من لحم ودم، لا تحمل طاقة داخلية حتى يصدر منها أشعة ضوئية أو طاقة حرارية صوب المعيون.


فعند حضور الجن على جسد الممسوس ترتفع درجة حرارة أنفاسه بدرجة ملحوظة، حتى أنها تلسع يد المعالج إذا ما قربها من أنف المريض لفترة من الوقت لدرجة تصبب العرق منها، فالشيطان المنطلق من خلال عين العائن صوب المعيون هو مصدر الحرارة التي تخرج من عين العائن، هذا إذا أدرك العائن النعمة بعينية وليس بحاسة أخرى من حواسه المختلفة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم عن العين: (ويحضر بها الشيطان)، فرغم ضعف الشيطان المعيان بدليل أن المعيون يشفى بمجرد صب غسل العائن عليه، وتتدافع المدد الشيطاني إليه بتثاؤب المريض أثناء الرقية، إلا أنه يستمد طاقته وقوته من طبيعة نفس العائن وقوتها لا من ذاته، أي من قوة الحسد الكامن في نفس الإنس أو نفس الجن.


وما يعنينا هنا هو حرارة النظرة، لقول النبى صلى الله عليه وسلم: (اللهم أذهب عنه حرها، وبردها، ووصبها)، فرقاه النبي صلى الله عليه وسلم من ثلاثة أشياء من حرارة النظرة،وبرودتها،ودوام وجعها ولزومه، ولأن النظرة منها الحارة ومنها الباردة، فكذلك مجلس الشيطان يكون بين حرارة ضوء الشمس وبرودة الظل، فعن رجل‌ أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجلس بين الضح والظل وقال:‌ (مجلس الشيطان)، فالشيطان إما ينشط الإنسان فيشعل فيه حرارة الغضب، وإما يثبطه فيصيبه ببرودة الفتور والكسل فيتثاقل عما لا ينبغي أن يتثاقل عنه.


فإذا كانت العين وسيلة لإبصار الأشياء فإنها ليست الوسيلة الوحيدة للإحساس بوجود الأشياء، فهناك حواس أخرى تشترك مع العين في إدراك الأشياء، فهناك حاسة السمع يستطيع الإنسان من خلالها تمييز وجود الأشياء صوتيا، وهناك حاسة الشم يمكن من خلالها تمييز وجود الأشياء من خلال ما يصدر عنها من روائح مميزة، وهناك حاسة الذوق وهي تشترك أحيانا مع حاسة الشم في تميز الطعم والروائح، وهناك حاسة اللمس ومن خلالها يمكن تمييز وجود الأشياء من خلال ملمسها وحرارتها، وهناك العقل يمكن من خلاله تمييز وجود الغيبيات، مثل إدراك وجود الله بالعقل، فضرر العين وإن اشتهر انتشاره حقيقة من خلال حاسة البصر، إلا أن الحسد المؤدي للإصابة بالعين لا يقع إلا بإدراك وجود النعم، وإدراكها كما بينا قائم على الحواس والعقل، وليس على النظر فقط، فقد نجد كفيفًا لا يبصر بعينيه، ولكنه يحمل في صدره بصيرة رحمانية، وربما بصيرة شيطانية، فإذا سمع عن نعمة أو لمسها على أحد من الناس أصابها الأذى رغم عجزه تماما عن رؤية المعيون، لذلك نجد أشخاصا أعينهم سليمة تماما من حيث تركيبها، ولكنهم لا يبصرون، وعلى العكس تماما نجد شخصا فقد عينيه تماما، ورغم ذلك يرى أحلاما ومنامات، وفي مناماته يميز الألوان ويتعرف على الأشخاص المحيطين بهم، مما يؤكد أن الرؤية شيء والإبصار شيء آخر تماما، إذا فالرؤية والإبصار عمليتان تؤديان لحدوث النظر، فالنظرة أعم وأشمل، والإدراك يتحقق بالحواس عموما.


إذًا ليست العين بقدرتها على الإبصار هي السبب الأول والوحيد في إصابة المعيون بالأذى، ولكنها تبقى النفس الأمارة بالسوء التي أدركت وجود النعمة هي المسئول الأول عن الأذى، فالنفس هي التي تتمني وتهوى، فالأعمى يصيب المعيون بالأذى رغم أنه سمع عنه فقط، وربما يصيب مبصر بالأذى لمجرد سماعه بنعمة حلت بالمعيون وهو في مكان بعيد جدا عنه، وهناك نعم معنوية لا يمكن رؤيتها بالعين، كأن يكون المعيون حاد الذكاء أو البصر، ورغم أنها نعم غير مادية، لا تبصرها العين المجردة، إلا أنه بسبب العائن يصير الذكي غبيا، والمبصر أعمى، وعليه فلا يصح ربط الأذى بالعين فقط، إنما بالحواس كلها.


ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أقر لفظًا بحقيقة العين والنظرة، مما لا يدع مجالا للشك من حقيقة دور العين وفاعلية تأثيرها، فإن ثبت أن عين الإنسان مجرد آلة تفتقد القدرة على إلحاق الأذى، وأنها ليست المصدر الوحيد للإحساس بالموجودات، بل يشاركها الإدراك حواس أخرى مختلفة، إذًا فالعين ليست هي عين ونظرة الإنسي، وهذا قد يبدو من ظاهر الأمر تعارض بين السنن الكونية، وبين النصوص الشرعية، ولكن هذا قصور منا في فهم النصوص، وعجز عن إسقاط النصوص في الواقع، والسبب هو تناول دلالات النصوص من قبل غير المتخصصين في التعامل مع الجن، فإن كان هناك علماء مجتهدين في جميع نواحي الشريعة، إلا أنه هناك نقص لا ينكره أحد في وجود علماء متخصصين في (العلوم الجنية)، وبالتالي وسد الأمر إلى غير أهله من المتخصصين، فحملوا النصوص على ظاهرها بما يتعارض وواقع السنن الكونية، لذلك فالأمة اليوم بحاجة إلى وقفة مع نفسها للاعتراف بالعلم الجديد الأصيل شرعًا، وهو ما اصطلحت عليه باسم (العلوم الجنية)، وهو علم خلاف (علم الطب الروحي)، وإن كان (الطب الروحي) فرع من فروع (العلوم الجنية)، فهناك علوم أخرى متفرعة عنه لم نصل إليها بعد، على سبيل المثال (فقه التعامل مع الجان)، (أحكام الجان)، (صفات وخصائص خلق الجان)، وللأسف الكبير أنه اجترأ على الخوض في هذه العلوم إما (السلفيين المعاصرين) بلزومهم النص السلفي، فإن لم يجدوا نصًا أنكروا الواقع، وحكموا ببطلانه لأن السلف لم يقولوا بهذا، رغم أن النص يحتمل دلالة تفسر الواقع والسنن الكونية، وإما من أخذته الحماسة وهو ليس أهل للاجتهاد والخبرة والتخصص، فأخرجوا لنا مفاهيم ما أنزل الله بها من سلطان.


ولكننا سنجد حسب مفهوم النص أن العين أو النظرة ليس المقصود بها العين البشرية، فليس هناك شريك عاقل ومميز لوجود النعم وقادر على إلحاق الضرر بها سوى الشيطان، إذا فالعين الشريرة هي عين الشيطان المترصد للنعم، فيصوب الشيطان عينه ويطلق نظرته صوب النعمة في المعيون فيؤذيه بقدرات فائقة اختص الله بها الجن، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من عين الجان، ثم أعين الإنس، فلما نزلت المعوذتان أخذهما، وترك ما سوى ذلك. فقدم عين الجن على عين الإنس لشدتها وخفائها، ولأن عين الجن هي الأصل في إحداث الأذى، فتنفذ حرارة نظرة الشيطان من خلال عين العائن المصوبة تجاة المعيون، إذًا فلابد من تلبس الشيطان بالعائن ليتمكن من النظر من خلال عينه إلى المعيون، وعلى قدر شدة حرارتها تكون سرعة الإصابة بالأذى، لقوله صلى الله عليه وسلم: (ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين)، وهذا يفيد أن للعين سرعة تزيد وتنقص في سباق خاسر لها مع القدر، فليست النظرة بالسرعة التي تسبق قدر الله تعالى، وقالت أسماء بنت عميس: (ولكن العين تسرع إليهم)، وهذا لظهور النعمة عليهم ولضعف حصانتهم، وبما أن الإبصار يعتمد على الضوء المنعكس على شبكية العين، إذًا فللنظرة سرعة مرتبطة بسرعة الضوء، خاصة إذا علمنا أن الأشعة تنقسم إلى حارة وباردة، فإذا علمنا أن الإشعاعات غير الحرارية تنطلق بسرعة الضوء، والتي يبلغ مقدارها 186281.7 ميلاً في الثانية، بما يساوي 300 ألف كيلو متر في الثانية تقريبًا، فكيف الحال بسرعة الأشعة الحرارية؟ فإن للنظرة سرعة مرتبطة بسرعة الضوء المنعكس عليها، بل وللأشعة القدرة على النفاذ واختراق الجمادات كأشعة جاما وإكس.


لذلك فالعين هي عين الشيطان سواء أدرك العائن النعمة بعينه أو سمعه أو بأي حاسة أخرى من حواسه المختلفة، وسنجد أن صلة العين بالجن لا بالإنس ليس اكتشافا جديدًا، فقد كان هذا المفهوم متعارفا عليه في المجتمعات السحرية التي كانت تعبد الجن وتؤلههم، كمجتمع مصر الفرعونية، لذلك فالصراعات الدائرة في أساطير آلهة الوثنين والسحرة عمومًا، ما هي إلا سرد لحقائق كثيرة عن عالم الجن والشياطين، تتضمن شرحا لخصائصهم كجن، ولكننا لا نلقي لها بالا باعتبارها مجرد خرافات وخزعبلات لا أصل لها، وهذا فهم سقيم لمن لم يدرس (علم الفولكلور)، فمن أقوى الطلاسم وأكثرها شيوعًا عند الفراعنة ما يعرف (العين أوجات)، وهي تمثل العين المنزوعة من الإله (حورس) إله السماء معبود الفراعنة، والذي شفي وعادت إليه عينيه، بعد أن كان أن الإله (ست) قد اقتلعها، وهي ترمز لعين كوكب القمر اليسرى، أو عين الشمس اليمنى، وكان يستعان بها ضد (العين الشريرة)، ولجلب الخصوبة والصحة … (وترجع فعاليتها الحامية إلى صلتها الوثيقة بالأصل [أوجا] الذي يعني: [السلامة، واكتمال الصحة والعافية] وخلاف ذلك فإن كلمة [أودجا] تعنى أيضًا [تميمة]) … (ولقد قام كل من لكا وبورخارت ومورية في بحوثهم عن (التمائم والسحر) بحصر أنواع التمائم ونماذجها خلال مختلف العصور الفرعونية من عهود ما قبل الأسرات، إلى العصر الروماني. فوجد أنها تزيد على الخمسة آلاف يضم كل متحف من متاحف الآثار المصرية في العالم المئات منها)، فهذه الأسطورة تجسد صراعا بين العين القادرة على الشفاء، وبين العين الشريرة التي تلحق الأذى، فمن العجيب والمدهش أن الناس تعلق تميمة العين رغم أن العين مصدر شؤم لديهم، لكن هذه الأسطورة عن عالم الآلهة من الجن تفسر لنا سبب تعليق السحرة لتميمة العين، فهي تمثل عين الجن الحامية من أذى العين الشريرة للجن أيضًا، فهم يستعينون بقدرات جن ضد جن آخر، إذًا فما الفارق بينهم وبين من يستعينون بالجن المسلمين زعموا لعلاج ما أفسده الجن؟ بينما الجن المسلمين ينكرون هذه الفرية في حقهم، لذلك أعتقد لا يوجد أي فارق بين السحرة والمستعينون بالجن.


لذلك يجب أن نضع صوب أعيننا أن السحرة هم الأكثر دراية بخصائص الجن واطلاعًا على أحوالهم، فبدون هذه المعرفة لا يمكنهم الاستفادة من قدرات الجن في السحر، ومن ثم يأتي بعدهم في الترتيب المعالجين، فهم أقل من السحرة دراية بعالم الجن، فسنجد أنهم على صنفين لا ثالث لهم، فالصنف الأول يتقيد يظاهر النصوص انطلاقا من مفهوم السلف، والصنف الثاني يضيف إلى ظاهر النصوص الخبرة والتجربة، والصنف الثاني على قسمين، الأول منهما يعتمد الضوابط الشرعية والفهم الصحيح للعقيدة، والثاني اعتمدوا على الاستعانة بالجن، وبذلك خرجوا التوحيد إلى الشرك فلا يشفي الله على أيديهم أحدا إطلاقًا، فما يجده المريض من عافية إنما مجرد تحسن في الظاهر مؤقت، مبني على زيادة تمكن الجن من جسد المريض أكثر من ذي قبل فتستكين الحالة، فيظن الجاهل بأمور الجن أن الحالة قد شفيت، وعلى المدى البعيد قد تنتكس الحالة أشد من ذي قبل، وهذا ما يسمى اصطلاحيا (السحر الطبي Shamanism).


