تعليقات على حادثة انتهاك حرمة رمضان في بلاد القبائل
بقلم الدكتور محمد حاج عيسى
موقع في طريق الاصلاح
لقد كان خبر الفئة المرتدة التي جاهرت بانتهاك حرمة رمضان خبرا ثقيلا في السمع شديدا على النفس، وكانت تلك الصور المنشورة عنه محزنة للفؤاد أعجمت اللسان وأخرسته وأعجزت البنان وحبسته، ثم انجلى عن النفس بعض الجلاء لما اجتمع في ذات المكان فئات من أبناء المنطقة الشرفاء، فصلوا المغرب وأفطروا إفطارا جماعيا، في مشهد تخشع له القلوب وتدمع له العيون ويبعث في القلوب الأمل بل الآمال، ولما صلينا العيد شنف أسماعنا خطيبنا خطبة تبعث العزة وترفع الهمة وتكشف الغمة ، وكان مما شدني فيها أبيات صدر بها الخطبة الثانية، لخص فيها الحدث وما تلاه بعبارات قوية متينة ووزن شديد مناسب لتلك العبارات والمعاني، ثم علمت أنها صاحبها هو أخي خالد أبو الوليد فطلبتها منه، وأرسلتها إلى بعض الإخوان ممن يحسن قرض الشعر عسى أن أستثيرهم واستخرج منهم ما تشنف به الأسماع وتقر به العيون وتشف به قلوب المؤمنين، فجاءني رد من أخوين فاضلين من أبناء المنطقة أحدهما داره هناك والآخر خطيب فيها، وها أنا أكفر عن صمتي بنشر هذه الكلمات نسأل الله تعالى لنا ولإخواننا التسديد والتوفيق.
قال الشيخ خالد أبو الوليد إجابة لطلب الخطيب:
أَتَى الأنْجَاسُ كُفْراً مُسْتَبِيناَ ***وأظهرَ جَهْلُهُمْ حِقْداً دَفِيناَ
تَطَاوَلَ فِي إهَانَتِنَا جِهَـاراً ***عَبِيدُ عَبِيدِ عَبْدِ الكَافِرِينَا
فِيهم سِوَى نَـذْلٍ زَنِيـمٍ***حَقِيرٍ مِنْ فُلُولِ الخَائِنِيناَ
فَلَا تَجْزَعْ أخَا الإسْلامِ وأعْلَمْ***بأنَّ الحقَّ مُنْتَصِرٌ يَقِينَا
فَمَا زَالَ القبَائِلُ فِي بِلَادِي***كَمَا كَانُوا هُدَاةً مُهْتَدِينَا
أُحَيِّي أُمَّةً مِنْهُم تَدَاعَــتْ***فَصَامُوا ثُمَّ صَلُّوا مُخْبِتِينَا
فَهُبُّوا بَنِي قَوْمِي جَمِيعـَا***ولا تُبْقُوا خُمُورَ المجْرِمِينَا
يُعَذِّبْهُمْ بِأَيْدِيكُم إِلَــهِي***وَيَشْفِ صُدُورَ قَومٍ مُؤْمِنِينَا
وأجاب الشيخ أمين بن يوسف قادري وهو من أبناء المنطقة وأدبائها والدعاة إلى الله تعالى فيها وفقه الله وسدده:
اللهم لا إله إلا أنت.. صلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
تقبل الله منا ومنكم، وغفر الله لنا ولكم، عيدكم مبارك بألف خير وكل عام وأنتم في ظلال العافية بمن الله وكرمه..
وصلتني-شيخنا الكريم-رسالتكم المشفوعة بالوقار، فأيقظت من نفسي مواجع كنت أطامن عليها الأحشاء، وكان لا بد من الجواب تكرمة لطلب الشيخ أعزه الله، فكانت هذه الأبيات من يد ضعيفة وقريحة مريضة ونفس مكدودة، نسأل الله تعالى ألا يجعلنا فتنة للقوم الظالمين، وأن ينجينا برحمته من القوم الكافرين..
