الشيخ ابن باز ونقد القومية العربية على ضوء الإسلام والواقع - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الشيخ ابن باز ونقد القومية العربية على ضوء الإسلام والواقع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-08-22, 08:42   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
abedalkader
عضو برونزي
 
الصورة الرمزية abedalkader
 

 

 
الأوسمة
المشرف المميز 
إحصائية العضو










Hourse الشيخ ابن باز ونقد القومية العربية على ضوء الإسلام والواقع


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فلا يشك مسلم له أدنى بصيرة بالتاريخ الإسلامي في فضل العرب المسلمين، وما قاموا به من حمل رسالة الإسلام في القرون المفضلة، وتبليغه لكافة الشعوب، والصدق في الدعوة إليه، والجهاد لنشره والدفاع عنه، وتحمل المشاق العظيمة في ذلك، حتى أظهرها الله على أيديهم وخفقت رايته في غالب المعمورة، وشاهد العالم على أيدي دعاة الإسلام في صدر الإسلام أكمل نظام وأعدل حاكم، ورأوا في الإسلام كل ما يريدون وينشدون من خير الدنيا والآخرة، ووجدوا في الإسلام تنظيم حياة سعيدة تكفل لهم العزة والكرامة والحرية من عبادة العبيد، وظلم المستبدين، والولاة الغاشمين، ووجدوا في الإسلام تنظيم علاقتهم بالله سبحانه: بعبادة عظيمة تصلهم بالله، وتطهر قلوبهم من الشرك والحقد والكبر، وتغرس فيها غاية الحب لله وكمال الذل له والتلذذ بمناجاته، وتعرفهم بربهم وبأنفسهم، وتذكرهم بالله وعظيم حقه كلما غفلوا أو كادوا أن يغفلوا وجدوا في الإسلام تنظيم علاقتهم بالرسول صلى الله عليه وسلم وماذا يجب عليهم من حقه والسير في سبيله، ووجدوا في الإسلام أيضا تنظيم العلاقات التي بين الراعي والرعية، وبين الرجل وأهله، وبين الرجل وأقاربه، وبين الرجل وإخوانه المسلمين، وبين المسلمين والكفار، بعبارات واضحة وأساليب جلية ووجدوا من الرسول صلى الله عليه وسلم ومن الصحابة وأتباعهم بإحسان تفسير ذلك بأخلاقهم الحميدة وأعمالهم المجيدة، فأحب الناس الإسلام وعظموه ودخلوا فيه أفواجاً، وأدركوا فيه كل خير وطمأنينة وصلاح وإصلاح.
والكلام في مزايا الإسلام وما اشتمل عليه من أحكام سامية وأخلاق كريمة، تصلح القلوب، وتؤلف بينها وتربطها برباط وثيق من المودة في الله سبحانه، والتفاني في نصر دينه، والتمسك بتعاليمه، والتواصي بالحق والصبر عليه، لا ريب أن الكلام في هذا الباب يطول والقصد في هذه الكلمة الإشارة إلى ما حصل على أيدي المسلمين من العرب في صدر الإسلام من الجهاد والصبر، وما أكرمهم الله به من حمل مشعل الإسلام إلى غالب المعمورة، وما حصل للعالم من الرغبة في الإسلام، والمسارعة إلى الدخول فيه، لما اشتمل عليه من الأحكام الرشيدة والتعاليم السمحة، والتعريف بالله سبحانه وبأسمائه وصفاته وعظيم حقه على عباده، ولما اتصف به حملته والدعاة إليه من تمثيل أحكام الإسلام في أقوالهم وأعمالهم وأخلاقهم، حتى صاروا بذلك خير أمة أخرجت للناس، وحققوا بذلك معنى قوله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
[1] ومعنى الآية كما قال أبو هريرة رضي الله عنه كنتم خير الناس للناس.