ولجهل أصحاب هذه المدرسة فلم يقرؤوا من قبل عن مصطلح (شامان Shaman)، وهو الطبيب الروحي المتصل والمعتمد على قوة عالم الجن في علاج المرضى، وهو طبيب ساحر كان ولا يزال منتشر في جميع المجتمعات السحرية، وللشامانات أساليب متنوعة ومختلفة تتوافق وكل مجتمع، وتحقق لهم ما يحافظوا به على تواجدهم فيه، فتخلت الشياطين عن مظاهر (حلقات الزار) البدائية والمنقرضة بعد أن فضحت إعلاميا، وانصرف الناس عنه، فتخلت عن المظاهر وأبقت على أصل (الزار) وهو (الاستعانة بالجن)، لتظهر الاستعانة في ثوب شرعي مدعوم بأقوال السلف التي لا سند لها من كتاب أو سنة، حتى ظهر علينا من أباح إبطال السحر بنقولات من كتب سلف الأمة، ليقنع مجتمع الصحوة الإسلامية المعاصر أتباع المنهج السلفي، ومن قبل انتشر (الشامانات) في البلاد الإسلامية من خلال الفكر والمعتقد الصوفي، فصاغوا ما يحاكوا به الكرامات، واحتجوا بالكرامات على مشروعية منهجهم السحري ومعرفتهم الباطنية المدونة في كتاب (شمس المعارف الكبرى)، فتمكنت البقية الباقية منهم من فتح قنوات فضائية عديدة ينشرون من خلالها السحر، وحتى اللحظة لا نجد قناة واحدة فتحت (للعلاج الشرعي)، في مقابل قناة واحدة فقط للرقية الشرعية ولا علاقة لها بالطب الروحي على الإطلاق، لكن للأسف أن كثير ممن يطالعون ما أكتبه يقرؤونه لمجرد البحث عن مبرر يقنعهم بالطعن في شخصي، وبدون أن تتفتح أذهانهم لما تحتويه مواضيعي وأبحاثي من مضامين يجهلونها، وفي النهاية يتهموني باطلا بأني أروج للسحر، رغم أني أكشف السحر وأعري السحرة، لكنهم لا يرون إلا بعين واحدة، وهي عين (المسيح الدجال) التي لا يرى بها إلا نفسه فقط، وعلى الأرجح لا ينظرون بعينه التي تبصر.


إن الحسد ليس السبب الوحيد للإصابة بالعين، بل الأصل هو ترك التبريك على النعم، فإن ترك الدعاء بالبركة سبب رئيسي في وقوع الأثر المدمر على المعيون، نتيجة لحضور الشيطان عند كل شيء من شؤوننا، فعند ترك التبريك على النعم، أو الحسد وهو تمني زوال النعمة، يبدأ هنا عمل الشيطان لإلحاق الضرر والأذى بواسطة عينه ونظرته صوب المعيون، لذلك عاتب النبي صلى الله عليه وسلم عامرًا ليس على النظرة، فحاشى للمسلم أن يحسد أخاه المسلم، ولكن عاتبه على ترك التبريك فقال: (.. هلا إذا رأيت ما يعجبك بركت)، وقد يصيب صاحب النعمة نفسه بالأذى، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأى أحدكم من أخيه، أو من نفسه، أو من ماله ما يعجبه فليبركه، فإن العين حق)، فالدعاء بالبركة لا يمنع عين الإنس من النظر، ولكن حلول البركة حجاب من الله يمنع وصول أذى عين الشيطان ونظرته، فتفقد النظرة فاعليتها فيمتنع أذاها، لانتفاء اجتماع البركة والأذى، فالضدان لا يجتمعان معًا ولا يرتفعان معًا، إذًا فوقوع الأذى معلق بغياب البركة، فإذا ترك التبريك وقع الأذى، ولأن ترك الدعاء بالبركة إما يكون نسيانًا أو كسلاً أو غفلة عن ذكر الله تبارك وتعالى، فوجب الاحتراز من أذى العين بالمعوذات والأذكار المسنونة التي يحترز بها من وقوع البلاء بإذن الله تعالى، وعلينا التخلي عن تلك المفاهيم البالية أن فلانة (عينها مدورة)، و(عين الحسود فيها عود)، فالعين البشرية بريئة من هذا الفهم السقيم، ولكنها عين الشيطان، فالعلة في آفات النفس البشرية من حسد وإغفال الدعاء بالبركة، ولنستبدلها بالدعاء بالبركة سواء على ممتلكات الآخرين أو ممتلكاتنا، ولننسب تأثير العين إلى الشيطان، فكل معيان مقترن به شيطان رجيم .


لقاء مع أشهر امرأة تصيب بالعين ..يستأجرونني لإيذاء خصومهم وزوجي يسترضيني خوفا من عيني!


في التاريخ واقعة شهيرة.. تحكي عن شقيقين أحدهما غني والآخر فقير وكان الأخير يحقد على شقيقه الغني فاستأجر أحد الحسادين المشهورين ووقف الاثنان فوق ربوة عالية، وقال الحاسد للأخ الحاقد عندما تقترب قوافل شقيقك من بعيد أخبرني فلما أخبره، إذا بالحاسد يقول له، ولكني لا أرى شيئاً فهل أنت حاد البصر. لهذه الدرجة فحسده في الحال ففقد بصره.


«أم حنان» من هذا النوع الذي يعمل لها الجيران «ألف حساب».. ووصلت شهرتها لحد أن البعض «يستخدمها» بأجر لتساعده في الانتقام من خصومه.. أو يقدموا لها الهدايا كي يأمنوا شرها.


أم حنان سيدة في العقد الرابع، نحيلة تظهر عليها بوضوح علامات الهزال والضعف، نشأت في صعيد مصر، لم تنل حظاً من التعليم، أرسلها والدها إلى القاهرة مع شقيقتها لتعمل في منزل احدى العائلات التي تعود أصولها إلى قريتها، وكانت دائماً منطوية وترفض الكلام مع الغير.


منذ أن دخلت المنزل والعائلة المضيفة تتعرض لأزمات ونكسات لم يستطع أحد أن يعرف أسبابها إلى أن كشفتها الصدفة والمزاح.. وبين الحقيقة والوهم دار الحوار التالي مع «أم حنان».


البداية مزاح * كيف اكتشفت حقيقة نظراتك «الحارة»؟


ـ البداية كانت مزاحا بيني وبين شقيقتي التي تعمل معي في منزل العائلة الثرية، بعد أن فرغنا من أعمالنا اتجهنا إلى الشرفة التي كانت تطل على مقهى كبير، كنت أؤكد لها مقدرتي على التركيز بنظراتي في الأكواب التي يحملها نادل المقهى لتنسكب بعد دقائق وتقع على الأرض وتتحطم.


كانت شقيقتي تتعجب مما يحدث.. وتطلب مني تكرار ما فعلته مرة أخرى.. وبالفعل أكرر ما حدث عدة مرات.. لتصاب بالدهشة من مقدرتي التي تكمن في نظرات عيني.


بائع الخضروات * هل اقتصرت قدرتك على مجرد سكب الأكواب وتحطيمها؟

ـ حاولت استغلال قدرتي واختبارها في أشياء أخرى.. مثل تمزيق الملابس الجديدة التي تحلو في عيني، وتحطيم زجاج النوافذ وإسقاط اللوحات من على الحوائط، وأتذكر بائع الخضروات الذي نهرني عندما كنت أشتري منه بعض طلبات المنزل، ووقفت دقائق أمامه بين الغضب والتركيز بنظراتي الثاقبة وما هي إلا لحظات حتى وقعت جميع الخضروات بأقفاصها على الأرض لتدهسها السيارات، وعدت إلى المنزل مرتاحة البال بعد انتقامي منه..



يُتبَع









قديم 2019-01-18, 14:28   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
moncefmer
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

الإصابة بالعين وعلاقتها بالحسد


الكاتب: بهاء الدين شلبي.

العلاقة بين الحسد والعين:

الحسد: هو تمني زوال النعمة عن المنعم عليه، ولا يشترط أن تصرح بهذا بلسانك، أو أن تحاول أن تلسب النعمة من المحسود. وأدناه أن تمني مثل ما لدى المحسود من نعم الدنيا وتسمى (الغبطة)، وهذا من الغبضة المذمومة. وأعلى الحسد (النقمة) وهي تمني زوال النعمة عن المحسود، وذهابها إلى الحاسد، وأن يستبدل المحسود بالنعمة مصيبة تحل به.

الحاسد: هو الشخص الذي يتمنى ما في يد غيره من نعمة، ويشتهيها لنفسه، وقد تتحول أمنياته إلى أفعال ينال بها من المحسود ويؤذيه، ليرفع عنه النعمة بالكيد له والمكر به، مثلا نجد زميل في العمل يكيد بزميله، فيشي به عند رؤسائه ليصرف وجوههم عنه، ولكي يحجبوا عنه المكافئات، ويحرم من الحوافز المادية والمعنوية، أو حتى ليتخطاه في دوره في الترقية، وقد يذهب إلى ساحر فيسحر له لكي يرفد من عمله. وفي بعض الأحيان يتحول الحسد إلى عين فيصير الحاسد عائن، فكل عائن حاسد وليس كل حاسد عائن.


المحسود: هو صاحب النعمة، والذي يتمنى الحاسد زوالها عنه، لقوله صلى الله عليه وسلم: (استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان؛ فإن كل ذي نعمة محسود). () فإن لم يحسده إنسان، حسده الجان، فعن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى فى بيتها جارية في وجهها سفعة، فقال: (استرقوا لها فإن بها النظرة).() قال الفراء قوله: (سفعة)أي: نظرة من الجن. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من عين الجان، ثم أعين الإنس، فلما نزلت المعوذتان أخذهما، وترك ما سوى ذلك.()
وقد يحسد الإنس الجن على ما وهيهم الله تعالى من خصائص القدرات، فيتمنون ما للجن من قدرات خاصة كالطيران والتخفي واستراق السمع، وهذا الصنف الحاسد من البشر يصيبون بكلامهم هذا الجن بالعين، وقد يحسدون جنا مسلم، فيصيبونهم بالعين وهم لا يشعرون، وهؤلاء الناس تتسلط عليهم الشياطين وسحرة الجان، ويستغلون ما لديهم من حسد ونقمة فيستدرجونهم حتى يوقعونهم في عبادة شياطين الجن، ثم يتحولون إلى سحرة، فتنبه تسلم أيها الغافل يا من تمزح وتتمنى ما أنعم الله به على الجن من عمة.

المحسود عليه: وهي النعمة التي يتمنى الحاسد زوالها عن المحسود وذهابها إليه. أو ما يتمنى مثلها لنفسه، إلا في حالة الأعمال الصالحة، فيجوز تمني أن نفعل مثلها، أما أمور الدنيا الزائلة، فلا يحل لأحد أن يتمنى مثل ما لغيره من نعم، وأن يسأل الله من فضله، وليرضى بما قسمه له.

العين: وهي نظرة الشيطان المعيان التي يتسلط بها على المعيون، وهذه سوف نشرحها بالتفصيل، فلها باب مستقل بالبحث والجراسة والتوضيح، فلا يختزل في كلمات محدودة.

العائن: وهو الشخص الحاسد، والذي يصيب الشيطان من خلاله المحسود بالعين فيلحق به الأذى والضرر. وإذا كثرت إصابة العائن من حوله بالعين، وصار معروفا بهذا قيل عنه (معيان). وقيد يكون الإنسان هو العائن لنفسه، لتركه الدعاء بالبركة على ماله ونفسه، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأى أحدكم من أخيه، أو من نفسه، أو من ماله ما يعجبه فليبركه، فإن العين حق)،() وقد يكون العائن من الإنس أو الجن، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من عين الجان، ثم أعين الإنس، فلما نزلت المعوذتان أخذهما، وترك ما سوى ذلك.().

المعيون: وهو من يتسلط عليه الشيطان بسحر العين ليصيبه بالأذى سواء في بدنه أو ماله، وهذا يلزم منه أن يتلبس الشيطان المعيان بجسده. لذلك فالمعيون ممسوس، لذلك فكل معيون مصاب بالمس وإن وقع أذى العين وضررها وانتهى، فيبقى المس بحاجة إلى علاج، فقد يحسد أحدهم على ولده فيموت الولد ويقضي نحبه، ورغم انتهاء الأذى بموت الولد إلا أن المعيون لا زال بحاجة للتخلص من الشيطان المعيان الذي ألحق به هذا الأذى، فيظل مصابا بمس العين حتى يتم علاجه وشفاؤه منه. ويجب أن لا يظن أحدهم أنه بانتهاء الأذى انقطعت عنه العين، ما لم يتعالج علاجا شرعيا يقطع دابر الشيطان المعيان، ويستأصله من جسده استئصالا بجلسات العلاج أو بالرقية.

