السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
صبحكم الله بكل خير
العمل في المناطق النائية.. القرى و المداشر و البلديات الصغيرة..
قديما، قبل أن أدخل مجال العمل في هذا القطاع، كنت أعتقد أن المناطق النائية تتمتع بقدر من الاهتمام المادي و البيداغوجي من طرف السلطات المعنية، لأسباب، كنت أتخيل أن أولها الرغبة في نشر العلم و المعرفة 😩.. و تمكين أطفال هذه المناطق من اكتساب المعارف التي ستساعدهم مستقبلا في اجتياز خط الجهل، و رفع اقتصاد و تنمية مناطقهم..
كانت هذه أحلام الطفولة..
و إذا بي اصطدم بوقائع مرعبة.. و وجدت نفسي بعظ خمس سنوات من العمل في إحدى القرى، بين مطرقة التسيب الإداري و سندان إهمال أولياء الأمور..
لا أدري كيف أفسر الأمر، و لكن طاقة استيعابي الفكرية لم تتحمل هذه الصدمة..يكفي أن أبسط الوسائل البيداغوجية التي من المفروض أنها بديهية موجودة،غير متوفرة،كالحبر و الكراسي.. و إن توجهنا لطلب توفير هذه الوسائل للمعني، أي المدير، يوجهتا للمصالح الاقتصادية، التي بدورها تقول أن الميزانية الممنوحة لها لا تكفي.. أجل.. لا تكفي..
لن أتحدث إذا عن الكهرباء و التدفئة و الإطعام..
لن أتحدث أيضا عن طباعة مواضيع الامتحانات..
لن أتحدث عن الأقسام الدوارة..
و لن أتحدث عن المشكل المنجر عنها و المتمثل في جداول التوقيت المتجددة مطلع كل شهر إلى يومنا هذا..
و الذي أدهشني، أنني فعلا أستشعر إهمالا مقصوظا، فلا مفتشي إدارة يزورون، و لا مفتشي مواد يضطلعون.. مفتشو المواد للعلم لا يأتون للأساتذة المتربصين إلا بعد أن يراسلهم هؤلاء الأخيرون و يلحون عليهم..
لم أجد لمن أحكي و أستفسر لكي يشرح لي طبيعة العمل في المناطق النائية حتى أكف عن هذه التساؤلات..
منذ خمس سنوات عرضت احدى القنوات روبورتاج عن مدير مدرسة ابتدائية في قرية من قرى ولاية المدي، يتبع فيها نظاما شبيها بالنظام الياباني .. حيث وفر لتلاميذه خزانات لوضع أحذيتهم و وفر لهم أحذبة خاصة بالتمدرس.. ما جعلني اتوقع أنه من السهل على أي مدير في منطقة نائية أن يطبع مؤسسته بطابعها الخاص الجذاب.. لم أعتقد يوما أنني أنا بحد ذاتي سأصبح غير مهتمة بعملي.. لكنني معذورة..
أنا فعلا غير مهتمة بعملي.. لم أعد أمتلك تلك الحماسة و الرغبة التي كنت أمتلكها يوم توظفت سنة 2012..
كنت أعتبر نفسي محظوظة، لأنني سأعمل في زم الرقمنة و الالكترونيات حيث كل شيء متوفر و سيسهل على التلميذ التعلم و يحمسه على الرغبة في الاضطلاع.. لكنني و كأنني أعيش سنة 1960.. أشعر و كأنني في زمن الخماسة.. خاصة عندما أطلب بشكل قانوني حقا من حقوقي، ألا و هو، توفير الوسائل البيداغوجية لتسيير درسي، أقابل بالرفض بشكل حقير، يشعرني و كأنني أتسول.. النتائج النفسية من طريقة المعاملة و ظروف العمل، تجعلني أفكر في الاستقالة دون الاهتمام بما سيحدث لي.. مع العلم أني أم لطفلين و زوجة معاق و لا أملك سكنا...
حتى الحركة التنقلية، في آخر سنتين، لم تتوفر إلا لأصحاب المعارف..
الاستيداع غير مضمون في التعليم، لأنه بعد استئناف العمل نحول لمناطق أبعد..
التأقلم مع الوضع، و الله صعب..التأقلم يكون لما يكون هنالك وضع جديد..لكن، معلم في قسم بلا كراسي، و بلا أقلام،كيف سيتأقلم مع هذا الوضع؟
قد يظن البعض أنها نفحة تمرد مني كي أتحدث عن وضع كهذا،ربما هو السائد، لكن رؤيتي لبعض الزملاء، يحصلون على ما يشبه الامتيازات في عملهم، و أنا والبعض الآخر يضرب بنداءاتنا عرض الحائط، تتحرك فينا الرغبة في الانتفاض على هذا الوضع..
لذلك أسأل..من هي الدائرة التي أتوجه إليها لطرح هذا الانشغال..
أم أتوجه للإعلام باعتباره السلطة الرابعة التي تبلغ عن هكذا ظواهر؟؟
أم أواصل إهمالي الذي أنا فيه؟؟
للملاحظة، ان جمعية اولياء التلاميذ الخاصة بهذه المنطقة،دورها معدوم إن لم أقل مغيب.. بل أولياء التلاميذ بحد ذاتهم لا يستجيبون لاستدعاءاتنا المتكررة.. لأنهم فعلا، يتخلصون من أبنائهم طوال النهار،و لا نراهم إلا حين فتح ملفات منحة ال3000 دج التي أصبحت 5000 دج..
هل كل المناطق النائية هكذا؟!
و هل هذه الظروف طبيعية؟؟
أرجو ممن يضطلع على المنشور أن يتفاعل بإيجابية و بدون تجريح من فضلكم..
و كان الله في عوني 😩