تَصَدَّعَ غُدْوَةً قَلْبِي أَنِينَا***وَضَجَّ أَسًى لِفِعْلِ الآثِمِينَا
وَأَرَّقَ جَفْنِيَ المَحْزُونَ أَمْرٌ***تَنَزَّلَ كَالصَّوَاعِقِ يَرْتَمِينَا
وَلا وَاللهِ مَا لِلْغِيدِ أَبْكِي***وَقْد طَلَّقْتُ مَرْعَى الغِيدِ حِينَا
وَلَمْ يَرْجُفْ لِغَيرِ اللهِ رُوعِي***وَكُنْتُ بِدَمْعَتِي أَبَدًا ضَنِينَا
وَلَكِنَّ البَلِيَّةَ حِينَ تُرْزِي***فَلَا تَعْجَبْ لِصَلْد ٍأَن يَلِينَا
أَتَتْنِي مِنْ فَضِيلَتِكُمْ حُرُوفٌ***أَثَرْنَ تَنَاقُضًا يُعْيِي الفَطِينَا
فَذِكْرَى أَدْمَتِ الأَكْبَادَ حُزْنًا***وَذِكْرَى أَذْكَتِ الجَمْرَ الدَّفِينَا
حَبَسْتُ القَوْلَ أَرْقُبُهُ لِحِينٍ***تُحِسُّ لَهُ إِذَا أَهْوَى طَنِينَا
وَلَيْسَ القَوْلُ عَن نَفْسِي بِمُغْنٍ***إِذَا بِالسَّيْفِ لَمْ يُصْبِحْ مَكِينَا
أَيُغْنِي القَوْلُ عَنَّا حِينَ أَضْحَتْ***مَسَارِحُنَا مَزَارَ المُجْرِمِينَا
يُدَنِّسُ أَرْضَنَا الخِنْزِيرُ جَهْرًا***فَلِلَّهِ الشَّكَاةُ بِمَا دُهِينَا
أَتَى البَاغُونَ حَدَّ اللهِ يَقْفُو***لَعِينٌ فِي قَبَائِحِهِ لَعِينَا
تَرَشَّفَتِ الشِّفَاهُ مِيَاهَ سُقْمٍ***وَلَمْ تَدْرِ الجَوَانِحُ مَا صَلِينَا
فَيَا عَجَبًا لِجُوعٍ تَاهَ عِزًّا***يُطَاوِلُ فَخْرُهُ شِبَعًا مَهِينَا
غَضِبْنَا لِلشَّرِيعَةِ مَا أُهِينَتْ***وَلِلْأَعْرَاضِ نَغْضَبُ مَا بَقِينَا
وَغَضْبَاتُ الأَشَاوِسِ إِنْ أُهِينُوا ***تَهُزُّ لِهَوْلِهَا الجَبَلَ الرَّكِينَا
أَمَازِيغٌ بَأَمْرِ الرَّبِّ قَامُوا***وَمَا ذَلُّوا لِشَرْعِ الغَاصِبِينَا
سَلِ الرُّومَانَ سُمْنَاهُمْ عَذَابًا***تَرَكْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَا
وَلَمَّا رَامَتِ العُظْمَى فِرَنْسَا***مَهَانَتَنَا وَقَفْنَا صَامِدِينَا
أَوَائِلُنَا أَقَامُوا صَرْحَ مَجْدٍ***تَظَلُّ لَهُ الأَوَاخِرُ شَاهِدِينَا
فَكَيْفَ تَطِيبُ نَفْسُ الحُرِّ مِنَّا***بِخُسْرِ الخَالِفِينَ مِنَ البَنِينَا
فَلَا تُنْكِرْ مِنَ الأُسْدِ انْتِقَامًا***إِذَا دَنَّسْتَ لِلْأُسْدِ العَرِينَا
لِرَبِّ العَرْشِ نَشْكُو مَا دَهَانَا***وَعَنْ شَكْوَى الوِزَارَةِ قَدْ غَنِينَا
وَهَلْ يَقْضِي الوَزِيرُ قَضَاءَ رَبِّي***إِذَا أَخْزَى البُغَاةَ المُجْرِمِينَا
إِلَهِي عِنْدَ بَابِكَ قَدْ أَنَخْنَا***نُرَجِّي فَضْلَ رَبِّ العَالَمِينَا
إِلَهِي لَا تُعَذِّبْنَا إِلَهِي***بِمَا تَجْنِي قُلُوبُ الظَّالِمِينَا
وَطَهِّرْ مِنْ نَجَاسَتِهِمْ بِلَادِي***وَأَخْلِصْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَا
من فؤاد وجيف، وقلب أسيف، وبنان رجيف، محبكم في الله: أمين يوسف الأحمدي
..
