في هذه الأوقات العصيبة التي تمر بها بعض البلدان من الجدب، وخاصة الأكارم في الجزائر الحبيبة، نستلهم سويًا أمر الاستسقاء في الخطبة يوم الجمعة وبعض ما جاء فيه.
الاستسقاء في الخطبة يوم الجمعة إذا أجدب الناس وقحطوا شرع لهم الاستسقاء وله حالات عدة منه:
الأولى: الصلاة في المصلى حيث يخرج المسلمون مستكينين متضرعين فيصلي بهم الإمام ويخطب فيهم خطبة واحدة طالبا من الله تعالى الغيث.
الثاني: الاستسقاء في خطبة الجمعة حيث يدعو الإمام ربه بأن يغيث القلوب بالإيمان والطاعة والبلاد بالأماطر والبركات.
وقد ورد في السنة المطهرة أحاديث صحيحة توضح استسقاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يخطب يوم الجمعة، فمن ذلك عن أنس - رضي الله عنه - قال: «أصابت الناس سنة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فبينما النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب الجمعة قام أعرابي فقال: يا رسول الله: هلك المال وجاع العيال فادع لنا الله، فرفع يديه وما نرى في السماء قزعة، فوالذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته - صلى الله عليه وسلم - فمطرنا يومنا ذلك ومن الغد وبعد الغد والذي يليه حتى الجمعة الأخرى، وقام ذلك الأعرابي أو قال غيره فقال: يا رسول الله تهدم البناء وغرق المال فادع الله لنا، فرفع يديه فقال. اللهم حوالينا ولا علينا، فما يشير بيده إلى ناحية السماء إلا انفرجت» رواه البخاري.
ومن السنة رفع اليدين أثناء الدعاء بنزول المطر، فقد روى البخاري - رحمه الله - من حديث أنس: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء وأنه يرفع حتى يرى بياض إبطيه» ، وإذا كان رفع اليدين مشروعا للإمام حال الدعاء بالسقيا فإنه مشروع للمأموم أيضا أن يرفع يديه حال الدعاء بأن يغيث الله عز وجل البلاد والعباد.
ففي الحديث الذي رواه البخاري عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «أتى رجل أعرابي من أهل البدو إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة فقال: يا رسول الله هلكت الماشية، هلك العيال، هلك الناس، فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه يدعو ورفع الناس أيديهم يدعون».