المعان: وهو ما وقع عليه أذى العين وضررها، وهو المحسود عليه المعيون. إما في ذات المعيون، كضعف صحته، فيصاب بالهزال والضعف، أو في جزء من جسده، كأن يتساقط شعر رأسه، أو يصاب بالشلل في عضو من أعضاء جسده. أو ما لحق به من زوج، وولد، ومال، ومتاع، وممتلكات، فقد تحسد المرأة على زوجها فيصاب بالعنة، فالزوجة معيونة، بينما الزوج معان، فإن عولجت الزوجة شفي الزوج. أو يفشل الولد في دراسته، فيكون أحد الوالدين معيون، والولد معان، فإن عولج الوالد انصلح حال الولد. وقد تبور تجارة أحدهم ويضيع ماله، فماله معان، وهو معيون، فإن عولج من العين اجت تجارته ونمى ماله. وقد يصاب البيت بالعين أو الزراعة، فكل هذا معان، بينما مالك هذه الممتلكات معيون، فإن عولج المالج ذهب الأذى عن أملاكه.

أذى العين: وهو نوع الأذى والضرر الذي وقع على الشيء المعان. قد يحسد (المعيون) على نعمة في بدنه كصحته وقوته، أو على نعمة تخصه، كزوجه وولده وماله وجميع ما يملك. فالعين الشيطانية تصيب (المحسود) فيتسلط الشيطان المعيان على جسده بالمس، بينما يقع أذى العين على (المحسود عليه) سواء في بدنه، أو فيما يخصه. وعليه؛ فكل معيون مصاب بالمس، ويجد لمس العين أعراضا عضوية، من خلالها نشخص أنه مصاب بالعين، وهذه الأعراض تختلف عن أذى العين الواقع في بدنه، أو المرض الذي يعاني منه بسبب العين. فرغم أن شخص محسود على ماله، فيبدد كل ماله، إلا أننا نجده مصابا بأعراض عضوية، وقد يشكو صبي من العين، بينما والده هو المحسود على ابنه، ثم نكتشف أن الأب يشكو من أعراض عضوية، وقد نجد بيت فيه حشرات من نمل ووزغ وصراصير، فيكون صاحب البيت هو المحسود على بيته، ففي حين أن أثر العين وقع على البيت بظهور هذه الحشرات، إلا أننا نجد صاحب البيت يشكو من أعراض عضوية.

أسباب الإصابة بالعين:

يعتقد الكثيرون أن حاسة البصر، وعين الإنسان هما المسؤلان عن وقوع الأذى، وهذا وهم ترسخ في العقول ونسجت حوله الأساطير والخرافات، فاتهموا عين الإنسان بإتيان أفعال تفوق قدراتها لمجرد أن (العين) تسمى بهذا الإسم رغم أن الناس لا يعلمون أصل التسمية، وسبب إطلاقها.

والحقيقة أن عين الإنسان لا تملك كل هذه القدرات الذكية لإيقاع الضرر بشيء ما، لأن الأضرار التي تقع نتيجة الإصابة بالعين غير عشوائية، بل منظمة، فهناك تطابق فيما بين صنف الحسد، وبين صنف الضرر الواقع، لى سبيل المثال؛ قد يحسد أحدهم فلانا على صحته، فتزول صحته فقط، بينما يبقى ماله وأولاده لم يصبهم أذى، أو يحسد على بيته، فيحترق بيته أو ينهار، ويخرج الجميع منه سالمين. الحقيقة أن قدرات عين الإنسان محصورة في الرؤية فقط، ولا تملك قوة منفذة للأذى، ولا عقل لها تميز به بين المحسودات، وتختار المحسود هذا، وتترك ذاك.

إذن فالعين تعمل وفق تسلسل منطقي، وخاضعة لأسباب محددة، فهي تحدث ضمن سلسلة من الحوادث متواصلة بغير انقطاع، وكلا منها يتسبب في حدوث الآخر، هذا وإن كانت تحدث وفق قوانين مجهولة لنا كبشر. فالعين حتمية النتائج، لأن لها هدف، وسبب وترتيب، فهي أفعال ونتائج تصدر عن عاقل مميز، وتحدث بتمييز وبغير عشوائية، فليست العين مجرد نظرة فيقع الضرر. بل هناك قوة عاقلة مميزة، تدرك وجود المحسود، وتختار نوع الأذى الذي ستلحقه بالمعيون، وهذا بكل تأكيد خارج قدرات البشر، مما يدل على وجود كائن عاقل مميز، ذو قدرة على التأثير في عالمنا المادي، وهذه القوة تنزع إلى الشر، فلم نسمع مثلا عن أحد أصاب شخص ما بالعين، فصار ثريا، أو عفيا، إنما العين دائما مقترنة دائما وأبدا بفعل الشر فقط، ولا يوجد عقل شرير يمتلك كل هذه المؤهلات إلا الشيطان.

قد نجد كفيفا لا يبصر بعينيه، ولكنه يحمل في قلبه بصيرة ربانية، وآخر قد يكون مبصرا لكنه أعمى القلب، قال تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) [الحج: 46]. فإذا أدرك العائن وجود نعمة على شخص ما، سواء أدرك وجودها فرآها بعينيه، أو سمع بأذنيه خبرا عن نعمة أصابته فتزول عن المعيون، أو لمسها أعمى بيديه، كأن يلمس سيارة بيده فتخرب، أو شم رائحتها عن بعد بأنفه، كأن يطهو طعاما طيبا، أو تذوق هذا الطعام بلسانه فيفسد طعامه على القدر أو يحترق، فرغم أنه لم يرى النعمة بعينيه، بل أدركها بحواسه ولم يرى المعيون، فإن الأذى يلحق بالمعيون. إذن ليست العين بقدرتها على الرؤية المسؤول الوحيد، وبشكل مباشر عن الإصابة بالعين وحلول الأذى بالمعيون.

الشيطان والإصابة بالعين: وما يعنينا هنا إدراك علاقة الشيطان بالنظرة، خاصة إذا ثبت لنا أن للجن نظرة كما أن للإنس نظرة، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من عين الجان، ثم أعين الإنس، فلما نزلت المعوذتان أخذهما، وترك ما سوى ذلك.() فقدم ذكر عين الجن على عين الإنس لشدتها وخفائها وسرعتها، فللعين سرعة في الإصابة بالأذى، لقوله صلى الله عليه وسلم: (ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين). () وقالت أسماء بنت عميس: (ولكن العين تسرع إليهم). () وهذا يفيد أن لها سرعة تزيد وتنقص فى سباق خاسر لها مع القدر، فليست النظرة بالسرعة التى تسبق قدر الله تعالى. لما عالج النبي صلى الله عليه وسلم عامر بن ربيعة لما أصابه سهل بن حنيف بالعين فضرب صدره بيده ثم قال: (اللهم أذهب عنه حرها وبردها ووصبها).() و(حرها) كناية عن سرعة إصابتها المعيون، و(بردها) كناية عن بطئها، والحارة أشد في الأذى، فلا يمكن رد وصبها أي مرضها قبل علاج المعيون أو إسعافه.



كثير منا يتصور في مخيلته أن العين أو النظرة مرتبطة بعين الإنسان، وأنها منبع الأذى والضرر، فبمجرد أن ينظر العائن أو الحاسد إلى شيء بعينيه يصيبه بالأذى، والحقيقة؛ أن هذا فهم يخالف الواقع تماما، فمنشأ هذا الفهم الخرافات والأساطير والخيال الشعبي. قد تكون رؤية العائن سبب في حدوث الأذى، لكن أن يصدر هذا الأذى عن ذات العين، فهذا لا يوجد عليه دليل عقلي أو شرعي يدعمه، وأي ادعاء خلاف هذا فهو اجتهاد خاطئ، ومزاعم باطلة، لا يمكن إثباتها، ولا دليل عليها يمكن الركون إليه.

في واقع الأمر؛ أن العين مجرد آلة وظيفتها الرؤية Vision، ولأنها تقع في مقدمة الوجه فإنها تقوم باستقبال الضوء، ليمر من خلال عدسة العين لتقع الصورة على شبكية العين، والتي تنقل الصورة إلى مركز الإبصار في المخ. بينما البصر Optic وهو معيار الإبصار من العمى، ويتم في مركز الإبصار خلف الرأس، وتحديدا في الفص الخلفي للمخ، ويسمى الفص القذالي Occipital lobe. بدليل أن النائم يرى في منامه صورا مختلفة، رغم أن النائم مغمض العينين، فما يراه من صور تقع في مركز الإبصار في المخ. إذن فالعين وظيفتها الرؤية، ولا قدرات لها على إلحاق الأذى، مما يدل على وجود عين أخرى ذات قدرة إحداث هذه الأضرار.

فمن الممكن أن يسمع إنسان عن آخر خيرا ورغم أنه لم يره من قبل، ولا يراه أثناء سماع الكلام عنه، إلا أنه يصاب بالأذى، فمن الممكن للضرير أن يصيب آخر بالعين رغم أنه فاقد العينين تماما، إذن فعين الإنسان بريئة من هذا الاتهام. والحقيقة أن العين ليست المقصود بها آلة عين الإنسان، إنما المقصود بها عين الشيطان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (العين حق ويحضر بها الشيطان وحسد ابن آدم).() وفي مقاييس اللغة: وتأول الناس قوله تعالى: (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ) [المؤمنون: 97، 98]، أي أن يُصيبوني بسُوء. فيكون معنى الحديث أن العين حق، ويصيب بها الشيطان الإنسان بسوء، إذن فالشيطان هو من يصيب بعينه إن أدرك وجود نعمة على المعيون، وليست عين الإنسان هي المسؤولة عن وقوع الآذى.

فالعين تقتل الإنسان لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (العين تدخل الرجل القبر، وتدخل الجمل القدر).‌() بل العين تقتل أكثر الأمة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أكثر من يموت من أمتي بعد كتاب الله وقضائه وقدره بالأنفس).() وقوله (بالأنفس) أي بالعين. فإن كانت العين ينفذها الشيطان، فإن أعداءنا من الجن يقتلون أكثر هذه الأمة، وهذا له شاهد من قوله صلى الله عليه وسلم: (فناءُ أمتِي بالطعنِ والطاعونِ) قالوا: يا رسولَ اللهِ هذا الطعنُ قد عرفناه فما الطاعونُ؟! قال: (وخزُ إخوانِكم من الجنِّ، وفي كلٍّ شهادةٌ).() والطاعون هل كل مرض عضال، ومستعصي، لا يعلم له دواء، ولا يقتصر اللفظ على مرض الطاون المعروف.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول: (إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق، أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة).()وقوله (كل عين لامة) نجد أن كلمة (لامة) لها عدة معان مختلفة، ففي لسان العرب (والعَين اللامّة: التي تُصيب بسوء. يقال: أُعِيذُه من كلِّ هامّةٍ ولامّة). فإن كانت العين تحمل صفة الإصابة بالسوء، فلا يمكن أن يقول بعدها (لامة) تكرار لمقتضى المعنى، لأنه لا يوجد عين تصيب بسوء، وأخرى تصيب بخير حتى نميز إحداهما عن الأخرى بتكرار صفة ملازمة للعين. كما في رقية جبريل عليه السلام قال: (بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس، وعين حاسد، بسم الله أرقيك، والله يشفيك).‌ () ‌فقوله (وعين حاسد) فيه فصاحة، لأنه نسب العين إلى الحاسد، وهذا تخصيص، فهناك عين من حاسد، وهناك عين بسبب أن صاحب النعمة لا يبرك على نفسه وماله. وعليه فلا يصح لغة أن تكون كلمة (لامة) في هذا الموضع بمعنى عين تصيب بسوء.

أما المعنى الذي أراه يصح هنا أن (عين لامة) من اللمم، أي عين تصيب بالمس من الجن، ففي لسان العرب (واللّمّة واللَّمَم، كلاهما: الطائف من الجن. ورجل مَلمُوم: به لَمَم، وملموس وممسُوس أي به لَمَم ومَسٌّ، وهو من الجنون. واللّمَمُ الجنون، وقيل طرَفٌ من لجنون يُلِمُّ بالإنسان، وهكذا كلُّ ما ألمَّ بالإنسان طَرَف منه؛ وقال عُجَير السلوليّ: وخالَطَ مِثْل اللحم واحتَلَّ قَيْدَه، بحيث تَلاقَى عامِر وسَلولُ وإذا قيل: بفلان لَمّةٌ، فمعناه أن الجن تَلُمّ الأَحْيان ( قوله: تلم الاحيان؛ هكذا في الأصل، ولعله أراد تلمّ به بعض الأحيان). وفي حديث بُرَيدة: أن امرأة أَتت النبي، صلى الله عليه وسلم، فشكت إليه لَمَماً بابنتِها؛ قال شمر: هو طرَف من الجنون يُلِمُّ بالإنسان أي يقرب منه ويعتريه، فوصف لها الشُّونِيزَ وقال: سيَنْفَع من كل شيء إلاَّ السامَ وهو الموت. ويقال: أَصابتْ فلاناً من الجن لَمّةٌ، وهو المسُّ والشيءُ القليل؛ قال ابن مقبل: فإذا وذلك، يا كُبَيْشةُ، لم يكن إلاّ كَلِمَّة حالِمٍ بَخيالٍ قال ابن بري: قوله فإذا وذلك مبتدأ، والواو زائدة؛ قال: كذا ذكره الأخفش ولم يكن خبرُه: وأنشد ابن بري لحباب بن عمّار السُّحَيمي: بَنو حَنيفة حَيٌّ حين تُبْغِضُهم، كأنَّهم جِنَّةٌ أو مَسَّهم لَمَمُ واللاَّمَّةُ: ما تَخافه من مَسٍّ أو فزَع). ()

في حقيقة الأمر؛ وبحكم الخبرة والتجارب الكثيرة التي مرت علي، أستطيع أن أقول وبكل ثقة، العين ما هي إلا نوع من المس الشيطاني للمعيون، وسحر من شياطين الجن، وكم من مرة حضر الشيطان المكلف بالعين، ونطق على لسان المصابين، وتم علاجهم كعلاج المس والسحر تماما، وشفاهم الله عز وجل. بل من هؤلاء الشياطين من أسلم قبل أن يكتمل علاج المصابين بالعين، ثم قام المريض سليما معافى ليس به سوء، وحل الله تبارك وتعالى كل المشكلات التي كانت تقف عقبة في طريق حياتهم.