وأجاب الشيخ سمير قبي الورتيلاني - الخطيب في المنطقة منذ قرابة عقد من الزمن-
الله أَكْبَرُ إنَّ الأَمْرَ قَدْ ظَهَرَ***إلى العِيَانِ وَذَاعَ الحُكْمُ وَاشْتَهَرَ
أنَّ التبَرِّي مِنَ الكُفْرِ الذمِيمِ***وَمِنْ أَهْلِ الشقَاقِ بِهِ الرحْمَنُ قَدْ أَمَرَ
لم يَبْقَ بُدٌّ لِذِي عَقْلٍ وذِي أَدَبٍ***إلا عَدَاوَتُه نَحْوَ الذي كَفَرَ
تَحَنَّكَ الكُفْرُ مِنْ طولِ المَكِيد بِنَا***وَقَدْ تَحَلَّبَ شَطْرَ الدهْرِ واخْتَبَرَ
فَلا سِهَاماً لَهُ إلا رَمَانَا بِها***ولا حُسَاماً لًه إلا وَقَدْ شَهَرَ
مَعْ كُلِّ هَذَا نَرَى مِنْ قَومِنَا نَفَرا***أَعْطَوْا وَلَاءً لِمَنْ للكُفْرِ قَدْ نَشَرَ
وَقَالَ قَائِلُهُمْ لِلناصِحِينَ لَهُمْ***أَتَبْتَغُوا أَنْ نُعَادِي النَّاسَ وَالبَشَرَ
وَأَنْ نُكَابِدَ أَيَّامَ الزمَانِ وَلَا***نَقْفُوا بِحَاضِرَةٍ فَالنجْمُ قَدْ ظَهَرَ
أَجَابَهُ فَطِنٌ بِالعَقْلِ مُتَّزِنٌ***يَا مَنْ غَوَاهُ جَمِيلُ القَوْلِ وَانْبَهَرَ
هَذَا سَرَابٌ أَخِي هَلَّا فَطِنْتَ لَهُ***مَا الغرْبُ يَصْبُوا لِأنْ نَرْقَى وَنْزَدَهِرَ
وغَايةُ الغَرْبِ أنْ نَبْقَى لَهُ تَبَعاً***لَنَا الصَّغَارُ وأنْ نَخْشَى لَه خَطَرَ
هَذِي الحَقِيقَةُ جَاءَتْنَا مُقَرَّرَةً***مِنَ الإله وَفِي القُرْآن مَا سَطَرَ
ونَحْنُ في بَلَدِ الإسْلَامِ مُنْذُ وَطِئَتْ***أقْدَامُ عُقْبَةَ هذا السَّقعَ مُنْتَصِرا
مِنْ ذلك الوَقْتِ والإسلامُ مُنْتَشِرٌ***بَيْن الأمازيغِ والأصْنَامُ ومُنْكَسِرَه
نَحْنُ الأمازيغُ لن نَرْضَى بِهِ بَدَلاً***بَلْ مِنْ تَحَمُّلِنَا اجْتَزْنَا بِهِ البَحرَ
نَحْنُ البرابرةُ الأحْرَارِ لَيْسَ لَنَا***إلا الحَنِيفِيَّةَ السمْحَاءَ مُدَّخَرَ
قَدَ حَاوَلَتْنَا العِدَى عَنْها فَمَا فَلَحَتْ***وَفُلَّ صَارِمُهَا المَسْلولُ وانْكَسَرَ
لَمْ نَرْتَضِ الكُفْرَ والصلْبَانُ مُشْهِرَةٌ***مِنَ الفَرَنْسِيسِ والأيَّامُ مُكْفَهِرَه
فَكَيْفَ نَرْضَى وَعَهْدُ الله مُرْتَفِعٌ***عَلَى المَآذِنِ والأَفْهَامُ مُزْدَهِرَه
يا باغِيَ البربرَ الأحرارَ يَفْتِنُهُمْ***عن دِينِهِم لِيَرَى الإسْلَامَ مُنْحَسِرَا
هيهاتَ هيهاتَ أنْ يُقْضَى لَكَ الوَطَرُ***الأرْضُ أَرْضُنَا للإسْلَامِ مُحْتَضِرَه
فنَحْنُ والأرْضُ الإسْلامُ ليْسَ نَرَى***لَنَا افْتِرَاقاً وَرَبِّ البَيْتِ يَا كَفَرَه