تأتي معجزة الإسراء لتؤكد حاجة النفوس لإيمان عميق يسليها عند اشتداد الهموم، وتتابع الغموم، ولأن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم بشر يوحى إليه، كان لابد له من معجزة ربانية تعيد له ثباته، وتطوي عنه آلامه وأحزانه، فبينما كان عليه الصلاة والسلام في حماية من أذى المشركين في رعاية عمه أبي طالب، فقد مات الآن حصن الدعوة المنيع، ولم يبق له من يواسيه وينصره إلا خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، لكن نبينا ﷺ ما أفاق من مصيبة فقد عمه بعد شهرين من وفاته، حتى ماتت من كانت تمده بالحنان، وتواسيه بالأمان، فازدادت عليه الأوجاع والآلام.
فضرب الحزن بأطنابه داخل بيت النبوة وخارجه، ولم يعد بمكة شيئ يكف عنه أذى الأعداء، فخرج عليه الصلاة والسلام إلى الطائف لعل قبيلة تواسيه، أو أحدا يؤويه، فلم يجد إلا عنادا واستهجانا لم يختلف كثيرا عن قرابته بمكة ،هنا. تحقق قول ربنا عز وجل (إن مع العسر يسرا) [ الشرح : 6 ]. هنا .. جاءت معجزة الإسراء لتنقلك من قساوة أهلك إلى عناية ربك، ولتخبرك والذين آذوك وأدموك وأهلك الذين أخرجوك: أنه هناك ببيت المقدس، جمع الله لك الأنبياء ليستقبلوك ويقدموك، فأي رفعة هذه؟! وأي معجزة هذه؟! تنقلك من دار العنا إلى سدرة المنتهى !!.
إن معجزة الإسراء هي أعظم معجزات نبيكم الكريم بعد معجزة القرآن العظيم، فالإيمان بها واجب، وجحودها مخرج من ملة الإسلام؛ لأنه إنكار لما جاء في القرآن الكريم، ورد لما تواتر في السنة، وخرق لإجماع المسلمين .
وما زال أنبياء الله عبر الزمان يؤيدهم ربهم بالمعجزات تبيانا لصدق رسالتهم؛ قال عليه الصلاة والسلام: «ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر»[ رواه مسلم من حديث أبي هريرة].