مما أذكره؛ أن إحداهن كان يضيق على زوجها رزقه، فقد كانت محسودة على زوجها، رغم أنه موظف بسيط الحال، فتعطل رزقه، وتأخرت رواتبه الشهرية، وأثقل بالديون. فتم علاجها، وأسلم الشيطان المعيان، فلما شفاها الله عز وجل وسع الله على زوجها رزقه، واستلم كل رواتبه المعطلة، وقضى دينه بفضل الله، وعاد رزقه إلى ما كان عليه.

وأذكر كذلك طفلة صغيرة كان شعرها ملبدا، ويتساقط، وفيه من القمل الكثير، رغم أن الأسرة غاية في نظافة، واستعملت الأم كل وسائل النظافة للقضاء على القمل وبدون أدنى فائدة. وكانت هذه الطفلة قد أصيبت بعين بسبب جمال شعرها، حين كانت تسبح مع صديقاتها في حمام السباحة، وحضرت شيطانة عجوز شمطاء خبيثة، وكانت غاية في القذارة، وقد رأت الأم هذه الشيطانة، لأنها كانت مصابة بسحر ولديها كشف سمعي وبصري. فكانت تلك الشيطانة تحضر على البنت، وتصيبها بهذا الأذى في شعرها، فتعاملنا مع الحالة وشفى الله هذه الطفلة، وعاد لشعرها جماله ونظافته بمجرد انتهاء الجسة، وكأن شيئا لم يكن.

الحسد والإصابة بالعين: لن أتناول الحسد تناولا وعظيا، فهذا ليس بابه، إنما أريد فقط أن أبين مساوئ الحسد، وأكشف أحد أهم أضراره، وكيفية تسببه في الإصابة بالعين. فالحسد هو تمني زوال النعمة عن المنعم عليه، قال تعالى: (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ) [البقرة: 109]. وقال تعالى: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ) [النساء: 54]. وقد أمر الله تعالى بالتعوذ من شر الحاسد فقال: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِن شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) [سورة الفلق].

والحسد أدناه الغبطة وهي تمني مثل نعمة غيرك، وأعلاه النقمة وهي تمني زوال النعمة عن صاحبها، وذهابها إلى الحاسد، وأن تستبدل النعمة لدى المحسود بمصيبة، كما نقم فرعون من السحرة حين أسلموا، قال تعالى: (قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَـذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ * لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ * قَالُواْ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ * وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ) [الأعراف: 123؛ 126]. فأراد أن يردهم عن نعمة الإسلام، ثم أبدلهم بها التعذيب والقتل، لذلك قالوا له: (وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءتْنَا). وتمني متع الدنيا، والنظر والتطلع إليها، هو من الغبطة المذمومة والتي قد تفتن الإنسان لقوله تعالى: (وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى) [طه: 131].

والغبطة من الحسد المذموم، عدا في أمرين ذكرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (لا حسدَ إلا في اثنتَينِ: رجلٌ علَّمه اللهُ القرآنَ فهو يَتلوه آناءَ الليلِ وآناءَ النهارِ، فسمِعه جارٌ له فقال: ليتَني أوتيتُ مِثلَ ما أوتيَ فلانٌ، فعمِلتُ مِثلَ ما يَعمَلُ، ورجلٌ آتاه اللهُ مالًا فهو يُهلِكُه في الحقِّ، فقال رجلٌ: ليتَني أوتيتُ مِثلَ ما أوتيَ فلانٌ، فعمِلتَ مِثلَ ما يَعمَلُ). () المقصود بقوله (لا حسدَ إلا في اثنتَينِ) أي الغبطة المحمودة، فهذا من الحسد المباح؛ أي تمني مثل نعمة غيرك، وما غير ذلك من الغبطة، فهو من الحسد المذموم. فالحسد والغبطة المباحة في تمني القيام بالعمل الصالح، لا في تمني الدنيا ومتاعها الزائل، لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المتحابون في الله في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله، يغبطهم بمكانهم النبيون والشهداء. قال: ولقيت عبادة بن الصامت فحدثته بحديث معاذ، فقال: سمعت رسول الله يقول عن ربه تبارك وتعالى: حقت محبتي على المتحابين في، وحقت محبتي على المتناصحين في، وحقت محبتي على المتباذلين في، وهم على منابر من نور، يغبطهم النبيون والشهداء والصديقون). () فالأنبياء والشهداء لن يتمنوا متاع الدنيا الزائل، ولكن مناهم في العمل الصالح، فقوله: (لا حسدَ إلا في اثنتَينِ) من باب المجاز البياني، لا من باب الحصر، وإلا فأبواب العمل الصالح لا حصر لها.

ولا يقتصر الحسد على التمني فقط، وإنما يشمل كذلك الأخذ بأسباب تحقيق هذه الأمنيات، من عداوة وبغضاء ومحاولات إزالة النعمة عن المحسود. إذن فالحسد آفة من أسوأ أمراض القلوب، وداء يصيب النفس البشرية، لقوله صلى الله عليه وسلم: (دبَّ إليْكم داءُ الأممِ قبلَكم الحسدُ والبغضاءُ، هيَ الحالقةُ، لا أقولُ تحلقُ الشَّعرَ، ولَكن تحلِقُ الدِّينَ. والَّذي نفسي بيدِهِ لا تدخلوا الجنَّةَ حتَّى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتَّى تحابُّوا، أفلا أنبِّئُكم بما يثبِّتُ ذلِكَ لَكم؟! أفشوا السَّلامَ بينَكم). () وسلوك مشين يصدر عن الإنسان، فلا ينتفع معه بحسنات، بل يضيع الحسد الحسنات ويبددها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنَّ الحسدَ يُطفِئُ نورَ الحسناتِ). () والحسد يفسد الإيمان، فيحسب الحاسد أنه صحيح الإيمان ويغتر بإيمانه، ولا يشعر أن إيمانه أفسده الحسد، لقوله صلى الله عليه وسلم: (الحسَدُ يُفسدُ الإيمانَ، كَما يفسِدُ الصَّبرُ العسلَ). ()

إذا كان الشيطان مسؤول عن الإصابة بالعين، فإن الشيطان يستغل حسد ابن آدم فيندفع لتحويل الحسد من مجرد أمنيات شريرة إلى أذى حقيقي يصيب بالمحسود، فالعلاقة بين العين والشيطان والحسد ثابتة في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (العين حق، ويحضر بها الشيطان، وحسد ابن آدم).() والشيطان يستغل أمراض القلوب إما ليسيطر على البشر وتوجهاتهم، فيحركهم بحسب هواه، وإما أن يبدد بها حسناتهم وكأنها لم تكن، وذلك من خلال بث البغضاء والكراهية بين المؤمنين، والتحريش بينهم، لذلك قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الشَّيطانَ قد أيِسَ أن يعبُدَه المصلُّونَ في جزيرةِ العربِ ولَكنْ في التَّحريشِ بينَهم). () قرن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين تمني زوال النعمة والسعي في إزالتها، وبين البغضاء، أي شدة الكراهية، فقال: (دبَّ إليْكم داءُ الأممِ قبلَكم الحسدُ والبغضاءُ). والكراهية ضد الحب، والمحبة لا تتحقق إلا بالسلام والوئام بين الناس، لذلك قال: (والَّذي نفسي بيدِهِ لا تدخلوا الجنَّةَ حتَّى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتَّى تحابُّوا، أفلا أنبِّئُكم بما يثبِّتُ ذلِكَ لَكم؟! أفشوا السَّلامَ بينَكم). فاتباع السلم والمحبة يعني تخلينا عن اتباع خطوات الشيطان، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) [البقرة: 208]. وخطوات الشيطان تؤدي بنا إلى الوقوع في العداوة والبغضاء قال تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء) [المائدة: 91]. ولنتنبه أن الشيطان ينزغ بين المؤمنين ويحرش بينهم، ويغريهم ببعضهم البعض، لذلك نجد النزاعات على أشدها بينهم، فأمرنا أن نقول أحسن القول لرد كيد الشيطان، قال تعالى: (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا) [الإسراء: 53].

انتفاء البركة والإصابة بالعين: الأصل في سبب تسلط الشيطان بالعين هو إهمال التبريك، أي الدعاء بالبركة، ليس هذا فحسب؛ بل الغفلة عن تجديد التبريك أولا بأول، يكون سبب في تراكم موانع ونواقض البركة بمرور الوقت، من معاصي وذنوب، وغفلة عن طاعة الله عزوجل. لذلك فتجديد الدعاء بالبركة عند كل مناسبة، مطلب هام، لحفظ أنفسنا، وما نملك، ومانع يحول دون من وقوع أذى العين. فالشيطان المعيان يحسد الإنسان، ولا يوقع الشيطان أثر النظرة المدمر على المعيون، إلا إذا غفل الإنسان عن الدعاء بالبركة، فإذا حلت البركة امتنع الشيطان عن إلحاق الأذى. لذلك عاتب النبى صلى الله عليه وسلم عامر بن ربيعة ليس على النظرة، ولكن على عدم التبريك فقال: (.. هلا إذا رأيت ما يعجبك بركت).

دائما ما تقترن العين بالحاسد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أتاني جبريل فقال:‌ يا محمد!‌ اشتكيت؟ قلت:‌ نعم، قال:‌ بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس، وعين حاسد، بسم الله أرقيك، والله يشفيك).‌ () فرقية جبريل عليه السلام قرن العين العين بالحاسد فقال (وعين حاسد)، فالحسد سبب في الإصابة بالعين. مما دل على أن كل حاسد معيان، وليس كل معيان حاسد، فالإنسان لن يحسد نفسه، ولن يتمنى لها الشر أبدا، لكن قد يصيب صاحب النعمة نفسه بنظرة فيصاب بالأذى، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأى أحدكم من أخيه، أو من نفسه، أو من ماله ما يعجبه فليبركه، فإن العين حق)،()

فالدعاء بالبركة لن يمنع عين الإنسان من النظر، ولكنه يمنع الشيطان من اقتناص الفرصة ليؤذي الإنسان، لانتفاء اجتماع البركة والأذى، فالضدان لا يجتمعان معًا ولا يرتفعان معًا، فانتفاء وقوع الأذى معلق بالدعاء بالبركة، فإذا ترك التبريك وقع الأذى، ولأن ترك الدعاء بالبركة إما يكون نسيانًا أو كسلاً أو حسدًا، فوجب الاحتراز من أذى العين بالمعوذات والأذكار المسنونة التي يستدفع بها البلاء، وعلينا بالدعاء بالبركة سواء على ممتلكات الآخرين أو ممتلكاتنا. فالعين ليست باطلا أو خرافات أو خزعبلات كما يروج لهذا، بل العين حق، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (استعيذوا بالله من العين فإن العين حق). ()

كل ممسوس أو مسحور محسود ومعيون من الجن
:

في حالة الإصابة بالمس والسحر، يختلف حال العين تماما عن المعتاد، لأن العين هنا تأتي مباشرة من الجن، فيشكو المريض من أعراض العين؛ كالتثاؤب، وذرف الدموع، وآلام الركبتين، وتكرار الشعور بالسقوط من مكان مرتفع أثناء النوم، فالقاعدة: (كل ممسوس أو مسحور محسود ومعيون من الجن). وتتميز العين في هذه الحالة بكثافتها، وكثرتها، فلا تنقطع حتى ينتهي علاج المريض، فنضطر في بداية كل جلسة علاجية إلى علاج العين أولا، لكي تنجح الجلسة وتثمر. فيقترن بكل حالة مس وسحر (شيطان معيان)، يقود جيوشا من الخدام، فيتسلط بهم على المريض، بل وعلى الجن المسلم منهم والكافر، فيخضعهم لسلطان (الساحر الجني) الذي يعمل تحت سلطانه وسيطرته.
لذلك يحتاج هذا الشيطان المعيان إلى كم وفير من الشياطين، لكي يتسلط بهم على كل من يصيبهم بالعين، وهذا يدفعه إلى أسر من استطاع من الجن والشياطين، سواء أثناء سير المريض في الشوارع والطرقات، خصوصا الأماكن التي تكثر فيها تجمعات الشياطين، مثل أماكن تجميع القمامة والحمامات، أو حتى يقوم بأسرهم من جسد أي مريض آخر يجلس بجوار المريض. ثم يعيد تسليطهم على المريض، بهدف تعطيل علاجه، فتتعطل الجلسات، وينفر من المعالجين الصالحين، فتجد كل من يذهب إليهم المريض، ويرتاح إليهم دجالين وسحرة، بل وتفسد كثير من العلاجات التي يقوم بها المريض.

وبحضور الشيطان المعيان على المريض، يقوم بالتسلط على كل ما حوله، فيصيبهم الشيطان بالعين دون أن يدري المريض بهذا، ويتحول المريض إلى شبه شخص معيان. ورغم أن المريض يدعو بالبركة، إلا أن العين تصيب من حوله، لأنه ليس هو المتسبب فيها، وإنما الذي يصيب بالعين هو الشيطان المعيان، فإن عولج المريض وشفاه الله تعالى ذهب عنه كل هذا. وبهذه الطرية يكتسب الشيطان المعيان قوة شيطانية إضافية، مما يساعده في التسلط على المصاب بالمس أو السحر، وهذا التسلط يزيد الشيطان تمكنا من جسم المريض، وإن أغفل المعالج هذا الكم الغفير من العين فحتما سيفشل علاجه، ويتبدد جهده.

وإذا كان كل ساحر ممسوس بالشيطان، يكلمهم ويكلمونه، يراهم ويرونه، فلم يوقع في شراك السحر إلا أن الشياطين حسدوه، فتحول من مؤمن إلى كافر، فإن السحرة جميعهم يعتبرون أشخاصا معيانين، بدليل أن بعضا منهم يسحرون بأعينهم، وبمجرد تسليط أعينهم على شيء ما يكون قد سحر. لذلك فاي مكان يقيم فيه الساحر يتحول إلى خراب، حتى بيوتهم، وأسرهم وعائلاتهم لا يسلمون من شرهم أبدا، لذلك فمن يكون مصاب بالمس والسحر الوراثي لابد وأن في بيته أو عائلته إما ساحر أو مسحور له، لذلك نحن نتتبع (التسلسل الذري) بهدف كتشف مصدر الإصابة بالسحر، إن كان من ساحر أم مسحور له، وهنا حتما تختلف خطة العلاج التي سيتبعها المعالج. لذلك فأي ممارسات سحرية تتم في البيوت، أو حتى خارجها، تنعكس على سكان البيت بالخراب والدمار، بسبب اقتران الشيطان المعيان بكل من يقوم بهذه الممارسات السحرية، أدخل فيها طقوس الزار وحلقات الذكر الصوفية وما شابه ذلك من أصنااف البدع والضلالات، كقراءة الكف، والفنجان، وأوراق اللعب، فمن يمارسون هذه الموبقات هم سحرة بالفعل، وعلى تواصل مباشر بالشيطان، فهو من يوسوس لهم بهذه المعلومات الغيبية، اللهم إلا أن يكونوا دجالين يدعون قراءة الطالع كذبا لأكل العيش.

إسراع العين وإبطاؤها:

في واقع الأمر؛ أن العين لها سرعة في إصابة الهدف، تختلف من حالة إلى الأخرى, فعن عبيد بن رفاعة الزرقي أن أسماء بنت عميس قالت: يا رسول الله إن ولد جعفر تسرع إليهم العين أفأسترقى لهم؟ فقال: (نعم، فإنه لو كان شىء سابق القدر لسبقته العين).() وبهذا أقر النبي عليه الصلاة والسلام الرقية لفرع أذى العين عن المعيون، وأكد على قول أسماء بنت عميس أن العين تسرع إلى أولاد جعفر، إذن فللعين سرعة في إصابة المعيون، تزيد سرعتها في بعض الحالات، وقد تبطئ في حالات أخرى بحسب قوة الحسد.

من الثابت أن الله تعالى أنشأ الجان من نار السموم، قال تعالى: (وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ) [الحجر: 27]. وكذلك من مارج من نار، قال تعالى: (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ) [الرحمن: 15]. وهذا يدل على خفة حركة الجن، وعلى سرعتهم الفائقة، قال تعالى: (قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ) [النمل: 39]. وتتفاوت درجة حرارة النار بحسب ما تكتسبه من طاقة وما تفقده منها، و”كلما ارتفعت درجة الحرارة، ازداد متوسط سرعة الجزيئات. وحركة الجزيئات، تعبّر عن الطاقة الحركية Kinetic energy؛ فدرجة الحرارة لأي مادة، هي مقياس لمتوسط طاقتها الحركية، أو متوسط سرعة حركة جزيئاتها”. (المصدر) وعلى هذا فكلما زادت حرارة العين زادت سرعة تأثيرها في الشيء المعان، بينما كلما ازدات برودة العين قلت سرعة تأثيرها في الشيء المعان.

وكلما زاد حسد العائن نقمة، كلما ازدادت نارية الشيطان حرارة، وازداد سرعة في إلحاق الأذى بالمعيون، فيصير الشيطان مولعا بالمعيون لا يفلته حتى يهلكه بإذن الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن العين لتولع بالرجل بإذن الله، حتى يصعد حالقا، ثم يتردى منه).() وفي لسان العرب: يقال: وَلِعَ فلانٌ بفلانِ يَوْلَعُ به إِذا لَجَّ في أَمره وحَرَصَ على إِيذائِه. () فكلما كان الحاسد أشد نقمة، كلما كان الشيطان أكثر حرصا على تدمير المعيون. لذلك يذهب الدعاء بالبركة الحسد من نفس العائن، فيذهب ولع الشيطان بالمعيون، وتنطفئ ناره، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأى أحدكم من أخيه، أو من نفسه أو من ماله ما يعجبه فليبركه، فإن العين حق). () وتقدر سرعة العين بقصر المسافة الزمنية بين زمن وقوع النظرة، وبين زمن اكتمال وقوع ضررها. بمعنى قد ينظر العائن إلى المعيون، فيقع الأذى على الشيء المعان في نفس اللحظة، وربما قبل أن يكمل نظره إليه، وهذه تعتبر عين سريعة جدا. ةلى العكس من هذا، فقد يقع الأذى على مراحل زمنية متباعدة حتى كتمل الضرر. والفارق بينهما أن يحسد العائن المعيون على صحته فيسقط ميتا في نفس اللحظة، فهذه عين سريعة. وقد يمرض المعيون، فتذهب عافيته تدريجيا بمرور الزمن، حتى يهلك فيموت، وقد يستغرق الأمر سنوات تستنفذ منه كل مدخراته في الإنفاق على الأطباء والعلاج، وهذه عين بطيئة يمكن علاج المعيون قبل أن توفيه منيته، أما في العين السريعة وهي أسرع في الأذى، فلا يمكن علاجه قبل أن ندرك أنه مات مصابا بالعين.

رغم حرارة العين وسرعتها، إلا أن تأثيرها قد يحد منها حصانة المعيون، فيزداد تأثيرها وينقص بحسب حصانة المعيون من عدمها، فكلما زاد تحصينه بالمعوذات والرقى كان أكثر مناعة ضد العين، فالإنسان المجرد من التحصين بالذكر هدف للإصابة بالعين، ومطمع لكل شيطان معيان فتسرع إليه العين. فالدعاء ليس علاجا من العين وأثرها فقط، وإنما الدعاء حصانة منها كذلك مهما بلغت سرعتها أقصاها. وتتفاوت سرعة إصابة العين للهدف، بحسب شدة الحسد والبغض في قلب الحاسد، وهذا هو الذي يكسب الشيطان المكلف بالعين قوة وسرعة في الإجهاز على المعيون. ففي قدرة الشيطان المعيان قتل إنسان في لمح البصر، حتى يدخله القبر فلا يلحق أن يسعفه طبيب ولا راقي، ولو كان جملا لقتله الجن المعيان، فيسارع أهله إلى نحره قبل أن تفيض روحه، حتى يطهى في القدر، وهذا ليس مبالغة، ولا وهم صاحب خيال، إنما هذا مفاد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (العين تدخل الرجل القبر، وتدخل الجمل القدر).‌() فمما لا شك فيه؛ أن أمة النبي عليه الصلاة السلام متربص بها الشيطان، حتى أن أكثر موتاهم بسبب العين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أكثر من يموت من أمتي بعد كتاب الله وقضائه وقدره بالأنفس).() والدليل أن الشيطان وراء هذا التسلط بالعين، ما ورد عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فناء أمتي بالطعن والطاعون)، فقيل يا رسول الله هذا الطعن قد عرفناه فما الطاعون؟قال: (وخز أعدائكم من الجن، وفي كل شهداء).() وعن عبد الله بن قيس أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الطاعون فقال: (وخز من أعدائكم من الجن وهي شهادة المسلم).() وعن عائشة مرفوعًا: (الطاعون شهادة لأمتي، وخز أعدائكم من الجن، غدة كغدة الإبل، تخرج بالآباط والمراقِّ، من مات فيه مات شهيدًا، ومن أقام فيه [كان] كالمرابط في سبيل الله، ومن فر منه كان كالفار من زحف).() (المراقِّ): ما سفل من البطن فما تحته من المواضع التي ترق الجلود. وعن عبد الله بن قيس أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الطاعون فقال: (وخز من أعدائكم من الجن وهي شهادة المسلم). ()

حرارة العين وبرودتها:

رقى رسول الله صلى الله عليه وسلم عامر بن ربيعة فقال: (اللهم أذهب عنه حرها، وبردها، ووصبها)، فدعى الله عز وجل ليرفع عنه حر العين وبردها. إذن فللعين حرارة، أو برودة يجدها المعيون في جسده، فهي أعراض تظهر على المعيون. وحرارة العين، أو برودتها علامة تدل على سرعة العين، إن كانت العين حارة زادت سرعتها في إصابة الهدف من حينه، وإن كانت العين باردة بطئت سرعتا هفي إصابة الهدف على مدى زمني بعيد أو قريب. أما وصب العين، فقد اختلف في معنى الوصب فقيل كما في لسان العرب؛ (الوَجَعُ والمرضُ،) وقيل: (دوامُ الوَجَع ولُزومه). وقيل: (التَّعب والفُتُور في البَدَن). وقيل: (الأَوْصابُ: الأَسْقامُ). وقيل: (شِدَّة التَّعَب).() وبالجمع بين كل هذه المعاني المختلفة يمكن أن نقول: أن الوصب هو أعراض عضوية من أوجاع وآلام تصيب المعيون أو المحسود.

الحسد نارا تتأجج في قلب الإنسان، فإن أدرك الشيطان هذا في الحاسد زاد حماسه، فتنشط طاقته الجسمانية، لينطلق مسرعا كأنه شعلة من نار، فيتسلط بالأذى على المعيون، فكلما زاد الحقد في قلب الحاسد كلما زادت نارية الشيطان تأججا، فتزداد سرعته في إلحاق الأذى بالشيء المعان. ألا أترى أن الإنسان إذا تحمس زادت طاقته، واشتعل جسده نارا، وإذا غضب جرت الدماء في وجهه كأنه جمرة من نار؟! فمشاعر الكره الغضب تطلق في الإنسان طاقة زائدة، فيصبح جسده حارا، حتى لا يطيق ملابسه التي عليه، أما الشيطان فإن الحسد في قلوب الناس يشعل فيه الطاقة، ويبعث فيه همة على الأذى والشر.

رغم أن الجن الكافر والمؤمن كلاهما خلق من نار؛ إلا أن الشطيان غضوب، وحاد الطباع، هذا على خلاف الجن المؤمن فهو هادئ الطباع، يعلوه السكينة والوقار، لكن لا مانع أن يحتد الجن المسلم في بعض الأحيان، فيغضب إن انتهكت حرمات الله. أما سبب نارية الشيطان وحدة طباعه هو كفره بالله العظيم، فحال شياطين الجن كحال شياطين الإنس تماما؛ فطاعة المؤمن وذكر الله يزيد الكافر طغيانا وكفرا، قال تعالى: (وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا) [المائدة: 64]، ومهما ذكروا بالله زادهم الذكر نفورا، قال تعالى: (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَـذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُورًا) [الإسراء: 41]. ومهما خوفنا الكافرين فهذا يزيدهم طغيانا كبيرا، قال تعالى: (وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا) [الإسراء: 60].

أما غفلة العبد عن ذكر الله، ومعصيته لأوامر الله، تزيد الكافر شدة وقوة، وتسلطا عليه، وكذلك الشيطان لا سلطان له علينا إلا إذا اتبعناه: قال تعالى: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ) [الحجر: 42]. فالشيطان يدعو للمعصية، فإن استجاب العبد له تسلط الشيطان وازداد قوة، قال تعالى: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [إبراهيم: 22]. فالشيطان لا يزداد قوة على العبد الطائع لربه، وإنما سلطانه على الذين يتولونه، قال تعالى: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ) [النحل: 99، 100]. فهو يستفز أوليائه بدب الحقد والحسد بينهم، ويعدهم ويمنيهم بكل كذب، قال تعالى: (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً) [الإسراء: 64، 65]. فتسلط الشيطان على أولياءه يفضح الله به ما في قلوب المنافقين من غل وحسد وحقد، فيكون حسدهم تمحيصا للمؤمنين، وللحاسد ويلات يوم القيامة، قال تعالى: (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ) [سبأ: 20، 21].

