******ولاية وادي سوف******
وادي سوف مركبة من كلمتين "وادي" و"سوف"، ويعطي هذا الاسم عدة دلالات تتوافق مع طبيعة المنطقة وخصائصها الاجتماعية والتاريخية.
- ومعناه وادي الماء الذي كان يجري قديما في شمال شرق سوف، وهو نهر صحراوي قديم غطي مجراه الآن بالرمال، وقد ذكر العوامر أن قبيلة "طرود" العربية لما قدمت للمنطقة في حدود 690هـ/ 1292م أطلقوا عليه اسم الوادي، والذي استمر في الجريان حتى القرن 8هـ/ 14م.
- وقيل أن قبيلة طرود لما دخلت هذه الأرض وشاهدت كيف تسوق الرياح التراب في هذه المنطقة،قالوا: إن تراب هذا المحل كالوادي في الجريان لا ينقطع.
- كما أن أهل الوادي يتميزون بالنشاط والحيوية، وتتسم حياتهم بالتنقل للتجارة في سفر دائم، فشبهوا بجريان الماء في محله الذي يدعى الوادي.
- يربط بعض الباحثين بين سوف وقبيلة مسوفة التارقية البربرية، وما ذكره ابن خلدون، يفيد أن هذه القبيلة مرت بهذه الأرض وفعلت فيها شيئا، فسميت بها، وتوجد الآن بعض المواقع القريبة من بلاد التوارق تحمل اسم سوف أو أسوف و"وادي أسوف" تقع جنوب عين صالح.
- وتنسب إلى كلمة "السيوف" وأصلها كلمة سيف أي "السيف القاطع" وأطلقت على الكثبان الرملية ذات القمم الحادة الشبيهة بالسيف.
- لها دلالة جغرافية لارتباطها ببعض الخصائص الطبيعية للمنطقة، ففي اللغة العربية نجد كلمة "السوفة والسائفة" وهي الأرض بين الرمل والجلد، وعندما تثير الريح الرمل تدعى "المسفسفة" وهذا ما جعل أهل سوف يطلقون على الرمل "السافي".
- وقيل نسبة إلى "الصوف" لأن أهلها منذ القدم كانوا يلبسون الصوف، وقد كانت مستقرا للعبّاد من أهل التصوف يقصدونها لهدوئها، إضافة إلى أنها كانت موطنا لرجل صاحب علم وحكمة يدعى "ذا السوف" فنسبت إليه.
وأول من ذكره بهذا الجمع "وادي سوف" هو الرحالة الأغواطي في حدود 1829، وانتشر على يد الفرنسيين بعد دخولهم للمنطقة.
المــــوقــــع
يقع إقليم وادي سوف جنوب شرق الجزائر، وينتمي إلى العرق الشرقي الكبير.
يحده من الشمال بلاد الزاب (بسكرة والزرايب)ويمتد حتى جبال الأوراس، والنمامشة، وإلى منطقة نقرين.
يحده من الشرق الحدود التونسية من نفطة ونفزاوة، مرورا ببير رومان حتى غدامس.
يحده من الجنوب واحات غدامس.
يحده من الغرب وادي ريغ (تقرت وتماسين) وورقلة.
وتمتد أراضيها من الجنوب إلى الشمال بين خطي عرض 31° - 34° شمالا وبين خطي طول 6° - 8° شرقا، وتبلغ المسافة من اسطيل في الشمال إلى غدامس جنوبا حوالي 620كلم، ومن وادي ريغ بالجهة الغربية إلى الحدود التونسية بالشرق حوالي 160كلم، وتبلغ مساحة وادي سوف 82.800 كلم2 والاقليم محاط طبيعيا بثلاث شطوط وهي شط وادي ريغ بالغرب، وشطوط مروانة وملغيغ وشط الغرسة من الشمال، وشط الجريد من الجهة الشرقية.
تقع ولاية الوادي في الجنوب الشرقي من الوطن، وتبلغ مساحة ولاية الوادي حوالي 44.585 كلم2.
يحدها من الشمال ولايات تبسة وخنشلة وبسكرة.
يحدها من الجنوب ولاية ورقلة.
يحدها من الغرب ولايات الجلفة وبسكرة وورقلة.
يحدها من الشرق الجمهورية التونسية.
تتوزع ولاية الوادي على 12 دائرة إدارية، وتنقسم إلى واديين مختلفين:
- منطقة وادي سوف وتقع وسط العرق الشرقي وتضم 22 بلدية
- منطقة وادي ريغ وتقع في الأراضي المنبسطة وتضم 8 بلديات
تقع الولاية في الجنوب الشرقي من الجزائر، تحدها من الشمال ولايات
(تبسه و خنشلـة و بسكـرة)، ومـن الشـرق الجمهورية التونسية بشريط حدودي طوله 300 كلم، وجنوبا ولاية ورقلة، و غربا ولايات (بسكرة والجلفة وورقلة). أما مساحتها الإجمالية 44.585 كلم 2 ويسكنها حوالي 562.973 نسمة ( سنة 2000)
و بنسبة سكان تقدر بـ 12.5/كم2 .
في ديسمبر 1854م وصل العقيد الفرنسي"ديفو" بقواته الهائلة إلى وادي سوف مستطلعا الوضع العام، ثم رجع إلى تقرت ليعلن يوم 26 ديسمبر 1854 على أن "علي باي بن فرحات" ممثل فرنسا وقايد على تقرت ووادي ريغ ووادي سوف. وعمل ديفو على مراقبة منطقة وادي سوف، وحاول إضفاء نوع من الاستقرار عليها عن طريق المراسيم والأوامر، وفرض الضرائب وحث السكان على العمل تحت أوامر "علي باي"، إلا أن المنطقة بقيت مجالا للاضطرابات، وبدأت تحركات رجال المقاومة الشعبية وخاصة سي النعيمي ومحمد بو علاق اليعقوبي وبن ناصر بن شهرة ومحمد بن عبد الله، وحينئذ عمل الفرنسيون على تحقيق نوع من الهدوء في المنطقة، فشيدوا عدة أبراج للمراقبة في الجهات الأربعة لسوف لتأمين القوافل والمحافظة على الأمن، ولكن المقاومة ظلت مشتعلة بوادي سوف وما جاورها وامتدت من عين صالح إلى ورقلة وتقرت وسوف وتبسة ونقرين وبلاد الجريد ونفطة التونسية.
قاد هذه المقاومة محمد التومي بوشوشة، الذي استولى على ورقلة في 5 مارس 1871، وعيّن عليها بن ناصر بن شهرة آغا، وكانت ورقلة تابعة لعلي باي، فاتصل جماعة من شعانبة الوادي ببشوشة وأخبروه بأن "علي باي" أودع أمواله وعياله ببلدة قمار، التي هاجمها بوشوشة يوم 8 مارس 1871 فاحتمت عائلة على باي بالزاوية التجانية، وبعد مفاوضات مع أعيان الوادي، رجع بوشوشة وسلمت عائلة "علي باي"، لكن آغويته لم تسلم من سطوة بوشوشة الذي استولى على تقرت في 13 ماي 1871 وعيّن عليها بوشمال بن قوبي آغا، فصارت وادي سوف تابعة لسلطة بوشوشة.
ولما تأكد للفرنسيين عجز "على باي" أعدوا جيشا بقيادة الجنرال "لاكروا فوبوا" الذي أعد خطة استطاع بها انتزاع ورقلة وتقرت من أنصار بوشوشة في جانفي 1872 واتجه نحو سوف فأخضعها للسلطة الفرنسية وعيّن عليها حاكما من جنود الصبايحية يدعى"العربي المملوك".
والجدير بالذكر أن وادي سوف ما بين 1837 - 1872 كانت ملجأ آمنا للمقاومين، تدعمهم بالمال والسلاح والرجال، ولما انتهت فترة السبعينات من القرن 19 بتصفية فلول المقاومة الشعبية بالجنوب، بدأ الفرنسيون يهيئون الظروف للاستقرار في الجنوب الجزائري، قريبا من الحدود التونسية التي كانت فرنسا بصدد التخطيط لاحتلالها، وتعتبر سوف أهم موقع يمكن استغلاله لتأمين ظهر الفرنسيين.
وتمكنت فرنسا من فرض الحماية على تونس في 12 ماي 1881 وفي مقابل ذلك كُلف الضابط "ديبورتار" - الذي سبقت له المشاركة في احتلال تونس - بتأسيس أول مكتب عربي بالدبيلة القريبة من الحدود التونسية، فكانت المركز الأول للاستقرار الفرنسيين في سوف. ثم أخذت القوات الفرنسية في التزايد بالدبيلة واستمر إلى سنة 1887، وبعد ذلك بدأ العدد يتناقص لأن الإدارة الفرنسية بدأت الاستقرار بقوة في مدينة الوادي عاصمة الاقليم منذ سنة 1882، ويعتبر النقيب "فورجيس" (1886-1887) ثاني حاكم عسكري لملحقة الوادي، والذي خلف الضابط "جانين".
واستعان الفرنسيون بالقياد وشيوخ القبائل لادارة شؤون السكان، وصارت الوادي ملحقة منذ 1885 تابعة لبسكرة ثم حُولت إلى دائرة تقرت عام 1893، وشهدت الملحقة بعد ذلك تغيرات مستمرة في حكامها العسكريين.
وفي عام 1902 حدث تغيير في التقسيم الإداري بالجنوب فأصبحت سوف تابعة لإقليم الصحراء، وطُبق عليها الحكم العسكري الذي ضيق الحريات، إلا أن الوعي الوطني برز جليا في ثنايا الطرق الصوفية وخاصة الشيخ الهاشمي وابنه عبد العزيز الذي تأثر برحلاته إلى الزيتونة والمشرق العربي، وتحول من شيخ للزاوية إلى داعية للأفكار الاصلاحية في صفوف جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وكلفه ذلك النفي والتشريد من طرف السلطات الاستعمارية، ومهد ذلك لبروز الحركة الوطنية الاستقلالية بعد الحرب العالمية الثانية، والتي شرعت في بث الوعي الوطني وتجنيد المناضلين وجمع الأسلحة والتهيئة للثورة التحريرية