وهذا الكلام يا اخانا الفاضل للشيخ الالباني إمام السنة رحمه الله
السائل: ما حكم مقاطعة المبتدع، مخاصمته، هجره ؟
العلاّمة الألباني: لا لا ما نر هذا ! هذا يا أخي كما نقول لكم ولغيركم ممن تسمعون أسئلتهم؛ إذا أردنا في هذا الزمان أن نطبق المنهج -هنا أرجو أ ن تنتبهوا الآن كيف يختلف المنهج- لو أردنا نطبق الآن المنهج السلفي الذي ورثناه عن بعض علمائنا من السلف: من الشدة على المبتدعة وهجرههم ومقاطعتهم وعدم الإصغاء إليهم عدنا القهقرى.
كما أقول لو أننا كان لنا صديق مثلا كان معنا على الخط ثم انحرف حتى بدأ لا يصلي، فكثيرا ما يأتي السؤال من بعض المتحمسين: ألا نقاطعه؟ أنا أقول: لا، لا نقاطعه، وإنما تابعه بالموعظة والنصيحة والتذكير، وإلا إذا قاطعته راح يكون لسان حاله كما نقول لكم في المثل السوري الذي كان لا يصلي وتاب وأناب وذهب إلى المسجد ليصلي أول مرة وإذا بالمسجد مغلق فقال: “أنت مَسَكِّرْ وأنا مَبَطِّل”. وهذا الذي ابتلي بترك الصلاة إذا أنت عاملته بالقسوة والشدة وأعرضت عنه من باب المقاطعة -وباب المقاطعة أصله مشروع في حديث الثلاثة الذي خلفوا- لكن يجب وضع الشيء في محله. فهذا التارك للصلاة الذي فوجئنا بتركه للصلاة إن قاطعناه زدناه ضلالا، وإنما ينبغي أن نتابعه بالموعظة والتذكير والتلطف معه والترفق به كما فعل عليه الصلاة والسلام مع ذلك اليهودي، وعلى هذا أيضا نسوق المبتدعة، لو تركناهم وشأنهم وضلالاهم فمن الذي سيتولى هدايتهم؟
السائل: إذن نقول لا يجوز للمصلحة ؟
العلاّمة الألباني: نعم، اليوم لا يجوز! كما أنه نحن نقول: لا يجوز إذا لقيت امرأة متبرجة أن تقول في وجهها لعنة الله عليك؛ للمفاسد التي تترتب، لكن لو عاد المجتمع الإسلامي وشذت امرأة عن هذا المجتمع الإسلامي، وخرجت متبرجة، فهناك يأتي هذا الجهر وهذا الصدع… تماما كما قال صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه” فهذه المراتب ما قيلت هكذا عبثا، حاشا لله أن يتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلام ليس فيه الحكمة المعروفة عنه، لكن هذا التيسير من الله لعباده المؤمنين أن يستعملوا الحكمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . في مجال تُغيير المنكر باليد، غَيّر!، كانوا قديما كسروا الطنابير من الطبول ونحو ذلك الآن لو فعلت ونحو ذلك الآن لو فعلنا شيئا من هذا كان مصيرنا العذاب والسجن إلى آخره ثم المصير الأخطر أن هذا المتحمس يرجع القهقرى ويرجع إلى الوراء وهذا ما نعرفه في أشخاص كانوا مُتحمسين، مجرد ما دخلوا السجن وخرجوا منه ما عادوا يتعرّفوا على الدعوة إطلاقا، ونعرف شيخا في دمشق الشام كان يتجرّأ على الإنكار على القبوريين والطوافين بها، ما شاء الله، حتى قامت عليه العامة ورعاء الناس فضربوه وأهانوه فكانت العاقبة ماذا؟ كنت تراه مع الجماعة الذي ينكر عليهم ويقف أمام قبر يحيى عليه السلام المزعوم في مسجد بني أمية – المسجد الكبير – متواضعا متخشعا إلى آخره، لذلك أنا آخذ حكمة بالغة جدا من قوله صلى الله عليه وسلم: ” إن لكل عمل شِرَّةً ولكل شرة فترة فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى ومن كانت فترته إلى بدعة فقد ضل” ومن هذا الحديث وأمثاله، أخذ العامة عندنا في الشام “كترة الشد يرخي” وهذا أمر مادي طبيعي جدا سواء كان في الماديات أو المعنويات، وها نحن الآن نبحث في المعنويان، انقلب على عقبيه بعد ما كان يرفع عقيرته وصوته في الإنكار على المبتدعة إذا هو ينقلب رأسا على عقب هذا من حيث المعنويات، من حيث الماديات اقبض قبضة حديدية -مهما كانت بطلا مهما كنت متمرنا- فستجد هذه القبضة ترتخي، ولابد. أظن انتهى الجواب عن هذا السؤال إن شاء الله.”
السائل: استفسار فيما يتعلّق بهجر المبتدع: يظهر – كما سمعتُ -أنكم تُراعون مصلحة المبتدع نفسه، ولا تنكرون أصل الهجر، شيخنا القول بعدم جواز هجر المبتدع راعينا فيه مصلحته، و ما راعينا مصلحة العامّة الذين قد يضلّون باتصال هذا العالم السلفي أو الإمام أو كذا بهذا المبتدع و مخالطته فيتأثّرون ويظنون بأنه ليس على بدعة و يضِلُّون تأثّرا!!
العلاّمة الألباني: هذه مسائل الحقيقة يا أخي من حيث التطبيق العملي تحتاج إلى علم دقيق وتطبيق عملي دقيق، فالآن أنت ضربتَ مثلا بالعالم الذي يُخالط المبتدع فيراه العامة فيظنون بهذا المبتدع خيرا! هل أنت تصوّرتَ أن هذا العالم مداهن؟!
السائل: لا
العلاّمة الألباني: إذا إن تصوّرت خلاف ذلك أستطيع أن أقول أنك تصوّرتَ أنه يُنكر عليه بدعته، أنه ينصحُه، أنه يعضه… فإن كان كذلك فمن أين يأتي الخطر على عامة الناس وهم يسمعونه ينصحُه ويُذكّره… فإذا الخطر الذي أنتَ تُلمّح وتشير إليه هو بالنسبة لمن يداهن وليس بالنسبة لمن يُنكر وبالتي هي أحسن! إذا في فرق بين عالم وآخر. أي بمعنى آخر من يقول أنه يُسايرهم ويسكُتُ عن بدعهم وضلالهم فنحن ننكر هذا! فلا بُدّ من البيان.
(سلسلة الهدى والنور- الشريط 611 – من 34:30 إلى 43:20