لا يشك مسلم قد عرف ما كان عليه المسلمون في صدر الإسلام فيما ذكرناه، فهو من الحقائق المعلومة بين المسلمين، ولا يشك مسلم في ما للمسلمين غير العرب من الفضل والجهاد المشكور في مساعدة إخوانهم من العرب المسلمين في نشر هذا الدين والجهاد في إعلاء كلمته، وتبليغه سكان المعمورة، شكر الله للجميع مساعيهم الجليلة، وجعلنا من أتباعهم بإحسان، إنه على كل شيء قدير.
وإنما الذي ينكر اليوم ويستغرب صدوره عن كثير من أبناء الإسلام من العرب، انصرافهم عن الدعوة إلى هذا الدين العظيم، الذي رفعهم الله به، وأعزهم بحمل رسالته، وجعلهم ملوك الدنيا وسادة العالم، لما حملوا لواءه وجاهدوا في سبيله بصدق وإخلاص، حتى فتحوا الدنيا، وكسروا كسرى، وقصروا قيصر، واستولوا على خزائن مملكتيهما، وأنفقوها في سبيل الله سبحانه، وكانوا حينذاك في غاية من الصدق والإخلاص والوفاء والأمانة والتحاب في الله سبحانه والمؤاخاة فيه، لا فرق عندهم بين عربي وعجمي، ولا بين أحمر وأسود، ولا بين غني وفقير، ولا بين شرقي وغربي، بل هم في ذلك إخوان متحابون في الله، متعاونون على البر والتقوى، مجاهدون في سبيل الله، صابرون على دين الإسلام لا تأخذهم في الله لومة لائم، يوالون في الإسلام، ويعادون فيه، ويحبون عليه، ويبغضون عليه، ولذلك كفاهم الله مكايد أعدائهم، وكتب لهم النصر في جميع ميادين جهادهم، كما وعدهم الله سبحانه بذلك في كتابه المبين حيث يقول سبحانه: وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ
[2] وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ[3]
ثم بعد هذا الشرف العظيم والنصر المؤزر من المولى سبحانه لعباده المؤمنين من العرب وغيرهم، نرى نفراً من أبنائنا يخدعون بالمبادئ المنحرفة، ويدعون إلى غير الإسلام، كأنهم لم يعرفوا فضل الإسلام وما حصل لأسلافهم بالإسلام من العزة والكرامة، والمجد الشامخ والمجتمع القوي الذي كتبه الله لأهل الإسلام الصادقين، حتى إن عدوهم ليخافهم وهو عنهم مسيرة شهر، نسي هؤلاء أو تناسوا هذا المجد المؤثل والعز العظيم والملك الكبير، الذي ناله المسلمون بالإسلام، فصار هؤلاء الأبناء يدعون إلى التكتل والتجمع حول القومية العربية، ويعرفونها بأنها اجتماع وتكاتف لتطهير البلاد من العدو المستعمر، ولتحصيل المصالح المشتركة، واستعادة المجد السليب.
وقد اختلف الدعاة إليها في عناصرها، فمن قائل: أنها الوطن والنسب واللغة العربية ومن قائل: أنها اللغة فقط ومن قائل: أنها اللغة مع المشاركة في الآلام والآمال ومن قائل غير ذلك وأما الدين فليس من عناصرها عند أساطينهم والصرحاء منهم، وقد صرح كثير بأن الدين لا دخل له في القومية، وصرح بعضهم أنها تحترم الأديان كلها من الإسلام وغيره وهدفها كما يعلم من كلامهم هو التكتل والتجمع والتكاتف ضد الأعداء ولتحصيل المصالح المشتركة كما سلف، ولا ريب بأن هذا غرض نبيل وقصد جميل.
فإذا كان هذا هو الهدف، ففي الإسلام من الحث على ذلك والدعوة إليه، وإيجاب التكاتف والتعاون لنصر الإسلام، وحمايته من كيد الأعداء ولتحصيل المصالح المشتركة، ما هو أكمل وأعظم مما يرتجى من وراء القومية ومعلوم عند كل ذي لب سليم أن التكاتف والتعاون الذي مصدره القلوب، والإيمان بصحة الهدف، وسلامة العاقبة في الحياة وبعد الممات كما في الإسلام الصحيح - أعظم من التعاون والتكاتف على أمر اخترعه البشر ولم ينزل به وحي السماء، ولا تؤمن عاقبته لا في الدنيا ولا في الآخرة. وأيضا فالتكاتف والتعاون الصادر عن إيمان بالله، وصدق في معاملته ومعاملة عباده، مضمون له النصر وحسن العاقبة - كما في الآيات الكريمات التي أسلفنا ذكرها - بخلاف التكاتف والتعاون المبني على فكرة جاهلية تقليدية، لم يأت بها شرع ولم يضمن لها النصر.
وهذا كله على سبيل التنزل لدعاة القومية، والرغبة في إيضاح الحقائق لطالب الحق وإلا فمن خبر أحوال القوميين، وتدبر مقالاتهم وأخلاقهم وأعمالهم، عرف أن غرض الكثيرين منهم من الدعوة إلى القومية، أمور أخرى يعرفها من له أدنى بصيرة بالواقع وأحوال المجتمع، ومن تلك الأمور، فصل الدين عن الدولة، وإقصاء أحكام الإسلام عن المجتمع، والاعتياض عنها بقوانين وضعية ملفقة من قوانين شتى، وإطلاق الحرية للنزعات الجنسية والمذاهب الهدامة - لا بلغهم الله مناهم - ولا ريب أن دعوة تفضي إلى هذه الغايات، يرقص لها الاستعمار طرباً، ويساعد على وجودها ورفع مستواها - وإن تظاهر بخلاف ذلك - تغريراً للعرب عن دينهم، وتشجيعاً لهم على الاشتغال بقوميتهم، والدعوة إليها والإعراض عن دينهم.
ومن زعم من دعاة القومية أن الدين من عناصرها، فقد فرض أخطاء على القوميين، وقال عليهم ما لم يقولوا لأن الدين يخالف أسسهم التي بنوا القومية عليها، ويخالف صريح كلامهم ويباين ما يقصدونه من تكتيل العرب، على اختلاف أديانهم تحت راية القومية.
ولهذا تجد من يجعل الدين من عناصر القومية يتناقض في كلامه، فيثبته تارة وينفيه أخرى، وما ذلك إلا أنه لم يقله عن عقيدة وإيمان، وإنما قاله مجاملة لأهل الإسلام، أو عن جهل بحقيقة القومية وهدفها، وهكذا قول من قال: إنها تخدم الإسلام أو تسانده، وكل ذلك بعيد عن الحقيقة والواقع، وإنما الحقيقة أنها تنافس الإسلام وتحاربه في عقر داره، وتطلي ببعض خصائصه ترويجاً لها وتلبيساً أو جهلاً وتقليداً.
ولو كانت الدعوة إلى القومية يراد منها نصر الإسلام وحماية شعائره، لكرس القوميون جهدهم في الدعوة إليه ومناصرته، وتحكيم دستوره النازل من فوق سبع سماوات، ولبادروا إلى التخلق بأخلاقه، والعمل بما يدعو إليه، وابتعدوا عن كل ما يخالفه؛ لأنه الأصل الأصيل والهدف الأعظم، ولأنه السبيل الذي من سار عليه، واستقام عليه، وصل إلى شاطئ السلامة، وفاز بالجنة والكرامة، ومن حاد عن سبيله باء بالخيبة والندامة، وخسر الدنيا والآخرة، فلو كان دعاة القومية يقصدون بدعوتهم إليها تعظيم الإسلام وخدمته، ورفع شأنه، لما اقتصروا على الدعوة للخادم دون المخدوم، وكرسوا لهذا الخادم جهودهم، وغضبوا من صوت دعاة الإسلام إذا دعوا إليه، وحذروا مما يخالفه أو يقف حجراً في طريقه.
لو كان دعاة القومية يريدون بدعوتهم إعلاء كلمة الإسلام، واجتماع العرب عليه، لنصحوا العرب ودعوهم إلى التمسك بتعاليم الإسلام، وتنفيذ أحكامه، ولشجعوهم على نصره ودعوة الناس إليه، فإن العرب أولى الناس بأن ينصروا الإسلام، ويحموه من مكايد الأعداء ويحكموه فيما شجر بينهم، كما فعل أسلافهم؛ لأنه عزهم وذكرهم ومجدهم، كما قال الله تعالى: لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ
[4] وقال فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ[5] وإذا عرفت أيها القارئ ما تقدم، فاعلم أن هذه الدعوة: أعني الدعوة إلى القومية العربية، أحدثها الغربيون من النصارى، لمحاربة الإسلام والقضاء عليه في داره، بزخرف من القول، وأنواع من الخيال، وأساليب من الخداع، فاعتنقها كثير من العرب من أعداء الإسلام، واغتر بها كثير من الأغمار ومن قلدهم من الجهال، وفرح بذلك أرباب الإلحاد وخصوم الإسلام في كل مكان.
ومن المعلوم من دين الإسلام بالضرورة أن الدعوة إلى القومية العربية أو غيرها من القوميات، دعوة باطلة وخطأ عظيم، ومنكر ظاهر، وجاهلية وكيد سافر للإسلام وأهله، وذلك لوجوه:
الأول: أن الدعوة إلى القومية العربية تفرق بين المسلمين، وتفصل المسلم العجمي عن أخيه العربي، وتفرق بين العرب أنفسهم ؛ لأنهم كلهم ليسوا يرتضونها، وإنما يرضاها منهم قوم دون قوم، وكل فكرة تقسم المسلمين وتجعلهم أحزاباً فكرة باطلة، تخالف مقاصد الإسلام وما يرمي إليه؛ وذلك لأنه يدعو إلى الاجتماع والوئام، والتواصي بالحق والتعاون على البر والتقوى، كما يدل على ذلك قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
[6] وقال تعالى: هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ[7] وقال تعالى: مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ[8]
فانظر أيها المؤمن الراغب في الحق كيف يحارب الإسلام التفرق والاختلاف، ويدعو إلى الاجتماع والوئام، والتمسك بحبل الحق والوفاة عليه، تعلم بذلك أن هدف القومية غير هدف الإسلام، وأن مقاصدها تخالف مقاصد الإسلام، ويدل على ذلك أيضا أن هذه الفكرة، أعني الدعوة إلى القومية العربية وردت إلينا من أعدائنا الغربيين، وكادوا بها المسلمين، ويقصدون من ورائها فصل بعضهم عن بعض، وتحطيم كيانهم، وتفريق شملهم، على قاعدتهم المشئومة (فرق تسد) وكم نالوا من الإسلام وأهله بهذه القاعدة النحيسة، مما يحزن القلوب ويدمي العيون.
وذكر كثير من مؤرخي الدعوة إلى القومية العربية، ومنهم مؤلف الموسوعة العربية: أن أول من دعا إلى القومية العربية في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، هم الغربيون على أيدي بعثات التبشير في سوريا، ليفصلوا الترك عن العرب، ويفرقوا بين المسلمين، ولم تزل الدعوة إليها في الشام والعراق ولبنان تزداد وتنمو، حتى عقد لها أول مؤتمر في باريس من نحو ستين سنة، وذلك عام 1910 م، وكثرت بسبب ذلك الجمعيات العربية، وتعددت الاتجاهات، فحاول الأتراك إخمادها، بأحكام الإعدام التي نفذها جمال باشا في سورية في ذلك الوقت، إلي آخر ما ذكروا، فهل تظن أيها القارئ أن خصومنا وأعداءنا يسعون في مصالحنا، بابتداعهم الدعوة إلى القومية العربية، وعقد المؤتمرات لها، وابتعاث المبشرين بها، لا والله، إنهم لا يريدون بنا خيراً ولا يعملون لمصالحنا، إنما يعملون ويسعون لتحطيمنا وتمزيق شملنا، والقضاء على ما بقي من ديننا، وكفى بذلك دليلاً لكل ذي لب، على ما يراد من وراء الدعوة إلى القومية العربية، وأنها معول غربي استعماري، يراد به تفريقنا وإبعادنا عن ديننا كما سلف.
ومن العجب الذي لا ينقضي، أن كثيراً من شبابنا وكتابنا - ألهمهم الله رشدهم - خفيت عليهم هذه الحقيقة، حتى ظنوا أن التكتل والتجمع حول القومية العربية، والمناصرة لها، أنفع للعرب وأضر للعدو، من التجمع والتكتل حول الإسلام ومناصرته، وهذا بلا شك ظن خاطئ، واعتقاد غير مطابق للحقيقة.
نعم لا شك أنه يحزن المستعمر ويقلق راحته كل تجمع وتكتل ضد مصلحته، ولكن خوفه من التجمع والتكتل حول الإسلام أعظم وأكبر، ولذلك رضي بالدعوة إلى القومية العربية، وحفز العرب إليها، ليشغلهم بها عن الإسلام، وليقطع بها صلتهم بالله سبحانه. لأنهم إذا فقدوا الإسلام حرموا ما ضمنه الله لهم من النصر، الذي وعدهم به في الآيتين السابقتين، وفي قوله تعالى: وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ[9]
ومعلوم عند جميع العقلاء أنه إذا كان لا بد من أحد ضررين، فارتكاب الأدنى منهما أولى، حذراً من الضرر الأكبر، وقد دل الشرع والقدر على هذه القاعدة، وقد عرفها المستعمر وسلكها في هذا الباب وغيره فتنبه يا أخي واحذر مكايد الشيطان والاستعمار وأوليائهما، تنج من ضرر عظيم، وخطر كبير، وعواقب سيئة عافاني الله وإياك والمسلمين من ذلك.
ومما تقدم يعلم القارئ اليقظ أن الدعوة إلى القومية العربية - كما أنها إساءة إلى الإسلام ومحاربة له في بلاده - فهي أيضا إساءة إلى العرب أنفسهم، وجناية عليهم عظيمة. لكونها تفصلهم عن الإسلام الذي هو مجدهم الأكبر، وشرفهم الأعظم ومصدر عزهم وسيادتهم على العالم، فكيف يرضى عربي عاقل بدعوة هذا شأنها وهذه غايتها:؟! ولقد أحسن الكاتب الإسلامي الشهير: أبو الحسن الندوي في رسالته المشهورة: (اسمعوها مني صريحة: أيها العرب) حيث يقول في صفحة 27 و 28 ما نصه:
(فمن المؤسف المحزن المخجل أن يقوم في هذا الوقت في العالم العربي، رجال يدعون إلى القومية العربية المجردة من العقيدة والرسالة، وإلى قطع الصلة عن أعظم نبي عرفه تاريخ الإيمان، وعن أقوى شخصية ظهرت في العالم، وعن أمتن رابطة روحية تجمع بين الأمم والأفراد والأشتات، إنها جريمة قومية تبز جميع الجرائم القومية، التي سجلها تاريخ هذه الأمة، وإنها حركة هدم وتخريب، تفوق جميع الحركات الهدامة المعروفة في التاريخ، وإنها خطوة حاسمة مشئومة، في سبيل الدمار القومي والانتحار الاجتماعي) انتهى.
فتأمل: أيها القارئ كلمة هذا العالم العربي (الحسني الكبير)[10] الذي قد سبر أحوال العالم وعرف نتائج الدعوة إلى القوميات وسوء مصيرها، تدرك بعقلك السليم ما وقع فيه العرب والمسلمون اليوم، من فتنة كبرى ومصيبة عظمى، بهذه الدعوة المشئومة، وقى الله المسلمين شرها، ووفق العرب وجميع المسلمين للرجوع إلى ما كان عليه أسلافهم المهديون، إنه سميع مجيب.
ثم لا يخفاك أيها القارئ الكريم غربة الإسلام اليوم، وقلة أنصاره والمتحمسين لدعوته، وكثرة المحاربين له والمتنكرين لأحكامه وتعاليمه، فالواجب على أبناء الإسلام بدلاً من التحمس للقومية والمناصرة لدعاتها: أن يكرسوا جهودهم للدعوة إلى الإسلام وتعظيمه في قلوب الناس، وأن يجتهدوا في نشر محاسنه وإعلان أحكامه العادلة، وتعاليمه السمحة الصافية، نقية من شوائب الشرك والخرافات والبدع والأهواء حتى يعيدوا بذلك ما درس من مجد أسلافهم، وحماستهم للإسلام، وتكريس قواهم لنصرته وحمايته، والرد على خصومه بشتى الأساليب الناجعة، وأنواع الحجج والبراهين الساطعة ولا شك أن هذا واجب متحتم، وفرض لازم على جميع أبناء الإسلام، كل منهم بحسب ما أعطاه الله من المقدرة والإمكانات، التي يستطيع بها القيام بما أوجب الله عليه من النصر لدينه والدعوة إليه، فنسأل الله أن يمن على الجميع بذلك، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا، وأن يقر أعين المسلمين جميعاً بنصر الإسلام الصافي من الشوائب، وظهوره على جميع خصومه في القريب العاجل، إنه سبحانه خير مسئول وأقرب مجيب.

الوجه الثاني
: أن الإسلام نهى عن دعوى الجاهلية وحذر منها، وأبدى في ذلك وأعاد في نصوص كثيرة بل قد جاءت النصوص تنهى عن جميع أخلاق الجاهلية، وأعمالهم إلا ما أقره الإسلام من ذلك، ولا ريب أن الدعوة إلى القومية العربية من أمر الجاهلية، لأنها دعوة إلى غير الإسلام، ومناصرة لغير الحق، وكم جرت الجاهلية على أهلها من ويلات وحروب طاحنة، وقودها النفوس والأموال والأعراض، وعاقبتها تمزيق الشمل وغرس العداوة والشحناء في القلوب، والتفريق بين القبائل والشعوب قال شيخ الإسلام: ابن تيمية رحمه الله (كل ما خرج عن دعوى الإسلام والقرآن من نسب أو بلد أو جنس أو مذهب أو طريقة، فهو من عزاء الجاهلية، بل لما اختصهم مهاجري وأنصاري، فقال المهاجري: يا للمهاجرين، وقال الأنصاري: يا للأنصار، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم)) وغضب لذلك غضباً شديداً. انتهى
ومما ورد في ذلك من النصوص قوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
[11] وقال تعالى: إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ[12]
وفي سنن أبي داود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ليس منا من دعا إلى عصبية وليس منا من قاتل على عصبية وليس منا من مات على عصبية)) وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد ولا يفخر أحد على أحد)) ولا ريب أن دعاة القومية يدعون إلى عصبية ويغضبون لعصبية ويقاتلون على عصبية، ولا ريب أيضا أن الدعوة إلى القومية تدعو إلى البغي والفخر؛ لأن القومية ليست ديناً سماوياً يمنع أهله من البغي والفخر، وإنما هي فكرة جاهلية تحمل أهلها على الفخر بها والتعصب لها على من نالها بشيء، وإن كانت هي الظالمة وغيرها المظلوم، فتأمل أيها القارئ ذلك يظهر لك وجه الحق.
ومن النصوص الواردة في ذلك ما رواه الترمذي وغيره، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء إنما هو مؤمن تقي أو فاجر شقي الناس بنو آدم وآدم خلق من تراب ولا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى)) وهذا الحديث يوافق قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ
[13] أوضح سبحانه بهذه الآية الكريمة أنه جعل الناس شعوباً وقبائل للتعارف لا للتفاخر والتعاظم، وجعل أكرمهم عنده هو أتقاهم، وهكذا يدل الحديث المذكور على هذا المعنى ويرشد إلى سنة الجاهلية التكبر والتفاخر بالأسلاف والأحساب، والإسلام بخلاف ذلك، يدعو إلى التواضع والتقوى والتحاب في الله، وأن يكون المسلمون الصادقون من سائر أجناس بني آدم، جسداً واحداً، وبناءً واحداً يشد بعضهم بعضاً، ويألم بعضهم لبعض، كما في الحديث الصحيح، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)) وشبك بين أصابعه وقال صلى الله عليه وسلم: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر))
فأنشدك بالله أيها القومي: هل قوميتك تدعو إلى هذه الأخلاق الفاضلة، من الرحمة للمسلمين من العرب والعجم، والعطف عليهم والتألم لآلامهم؟ لا والله، وإنما تدعو إلى موالاة من انخرط في سلكها، ونصب العداوة لمن تنكر لها، فتنبه أيها المسلم الراغب في النجاة، وانظر إلى حقائق الأمور بمرآة العدالة والتجرد من التعصب والهوى، حتى ترى الحقائق على ما هي عليه، أرشدني الله وإياك إلى أسباب النجاة.
ومن ذلك ما ثبت في الصحيح أن غلاما من المهاجرين وغلاما من الأنصار تنازعا، فقال المهاجري: يا للمهاجرين وقال الأنصاري: يا للأنصار فسمع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم)) فإذا كان من انتسب إلى المهاجرين واستنصر بهم على إخوانهم في الدين، أو إلى الأنصار واستنصر بهم على إخوانهم في الدين يكون قد دعا بدعوى الجاهلية، مع كونهما اسمين محبوبين لله سبحانه، وقد أثنى الله على أهلهما ثناءً عظيماً في قوله تعالى: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ
[14] الآية، فكيف تكون حال من انتسب إلى القومية واستنصر بها وغضب لها؟ أفلا يكون أولى ثم أولي بأن يكون قد دعا بدعوى الجاهلية؟ لا شك أن هذا من أوضح الواضحات.
ومن ذلك ما ثبت في الحديث الصحيح عن الحارث الأشعري ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس أن يعمل بهن ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن فذكرها))، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((وأنا آمركم بخمس الله أمرني بهن السمع والطاعة والجهاد والهجرة والجماعة فإنه من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يراجع ومن دعا بدعوى الجاهلية فهو من جثي جهنم)) قيل يا رسول الله وإن صلى وصام؟ قال ((وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم)) فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين المؤمنين عباد الله وهذا الحديث الصحيح من أوضح الأحاديث وأبينها في إبطال الدعوة إلى القومية، واعتبارها دعوة جاهلية، يستحق دعاتها أن يكونوا من جثي جهنم، وإن صاموا وصلوا، وزعموا أنهم مسلمون فيا له من وعيد شديد، وتحذير ينذر كل مسلم من الدعوات الجاهلية، والركون إلى معتنقيها، وإن زخرفوها بالمقالات السحرية، والخطب الرنانة الواسعة، التي لا أساس لها من الحقيقة، ولا شاهد لها من الواقع، وإنما هو التلبيس والخداع والتقليد الأعمى، الذي ينتهي بأهله إلى أسوأ العواقب، نسأل الله السلامة من ذلك.
وهنا شبهة يذكرها بعض دعاة القومية أحب أن أكشفها للقارئ، وهي أن بعض دعاة القومية زعم أن النهي عن الدعوة إلى القومية العربية والتحذير منها يتضمن تنقص العرب وإنكار فضلهم.
والجواب أن يقال: لا شك أن هذا زعم خاطئ واعتقاد غير صحيح، فإن الاعتراف بفضل العرب، وما سبق لهم في صدر الإسلام من أعمال مجيدة لا يشك فيه مسلم عرف التاريخ كما أسلفنا، وقد ذكر غير واحد من أهل العلم، ومنهم أبو العباس بن تيمية في كتابه: (اقتضاء الصراط المستقيم) أن مذهب أهل السنة تفضيل جنس العرب على غيرهم، وأورد في ذلك أحاديث تدل على ذلك، ولكن لا يلزم من الاعتراف بفضلهم أن يجعلوا عمادا يتكتل حوله، ويوالي عليه ويعادي عليه، وإنما ذلك من حق الإسلام الذي أعزهم الله به، وأحيا فكرهم ورفع شأنهم، فهذا لون وهذا لون، ثم هذا الفضل الذي امتازوا به على غيرهم، وما من الله به عليهم من فصاحة اللسان، ونزول القرآن الكريم بلغتهم، وإرسال الرسول العام بلسانهم، ليس مما يقدمهم عند الله في الآخرة، ولا يوجب لهم النجاة إذا لم يؤمنوا ويتقوا، وليس ذلك أيضا يوجب تفضيلهم على غيرهم من جهة الدين، بل أكرم الناس عند الله أتقاهم، كما تقدم في الآية الكريمة والحديث الشريف، بل هذا الفضل عند أهل التحقيق يوجب عليهم أن يشكروا الله سبحانه أكثر من غيرهم، وأن يضاعفوا الجهود في نصر دينه الذي رفعهم الله به، وأن يوالوا عليه ويعادوا عليه، ودون أن يلتفتوا إلى قومية أو غيرها من الأفكار المسمومة، والدعوات المشئومة، ولو كانت أنسابهم وحدها تنفعهم شيئا لم يكن أبو لهب وأضرابه من أصحاب النار، ولو كانت تنفعهم بدون الإيمان لم يقل لهم النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((يا معشر قريش اشتروا
فهل من مشتر يا قوم اليوم











 


رد مع اقتباس
قديم 2015-08-22, 09:07   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ابو اكرام فتحون
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ابو اكرام فتحون
 

 

 
الأوسمة
أحسن مشرف العضو المميز 1 
إحصائية العضو










افتراضي










رد مع اقتباس
قديم 2015-08-22, 11:43   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
abedalkader
عضو برونزي
 
الصورة الرمزية abedalkader
 

 

 
الأوسمة
المشرف المميز 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو اكرام فتحون مشاهدة المشاركة
السلام عليكم
اسعدني مرورك اخي وافرحت قلبي كلماتك التشجيعية
ان ما جعلني ابحث وانقل هاته الكلمة للشيخ رحمة الله عليه
لا شفي غليلي براي حصد يرد بعض الادعاءات
ولعل ما ورد في المقال يوضح المقصد منه قول الشيخ :
فإن الاعتراف بفضل العرب، وما سبق لهم في صدر الإسلام من أعمال مجيدة لا يشك فيه مسلم عرف التاريخ كما أسلفنا، وقد ذكر غير واحد من أهل العلم، ومنهم أبو العباس بن تيمية في كتابه: (اقتضاء الصراط المستقيم) أن مذهب أهل السنة تفضيل جنس العرب على غيرهم، وأورد في ذلك أحاديث تدل على ذلك، ولكن لا يلزم من الاعتراف بفضلهم أن يجعلوا عمادا يتكتل حوله، ويوالي عليه ويعادي عليه، وإنما ذلك من حق الإسلام الذي أعزهم الله به، وأحيا فكرهم ورفع شأنهم، فهذا لون وهذا لون، ثم هذا الفضل الذي امتازوا به على غيرهم، وما من الله به عليهم من فصاحة اللسان، ونزول القرآن الكريم بلغتهم، وإرسال الرسول العام بلسانهم، ليس مما يقدمهم عند الله في الآخرة، ولا يوجب لهم النجاة إذا لم يؤمنوا ويتقوا، وليس ذلك أيضا يوجب تفضيلهم على غيرهم من جهة الدين، بل أكرم الناس عند الله أتقاهم، كما تقدم في الآية الكريمة

قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ[13]والحديث الشريف
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء إنما هو مؤمن تقي أو فاجر شقي الناس بنو آدم وآدم خلق من تراب ولا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى))، بل هذا الفضل عند أهل التحقيق يوجب عليهم أن يشكروا الله سبحانه أكثر من غيرهم، وأن يضاعفوا الجهود في نصر دينه الذي رفعهم الله به، وأن يوالوا عليه ويعادوا عليه، ودون أن يلتفتوا إلى قومية أو غيرها من الأفكار المسمومة، والدعوات المشئومة، ولو كانت أنسابهم وحدها تنفعهم شيئا لم يكن أبو لهب وأضرابه من أصحاب النار، ولو كانت تنفعهم بدون الإيمان لم يقل لهم النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((يا معشر قريش اشتروا
والله من وراء القصد
احترامي اخي تابع رودودي تفهم مقصودي









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الشيخ, العربية, الإسلام, القومية, والواقع, ننقد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 12:19

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc