روى الشيخ أحمد حماني رحمه الله، حادثة وقعت في الذكرى المئوية لاحتلال فرنسا للجزائر، في عام 1930 في الزمن الباديسي الجميل برغم قبح الاستعمار، بيّنت قمة جمال الجزائريات الروحي، حيث أقامت السلطة الاستعمارية، احتفالية كبرى في الجزائر العاصمة، دعت إليها كبار العالم من كل القارات، ليشاهدوا بأعينهم فرنسية الجزائر، لغة وتقاليد، وتم تحضير بعض العاصميات من "فاطمات وعائشات وجميلات"، ليخرجن بالزي الأوروبي بتنورات قصيرة مزركشة، لاستقبال الوفود والبصم على فرنسة الجزائر، من خلال نسائها اللائي صرن لا يختلفن شكلا ومضمونا عن أي امرأة فرنسية، ولكن جميلات الروح الجزائريات في ساعة الحقيقة واللقاء بالوفود القادمة من كل أصقاع العالم، رمين اللباس الأوروبي وخرجن ملتحفات "الحائك"، في منظر صدم الفرنسيين وأكد لكل الحاضرين من أوروبيين وأمريكان، بأن قرنا من الاستعمار لم يتمكن من نساء الجزائر، اللائي طلب منهن الشيخ عبد الحميد بن باديس أن يلدن رجالا يطيرون، فما بالك برجالها، وأكملت جميلات أخريات مسيرة النساء العفيفات في ثورة التحرير، فكانت جميلة بوحيرد وجميلة بوباشة وجميلة بوعزة ملكات بلا تاج، في حرب أنهت هذا الاحتلال المادي والمعنوي البشع، وصرن جميعا ملهمات لكبار الشعراء في العالم العربي من أمثال الفيتوري وشاكر السياب وأبو شبكة ونزار قباني. ولكن في زمن البحث عن جمال الشكل، تجرأت الفرنسية جونوفياف دوفونتوني، التي تم استدعاؤها بأموال الدولة، على أن تقول وتكرّر، بأنها سعيدة بجمال الجزائريات اللائي وقفن يتصارعن على لقب ملكة جمال الجزائر في الشكل، لأن جمالهن من جمال الفرنسيات مادامت الجزائر فرنسية.
لا نفهم لماذا ردّ وزير الشباب، وردت وزارة الخارجية على سيدة طاعنة في السن عاشت عمرها في مسابقات الجمال الشكلي وليس على من وفّر لها فسحة القول، ولا نفهم لماذا حضرت المسابقة وزيرة التضامن الوطني والأسرة ووزيرة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، وهذا الشعب من رجال المال والأعمال، ثم قرّروا بعد ذلك المقاطعة.
قد تكون هذه السيدة قد زلّ لسانها، وقالت ما شعر به قلبها، من دون أن تستعمل أي مساحيق في حفل، واضح جدا أنه صورة طبق الأصل لحفلات الجمال التي تقام في مارسيليا ونيس، خاصة أن الكثير من مقاطع الموسيقى التي رافقت الحفل فرنسية، ولسان مقدمي الحفل كان فرنسيا ولباس "الجميلات" كان أيضا على الطريقة الفرنسية، فحاولت هذه السيدة أن تصف المشهد من دون أدنى ماكياج.
وهنا يمكن السؤال عن المخطئ في حكاية هذه المسابقة، التي قيل إنها من أجل تعيين ملكة لجمال الجزائر، بعد عهد جميلات عام 1930 وجميلات الثورة، اللائي ساهمن في حرية جميلات الشكل، اللائي سمعن سيدة فرنسا تعتبرهن قطعة من جمال الفرنسيات، وهن ضاحكات كما أوضحت الصور، إما جاهلات للمعنى أو ربما غير معنيات بما قالت السيدة التي تم تقديمها كمديرة مسابقات الجمال بفرنسا... سابقا
في الأخير كنت أتمنى أن تنسحب كل المتسابقات مع ملكتهن و تعدن التاريخ إلى مساره، لكنهن للأسف بدون موقف