ولأن العين تدمر هدفها بواسطة الشيطان، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (العين حق، ويحضر بها الشيطان، وحسد ابن آدم).() فكان الغسل بالماء علاجا للعين، بدليل أن عامر بن ربيعة لما أصاب سهل بن حنيف بالعين تغيظ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: (علام يقتل أحدكم أخاه هلا إذا رأيت ما يعجبك بركت) ثم قال له: (اغتسل له)فغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره فى قدح، ثم صب ذلك الماء عليه، يصبه رجل على رأسه وظهره من خلفه، يكفئ القدح وراءه، ففعل به ذلك، فراح سهل مع الناس ليس به بأس.() وهذا لأن الماء يطفئ نارية الشيطان، فتبطئ من سرعة العين، ويذهب ولع الشيطان بالمعيون، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الغضبَ من الشَّيطانِ، وإنَّ الشَّيطانَ خُلِق من النَّارِ، وإنَّما تُطفَأُ النَّارُ بالماءِ، فإذا غضِب فليتوضَّأْ). () فيؤخذ من ويصب على المعيون، لأن الشيطان المكلف بالعين صار متلبسا بالمعيون، وماء الغسل يبطل يطفئ نار الحسد التي تؤجج الشيطان وتزيده ولعا بالمعيون.

العين الحارة: هي عين تتسم بسرعة تأثيرها في المعيون، فيقع ضررها سريعا، وربما قبل أن يتم العائن ما يدل على استحسانه أو إعجابه للمعان، فما يكاد يكمل نظرته أو كلامه حتى يقع الأذى بالنعمة فتزول عن المعيون. وتزيد سرعة العين الحارة بحسب قوة الحسد، فشدة الغل والنقمة في قلب العائن تحرك همة الشيطان، فيندفع مسرعا صوب المعيون لتحقيق أمنية العائن، فيتسلط على المعيون في لمح البصر. وضرر العين أسرع وقوعا من ضرر العين الباردة، فيقع الأذى قبل أن يدرك المعيون إصابته بالعين، فلا يجد وقتا كافيا للرقية والعلاج لمنع وقوع ضررها على النعمة. هذا بغض النظر عن حجم المصيبة، أو نوع الضرر الذي تلحقه العين بالمعان، فقد يكون الضرر طفيفا، لا يبالى به، وقد يكون كارثة عظيمة لا يتحمل المعيون عواقبها.

رغم وقوع تأثير العين الحارة، وإصابة المعان بالضرر، إلا أنه بعد وقوع الضرر يشكو المعيون عادة من هبات حارة غير طبيعية تعتري جسده، تظهر من وقت للآخر، وسببها تكرار حضور الشيطان المعيان عليه، فكلما حضر الشيطان شعر المريض بهذه الهبات الحارة، وقد يقترن هذا الإحساس مع الذكر والرقية، فالقاعدة كلما ضعف الشيطان حضر تلقائيا على الجسد، فحضور الجن على الجسم دليل ضعف لا قوة، ويؤكد هذا حضور الجن مع ترديد المعالج للرقية، بينما ينصرف في حالة ترديده الآذان، أو التكبير.

الفرق بين (العين الحارة) و(العين الباردة) ليس في شدة ضررها، إنما شدة الضرر تدل على شدة الحسد في نفس العائن، أما الفرق بين النوعين ففي سرعة الإصابة بالعين، وتحقق الضرر، وفي الاختلاف في الأعراض التي يشعر بها المصاب بالعين. فلا يصح أن نقول على فلان أصيب بعين حارة لأن مصيبته كانت كبيرة جدا، وخسارته فادحة، لكن إن وقع الضرر في أثر إطراء أو استحسان العائن علمنا أنها عين سريعة أي (عين حارة)، وحينها يسهل تحديد العائن أو تخمينه. لهذا لما أصيب سهل بن حنيف بالعين سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم اصحابه قائلا: (هل تتهمون فيه من أحد؟)

فعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن أباه حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج وساروا معه نحو مكة، حتى إذا كانوا بشعب الخزار من الجحفة اغتسل سهل بن حنيف، وكان رجلاً أبيض حسن الجسم والجلد، فنظر إليه عامر بن ربيعة أخو بنى عدى بن كعب وهو يغتسل فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة، فَلُبِطَ سهل فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له: يا رسول الله هل لك فى سهل، والله ما يرفع رأسه وما يفيق، قال: (هل تتهمون فيه من أحد؟) قالوا: نظر إليه عامر بن ربيعة فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عامرا فتغيظ عليه وقال: (علام يقتل أحدكم أخاه هلا إذا رأيت ما يعجبك بركت) ثم قال له: (اغتسل له)فغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره فى قدح، ثم صب ذلك الماء عليه، يصبه رجل على رأسه وظهره من خلفه، يكفئ القدح وراءه، ففعل به ذلك، فراح سهل مع الناس ليس به بأس.()

وفى رواية عن عبد الله بن عامر قال: انطلق عامر بن ربيعة وسهل بن حنيف يريدان الغسل، قال: فانطلقا يلتمسان الخَمَرَ قال: فوضع عامر جبة كانت عليه من صوف، فنظرت إليه فأصبته بعينى، فنزل الماء يغتسل قال: فسمعت له فى الماء قرقعة، فأتيته فناديته ثلاثا فلم يجبنى، فأتيت النبى صلى الله عليه وسلم فأخبرته، قال: فجاء يمشى فخاض الماء كأنى أنظر إلى بياض ساقيه، قال: فضرب صدره بيده ثم قال: (اللهم أذهب عنه حرها وبردها ووصبها) قال: فقام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأى أحدكم من أخيه أو من نفسه أو من ماله ما يعجبه فليبركه، فإن العين حق).()

العين الباردة: وهي أرحم بكثير من العين الحارة، لأن أثرها على الشيء المعان يقع بالتدريج على مراحل من الزمن، وهذا يمنحنا فرصة لاكتشاف وجود الإصابة بالعين، و سرعة معالجتها قبل تمام لضرر. فهي بطيئة جدا بنسب متفاوتة في إتام حدوث الضرر، وقد يستغرق إتمامه سنوات طويلة. وقد تكون الإصابة في جسد الشخص نفسه، وهذا يساعدنا على سرعة التشخيص والعلاج، ولكن في حالات أخرى يقع الضرر على ما يخص المعيون، من أهله أو ماله، وهنا يتعذر إدراك العين وتشخيصها، لأن الناس عادة ما تضع مبررات منطقية لما يحدث، فيهملون الكشف والتشخيص على يد معالج، ولا ينتبهون إلا إذا تم وقوع المصيبة تماما.

ومن أعراض العين الباردة شعور المصاب ببرودة في جسده حتى في آيام الحر الشديد، خاصة الأطراف كاليدين والقدمين، وقد يشعر أحيانا بقشعريرة في جسده، وهذا الإحساس يكون متقطع، على فترت زمنية مختلفة. وهذا بسبب طبيعة الشيطان المعيان، فهو بارد الطباع نتيجة لضعف الحسد في قلب العائن، فيكون الشيطان بطيئا في إيقاع الضرر بالشيء المعان.

أعراض الإصابة بالعين:

للإصابة بالعين أعراض عامة، وهي مشتركة بين بالعين الحارة والباردة، والتمييز بينهما ليس بالأمر السهل، خاصة في حالة ما إذا كان المعيون مصاب بعدد كبير من العيون، فتختلط الأعراض ببعضها البعض، مما يجعل المعالج في حيرة من أمره، فيتوقف عاجزا عن التشخيص. ولهذا السبب يهمل المعالجون تحديد أعراض العين، ولا يهتمون بدراستها، اللهم إلا أخذهم بالأعراض المشتركة، وغالبا لا يعرفونها بالكامل، هذا فضلا عن إقحامهم ما لا علاقة له بالعين في الأعراض، حيث تشتبه عليهم، ففي بعض الحالات يشكو المريض في الكشف البصري اليقظي والمنامي، أنه يرى عين تتلصص النظر إليه، فيظن المعالج أن هذا من أعراض العين، وأن هذه هي العين الحاسده، وهذا غير صحيح بالمرة. ولكن تفسير هذه العين؛ أن الجن يتلصص النظر ويتجسس، ولكن هذا يتم من خلال تحصينات سحرية، لا يظهر منها إلا إحدى عينيه فقط، والديل على صحة هذا؛ أننا كلما رقينا المريض، واستمر على النظام العلاجي، تبدأ تظهر العين الأخرى، ثم يتدرج الأمر لينكشف الوجه، ثم الرأس، ثم أجزاء جسمه، حتى ينكشف بكامل هيئته وجسده. والسبب في هذا أن أسحار التحصين بطلت تدريجيا، وفقد الشيطان العازل الذي كان يتستر به، وهذه بدايات انهياره، فلو كان قويا بالقدر الكافي لما تستر خلف حجاب يستره.

عادة ما يهتم المعالجون بردود فعل المريض على الرقية لتشخيص العين، ومن أهم هذه الأعراض المشتركة؛ شدة التثاؤب وكثرته، خاصة مع الرقية، وذرف الدموع لا إراديا، والتخديل أو التنميل. بينما يهمل المعالج الأعراض التي قد يذكرها المريض لأنه لا يعلم صلتها بالعين، وأحيانا بسبب اختلاطها ببعض، فيتعذر التشخيص. لذلك يركز المعالجون بشكل دائم على ردود فعل المريض للرقية، فإن وجدوا الأعراض المشتركة حكموا بوجود عين، وشرعوا في علاجها. وهذا الإسلوب خاطئ؛ لأن المعالج يدرج بعض أعراض العين تحت أعراض المس والسحر، وهذا صحيح بدون شك، لكن المس والسحر أنواع لا حصر لها، ويجب على المعالج أن يفصل بين هذه الأنواع بعلامات مميزة، خاصة ما يتعلق بالعين، حتى لا يهدر وقته في تشخيص سحر أو مس، وهو لم يدرك أنها أعراض عين.

كما أن للمس والسحر أعراض مميزة، فالعين بصفتها سحر، فهي تعد فرع من المس والسحر، ولها أعراض تدل على وجود شيطان مكلف بدافع من حسد العائن، وموكل بالمعيون. لكن ثمة فارق جوهري؛ بين أعراض مس العين، التي تظهر على المعيون، فكل معيون مصاب بالمس، ويشكو من أعراض خاصة بمس العين، وبين الأعراض العضوية للضرر الواقع على المعان من جسد المعيون، بمعنى؛ أنه قد يصيب المعيون ضرر يلحق بأحد أعضاء جسمه، كتساقط الشعر، أو شلل في عضو من جسمه، أو ضعف نظر في عينيه. فليس شرطا أن يقع الضرر على جسد المعيون، وإنما قد يصيب الضرر سيارته فتحترق، أو تنفجر، أو تنقلب به، أو تصدم، أو يخسر أمواله، وتبور تجارته، أو ينهار بيته ويتدمر. فضرر العين لا يقتصر على المرض فقط، بل قد يصل ضررها إلى ماله وممتلكاته، فلا يصاب المعيون في نفسه، وإنما قد يصاب في أولاده، فيفشلون في دراستهم من بعد نجاح وتفوق، أو يمرض أولاده فيهدر ماله في علاجهم بلا جدوى. أو تحسد امرأة على فحولة زوجها، فيصاب بالعنة، فتحرم متعتها.

لا تنقطع أعراض مس العين بانتهاء وقوع الضرر، فلا يزال المعيون في حاجة إلى علاج، ليتخلص من أعراض (مس العين)، والتي سيظل يشكو منها إن لم يتم علاجه علاجا صحيحا، وكذلك لا بد من إبطال (سحر العين) وهي المنظومة السحرية التي يعمل من خلالها الشيطان المعيان. فعدم التخلص من سحر ومس العين مبكرا، يتسبب في مضاعفة قوة العين، وما حدث من ضرر أول مرة قد يتكرر مستقبلا، بل ومن المحتمل أن يكون في المرة المقبلة أشد ضررا من ذي قبل، لأن أي سحر إن وجد البيئة المناسبة له في جسم المريض، استفحل أمره وازداد قوة وثباتا بمرور الزمن. لاحظ أنه من خصائص الجن المعيان اصطياد ما حوله من شياطين، فيأسرهم ويخضعهم لسلطانه، ومن هنا يزداد قوة في أذاه، وتأثيرا في المعان، وهذا يتيح له الاستمرار والبقاء، وملازمة المعيون زمنا طويلا، قد يمتد إلى ما بعد وفاة المعيون، ويرثه ذريته من بعده.

الشيطان خبيث بطبعه؛ فكلما استمر أذى العين، سواء كان الحاسد حيا أو ميتا، فإن كل المصائب التي تحل على المعان ما هو إلا رصيد متضخم من الذنوب والسيئات تلحق بالحاسد، سواء كان حيا على الأرض. فتبعات الذنوب تلحق الإنسان إلى قبره، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تُقتلُ نفسٌ ظلمًا ، إلا كان على ابنِ آدمَ الأوَّلِ كِفلٌ من دمِها ، لأنه أولُ من سنَّ القتلَ). () كما أن الإنسان لا تنقطع تبعات حسناته بموته لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابنُ آدمَ انقطع عملُه إلا من ثلاثٍ: صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ يُنتفَعُ به، أو ولدٌ صالحٌ يدعو له). () فليت الحسد يزيد الذنوب فقط، وإنما الحسد يأكل من حسنات الحاسد دون أن يدري، سواء كان حيا أم ميتا ومدفونا تحت التراب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إيَّاكُم والحسدَ! فإنَّ الحسدَ يأكلُ الحسناتِ، كما تأكلُ النَّارُ الحطبَ). () فكلما استمرت العين في الأذى، كلما ازداد ت ذنوب الحاسد، وكلما ازدادت ذنوبه زادت العين قوة وشراسة.

يتبع









قديم 2019-01-19, 17:46   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
moncefmer
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم


الجن المعيان (البومة – الهامة)

الكاتب: بهاء الدين شلبي.


الشيطان المعيان ذو عين حادة الإبصار، وسمع قوي فيدرك بهما أدق النعم لدى الإنسان، وسريع الطيران مما يعينه على الانقضاض بسرعة خاطفة على المعيون، ولن يكون أسرع من الجن الطيار، فالشيطان المعيان هو جن طيار، وهذه الصفات تجتمع في طائر البوم.كما ثبت بالحديث الشريف أن الجن أصنافا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الجِنُّ ثلاثةُ أصنافٍ: صِنفٌ لهم أجنحةٌ يطيرون في الهواءِ، وصِنفٌ حَيَّاتٌ وكلابٌ، وصِنفٌ يَحُلُّونَ ويَظْعنون). () وكل صنف منهم له خصائصه، وشياطين الجن تجيد تسخير كل صنف منهم في أعمال الشر، لذلك فلكل صنف مراكز قوى، ونقاط ضعف، منها ما نكتشفه مقارنة بالأصناف المتاحة منهم في عالم الإنس، ومنها ما نكتشفه قدرا أثناء مزاولة جلسات العلاج، إلى أن تجمع لدينا رصيد هائل من المعلومات عن كل صنف منهم، وهذا يسهم في استلهام وسائل حسية تعين على إضعافهم وعلى إعادة صياغة الدعاء وفق الحاجة والضرورة.

ومن أنواع الجن الطيار (البومة)، والبومة كما في لسان العرب تسمى الهامة: (البُومُ: ذكَر الهامِ، واحدته بُومةٌ. قال الأَزهري: وهو عربي صحيح. يقال: بُومٌ بَوّامٌ صَوَّاتٌ. الجوهري: البُومُ والبُومةُ طائر يقَع على الذكَر والأُنثى حتى تقول صَدىً أَو فَيَّاد، فَيختصّ بالذكر). () وقال: (وقيل: هي البومة). () بينما في الصحاح في اللغة قال: (والهامَةُ من طير الليل، وهو الصَدى، والجمع هامٌ. قال ذو الرمة:

في ظِلِّ أخْضَرَ يدعو هَمَهُ البومُ قد أعْسِفُ النازِحَ المجهولَ مَعْسِفُهُ). ()

قد صح أنه كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يعوذُ الحسنَ والحسينَ، ويقولُ : (إنَّ أباكما كان يعوذُ بها إسماعيلَ وإسحاقَ: أعوذُ بكلماتِ اللهِ التامةِ، من كلِّ شيطانٍ وهامَّةٍ، ومن كلِّ عينٍ لامَّةٍ). () والملفت أن التعوذ قد قرن في هذا الموضع بين (كلِّ شيطانٍ وهامَّةٍ)، وبين (كلِّ عينٍ لامَّةٍ). فلو أراد بذكر الهامة كل ما يلدغ من الحشرات، لذكرها منفصلة بعد التعوذ من كل شيطان وكل عين لامة، لاقتران الشيطان بالعين، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (العينُ حقٌّ ويحضرُها الشيطانُ وحسدُ ابنِ آدمَ). () ولكن اقتران ذكر الهامة بالشيطان في هذا الموضع يحوي إشارة إلى أن المقصود بالهامة هنا؛ (البومة)، بالتأنيث، وإلا لعوذهما من (الهوام) بالجمع، لكثرتها وتنوعها، فمن الهوام حيات وعقارب وغير ذلك، إنما قال (وهامَّةٍ) لبيان نوع من شياطين الجن، وأنها المسؤولة عن العين. هذا والله أعلم.

حقيقة قد اختلف معنى كلمة هامة بحسب موضعها من الكلام، ففي نصوص أخرى أراد بكلمة هامة مرة الرأس، ومرة اللوادغ كالحيات والعقارب كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (من قتل في سبيل الله فمات، أو قتل، أو وقصته فرسه، أو بعيره، أو لدغته هامة، أو مات على فراشه، بأي حتف شاء الله فإنه شهيد، وإن له الجنة). () وقيل كما في مقاييس اللغة: (وأمَّا الهامَة في الطَّير فليست في الحقيقة طيراً، إنما هو شيءٌ كما كانت العرب تقوله، كانوا يقولون: إنَّ رُوحَ القَتيل الذي لا يُدرَك بثأره تَصِيرُ هامةً فتَزْقُو تقول: اسقوني، اسقُوني! فإذا أُدْرِكَ بثأره طارت. وهو الذي أراده جريرٌ بقوله:

ومِنَّا الذي أبْلَى صُدَيَّ بنَ مالكٍ ونَفَّرَ طيراً عن جُعَادة وُقَّعا.

وهذا القول الأخير أبطله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (لا عدوى ولا هامة ولا صفر. خلق الله كل نفس فكتب حياتها ومصيباتها ورزقها). () إذن فليس لكلمة (هامة) معنى واحد ملزم في كل الأقوال، إنما يتغير معناها بحسب سياق النص.

والملفت أن هذا النوع المعيان من الجن دائما يكون أنثى، ولم يقابلني ذكر منها حتى الآن، حتى أكاد أجزم أن كل البوم المعيان إناث، ولم أتوقف بعد على سبب هذا الأمر، إلا أن الأنثى أقوى في سحرها من الذكر، قياسا على أن الله تبارك وتعالى أمر بالتعوذ من الساحرات فقال: (وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ) [الفلق: 4]. وتفسير المقترح لهذه المسألة أن الأنثى أشد جذبا للذكور من الشياطين، والزنى هو سبيلها لجمعهم، وهذا يكسب سحرها قوة أشد من سحر السحرة الذكور.

خصائص البومة:


البومة Owl طائر من الجوارح آكلة اللحوم، لها أقدام قوية ذات مخالب طويلة حادة، ومنقار معقوف يساعدها على التهام فرائسها. وكذلك تتمتع بحاسة سمع قوية، لما لها من فتحتي أذنين كبيرتين جدا على جانبي رأسها، وهذا يمكنها من إدراك أدنى صوت يصدر عن فرائسها، مما يساعدها على اكتشاف وجودها، وتحديد أماكنها.

والبومة ذات ريش ناعم يساعدها على التحليق الصامت، فلا يصدر منها صوت يلفت الانتباه لوجودها. فإن كانت كل الطيور تهجع إلى أعشاشها بقدوم الليل، إلا أن البومة يبدأ نشاطها ليلا، فلا يعيقها ظلام الليل الحالك عن ملاحظة فرائسها وملاحقتها، فعينيها لا يضاهيها في كفاءة النظر ليلا إلا القطط. فهي ذات حاسة إبصار حادة ليلا ونهارا، فتتميز عيني البومة بكبر الحجم وحدة الإبصار، مما يوفر لها رؤية ليلة تساعدها على اقتناص فرائسها.

وليست البومة كسائر الطيور تبني لها أعشاشا، ولكنها عادة ما تأوي إلى أي جذع شجرة أجوف، أو تسكن الكهوف، أو بين الصخور، أو الجحور في الأرض، أو داخل البيوت والمساكن الخربة والمهجورة، وقد يأوي إلى أعشاش الطيور المهجورة. فهي قابلة للتسكين في أي مكان قابل لاحتواءها، ولا تحتاج إلى تكيف، أو تخصيص مسكن لها.

عين البوم:

تتميز عيني البومة بكبر حجمها واتساعهما، وأن كلتاهما تقعان إلى الأمام من رأسها كما الإنسان تماما، وهذا خلاف المعتاد من الطيور فكلتا العينين تقعان على جانبي الرأس. وهذا يساعدها على الرؤية المزدوجة كالإنسان تماما، فهي الطائر الوحيد الذي ينظر بعينيه إلى أي هدف أمامه. تختلف عين البومة عن عين الإنسان بأنها مخروطية الشكل، والجزء الوسع منها مختفي داخل محجر العين داخل عظام الجمجمة، لذلك تتسم عينيها بالثبات وعدم الحركة، لذلك فلديها قدرة عظيمة على تحريك رأسها بمرونة عجيبة جدا، لترى كل ما يحيط بها من جميع الاتجهات.


عيني البومة ضخمة جدا إلى حد أنها (قد تعادل حوالي خمسة في المئة من وزن جسم البومة، بحسب السلالات. جانب الوجه الأمامي للعينين الذي يمنحها مظهر (الحكيم)، يمنحها ايضا مجال واسع من رؤية “مزدوجة بالعينين” (بحيث ترى غرضا ما بكلتا عينيها في نفس الوقت). هذا يعني أن البومة يمكنها رؤية الجسام بالأبعاد الثلاثية (طول وعرض وعمق)، ويمكنها تقدير المسافات بنفس طريقة البشر. مجال الرؤية لدى البومة حوالي 110 درجة، منها حوالي 70 درجة رؤية مزدوجة بالعينين.

وعلى سبيل المقارنة؛ فلدى الإنسان مجال رؤية، والذي يغطي 180 درجة، مع 140 درجة من الرؤية المزدوجة. الوودكوكوك (نوع من الدجاج) له مجال مذهل من الرؤية 360 درجة، لأن كلتا عينيه على جانب رأسه. ومع ذلك؛ أقل من 10 درجات منها تكون رؤية مزدوجة.



عين البومة كبيرة الحجم وحادة تساعدها على الرؤية الليلية واقتناص فرائسها



إن عيون البومة كبيرة مما يحسن من كفاءتها. خاصة في ظروف الإضاءة الخافتة. في الحقيقة؛ العينين متقدمة بشكل جيد، على هذا النحو فإنها ليست مجرد كرات للعين، وإنما أنابيب ممتدة. إنهما محتجزتين داخل مكان من ذو بنية عظمية في الجمجمة يسمى حلقات متصلبة Sclerotic rings. ولهذا السبب؛ لا تستطيع البومة (لف) أو تحريك عينيها، أي أنها؛ تستطيع فقط النظر إلى الأمام مباشرة!

وعوضت البومة عن هذا بكونها قادرة على تحويل رأسها أكثر من أن تصل إلى 270 درجة شمال أو يمين من الوضع المقابل للوجه، وتقريبا أعلى وأسفل.

وحيث أن معظم البوم تنشط ليلا، فيجب على أعينها أن تكون فعالة جدا في التقاط الضوء ومعالجته ليلا. وهذا يبدأ مع قرنية كبيرة (الغشاء الخارجي الشفاف للعين) والحدقة (المفتوحة في وسط العين). حجم الحدقة (سواد العين) محكوم بالقزحية (الغشاء الملون العالق بين القرنية والعدسة). عندما تكون الحدقة كبيرة، يمر الضوء خلال العدسة وفوق شبكية العين الكبيرة (أنسجة الضوء الحساسة التي تتشكل عليها الصورة).


شبكية عين البومة حساسة للضوء، ذات وفرة من خلايا على شكل قضيب بقدر كافي تسمى خلايا (قضيبية rod). برغم أن هذه الخلايا حساسة جدا للضوء والحركة، إلا أنها لا تستجيب بشكل جيد للألوان. يطلق على الخلايا التي تستجيب للألوان خلايا “مخروطية” (تشبه المخروط)، وتملك البومة عددا قليلا منها، لذلك ترى معظم البوم ألوانا محدودة أو صورا أحادية اللون.
بما أن البوم ذو رؤية ليلية حادة، فيظن في كثير من الأحيان بأنهم يصابون بالعمى في الضوء القوي. وهذا غير صحيح؛ لأن حدقاتهم ذات قدرة على التكيف واسعة النطاق، بما يسمح لمقدار ملائم من الضوء أن يلامس شبكية العين. كما يمكن لبعض أنواع البوم أن ترى في واقع الأمر أفضل من البشر في الضوء الساطع). (المصدر)




عين البومة الجنية وقوتها السحرية:



فضلا عن أن البومة المعيانة ذات خصائص الجنية، فهي تتمتع بنفس مواصفات البومة الإنسية، من قدرة سمع وإبصار عالية، وقدر على التحليق بدون صوت يشعر بوجودها، فهذا يؤهلها للإصابة بالعين، خاصة وأن تكوينها الخلقي يساعدها على القيام بهذا الدور الخبيث. فهي تتمتع ببصر حاد ليلا ونهارا، وهذا يمكنها من ملاحظة أي نعمة على المعيون، حتى المنعم عليه قد لا يشعر بوجود هذه النعم عليه، وكم من النعم أنعم الله بها علينا نجهلها ولا ندري عن وجودها شيئا، مما يدل على أن هذا الصنف من الجن ذو علم بنعم الله تبارك وتعالى، وأقدر من غيرها على إدراك وجودها.

وبالتالي فالبومة المعيانة تملك من القوة السحرية ما يمكنها من تدمير أي شيء مادي، فتصيبه بالخراب والدمار. فلديها من الطاقة السحرية ما تمحق به النعم والبركة من أي مكان تحل فيه. وكما أخبر بعض الجن بأن البومة المعيانة تحتفظ بهذه الطاقة السحرية داخل عينيها، على هيئة سائل سحري لا ينضب، وهو سر قوتها، فلا يمكن التخلص منه مهما قمنا من جهد. فقوتها التدميرية فيما تملكه من شياطين وخدام سحر، وظيفتهم تدمير ما تقع عينها عليه من نعم، وقد يسحر بعض السحرة (بسحر عين) للمريض، بل بدون مبالغة أسحارا غزيرة، فتتسلط على المريض فتفسد حياته. بل في بعض الأحيان بتحول المريض إلى شخص (معيان)، فما إن تقع عينيه على شيء حتى يخرب ويتدمر، بسبب هذه البومة التي تحضر عليه، وتتسلط على كل ما حوله من نعم، فيصير هذا الإنسان مصدر شؤوم لمن حوله، وينفض الناس عنه، رغم أنه طيب النفس، لا يحسد أحد على نعمة حلت عليه. وهناك سحرة معيانين، يسحرون عن طريق أعينهم، لذلك يجب أن نفرق، بين المريض المعيان، وبين الساحر المعيان، وهنا ننصح المريض بملازمة الدعاء بالبركة كلما وقعت عينيه على شيء حتى يتيسر علاجه وشفاءه.



يجب التنبه إلى أن قوة البومة ليست في قدرتها على إرسال الأسحار إلى المعيون، وتمكنها منه فقط، لأن السحر لا يضر إلا بإذن الله تعالى، فهي لا تضمن أن تصيب هدفها بشكل دائم، إنما قوتها الأهم والأخطر في قدرتها على إدراك النعمة والإحاطة بها. لذلك لا يحول بينها وبين هدفها إلا الدعاء بالبركة، فإذا سبقت البركة إدراكها للنعمة، لم تصب العين النعمة، ولا صاحبها فلا تمسه بسوء. ولهذا عاتب النبى صلى الله عليه وسلم عامرًا لترك الدعاء بالبركة فقال: (.. هلا إذا رأيت ما يعجبك بركت)، وقد يصيب صاحب النعمة نفسه بنظرة فيصاب بالأذى لتركه الدعاء بالبركة على نفسه وماله، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأى أحدكم من أخيه، أو من نفسه، أو من ماله ما يعجبه فليبركه، فإن العين حق).() فمن حفظ النعمة بالدعاء بالبركة، لنفسه وماله ومن حوله من الناس سلم منها ومن شرها، لذلك فالبومة ضعيفة جدا أمام ذكر الله العظيم.

والشاهد على شدة ضعف البومة شدة تثاؤب المريض بمجرد قراءة القرآن الكريم أو سماعه، أو ترديد الذكر، أو أثناء العلاج بالرقية، حتى المعالج نفسه نجده يتثائب هو الآخر، لأنه يتعرض بشكل دائم لعين الجن، خصوصا لأن الله يستجيب دعائه، فيحسدونه على هذه النعمة وبشدة لأن الشياطين محرومين منها. هذا بخلاف أن هدف الشياطين من التسلط على المعالج بالعين هو إفشال عمله، حتى أنه قد يدعو فلا يستجاب له، أو ينقلب دعاؤه بالعكس ضد المريض، وهذا مما لا حظناه وبكثرة، بل ويشكو منه كثير من المرضى، وحتى الآن لم أصل لتفسير شرعي لكيفيته.

أهم ما يعنينا في البومة كجن طيار، مركز قوتها، وتكمن قوة هذا النوع من الشياطين في عينيه، لذلك تتخذ من عينيها مخزنا لأسحار العين، لما تتميز به عينيها من ميزات خاصة، تجعلها فريدة بين سائر أصناف الطيور. فالبومة كشيطانة ساحرة من سحرة الجن، قادرة على استقطاب الشياطين من حولها، تصيبهم بالعين فيقعون أسرى لها، ثم تعيد تسليطهم على المستهدف بالنظرة.

تشابه عيني البومة عيني الإنسان، بوقوعهما في مقدمة الوجه، وليستا كسائر عيون الطيور تقعان على جانبي الرأس، فتنطبق كلتا عينيها وتتركب على عيني الإنسان في حالة حضورها عليهما. وهذا يمنحها القدرة على متابعة ما يراه الإنسان، هذا إن هي حضرت عليه، وبهذه الطريقة تستطيع أن تصيب بعينيها من خلال عيني الإنسان ما شاءت أن تصيب، مما وقع عليه نظر هذا الشخص.

وبهذه الطريقة يتحول هذا الإنسان إلى سلاح في يد الشيطان يصيب من خلاله من يشاء بالأذى والضرر. والسحرة يجيدون استغلال هذه الخاصية في إكسابهم قوة، سواء كانوا من سحرة الإنس أم الجن، فيتحولون إلى سحرة يسحرون بأعينهم، وهذا بفضل البومة المعيانة من شياطين الجن.

إن كانت عين البومة هي أحد أهم مراكز قوتها، فليس من الحكمة الدعاء على عينيها، وإلا نشطت أسحارها خصوصا ضد المعالج، والذي يناله نصيب كبير من أذاها أثناء قيامه بعمله، وهذا سيعطله عن العمل، بل يجب على المعالج التركيز على نقاط ضعفها وبذلك تضعف مراكز قوتها، وإلا فإن ركز الدعاء على عينيها فقد يستغرق منه التعامل معها زمنا بلا طائل، فمن السهل عليها استمداد قوة تفشل اي خطوات قام بها المعالج.

إن شر عين البومة الجنية المعيانة ليس قاصرا على الإنس فقط، لا بكل تأكيد؛ حتى الشياطين يتضررون من كيدها بهم، لذلك هي تضعفهم بعينها، فتتسلط عليهم و تأسرهم وتجمعهم لتعيد تسليطهم واستخدامهم في سحر العين. فحين يسير المريض في الشوارع والطرقات، وحين يتعامل مع المحيطين به، فإن هذه البومة تقوم بجمع الشياطين من حوله، وأسرهم، ومن ثم تعيد توظيفهم ضد المريض، لذلك يجب علاج العين في بداية كل جلسة علاجية حتى يكتب لها التوفيق.

وبسبب ما تتميز به البومة من قوة، وقدرة هائلة على الإصابة بالعين، فدائما ما يكون لدى كل ساحر من سحرة الجن واحدة منها أو أكثر، وخصوصا الملوك منهم. لذلك تعتبر البومة المعيانة من خادمات السحر والسحرة، ويجب على المعالج تتبعها حتى يقضي عليها ويتخلص منها، حينها سيفقد الساحر أو الملك مصدرا كبيرا من مصادر قوته، فتضعف بهذا قدرته على السيطرة على المريض، فينهار كل بنيانه ويتداعي ملكه. وإهمال التعامل مع الجن المعيان يتسبب في خسائر كثيرة للجن المسلم، ولشياطين كثيرة يكتمون إسلامهم، أو يطمحون في الدخول فيه، لذلك فعدم التخلص منها يكبد المعالج خسائر فادحة كان يمكن أن تنجز العلاج أسرع بكثير جدا مما يتوقع، وإلا فقد يستمر العلاج زمنا طويلا بسبب وجود البومة المعيانة الجنية.


المعيون والتثاؤب:

يشكو المصاب بالعين من كثرة التثاؤب، ومن شدته، لدرجة أن المعيون يفغر فاهه على اتساعه. وهذا التثاؤب الذي يعتري المريض غير مصحوب بكسل أو نعاس، وميل إلى النوم كحالة الشخص الطبيعي، بل يكون متيقظ ومنتبه، وفي كامل نشاطه وهمته. وفي بعض الأحيان يكون التثاؤب مصحوبا بسيلان للدموع، سواء كان أثناء الرقية، أو مع ذكر الله تعالى، وهذه مؤشرات تدل على أن العين تبطل بحول الله وقوته. أما كثرة التثاؤب فتدل على أن المريض مصاب بكم كبير جدا من العين، وليس شرطا أن تكون كلها عين إنس، وإلا لانتهت بعدة دعوات ولشفي المريض، ولكن الكم الكثير للعين دليل على أنه مصاب بالمس أو السحر.

من الثابت أنه عند التثاؤب يدخل الشيطان إلى الجسد من خلال الفم، لأن الفم من أحد أهم مخارج ومداخل الجن إلى الجسد، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع) وفي رواية (فليضع يده على فيه فإن الشيطان يدخل). () فكما يدخل الشيطان بالتثاؤب، فعلى العكس من ذلك فإنه قد يخرج بالتثاؤب، وإن كان لديه مخارج ومداخل أخرى عديدة من جسم الإنسان، إلا أنه خروجه عن طريق التثاؤب أسرع له، والفارق بينهما، أن الخروج يكون مصحوبا بذكر الله تعالى، أو بالرقية.

لذلك يلاحظ أن المعالج أو المريض إذا أخذ يرقي الماء أو الزيت أو العسل أو غيرهم؛ بدأ في التثاؤب بغير إرادته، وهنا تندفع الشياطين من فمه إلى خارجة، فيجب عليه حينها وقف الرقية فورا، وصرف فمه بعيدا عن ما يرقيه، فإذا انتهى من التثاؤب عاد ورقى، لأن الشياطين تخرج من فمه إلى ما يقرأ عليه وقد تفسده، بل قد تسحر عليه انتقاما لخروجهم مهزومين بإذن الله تعالى، فوجب التحذير.

رغم قوة العين وشدة تأثيرها في الإنسان، إلا أن الشيطان المعيان ضعيف جدا، تمامًا كشياطين الحمامات، بل أضعف منهم بكثير، فبمجرد ذكر الله يخرج. وإن الشيطان الموكل بالعين يكون ضعيفًا دائمًا، وليس بالقوة التي يخشى بأسها، بدليل أن دوره ينتهي بمجرد صب ماء غسل العائن على المعيون، وليس بحاجة لجلسات علاج مطولة على غرار المس والسحر. فمن شدة ضعف الشيطان العائن فإذا رقي المعيون فإنه يتثائب بشدة وكثرة متتابعة، وترى عينيه تذرفان بالدموع لا إراديًا، فمن أهم العلامات كثرة التثاؤب وانهمار الدموع عند الرقية خصوصًا.

لكن السبب في انهمار الدموع أن الأمر ينعكس عند ذكر الله تعالى، فإنه لضعف شيطان العين فعندما يرقى المعيون تندفع الشياطين خارجة من جسده بالتثاؤب، أما الدموع اللاإرادية فإنها تدل على أنه لا يزال موجود بقية من الشياطين المعيانة، فتدمع أعينهم حزنا على ما يرونه من إيمان المصاب، وتفريج الله عز وجل همه بخروج حشود منهم متتابعة، فتذرف عين المريض بالدموع بغير إرادته مع عين الشيطان الحاضر عليه والمتلبس به، بسبب حضوره والتحامه بجسم المريض. قال صلى الله عليه وسلم: (العطاس من الله والتثاؤب من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليضع يده على فيه وإذا قال آه آه فإن الشيطان يضحك من جوفه وإن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب فإذا قال الرجل آه آه إذا تثاءب فإن الشيطان يضحك من جوفه). () فإن كان الشيطان يضحك من نجاحه في الدخول بالتثاؤب، فعلى العكس فإنه يحزن ويأسف إن خرج ذليلا بذكر الله تعالى، فتدمع أعينهم لهزيمتهم كما يضحكون لنجاحهم في الدخول.

والسبب في خروج الشياطين من الفم أثناء التثاؤب، أن البومة في الواقع لا تخرج فضلاتها عند طريق الدبر فقط، ولكن تخرجها عن طريق الفم أيضا، فبعد أن تهضم فريستها، تقوم بإخراج ما تبقى منها عبرفمها، فتخرج فضلاتها على هيئة لفافة أو كرة. لذلك فعند الرقية تتخلص من شياطينها بنفس الطريقة، فيخرجون مندفعين للخارج عن طريق الفم، فيشتد تثاؤب المريض، ويشعر بحرارة تخرج من فمه، وكأن كتلة تندفع خارجة منه، أو أن حجرا ضخما يسحب من فمه سحبا. والحقيقة أن البومة تكون حاضرة على المعيون في تلك اللحظة، وهي من تفغر فاهها لتتخلص من خدامها بعد أن بطلت أسحار العين، لذلك يشعر المريض بتثاؤب لا إرادي، لا يتوقف عنه، ولا يمكنه منعه مهما حاول مقاومته.

يتبع









موضوع مغلق

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 14:44

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc